آليات الحكم الراشد كأساس للإصلاح الإداري في الجزائر من إعداد د. نصيرة لوني
من إعداد : د. نصيرة لوني
نشر بتاريخ : 28 – 09 – 2019 بمجلة الحقوق والعلوم
الإنسانية المجلد الثاني عشر العدد الثاني (سبتمبر 2019) الصفحات (50-67).
ملخص
تبنت
الجزائر تشريع الإدارة المحلية تكريسا لمقتضيات الحكم الراشد الذي يتضمن علاقة
قوية في ترقية و تحسين الخدمة العمومية على المستوى المحلي، و من خلال عناصره و
مؤشراته، و كذا من خلال أساليب وآليات بناء الديمقراطية المحلية، وتفعيل دورها في
خدمة التنمية المحلية لأجل ضمان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون المحلية.
حيث
اعتمدت الدولة على إصلاح إداري بلدي في ظل أحكام قانون البلدية رقم 10-11 المؤرخ
في 22 يونيو 2011، رغم وجود معوقات.
الكلمات
المفتاحية : البلدية؛ الحكم الراشد؛ التنمية المحلية؛ الإدارة المحلية،
الديمقراطية.
Summary
Algeria has adopted the local
administration legislation in recognition of the requirements of good
governance, which includes a strong relationship in the promotion and
improvement of public service at the local level, through its components and
indicators, as well as through the methods and mechanisms of building local
democracy and activating
its role in the service of local development in order to ensure the
participation of citizens In the conduct of local affairs. Where the state has relied on administrative reform in the country
under the provisions of municipal law No. 11-10 of 22 June 2011, despite the
existence of obstacles.
Keywords: municipality; local
government; local administration; democracy;
مقدمة
مما لا شك فيه أن المجالس البلدية تجسد فكرة توزيع
الوظائف الإدارية بين السلطة المركزية والإدارة المحلية، خاصة وقد ثبت في كل الدول
أن أعباء التنمية وتلبية حاجات الأفراد المختلفة لا يمكن أن تتولاها الإدارة
المركزية لوحدها، بل يقتضي الأمر الاستعانة بالإدارة المحلية وبالمجالس المنتخبة
بهدف بعث مرونة في التسيير والاستجابة أكثر لحاجات الأفراد والمجتمع العديدة
والمتنوعة والمتجدّدة، ونتيجة لذلك سارعت العديد من الدول إلى تعديل تشريع الإدارة
المحلية ومنها الجزائر تكريسا لمقتضيات الحكم الراشد على صعيد شكل المجلس المنتخب
أو على صعيد ملائمة الاختصاصات المنوطة به.
لقد أحدثت فكرة الحكم الراشد ثورة في مجال نظرية الإدارة
المحلية بمختلف محتوياتها وأبعادها لا لشيء إلاّ لمواكبة التشريع الوطني لمقتضيات
التحولات الدولية.
يمثل الحكم الراشد أحد أهم متطلبات تحقيق التنمية في
جميع المجتمعات و الدول النامية التي أصبحت بحاجة ماسة لإحداث إصلاحات في بنيتها
السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية و الإدارية، بغية تحقيق حاجات المواطنين
الأساسية.[1]
من هنا نطرح
الإشكالية التالية : ما مدى ملائمة شكل وآليات تسيير المجلس الشعبي البلدي
لمقتضيات الحكم الراشد في الجزائر؟
للإجابة على الإشكالية اعتمدنا على محورين أساسيين:
- المحور الأوّل
: مفهوم الحكم الراشد مع تبيان أطرافه ومؤشراته
- المحور الثاني
: مؤشرات الحكم الراشد في قانون البلدية الحالي وتطبيقاته
المحور الأوّل: مفهوم الحكم الراشد
أولا: تعريفه
أ- الحكم
حيث عربنا مصطلح اللغة الانجليزية gouvernance بالكلمة العربية « الحكم» ويعني
إدارة شؤون الدولة وهو الحاكمية ويمكن شرحها بأنّها طريقة تسيير سياسة أعمال وشؤون
الدولة.
يقصد بالحاكمية أسلوب وطريقة الحكم والقيادة، تسيير شؤون
منظمة قد تكون دولة، مجموعة من الدول، منطقة، مجموعات محلية، مؤسسات عمومية أو
خاصة، فالحاكمية ترتكز على أشكال التنسيق والتشاور، المشاركة والشفافية في القرار.[2]
ب- الحكم الراشد
مصطلح الحكم الراشد ذو أصل يوناني( Kubeman)، وعرّف باللاتينية بـ( Gubernare)، وكان يستخدم في الفرنسية
القديمة في القرن الثالث عشر كمرادف لمصطلح الحكومة "Gouvernement" أي طريقة وفن الإدارة، وانتقل للغة
الانجليزية في القرن الرابع عشر(Gouvernance)[3].
يستخدم مفهوم الحكم الراشد good
gouvernance منذ عقدين من الزمن
من قبل مؤسسات منظمة الأمم المتحدة لإعطاء حكم قيمي على ممارسات السلطة السياسية
لإدارة شؤون المجتمع اتجاه تطويري وتنموي وتقدمي، أي أن الحكم الراشد هو الحكم
الذي تقوم به قيادات سياسية منتخبة وكوادر إدارية ملتزمة بتطوير موارد المجتمع،
وتقدم المواطنين وبتحسين نوعية حياتهم ورفاهيتهم، وذلك برضاهم وعبر مشاركتهم
ودعمهم.[4]
تشير العديد من الدراسات أنّ مصطلح «الحكم الراشد» بدأ
استعماله في البداية للدلالة على قيادة السفن في العصر اليوناني واللاتيني القديم،
ثم استعمل في اللغة الفرنسية في القرن الثالث عشر كمرادف لمصطلح «الحكومة»، ثم
تطور كمصطلح قانوني عام 1978 ليستعمل في نطاق أوسع برزت من خلال اعتماد المؤسسات
المالية العالمية له وعلى رأسها البنك الدولي الذي استخدمه لأوّل مرة عام 1992 في
تقريره السنوي تحت عنوان gouvernance and development.
استعملت منظمة الأمم المتّحدة للتربية والثقافة والعلوم«
Unesco»
مصطلح التسيير الديمقراطي، واستعمل برنامج الأمم المتّحدة النهائي« Undp» مصطلح التسيير السليم، وكلها
تدور حول معنى واحد.[5]
تنوعت الاستعمالات اللفظية بخصوص الحكم الراشد، فهناك من
يستعمل عبارة الحكم الرشيد، والحكم الراشد، وهناك من يستعمل عبارة الحكامة، وهناك
من يستعمل عبارة الحكمانية، وهناك من يسمي الحوكمة، وكل هذه الاستعمالات اللفظية
تصب في معنى واحد.
تدور فكرة الحكم الراشد بشكل عام حول عملية صنع القرار
وطرق وفنيات إدارة الأعمال مهما كانت مستوياته، فيشمل مفهوم الحكم الراشد الإدارة
الدولية والإدارة الداخلية، وعلى المستوى الداخلي يشمل الإدارة المركزية والإدارة
المحلية وسائر سلطات الدولة الثلاث، ولا يرتكز مفهوم الحكم الراشد على المؤسسات
الغير الرسمية والقطاع الخاص.[6]
لقد عرّف البنك الدولي الحكم الراشد على أنّه : «
الطريقة التي يمارس بها الحكم في تسيير وإدارة اقتصاد وموارد بلد ما الاقتصادية»،
وكذا بمناسبة المؤتمر العالمي حول الحكم الراشد والتنمية المستدامة لسنة 1997
اقترح برنامج منظمة الأمم المتّحدة التعريف الآتي: « ممارسة السلطة الاقتصادية
والسياسية والإدارية بغرض تسيير شؤون دولة، فهي تشمل آليات التطور والمؤسسات على
نحو يمكن المواطنين ومختلف التجمعات من التعبير عن مصالحهم وممارسة حقوقهم
القانونية والقيام بالتزاماتهم»[7]
لقد ورد في اتفاقية «شراكة كوتونو» الموقعة بين الاتحاد
الأوروبي و(77) دولة من جنوب الصحراء الإفريقية ودول الكاريبي والمحيط الهادي
بأنّه : « الإدارة الشفافة القابلة للمحاسبة للموارد البشرية والطبيعية
والاقتصادية والمالية لغرض التنمية المنصفة المستمرة وذلك ضمن نطاق بيئة سياسية
ومؤسساتية تحترم حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية وحكم القانون».
وهنا يتضح المعنى العام للحكم الراشد، كما تتضح معاييره
و شروطه.
كما عرّف العهد
الدولي للعلوم الإدارية الحكم الراشد على أنّه : « العملية التي بواسطتها يمارس
أعضاء المجتمع السلطة والحكم وقدرة التأثير السياسي ومن القرارات التي تهم الحياة
العامة الاقتصادية والاجتماعية.» من خلال ما سبق يتضح لنا بوضوح الأبعاد المختلفة
للحكم الراشد، فله بعد سياسي يتعلق بطبيعة
السلطة السياسية وشرعية تمثيلها وممارستها لأعمالها في ظل حكم القانون واحترام
مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وله بعد اجتماعي يتعلق بطبيعة وبنية المجتمع
المدني وحيويته واستقلاله عن الدولة وممارسته هو الآخر للدور المنوط به في الحركة
التنموية الشاملة[8]. وله بعد
فني يتعلق بعمل الإدارة وكفاءتها وفاعليتها وفنيات إصدار القرار المناسب والرؤية
الصحيحة وضمان حق الأجيال اللاحقة.
استعمل المشرع الجزائري مصطلح الحكم الراشد في القانون
التوجيهي للمدينة الصادر بموجب القانون 06-06 المؤرخ في 20 فبراير 2006 حيث نصت
المادة الثانية منه على جملة من المبادئ الأساسية للمدينة وذكرت من بينها
الحكم الراشد، وألزم المشرع الإدارة بالاهتمام بانشغالات المواطن والمصلحة العامة
في إطار الشفافية.
ثانيا : أطراف الحكم الراشد[9]
بما أنّ للحكم الراشد مدلولا واسعا يشمل جوانب كثيرة
سياسية واجتماعية وفنية، فإنّه ينجم عن ذلك تعددية الأطراف المعنية بتكريس مفهوم
الحكم الراشد على جميع الأصعدة وتتمثل الأطراف فيما يلي:
أ- الدولة وأجهزتها المركزية
أول طرف معني بتكريس مفهوم الحكم الراشد هي الدولة ممثلة
في السلطات المركزية المختلفة وفي الهيئات الوطنية المستقلة كالبرلمان وسائر
الجهات المخولة قانونا، فعليها جميعا يقع عبء توفير الإطار التشريعي والتنظيم من
اجل ضمان أحسن الظروف بغرض تحقيق المقاصد الكبرى للحكم الراشد.[10]
تقوم الأجهزة المركزية في الدولة على تجميع السلطة في يد
هيئة رئاسية واحدة في جميع أنحاء الدولة، بمعنى ألا توجد في الدولة إلا سلطة واحدة
تتولى الوظائف بنفسها، أو بواسطة موظفين لا تكون لهم سلطة ذاتية، وإنما يستمدون
سلطتهم في العمل وحقهم في تولي اختصاصهم من السلطة الرئيسية في العاصمة.[11]
ومن ثمة فإنّ المركزية تتمثل في حصر مجمل السلطات
الإدارية في يد الحكومة حفاظا وضمانا لوحدة الدولة.[12]
لقد تمّ تجديد وترسيخ مقومات وأسس الحكم الراشد من خلال
أسلوب مواصلة تقرير الديمقراطية المحلية وتفعيل دورها في خدمة التنمية المحلية
والوطنية والتكفل بحاجات وانشغالات المواطنين في كافة المجالات الاقتصادية
والاجتماعية والإدارية والأمنية وذلك بواسطة إعادة النظر في التقييم الإداري
للدولة وتزويد البلديات والولايات بكافة الموارد البشرية.[13]
ب- الإدارة المحلية
إنّ موقع الإدارة المحلية[14] واقترابها
من المواطنين، واحتكاك المواطنين بها يفرض عليها فتح سبل مشاركتهم في العملية
التنموية وفي صنع القرار وممارسة الرقابة الشعبية، وأن تكون أكثر احتكاكا بمنظمات
المجتمع المدني وتستجيب لانشغالاته،، كما تفرض عليها معايير الحكم الراشد المحلي
أن تكون أكثر شفافية في التعامل مع الجمهور بإمدادهم بالمعلومات اللازمة وفي الوقت
المناسب وبالشكل الذي يقرّه القانون، وأن تحرص على زرع الثقة بين السلطة المحلية
والمواطن ومنظمات المجتمع المدني.[15]
ج- سائر المرافق العامة والمؤسسات
لا يقتصر مجال الحكم الراشد على الأجهزة المركزية
والمحلية داخل الدولة، بل يمتد لسائر المؤسسات والمرافق العامة باختلاف طبيعتها
ونظامها القانوني.[16]
د- منظمات المجتمع المدني
لا يقع على عاتق السلطات المحلية الاقتراب من منظمات
المجتمع المدني، بل يقع على هذه الأخيرة التواصل مع السلطات المحلية والمشاركة في
تأطير المواطنين، وتكون المقاربة التشاركية متواصلة تمكن الأفراد والأطراف المعنية
من تحديد احتياجاتهم وأهدافهم والتزاماتهم، ويؤدي إلى قرارات مركزة تأخذ بعين
الاعتبار حسب الإمكان آراء وتطلعات كل المجموعات والأطراف المعنية، وعليه أي عمل
تشاركي ينبغي أن يتضمن العناصر التالية :
- عنصر الحوار.
- عنصر الالتزام هو نتيجة التواصل والحوار.
- عنصر الاعتماد على المعنيين المباشرين في تحديد
الاحتياجات والأهداف.
- عنصر وضوح القرارات ودقتها.[17]
أرجع التقرير الأول تنفيذ برنامج العمل الوطني في مجال
الحكامة المقدم في إطار الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء الارتفاع الهائل
للجمعيات ذات الطابع المحلي والبالغ عددها ( 78928)، والجمعيات ذات الطابع الوطني والبالغ
عددها (848) جمعية.[18]
هـ ـ القطاع الخاص
إن الحديث عن مسار تنموي وخطط لتنمية شاملة هو الاعتراف
بالقطاع الخاص بأنه يمارس دوره في العملية التنموية، وعليه يستوجب احتكاك القطاع
الخاص بالأجهزة الرسمية وبالإدارة المحلية من أجل ضمان مشاركة فعالة في البناء التنموي.
ثالثا: مؤشرات الحكم الراشد
نجد مظاهر الحكم الراشد واردة في الوثائق الدولية كوثائق
صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وكذلك برامج منظمة الأمم المتحدة الإنمائي
عديدة تكمن فيما يلي :
* المساءلة : La responsabilisation
تعني أن تتحمل المنظمات والأفراد مسؤولية الأداء،
ومواجهة ذلك أمام كل الأطراف المعنية، وهو ما يفرض على كل طرف محل مساءلة تقديم
التوضيحات اللازمة حول مسائل تتعلق بممارسته لصلاحياته والقيام بواجباته.[19]
حيث تتخذ المساءلة صورا متعدّدة منها :المساءلة
الإدارية، المساءلة المالية، المساءلة الاجتماعية ، والمساءلة السياسية، حسب طبيعة
الوظيفة المسندة لشخص أو الجهاز محل المساءلة.[20]
ويقصد بها أن يكون جميع المسؤولين والحكام ومتخذي القرار
في الدولة أو في القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع المدني، خاضعين لمبدأ المحاسبة
أمام الرأي العام ومؤسساته دون استثناء، وتعدّ ألية المساءلة أهم سبل تحقيق
التنمية المستدامة وتأخذ ثلاثة أشكال وهي :
1- المساءلة التشريعية : هي أهم
المساءلات في النظام الديمقراطي، لأنّ البرلمان يلعب دورا مهما في تنفيذ سياسات
الحكومة والرقابة عليها.
2- المساءلة التنفيذية : تتمثل في
خضوع الجهاز التنفيذي للمحاسبة عبر سبل الإدارة.
3- المساءلة القضائية : تشكّل ركن
أساسي من أركان ضبط عمل الجهاز الحكومي وغير الحكومي، حيث تلعب دورا بارزا في
أسلوب الحكم الراشد عن طريق مراقبة تسيير عمل التنفيذ وتوجيه التحكم للموظفين.[21]
* الشفافية : La transparence
نعني بها توافر المعلومات وسهولة الحصول عليها من جانب
المواطنين فضلا عن صحة المعلومات ودقتها واكتمالها.[22]
إذن هي تدفق المعلومات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
والسياسية، الشاملة في الوقت المناسب وبطريقة يمكن الاعتماد عليها وتتلخص في
المكوّنات التالية:
- حصول على المعلومة.
- العلاقة السببية بين المعلومة والموضوع المراد
مراقبته.
- الدّقة في الحصول على المعلومة.[23]
ولقد أشارت المادة(02) من القانون 06-06 المتعلق
بالقانون التوجيهي للمدينة، لهذا المؤشر واعتبرته من الأسس العام لتسيير المدينة.[24]
* الفعالية والكفاءة :L’efficience
et l’efficacité
تضمن إدارة المؤسسات العامة ومؤسسات المجتمع المدني
استمرارية تحقيق التقدم والازدهار والتطلع إلى تعزيز مفهوم التنمية، إذ تلزم
الإدارات بتطبيق مؤشرات الحكم الراشد استجابة للحاجات العامة للمواطنين، ويتحقق
ذلك باستعمال الأمثل لمختلف إمكانات الأجهزة البشرية والمادية.
* اللامركزية : La decentralization
إنّ توزيع الوظائف بين السلطة المركزية داخل الدولة
والإدارة المحلية من مؤشرات الحكم الراشد، ذلك أنّه لا يمكن الاستجابة لمتطلبات
المواطنين والاهتمام بانشغالاتهم إلاّ من خلال تجسيد لامركزية النظام الإداري
وتقريب الإدارة من المواطن.[25]
كما أنّ النظام المركزي يكفل للمواطن مجال المشاركة في
صنع القرار المحلي.
ومن ثمة فإن السياسية التي يمارسها الحكم الراشد يجب أن
تكون منهجية وتلبي مصالح المواطنين عامة، وتحقّق له التمتع بكافة الحقوق والحريات
دون تمييز وعلى قدم المساواة.[26]
* الرؤية الاستراتيجية: La vision stratégique
طبقا لهذا المؤشر تلتزم مختلف الإدارات بمراعاة التطور
الذي يشهده المجتمع من جميع الجوانب والتكيّف بسرعة مع الظروف المستجدة، وهو ما
يفرض على الجهات المعنية وضع خطط وبرامج بهدف التنبؤ بكل المتغيرات واتخاذ ما يلزم
من أجل مواجهتها.[27]
* حكم القانون (سيادة القانون): L’Etat de droit
يعني أنّ الجميع، حكاما ومسؤولين ومواطنين يخضعون
للقانون، ويجب أن تطبق الأحكام والنصوص القانونية بصورة عادية وبدون تمييز بين
الأفراد، وأن توافق هذه القوانين معايير حقوق الإنسان وتكون ضامنة لها.
أصبح لازما لتكريس مظاهر الحكم الراشد بحيث يكون القانون
هو الإطار العام والسيد في رسم حدود كل الأطراف المعنية مؤسسات وأفراد، وأن يبين
المهام، ويحدد الحقوق، ويضبط الإجراءات، ويضمن الحقوق الحريات، ويفرض الجزاء
المناسب عند الإخلال.[28]
* المساواة: L’égalité
أي يخضع جميع أفراد المجتمع للمساواة وعدم التمييز
بينهم، وهم متساوون في الحقوق والحريات العامة والكرامة[29]،
التي تهدف إلى إعطاء حق لجميع الرجال والنساء في الحصول على الفرص المتساوية في
الارتقاء الاجتماعي من اجل تحسين أوضاعهم.[30]
* الإنصاف والعدل : L’équité et la justice sociale
يقصد بهما العدل الاجتماعي، بحيث يكون لكل فئات المجتمع
على اختلاف أوضاعهم الفرصة في تحسين أوضاعهم الاجتماعية والتطلع نحو تحسين أفضل
لظروفهم، وقد أشارت إليه المادة الثانية من القانون 06-06 المتعلق بالقانون
التوجيهي للمدينة.[31]
* السلوك الأخلاقي ومكافحة الفساد[32]:Le comportement éthique et la lutte contre la corruption
لا يمكن وصف نظام ما، في دولة ما، بتكريسه لمؤشرات الحكم
الراشد إلا إذا ثبت يقينا أن هذا النظام يسعى للوقاية من الفساد ومكافحته فيشتى
الميادين والمجالات، ولا يتعلق الأمر بالقطاع العام لوحده، بل يمتد أيضا للقطاع
الخاص، فلا رشد في القيادة والتسيير إلاّ إذا تم القضاء على الفساد بمختلف صوره
وأشكاله.
* المشاركة : Laparticipation
لقد كرس المشرع هذه المشاركة في الباب الثالث بعنوان مشاركة المواطنين في
تسيير شؤون البلدية ابتداء من المادة (11) إلى المادة (14) منه.[33]
* حماية حقوق الإنسان :La
protection des droits de l’homme
حقوق الإنسان أهم مؤشرات الحكم الراشد، فلم تعد حماية
حقوق الإنسان على المستوى الداخلي بل صارت شاملة عالميا والدليل على ذلك وجود
إعلان عالمي لحقوق الإنسان حيث تم تكريس مبادئه في معظم الأنظمة الدستورية
والقانونية.
* تبسيط الإجراءات : La simplification des procedures
إنّ الاستجابة لطلبات واحتياجات المواطنين قد يفرض إتباع
إجراءات معينة كما هو الحال عند إصدار بعض القرارات الإدارية والتراخيص، وينبغي
للوصول إلى حكم راشد العمل على تبسيط الإجراءات واختزالها للتخفيف على المواطنين،
ويمتد كذلك إلى اختزال المدة سواء على الصعيد الأعمال الإدارية أو القضائية.[34]
المحور الثاني : مؤشرات الحكم الراشد في قانون البلدية (قانون رقم 10-11 المتعلق بالبلدية)
إنّ مؤشرات الحكم الراشد على مستوى البلدية كثيرة
ومتنوعة وتتجسد في العديد من آليات التسيير وقواعده، ونحن نقتصر فقط على إبراز
مؤشرات المشاركة ومؤشر الشفافية على ضوء قانون البلدية الجديد.
أوّلا: مؤشر المشاركة وتطبيقاته في قانون البلدية
1- تعريف مبدأ المشاركة وأهميته
يقصد بمؤشر المشاركة تهيئة السبل والآليات المناسبة
للمواطنين المحليين كأفراد وجماعات من أجل المساهمة في عمليات صنع القرارات إما
بطريقة مباشرة أو عن طريق المجالس المنتخبة.
يمثل مبدأ المشاركة أحد أهم مؤشرات الحكم الراشد وله
علاقة وثيقة بمبادئ أخرى تتعلق بممارسة الحقوق والحريات العامة، وإرساء النظام
الديمقراطي، وممارسة المواطنة.
تعتبر البلدية القاعدة الإقليمية اللامركزية، ومكان
لممارسة المواطنة، وتشكل إطار مشاركة المواطن في تسيير الشؤون العمومية[35]،
وبالتالي ينبغي فتح سبل المشاركة للمواطنين في تسيير الشؤون العامة على المستوى
البلدي عن طريق المجلس الشعبي البلدي المنتخب.[36]
2- شكل المجلس البلدي وتجسيد مبدأ المشاركة
إنّ تركيبة المجلس المحلي من شأنه أن يعطي دفعا قويا إلى
الأمام ويمكنه من بلوغ الأهداف المسطرة، كما أن كفاية المجالس المنتخبة ورفع مستوى
أدائها يطرح سؤالا بخصوص خيار المشرع بين نظام الانتخاب الكلي
لأعضاء المجلس الشعبي البلدي، أو نظام التعيين والانتخاب؟ وأي نظام أكثر استجابة للحكم الراشد؟
وسعيا منّا للإجابة على ما سبق يجب توضيح ثلاث حالات :
أ - أخيار المجلس المعين كليا وآليات الحكم
الراشد
إن الأخذ بأسلوب التعيين يصطدم بجملة من المبادئ
الدستورية، ويشير نظام التعيين للمجلس المحلي شبهة تبعية المجلس للجهة التي عينته،
كما أنه يتنافى مع آليات الحكم الراشد التي تستوجب مبدأ المشاركة وهذا لا يكون إلا
بالانتخاب وليس التعيين.
ب- خيار المجلس المنتخب كليا وآليات الحكم
الراشد
إن إتباع أسلوب انتخاب المجلس المحلي لقي تأييدا
واهتماما من قبل أغلبية الفقهاء والباحثين[37] حيث
يترتب عنه آثار إيجابية على رأسها تكريس النظام الديمقراطي على الصعيد الإداري.
كما أن الأخذ بهذا الأسلوب ينفي تبعية المجلس المحلي لأي
جهة كانت ويضمن له استقلالية عضوية تجعله بعيدا عن ضغوط السلطة الإدارية المركزية
أثناء ممارسته لاختصاصاته القانونية.[38]
لقد تبنى المشرع الجزائري في قانون البلدية الحالي حيث
خصص الباب الثالث تحت عنوان مشاركة المواطنين في تسيير شؤون البلدية منه، ونصت
المادة) 11( منه: « تشكل البلدية الإطار المؤسساتي لممارسة الديمقراطية على
المستوى المحلي والتسيير الجواري».
ج- خيار الأسلوب المختلط (المزج) بين أسلوب التعيين والانتخاب
نظرا لعيوب أسلوب الانتخاب، وكذلك نظرا لعدم إمكانية
تعيين كل أعضاء المجالس المحلية، رأى البعض أنّه لا مفر في إنشاء مجالس محلية تضم
منتخبين ومعينين بشرط أن تكون الغلبة في المجلس للمنتخبين، ودعاة الأسلوب المتنوع
يترتب عليه تقدير آراء وحجج الاتجاه.[39]
في رأيي أنّ هذا الأسلوب يستحق التأييد لأنّ التركيبة
المختلطة لمجلس الأمم حيث يضم منتخبين ومعيين، ولقد أثبت الواقع أنّ المعنيين
لعبوا دورا كبيرا ووظفوا كفاءاتهم في شتى المجالات القانونية الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية وفي جميع لجان المجلس، ونأمل أن يحدث ذلك في المجالس
المحلية البلدية بكفاءات معيّنة لتلعب هي الأخرى دورها في التنمية المحلية على أن
تكون الأغلبية في التمثيل للمنتخبين.
يجب التفعيل الفعلي للمجالس البلدية ورفع مستوى أدائها،
وهذا لا يكون إلاّ بفتح سبل الالتحاق بالمجلس البلدي من أفراد المجتمع، وأن تلعب
دورها على صعيد التنمية وفي تسيير المجالس المنتخبة.
لا يجوز للمشرع أن يتدخل في فرض شروط الترشح للانتخابات
البلدية مثلا حصول المترشح على مستوى معيّن، لأنّ تطبيق هذا الشرط سوف يستبعد فئة
كبيرة من شرائح المجتمع من مجال الترشح رغم تمتعهم بالجنسية الجزائرية والسّن وحسن
السيرة والسلوك، حيث أنّ وضع هذا الشرط سيجعل العملية الانتخابية فئوية ويخلق
انشقاق لدى أبناء المجتمع الواحد، فيكفي بالشروط العامة المحدّدة في القانون
العضوي المتعلق بالانتخابات.[40]
ثانيا: مؤشر الشفافية وتطبيقاته في قانون البلدية رقم 10-11
1- تعريف مبدأ الشفافية وأهميته
تعني الشفافية في علم الفيزياء المادة الشفافة وهي
المادة الواضحة والزجاجية التي يمكن رؤية ما بداخلها، ولو بحثنا في المصطلحات
القريبة منها نجد أنّها تعني معاني كثيرة كالأمانة والصدق والإخلاص والعدالة.[41]
يقصد بها اصطلاحا حرية تدفق المعلومات بأوسع مفاهيمها،
أي توفير المعلومات والعمل بطريقة منفتحة تسمح للآخرين بالحصول على المعلومات
الضرورية للحفاظ على مصالحهم واتخاذ القرارات المناسبة في زمن مناسب واكتشاف
الأخطاء.
تعني أيضا ضرورة وضوح العلاقة مع الجمهور فيما يخص
إجراءات تقديم الخدمات والإفصاح للجمهور عن الأساسيات العامة المتبعة، خاصة
السياسات العامة للقطاع العام وكيفية إدارة الدولة من قبل القائمين عليها بمختلف
مستوياتهم.[42]
يعد مؤشر الشفافية اليوم من أهم دعائم التنمية الشاملة
والمستدامة، ومن أهم مبادئ الحكم الراشد، ليس فقط فيما يخص قواعد وآليات تسيير
الأجهزة المحلية والمرفقية، بل وفيما يخص الأجهزة المركزية والهيئات الوطنية أيضا،
بل امتدّ الأمر للجمعيات والقطاع الخاص والأحزاب السياسية وجميع التنظيمات
القانونية.[43]
إنّ تفعيل مبدأ الشفافية في التسيير في مختلف أوجه نشاط
الإدارة والأجهزة الرسمية وعلاقتها بالجمهور، لمن شأنه أن يؤسس لنظام معلوماتي
واضح معلن قوامه الوضوح، وهذا الأمر يولد علاقة متينة بين المواطن والإدارة أساسها
النزاهة والصدق في المعاملة، وهو ما يؤدي في النهاية إلى رفع معدل الثقة بين
الإدارة والمواطن ممّا يدعم علاقة الحاكم بالمحكوم .
مما زاد من أهمية مبدأ الشفافية واتساع مجالات تطبيقه هو
التطور الذي شهدته وسائل الإعلام والاتصال وكذا التقدم التكنولوجي بما فيها وسائل الانترنيت...إلخ
تعيش الدولة الجزائرية مرحلة المراجعة الشاملة لقوانين
الإصلاحات الإدارية، فإنّها تبذل قصارى جهدها من أجل الاقتراب أكثر من المواطن
وتلبية حاجاته العامة، ولا يكون ذلك إلاّ إذا كانت علاقة الإدارة بالمواطن واضحة
إذ يستوجب تجسيد مبدأ الشفافية على أرض الواقع كأحد أهم وسائل التنمية الإدارية
المحلية.
2- أهداف مبدأ الشفافية
يسعى إلى تحقيق جملة من الأهداف والمقاصد أهمها :
- تمكين الجمهور من ممارسة الرقابة الشعبية على تصرفات
الإدارة ونشاطاتها، والكشف عن مواطن الخطأ والسلوكات السلبية وتشخيصها.
- نشر القيّم الفاضلة في المجتمع الإداري ومكافحة الفساد
بكل أشكاله وصوره.
- وضع المعلومات اللازمة بين أيدي المعنيين كاملة غير
منقوصة وفي زمن ووقت مناسب لتمكينهم من مباشرة الإجراءات اللازمة على الصعيد
الإداري والقضائي.
- يمكّن مبدأ الشفافية سلطة الإعلام من أن تؤدي مهامها
داخل المجتمع ويساهم في مكافحة الفساد ونشر القيّم الصالحة.
- يمكّن مبدأ الشفافية الأجهزة المختصة من سلطة تنفيذية
وسلطة تشريعية من رصد الفراغ الذي يلازم التشريع أو التنظيم في جانب أو آخر وهو ما
يفرض عليها التحرك من أجل سد هذا النقص.
- يضع مبدأ الشفافية كل أجهزة الدولة في ميزان القانون
لتقييم مدى تجسيدها لأحكامه وقواعد وتكريس مفهوم دولة الحق والقانون ودولة
المؤسسات.
3- مكانة مبدأ الشفافية في قانون البلدية
ورد تجسيد هذا المبدأ في قانون البلدية، حيث جاء في نص
المادة (11) من القانون رقم 10-11: “يتخذ المجلس الشعبي البلدي كل التدابير
لإعلام المواطنين بشؤونهم، واستشارتهم حول خيارات وأولويات التهيئة والتنمية
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويمكن في هذا المجال استعمال على وجه الخصوص
الوسائل الإعلامية المتاحة، كما يمكن المجلس الشعبي البلدي عرض نشاطه السنوي أمام
المواطنين”.
يفهم من نص المادة أنّ المجلس الشعبي البلدي لا يعمل في
إطار السريّة، بل هو ملزم بالعمل في إطار الشفافية والوضوح ويعلم المواطنين بكل
المسائل المتعلقة بالتنمية في البلدية، وهذا أمر طبيعي حتى يمارس المواطنون الرقابة
الشعبية على مداولات المجلس الشعبي البلدي.
ما جاء به قانون البلدية لسنة 2011 هو حكم جديد يتعلق
بإمكانية تقديم عرض سنوي لنشاطات المجلس الشعبي البلدي أمام المواطنين.
كذلك طبقا لنص المادة(14) منه أجازت لكل شخص الاطلاع على
مستخرجات مداولات المجلس الشعبي البلدي وكذا القرارات البلدية، كما أجازت لكل صاحب
مصلحة الحصول على نسخة منها كاملة أو جزئية على نفقته مع مراعاة أحكام المادة(56)
من قانون البلدية.
كذلك المادة (22) من قانون البلدية ألزمت أن يلصق جدول
أعمال الاجتماعات عند مدخل قاعة المداولات وفي الأماكن المخصصة لإعلام الجمهور
وفرضت المادة (26) منه أن تكون جلسات المجلس البلدي علنية، ومفتوحة لمواطني
البلدية ولكل مواطن معنى بموضوع المداولة.
وتكريسا لمؤشر الشفافية نصت المادة (97) من قانون
البلدية قاعدة عامة تتعلق بتنفيذ القرارات البلدية.
نصت صراحة كذلك عدم قابلية قرارات رئيس البلدية للتنفيذ
إلا إذا تم إعلام الأطراف المعنية بها، إمّا بوسيلة النشر إذا كان القرار يتضمن
أحكاما عامة أو بعد إشعار فردي بأي وسيلة قانونية إذا كان القرار يمس مركزا فرديا.
فرضت المادة (98) منه إرسال نسخة من هذه القرارات للوالي
خلال 48 ساعة كما فرضت إلصاقها في اللوحات المخصصة للجمهور.
ثالثا: تقوية و توسيع اللامركزية
تنص المادة 17 من دستور 1996 المعدل و المتمم، على أن
المجلس المنتخب هو قاعدة اللامركزية، ومكان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون
العمومية، كما تم التأكيد على ذلك بموجب قانون الجماعات الإقليمية، (قانون البلدية
رقم 10-11، وقانون الولاية رقم07-12) أما من الناحية العملية فإن المشاكل الحالية
التي تتخبط فيها الجماعات المحلية، ترجع أساس إلى عدم تمتعها بالاستقلالية الكاملة
في عملها و سيرها، إذ أن النظام الجزائري و إن كان يمنح بعض الصلاحيات للجماعات
المحلية، إلا انه لم يعطيها صلاحيات المناورة و التحكم و القيادة التي تقتضيها
اللامركزية، و بغياب اللامركزية الحقيقية لا يمكننا الحديث عن الحكم الراشد المحلي.[44]
إن تحقيق الحكم الراشد على المستوى المحلي و تحقيق
التنمية المحلية المستدامة و ترشيد النفقات المحلية و المبادرة بخلق الثروة على
المستوى المحلي لن يتأتى إلا من خلال إشراك المواطن بصفة فعالة كقوة حقيقية تساهم
في الرقابة على حسن استغلال الموارد المالية المخصصة لتجسيد المشاريع التنموية[45]
خاتمة
من خلال هذه الدراسة تمّ التوصل لمجموعة من النتائج
أهمها:
- ينبغي إتاحة الفرصة لكافة المواطنين والمجتمع المدني
للمشاركة أكثر سواء في صنع القرار أو في تنفيذ سياسية الدولة أو الرقابة في تسيير
المجلس الشعبي للبلدية حتى يتمكن المواطنون من المساهمة بشكل فعال في الحفاظ على
المال العام وحسن تسييره وتدبيره لتعزيز الرقابة كما ينبغي الفصل بين السلطات
الثلاث حتى تتمكن كل واحدة من ممارسة مهامها بعيدة عن أي ضغوط.
- يهدف الحكم الراشد، بمختلف ميكانيزماته، إلى تحقيق
دولة الحق والقانون والشفافية والمشاركة في تسيير الشؤون العامة في البلاد وتحقيق
الجودة السياسية.
- الحكم الراشد هو النمط الجديد الذي تفرضه الظروف
الداخلية من خلال ضرورة العمل على تحقيق تنمية مستديمة، وكذا السماح للمجتمع
المدني بالمشاركة السياسية في صنع وتنفيذ السياسات العامة، وكما يسمح هذا النمط من
الحكم بمعرفة بيئات العالم الخارجي والتكيّف مع المتغيّرات الدولية.
- يعد تأطير الإدارة المحلية أحد الشروط الأساسية لتحقيق
الحكم الراشد وتجسيد الإصلاحات ميدانيا، لذا من المفروض الرفع من مستوى تأطير
الجماعات المحلية وتحسين القانون الخاص بموظفيها.
- إنّ تحقيق متطلبات الحكم الراشد في أي نظام سياسي وفي
أيّ دولة معيّنة كفيل بتحقيق تسيير المجالس المنتخبة من قبل الشعب وتحقيق التنمية،
غير أنّ غياب هذه المتطلبات قد تقلص من مصطلحات الحكم الراشد حيث انتشر الفساد
داخل المجتمع ممّا يؤدي إلى تدهور المجتمع من جراء سوء التسيير، ولا شك أنّ المنظومة القانونية قد
تكون أحد الحلول لكن تبدو غير كافية إلى ضمان حكم راشد حقيقي الذي هو شعار ترفعه
الدول لكن لا نجد أثره في الميدان.
وعليه فان ترشيد الإدارة المحلية الجزائرية صار إحدى
أولويات النظام السياسي الجزائري و لكن نجاح العملية الإصلاحية لا تتم عن طريق
تغيير النصوص القانونية بقدر ما تتم عن طريق مساهمة السلطة السياسية و جهود
المواطنين، وذلك من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وهذا يتطلب ضرورة إتباع أساليب
المسائلة و الشفافية و القضاء على المحسوبية والرشاوي والبيروقراطية، و توسيع
المشاركة الشعبية و ضمان الحقوق و الحريات الفردية و الجماعية.
[1] الكر محمد، بن مرزوق عنترة، الحكم الراشد و
إصلاح الإدارة المحلية الجزائرية... بين المعوقات و المتطلبات، مجلة البحوث
السياسية و الادارية ،الصادرة عن جامعة زيان عاشور بالجلفة، المجلد 02 العدد 01، 2013، ص40.
[2] نور الدين بن براهم،
الشراكة بين الحكم المدني والحكم الراشد (... مفاهيم ... وآليات ،)... مجلة الفكر
البرلماني، العدد 15، فيفري 2007، ص 187- ص 191.
[3] Laminemondiansréflexionautour
de concept de gouvernance, communication présentédansprojetconsolider et
élargir la communication citoyenne pour unegouvernancedémocratique au
SénégalDAKARCesti : 06-09 Mai 2008. P 03 , Sur Site web
:
http// : www.information-citoyenne.org
[4] قلاتي عبد الكريم،
الاستقرار السياسي وعلاقته بالحكم الراشد والتنمية المستدامة ،مجلة الفكر
البرلماني، عدد 23، جويلية 2009، ص 51- ص 71.
[5] أ. د. عمار بوضياف
،شرح قانون البلدية، الطبعة الأولى ، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر ،2012، ص 134.
[6] نفس المرجع، ص 134.
[7] نفس المرجع، ص 135.
[8] لمزيد من التفاصيل أنظر: د. نصر الدين بن
طيفور، أي دور للمجتمع المدني في تسيير الشؤون العامة؟ ،المجلة النقدية للقانون
والعلوم السياسية، العدد 01، سنة 2011، عن كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي
وزو، ص32 ص 49.
[9] هناك مدرستان للحكم الجديد، الصالح، الراشد،
الأولى ترى أنّه يعبّر عن شكل سياسي لنظام الحكم وأسلوب صنع السياسة، بما ينصرف
إلى القواعد الأساسية المألوفة للديمقراطية مثل: سيادة القانون، والتعددية
السياسية والاجتماعية والتسامح والتعبير الحر، حريات وحقوق المواطنة ...أمّا
المدرسة الثانية فتعتبر المفهوم عنوانا لمنظومة أساليب وخطوات الإصلاح السياسي
والاجتماعي ككل، مثل اعتماد آليات المحاسبة في مواجهة السلطات العامة، والمطالبة
بتوفير مظاهر الشفافية في مؤسسات صنع القرار وتقييم نوعية الحكم الراشد من زاوية
الالتزام بسيادة القانون وقدرته على تعزيز الفرص والميل إلى المشاركة واحترام حقوق
الإنسان ومحاربة ومكافحة الفساد.
[10] أ. د. عمار بوضياف، مرجع سبق ذكره، ص 138.
[11] د. خالد سمارة الزعبي، تشكيل المجالس المحلية
وأثراه على كفايتها في نظم الإدارة المحلية (دراسة مقارنة)، الطبعة الثالثة، مكتبة
دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن ، 1993 ، ص19.
[12] د. علي الصاوي، دور الصياغة التشريعية
الرشيدة في سن النص القانوني العادل وتقنين أسس الحكم الراشد، مجلة الفكر
البرلماني ، العدد 19، مارس 2008،ص 188.
[13] رسالة مجلس الامة: انتخابات افريل 2009 الرئاسية،
الفكر البرلماني ، العدد 23، جويلية 2009، ص 07 ص 08.
[14] المزيد من التفاصيل بخصوص الادارة المحلية
انظر:
- د/ علي خطار شنطاوي ، الادارة المحلية ، الطبعة الأولى ، دار وائل للنشر،
الأردن، 2002.
- كذلك د. سامي جمال الدين، أصول القانون الادارين نشأة المعارف
بالاسكندرية، القاهرة ، 2009.
[15] د. همار بوضياف، مرجع سبق ذكره، ص 138 ص 139.
[16] للمزيد في سياق التطور التاريخي للمؤسسات
المحلية في الجزائر:
راجع: أ. محمد العربي سعودي، المؤسسات المحلية في الجزائر (الولاية
والبلدية)(15-16 1962)، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، 2011.
[17] نور الدين بن براهم، مرجع
سابق ذكره، ص189.
[18] أ.د. عمار بوضياف، مرجع سبق ذكره، ص 139 ص
140.
[19] نفس المرجع، ص 141.
[20] راجع المواد 144، 145، 146 ، 147، 148، من
القانون رقم 10-11، المؤرخ في 22 جوان 2011 المتعلق بالبلدية، الجريمة الرسمية،
عدد رقم 37، سنة 2011.
[21] قلاتي عبد الكريم، مرجع سبق ذكره، ص56، ص 57.
[22] أ. حميدوش علي، الحكم الراشد كسبيل لمكافحة
الفساد على الصعيد الوطني، مداخلة في الملتقى الوطني حول مكافحة الفساد وتبييض
الأموال، يومي 10 و 11 مارس 2009، كلية الحقوق بجامعة مولود معمري، تيزي وزو ،
ص09.
[23] قلاتي عبد الكريم، مرجع سبق ذكره، ص 55
[24] أ. دعمار بوضياف، مرجع سبق
ذكره، ص 142.
[25] EssaidTaib, l’administration
locale Algérienne : les Enjeux de la décentralisation. Revue Algérienne, volume
42 N° 01, l’année 2005, page 53 et 54.
[26] أ. علاء الدين عيشي، شرح
قانون البلدية (القانون رقم 10-11) المؤرخ
في 22جوان 2011المتعلق بالبلدية، دار الهدى الجزائر، سنة ،2011 ،ص 04 ص12.
[27] أ. د. عمار بوضياف،
مرجع سبق دكره، ص 142
[28] لمزيد من المعلومات
أنظر:
فوزي أوصديق، دراسات دستورية والعولمة (الجزائر نموذجا)،
الطبعة ،02 دار الفرقان، الجزائر ،2001 ص .35
- أكده المشرع الجزائري بمقتضى الدستور طبقا للمادة: 29 ،46 ،47
،242 منه.
- ب ل "الملتقى الوطني حول دولة القانون،"
حماية المواطنين من غبن الإدارة، تيزي وزو، جريدة الشعب، بتاريخ 08مارس 1997 .
[29] لمزيد من الإيضاح راجع:
-
د. أعمر يحياوي، المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة في القانون الدولي والتشريع
الجزائري، دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع، تيزي وزو، الجزائر ،2010 ص
.139
-
د. حمود حمبلي، حقوق الإنسان (بين النظم الوضعية والشريعة الإسلامية)، الطبعة ،04 ديوان
المطبوعات الجامعية، الجزائر، ،1995 ص 64 ص71.
[30] الكر محمد، بن مرزوق عنترة، الحكم الراشد
وإصلاح الإدارة المحلية الجزائرية بين المعوقات والمتطلبات، مجلة البحوث السياسية
والإدارية، العدد 2 ص 50
[31] قانون رقم 06-06ا لمؤرخ في: 20/02/2006 يتضمن القانون
التوجيهي للمدينة، الجريدة الرسمية العدد
15المؤرخة في: 12/03/2016.
[32] أ. حميدوش علي، مداخلة بعنوان: الحكم الراشد
كسبيل لمكافحة الفساد على الصعيد الوطني، مرجع سبق ذكره، ص 01 ص 10
[33] راجع المواد من القانون رقم 10-11 المؤرخ في 22 يونيو 2011 المتعلق
بالبلدية، الجريدة الرسمية، عدد 37، 2011.
[34] أ. د. عمار بوضياف، مرجع سبق ذكره، ص 148.
[35] المادة الثانية من قانون رقم 10-11 المؤرخ في 22 يونيو 2011 المتعلق بالبلدية، الجريدة
الرسمية عدد 37 المؤرخة في 03 يونيو 2011.
[36] أ. علاء الدين عشي، شرح قانون البلدية، مرجع سبق ذكره، ص 06.
[37] يرى الأستاذ: «سليمان محمد الطماوي ّ( أن
الانتخاب ضروري لقيام نظام اللامركزية
بقوله : أن جوهر الإدارة المحلية أن يعهد إلى أبناء الوحدة المحلية
الإدارية أن يشبعوا حاجاتهم المحلية بأنفسهم وأن يقوم بذلك من ينتخبونه نيابة عنهم).
سليمان
محمد الطماوي، الوجيز في القانون الإداري، دراسة مقارنة، دار الفكر العربي،
القاهرة، ،1982ص 57.
[38] أ.تيسمبال رمضان، استقلالية الجماعات المحلية
في الجزائر وهم أو حقيقة؟، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، عن جامعة مولود معمري، تيزي
وزو، تاريخ المناقشة ،02/06/2009 ، ص25 ص
36.
[39] أ. عادل بوعمران و أ. كمال دعاس، استقلالية
الجماعات المحلية: مدلولها، معاييرها وبيان مستلزماتها، مقال بمجلة المعارف،
عدد ،08 جوان،2010 تصدر عن المركز الجامعي
بالبويرة،ص 23 ص 24.
[40] راجع: القانون العضوي رقم 01-12 المؤرخ في 12 يناير 2012 المتعلق بنظام الانتخابات،
الجريدة الرسمية، العدد 01، سنة 2012.
[41] أ. د. عمار بوضياف، مرجع سبق ذكره، ص 160.
[42] أ. شعبان فرج، الحكم
الراشد كمدخل لترشيد الإنفاق الحكومي، مرجع سبق ذكره، ص 127.
[43] أ. د. عمار بوضياف، مرجع سبق ذكره، ص 161.
[44] نادية ضريفي، عبد الوهاب دراج،الحكم الراشد
كأساس للإصلاح و ترقية الخدمة العمومية المحلية في الجزائر، مجلة العلوم القانونية
و الاجتماعية جامعة
زيان عاشور بالجلفة، المجلد 4 ،العدد 2 جوان 2019 ص 181.
[45] سليماني السعيد، الديمقراطية التشاركية كآلية
لتجسيد الحكم الراشد، المجلة الأكاديمية للبحث القانوني ،تصدر عن كلية الحقوق
والعلوم السياسية بجامعة
عمار ثليجي بالأغواط، العدد 2، 2018، ص100.
***
قائمة المراجع :
أولا: باللغة العربية
أ- الكتب
1- أعمر يحياوي، المساواة في الحقوق بين
الرجل والمرأة في القانون الدولي والتشريع الجزائري، دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع،
تيزي وزو، الجزائر، 2010.
2- حمود حمبلي، حقوق الإنسان (بين النظم الوضعية والشريعة
الإسلامية،) الطبعة 04 ، ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر، 1995.
3- خالد سمارة الزغبي، تشكيل المجالس
المحلية وأثره على كفايتها في نظم الإدارة المحلية (دراسة مقارنة،) الطبعة 03 مكتبة
دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، 1993.
4- سامي جمال الدين، أصول القانون
الإداري، نشأة المعارف بالإسكندرية، القاهرة، 2009.
5- سليمان محمد الطماوي، الوجيز في القانون الإداري، دراسة مقارنة،
دار الفكر العربي، القاهرة، 1982.
6- علاء الدين عشي،
شرح قانون البلدية (القانون رقم 10-11) المؤرخ في 22 جوان، 2011 المتعلق بالبلدية،
دار الهدى،الجزائر،
2011.
7- علي خطار شنطاوي، الإدارة
المحلية، الطبعة 01 دار وائل للنشر، الأردن، 2002.
8- عمار بوضياف، شرح قانون
البلدية، الطبعة 01 جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2012.
9- عمار عوابدي، القانون
الإداري، الجزء الأول: النظام الإداري، الطبعة 05 ديوان المطبوعات الجامعية،
الجزائر، 2008.
10- فوزي أوصديق، دراسات
دستورية والعولمة (الجزائر نموذجا) الطبعة 02 دار الفرقان، الجزائر، 2001.
11- محمد العربي سعودي،
المؤسسات المحلية في الجزائر (الولاية والبلدية) 1516-1962 الطبعة ،02 ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،2011.
جـ- المقالات
1- عادل بوعمرانو كمال دعاس، استقلالية الجماعات المحلية: مدلولها،
معاييرها وبيان مستلزماتها، مقال بمجلة المعارف،
عدد 08 جوان 2010 تصدر عن المركز الجامعي بالبويرة.
2- علي الصاوي، دور الصياغة التشريعية
الرشيدة في سن النص القانوني العادل وتقنين أسس الحكم الراشد، مجلة الفكر
البرلماني، العدد 19، مارس 2008.
3- قلاتي عبد الكريم، الاستقرار السياضي
وعلاقته بالحكم الراشد والتنمية المستدامة، مجلة الفكر البرلماني، العدد 23،
جويلية 2009.
4- نصر الدين بن طيفور، أي دور للمجتمع
المدني في تسيير الشؤون العامة؟ ، المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية ،العدد
01، سنة 2011، عن كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي وزو.
5- نور الدين بن براهم، الشراكة بين
المجتمع المدني والحكم الراشد (... مفاهيم ... وآليات ...)، مجلة الفكر البرلماني
،العدد 15، فيفري 2007.
6- رسالة مجلس الأمة: انتخابات أفريل 2009
الرئاسية، الفكر البرلماني، العدد 23، جويلية 2009.
7- الكر محمد، بن مرزوق عنترة، الحكم
الراشد و إصلاح الإدارة المحلية الجزائرية... بين المعوقات و المتطلبات، مجلة
البحوث السياسية و الإدارية، الصادرة عن جامعة زيان عاشور بالجلفة، المجلد 02 العدد 01، 2013.
8- نادية ضريفي، عبد الوهاب دراج،الحكم
الراشد كأساس للإصلاح و ترقية الخدمة العمومية المحلية في الجزائر، مجلة العلوم
القانونية و الاجتماعية جامعة زيان عاشور بالجلفة، المجلد 4، العدد 2 جوان 2019
9- سليماني السعيد، الديمقراطية التشاركية
كآلية لتجسيد الحكم الراشد، المجلة الأكاديمية للبحث القانوني ،تصدر عن كلية الحقوق
والعلوم السياسية بجامعة عمار ثليجي بالأغواط، العدد2، 2018.
هـ- الملتقيات
1- ب.ل “الملتقى الوطني حول دولة
القانون”، حماية المواطنين من غبن الإدارة، تيزي وزو، جريدة الشعب، بتاريخ 08 مارس
1997.
2- حميدوش علي، مداخلة بعنوان: الحكم
الراشد كسبيل لمكافحة الفساد على الصعيد الوطني، الملتقى الوطني حول مكافحة الفساد
وتبييض الأموال، يومي 10 و 11 مارس 2009، كلية الحقوق بجامعة مولود معمري، تيزي
وزو.
د- النصوص القانونية
1- دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية
الشعبية لسنة 1996 منشور بموجب مرسوم رئاضي رقم 98-488 مؤرخ في 07 ديسمبر 1996، الجريدة الرسمية عدد 76 الصادر في 08/12/1996، المتمم
بقانون رقم 03/02 مؤرخ في 10 أفريل 2002، الجريدة الرسمية عدد 25، الصادر بتاريخ
14 أفريل 2002، والمعدّل بالقانون 08-19 مؤرخ في 15 نوفمبر 2008، الجريدة الرسمية
عدد 63 الصادر في 16 نوفمبر 2008، المعدل بالقانون رقم 16-01 المتضمن تعديل
الدستور المؤرخ في 6 مارس 2016، الجريدة الرسمية العدد 14 الصادر بتاريخ 7 مارس
2016.
2- القانون رقم 11-10، المؤرخ في 22 جوان
2011 المتعلق بالبلدية، الجريدة الرسمية عدد 37، المؤرخة بتاريخ 03 يوليو 2011.
3- القانون
العضوي رقم 01-12 المؤرخ في 12 يناير 2012 المتعلق بنظام الانتخابات، الجريدة
الرسمية عدد 01 سنة 2012.
ب- المذكرات الجامعية
تيسمبال رمضان، استقلالية الجماعات المحلية في الجزائر وهم أم حقيقة؟
، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، عن
جامعة مولود معمري، تيزي وزو، تاريخ المناقشة 02/06/2009.
ثانيا: باللغة الفرنسية
Les Articles
EssaidTaib, l’administration locale
Algérienne : les Enjeux de la décentralisation. Revue Algérienne, volume 42 N° 01, l’année 2005.