حماية حقوق الإنسان في الجزائر
ان
تقرير حقوق الإنسان وجعلها موضع التطبيق في تطور ملموس على الصعيد الدولي
والاقليمي، ولكن هذه المسيرة لن تعطي ثمارها، إلا بضمان إقرار الحقوق وادماجها في
التشريعات الوطنية، وإيجاد المكانة الدستورية المناسبة لها، وذلك أضمن وأقصر طريق
لحماية حقوق الإنسان وعلى هذا الاساس نتناول حقوق الانسان في الجزائر بما لها وما
عليها.
المطلب الأول: النصوص القانونية لحماية حقوق الإنسان في الجزائر
ادرجت
الحقوق والحريات الأساسية الواردة في المواثيق الدولية، في مختلف الدساتير والتشريعات الجزائرية، وهو ما يبين سعي الجزائر إلى تكريس
ما ورد من مبادئ دولية في القوانين الوطنية.
الفرع الاول: تكريس حقوق الإنسان في الدساتير الجزائرية -دسترة حقوق الانسان-
عرفت
الجزائر منذ الإستقلال أربعة دساتير، جاء كل منها في سياق سياسي وإقتصادي وإجتماعي
خاص، إلا أنها تشير لتمسك الجزائر بمبادئ حقوق الإنسان المعلن عنها في المواثيق
الدولية.
أولا: دستور 1963 تضمن نصوصا تؤكد على أهمية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للمواطن
سواء كانت سياسية، إجتماعية، ثقافية أو إقتصادية إلا أن هذا الدستور لم يتم تطبيقه
في العديد من المجالات، نظرا لإحتكار السلطة من الحزب الواحد، ونظرا لتبني الإتجاه
الإشتراكي.
ثانيـا: دستور 1976 جاء دستور 1976 ليؤكد على أهمية حقوق الإنسان
والحريات الأساسية ولياكد ايضا على التوجه الإشتراكي، ونظام الحزب الواحد.
والملاحظ
هنا بالنسبة للتجربة الدستورية الجزائرية قبل 1989 ان حقوق الإنسان لم تشكل أولوية
في أعين من حكموا الجزائر، لان الأهمية حسبهم أعطيت لبناء الدولة، والحفاظ على
الوحدة الوطنية -- بتكريس الملكية العامة والأحادية الحزبية – باختصار كان ينظر
لحقوق الإنسان على نتاج الحضارة الغربية -خصوصا السياسية- وانها ليست ضرورية في
بلد مازال يحتاج إلى أساسيات الحياة.
ثالثـا: دستور 1989: رسم
دستور 1989 معالم تغيير نظام الحكم من إتجاه إشتراكي إلى رأسمالي إقتصاديا ومن
احادي الي تعددي سياسيا وإشتمل الدستور على عدة مواد تكرس الحقوق والحريات ونتيجة
لصعوبة تطبيق هذه المبادئ واقعيا- الانتقال المفاجئ ادى لبروز صراع دموي- ، دخلت
الجزائر في مرحلة تسودها التجاوزات والإضطرابات الامنية والسياسية وقد نتج عنها،
إعلان حالة الطوارئ...
رابـعا: دستور 1996- : يسعى
دستور 28 نوفمبر 1996 إلى بناء ما يسمى ب "دولة الحق والقانون"، وقد جاء
الفصل 04- من الباب الاول- في الدستور مخصصا بكامله لحقوق الإنسان والحريات.
وتضمنت المادة 32 مبدا جوهريا هو ان الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن تشكل
الموروث المشترك لكل الجزائريين والجزائريات. كما تنص المادة 178 في فقرتها
الخامسة على أنه لا يمكن لأي تعديل دستوري المساس بالحريات الأساسية ولا بحقوق
الإنسان والمواطن.
يؤكد
دستور 1996 في ديباجته بأن الشعب الجزائري، قد ناضل دوما في سبيل الحرية
والديمقراطية وان له القدرة على تحقيق العدالة والمساواة وضمان الحرية لكل فرد،
وأن الدستور فوق الجميع، وهو القانون الأساسي الذي يضمن الحقوق والحريات الفردية
والجماعية. ومن الحقوق المكرسة في دستور 1996 نذكر مايلي:
1- الحقوق السياسية و المدنية
– مبدأ
وحق المساواة المادة 29
يعتبر
مبدأ وحق المساواة الاساس الذي تستند إليه جميع الحقوق والحريات في الوقت الحاضر
-العدل أساس الملك- والمساواة تكون في الحقوق والواجبات.
المساواة في الحقوق - مثل المساواة في الحقوق السياسية المساواة
في تولي الوظائف العامة وفي الانتفاع بخدمات المرافق العامة، و المساواة أمام
القضاء.
وبالنسبة للمساواة أمام التكاليف
والاعباء العامة مثل – المساواة في أداء الخدمة العسكرية والمساواة في دفع
الضرائب
– الحق
في الجنسية المادة 30* الحق في الأمن و في السلامة الجسدية المادة 34 والمادة 47:"لا يتابع أحد ولا يوقف أو
يحتجز إلا في حالات محدودة بالقانون وطبقا لأشكال التي نص عليها"
- حرية
العقيدة والتعبير: المادة 36: "لا مساس بحرمة حرية المعتقد وحرمة حرية
الرأي" - المادة 38 " حرية الابتكار الفكري والفني والعلمي مضمونة
للمواطن. حقوق المؤلف يحميها القانون. لا يجوز حجز أي مطبوع أو تسجيل أو أية وسيلة
أخرى من وسائل التبليغ والإعلام إلا بمقتضى أمر قضائي".
- سرية
المراسلات والاتصالات الخاصة بكل انواعها والحق في الحياة الخاصة: المادة
39:" لا يجوز انتهاك حرمة حياة مواطن الخاصة وحرمة شرفه ويحميها القانون"
- حرمة
المسكن: المادة 40:"تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة المسكن فلا تفتيش إلا بمقتضى
القانون وفي إطار احترامه."
- حرية
الإعلام و والتعبير وحرية الاجتماع والحق في تكوين وإنشاء الجمعيات والأحزاب
السياسية لتعيير عن آراء وجهات نضره بالخطب وندوات المحاضرات المادة 41 و 42 و 43 من
الدستور الجزائري
- حرية
الانتقال والإقامة: يقصد بها الحق في التنقل في أي مكان داخل حدود الدولة أو
خارجها وحرية العودة إلى الوطن المادة 44: "يحق لكل مواطن تمتع بحقوقه
المدنية والسياسية وأن يختار بحرية موطن إقامته"
- قرينة
البراءة – المادة 45 عدم رجعية القوانين المادة 46.
2- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
- حرية
التجارة والصناعة: المادة 37:"حرية التجارة والصناعة مضمونة وتمارس في إطار
القانون.
- حق
الملكية: من العقارات والمنقولات و حرية التصرف فيها المادة 52.
- حق
التعليم: المادة 53: "حق في التعليم مضمون"
- الحق
في الصحة:المادة 54. "الرعاية الصحية حق للمواطنين. تتكفل الدولة بالوقاية من
الأمراض الوبائية والمعدية وبمكافحتها"
- الحق
في العمل المادة 55- الحق النقابي المادة 56 - الحق في الاضراب 57.
- حق
حماية الطفولة والشبيبة والأسرة: باعتبارهم دعامة المجتمع وقاعدته الصلبة المادة(58)
"تحظى الأسرة بحماية الدولة والمجتمع"؛
- حق
الرعاية الاجتماعية، حيث يقع على عاتق كل دولة الالتزام برعاية أفرادها، وكفالة
معيشتهم ورعايتهم في حالة العجز اوالفقر او الشيخوخة بما يكفل لهم حياة كريمة،
ولقد ورد في المادة (59) "ظروف معيشة المواطنين الذين لم يبلغوا سن العمل
والذين لا يستطيعون القيام به وعجزوا عنه نهائيا مضمونة".
3-
الحقوق الجماعية: وردت هذه الحقوق في نص المادة
المادة 27 من الدستور الجزائري بقولها "الجزائر متضامنة مع جميع
الشعوب التي تكافح من أجل التحرر السياسي والاقتصادي، والحق في تقرير المصير، وضد
كل تمييز عنصري".
وقد
تم تعديل دستور 1996 في سنة 2002 بما يكرس و يطو الحق في الهوية الامازيغية الي
لغة وطنية، وتعزيزا لحضور المرأة... وتوسيع حجم مشاركتها في المجالس المنتخبة تم
تعديل دستور الجزائر جزئيا في نوفمبر2008.
الفرع الثاني: تكريس حقوق الإنسان في القوانين الجزائرية الأخرى
لقد
اصدرت الجزائر عدة قوانين –عضوية وعادية – تكرس ماجاء في النصوص الدستورية كما
أدخلت الجزائر تعديلات على عدد من النصوص التشريعية بهدف مطابقتها مع التزاماتها
الدولية، الصكوك الدولية المصادق عليها.
لأغلب
القوانين علاقة بحقوق الانسان فقانون العقوبات يحمي الحق في الحياة ومنع التعذيب والمساس
بكرامة الاشخاص وملكيتهم ...اي انه يعاقب على الجرائم المرتكبة ضد حقوق الانسان والقانون
التجاري ينظم حرية التجارة والصناعة والقانون المدني الذى ينم الحق في الملكية
الخاصة وحقوق البائع والمشتري والمؤجر والمستأجر...
ومن
القوانين التي تم تعديلها بهدف مطابقتها
مع التزاماتها الجزائر الدولية نذكر مايلي:
قانون الجنسية: الذي يكرس الحق في الجنسية ومن أهم المكتسبات في مجال قانون الجنسية
الجزائرية تلك التي جاء بها التعديل بموجب بالأمر رقم 05-01 بهدف حماية الأطفال في
مجال الجنسية حيث تم الاعتراف بالجنسية الجزائرية الأصلية بالنسب عن طريق الأم
طبقا للمادة 6 التي تنص على أنه "يعتبر جزائريا الولد المولود من أب جزائري
أو أم جزائرية". هذا إضافة إلى الحصول على الجنسية عن طريق الزواج مع جزائري
أو جزائرية.
تعديل قانون الاسرة في سنة 2005 بما ينص على المساواة بين المراة والرجل
في سن الزواج -19 سنة- كما صدرت وعدلت عدة
قوانين عضوية وعادية منها قانون الانتخاب – الحق في الانتخاب – وقانون الصحافة و الاعلام
– حرية الراي و التعبير وقانون الاحزاب اسياسية –
كما
عدل قانون ادارة وتنظيم السجون اتخذت وزارة العدل الجزائرية سياسة جنائية وقائية
والعمل على إدماج النزيل تدريجيا داخل المجتمع، وكانت مؤشرات هذه السياسة من خلال
الاهتمام بالنزلاء وتحسين اوضاعهم داخل المؤسسات العقابية – مايسمى بانسنة السجون-
الفرع الثالث: مصادقة الجزائر على اتفاقيات حقوق الإنسان
- مع
دراسة لمبدأ سمو معاهدات حقوق الإنسان على القانون الداخلي-
1- مصادقة الجزائر على المواثيق العالمية
قبلت
الإعلان العالمى لحقوق الإنسان واعلنت ذلك في دستور سنة (1963)، صدقت على اتفاقية
منع الابادة الجماعية الاتفاقية الخاصة باللاجئين في سنة (1963) اتفاقية القضاء
على جميع أشكال التمييز العنصري (1966) و"اتفاقية القضاء على جميع أشكال
التمييز العنصري" (1972) "العهدان الدوليان الخاصان بالحقوق المدنية
والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" (1989)، كما صادقت على
"البروتوكول الاختياري الأول" الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية
والسياسية (1989) المتعلق بقبول الشكاوى الفردية، و"اتفاقية مناهضة التعذيب
وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" (1989)،
و"اتفاقية حقوق الطفل (1993)، و"اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز
ضد المرأة" (6991)، المعاهدة المتعلقة بالحقوق السياسية للمرأة (سنة 2004). و"اتفاقية
حماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (2005). صدقت الجزائر كذلك على اتفاقيات
منظمة العمل الدولية واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية
والمصادقة على بروتوكول منع وقمع الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال،
المصادقة على بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريف البر والبحر والجو..اتفاقية
منع الاختفاء القسري سنة 2007.
2- مصادقة الجزائر علي المواثيق الإقليمية لحقوق الإنسان
بالنسبة
للمواثيق الإقليمية، فقد وافقت الجزائر على "إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في
الإسلام" الصادر عن منظمة مؤتمر
التعاون الإسلامي في العام 1990، وانضمت إلى "الميثاق الأفريقي لحقوق
الإنسان والشعوب" (1983) صادقت عليه في 1986 وكما وافقت على "الميثاق
العربي لحقوقالإنسان/المعدًل"، الذي اعتمدته القمة العربية في تونس في مايو
2004، وصادقت عليه في 2006. وتشارك الجزائر في ابرام ومبادئ الشراكة الجديدة من
أجل تنمية إفريقيا والآلية الإفريقية للتقييم من طرف النظراء.
3- تحفظات الجزائر على اتفاقيات حقوق الإنسان
تحفظت
الجزائر على أحكام بعض الاتفاقيات التي صادقت عليها، ومنها:
-
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة: "تحفظت الجزائر على مبدأ المساواة
بين الرجل والمرأة وربطته بعدم تعارضها مع قانون الأسرة- خاصة في مسالة الميراث -،
كما تحفظت الجزائر بشأن منح المرأة حقاً مساوياً للرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها
لتعارضها مع قانون الجنسية الجزائري وقانون الأسرة- الجنسية تمنح برابطة الدم من
الاب وليس الام- وقد سحب هذا التحفظ وتم اقرار المساواة بين الأم والأب في منح
الجنسية الجزائرية للأبناء.
- اتفاقية
حقوق الطفل: "تتحفظ الجزائر وتفسر حق الطفل في حرية الفكر والدين، بالتوافق
مع النظم القانونية الجزائرية وخاصة الدستور الذي ينص على أن دين الدولة هو
الإسلام، كما تفسر حاجة الطفل اليتيم للرعاية بنظام الكفالة وليس التبني...
4- دراسة لمبدا سمو معاهدات حقوق الإنسان -المصادق عليها والمنشورة- على القانون الداخلي
ان
معاهدات واتفاقيات حقوق الانسان المصادق عليها والمنشورة في الجريدة الرسمية تصبح
جزءا من القانون الجزائري وتبعا لذلك يسمح للمواطنين والافراد والقضاة والمحاميين
الاعتماد علي مثل هذه المعاهدات للمطالبة بالحقوق المنصوص عليها. وبالتالي تصبح
المعاهدة الدولية وسيلة متاحة امام المواطنين للمطالبة بحقوقهم.
وفيما
يتعلق بمكانة –تدرج- المعاهدة الدولية في النظام القانوني الجزائري فان المعاهدات
الدولية اسمى – لها الاولوية – من القوانين الجزائرية.
ان
الاساس القانوني لهذا السمو هو المادة 132 من الدستور الجزائري التي تؤكد اولوية
القانون الدولي على الداخلي حيث جاء فيها ان "المعاهدات التي يصادق عليها
رئيس الجمهورية حسب الشروط المنصوص عليها
في الدستور تسموا على القانون" كما اكد المجلس الدستوري في قراره الصادر بتاريخ 20-اوت 1989
على ان المعاهدة الدولية وبمجرد المصادقة عليها ونشرها تدمج وتسموا على القانون الوطني.
غير
ان هناك اختلافا بين أساتذة القانون الدولي في الجزائر حول المقصود بسمو المعاهدة
الدولية المصادق عليها على القانون الداخلي ، فهناك رايين:
الرأي الأول: سمو المعاهدة على الدستور: يرى أصحاب هذا الاتجاه ان المعاهد
تسموا على كل فروع القانون الداخلي الجزائري بما فيها الدستور- هو رأي اغلب أساتذة
القانون الدولي-
الرأي الثاني: سمو الدستور على المعاهدة: يرى أصحاب هذا الاتجاه ان المعاهد
تسموا على كل فروع القانون الداخلي الجزائري ماعدا الدستور الذي يسموا على
المعاهدة - رأي أساتذة القانون الدستوري-
المطلب الثاني: آليات ومؤسسات حقوق الإنسان في الجزائر
لا
يكفي النص على الحقوق في الدساتير والقوانين الخرى وادماج الاتفاقيات في القوانين
الداخلية بل يجب السعي الى تطبيق الحقوق في الحياة العامة للجزائريين لذلك يتوفر
في الجزائر عدة اجهزة ومؤسسات تهدف لحماية
حقوق الإنسان ومنها:
الفرع الاول: لمحة عن اهم المؤسسات الوطنية السابقة لحقوق الانسان
1- الوزارة المنتدبة المكلفة بحقوق الإنسان
ظهرت
هذه الوزارة في سنة 1991 في ظل حالة الطوارئ التي عرفتها البلاد وكان هدفها
الاساسي المساعدة في ضمان حقوق المواطنين ... لكن سرعان ما تم الغاؤها سنة 1992-
في عهد المجلس الاعلي للدولة- وتم استبدالها بالمرصد الوطني لحقوق الانسان.
2- المرصد الوطني لحقوق الانسان
انشئ
في سنة 1992 في فترة شهدت فيها الجزائر اضطرابات سياسية وامنية وارتكبت فيها جرائم
مروعة وقد سعي المرصد لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وتقديم توصيات ومقترحات إلى
الجهات الرسمية والتصديق على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. بنشر ثقافة حقوق
الإنسان وإعداد التقارير إلى رئيس
الجمهورية... ونظرا للانتقادات التي وجهت لهذا الجهاز تم الغاءه سنة 2001
لتحل محله اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان.
3- وسيط الجمهورية
انشئ
سنة 1996 والغي سنة 1999 مهمته الأساسية هى تلقى شكاوى الجمهور اعتراضا على قرارات
أو أفعال من جانب الإدارة العامة وحماية الناس من انتهاك حقوقهم من إساءة استخدام
السلطة وإخضاع الحكومة والعاملين بها إلى قدر أكبر من المساءلة من جانب
الجمهور.تعد مؤسسات "الأمبودسمان" إحدى الآليات المهمة لحماية الناس من
انتهاك حقوقهم القانونية من إساءة واستخدام السلطة،- يعرف في الاسلام بديوان
المظالم- .
الفرع الثاني: دور الاجهزة الحكومية وغير الحكومية في حماية حقوق الإنسان
1- دور السلطة القضائية في حماية حقوق الإنسان
تعد
الآليات القضائية أهم الآليات الوطنية لحماية حقوق الإنسان باعتبار القضاء هو
الجهة المختصة بتطبيق القوانين فى الدولة، وتحقيق العدالة بين أفراده سواء كانوا
حكاماً أو محكومين.
ويختص
القضاء الإدارى- المحكمة الإدارية ومجلس
الدولة- بمراقبة أعمال الإدارة وتصرفاتها ومواجهة التعسف في استعمال
السلطة.
القضاء
العادى - المحاكم الإبتدائية والمجالس القضائية والمحكمة العليا- وسيلة اساسية في حماية
لضمان حقوق الأفراد نحو تطبيق المحاكم للقانون تطبيقا صحيحا.
اما
بالنسبة للمجلس الدستوري فانه يراقب دستورية القوانين فإذا تبين له صدور قانون لم
يراع أحكام الدستور التى تحمى حقوق الإنسان المنصوص عليها فى الدستور فإنها تقضى
بعدم دستورية هذا القانون مما يترتب عليه إلغاء القانون .- المجلس الدستوري يمثل الرقابة السياسية وليس القضائية-
2- دور السلطة التشريعية- البرلمان- في حماية حقوق الإنسان
يفترض
ان تقوم السلطة التشريعية بدور اساسي في حماية حقوق الإنسان من خلال القوانين التي
تشرعها او تعدلها او تناقشها او حتي ترفضها بما يضمن حقوق المواطنين وتتوافر فى
المجالس النيابية في كل العالم لجان برلمانية مختصة بحقوق الإنسان، وهي تحمل في
الجزائر تسمية لجنة الحقوق والحريات.
3- الوزارة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة
تم
إنشاؤها بموجب مرسوم رئاسي سنة 2002 بهدف ترقية حقوق الأسرة والمرأة والطفولة وأسند
لها عدة مهام -سياساتية وتخطيطية وإشرافية - تقوم بمهمتها بالتعاون مع مختلف
الشركاء من قطاعات وزارية وهيئات وطنية ومجتمع مدني ووسائل إعلام ...الخ.
4- دور الأحزاب السياسية
تعد
الحزاب وسيلة سياسية لحماية وترقية حقوق الانسان حيث يعد هذا الموضوع هدفا تلتقي
فيه جميع البرامج والانظمة الحزبية .
5- دور الجمعيات والنقابات
تعمل
الجمعيات والنقابات على حماية حقوق المواطنين خاصة اذا كانت متعلقة ببعض القطاعات
العمالية او بعض الفئات الضعيفة وتتنوع بل تكثر هذه الجمعيات التي بلغ عددها منذ
سنة 1988 خمسين الف جمعية غير ان الجمعيات الاكثر نشاطا هي تلك التي تدافع عن حقوق
المرضى وحقوق المعاقين والاطفال وخاصة النساء ويبرز أيضا دور النقابات العمالية في
الدفاع عن حقوق العمال.
6- دور المنظمات غير الحكومية العاملة فى مجال حقوق الإنسان
تعد
المنظمات غير الحكومية العاملة فى مجال حقوق الإنسان، إحدى الآليات المهمة في
تعزيز حقوق الإنسان- هي شخص من اشخاص القانون الداخلي-، وبل ويعتبر وجودها في بلد
ما، ومدى حريتها في العمل أحد المعايير الرئيسية للحكم على مدى احترام الدول لحقوق
الإنسان. تقوم هذه المنظمات غير الحكومية على أساسا طوعى، ولا تستهدف الربح، وتعمل
باستقلال عن الحكومات.
تخضع
هذه الجمعيات في تنظيم إجراءات تأسيسها وإشهارها ومتابعة نشاطها وحلها لقوانين
تنظيم الجمعيات وشهدت الجزائر نشأة عدد من منظمات حقوق الإنسان مثل: "الرابطة
الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان "(1985)؛ وفرع لمنظمة "العفو
الدولية/الجمعية الجزائرية"(1989).
7- دور وسائل الإعلام
تلعب
وسائل الإعلام- وتحديدا المستقلة-. دورًا حاسماً في التأثير على مسار حقوق الإنسان
سواءا بنشر هذه الحقوق او من خلال دورها الرقابي، وقدرتها على إثارة القضايا
والانتهاكات المختلفة، وتوفير المعلومات الخاصة بها و شهد القرن الحالى انتشار
الإعلام الإلكتروى والمدونيين والتطور الكبير فى نظام الاتصال.
وتعرف
الجزائر تطورا ملحوظا على مستوى الصحافة المكتوبة التي وصل عددها 52 صحيفة
يومية و98 صحيفة أسبوعية و 43 صحيفة
دورية، اضافة لفتح المجال مؤخرا امام حرية انشاء القنوات والاذاعات الخاصة.
8- دور اجهزة التعليم والتكوين
يقوم
الوسط التعليمي والتربوي والاكاديمي بدور فعال في مجال حقوق الانسان من خلال الندوات
والملتقيات والمنشورات ونظرا لاهمية هذا الموضوع أدمج في البرامج التي يتم تدريسها
في طور التدرج وما بعد التدرج في الجامعات الجزائرية سواءا في معاهد الحقوق
اوالصحافة اوالعلوم السياسية.. كما تدرس في عدة مدارس عليا كالمدرسة الوطنية
للقضاء والشرطة والمدرسة الوطنية للإدارة وفي مدارس الدرك الوطني، والجيش الشعبي
الوطني…
9- اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني
وبمبادرة
من وزارة العدل، تم تشكيل اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني سنة 2008 .
تتشكل من 19 ممثلا لمختلف الوزارات وهيئات معنية بالقانون الدولي الإنساني، تقوم
بعدة مهام منها، اقتراح المصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة
بالقانون الدولي الإنساني .كما تعمل على تنظيم لقاءات ومنتديات وندوات ذات صلة
بالقانون واقتراح التدابير اللازمة لتكييف القانون الجزائري مع قواعد القانون
الدولي الإنساني، هذا إضافة إلى إجراء كل الدراسات التقييمية الضرورية لأداء
مهامها، وكذلك دعما لتعاون وتبادل الخبرات مع المنظمات الإقليمية والدولية العاملة
في هذا المجال، بالإضافة إلى تبادل المعلومات حول القانون الدولي الإنساني مع
اللجان الوطنية لبلدان أخرى.
الفرع الثالث: اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان
– هيئة مستقلة، الاستشارية ورقابية-
تعد
المؤسسات الوطنية المتخصصة إحدى الآليات المهمة للنهوض بحقوق الإنسان، بحكم
طبيعتها كمؤسسات دولة تملك إمكانية الحوار والتفاوض مع الحكومات حول تذليل العقبات
التى تعرقل إعمال حقوق الإنسان والنهوض بها، وتحظى المؤسسات الوطنية المتخصصة
بحقوق الإنسان بتشجيع من جانب الأمم المتحدة وهيئاتها المعنية بحقوق الإنسان،
لانها تساهم فى تعزيز التعاون والتنسيق في مسائل حقوق الإنسان كما تضع الأمم
المتحدة مجموعة من المعايير الدولية كمؤشر لاستقلال هذه المؤسسات، وامتلالكها
لقدرات أدائها وظائفها -تعرف بمبادئ باريس لعام 1993 -وأهمها الاستقلال القانونى،
والاستقلال المالى، واستقلال إجراءات التعيين والإقالة لأعضاء المؤسسات الوطنية،
وكفالة التعددية فى تشكيلها. وتعد اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق
الإنسان في الجزائر المؤسسة الوطنية الرئيسية المختصة بحقوق الانسان.
اولا: تعريف "ل و ا ت ح ح ا" وتشكيلتها
تم
تأسيس "اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها" لتحل
محل المرصد الوطني لحقوق الانسان بموجب مرسوم رئاسي رقم 71-01 الصادر في 25 مارس
2001، واعتبرت مؤسسة عمومية مستقلة تعمل تحت وصاية رئيس الجمهورية باعتباره حامي
الدستور وحقوق وحريات المواطنين.
تتشكل
اللجنة من 45 عضوا من بينهم 13 امراة يعين اعضاؤها من رئيس الجمهورية بمراعاة التمثيل الاجتماعي والتنظيمي
وايضا باقتراح من الجمعيات والنقابات والقطاعات الوزارية ... ويعينون بمرسوم لمدة
04 سنوات قابلة للتجديد كما يعين رئيس اللجنة من رئيس الجمهورية.
ثانيا: صلاحيات ومهام اللجنة الوطنية الاستشارية
1- تكلف
اللجنة بالتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان وتتصل بالهيئات المعنية لاتخاذ التدابير
المناسبة.
2- تقوم
بنشر ثقافة حقوق الإنسان والمساهمة في التعليم والتحسيس والاعلام....بالحقوق.
3- تشجع
الدولة على الانضمام والتصديق على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وتسعى لضمان
مواءمة القوانين الداخلية للدولة مع التزاماتها بموجب المواثيق الدولية.
4- تقدم
أراء وتوصيات ومقترحات ذات صفة استشارية إلى الجهات الرسمية وغير الرسمية بالدولة.
5- تقوم
اللجنة بإعداد تقريرسنوي حول وضعية حقوق الإنسان يتم تقديمه إلى رئيس الجمهورية.
6-
في اطار مهامها على المستوى الخارجي تعمل اللجنة على تطوير التعاون في مجال حقوق
الانسان خاصة مع أجهزة الأمم المتحدة
والمنظمات الاقليمية وغير الحكومية الدولية وتشارك في إعداد التقارير التي تلتزم
الدولة بموجب التزاماتها المتفق عليها.
وباختصار
يفترض ان اللجنة جهاز للرقابة والإنذار المبكر والتقييم في مجال حقوق الإنسان.
ثالثا: الانتقاد الموجهة للجنة الاستشارية وطرق الاصلاح
1. نظرا
لإنشائها بموجب مرسوم صادر عن السلطة التنفيذية، لا تستطيع اللجنة أن تعمل على نحو
مستقل- الأصلح ان تنشا بموجب نص دستوري أو قانون عضوي، وليس بقرار من السلطة
التنفيذية- .
2. تعيين
رئيس اللجنة وحتى الأعضاء وفق انتماءهم المؤسسي (القطاع العام، والنقابات،
والجمعيات، وما إلى ذلك) كما يتميز النمط المتبع في عملية تعيين الأعضاء في اللجنة
بطابع متكتم يفتقر إلى الشفافية، كما أن إجراءات الاختيار ليست معروفة- الأصلح ان
يكون الاختيار مثلا مسؤولية لجنة الحقوق والحريات في المجلس الشعبي الوطني، أو
تضطلع به لجنة خبراء مستقلين...وتقدم للرئيس من أجل الموافقة-.
3. لا
تتعاون اللجنة الوطنية الاستشارية مع النظام الدولي لحماية حقوق الإنسان بما يكفي-
الاصلاح يتمثل في ضرورة تفتح اللجنة بما يكفل حقوق الانسان-.
4. لا
تملك اللجنة الوطنية أي وجود في المجال العلني، باستثناء بعض البيانات والتقرير
الذي تسلمه لرئيس الجمهورية- الاصلاح عرض التقرير السنوي على الرئيس والبرلمان؛
وأيضا عرض كل الدراسات والتحقيقات المهمة على البرلمان وعلى السلطات الرقابية
الاخرى... ، -.
5. لا
تقيم اللجنة أي علاقات مع المنظمات غير الحكومية المستقلة، أو مع مؤسسات الدفاع عن
حقوق الإنسان في الجزائر- الاصلاح هو ضرورة تفتح اللجنة داخليا-.
6- لا
ترد الهيئات الرسمية للدولة والهيئات القضائية إلا نادرا على الشكاوي والقضيايا
المرفوعة اليها – الاصلاح هو ان يشترط على الهيئات الحكومية اوغيرها الرد في أجل
ستين يوما على اللجنة-.
7- لا
تملك اللجنة الموارد البشرية والمالية الكافية من أجل المعالجة الفعالة لمسائل
حقوق الإنسان - الاصلاح هو الحصول على الموارد الإضافية (البشرية والمالية)
الكافية للسماح وبالخصوص من أجل استعمال خبراء إضافيين وفتح عدة مكاتب جهوية-.
خلاصة موجزة
حرصت
الجزائر على مطابقة المنظومة القانونية لحقوق الإنسان الجزائري، مع الضوابط والمعايير
الإنسانية الدولية، ومع مقتضيات المحيط الاقتصادي الاجتماعي والسياسي الجزائري،
وسنت ترسانة من النصوص التشريعية -العضوية والعادية- ؛ لتنظيم ممارسة حقوق الإنسان
والمواطن المدنية والاقتصادية والاجتماعية و السياسية، ورغم الضمانات المكرسة
دستوريا وقانونيا وقضائيا وسياسيا فان المهم ليس
القانون الجيد بل التطبيق الجيد.
المرجع:
- د. شوقي سمير، محاضرات في حقوق الإنسان، جامعة محمد دباغين –سطيف 02، الجزائر، ص59 إلى ص70.