لماذا نناهض عقوبة الإعدام ؟
مناهضون لعقوبة الإعدام يعتبرون أن الإعدام في غياب
نزاهة القضاء قد يصبح مجرد وسيلة للقتل باسم القانون ويؤكدون أن الحق في الحياة حق
مقدس.
تتجه البشرية قاطبة بخطى حثيثة نحو إلغاء عقوبة الإعدام
والاكتفاء بالعقوبة السالبة للحرية (السجن). وفعلا، فقد قرّرت معظم دول العالم إما
التشطيب على عقوبة الموت من لائحة العقوبات بصفة نهائية مثلما فعلت دول الاتحاد
الأوروبي، وإما الاكتفاء بتجميدها في انتظار إلغائها مثلما فعلت بعض دول الجنوب.
لكن في مقابل هذا المنحى التقدمي، اختارت بعض الدّول
-ولا سيما في العالم الإسلامي- الطريق المعاكس نحو التشبث بعقوبة الإعدام. كما أن
هناك احتمالات للنكوص نحو إعادة العمل بعقوبة الإعدام بعد إلغائها كما هو الحال في
تركيا. وبلغة الأرقام التقريبية تتبوّأ أكثر من ست دول من العالم الإسلامي المراتب
العشر الأولى عالميا من حيث تنفيذ أحكام الإعدام. وغالبا ما يتخذ الحكم بالإعدام
في العالم الإسلامي صبغة دينية بحيث يمتزج الحكم القضائي بالفتوى الدينية.
وفي دول مثل باكستان وموريتانيا واجه مدونون أحكاما
بالإعدام بتهمة التجديف، لمجرد تدوينات لا تعدو أن تكون انطباعات تم تحميلها أكثر
ما تحتمل. وبالموازاة شهدت بعض العواصم مظاهرات تطالب بإعدام شباب صغار لا يملكون
أي نوايا إجرامية عدا التعبير على طريقة الخربشات عن أسئلة قلقة حول الدين أو
الجنس والوجود.
لقد كان الإعدام على مدى العصور القديمة ولا يزال يمثل
الأداة الأشدّ خطورة في يد السلطات الدينية أولا، ثم السلطات السياسية ثانيا، إلى
غاية تهديد المفكرين وتلجيم الأقليات وتأديب المعارضين.
ويبقى السؤال الآن، لماذا يجب علينا الوقوف ضدّ عقوبة
الإعدام؟ لأجل الإجابة بوسعنا أن نبسط العشرات من الأسباب غير أننا سنكتفي منها
بالآتي:
- الحق في الحياة حق مقدس بمعنى أن الحياة خط أحمر.
- من لا يملك سلطة إعطاء الحياة لا يملك سلطة انتزاع الحياة.
- حتى وإن قبلنا بكافة الحجج التي يقدمها أنصار الإعدام فإن السجن المؤبد يكفي.
- لم يثبت أن الإعدام خفف من ألم الفاجعة بالنسبة إلى أهل الضحية، بل معظم الاعترافات تقول العكس.
- انتهى تطـور الضمير الأخلاقي للبشرية إلى حصر نظام العقوبات في نطاق العقوبات السالبة للحرية، دون المساس بالحياة أو بتر الأعضاء أو تشويه الجسد.
- الإعدام، والذي تنفذه بعض الدول الإسلامية تحت مسمّى حدّ الردة، لا يجسد العدالة بأي حال، وإنما ينمي غرائز الثأر والانتقام البدائية في وجدان الإنسان.
- هامش الخطأ القضائي موجود في كل الحالات مهما بلغت كفاءة المؤسسة القضائية ونزاهتها، وحين تظهر معطيات جديدة يجب أن يعاد فتح ملف المحاكمة من جديد. وأما في حالة الإعدام فسيكون ظهور أي معطيات جديدة بلا جدوى.
- شبح الإعدام قد يدفع المتهم الهارب من قبضة العدالة إلى أن يقاتل حتى الموت، ما قد يتسبب في سلسلة من الجرائم الإضافية.
- الإعدام في غياب نزاهة القضاء قد يصبح مجرد وسيلة للقتل باسم القانون.
- هناك مبدأ حديث يقوم على أساس المسؤولية المشتركة، بحيث من باب الإنصاف أن يتقاسم المجتمع بأكمله نسبة ولو ضئيلة من المسؤولية الجنائية مع الجاني.
- الموت الذي هو قدرنا الطبيعي ليس عقابا، وليس معقولا إدراجه ضمن لائحة العقوبات.
- المنطق الذي يقود إلى تجريم التعذيب -وقد كان التعذيب يندرج ضمن العقوبات الشرعية- هو نفسه الذي يقودنا اليوم إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
- كثيرا ما يستعمل الإعدام كأداة لتصفية الحسابات بين بعض الفرقاء السياسيين.
- الإعدام في كل أحواله سواء بالمشنقة، أو المقصلة، أو رميا بالرصاص، ليس سوى جريمة قتل بشعة باسم القانون.
- ليس دور القانون مجاراة غرائز الثأر والانتقام، وإنما تهذيبها.
- القتل لا يبرر القتل.
- العدالة البشرية غير مطلقة؛ فما يُعدّ جريمة في زمان أو مكان قد لا يكون جريمة في زمان أو مكان آخرين.
- الكثير من الدول تنفذ الإعدام على أفعال تندرج ضمن الحريات الفردية (الحب، الجنس، انتقاد الحاكم، الإلحاد، إلخ.).
- ارتفاع نسبة الجرائم في الدول التي تطبق عقوبة الإعدام أكبر دليل على أن الإعدام لم يساهم في الردع كما يظن أنصاره.
- تمثل عقوبة الإعدام إساءة بليغة إلى سمعة الدول والأديان والمجتمعات.
أ. سعيد ناشيد