مفهوم الجريمة الجمركية
الجريمة هي فعل غير مشروع وهي اعتداء على المصلحة العامة
واعتداء على الدولة وعلى النظام العام أكثر من الفرد، حيث أعطى الفقه للجريمة
تعريفا متفق عليه أن الجريمة هي ذلك النشاط غير المشروع سواء بعمل أو امتناع عن
العمل يقرر له القانون عقوبة أو تدبر أمنه يأتيه الشخص عن عمد أو إهمال والجريمة
الجمركية بدورها لا تخرج عن هذا التعريف فهي عمل أو إمساك عن عمل يتم بخرق النصوص
القضائية بقمعها.
وعليه نتطرق ضمن هذا المحور إلى تعريف الجريمة الجمركية
(أولا)، وأركان قيامها (ثانيا).
أولا: تعريف الجريمة الجمركية
إن دراسة المنازعات الجمركية تقتضي بالضرورة التعريف
بالجرائم الجمركية في مختلف صورها، الأمر الذي يجعلنا نتناول الموضوع من ناحيتين،
من جهة نتطرق إلى تصنيف الجرائم الجمركية حسب طبيعتها الخاصة، ومن جهة أخرى
تصنيفها حسب تكييفها الجزائي.
للجريمة الجمركية تعاريف عديدة منها: التعريف القانوني،
التعريف الفقهي.
أ- التعريف القانوني
لقد نصت المادة 240 من ق. ج.ج على أنه: «يشكل جريمة
جمركية كل انتهاك للقوانين والأنظمة التي كلفت إدارة الجمارك بتطبيقها ويعاقب
قانون الجمارك عليه».
وهذا الانتهاك للقانون الجمركي قد يتمثل في الفعل
إيجابي، كتهريب البضائع عبر الحدود، أو في عمل سلبي، كعدم التصريح بالبضائع أو عدم
إحضارها أمام الجمارك عند الاستيراد أو التصدير، ومن هنا يمكن تعريف الجريمة
الجمركية بأنها: " كل فعل إيجابي أو سلبي يتضمن إخلالا بالقوانين واللوائح
الجمركية ويقرر المشرع من أجله عقوبة ".
ب- التعريف الفقهي
عرفها بعض الفقهاء بأنها: "كل إخلال بالقانون أو
النظم الجمركية"، وقد عرفها البعض الآخر أنها: "كل عمل إيجابي
يتضمن إخلال بالقوانين واللوائح الجمركية ويقدر الشارع (المشرع) من أوجه
عقوبة".
ثانيا: أركان الجريمة الجمركية
1- الركن الشرعي
يمثل الركن الشرعي للجريمة الجمركية في نص القانون الذي
يجرم ويعاقب على الفعل المرتكب إخلالا بالقوانين واللوائح الجمركية، بحيث لا يمكن
أن يوصف فعل ما بأنه جنحة أم مخالفة جمركية إلا بوجود نص قانوني أو تنظيمي يفرض
الامتناع أو الالتزام المستهلك ويقرر عقوبة على ذلك.
إضافة إلى المبدأ العام المنصوص عليه في قانون العقوبات
لا جريمة ولا عقوبة أو تدبير أمن بغير قانون، نجد قانون الجمارك في تناوله لتعريف
المخالفات الجمركية سواء في المادة 05/11 أو نص المادة 240 مكرر منه أنها خرقا
للقوانين والأنظمة التي تتولى إدارة الجمارك تطبيقها، والتي ينص هذا القانون على
قمعها.
وعليه نستنتج أن الركن الشرعي في الجريمة الجمركية هو
مخالفة للقوانين التي تطبقها إدارة الجمارك بشرط أن يكون منصوص على العقوبة في
قانون الجمارك.
2- الركن المادي
يتمثل الركن المادي للجريمة الجمركية في مخالفة الالتزام
الجمركي الذي يقوم على توافر علاقة قانونية من ضريبة وغيرها بين الفاعل والدولة
كشخص معنوي، يكون فيها الفاعل أم المتهم طرفا سلبيا باعتباره المدين في هذه
العلاقة، وبمقتضاها يقع على عاتقه التزام جمركي بالقيام بالعمل أو الامتناع عن
العمل، وبمخالفة هذا الالتزام تقع الجريمة الجمركية.
ويتكون الركن المادي للجريمة الجمركية في عدة عناصر هي:
- صدور فعل أو سلوك مادي يتمثل في فعل إيجابي، كاستيراد
أو تصدير بضائع خارج المكاتب الجمركية (م324 ق ج).
الإدلاء بالتصريحات مزورة من حيث نوع البضاعة أو قيمتها
أو سلوكا سلبيا يتمثل في الامتناع عن القيام بإجراء معين يفرضه القانون، كالسهو في
تقديم البيانات التي تتضمنها التصريحات الجمركية م319 ق ج، وعدم الوفاء
بالالتزامات المكتتبة كليا أو جزئيا م 320 ق ج.
3- الركن المعنوي
على خلاف القانون العام الذي يفرض وجود قصد جنائي، أي
توفر العلم، الإدراك والإرادة لدى الفاعل، الأمر يختلف في مجال الجمركي، حيث أن
المشرع الجمركي خرج عن المبدأ العام بنصه صراحة في نص المادة 281 من قانون الجمارك
رقم 98-10 على عدم جواز تبرئة المخالفين من طرف القاضي استنادا إلى نيتهم، وإن
كانت قد سمحت له في فقرتها الثانية بإمكانية إفادتهم بالظروف المخففة وفقا لنص
المادة 53 من قانون العقوبات فيما يخص عقوبة الحبس، وفيما يخص العقوبات الجنائية
إعفاء المخالفين من مصادر ووسائل النقل بشرط ألا تكون أعمال التهريب متعلقة ببضائع
المحظورة وفقا للفاتورة الأولى من نص المادة 21 من قانون الجمارك السابق وهو ذات
المبدأ الذي أكدته المادة 281 من قانون الجمارك الجديد 17-04، مما يعني أن
المسؤولية الجزائية في المواد الجمركية تقوم بدون قصد وبدون خطأ، ففعالية التي
يتطلبها التشريع الجمركي في الدفاع على مصالح الخزينة العمومية جعل الطبيعة
المادية هي السمة الغالبة على الجرائم الجمركية.
ثالثا: أصناف الجرائم الجمركية
تتمثل الجرائم الجمركية المعاقب عليها في القانون
الجمارك الجزائري في المخالفات والجنح والجنايات، وفقا لنص المادة 318 من قانون
رقم 17-04 الجديد التي تنص على "تنقسم الجرائم الجمركية إلى درجات مند
المخالفات والجنح، دون الإخلال التي يمكن أن تنص عليها قوانين خاصة " أي
الجنايات التي نص عليها الأمر رقم 05-06 المتعلق بمكافحة التهريب.
1- المخالفات الجمركية
وردت المخالفات الجمركية في القانون الجمارك في المواد
من 319 إلى 322، وتنقسم إلى درجات حسب المادة 130 من قانون الجمارك الجديد المعدلة
بأحكام المواد 318 و318 مكرر و319 و320 و324 و325.
المادة 319: مخالفة من الدرجة الأولى.
المادة 320: مخالفة من الدرجة الثانية.
المادة 321: مخالفة من الدرجة الثالثة.
المادة 322: مخالفة من الدرجة الرابعة من قانون 98-10.
من خلال نصوص المواد نستنتج أن المخالفات من الدرجة
الأولى فهي تتعلق بالتصريحات لدى الجمارك وهي نوعين.
النوع الأول: يتعلق بعدم
تقديم التصريحات في موعدها مثال على ذلك عدم تقديم ربان السفينة التصريحات
بالحمولة المعدة للتفريغ وكل الوثائق التي قد تطالب بها إدارة الجمارك خلال 24
ساعة من وصول السفينة إلى الميناء.
النوع الثاني: يتمثل في عدم
صحة المعلومات الواردة في التصريحات مثال على ذلك كل سهو أو عدم صحة البيانات التي
تتضمنها التصريحات الجمركية.
أما المخالفات من الدرجة الثانية فهي متعلقة بالتعهدات
المكتبية سواء ما تعلق بالأنظمة الاقتصادية الجمركية، وهي المخالفات التي يكون
الهدف منها التملص من تحصيل الحقوق والرسوم أو التغاضي عنها، وكذلك المخالفة
المرتكبة بمناسبة نقل البضائع الموضوعية تحت غطاء العبور نص المادة 320 من قانون
الجمارك الجديد رقم 17-04.
أما المخالفات من الدرجة الثالثة تتمثل في مخالفات تتعلق
ببضائع محظورة أو خاضعة لرسم مرتفع، ما عدا السلاح، المخدرات.
ويتعلق الأمر بتقديم عدة رزم أو طرود مغلقة كوحدة في
التصريحات الموجزة، وكذلك المخالفات المضبوطة عند المراقبة الجمركية للمظاريف
البريدية المرسلة من شخص إلى آخر، أو يتعلق الأمر بالتصريحات المزورة من طرف
المسافرين، عندما تتعلق بالأسلحة أو المخدرات أو أية بضاعة محظورة.
أما المخالفات من الدرجة الرابعة هي مخالفات تتعلق
ببضائع غير محظورة وغير خاضعة لرسم مرتفع، مرتكبة بواسطة فواتير أو شهادات أو
وثائق أخرى مزورة.
لقد وردت في المادة 322 من قانون الجمارك، ويتعلق الأمر
بالتصريحات المزورة من حيث نوع البضاعة أو قيمتها أو منشأتها، أو التصريحات
المزورة في تعيين المرسل إليه الحقيقي.
2- الجنح الجمركية
نص المشرع الجمركي عليها في نص المادة 325 و325 مكرر من
قانون رقم 17-04، بحيث قسم الجنح الجمركية إلى جنح من الدرجة الأولى، الجنح
الجمركية أثناء عملية الفحص والمراقبة أي أعمال الاستيراد والتصدير بدون تصريح، أو
بتصريح مزور، والتي تمت معاينتها خلال عمليات الفحص أو المراقبة.
أما الجنح من الدرجة الثانية، أثارت إليها المادة 325
مكرر الالكترونية وأدى إلى إلغاء أو تعديل أو إضافية معلومات أو برامج في النظام
المعلوماتي الجمركي يكون نتيجة التملص عن حق أو رسم أو أي مبلغ آخر مستحق، أو
الحصول بدون وجه حق على أي امتياز آخر...إلخ.
كذلك التصريحات الخاطئة للبضائع المنصوص عليها في الفقرة
الأولى من المادة 21 من القانون المذكور سابقا من حيث النوع أو القيمة أو المنشأة
(المادة 225 ق.ج الجديد).
3- الجنايات الجمركية
وفقا لنص المادة 324 من قانون الجمارك رقم 17-04 يقصد
بالتهريب تطبيق الأحكام التالية:
- استيراد البضائع او تصديرها خارج مكاتب الجمارك، خرق
أحكام المواد 51 و53 مكرر و60 و62 و64، و221 و222، 223 و225 و225 مكرر و226 من هذا القانون، تفريغ وشحن البضائع
غش، لا تعد الأفعال المذكورة في هذه المادة أو خرق أحكام المواد أعلاه، تهريبا
عندما يقع ببضائع قليلة القيمة في مفهوم المادة 288 من هذا القانون، بالإضافة إلى
أمر رقم 06-05 المتعلق بمكافحة التهريب.
المرجع:
د. لوني نصيرة، محاضرات في المنازعات الجمركية، موجهة
لطلبة السنة الأولى ماستر، تخصص قانون إداري، جامعة آكلي
محند أولحاج - البويرة، السنة الجامعية 2018-2019، ص8 إلى ص14.