مداخلة بعنوان : الإقرار التشريعي بحق استئناف أحكام محاكم الجنايات بقلم د. لوني نصيرة
جامعة مولود معمري تيزي وزو
كلية الحقوق والعلوم السياسية
الملتقى الوطني الموسوم بـ:
"جديد المنظومة الإجرائية
الجزائية في ضوء التعديل الدستوري لسنة 2016"
عنوان المداخلة : "الإقرار
التشريعي بحق استئناف أحكام محاكم الجنايات"
المحور الثاني : إصلاح نظام محكمة
الجنايات في ضوء الدستور والقانون
من
إعداد الأستاذة : د. لوني نصيرة (كلية الحقوق
والعلوم السياسية جامعة أكلي محند اولحاج بالبويرة)
مكان وتاريخ الملتقى : "جامعة مولود معمري تيزي
وزو كلية الحقوق والعلوم السياسية يوم 24 أكتوبر
2019"
مقدمة :
یعد الحق في استئناف الأحكام القضائیة من الحقوق الأساسیة
التي تقررها جمیع المواثیق الدولیة المتعلقة بحقوق الإنسان ضمانا لمبدأ المحاكمة
العادلة وأن لكل شخص حكم عليه الحق في أن تنظر في قضيته جهة قضائية عليا، كما أن
الحق في استئناف الأحكام تعد وسيلة إجرائية للمحافظة على سيادة القانون باعتباره
أحد طرق الطعن العادية التي تهدف إلى إعادة النظر في موضوع الدعوى برمته والقضاء
من جديد، على أن ينتهي الحكم سواء بتأييد الحكم القاضي بالعقوبات، بإلغائه أو
تعديله لمصلحة المستأنف.
وفي الجزائر فبعد ما كان المشرع لا یوفر للمتهم الذي یحاكم
أمام محكمة الجنایات سوى على درجة واحدة من التقاضي، بالرغم من كون الأحكام
الصادرة منها قد تصل لحد الإعدام و السجن المؤبد بشأن الجناية المرتكبة وهو ما یهدر
بحق المتهم في التوفر على درجتین من درجات التقاضي، ویمس بمبدأ المحاكمة العادلة،
عمد كل من المؤسس الدستوري إلى تأسيس قاعدة التقاضي على درجتين.
فمن المستجدات التي جاء بها التعدیل الدستوري لسنة 2016
الإقرار بمبدأ التقاضي على درجتین في المواد الجنائیة وذلك بعد ما كانت الأحكام
القضائیة الجنائیة ابتدائية ونهائیة غیر قابلة للاستئناف، حيث تنص المادة 160 فقرة
2 من التعديل الدستوري لسنة 2016 على "یضمن القانون التقاضي على درجتین في
المسائل الجزائیة و یحدد كیفیات تطبیقها " فجاء التعديل الدستوري لسنة
2016 ينص علي إمكانیة الطعن بالاستئناف في الأحكام الصادرة عن محاكم الجنایات لدى
محاكم الاستئناف من قبل أطراف الدعوى، ووضع حدا للتجاوزات التي وقعت في مجال حقوق
الإنسان و عمل على تكریس المبادئ الأساسیة لضمان المحاكمة العادلة التي تعد من أهم
الحقوق الأساسیة التي یجب أن یتمتع بها المتهم باعتباره إنسانا.
إنه إستنادا لما هو وارد في التعديل الدستوري عمد المشرع
الجزائري إلى تعديل المواد القانونية المتعلقة بالمواد الجزائية خصوصا في شقها
الإجرائي حيث جسد التشريع الجزائري مبدأ التقاضي على درجتين بموجب القانون العضوي
رقم 17-06 المعدل لقانون التنظيم القضائي وكذا من خلال قانون رقم 17-07 المعدل
لقانون الإجراءات الجزائية، حيث تم التنصيص بحق الشخص المحكوم عليه في المواد
الجنائية أن تنظر قضيته جهة قضائية عليا مما يجعلنا نتساءل ما إذا كان تبني
مبدأ التقاضي على درجتين في مادة الجنايات يحقق المحاكمة العادلة ؟
إن الإجابة على الإشكالية يقتضي الأمر منا تبيان الإطار
المفاهيمي لحق الاستئناف في الإحكام الجزائية (المبحث الأول)، ثم معالجة
مختلف الآليات القانونية لاستناف الحكم الجنائي (المبحث الثاني).
المبحث الأول : مفهوم استئناف الأحكام الجزائية
تعتبر محكمة الجنايات إحدى الجهات القضائية في التنظيم
القضائي الجزائري، ويعد لها بالفصل في القضايا الجزائية التي تكيف على أنها
جنايات، وكذا الأفعال المرتبطة بها سواء كانت جنحا أو مخالفات.
إن الاستئناف[1]
وسيلة للتطلع لإعادة النظر للدعوى من جديد أمام محكمة أعلى درجة من تلك التي أصدرت
الحكم، بغية إصلاح أو تدارك الأخطاء التي وقعت في الحكم أمام محكمة الدرجة الأولى.
وللاستئناف
أهمية في كونه أداة للتصحيح ما قد يعتري حكم الدرجة الأولى من أخطاء أو نقص، لأنه
الحكم القضائي من صنع البشر، حيث يعد الاستئناف كطريق عادي للطعن بالنقض[2]
وسيلة رقابية فعالة لحسن تطبيق وكفالة احترام ضمانات المحاكمة العادلة، كما يعتبر دعامة للحق في
التقاضي، وهذا الحق كرسته المواثيق الدولية والدساتير الجزائرية (المطلب
الأول).
يمكن القول أن الطعن بالاستئناف في الجنايات- مبدئيا-
يعد حق من حقوق الإنسان، وهو إجراء يجب تصوره في الأنظمة الإجرائية المقارنة، الأمر
الذي أدى للفقه حديث فيه واختلاف.
كذلك مناقشة نظام استئناف أحكام الجنايات لن تأتى ثمارها
إلا استعراض الرأي والرأي الأخر، لاستجلاء حقيقة الفكرة، ومنه نتعرض إلى الحجج
المعارضة لاستئناف أحكام الجنايات، وهذا ما سنبينه في العنصر الثاني من الدراسة (المطلب
الثاني).
المطلب الأول: تعريف الاستئناف وأهميته
الفرع الأول: تعريف الاستئناف أحكام محكمة الجنايات
يعرف الاستئناف انه طريق من طرق الطعن في الحكم الصادر
عن محكمة الدرجة الأولى، من شانه أن يحدد النزاع أمام محكمة أعلى منها توصلا إلى
إلغاء الحكم المطعون فيه أو تعديله، ولذلك فهو يتضمن طعنا حقيقيا على الحكم
استنادا من الطاعن إلى أن حكم الدرجة الأولى ليس بحق ولا يعدل.
كما يعرف الاستئناف بأنه وسيلة للتظلم لإعادة نظر الدعوى
من جديد أمام محكمة أعلى درجة من تلك التي أصدرت الحكم بغية إصلاح أو تدارك
الأخطاء التي وقعت في الحكم أمام محكمة الدرجة الأولى[3].
حيث اعتمدت المشرع الجزائري صراحة في إطار قانون
الإجراءات الجزائية بخصوص مادتي الجنح والمخالفات، وهذا في إطار تجسيد مبدأ
التقاضي على درجتين، والذي يقوم على فكرتي الخطأ المحتمل في الحكم الصادر عن
القسم، والسلامة المفترضة في القرار الذي يصدر عن الغرفة، نجد المشرع الجزائري قد
اعتمد على نظام الاستئناف الدائري[4]، رغم
أن الدستور قرر نظام الاستئناف العالي التدريجي[5].
الفرع الثاني : أهمية استئناف أحكام محكمة الجنايات
تتجلى أهمية الاستئناف بكونها وسيلة رقابية فعالة لحسن
تطبيق القانون وكفالة احترام ضمانات المحاكمة العادلة، كما يعتبر الاستئناف دعامة
للحق في التقاضي، إذ لا يقتصر هذا الأخير على اللجوء للقضاء ابتداء و إنما أيضا
على مستوى الاستئناف[6].
على العموم يظهر لكفالة ذلك أهمية تتجلى فيما يلي:
أولا _ الحد من الأخطاء القضائية وكفالة حق
الدفاع
أ_ تقليص احتمال الخطأ القضائي
لقد ساد في النظم القانونية التقليدية مفهوم مفاده "
معصومية محكمة الجنايات من الخطأ "، والذي يتخذ في الواقع إلى ناحيتين :
الأولى تتعلق بطبيعة الإجراءات المتبعة أمام هذه المحكمة، وما تقتضيه من تحقيق
للدعوى في الجلسة، وإعطاء الفرصة للخصوم لمناقشة الأدلة المطروحة، أما الثانية فهي
تتمحور حول تشكل محكمة الجنايات من قضاة ذوي خبرة و اقدمية في الميدان القضائي،
وان هذا كاف بلا شك لحماية حقوق المتهم في الدفاع عن نفسه واثبات براءته[7].
ب- كفالة ممارسة حق الدفاع
على محكمة الجنايات الاستثنائية أن تسمع بنفسها أو
بواسطة احد قضاتها الشهود الذين يجب سماعهم أمام محكمة الجنايات الابتدائية وان
تستوفي كل نقص في تحقيق محكمة أول درجة، وإلا يعد دلك إخلالا من المحكمة
الاستثنائية بحق الدفاع، فحق الدفاع مضمون ومعترف به، خصوصا في المسائل الجنائية.
لذا فرضت ضمانة تسبيب الأحكام حتى يتبين الخطأ الواقع في
الحكم، ليقدمه الطاعن كسبب لطعنه في الحكم أمام هيئة قضائية أعلى، فتقوم بدورها
بادراك خطأ محكمة أول درجة إن وجد[8].
بمعنى يعطي المستأنف الفرصة في إيجاد أوجه دفاعه إذ لم
يتسنى له ذلك أمام الدرجة الابتدائية أو إبدائها بشكل أفضل أمام الجهة الاستثنائية[9].
ثانيا: كفالة المساواة بين المتهمين
يقتضي مبدأ تحقيق المساواة في القانون الذي يرتبط به
فكرة المساواة أمام القضاء، تقرير معاملة واحدة لمن هم في مراكز قانونية متماثلة
نسبيا، وذلك يكون أيضا بإخضاعهم لقواعد موحدة لدى مثولهم أمام القضاء[10].
في الواقع يبرز تمييز غير مبرر كان يتبناه المشرع بين
المتهم الذي يحاكم بجنحة أمام محكمة الجنح، وبين المتهم الذي يحاكم أمام محكمة
الجنايات من جهة أخرى، وعدم مساواة بين المتهم بجنحة محالة إلى محكمة الجنايات
وبين المتهم بجنحة تنظرها محكمة الجنح من جهة أخرى.
المطلب الثاني: الجدل الفقهي حول استئناف أحكام محكمة الجنايات
رغم اتفاق فقهاء القانون على أهمية التقاضي على درجتين
في الأحكام القضائية بصفة عامة، غير أنهم اختلفوا في ذلك حول طريقة تنظيم وممارسة
هذا الحق الدستوري، فهناك من يصنف من نطاق الطعن في الاحتكام من أجل تحقيق وضمان
العدالة، وهناك من يوسع من نطاق الطعن في الأحكام من أجل تصحيح
وتدارك ما يثوب هذه الأحكام من أخطاء بغية تحقيق العدالة، وعلى هذا الاستناد فان
استئناف الأحكام الصادرة في مواد الجنايات يتنازع في شانها اتجاهين[11].
الفرع الأول : الحجج المعارضة لمبدأ التقاضي على درجتين في المادة الجنائية
إن الأحكام الصادرة عن محاكم الجنايات تتوفر على مجموعة
من الضمانات القانونية الكفيلة، تكفل المتهم محاكمة عادلة بما فيها التحقيق وحضور
المحامي فيها وجوبي، وتتمتع بتشكيلة
المحكمة بخصوصية معينة.
أولا: التقاضي على درجتين في الجنايات عائق
أمام سرعة الفصل في الدعوى الجنائية.
إن سرعة الفصل في الدعاوي الجنائية لاسيما الجرائم
الخطيرة سيؤدي إلى تحقيق فعالية ومصداقية العدالة الجنائية، وذلك من خلال الوصول
إلى الحقيقة وتعطيل الفصل في مثل هذه القضايا سيؤدي إلى ضياع الأدلة والتأثير
فيها.
ثانيا: ندرة الأخطاء القضائية في الجنايات
نظرا لخصوصية الإجراءات المتبعة أمام محكمة الجنايات
أ- طبيعة الإجراءات المتبعة أمام محكمة
الجنايات
إن الدعوى الجنائية تمر من حيث إجراءات تتبعها بمراحل
مختلفة، إذ تتطلب تحقيق أولي ثم تحقيق ابتدائي وجوبا وعلى درجتين بواسطة قاض
التحقيق ثم غرفة الاتهام.
ثم تنقل الدعوى إلى طور المحاكمة، وهذه الإجراءات في حد
ذاتها تؤدي إلى التقليص من الأخطاء القضائية.
ب- طبيعة تشكيلة محكمة الجنايات
تتميز تشكيل محاكم الجنايات بخصوصية، حيث تركيبة المحكمة
تختلف بين النظم، فهناك التي تحكمها العدالة الشعبية، كما هناك التي تقوم على
القضاء الجماعي، هذا ما يشكل ضمانة لا تتوفر عليها محاكم الجنح والمخالفات.
1- بالنسبة للعدالة الشعبية
انتهج المشرع الجزائري نهج نظيره الفرنسي منذ صدور قانون
الإجراءات الجزائية، ما جعل فكرة استئناف أحكام الجنايات تثير جدلا كبيرا كونها
يمس بسيادة الشعب.
أ- هيئة المحلفين ذات صفة سيادية تمثل
الشعب
يرى الاتجاه المعارض لفكرة التقاضي على درجتين في
الجنايات، إن هذه الأخيرة تتعارض مع تشكيلة المحكمة التي تعبر عن السيادة الشعبية،
فمثلما هو سائد، حكم الشعب لا يستأنف.
ب- هيئة المحلفين ذات صفة اجتماعية لازمة
يعتبر المحلفين الحلقة الواصلة التي تربط القضاء بالشعب،
فهو نظام يرسخ الديمقراطية أكثر ويخلق في نفوس الشعب شعور بالتضامن الوطني، هذه
المشاركة واجب عليهم مثل الانتخاب ودفع الضرائب وغيرها.
2- بالنسبة للعنصر القضائي الجماعي
تتشكل محكمة الجنايات في معظم التشريعات من تشكيلة
قضائية جماعية، فلا يمكن تصور الفصل في القضايا بخطورة الجنايات من طرف قاض واحد.
ثالثا : حضور المحامي وجوبي في الجنايات
حضور المحامي وجوبي في الجنايات، وعدم حضوره إلى بطلان
المحاكمة، فهو يشكل ضمانة جد مهمة للمتابع جنائيا، بل أكثر من ذلك فهذه الضمانة لا
تتحق فاعليتها ما لم تكفل للمحامي متابعة إجراءات المحاكمة من أول إجراء إلى أخره،
بالإضافة إلى إعطاء أولوية اختيار المحامي للمتهم.
الفرع الثاني : حجج مؤيدي مبدأ التقاضي على درجتين في الجنايات
لقي مبدأ التقاضي على درجتين في الجنايات تأييدا واسعا،
خصوصا في الآونة الأخيرة، فهذا الفريق من المؤيدين لا يجدون في حجج المعارضين
السابق استعراضها أي منطق، فردوا عليها، ذلك ما سوف نبيّنه خلال النقطة الأولى من
هذا الفرع، بالإضافة إلى حججهم التي سوف نتطرق إليها في النقطة الثانية.
أولا: عدم صلاحية الضمانات المساندة لعدم
الاستئناف كبديل لهذا الأخير
الحجج التي أتى بها المعارضين ما هي إلا مجموعة من
الضمانات يجب توافرها لتحقيق محاكمة عادلة، وهذا لا يعني أن تكون بديلة لمبدأ
التقاضي على درجتين فلكل منهم وزنه الإجرائي في المساهمة في تحقيق محاكمة
عادلة، وهو ما سوف نحاول تبيانه بالرد على الحجج المعارضة.
1.الرّد على حجة التحقيق وجوبي في الجنايات
يعتبر التحقيق مرحلة جد مهمة كونها تعد الحكم الفاصل بين
الاتهام و البراءة، ذلك ما يبرّر وجوبه في الجنايات و الاعترافات بدرجة ثانية
للتحقيق، الذي يعدّ ضمانة هامة للمتهم في سبيل التحقق من جدِّية وكفاية الأدلة
التي تتهمه، إلّا أنّه رغم ذلك لا يوجد ما يبرر الاستناد إلى هذه الضمانة لرفض
تقرير مبدأ التقاضي على درجتين في الجنايات
كونهما يختلفان عن بعضهما البعض من حيث الإجراءات ومن حيث الضمانات،
فالتحقيق الابتدائي مستقل تماما عن قضاء الحكم ليس درجة من درجاته بل مجرّد مرحلة
تمهيدية له، والعلّة من الاستئناف هي الحصول على حكم أقرب للحقيقة ما لا يستطيع
التحقيق على درجتين تغطيته كونه لا يفصل في موضوع الدعوى بل يكتفي بالتحقيق في
الواقعة والبحث في مدى تشكيل الأفعال المنسوبة للمتهم جريمة[12].
2.الرّد على الحجة المتعلقة بخصوصية تشكيل
محاكم الجنايات
يتسم تشكيل محكمة الجنايات و الإجراءات المتبعة أمامها
بخصوصية تنفرد بها عن باقي المحاكم ذلك ما يشكل ضمانة هامة للمتهم، إلا
أنه رغم ذلك فالاستناد إلى هذه الضمانة لتبرير رفض فكرة التقاضي على درجتين في
الجنايات ليس جدير بالتأييد، فهي تتعلق بأساسيات العدالة الجنائية والقول بمعصومية
محكمة الجنايات من الخطأ محلّ نظر كون الحكم القضائي عمل بشري وأكيد يشوبه النقص،
أما فيما يخص المشاركة الشعبية في محكمة الجنايات كمبرر لعدم استئناف أحكام
الجنايات نقول أنه يوجد محاكم خاصة متشكلة من قضاة محترفين فقط للنظر في قضايا
خاصة كقضايا الإرهاب و المخدرات رغم ذلك لم تعرف هذه المحاكم استئناف أحكامها.
3.الرد على الحجة المتعلقة بحضور المحامي في
الجنايات
يعتبر الحضور الوجوبي للمحامي في الجنايات دعامة لحق
الدفاع الذي يعتبر ضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة، إلّا أنّ مقارنته
بمبدأ التقاضي على درجتين وجعله مبررا لعدم إقرار هذا الأخير إجحاف كبير في حق
المتهم كون كلاهما ضمانتين أساسيتين في سبيل تحقيق محاكمة عادلة، وحسب رأينا هو أكثر من ذلك حيث كل ضمانة تكمل الأخرى،
كون مبدأ التقاضي على درجتين يكفل حق الدفاع، وحق الدفاع يزيد من فعالية مبدأ
التقاضي على درجتين، فالاستئناف مقيد بوجوب عدم الإخلال بحق الدفاع.
4.الرد على الحجة المستمدة من ضرورة عدم
تعطيل الفصل في الجنايات
صحيح أن السرعة في الإجراءات ضمانة هامة للمتهم، إلا أن
اعتبار مبدأ التقاضي على درجتين في الجنايات عائقا يحول دون تحقيق هذه
السرعة لا يصلح أبدا مبررا، ذلك لعدة أسباب لعلّ أهمها أن لا يكون تكريس هذه
الضمانة على حساب ضمانة التقاضي على درجتين وإلا اعتبر ذلك هدرا للعدالة الجنائية
حتى ولو أنه صحيح هنالك من يستخدم حقه في الطعن لإرجاء الفصل في القضية إلا أنه
بوضع شروط وضوابط يمكن من خلالها وضع حد لهذه الإساءة في استخدام الحق، والسبب
الثاني يكمن في عدم السماح للخشية من طول الوصول للحقيقة أن تحول دون الوصول
للحقيقة أبدا.
المبحث الثاني : آليات استئناف الحكم الجنائي
تضمن التعديل الأخير استحداث العديد من الآليات
القانونية، أهمها إنشاء محكمة جنايات استئنافية بمقر كل مجلس قضائى ومس تشكيلة هذه
المحكمة و كيفية عملها، وبتالي منح حق الاستئناف للمحكوم عليهم في محكمة الجنايات،
خاصة أن هذه الأخيرة تصدر عقوبات مشددة قد تصل إلى حد الإعدام.
و من بين التعديلات التى جاء بها هذا القانون، هو العودة
إلى التشكيلة القديمة المميزة لنظام محكمة الجنايات و المتمثلة فى أربع محلفين و
ثلاث قضاة.
كما يتضمن هذا القانون أيضا إلغاء الأمر بالقبض الجسدي
عملا بمبدأ قرينة البراءة، حيث يقترح النص إلزام الشخص المتابع بجناية، و الذي أفرج
عنه أو الذي لم يكن قد حبس أثناء التحقيق، أن يقدم نفسه للسجن في موعد لا يتجاوز
اليوم السابق للجلسة[13].
المطلب الأول: درجات التقاضي في مادة الجنايات
يعد مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ الهامة في تنظيم
القضاء، بما يتيحه من نظر القضية مرتين بواسطة محكمتين مختلفتين، وهو ما يفترض وجود
تدرج في المحاكم، فالفصل في القضايا يتطلب اجتهادا من القاضي، والمجتهد قد يخطئ
وقد يصيب، ولذلك فلابد من إيجاد وسيلة لمراقبة ما قضى به القاضي لإقراره إذا كان
صحيحا وإلغائه أو تعديله إذا كان خاطئا.
لقد انتقد جل القانونيين عدم تطبيق الإستئناف في مواد
الجنايات، منطلقين من كونه موجودا في الجنح والمخالفات التي هي جرائم أقل خطورة من
الجنايات، وغائب في أخطر الجرائم تصنيفا التي هي الجنايات، وهو ما أدى بالمشرع إلى
إعادة النظر في هذه القاعدة في إطار التعديل الأخير، متجها إلى إقرار الإستئناف في
الجنايات، حيث أصبحت أحكام محكمة الجنايات
قابلة للإستئناف أمام محكمة الجنايات الإستئنافية، ولقد انعقدت أول دورة لمحكمة
الجنايات الإستئنافية في شهر ديسمبر 2017.
الفرع الأول : تحديد الدرجات وكيفية تعيين أعضائها
تضمن تعديل قانون الإجراءات الجزائية سنة 2017 إعادة
النظر في تشكيلة محكمة الجنايات التي أصبحت تتكون من أربعة محلفين في مقابل ثلاثة
قضاة، و هو ما يترجم عودة إلى النموذج الذي تم اعتماده من قبل المشرع الجزائري
مباشرة بعد الإستقلال، مع كل العيوب والانتقادات التي لاقاها بسبب عدم
التوازن في التشكيلة الذي ينعكس على طريقة سير الإجراءات.
أمام هذه العودة
القوية للمحلفين، نشهد من جانب آخر تراجع لهم، حيث أن التشكيلة الخاصة لمحكمة
الجنايات والتي تنعقد للنظر في الجنايات المتعلقة بالإرهاب والمخدرات والتهريب
تتكون من قضاة فقط دون إشراك المحلفين، يظهر من هذا التعديل التذبذب الذي حصل بين
الإبقاء على نظام المحلفين وبين إلغائه نهائيا كما قامت به بعض الدول، حيث حاول
المشرع التوفيق بين مؤيدي الإبقاء على هذا النظام والمنادين بإلغائه، فهو من جهة
برر رفع عدد المحلفين في التشكيلة العادية لمحكمة الجنايات سواء الابتدائية أو
الإستئنافية ليفوق عدد القضاة وبالتالي تكريس الطابع الشعبي لهذه المحكمة وضمان
ممارسة رقابة على سير وإدارة العدالة، ومن جهة أخرى، ألغى المحلفين من التشكيلة
الخاصة لمحكمة الجنايات التي تتشكل من قضاة فقط.
الفرع الثاني : تكريس وجود العنصر الشعبي
تعد محكمة الجنايات محكمة شعبية ذات ولاية عامة تتشكل من
ثلاثة قضاة محترفين وأربعة محلفين برئاسة قاضي برتبة مستشار على مستوى محكمة
الجنايات الابتدائية وبنفس التشكيلة لكن برئاسة قاضي برتبة رئيس غرفة على مستوى
محكمة الجنايات الاستئنافية وقد تشكل فقط من قضاة محترفين دون المحلفين في بعض
الجرائم الخاصة كالإرهاب المخدرات و التهريب.
بموجب القانون رقم 17-07 تم إنشاء محكمة جنايات ابتدائية
تفصل ابتدائيا بحكم قابل للاستئناف، ومحكمة الجنايات الاستئنافية تنظر في
الاستئنافات الواردة على أحكام محكمة الجنايات الابتدائية، وتكون تشكيلة وفقا لنص المادة 258 من
قانون الإجراءات الجزائية[14].
المطلب الثاني :إجراءات استئناف الحكم الجزائي
يختلف
الاستئناف عن المعارضة من حيث أن الجهة المختصة بنظر القضية هي جهة عليا ويعتبر
الاستئناف طريقا من طرق الطعن العادية لإصلاح الحكم عن طريق فحص جديد لموضوع
القضية بواسطة جهة قضائية عليا تطبيقا لمبدأ تعدد درجات التقاضي كما أنه وسيلة
لمنع الحكم من حيازة حجية الشيء المقضي فيه.
الفرع الأول : أطراف الاستئناف
يتعلق
بالمتهم المسؤول المدني وكيل الجمهورية النائب العام الإدارة العامة والمدعى
المدني طبقا لنص المادة 417 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تنص على : يتعلق
حق الاستئناف : بالمتهم , و المسؤول عن الحقوق المدنية، ووكيل الجمهورية، و النائب
العام, والإدارات العامة في الأحوال التي تباشر فيها الدعوى العمومية، والمدعي
المدني، و في حالة الحكم بالتعويض المدني يتعلق حق الاستئناف بالمتهم و بالمسؤول
عن الحقوق المدنية.
و
يتعلق هذا الحق بالمدعي المدني فيما يتصل بحقوقه المدنية فقط .
الفرع الثاني : شروط الطعن بالاستئناف
تتعلق
هذه الشروط خصوصا بطبيعة الحكم المستأنف وطبيعة الطاعن الذي يحق له الطعن
بالاستئناف وميعاده أولا : الحكم المستأنف
يشترط
في الحكم القابل للاستئناف أمام المحكمة الجنايات الاستئنافية أن يكون قد صدر
حضوريا عن محكمة الجنايات الابتدائية وأن يكون فاصلا في موضوع وتبعا لذالك يستتبع
الحكم الغيابي بالطعن بالاستئناف لأنه قابلا لمعارضة وفقا لما أقره المشرع في حالة
غياب والحكم في غيبته.
ثانيا : صفة الطاعن بالاستئناف في الحكم الجنايات
يحق
مباشرة حق الاستئناف الحكم الصادر عن محكمة الجنايات الابتدائية من قبل نفس
الأطراف التي يحق لها استئناف الأحكام الصادرة في مواد الجنح والمخالفات وهم
المتهم، النيابة العامة، الطرف المدني، المسؤول عن الحقوق المدنية، الإدارات
العامة في الأحوال التي تباشر فيها الدعوى العمومية، ومع ذلك قد أجازت المادة 322
مكرر 4 من ق.إ. ج للمتهم إذا كان مستأنفا وحده دون النيابة العامة التنازل عن
استئنافه فيما يتعلق بالدعوى العمومية بشرط أن ذلك التنازل قبل بداية تشكيل المحكمة،
كما يجوز للمتهم والطرف المدني التنازل عن استئناف الدعوى المدنية بتبعية في أي
مرحلة من مراحل سير المرافعات[15].
ثالثا : ميعاد الاستئناف
أبقى
المشرع الجزائري على ميعاد الاستئناف المعمول به في مواد الجنح والمخالفات حيث،
يرفع الاسئتناف الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات الابتدائية في ميعاد 10 أيام
كاملة تحسب من اليوم الموالي للنطق بالحكم باعتبار أن الحكم يصدر حضوريا وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى وجوب جدولة قضية الاستئناف في
الدورة الجارية أو الدورة التي تليها والمرتبطة بالمحكمة الجنايات الاستئنافية.
الفرع الثالث: إجراءات الطعن بالاستئناف
يرفع الحكم الصادر عن محكمة الجنايات الابتدائية بتصريح
كتابي أو شفوي أمام أمانة ضبط محكمة الجنايات الابتدائية التي أصدرت الحكم المطعون
فيه إذا كان المتهم حرا على أن يوقع على تقرير الاستئناف كاتب الضبط، المستأنف
نفسه أو محاميه أو وكيل خاص مفوض عنه بالتوقيع.
أما إذا كان المتهم محبوسا فيسجل الاستئناف أمام كاتب
المؤسسة العقابية المحبوس بها ويسجل في سجل خاص ويسلم له وصل عن ذلك ويتعين في هذه
الحالة على مدير المؤسسة العقابية إرسال نسخة من التقرير خلال 24 ساعة إلى كاتب
الجهة القضائية التي أصدرت الحكم المطعون فيه تحت طائلة توقيع جزاءات الإدارية[16].
الفرع الرابع : آثار الطعن بالاستئناف
للطعن بالاستئناف في حكم محكمة الجنايات الابتدائية اثر
موقف واثر ناقل على النحو التالي:
أولا: الأثر الموقف
أبقى المشرع الجزائري على نفس الأثر المعمول به في استئناف
حكم محكمة الجنح والمخالفات، وهو الأثر الموقف، وقد أورد المشرع على هذه القاعدة
استثناءات تتمثل في :
- الإفراج على المتهم المحبوس في حالة الحكم عليه بالبراءة
أو بعقوبة سالبة للحرية موقوفة النفاذ أو بعقوبة العمل للنفع العام ما لم يكن
محبوسا لسبب أخر.
- تنفيذ العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها في حالة جناية
أو جنحة مع الأمر بالإيداع.
- بقاء المتهم المحبوس المحكوم عليه بعقوبة نافذة سالبة
للحرية من أجل جنحة رهن الحبس إلى غاية الفصل في الاستئناف ما لم يكن استنفذ
العقوبة المحكوم بها عليه.
ثانيا: الأثر الناقل
يقصد بالأثر الناقل للاستئناف عرض النزاع مجددا أمام جهة
أعلى من الجهة مصدرة الحكم، ويشترط في هذه الحالة وفقا للقواعد العامة المعمول بها
في هذا الشأن ووفقا لما أقرته المادة 322 مكرر 07 من قانون الإجراءات الجزائية:
01- التقيد بصفة المستأنف: إذا كان الأمر يرتبط باستئناف
النيابة العامة، المتهم أو الطرف المدني.
02- التقيد بصحيفة الاستئناف: ويرتبط الأمر على وجه الخصوص
بالمتهم الذي يمكنه استئناف الدعوى العمومية أو الدعوى المدنية بالتبعية أو كلاهما
معا.
خاتمة :
تناولت هذه الدراسة القانونية على وجه الخصوص تحليل النصوص
القانونية التي جاء بها تعديل قانون الإجراءات الجزائية بمقتضى القانون 17 - 07
المؤرخ في 27 مارس 2017 والذي تبنى مبدأ التقاضي على درجتين في مادة الجنايات بعد
أن كان التقاضي فيها يتم على مستوى درجة واحدة مسايرا بذلك العديد من التشريعات
المقارنة في هذا الشأن، ويعتبر هذا التعديل من أهم ما حققه المشرع الجزائري في
مجال ضمان محاكمة عادلة للمتهم وتجسيد المساواة والحقوق التي يضمنها الدستور
للمتقاضين.
و من خلال هذه الدراسة تم التوصل إلى مجموعة من
النتائج نوجزها في الآتي :
- تبنى المشرع الجزائري مبدأ التقاضي على درجتين في مواد
الجنايات من خلال إنشائه لمحكمة جنايات تصدر أحكاما ابتدائية يتم استئنافها أمام
محكمة الجنايات الاستئنافية.
- تعديل تشكيلة محكمة الجنايات الابتدائية أو الاستئنافية
بإضافة محلفين اثنين لتصبح التشكيلة الشعبية تغلب على التشكيلة القضائية، الأمر
الذي قد يؤدي إلى توسيع دائرة الخطأ القضائي وهذا يتعارض مع مبدأ التقاضي على
درجتين.
- الحكم الصادر عن محكمة الجنايات الابتدائية أو
الاستئنافية بعقوبة سالبة للحرية ضد متهم مدان بجناية يعد سندا تنفيذيا ينفذ فورا
على المتهم غير الموقوف.
- اشتراط المشرع الجزائري لورقة التسبيب كوثيقة ملحقة بورقة
الأسئلة.
- إقرار المشرع الجزائري نظر استئناف الدعوى المدنية وحدها
أمام الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي لأن من شأن ذلك تخفيف العبء على محكمة
الجنايات الاستئنافية.
[1] يقصد بالإستئناف الابتداء، كما ورد في لسان
العرب إستئناف الشيء ابتدأه، كما يقصد بالاستئناف الائتناف فيقال استئناف شيء
إئتنفه أي أخذ اوله وإبتدأه، أنظر: إبن منظور، لسان العرب، الجزء التاسع، دار
صادر، بيروت، لبنان، 1990، ص ص 14-15.
[2] نشير إلى أن الطعن بالنقض قرره دستور 1976،
وكرسته الدساتير المتعاقبة بعده، وأكد عليه التعديل الدستوري الأخير سنة 2016، أما
الأوّل الطعن بالاستئناف لن تتطرق له جل الدساتير الجزائرية، وإنما إنفرد بإقراره
كمبدأ ودستوري، إذ التعديل الأخير جعل حق التقاضي على درجتين في المسائل الجزائية.
راجع: فؤاد جحيش، "الطعن بالاستئناف والنقض في الأحكام والقرارات الجزائية
بين التقرير الدستوري والتكريس القانوني"، مداخلة مقدمة للمشاركة في الندوة
العلمية، حول التعديلات الدستورية الواردة في دستور 2016، كلية الحقوق والعلوم
السياسية، جامعة المدية، بتاريخ 09/03/2017، ص03.
[3] عمران نصر الدين، عباسة الطاهر، استئناف الحكم
الجنائي في ظل تعديل قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، مجلة العلوم الإنسانية،
جامعة محمد خيضر، بسكرة، العدد 46، مارس 2017، ص401.
[4] فؤاد جحيش، الاستئناف الدائري لأحكام محكمة
الجنايات الابتدائية، درجة ثانية في التقاضي أم إعادة نظر قضائي، مداخلة في ملتقى
الوطني الثالث بعنوان التطورات الإجرائية الجزائية في ضوء التعديلات الأخيرة
والتكريس الدستوري 2016، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة البويرة، يوم 23 و24
ماي 2017، ص04.
[5] بموجب قانون رقم 17-07 المؤرخ في 27 مارس 2017،
المعدل والمتمم لأمر رقم 66- 155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 والمتضمن قانون الإجراءات
الجزائية، ج ر، عدد 20، المؤرخة في 29 مارس 2017.
[6] عمران نصر الدين، عباسة الطاهر، المرجع السابق،
ص402.
[7] بن شنوف فيروز، التقاضي على درجتين: خطوة أولى
نحو إصلاح محكمة الجنايات في الجزائر، مجلة حوليات جامعة الجزائر 1، العدد 33،
الجزء الثالث، سبتمبر 2019، ص 15.
[8] بن عودة نبيل، التقاضي على درجتين أمام محكمة
الجنايات في التشريع الجزائري، مجلة حقوق الإنسان والحريات العامة،مخبر حقوق
الإنسان والحريات العامة، جامعة عبد الحميد بن باديس، مستغانم، العدد الرابع جوان
2017، ص71.
[9] عمران نصر الدين، المرجع السابق، ص402.
[10] نص المادة 264 من قانون رقم 17-07، السالف
الذكر.
[11] منصوري المبروك، العزواي أحمد، التقاضي على
درجتين في مواد الجنايات، مجلة آفاق علمية، مجلة 10، عدد 02، 2018، المركز الجامعي
تامنغست، ص ص 277- 278.
[12] رجدال حسنة، مبدأ التقاضي على درجتين في محكمة
الجنايات، مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق،جامعة عبد الرحمان مير،
بجاية،2017-2018، ص 28.
[13] بن عودة نبيل، المرجع السابق، ص 65.
[14] عبد الرحمن خلفي، الإجراءات الجزائية في
التشريع الجزائري والمقارن، الطبعة الرابعة، دار بلقيس للنشر، الجزائر، 2018-2018،
ص 414.
[15] دنيا زاد ثابت، التقاضي على درجتين أمام محكمة
الجنايات في التشريع الجزائري، دراسة تحليلية على ضوء القانون رقم 17-07 الصادر
بتاريخ 27/03/2017 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية، مجلة العلوم الاجتماعية
والإنسانية، العدد 15، ص 58.
[16] دنيا زاد ثابت، المرجع السابق، ص 59.