تقسيمات حقوق الإنسان
يقوم
التقسيم الأكثر إعتمادا لحقوق الإنسان على نظرة تاريخية ومستقبلية في نفس الوقت وهذا
التصنيف يقوم على ثلاث فئات وهي الحقوق المدنية والسياسية أو ما تسمى بالجيل
الأول، وهناك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أو ما تسمى بالجيل الثاني، وأيضا
الحقوق البيئية والثقافية والتنموية أو ما تسمى بالجيل الثالث.
وسنتعرض
لجانب من هذه الحقوق على النحو التالي:
المطلب الأول: حقوق الإنسان المدنية والسياسية (الجيل الأول)
وفقا
للمقاربة التقليدية، توصف الحقوق المدنية والسياسية بأنها حقوق سلبية، بمعنى أنه لا
يتعين على الدولة لضمان الامتثال الفعلي لها سوى الامتناع عن التدخل في ممارسة
الأفراد لها. ومع ذلك، يبدوا ان هناك عدد لا بأس به من هذه الحقوق من لا يستقيم
كفالته بمجرد إلتزام سلبي بالامتناع، بل يحتاج إلى تدخل إيجابي من جانب الدولة.
ومن
بين ما تشمله هذه الفئة من الحقوق ما يلي:
الفرع الأول: الحق في المساواة وعدم التمييز
ورد
في المادة السابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأن الناس جميعا سواء أمام
القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حق
التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز،
كما تضمنت 21 من الإعلان العالمي بعض تطبيقات مبدأ المساواة. وقد تكفل العهد
الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من جهته بالتأكيد على حق الأفراد في
المساواة أمام القانون بصورة عامة وليس بصدد الحقوق الواردة في العهد فحسب.
الفرع الثاني: الحقوق ذات الصلة بسلامة الإنسان
تشمل
الحقوق ذات الصلة بسلامة الإنسان ما يلي:
أولا: الحق في الحياة
تم
التنصيص على الحق في المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأيضا في
المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. حيث يعد الحق في
الحياة أحد الحقوق الطبيعية التي يجب أن تضمن لكل إنسان، وحماية هذا الحق لا يقتصر
على عدم المساس به من قبل الدولة وسلطاتها العامة، بل هو حق يتطلب ضمانهُ التزام
الدولة بمنع حدوث الاعتداء عليه من جانب الأفراد، والهيئات، والجماعات، ووضع
القوانين التي تحقق هذه الحماية بصورة فعلية، وتوقع الجزاء على من يعتدي على هذا
الحق بأي شكل من الأشكال.
ثانيا: الحق في الحرية وفي أمان الفرد على نفسه
تم
التنصيص على الحق في الحرية وفي أمان الفرد على نفسه في المادة الثالثة من الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان. وتشمل هذه الحقوق مجموعة كبيرة من الحريات والحقوق التي
تنضوي تحتها فلا يجوز استرقاق إنسان لأي سبب كان، وهذا أمر نصت عليه الكثير من
الاتفاقيات الدولية وتنصاع له القوانين الوطنية، فضلاً عن تحريم السخرة ويعد العمل
من أعمال السخرة أو مفروضاً في مفهوم حقوق الإنسان، كل عمل يفرض على الإنسان، دون
أن تكون لإ اردته دخل في قبوله، ولا يهم بعد ذلك أن يكون المرء الذي يقوم بهذا
العمل يؤديه نظير أجر أو بدون مقابل.
الفرع الثالث: الحق في احترام الحياة الخاصة والحقوق العائلية
تم
التنصيص على هذا الحق في المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأيضا في
المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو يعد أيضاً من
الحقوق المدنية حيث لا يجوز التدخل بصورة تعسفية أو بشكل غير قانوني بخصوصيات أحد
أو بعائلته أو بيته أو مراسلاته كما أنه لا يجوز التدخل بشكل غير قانوني بشرفه
وسمعته ويثبت لكل شخص الحق في الحماية القانونية ضد هذا التدخل أو التعرض. وحتى
تكون عمليات التدخل في الحياة الخاصة مشروعة، يجب أن يحدد التشريع ذو الصلة
بالتفصيل الظروف المحددة التي يجوز السماح فيها بهذا التدخل، والسلطة المؤهلة
للتدخل، وعلى أساس كل حالة على حدة.
الفرع الرابع: الحقوق القانونية والقضائية
ورد
في المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا
إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات
اللازمة للدفاع عن نفسه، كما لا يجب أن يدان أي شخص بجريمة بسبب أي عمل أو امتناع
عن عمل لم يكن في حينه يشكل جرما بمقتضى القانون الوطني أو الدولي، كما لا توقع
عليه أية عقوبة أشد من تلك التي كانت سارية في الوقت الذي ارتكب فيه الفعل الجرمي.
الفرع الخامس: الحقوق السياسية
يقع
تحت هذا العنوان مجموعة من الحقوق والحريات التي توصف بأنها ذات مضمون سياسي بشكل
أو بآخر، منها حق المواطنة (الجنسية) وحق المشاركة في الشؤون العامة وحق الاجتماع
وتشكيل الجمعيات والعضوية فيها والحق في حرية الرأي والعقيدة والدين وسنتعرض لهذه
الحقوق بالشكل الآتي:
أولا: حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات
تم
التنصيص على هذا الحق في المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويتكون هذا
الحق من قدرة الفرد للاجتماع بغيره بهدف عرض آرائه، ويذهب الكتاب إلى عدم جواز
الخلط بين حق الاجتماع وحق تشكيل الجمعيات، فالأول هو اجتماع مجموعة من الأشخاص
بشكل مؤقت وفي مكان معين بهدف عرض بعض الأفكار ومناقشتها، أما الحق الثاني فهو
يتكون من اتفاق مجموعة أشخاص على تكريس نشاطهم بهدف الوصول إلى تحقيق غرض معين،
والاجتماع في هذه الحالة له صفة الدوام ولا يستطيع المشرع المساس بهذا الحق أو جوهره
إلا أنه يستطيع أن يتخذ الإجراءات التي تضمن عدم مساس هذه الاجتماعات أو التجمعات
بحرية الآخرين أو الأمن العام، ومن ثم فإنه من الممكن تنظيم الحق في الاجتماع وذلك
بإخطار الإدارة قبل انعقاد الاجتماع أو التجمع.
ثانيا: حرية الأري والتعبير
ورد
في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما يلي: " لكل شخص حق التمتع
بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى اللتماس
الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود."
فكل إنسان يستطيع التعبير عن آرائه وأفكاره للناس سواء كان بشخصه أو برسالة أو
بوسائل النشر المختلفة أو عن طريق الروايات أو الأفلام وغيرها من وسائل النشر أو
الاتصال.
ثالثا: حرية الضمير والعقيدة الدينية
بموجب
هذا الحق يكون لكل إنسان حرية اختيار الدين الذي يؤمن به وحقه في أن يعبر بصورة
منفردة أو مع آخرين بصورة علنية أو غير علنية عن الديانة أو العقيدة التي يؤمن بها
سواء تم ذلك عن طريق العبادة أو الممارسة أو التعليم أو التقيد بتعاليم هذا الدين،
مثلما تضمنته المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
رابعا: حق المواطنة (الجنسية)
تعد
الجنسية رابطة قانونية وسياسية بين الفرد والدولة تترتب عليها مجموعة من الالتزامات
والحقوق المتبادلة، فالجنسية هي التي تكفل للفرد التمتع بالحقوق الأساسية التي
يتطلبها كيانه الإنساني فالحق في العمل بنواحيه المختلفة داخل الدولة رهن بتمتع
الفرد بجنسية هذه الدولة كما أن الجنسية هي الطريق الوحيد لحماية الفرد في المجتمع
الدولي، فضلاً عن مباشرة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية كلها تعتمد إلى حدٍ كبير على رابطة الجنسية، وقد أكدت المادة 15 من
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن (1- لكل فرد حق التمتع بجنسية ما. 5- لا
يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها)، أما المادة 24 من
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فقد نصت على (لكل طفل الحق في أن
تكون له جنسية). وورد التأكيد أيضا على هذا الحق في المادة السابعة من اتفاقية
حقوق الطفل لعام 1989.
الفرع السادس: الحق في تقرير المصير
تم
التنصيص على هذا الحق في قرارات عديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة منها القرار 1514
الصادر عام 1960 بخصوص منح الاستقلال للأقطار والشعوب المستعمرة والقرار المرقم 1803
الصادر عام 1962 حول السيادة الدائمة للدول على مصادرها الطبيعية.
كما
تم التنصيص عليه في المادة الأولى المشتركة في العهدين الدوليين، إذ ورد فيها ما
يلي:" 6- لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمقتضى هذا الحق حرة في
تقرير مركزها السياسي، وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي
.... 5- على الدول الأطراف في هذا العهد، بما فيها الدول التي تقع على عاتقها
مسؤولية إدارة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي والأقاليم المشمولة بالوصاية،
ان تعمل على حق تقرير المصير، وان تحترم هذا الحق وفقا لأحكام ميثاق الأمم
المتحدة".
المطلب الثاني: الحقوق والحريات ذات المضمون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي (الجيل الثاني)
ظهرت
فئة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تاريخيا بعد الحقوق المدنية
والسياسية، وهي توصف بأنها حقوق إيجابية يتطلب إعمالها تدخلا إيجابيا من جانب
الدولة لوضعها موضع التنفيذ وكفالة التمتع بها بصورة حسية مادية.
ومن
أهم هذه الحقوق يمكن الإشارة إلى المجموعة الآتية:
الفرع الأول: الحق في العمل والضمان الاجتماعي
ورد
في المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما يلي: "- لكل شخص حق العمل،
وفى حرية اختيار عمله، وفى شروط عمل عادلة ومرضية، وفى الحماية من البطالة.
- لجميع
الأفراد، دون أي تمييز، الحق في أجر متساو على العمل المتساوي.
- لكل
فرد يعمل حق في مكافأة عادلة ومرضية تكفل له ولأسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية،
وتستكمل، عند الاقتضاء، بوسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
- لكل
شخص حق إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه."
الفرع الثاني: حق الملكية
يعد
حق الملكية من الحقوق الأساسية والمهمة بالنسبة لكل فرد، من جانب آخر أكدت
الاتفاقيات الدولية على حق الملكية وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث نصت
المادة 17 منه على حق كل فرد في التملك سواء بمفرده أو مع غيره وأضافت إلى ذلك عدم
جواز تجريد شخص من ملكه تعسفاً، والمضمون ذاته أشارت إليه المادة الخامسة من
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري واعلان القضاء على جميع أشكال
التمييز ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 7 نوفمبر 1967.
الفرع الثالث: الحق في الغذاء
يورد
التقرير الصادر عن المقرر الخاص بشأن الحق في الغذاء الأساس القانوني للحق في
الغذاء في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويرد أهم حكم في هذا الصدد في المادة 11
من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي المادة التي تبين
في فقرتيها 0 و 6 معنى الحق في الحصول على مستوى معيشي ملائم بما في ذلك الغذاء،
والحق الأساسي لكل فرد في أن يكون بعيدا عن طائلة الجوع. والحق في الغذاء مرتبط
ارتباطا وثيقا أيضا بالحق في الحياة، وهو حق تحميه المادة 6 من العهد الدولي الخاص
بالحقوق المدنية والسياسية.
الفرع الرابع: الحق في الصحة باعتباره أحد حقوق الإنسان
تم
الإفصاح في المادة 12 من العهد الدولي بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية لعام 1966، على نحو أوضح عن الالتزام الوارد في الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان بشأن حق الإنسان في الصحة باعتباره جزءاً من الحق في مستوى معيشي لائق،
وقد اعُتمد هذا العهد في وقت واحد مع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وتمثل
المادة 12 من هذا العهد الدولي الأساس المتين للحق في الصحة، و تنص على ما يلي:
1-
تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة
الجسمية والعقلية يمكن بلوغه.
2 -
تشمل التدابير التي يتعين على الدول الأطراف في هذا العهد اتخاذها لتأمين الممارسة
الكاملة لهذا الحق، تلك التدابير اللازمة من أجل:
(أ)
خفض معدل وفيات المواليد والرضّع وتأمين نمو الطفل نموا صحيا؛
(ب)
تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية؛
(ج)
الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها
ومكافحتها؛
(د)
تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.
الفرع الخامس: الحقوق الثقافية
من
أهم الحقوق الثقافية الحق في التعليم والثقافة، حيث تم الاعتراف في الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان (المادتين 25 و 26) وأيضا في القوانين الداخلية للدول
والمعاهدات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بالحق في الثقافة والتعليم بهدف توجيه
الثقافة نحو بناء وتنمية الشخصية الإنسانية والإحساس بكرامتها والاشتراك بشكل مؤثر
وفعال في نشاط المجتمع الحر، وهذا ما يتم تحقيقه عبر إتاحة فرصة التعليم الابتدائي
وجعله إلازمياً ومجانياً للجميع، والعمل على جعل التعليم الثانوي والفني والمهني
متاحاً وميسواًر وبكل الوسائل المناسبة وعلى وجه التحديد عن طريق جعل الثقافة
مجانية للجميع، فضلاً عن جعل التعليم العالي ميسواًر للجميع على أساس كفاءة كل شخص
والعمل على تطوير المناهج المدرسية واحترام حق الآباء وحريتهم في اختيار ما يرونه
من مدارس لتعليم أبنائهم واحترام حرية البحث العلمي والانتفاع بالتقدم العلمي
وتطبيقاته، وكذلك حرية الأفراد في تأسيس المعاهد التعليمية ضمن المبادئ التي تنسجم
مع الحد الأدنى للمستويات التي تقررها الدولة.
المطلب الثالث: حقوق التضامن (الجيل الثالث من حقوق الإنسان)
اتسعت
مجالات حقوق الإنسان مع مرور الزمن وتتطور فأصبحت هناك مجموعة من الحقوق التي
تحتاج إلى تعاون الجميع سواء على المستويين الداخلي أو الدولي لكون هذه الحقوق ذات
بعد إنساني عام كالحق في التنمية والحق في بيئة نظيفة والحق في السلام.
الفرع الأول: الحق في التنمية
اعتمدت
الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1986 مفهوم الحق في التنمية الوارد في إعلان
الحق في التنمية. فالإعلان الذي ينص صراحة على أن الحق في التنمية هو حق من حقوق
الإنسان جاء نتيجة لعملية مستفيضة من المفاوضات الدولية الهادفة إلى الربط بين
جميع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاعتراف
بهذا الترابط.
الفرع الثاني: الحق في بيئة نظيفة
يلاحظ
أن الاتفاقيات والوثائق الدولية قد أقرت صراحة بحق الإنسان في البيئة، وذلك في إشارات
واضحة لا لبس فيها تقرر للإنسان بوصفه كذلك حقا في بيئة سليمة خالية مما يضر به،
ومن أهم النماذج التي تقرر ذلك "الاتفاقية الدولية بشان الحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية" لعام 1966، والتي جاء بمادتها الثانية عشرة: "1/
تقر الدول الإطارف في الاتفاقية الحالية بحق كل فرد في التمتع بأعلى مستوى ممكن من
الصحة البدنية والعقلية. 2/ تشمل الخطوات التي تتخذها الدول الإطارف في الاتفاقية
الحالية للوصول إلى تحقيق كلى لهذا الحق ما هو ضروري من اجل: أ/ العمل على تخفيض
نسبة الوفيات في المواليد وفى وفيات الأطفال من اجل التنمية الصحية للطفل؛ ب/ تحسين
شتى الجوانب البيئية والصحية؛ ج/الوقاية من الإمراض المعدية والمتفشية والمهنية
ومعالجتها وحصرها؛ د/ خلق ظروف من شانها أن تؤمن الخدمات الطبية والعناية الطبية
في حالة المرض". ثم جاء بعد ذلك مؤتمر الأمم المتحدة الأول حول "البيئة
الإنسانية" الذي عقد في استكهولم بالسويد عام1972، وقد طرح في هذا المؤتمر
تساؤل رئيسي، فحواه: هل للإنسان حق في بيئة سليمة ومتوازنة؟ أو، بعبارة أدق هل
أصبحت البيئة حقا من حقوق الإنسان؟ وقد تكفل إعلان استكهولم بالإجابة على هذا
التساؤل المهم وذلك في أول مبدأ من مبادئه، إذ أكد أن للإنسان حق أساسي في الحرية
والمساواة، وظروف حياة ملائمة في بيئة يسمح له مستواها بالعيش في كرامة ورفاهية، وأن
على الإنسان واجب مقدس لحماية وتحسين بيئته من أجل أجيال الحاضر والمستقبل.
الفرع الثالث: الحق في السلام
يجد
الحق في السلام الأساس له في نصوص ميثاق الأمم المتحدة التي تعمل على تحقيق مجموعة
من الأهداف وعلى رأسها تحقيق السلم والأمن الدوليين وديباجة الميثاق تصدرتها
الكلمات الآتية (نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا ان ننقذ الأجيال
المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز
عنها الوصف ...).
واعمالا
لنص الميثاق اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 12 نوفمبر 1984 إعلاناً
بشأن حق الشعوب في السلم أكدت فيه "إن الحياة دون حرب هي بمثابة الشرط الدولي
الأساسي للرفاهية المادية للبلدان ولتنميتها وتقدمها وللتنفيذ التام لكافة الحقوق
والحريات الأساسية التي تنادي بها الأمم المتحدة).
وأضافت
الجمعية العامة في هذا الإعلان إنها (... تدرك أن إقامة سلم دائم على الأرض، في
العصر النووي، يمثل الشرط الأولى للمحافظة على الحضارة الإنسانية وعلى بقاء الجنس
البشري، واذ تسلم بان ضمان حياة هادئة للشعوب هي الواجب المقدس لكل دولة 6- تعلن
رسمياً ان شعوب كوكبنا لها حق مقدس في السلم ... وان المحافظة على حق الشعوب في
السلم وتشجيع تنفيذ هذا الحق يشكلان التزاماً أساسياً على كل دولة ... وان ضمان
ممارسة حق الشعوب في السلم يتطلب من الدول ان توجه سياساتها نحو القضاء على أخطار
الحرب، وقبل أي شيء آخر الحرب النووية، ونبذ استخدام القوة في العلاقات الدولية،
وتسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية على أساس ميثاق الأمم المتحدة ..
وناشدت الجمعية العامة جميع الدول والمنظمات الدولية ان تبذل كل ما في وسعها
للمساعدة في ضمان تنفيذ حق الشعوب في السلم باتخاذ التدابير الملائمة على المستوى
الوطني والدولي لتحقيق هذا الهدف.
المرجع:
- د. بوجلال صلاح الدين، محاضرات في قانون حقوق الإنسان، جامعة سطيف 2، السنة الجامعية 2013/2014، ص15 إلى ص23.