الشروط اللازمة لاكتساب صفة التاجر
لا يعد تاجرا إلا الأشخاص التي تتوفر فيهم الشروط القانونية المنصوص عليها
في المادة الأولى من القانون التجاري الجزائري "يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو
معنوي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له، ما لم يقض القانون بخلاف
ذلك"، ويؤخذ من هذا النص أنه يشترط لاكتساب صفة التاجر توافر شرطان
أساسيان هما: القيام بالأعمال التجارية من جهة والامتهان من جهة أخرى، وهنالك شرط
ثالث لم يذكره النص وهو أن يقوم التاجر بممارسة العمل التجاري لحسابه الخاص،
وتنطبق هذا الشروط على التاجر الفرد والشركات التجارية على حد سواء، وتضيف بعض
الدول ومنها ألمانيا شرطا آخر لاكتساب صفة التاجر ألا وهو القيد في السجل التجاري.
المبحث الأول: القيام بالأعمال التجارية
وهو شرط أساسي لاكتساب صفة التاجر من حيث أن ممارسة الأعمال التجارية هي
التي تميز بين الشخص التجاري والشخص المدني، والمقصود بالأعمال التجارية هي تلك
المنصوص عليها في المادة 2 من القانون التجاري الجزائري سواء كانت الأعمال
التجارية المنفردة، المقاولات التجارية، وكذلك الأعمال التجارية بحسب الشكل وعلى
شرط أن يقوم بهذه الأعمال التجارية على سبيل الامتهان، ومفهوم الاحتراف لا يقتصر
على الأشخاص الطبيعيين بل يمتد إلى الأشخاص المعنوية كالشركات التجارية، إضافة إلى
ذلك يجب أن يكون العمل التجاري مشروعا أي أنه لا يكون مخالف أو مناف للنظام العام
والآداب العامة، فالشخص الذي يمارس تجارة المخدرات لا يكتسب صفة التاجر لأن هذا
العمل غير مشروع ويعاقب عليه طبقا لقانون العقوبات.
المطلب الأول: امتحان الأعمال التجارية
كما يشترط لاكتساب الشخص صفة التاجر أن يمارس الأعمال التجارية على وجه
الامتهان بصفة معتادة، وأن يتخذها وسيلة للتعيش والارتزاق منها، والامتهان يتضمن
حتما القيام بهذه الأعمال بصورة متكررة ومستمرة ومنتظمة تكسب الشخص صفة التاجر على
أن الاعتياد وحده لا يكفي لاكتساب صفة التاجر، فقيام الشخص بعمل تجاري من وقت لآخر
لا يرقى إلى مرتبة الامتهان، بل يجب أن يكون اعتياد القيام بالأعمالل التجارية
حرفة ووسيلة إلى التعيش والارتزاق، والعبرة من هذا الشرط هو أن يتخذ الشخص من
الأعمال التجارية رزق يعيش به عن طريق الدوام، لأن القيام بالأعمال التجارية
كالشراء بقصد البيع بصفة متقطعة ثم انقطع بعدها عن التجارة لا بمنحه صفة التاجر،
ولا يشترط أن يكون امتهان التجارة هو النشاط الوحيد للشخص حتى يعتبر تاجرا، بل من
الممكن أن يمارس عدة أنشطة من بينها التجارة دون أن يمنع ذلك من اعتباره تاجرا
سواء كانت هذه المهنة التجارية هي المهنة الرئيسية أم ثانوية يزاولها بجانب المهنة
الرئيسية غير التجارية، وعلى الرغم من أن الطبيب والموظف والمحامي ممنوعين من
ممارسة التجارة قانونا، إلا أنه يمكنهم كسب الصفة التجارية متى قاموا بممارسة
الأعمال التجارية على سبيل الامتهان، ولكنهم يتعرضون للجزاءات المنصوص عليها في
قوانين هذه المهنة المترتبة على مخالفة الحظر.
المطلب الثاني: قيام الشخص بالأعمال التجارية لحسابه الخاص
لا يكفي للشخص لاكتساب صفة التاجر لمجرد قيامه بالأعمال التجارية على وجه
الامتهان وأن يتخذها وسيلة للعيش بل يجب فضلا عن ذلك أن يقوم بها على وجه
الاستقلال ولحسابه الخاص، إلا أن هذا الشرط أغفلته المادة الأولى من القانون
التجاري الجزائري، وبالرغم من هذا لا يمكن منح الصفة التجارية لشخص يعمل لحساب شخص
أخر، ولهذا لا يعد تجارا العمال الذين يقومون بالأعمال التجارية لحساب رب العمل،
لأن رب العمل هو الذي يتحمل نتائج هذا المشروع من ربح أو خسارة، كما لا يعتبر
مديرو الشركات ذات المسؤولية المحدودة والمساهمة وكذلك المدير غير الشريك في شركة
التضامن من التجار لأنهم يعملون لحساب الشركة لا لحسابهم الخاص، فهم بمثابة التابع
للشخص المعنوي وذلك فيما عدا المدير الشريك في شركة التضامن إذ يكتسب صفة التاجر،
أما الوكيل بالعمولة والسمسار فيعتبر كل منهم تاجرا لأنهم يباشرون الأعمال
التجارية على وجه الاستقلال ودون رقابة أو توجيه من رب العمل ولو أنهما يقومان
بهذا العمل لحساب الغير، عموما تمارس التجارة بصورة علنية، إلا هنالك حالات يمتهن
فيها الشخص التجارة بشكل خفي مستتر تحت ستار شركة وهمية أو وراء شخص أخر باسم
مستعار، كأن يمون الشخص محاميا أو موظفا أو طبيبا محظور عليه الاتجار فيستعين بشخص
آخر يمارس الأعمال التجارية يعمل في الظاهر باسمه ولحسابه الخاص ويظهر أمام الغير
على أنه التاجر الحقيقي، وقد ثار خلاف في هذا الصدد بين الفقهاء حول من يكتسب صفة
التاجر الشخص الظاهر أم المستتر؟ إلا أن في الواقع يعتبر الشخص المستتر تاجرا لأن
النشاط التجاري يتم لحسابه، وبالتالي فهو يسأل عن العقود التي يبرمها الشخص الظاهر
مع الغير، أما الشخص الظاهر فقد أنكر عليه بعض الفقهاء صفة التاجر لأنه يعتبر
تاجرا، ولكن الرأي الصحيح أن الشخص الظاهر يعتبر تاجرا هو الآخر ويجوز شهر إفلاسه
لأنه ظهوره بمظهر التاجر وتعامله مع الغير على هذا الأساس يكسبه صفة التاجر بما
تستتبعه هذه الصفة من آثار تطبيقا لنظرية الظاهر حماية لثقة الغير الذي تعامل معه
من خلال ظهوره بمظهر التاجر، ومتى توافرت الشروط المتقدم ذكرها اكتسب الشخص صفة
التاجر، ومن ثم يمكن تعريف التاجر "بأنه الشخص الذي يباشر عملا تجاريا على
وجه الامتهان والاعتياد ولحسابه الخاص".
المطلب الثالث: اكتساب الشركة للصفة التجارية
يشترط المشرع لاكتساب الشركات صفة التاجر أن يكون موضوعها القيام بأعمال
تجارية كما جاء في نص المادة 2 من القانون التجاري، ويتحدد طبيعة عمل الشركة
وموضوعها في الغرض الذي أنشأت من أجله والذي يحدد في عقد تأسيسها، وبالتالي لا
تكتسب الشركة صفة التاجر إلا من خلال غرضها إن كان تجاريا، وهذا ما يميز الشركة
التجارية عن الشركة المدنية ، فإذا ما كان موضوع الشركة القيام بالأعمال التجارية،
كعمليات الشراء لأجل البيع أو عمليات التأمين أو استغلال النقل أو الصرف أو
الصناعة أو استغلال المخازن العمومية، فإن الشركة تكون تجارية، أما إذا كان موضوع
الشركة القيام بالأعمال المدنية كالزراعة مثلا، لإنها تكون شركة مدنية لأن النشاط
الزراعي يخرج عن نطاق القانون التجاري، فبيع المحصولات الزراعية لا يعد عملا
تجاريا لأنه لم يسبقه شراء وينطبق نفس الحكم على كل ما يلزم لإنتاج المحصولات
الزراعية واستئجارها، وإذا كان موضوع الشركة الرئيسي مدنيا اعتبرت الشركة مدنية
ولو اتخذت شكل شركة تضامن أو شركة مساهمة أو شركة ذات مسؤولية محدودة وحتى ولو قامت
ببعض العمليات التجارية بصفة تبعية، أما إذا كان غرض الشركة الرئيسي القيام
بالأعمال التجارية فتعتبر شركة تجارية، ولا تنطبق الصفة التجارية على الأشخاص
الشركاء وإنما على الشركة باعتبارها شخص معنوي ماعدا الشركاء في شركة التضامن، إذ
يعتبرون من التجار.
المطلب الرابع: إثبات صفة التاجر ونهايتها
لإثبات صفة التاجر لابد من الرجوع إلى المادة الأولى من القانون التجاري
الجزائري والتي تنص على أن التاجر هو من يباشر أعمال تجارية ويتخذها مهنة معتادة
له، ما لم يقض القانون بخلاف ذلك، إذ الشرط الأساسي هو امتهان الأعمال التجارية
وعلى من يدعي لنفسه صفة التاجر أن يثبت ذلك بكافة الطرق بما فيها البينة والقرائن،
والغاية من ثبوت صفة التاجر هو حق مطالبة الخصم بدعوى شهر إفلاسه إذ توقف عن دفع
ديونه، كما أن الدعوى تختص بها المحاكم التجارية بخلاف الأعمال المدنية وعلى أية
حال يرجع الحكم لقاضي الموضوع فهو الذي يتحقق من طبيعة العمل إن كان تجاريا أم
مدنيا، فمتى تحقق من أن الشخص يقوم بالأعمال التجارية على وجه الامتهان اعتبر
تاجرا، كما أن المحكمة تخضع عند فصلها في موضوع النزاع إلى إشراف ومراقبة المحكمة
العليا، ويلاحظ أن مسك الدفاتر التجارية أو القيد في السجل التجاري أو الشهرة بين
الناس كتاجر قرائن بسيطة ليست كافية لإثبات صفة التاجر، إلا أنه يمكن أن يستعان
بها في الإثبات، وتنتهي صفة التاجر سواء باعتزال الشخص الأعمال التجارية أو
بالوفاة.
المبحث الثاني: الأهلية التجارية
تشترط الأهلية التجارية للتجار الأفراد دون الشركات التجارية فلا يكفي
للشخص الطبيعي ممارسة الأعمال التجارية لاكتساب صفة التاجر بل يجب أن تتوفر فيه
الأهلية القانونية لاحتراف التجارة، والأهلية التجارية هي قدرة الشخص في مباشرة
التصرفات القانونية من حيث يكون مسئول عن الأعمال التي يقوم بها، وتتأثر الأهلية
التجارية بالسن من جهة وبما يسمى بعوارض الأهلية من جهة أخرى، ولم ينص القانون
التجاري الجزائري على أهلية الراشدون، بل تعرض فقط إلى أهلية القاصر المرشد في
المادة الخامسة وإلى أهلية المرأة المتزوجة في المادة السابعة والثامنة.
المطلب الأول: أهلية الراشدون
لم ينص القانون التجاري الجزائري على أهلية الراشدون، أي السن القانوني
الذي يسمح للشخص بمباشرة الأعمال التجارية، ولذا يجب الرجوع إى القانون المدني
الجزائري باعتباره الشريعة العامة، وتنص المادة 40 من القانون المدني الجزائري على
ما يلي: "كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية، ولم يحجر عليه، يكون
كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية، وسن الرشد تسعة عشر (19) سنة كاملة".ومن
يبلغ سن 19 يعتبر أهلا للاتجار في الجزائر جزائريا كان أم أجنبيا ولو كان قانون
الدولة التي ينتمي إليها الأجنبي يعتبره قاصرا.
1- الممنوعون من مباشرة التجارة
قد يمنع القانون من مباشرة الأعمال التجارية على بعض الأشخاص الطبيعية
تفاديا لاستغلال النفوذ وتأثيره على حرية التعاقد من جراء الوظائف الهامة التي
يحتلونها في الدولة سواء كان هذا الموظف قاضي أو محافظ شرطة أو وزير، كما أن هنالك
أشخاص آخرون ممنوعون من مباشرة التجارة مثل المحامين والأطباء، ولعل السبب في منع
هذه الطائفة من الموظفين هو حماية مصلحة الغير الذي يتعامل معهم، ومع هذا يكتسب
الموظف والمحامي والطبيب صفة التاجر متى احتفوا التجارة، ويلتزمون بجميع التزامات
التاجر، غير أن هذا لا يمنع من توقيع الجزاءات التأديبية عليهم والمنصوص عليها في
قانون المهنة.
2- أهلية الأجانب
يسري بالنسبة للأجانب حكم المادة 40 من القانون المدني الجزائري مثلهم مثل
المواطن الجزائري، وعلى هذا إذا بلغ الأجنبي 19 سنة من عمره يعتبر كامل الأهلية،
ويمكنه مباشرة الأعمال التجارية ولو كان وفقا لقانون دولته قاصرا، وبهذا يكون
المشرع الجزائري قد وضع حدا لتنازع القوانين في حالة اختلاف سن الرشد القانوني بين
الدولتين الجزائرية والأجنبية.
المطلب الثاني: أهلية القاصر
تنص المادة الخامسة من القانون التجاري الجزائري على أنه "لا يجوز
للقاصر المرشد، ذكرا أم أنتثى، البالغ من العمر ثمانية عشر سنة كاملة والذي يريد
مزاولة التجارة أن يبدأ في العمليات التجارية، كما لا يمكن اعتباره راشدا بالنسبة
للتعهدات التي يبرمها عن أعمال تجارية.
- إذا لم يكن قد حصل مسبقا على إذن والده أو أمه أو قرار من مجلس العائلة
مصادق عليه من المحكمة، فيما إذا كان والده متوفى أو غائب أو أسقطت عنه سلطته
الأبوية أو استحال عليه مباشرتها أو في حال انعدام الأب والأم.
- ويجب أن يقدم هذا الإذن الكتابي دعما لطلب التسجيل في السجل
التجاري"، وقد أريد بهذا النص تدريبب القاصر على الاتجار متى كان يعد نفسه
للاشتغال بالتجارة بعد البلوغ، وؤخذ من هذا النص أنه ينبغي توافر ثلاث شروط حتى
يستطيع القاصر مباشرة الأعمال التجارية واكتساب صفة التاجر وهما:
1- أن يكون القاصر قد بلغ الثامنة عشر سنة كاملة.
2- أن يحصل القاصر على إذن مسبقا من والده أو أمه أو قرار مجلس العائلة
مصادق عليه من المحكمة.
3- كما يجب أن يقدم هذا الإذن الكتابي دعما لطلب التسجيل في السجل التجاري.
ويفهم من هذه الشروط التي حددها المشرع في نص المادة الخامسة أن القاصر لا
يمكنه مزاولة التجارة إلا إذا حصل على إذن بالاتجار من والده إذ كان على قيد
الحياة وليس غائبا أو سقطت عنه سلطته الأبوية أو فيه عارض من عوارض الأهلية، وإلا
عليه أن يطلب الإذن من أمه فإذا كان بها عارض يطلب الإذن من مجلس العائلة، ولا يكف
مجرد الإذن بالاتجار بل لابد من التصديق عليه من المحكمة، كما يجب تقديم هذا الإذن
الكتابي موفقا بطلب التسجيل في السجل التجاري، ويهدف المشرع من وضع هذه الشروط
حماية القاصر من المخاطر التي تنجم عن مباشرة الأعمال التجارية وخشية على أموال
القاصر بأسرها، والإذن للقاصر بالاتجار قد يكون مطلقا لا تخصيص فيه بتجارة معينة
وقد يكون مقيدا بعمل تجاري منفرد أو بفرع معين من فروع التجارة، ويفهم من نص المادة
الخامسة أن الإذن بمباشرة التجارة جاء مطلقا دون قيد، غير أن المادة السادسة من
القانون التجاري تنص على مايلي:"يجوز للتجار القصر المرخص لهم طبقا
للأحكام الواردة في المادة 5 أن يرتبوا التزاما أو رهنا على عقاراتهم، غير أن
التصرف في هذه الأموال سواء كان اختياريا أو جبريا لا يمكن أن يتم إلا بإتباع
أشكال الإجراءات المتعلقة ببيع أموال القصر أو عديمي الأهلية".
وعلى أية حال يرجع الحكم للمحكمة في تقييد الإذن بالاتجار، كما لها السلطة
في تحديد المبلغ الذي يتجر فيه، وإذا أسأ القاصر المأذون التصرف في الأموال جاز
للمحكمة أو بناء على طلب ذوي الشأن من سلب الإذن من القاصر بعد سماع أقواله،
ويعتبر القاصر المأذون له في الاتجار كامل الأهلية فيما أذن فيه وفي التقاضي فيه،
أي أن أعماله التجارية تكون صحيحة ويكتسب صفة التاجر ويلتزم بالقيد في السجل
التجاري وبمسك الدفاتر التجارية ويجوز شهر إفلاسه إذا توقف عن دفع ديونه، على أن
القاصر المأذون له في الاتجار لا يعتبر كامل الأهلية إلا في حدود الإذن الممنوح
له، فإذا خلف هذا الإذن وقام ببعض الأعمال خارج نطاق التجارة المأذون له في
مزاولتها فإن هذه الأعمال تقع باطلة بطلانا نسبيا لمصلحته، وإذا مارس القاصر
الأعمال التجارية من دون إذن ولي الأمر أو المحكمة، فلا يكتسب صفة التاجر ويمتنع
شهر إفلاسه، وبالتالي تقع تصرفاته باطلة بطلانا نسبيا لمصلحته، وإذا تمسك القاصر
ببطلان تصرفاته وجب عليه أن يرد للطرف الآخر الفائدة التي عادت عليه من جراء تنفيذ
العقد كي لا يثرى على حساب الغير، أما بالنسبة للأموال العقارية فقد حظر المشرع
طبقا لنص المادة 6 على التجار القصر المأذون لهم بالاتجار التصرف في هذه الأموال،
إلا بإتباع أشكال الإجراءات المتعلقة ببيع أموال القصر أو عديمي الأهلية، غير أن
القانون أجاز لهم أن يرتبوا التزاما أو رهنا على عقاراتهم.
المطلب الثالث: عوارض الأهلية
قد تطرأ على الرشيد وهو من يبلغ سن 19 سنة عارض من عوارض الأهلية، ومنها ما
يعدم الإرادة كالجنون والعته ومنها ما ينقص الإرادة كالغفلة والسفيه، فمتى صدر حكم
من المحكمة بالحجر عليه عين قيما لإدارة أمواله وهو يشبه الوصي على القاصر، وليس
للمحجوز عليه بالأعمال التجارية أو الاستمرار أو نشاطه التجاري السابق إنما
يتولاها القيم عليه فإذا ما مارس المجنون أو المعتوه الأعمال التجارية تقع تصرفاته
باطلة بطلانا مطلقا لانعدام الإرادة، أما تصرفات السفيه وذي الغفلة وهو من يبذر
المال على غير مقتضى العقل تقع باطلة بطلانا نسبيا لمصلحتهما، لأن السفه والغفلة
عيب يلحق بالإرادة.
المطلب الرابع: أهلية المرأة المتزوجة
للمرأة المتزوجة في التشريع الجزائري ما للرجل من حرية التصرف في أموالها
وفي الاشتغال بالتجارة، فلها متى بلغت التاسعة عشر أن تحترف التجارة بدون قيد أو
شرط، وهذا ما جاءت به نص المادة الثامنة من القانون التجاري الجزائري بقولها: "تلتزم
المرأة التاجرة شخصيا بالأعمال التي تقوم بها لحاجات تجارتها، ويكون للعقود بعوض
التي تتصرف بمقتضاها في أموالها الشخصية لحاجات تجارتها كامل الأثر بالنسبة
للغير"، فمتى باشرت المرأة المتزوجة الأعمال التجارية على وجه الامتهان
اكتسب صفة التاجر، وبالتالي تتحمل جميع المخاطر التي تنجر عن تصرفاتها مثلها مثل
التجار الأفراد، كما أنها تلتزم بجميع التزامات التجار من مسك الدفاتر التجارية
والقيد في السجل التجاري وكذلك شهر إفلاسها إذا توقفت عن دفع ديونها، أما نص
المادة السابعة الذي جاء كما يلي: "لا يعتبر زوج التاجر تاجرا إذا كان
يمارس نشاطا تجاريا تابعا لنشاطه زوجه، ولا يعتبر تاجرا إلا إذا كان يمارس نشاطا
تجاريا منفصلا". فهو أمر طبيعي لأن المرأة المتزوجة لا تخضع لشروط
الامتهان لأنها تقوم بهذه الأعمال لحساب زوجها وليس لحسابها الخاص، غير أن بعض
التشريعات الأجنبية تقضي بعدم أهلية المرأة المتزوجة للتصرف في أموالها الخاصة،
ولا تجيز للمرأة المتزوجة ممارسة الأعمال التجارية إلا بعد الحصول على إذن من
زوجها.
المرجع :
- أ.عمورة عمار، شرح القانون التجاري الجزائري، دار المعرفة، الجزائر، 2016، من ص 87 إلى ص 95.