تقادم الدعاوى الناشئة عن الشركة
لا تنتهي مسؤولية الشركاء بانتهاء
التصفية وانقضاء الشخصية المعنوية للشركة بل تبقى قائمة طالما كان هنالك حقوق لم
يتقاضوها دائني الشركة أثناء التصفية وما على هؤلاء سوى الرجوع على الشركاء أنفسهم
أو ورثتهم أو ذوي حقوقهم لإستيفاء ديونهم كالدعاوى التي يقيمونها لمطالبة الشركاء
بديون الشركة المنحلة والتي نشأت أثناء حياة الشركة أما الدعاوى التي نشأت عن
التصفية أو القسمة فلا يسري التقادم الخماسي بشأنها إلا من تاريخ انتهاء التصفية
واختتام القسمة، وبما أن الحياة التجارية قوامها السرعة والائتمان فقد أخذ المشرع
الجزائري بالتقادم القصير المدى في كل الدعاوى المرفوعة ضد الشركاء غير المصفين أو
ورثتهم أو ذوي حقوقهم، بحيث لا يمكن أن تتجاوز مدة خمس سنوات ابتداء من تاريخ نشر
انحلال الشركة في السجل التجاري، وذلك بسبب أن التقادم القصير قد قرره المشرع
لمصلحة الشركاء أنفسهم لا لمصلحة دائني الشركة حتى يتسنى تصفية الآثار المتبقية من
الشركة المنحلة وذلك خروجا على القواعد العامة هذا ما جاءت به المادة 777 من
القانون التجاري الجزائري بقولها: "تتقادم كل الدعاوى ضد الشركاء غير المصفين
أو ورثتهم أو ذوي حقوقهم بمرور خمس سنوات اعتبارا من نشر انحلال الشركة بالسجل
التجاري"، وبناء على هذا النص فإن التقادم الخمس لا يسري على الشريك المصفي
قبل دائني الشركة ويستوي في ذلك الدعاوى المرفوعة عليه بصفته كمصفي أو تلك التي
رفعت عليه كشريك، وبالتالي تطبق عليه القواعد العامة الخاصة في التقادم المسقط والتي
لا تسقط فيها الدعاوى إلا بانقضاء خمسة عشرة سنة وفقا لأحكام المادة 308 من
القانون المدني الجزائري، وهذا حكم غير منطقي وغير عادل لأنه لا يستوي بين الشركاء
وفضلا عن ذلك يجعل من الشريك المصفي وكأنه شخص أجنبي عن الشركة مما يستوجب من
المشرع إعادة صياغة نص المادة 777 بما يتماشى مع التفرقة بين الدعاوى التي ترفع
على الشريك المصفي بوصفه شريكا وتلك التي ترفع عليه بصفته مصفيا، كما أن التقادم
الخماسي لا يسري على الدعاوى التي ترفع من قبل دائني الشركة على الشركة كشخص
معنوي، أو دعاوى الشركة على الشركاء، أو تلك التي يرفعها الشركاء بعضهم على البعض
الآخر أو دعاوى لمصفي على الغير كمديني الشركة بإيفاء ما يترتب عليهم من ديون في
ذمة الشركة، ومتى اكتملت المدة القانونية لمرور الزمن بالتقادم المسقط على هذه
الديون ينتج عن اكتمالها قرينة على إبراء ذمة المدينين ابرءا لا يمكن دحضه بأي
دليل معاكس، ومهما يكن من أمر فلكي يبدأ التقادم الخماسي المنصوص عليه في المادة
777 من القانون التجاري الجزائري يجب أن تحقق عدة شروط وهي:
1- أن تكون الشركة تجارية قد انقضت
وانحلت وهذا مهما كان شكل الشركة أو نوعها سواء كانت شركة أشخاص أو شركة أموال ما
عدا شركة المحاصة التي تخضع للتقادم الطويل بسبب عدم تمتعها بالشخصية المعنوية كما
قدمنا سالفا، فإذا كانت الشركة مستمرة فلا مجال لسريان التقادم الخماسي إذ تظل
مسئولية الشركاء عن ديونها قائمة مهما مر الزمن.
2- يجب لكي يسري التقادم الخماسي أن
يتم شهر انقضاء الشركة بالطرق القانونية وذلك في الحالات التي يتطلب فيها القانون
ذلك الشهر، ويعني ذلك أنه إذا لم يتم شهر انقضاء الشركة فإن التقادم الخماسي لا
يسري عليها ما بقى انحلال الشركة دون إشهار.
3- لا يبدأ التقادم الخماسي إذا نشأ
الدين أو استحق بعد انقضاء الشركة إلا من تاريخ نشأة الدين أو استحقاقه لا من
تاريخ انقضاء الشركة.
المرجع:
- أ.عمورة عمار، شرح القانون التجاري الجزائري، دار المعرفة، الجزائر، 2016، من ص173 إلى ص174.