مداخلة بعنوان: عقد تفويض المرفق العام كآلية لإقامة شراكة استثمارية بين القطاع العام والخواص وفق المرسوم الرئاسي 15-247 المتعلق بالصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام بقلم د. بن بادة عبد الحليم أ. بوحادة محمد سعد

الصفحة الرئيسية

مداخلة بعنوان: عقد تفويض المرفق العام كآلية لإقامة شراكة استثمارية بين القطاع العام والخواص وفق المرسوم الرئاسي 15-247 المتعلق بالصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام بقلم د. بن بادة عبد الحليم أ. بوحادة محمد سعد

عقد تفويض المرفق العام كآلية لإقامة شراكة استثمارية بين القطاع العام والخواص وفق المرسوم الرئاسي 15-247 المتعلق بالصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام
الملتقى الدولي الرابع الموسوم بـ: آليات تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PS3) ودوره في تحقيق التمويل المستدام، المنعقد يومي: 28 و 29 أفريل 2019، كلية العلوم الإقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، – جامعة غرداية –
الموسم الجامعي: 2018- 2019
(عقد تفويض المرفق العام كآلية لإقامة شراكة استثمارية بين القطاع العام والخواص وفق المرسوم الرئاسي 15-247 المتعلق بالصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام)
من إعداد:
  • د. بن بادة عبد الحليم - جامعة غرداية
  • أ. بوحادة محمد سعد - جامعة غرداية

مـلخـص

يُعتبر المرفق العام بالأساس مشروع يهدف إلى تحقيق المصلحة العامّة، وفي ظل التحولات التي شهدتها الدولة الجزائرية في عدّة ميادين منذ مطلع التسعينات إلى يومنا الحالي، تمّ التخلي عن التسيير المباشر لبعض المرافق العامّة نتيجة عوامل عديدة، وأُعهدت إدارتها إلى القطاع الخاص من خلال التفويض للقيام بهذا المهمّة بدلاً عنها مع احتفاظ الدّولة بحقّها في الإشراف والرقابة، ما سمح للخواص بأن يكونوا عُنصراً فعّالاً في تحقيق التنمية المحليّة، وكذا المساهمة في ترقية منظومة الخدمة العموميّة وإشباع حاجات المنتفعين.
لقد شكل صدور المرسوم الرئاسي رقم 15-247 المتعلّق تنظيم الصفقات العموميّة وتفويضات المرفق العام الجديد، محاولة من المشرّع الجزائري لتوحيد جميع تفويضات المرافق العامّة في نص تنظيمي شامل يُعدّ بمثابة إطار عام للعلاقات التعاقديّة التي تربط بين جهة الإدارة العامّة المفوِّضة و المفوَّض إليها تسيير المرفق العام في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
الكلمات المفتاحية: عقد التفويض، شراكة، استثمار، قطاع عام، قطاع خاص، صفقة عموميّة.

Abstract

The public facility is essentially a project aimed at achieving the public interest, and in light of the transformations that the Algerian state has undergone in several fields since the early 1990s to the present day, the direct management of some public facilities has been abandoned as a result of many factors, and its management has been entrusted to the private sector from During the authorization to do this task in its place while retaining the right of the state to supervise and supervise, allowing the private to be an effective factor in achieving local development, as well as contributing to the upgrading of the public service system and satisfying the needs of the beneficiaries.
The issuance of Presidential Decree No. 15-247 on the regulation of public transactions and the mandates of the new public facility was an attempt by the Algerian legislature to consolidate all public utility mandates into a comprehensive regulatory text that serves as a general framework for contractual relations between the authorized and authorized public administration to run the public facility within the framework of the public-private partnership.
KeyWords: Delegation contract, partnership, investment, public sector, private sector, public deal.

مقدمة

للإدارة العامّة وظائف عديدة تختلف بطبيعة النظام السياسي، لدى عكف فُقهاء القانون الإداري بالاهتمام بها، والواقع أنّ أغلب أنشطتها مرصودة لخدمة الجمهور، ولتوفير هذه الخدمة يُتطلّب في بعض الأحيان إنشاء مرافق عامّة بالإضافة إلى حتميّة تزويدها بنصوص تنظيميّة للقيام بهامها، وتوفير العناصر البشريّة والماديّة اللازمة لتسييرها.
ومع تشعّب مجالات وأنواع الخدمة العموميّة وكثرتها وعدم استطاعة الإدارة العامّة تسيير كافّة المرافق العموميّة وزيادة العبء المالي عليها وكثرة الأزمات الوطنيّة، أدّى بالضرورة إلى محاولة التقليص من التسيير المباشر لها، حيث عمدت الدّولة إلى تفويض تسيير المرفق العام إلى القطاع الخاص، سواء كان ذلك القطاع الخاص من الشركات المعنويّة الخاصّة أو من الأفراد الطبيعيين،  ولا يتمّ ذلك التفويض إلاّ وفق مبدأي الشفافيّة والتنافسيّة.
التشريع الجزائري ومُنذ مطلع تسعينيّات القرن الماضي؛ رخّص للإدارات العامّة بتفويض تسيير المرافق العامّة للخواص، أي تفويض التسيير والاستغلال وفقط، مع عدم التنازل الكلي عن المرفق العام، ولا يتمّ ذلك إلاّ في إطار تعاقدي.المتتبع للأنظمة القانونيّة والتنظيميّة الوطنيّة المنظّمة للعلاقة التعاقديّة بين الإدارات العامّة والخواص لتسيير المرافق العامّة؛ يُلاحظ امتيازها في كونها قطاعيّة، ولكن بعد صدور المرسوم الرئاسي رقم 15-247 المتعّلق بالصفقات العموميّة وتفويضات المرفق العام، تمّ اعتباره كقانون مُوحّد لتفويض المرفق العام، زاد المشرّع على ذلك بتزكيته من خلال إصداره للمرسوم التنفيذي رقم 18-199 المتعلّق بتفويض المرفق العام، كل ذلك  اندرج ضمن تحوّلات عرفتها الساحة السياسيّة والاقتصاديّة في الدّولة تهدف إلى الاهتمام والنهوض بالقطاع الخاص من جهة؛ وتوفير الخدمة للجمهور بوجه أمثل من جهة ثانية، وهو ما دفعنا للتساؤل من خلال موضوع هذه المداخلة: إلى أيّ مدى ساهمت التنظيمات المتعلّقة بتفويض المرافق العام في ترقية وتهيئة المناخ للقطاع الخاص لإقامة شراكة مع القطاع العام من أجل النهوض بالاقتصاد خدمة للجمهور في ظل التحوّلات الجديدة للنظام السياسي والاقتصادي للدّولة؟.
وعلية تنبثق عن هذه الإشكاليّة، التساؤلات التالية:
  • كيف فسّر الفقه والتشريع عقد تفويض المرفق العام؟، وما هي الشروط الواجب التقيّد بها في عقد تفويض مرفق عام؟.
  • كيف يتمّ إبرام عقد تفويض المرفق العام؟ وما حدود علاقة الالتزام بين الدّولة والمفوّض بتسيير المرفق العام؟.
  • ما هي الإسهامات المرجوّة من تثمين وترقية تفويضات المرفق العام بالجزائر؟.

المنهج المعتمد من خلال هذه المداخلة هو المنهج الوصفي التحليلي، لكوننا سوف نقوم بتحليل العلاقة التي تربط بين الشخص المعنوي الخاضع  للقانون العام والمفوَّض بتسيير المرفق العام، كما يُفيدنا هذا المنهج في فهم دور الدّولة في تسيير المرفق العام، سواء من حيث التسيير المباشر وصولاً إلى التسيير عن طريق التفويض، وتحديد طبيعة العلاقة وإشكالاتها، وذلك بالاعتماد على المحاور الثلاثة التالية:
  • المحور الأوّل: الإطار المفاهيمي لتفويض المرفق العام
  • المحور الثاني: التحوّلات الجديد للدّولة في ترقية تفويضات المرفق العام
  • المحور الثالث: آليّات إحداث عقد تفويض المرفق العام وفق قانون الصفقات العموميّة

المحور الأوّل: تفويض المرفق العام كآليّة لإقامة شراكة بين القطاع العام والخاص

يُعد عقد تفويض المرفق العام ذا أهميّة كبيرة في العديد من الدّول التي تعمل على إتباع أساليب حديثة في التسيير، لذلك عكف فقهاء القانون والاقتصاد وبعض التشريعات على تعريفه وإبراز أهميّته وتحديد صُوره والعناصر التي يرتكز عليها، ومن خلال ورقتنا البحثية هذه، سوف نقوم بالتطرّق في هذا المحور إلى تحديد مفهوم لعقد تفويض المرفق العام (أوّلاً)، ثمّ تبيان الشروط التي يرتكز عليها ذلك التفويض (ثانياً) وفق ما يلي:

أوّلاً: مفهوم عقد تفويض المرفق العام فقهياً وقانونياً

لتفصيل أكثر وجب تحديد موقف الفقه من مدلول تفويض المرفق العام، ثمّ موقف التشريعات المقارنة منه، لاسيما في فرنسا والدول المغاربيّة، لنعرّج في الأخير على رأي التشريع الجزائري فيما يخص هذه المسألة.

أ‌- تعريف عقد التفويض عند فقهاء القانون:

لتدقيق أكثر وجب تعريف مصطلح العقد، ثمّ مصطلح التفويض، ثمّ مصطلح المرفق العام:
العقد: عرّف الفقه العقد الإداري على أنّه:"العقد الذي يُبرمه شخص معنوي سواء تعلّق بتأمين نشاط مرفق عُمومي أو تضمّن بُنود غير مألوفة في القانون الخاص".
التفويض: "وهو أن يحيل الحائز لسلطات مُعيّنة (سلطة إداريّة) استعمال البعض منها أو كُلّها لشخص آخر حتى يمارسها مكانه، إذ تُصبح السلطة المستفيدة من التصرّفات التي تتّخذها بمقتضى السلطات التي خُوّلت لها عن طريق التفويض ".
المرفق العام: ارتبط تعريف الفقه للمرفق العام بالمعيار العضوي أو المعيار الوظيفي أو بالمزج بينهما وفق مايلي:
  • المعيار الوظيفي: يُراد بالمرافق العامّة كل مُنظمة عامّة تُنشئها الدّولة وتخضع لإدارتها بقصد تحقيق حاجات الجمهور، ويُقصد بها أيضا الإدارة بشكل عام.
  • المعيار الوظيفي: يراد بالمرفق العام كل نشاط يُباشره شخص عام بقصد إشباع حاجة عامّة.
  • المعيار المركّب: المرفق العام هو مشروع يعمل باطراد وانتظام تحت إشراف رجال الحكومة بقصد أداء خدمة عامّة للجمهور مع خضوعه لنظام قانوني مُعين.



غير أنّ تطوّر الحياة الإداريّة والتغييرات الكبيرة التي طرأت في الأسس التي تُبني عليها فكرة المرفق العام، بالإضافة إلى ظهور المرافق العموميّة الاقتصاديّة التي يمكن إدارتها من قبل الخواص، حيث أصبح من حق الإدارة أن تُنظّم نشاط مُعين في شكل مرفق عمومي وتعهد به للأفراد عن طريق ما يسمّى بتفويض المرفق العمومي، وتوكيل مُهمّة تسيير ذلك المرفق (خوصصة التسيير) لأشخاص خاصّة، شهد هذا المعيار المعتمد انهياراً أمام المعيار الأساسي الذي يُركّز على المنفعة العامّة التي يستهدفها نشاط المرفق العام.
لقد ظهرت عدّة تعريفات لعقد تفويض المرفق العام أبرزها ما ذهب إليه الأستاذ جان ماري أوبي (Jan - Marie Auby) الذي يري بأنّه "العقد الذي يُعهد فيه إلى شخص آخر يسمّى (صاحب التفويض)؛ تنفيذ مُهمّة المرفق العام والقيام بالاستغلال الضروري للمرفق، ويمكن أن يتضمّن إقامة مُنشأة عامّة، وأن يتحمّل صاحب التفويض مسؤوليّة تشغيل المرفق العام وإقامة علاقة مُباشرة مع المستفيدين الذين تُؤدى إليهم الخدمات مُقابل تأديتهم لتعريفات محدّدة، وتقيد صاحب التفويض بالمدّة المحدّدة في العقد التي تعكس الاستثمارات التي يهدف إلى تغطيتها".
وعرّفه أخر بأنّه: "نقل اختصاص سُلطة ومسؤوليّة الدّولة أو أيّ شخص عام؛ للقطاع الخاص لإدارة واستغلال مرفق عام لفترة محدّدة ولتحقيق مصلحة عامّة، وعليه تُصنف عُقود تفويض المرفق العام من العقود الإداريّة، لوجود شخص عام وهو مانح التفويض لتنفيذ مرفق عام وهو موضوع التفويض لتحقيق فائدة عامّة للجمهور".
ويمكن تعريف تفويض المرفق العام كذلك بأنّه "عقد يتمّ من خلاله تسيير واستغلال مرفق بمقابل مالي يتحصّل عليه المفوّض له، يدفعه المرتفقون أو الإدارة المفوِّضة، ويتعلّق مُباشرة باستغلال المرفق ".

ب- تعريف التشريعات الغربيّة والعربيّة لعقد تفويض المرفق العام:

يُعد عقد تفويض المرفق العام؛ مُصطلحاً جديداً لعلاقة قديمة بين السلطات العموميّة والقطاع الخاص، فأوّل تشريع نظّمه صدر من طرف المشرّع الفرنسي بموجب قانون مورسيف (Murcef) الصادر سنة 2001 واضعاً تعريفاً محدّداً لتفويض المرفق العام وذلك بموجب المادة الثالثة منه، التي عرّفت تفويض المرفق العام بأنّه "عقد يعهد من خلاله شخص معنوي عام للغير (المفوَّض له) سواء أكان عاماً أم خاصاً تحقيق مرفق عام هو مسؤول عنه، حيث تكون العائدات مُتصلة بصورة جوهرية بنتائج استثمار المرفق، والمفوَّض له قد يكون مُكلفاً ببناء مُنشآت أو تحصيل أموال لازمة للمرفق".
في تونس نظّم المشرّع في القانون رقم 23 لسنة 2008 التفويض تحت مُسمى اللزمات، إذ عرّف الفصل الثاني من ذات القانون تفويض المرفق العام بأنّه : "العقد الذي يُفوِّض بمقتضاه شخص عمومي يُسمى "مانح اللزمة"، لمدّة محدّدة، إلى شخص عمومي أو خاص يُسمى صاحب اللزمة"؛ التصرّف في مرفق عمومي أو استعمال واستغلال أملاك أو مُعدّات عموميّة، وذلك بمقابل يستخلصه لفائدته من المستعملين حسب الشروط التي يضبطها العقد....".

ج- موقف المشرّع الجزائري

المشرّع الجزائري عرّف عقد تفويض المرفق العام بموجب المادة رقم 207 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247 بأنّه: " يمكن للشخص المعنوي الخاضع للقانون العام المسؤول عن مرفق عام، أن يقوم بتفويض تسييره إلى مُفوَّض له، وذلك ما لم يُوجد حكم تشريعي مخالف، ويتمّ التكفّل بأجر المفوَّض له، بصفة أساسية، من استغلال المرفق العام.
وتقوم السلطة المفوِّضة التي تتصرّف لحساب شخص معنوي خاضع للقانون العام بتفويض تسيير المرفق العام بموجب اتفاقيّة.
وبهذه الصفة، يمكن للسلطة المفوِّضة أن تعهد للمفوَّض له إنجاز مُنشآت أو اقتناء ممتلكات ضروريّة لسير عمل المرفق العام ".
ما يُلاحظ على نص المادّة سالفة الذكر أنّ المشرّع الجزائري قد أخذ بنفس تعريف المشرّع الفرنسي سالف الذكر، فعقد تفويض المرفق العام يقوم على مجموعة  من المرتكزات القانونيّة التي تُعتبر معياراً لتحديد ما إذا كانت العقود التي تُبرمها الإدارة، عُقود تفويض أم عُقود إداريّة أخرى، وهذا لمعرفة النظام القانوني الواجب التطبيق.
وواقع الأمر أنّ هذا التوجّه ليس بالجديد، لأنّ هذه المرتكزات معمول بها في عدّة عُقود مثل عقد الإيجار وعقد الامتياز، لكن المشرّع الجزائري أراد الوصول لفكرة وضع إطار قانوني عام وشامل يُنظّم عقود تسيير المرفق العام، بهدف تحقيق الوضوح والشفافية في الحياة الاقتصاديّة.

ثانياً: العناصر التي يقوم عليها عقد تفويض المرفق العام:

ما يمكن استنتاجه من خلال ما سبق من التعريفات سالفة الذكر؛ أنّ عقد تفويض المرفق العام يجب أن يمتاز بالخصائص التالية:
أ- وجود مرفق عام قابل للتفويض، على أن لا يكون مرفق عام دستوري كالتعليم والصحّة والدفاع وبقيّة المرافق السياديّة التي تُعتبر من صلب وظائف الدّولة ومهامها.
وبالرجوع إلى التشريع والتنظيم الجزائري لا نجد أبداً قائمة تحدّد المرافق العامّة القابلة للتفويض، فمهما كانت طبيعة المرفق العام إداري أو صناعي فهو قابل للتفويض، وإن كان المشرّع قد وضع في تعريف تفويض المرفق العام شرط واقف ومانع؛ وهو عدم وجود نص قانوني يمنع ذلك، أي أنّ المنع يكون وفق نص قانوني صريح.
ب- وجود مانح للتفويض (شخص عام) وصاحب التفويض القطاع الخاص.
ج- محل العقد يرتكز بالأساس على إدارة أو تشغيل المرفق دون نقل الملكيّة من القطاع العام للخاص وهذا ما يسمى الخصخصة الإداريّة الجزئيّة.
د- يقتضي على صاحب التفويض أن يتحمّل كافّة أنواع المخاطر التشغيليّة والتمويليّة وبدونها لا يجوز إطلاق عقد التفويض عليه.
هـ- تحديد مُدّة زمنيّة معلومة قابلة للتجديد إذا دعت الحاجة، وهي تعتمد على طبيعة العقد فإن كان إدارة مرفق ستكون المدّة قصيرة، وإن كانت إدارة وتمويل مالي لإقامة بعض المنشآت التابعة للمرفق ستكون المدّة أطول.
و-ارتباط المقابل المالي بإداء المرفق العام ومدى تحمّله للمخاطر التشغيليّة.
ز- وجود رقابة فعّالة ومُستمرة على صاحب التفويض.
ر- تلجأ الدّول لعقود التفويض في حال وُجود عجز إداري وفني في إدارة المرفق، سواء كان ذلك بسبب الفساد الإداري، أو ضُعف إمكانيّات وخبرة الموارد البشريّة، أو رغبة في تحسين جودة المخرجات.

المحور الثاني: التحوّلات الجديد للدّولة في ترقية تفويضات المرفق العام وإسناده للقطاع الخاص

يتمّ التعرّض في هذا المحور الى تطور عقد التفويض من خلال تحوّل نهج الدّولة من التسيير المباشر نحو فكرة تفويض المرافق العامّة (أولاً)، والتطرّق إلى دوافع وعوامل تحوّل فكر الدّولة الحديثة إلى تفويض المرفق العام (ثانيا)، وتقييم تحوّل فكرة الدّولة لتوحيد النظام القانوني لتفويض المرفق العام في قانون الصفقات العموميّة (ثالثاً)، من خلال ما يلي: 

أولاً: تحول توجه الدولة من الادارة الكلاسيكية نحو الإدارة التشاركية بين القطاع العام والقطاع الخاص وفق آلية التفويض:

لقد أثبت التسيير الكلاسيكي للمرافق العامّة (التسيير المباشر) فشل هذا النوع في السيطرة على جميع المرافق العامّة، وذلك بسبب بتعدّد مجالات تدخّل الدولة والتخصّص الذي شهده العصر الحديث، وكذا بروز مفاهيم جديدة خاصّة منها العولمة وانفتاح الدّول على بعضها البعض، حيث أصبحت الدّولة مُلزمة بتحيين المفهوم التقليدي لفكرة المرفق العام، أين أصبحت الدّولة عاجزة فيه عن تلبية كل مُتطلبات الحياة، لذا كان لا بُدّ عليها من تحديث المرفق العام، وعليه ظهرت شراكة حقيقيّة بين القطاع العام والقطاع الخاص، أين حلّت المشاريع الخاصّة محل الجماعات العامّة، وقد أصبح التمييز التقليدي بين المرفق العام الإداري الذي لا يجوز إدارته إلاّ بطريقة مُباشرة من طرف الدولة، والمرفق العام الاقتصادي أو الاستثماري الذي يمكن أن يُدار من طرف أشخاص القانون الخاص (الشركات الخاصّة، الأفراد).
وعلى إثر التحوّلات السياسيّة التي شهدتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، وتخلّيها على النظام الاشتراكي والتوجّه نحو تبني نظام اقتصادي واجتماعي مفتوح، أُجبر المشرّع الجزائري على التكيّف مع مُدخلات البيئتين الداخليّة والخارجيّة ومن أهم تلك التحوّلات السياسيّة هي ولادة دستور سنة 1989، بالإضافة إلى حل جميع المرافق العموميّة المفلسة وتحويلها إلى القطاع الخاص، كما سمح المشرّع الجزائري بإنشاء منظومة قانونيّة تسمح للإدارة العامّة بتفويض الخواص لتسيير المرافق العامّة نيابة عنها. 
فيما يري البعض أنّ واقع القطاع الخاص الوطني منذ الاستقلال قد أظهر بأنّه لا يوجد من لديه القدرة على تحمّل أعباء تسيير مرفق عام، أي غياب بُرجوازيّة قادرة على القيادة، ناهيك عن عدم وجود هيكلة لقطاع خاص يستطيع تحمّل هذه المسؤوليّة، حيث شكّل صُدور قانون النقد والقرض وما تلاه من تعديلات مطلع التسعينيات؛ قفزة نوعيّة من خلال نصّه على منح قروض بمختلف أشكالها تتلاءم وقُدرة المستثمرين في تسيير المرافق العامّة بالتفويض.
إنّ مُصطلح تفويض المرفق العام موجود منذ القدم في النظم القانونيّة المقارنة والذي بمقتضاه يُسمح بتوكيل تسيير المرفق لأحد أشخاص القانون العام أو الخاص، إلاّ أنّ استعمال مُصطلح التفويض الذي أورده الفقه والقضاء الفرنسي يُعتبر هو الجديد، ولو أنّ محتواه موجوداً في كل الدّول (عقود الامتياز الخاصّة)، ومن بينها الجزائر التي أشارت إليه في المرسوم 15-247 المتعلّق بالصفقات العموميّة وتفويضات المرفق العام.
هذا المرسوم التنظيمي أضفى نوعاً من الشفافيّة والمنافسة على النشاطات الاقتصاديّة وحارب الرشوة (شفافيّة الإجراءات العموميّة)، وذلك بالرجوع إلى الطرق الكلاسيكيّة لمنح الصفقات العموميّة (استدراج العروض، تقييمها، اختيار الأحسن)، وبذلك فقد قيّد المرسوم الرئاسي رقم 15-247 حُريّة الإدارة في الاختيار، وهو ما ولّد نوعاً من النجاعة في الاختيار حسب معايير محدّدة مُسبقاً يتمّ التركيز عليها من خلال عمليّة تقييم العروض تقنياً ومالياً، وهذا لضمان اختيار الأفضل من العروض المقترحة الأمر الذي يُساهم في تقديم أحسن خدمة للمرتفقين.

ثانياً: دوافع تحوّل فكر الدّولة الحديثة إلى تفويض المرفق العام:

يرى الفقه الفرنسي أنّ سبب تفويض المرفق العمومي للقطاع الخاص لاسيما في السنوات الأخيرة، كان بفعل عوامل عديدة ارتكزت بالأساس في الآتي:
  • لجوء الدّولة للبحث عن الفعاليّة في تسيير المصالح العامّة والحاجة الماسّة لتطوير نوعيّة الخدمة.
  • تقليص العبء المالي للتسيير المباشر على الميزانيّة العامّة للدّولة والجماعات المحليّة؛ فمن خلال تفويض المرفق العام يتحمّل المفوَّض له؛ العبء المالي لتسيير المرفق بكل المخاطر التي يحملها.
  • زيادة طلبات المرتفقين كماً وكيفاً (ناتجة عن زيادة الوعي المدني لدى المرتفقين بسبب تغيير الإيديولوجيّات والضغط الخارجي في إطار العولمة).
  • حاجة الدّولة إلى هياكل قاعديّة وتجهيزات عُموميّة ضخمة، والتي بدون شك تُكلّف الدّولة أموالاً طائلة، لذلك تلجأ الدّولة لتفويض المرفق ليتولى المفوَّض له إنجاز هذه الهياكل واستغلالها لمدّة معيّنة تسمح بتغطية الأعباء التي دفعها.
  • التخفيف من أعباء الدّولة والجماعات المحليّة.
  • التطوّر التكنولوجي وكبر حجم المجال الذي تشمله المرافق العموميّة (مرافق اجتماعيّة، ثقافية، اقتصاديّة، إداريّة...الخ).
  • التغلّب على صُعوبات التمويل وذلك بالشراكة مع الخواص (قطاع عام- خاص).
  • البحث عن الفعاليّة الاقتصاديّة، والجمع بين مزايا القطاع الخاص والعام.
  • الحد من المنازعات والقضايا التي تُرفع أمام العدالة ضد الدّولة والإدارات العامّة نتيجة تدخّلها في جميع الميادين وجميع المستويات.

ثالثاً: تقييم تحوّل فكرة الدّولة لتوحيد النظام القانوني لتفويض المرفق العام في قانون الصفقات العموميّة:

إنّ الدارس لعقود تفويض المرافق العامّة في الجزائر؛ يُلاحظ وجود ترسانة ضخمة من النصوص القانونيّة المنظّمة لهذا النوع من العقود خاصّة بعد سنة 1994، لكن ما يميّز هذه الترسانة القانونيّة هي القطاعيّة، أي لكل قطاع نص قانوني يُنظّم عقد الامتياز كالكهرباء والغاز، المواصلات السلكيّة، الطيران، النقل البحري.....الخ.
فرغم ما تحمله قطاعيّة المعالجة في الحفاظ على خُصوصيّة كل قطاع بما يملكه من مُعطيات مُتعلقة بمرافقه العامّة، إلاّ أنّ هذه القطاعيّة يُعاب عليها عدم توحيد الأنظمة القانونيّة أو على الأقل قيامها بتوحيد المصطلحات المستعملة، فنجدها أحياناً تستعمل مُصطلح عقد الامتياز بـ "الرخصة"، "اتفاقيّة".
الجزائر وبعد أزيد عن 20 سنة حاولت القيام بوضع نص قانوني واحد كإطار عام لعقد التفويض، ممثلاً في المرسوم الرئاسي رقم 15-247 المتعلّق بالصفقات العموميّة وتفويضات المرفق العام، وهو الذي تضمّن توحيداً للمصطلحات المستعملة، وهي محاولة بنّاءة من المشرّع الجزائري لإنشاء قانون مُوحّد لتفويض المرفق العام، حيث أنّ هذا التوحيد سوف يحقّق ما يلي:
  • يُعتبر ضمانة حقيقيّة للمستثمرين الراغبين في الاستثمار من خلال خلق استقرار قانوني مشجّع على الاستثمار.
  • يُسهل من الاطلاع على إجراءات منح وتنفيذ الامتياز، ويُقلّل من العراقيل البيروقراطيّة.
  • كما يُقلّص من حجم التناقضات بين النصوص القانونيّة، ويقلّص من تضخّم النصوص المنظّمة لعقد تفويض المرافق العام وتفرّقها.


كما أنّه لا يجب أن يُفهم من وضع نص تنظيمي يُأطّر عقد تفويض المرفق العام؛ بأنّ هذه القواعد تهمل خُصوصيّة كل قطاع، بل يمكن أن نضع قانون عام يُنظّم الأمور المشتركة، ونترك التفصيل لدفاتر الشروط النموذجيّة التي تُراعي خُصوصيّة كل قطاع، وهذه الدفاتر لا يجب أن تكون مُناقضة في محتواها لما جاء في الإطار العام للمرسوم الرئاسي رقم 15-247.

المحور الثالث: آليّات إحداث عقد تفويض المرفق العام وفق قانون الصفقات العموميّة

بالرجوع إلى أحكام المرسوم الرئاسي رقم  15 -247 نجد أنّ المشرّع الجزائري استحدث نظام قانوني جديد قديم في نفس الوقت، ضمن المنظومة القانونيّة للصفقات العموميّة ممثّلاً في عقد تفويض المرفق العام، وذلك لارتباطه بالحياة الاقتصاديّة والتطوّرات المستجدّة بعد لجوء الدّولة لسياسة التقشّف والتحوّل نحو الاهتمام بالقطاع الخاص والتعويل عليه بالاستثمار المباشر أو تفويضه بتسيير بعد القطاعات للتخفيف من  الأعباء الاجتماعيّة، فالمرسوم الرئاسي رقم 15-247 رتّب جملة من الشروط لإحداث عقد تفويض، وأقرّ بعض أشكال التفويض، كما أقرّ كذلك الالتزامات الواجب على المفوَّض إليه بتسيير المرفق العام التقييد بها، حيث نُوجز كل ما سبق على النحو الأتي: 

أولاً: الشروط الواجب التقيّد بها في عقد تفويض مرفق عُمومي

ضماناً للنزاهة والشفافيّة في إبرام عُقود تفويض المرفق العام واستمراريّته؛ أقرّ المشرّع الجزائري من خلال نص المادة 209 ما يلي: "تخضع اتفاقيّات تفويض المرفق العام، لإبرامها إلى المبادئ المنصوص عليها في المادة 5 من هذا المرسوم.
وزيادة على ذلك، يخضع المرفق العام عند تنفيذ اتفاقيّة تفويضه، على الخصوص، إلى مبادئ الاستمراريّة والمساواة وقابليّة التكيّف".
وبالعودة إلى المادة 05 من ذات المرسوم نجد أنها نصّت على ما يلي: "لضمان نجاعة الطلبات العموميّة والاستعمال الحسن للمال العام، يجب أن تُراعى في الصفقات العموميّة مبادئ حُريّة الوصول للطلبات العموميّة والمساواة في مُعاملة المرشّحين وشفافيّة الإجراءات، ضمن احترام أحكام هذا المرسوم".
ما يُفهم من نص المادتين سالفتي الذكر أنّه يجب على طرفي العقد؛ المفوِّض (السلطة العامّة) والمفوَّض له (القطاع الخاص الممنوح له التفويض) ضرورة تقييدهم بالالتزامات الآتية:

1- التزامات المفوِّض قبل إبرام عقد تفويض المرفق العام:

إنّ تسيير المفوض للمرفق العام يهدف بالأساس إلى إقامة شراكة فعّالة بالمفهوم القانوني والاقتصادي للمصطلح، والتفويض يمنح لأحد المتعاملين مُهمة تسيير مرفق عام، ولا يتحقّق ذلك إلاّ من خلال توفّر ما يلي:

أ- حرية الوصول إلى الطلبات العموميّة:

لا يتحقّق ذلك إلا بإعطاء الحق لكل أشخاص القانون العام والخاص على السواء والمختصّين في النشاط الذي ترمي السلطة المفوِّضة منح تسييره، فالمفوِّض مُلزم بالتعاقد مع أحدهم دون تمييز بينهم، ومنع كل ممارسة مُدبّرة تهدف إلى الحد من الدخول في العرض أو تطبيق شروط غير مُتكافئة مما يؤثّر على مبدأ المنافسة بين المترشّحين، ولا يتحقّق مبدأ حريّة وصول المتعهّدين إلاّ بوجود شفافيّة تضمن الحصول على أفضل العروض سواء من حيث كيفيّات إبرام عقد التفويض أو من حيث إجراءات إبرامه.

ب- المساواة في مُعاملة المترشّحين:

يُراد بمبدأ المساواة بين المتعاملين المترشّحين أن لا تنطوي معايير اختيار المفوَّض له على طابع تمييزي، فالمنافسة تُعد ضمانة للمنافسة الحرّة في مجال تفويض المرافق العامّة، إذ تلتزم السلطة المفوِّضة بوضع معايير تتعلق أساساً بـ:
  • شُروط تقديم التعهّدات المقدّمة من قبل المترشّحين.
  • توضيح معايير التقييم وآليّات إرساء العقد.

2- التزامات المفوَّض إليه بعد إبرام اتفاقيّة تفويض المرفق العام

باستقراء الفقرة الثانية من المادة 209 سالفة الذكر، يتّضح لنا بأنّ المشرّع قد اعترف بما تطرّقت إليه جل الاجتهادات القضائيّة والدراسات الفقهيّة فيما يخصّ المبادئ التي تحكم سير المرافق العامّة، وألزمت المفوَّض له تسيير المرفق العام بضرورة خضوعه وتحقيقه لما يلي:

أ-  مبدأ استمراريّة المرفق العمومي:

للمرافق العامّة دورٌ مُهم داخل المجتمع أيّاً كان نشاطها، حيث يفترض فيها أن تُقدّم خدماتها للجمهور بشكل مُستمر ومُتواصل، فلا يمكن أن يُتصوّر مثلاً توقّف تقديم خدمة الصحّة أو توزيع المياه أو الغاز والكهرباء، إذ أنّ توقّف أحد هذه الأجهزة وغيرها؛ سينجم عنه إلحاق ضرر بالغ بالمصلحة العامّة وبحقوق الأفراد ولو لمدّة قصيرة، لهذا أجمع الفقهاء على أنّ استمراريّة المرفق العام تُعتبر أحد المبادئ الأساسيّة التي تحكم عمله، ويقتضي مبدأ الاستمراريّة توفّر جملة من الضمانات وتتجلى تلك الضمانات في تنظيم ممارسة حق الاستقالة، وممارسة حق الإضراب، حتى لا يتمّ انقطاع استمراريّة المرفق العام، فالقضاء الفرنسي شدّد على المحافظة على مبدأ الاستمراريّة، وأبطل كلّ محاولة تهدف بالمساس به، وأعتبر الإضراب في المرفق الذي يُدار بطريق الامتياز عملاً غير مشروع، ولا يعدّ خطأ شخصياً بل عدّه خُروجاً عن القوانين والتنظيمات ونقضاً للعقد، مما يبرّر فصل الموظّفين في الحال دون إتباع الضمانات المقرّرة للموظّف أثناء ممارسته لحقه في الإضراب.

ب- مبدأ المساواة بين المنتفعين:

يقوم هذا المبدأ على أساس التزام المفوَّض له تسيير المرفق العام؛ بأن تؤدّي تلك المرافق العامّة خدماتها لكل من يطلبها وتتوفّر فيه شروط الاستفادة منها، دون تمييز بينهم بسبب الجنس واللّون أو اللّغة أو الدين أو المركز الاجتماعي أو الاقتصادي، غير أنّ مُساواة المنتفعين أمام المرفق المفوَّض هي مُساواة نسبية غير مُطلقة، بمعنى أن يتواجد جميع المنتفعين في مركز يسمح لهم القانون أو التنظيم بالانتفاع من المرفق المفوّض له بتقديم الخدمة بمقابل.

ج- مبدأ قابليّة المرفق العام للتغير(قابليّة التكيّف):

استقرّ الفقه والقضاء على أنّ هذا المبدأ يسري بالنسبة لكافة المرافق العموميّة، سواء كان أسلوب إدارتها بطريق الإدارة المباشرة أم بطريق التفويض (الالتزام)، فالجهة المفوَّض لها تسيير المرفق العام يحقّ لها كلّما دعت الحاجة أن تتدخّل وبإدارتها المنفردة لتعديل الأنظمة واللوائح الخاصّة بالمرفق، أو تغييرها بما يتلاءم مع المستجدّات دون أن يحقّ لأحد الأفراد الحق في الاعتراض والتعرّض لها.

ثانيًا: كيفيّات إبرام عقد تفويض تسيير المرفق العام

أحالت الفقرة الأخيرة من المادة 209 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247 كيفية إجراءات إبرام عقد تفويض تسيير المرفق العام الى نص تنظيمي، وهو ما تجسّد فعلاً من خلال صدور المرسوم التنفيذي رقم 18-199 المتعلّق بتفويض المرفق العام، كما أقرّ المشرّع الجزائري كيفيّة إبرام عقد تسيير المرفق العام في بعض التنظيمات المتخصّصة.

أ- إجراءات إبرام عقد التفويض وفق المرسوم التنفيذي رقم: 18-199

 أحاط المشرّع الجزائري كيفيّات إبرام عقود تفويض المرفق العام وفق ما تقضيه إجراءات الصفقة والاستشارة العموميّة بدءاً بـ:
  • إجراء الإعلان عن مُنافسة لعقد تفويض:


وفق المادة 25 من ذات المرسوم فإنّه يجب أن يتمّ نشر الطلب على المنافسة بشكل واسع وبكل وسيلة مُناسبة، ويجب إشهاره على الأقل في جريدتين يوميتين باللّغة الوطنيّة واللغة الأجنبيّة.
على أنّه يمكن إعفاء بعض المرافق العموميّة، نظراً إلى حجمها ونطاق نشاطاتها؛ من إجبارية الإشهار في الجرائد شريطة ضمان إشهار واسع بكل وسيلة أخرى، مع إلزامها بأن تُعلّل لجوءها لهذا الإجراء.
  • الشروط الخاصّة بملف المنافسة لعقد تفويض المرفق العام:
بحسب ما ورد في المادة 30 من المرسوم التنفيذي رقم 18-199، فإنّه ومن أجل صحّة قُبول ملف الترشّح لتسيير المرفق العام يجب يتضمّن الوثائق الآتية:
- تصريح بالنزاهة.
- القانون الأساسي للشركة.
- مُستخرج السجل التجاري.
- رقم التعريف الجبائي فيما يخصّ المترشّحين الخاضعين للقانون الجزائري، أو المترشّحين الأجانب الذين سبق لهم العمل في الجزائر.
- كل وثيقة تسمح بتقييم قدرات المترشّحين مذكورة في دفتر الشروط.
  • لجنة فتح الأظرفة وتقييم عروض عقد التفويض:
وفق المادة 76 من المرسوم التنفيذي رقم 18-199، تُنشئ السلطة المفوِّضة لجنة لاختيار وانتقاء العروض لمدّة ثلاث (03) سنوات قابلة للتجديد، تقوم تلك اللجنة باقتراح مترشّح تمّ انتقاؤه لتسيير المرفق العام، حيث تتكوّن هذه اللجنة من ستة (06) موظّفين مؤهّلين من بينهم الرئيس، يعيّنهم مسؤول السلطة المفوِّضة. ويحدّد نظامها الداخلي بموجب مُقرّر من مسؤول السلطة المفوِّضة،. ويمكن للجنة أن تستعين بكل شخص يمكنه بحكم كفاءاته أن يُنيرها في أشغالها.
كما أنّه من مهام اللّجنة القيام باختيار وانتقاء العروض، في جلسة علنيّة وفي مرحلة أولى تقوم بفتح الأظرفة وتسجيل جميع الوثائق المقدّمة من طرف المترشّحين.
ثمّ تقوم لجنة اختيار وانتقاء العروض في مرحلة ثانية وفي جلسة مُغلقة، بدراسة ملفّات الترشّح ابتداء من اليوم الموالي لجلسة فتح الأظرفة.
·       تعيين الفائز بعقد التفويض:
نصّت المادة 41 من المرسوم التنفيذي رقم 18-199، على أن يتّخذ مسؤول السلطة المفوِّضة قرار المنح المؤقّت للتفويض وفقاً لأحكام المادة 73 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، ويتمّ إشهار هذا القرار وفق نفس الكيفيّات المنصوص عليها في المادة 25 من المرسوم التنفيذي رقم 18-199 والمتعلّقة بضرورة نشر الفائز بصفقة عقد التفويض في المرفق العام بشكل واسع وبكل وسيلة مُناسبة، ويجب إشهاره على الأقل في جريدتين يوميتين باللغة الوطنيّة واللغة الأجنبيّة.
عندما يتعلّق الأمر بقرار منح مؤقّت لتفويض المرفق العام في حالة التراضي بعد الاستشارة، فإنّه يتمّ إشهار القرار بجميع الوسائل المتاحة، حسب حجم ونطاق نشاط المرفق العام.
  • عقد اتفاقيّة تفويض المرفق العام:
ألزم المشرّع الجزائري على ضرورة أن ينصّ مشروع اتفاقيّة التفويض على جميع البنود المتعلّقة باتفاقيّة تفويض المرفق العام، وكذا الأحكام التعاقديّة المتضمّنة جميع الجوانب المتعلّقة بتنفيذ تفويض المرفق العام التي ورد ذكرها في المادة 48 من المرسوم التنفيذي رقم 18-199 لاسيما البيانات الآتية:
- تعيين الأطراف المتعاقدة وكذا هويّة الأشخاص المؤهّلين قانوناً لإمضاء الاتفاقيّة وصفتهم،
- موضوع التفويض بدقّة،
- صيغة الإبرام،
- شكل التفويض،
- الضمانات،
- حالات دفع التعويضات وآليّات حسابها،
- التأمينات،
- الواجبات الواقعة على عاتق المفوَّض له تجاه مُستعملي المرفق العام،
- شكل المقابل المالي الذي يدفعه مُستعملو المرفق العام، وكذا آليّات تحيينه ومراجعته،
- شروط التسديد وبنك محل الوفاء، عند الاقتضاء،
- مدّة التفويض،
- الاختصاص الإقليمي للمرفق العام،
- حقوق وواجبات السلطة المفوِّضة والمفوَّض له،
- جرد المنشآت والمعدّات المسخّرة للخدمة، عند الاقتضاء،
- إنجاز واقتناء ممتلكات المرفق العام، عند الاقتضاء،
- البنود المتعلّقة باستغلال مُنشآت وممتلكات المرفق العام،
- البنود المتعلّقة بصيانة مُنشآت وممتلكات المرفق العام، عند الاقتضاء،
- التكفّل بالمصاريف الناجمة عن أضرار تكون قد مسّت بمنشآت وممتلكات المرفق العام والتي تتمّ مُعاينتها بعد الجرد الذي يتمّ عند نهاية اتفاقيّة التفويض،
- تدابير الأمن والنظافة والسلامة الصحيّة وحماية البيئة،
- شُروط المناولة، عند الاقتضاء،
- البند المتعلّق باستعمال اليد العاملة،
- كيفيّات مُراقبة تنفيذ اتفاقيّة التفويض،
- كيفيّات تنفيذ حالات القوّة القاهرة،
- كيفيّات حل النزاعات،
- الجهة القضائيّة المختصّة في حالة نزاع،
- العقوبات الماليّة وكيفيّات تطبيقها،
- الرقابة البعديّة وإعداد حصائل وتقارير دوريّة
- حالات الفسخ،
- إبراء ذمّة لفائدة المفوَّض له بعد نهاية اتفاقيّة تفويض المرفق العام.

ب- إجراءات إبرام عقد التفويض وفق التنظيمات المتخصّصة:

المتفحّص للنصوص التنظيمية الخاصّة ببعض المرافق العموميّة يجد بأنّ المشرّع أقر مبدأ الدعوة للمنافسة بين المتعهدين في كثير من النصوص الخاصّة نذكر من بينها:
- ما ورد في المادة 32 الفقرة 01 من القانون رقم 2000-03 المتعلّق بالاستثمار في مجال الاتصالات، والتي قضت بمنح رُخصة استغلال شبكات المواصلات السلكيّة واللاسلكيّة يتمّ عن طريق إعلان المنافسة .
- كذلك ما جاءت به المادة 06 الفقرة 01 من المرسوم التنفيذي رقم 08-114 المحدّد لكيفيّات منح امتيازات توزيع الكهرباء والغاز، حيث نصّت على أنّه: ".... يكون منح هذا الامتياز محل طلب عروض تُصدره لجنة ضبط الكهرباء والغاز". 
- وأيضا ما ورد في المرسوم التنفيذي رقم 91-454 المحدّد لشروط إدارة الأملاك الخاصّة والعامّة التابعة للدّولة، والذي نصّت المادة 20 منه على أن: "يكون تأجير العقارات، غير المحلاّت ذات الاستعمال السكني، عن طريق المزاد العلني".
- وأيضا ما جاءت به المادة 156 من قانون البلدية رقم 11-10 والتي نصّت على أنّه: "يمكن البلدية أن تفوّض تسيير المصالح العموميّة المنصوص عليها في المادة 149 أعلاه عن طريق عقد برنامج أو صفقة طلبيّة طبقاً للأحكام التشريعيّة والتنظيميّة المعمول بها".

ثالثاً: أشكال عقد تفويض المرفق العام بين القطاع العام والخاص

يتّخذ عقد تفويض المرفق العام أشكالاً عديدة نصّت عليها المادة 210 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247 حيث: "يمكن أن يأخذ تفويض المرفق العام، حسب مستوى التفويض، والخطر الذي يتحمّله المفوَّض له ورقابة السلطة المفوِّضة، شكل الامتياز أو الإيجار أو الوكالة المحفّزة أو التسيير، كما هي محدّدة أذناه.
كما يمكن أن يأخذ تفويض المرفق العام أشكالاً أخرى، غير تلك المبيّنة فيما يأتي وفق الشروط والكيفيّات المحدّدة عن طريق التنظيم".
يُلاحظ أنّ المشرّع قد أقرّ ببعض الأشكال على سبيل الحصر، تاركاً المجال لأشكال أخرى يتمّ تحديدها عن طريق التنظيم، حيث نوجز بعض عقود تفويض المرفق العام فيما يلي:

01- عُقود تفويض المرفق العام المقرّرة في قانون الصفقات العموميّة

هذه العقود نظّمتها المادة 210 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، وهي ممثّلة في الآتي:
أ‌- عقد الامتياز: هو عقد بموجبه تعهد السلطة المفوِّضة للمفوَّض له، إما بإنجاز مُنشآت أو توريد تجهيزات ضروريّة لإقامة المرفق العام واستغلاله، وإمّا أن تعهد للمفوَّض له استغلال المرفق العام فقط، والمفوَّض له يستغل المرفق العام باسمه وعلى مسؤوليّته، تحت مُراقبة السلطة المفوِّضة، ويتقاضى عن ذلك أتاوى من مُنتفعي المرفق العام.
ومثال ذلك أن تعهد الدّولة لأحد الخواص باستغلال خدمات توزيع المياه أو الكهرباء أو الغاز أو استغلال البترول أو استغلال الميناء وغيرها.
ب‌- عقد الإيجار: هو عقد بواسطته تعهد السلطة المفوِّضة (السلطة العامّة) للمفوَّض له (شخص من القطاع العام أو القطاع الخاص) تسيير مرفق عام وصيانته، بمقابل إتاوة يدفعها كل سنة، ويمنح للمفوَّض له؛ حينها حق التصرّف في المرفق العام لحسابه على أن يتحمّل كافّة مسؤوليّته، مثل قيام البلديّة بعقد إيجار لسوق الخضر والفواكه التابع لها.
ت‌- الوكالة المحفزّة: هو عقد بموجبه تعهد السلطة المفوِّضة للمفوَّض له بصلاحيّة التسيير فقط أو بصلاحيّة تسيير وصيانة المرفق العام معاً، ويقوم المفوَّض له باستغلال المرفق العام لحساب السلطة المفوِّضة التي تموّل بنفسها إقامة المرفق العام وتحتفظ بإدارته، على أن تقوم السلطة المفوِّضة مُباشرة بإعطاء أُجرة للمفوَّض له، ويتمّ ذلك من خلال منحة محدّدة بنسبة مئويّة من رقم الأعمال، وعند الاقتضاء تُضاف إليها منحة إنتاجية وحصّة من الأرباح.
تقوم كذلك السلطة المفوِّضة وبالاشتراك مع المفوَّض له، بتحديد التعريفات التي يدفعها مُستعملو المرفق العام، على أن يقوم المفوَّض له بتحصيل التعريفات لحساب السلطة المفوِّضة.
ث‌- عقد التسيير: يمكن القول بأنّه عقد بمقتضاه تتعهّد السلطة المفوِّضة للمفوَّض له بتسيير أو تسيير وصيانة المرفق العام، على أن يستغلّه لحساب السلطة المفوِّضة التي تحتفظ بإدارته وتمويله، وتقوم بدفع أجر للمفوَّض له، بواسطة منحة تحدّد بنسبة مئويّة من رقم الأعمال، بالإضافة إلى منحة الإنتاجيّة فقط.
تقوم السلطة المفوِّضة بتحديد التعريفات التي يدفعها مُستعملو المرفق العام وتحتفظ بالأرباح، على أن يقوم المفوَّض له بتحصيل التعريفات لحساب السلطة المفوِّضة، وفي حالة العجز فإنّ السلطة المفوِّضة تعوّض للمسير من خلال منحه أجرًا جُزافياً.

02- عقود تفويض المرفق العام المقرّرة في القواعد العامّة

هناك بعض الأنواع من عقود تفويض المرفق العام لم يُشر إليها المرسوم الرئاسي رقم 15-247 المتعلّق بالصفقات العموميّة وتفويضات المرفق العام، حيث نُظمت تلك العقود بمناسبة إنشاء عقد بين السلطة العامة والقطاع الخاص في شكل شبيه عقد البوت (B.O.T)، ويكون في شكل "تسليم الدّولة للقطاع الخاص صاحب رأس المال؛ قطعة من الأرض لإقامة مشروع من مشروعات البنية الأساسيّة والمرافق العامّة وفقاً لمواصفات محدّدة بين الدّولة والمستثمر، ويتحمّل المستثمر كافّة أعباء البناء والتشغيل، ويكون للمستثمر الحق في الحصول على إيرادات تشغيل المشروع لمدّة زمنيّة يتمّ الاتفاق عليها في عقد البوت (B.O.T) وتختلف من مشروع لأخر، وبعد انتهاء المدّة الزمنيّة المتّفق عليها، يتمّ تسليم المشروع بكلّ ما فيه من أجهزة ومعدّات وآلات للدّولة لتقوم بتشغيله لحسابها".
ومثال ذلك ما جاء به المرسوم التنفيذي رقم 96-308 المتعلّق بمنح امتيازات الطرق السريعة، والذي أُنشأ بموجب المادتين 166 و167 من الأمر رقم 95-27 المتضمّن قانون المالية لسنة 1996.

رابعاً: آثار الالتزام بين السلطة العامّة والمفوَّض بتسيير المرفق العمومي

يترتّب عن عقد تفويض المرفق العام كسائر العقود الأخرى حُقوقاً والتزامات بالنسبة لأطرافه، وتتلخّص تلك الالتزامات فيما يلي:

1- آثار العقد بالنسبة للمفوَّض له بتسيير المرفق العام:

أ‌- من حيث الالتزامات: 

يُلزم المفوَّض له مع الإدارة بما يلي:
- التنفيذ الشخصي للالتزام المتّفق عليه لإدارة المرفق العام، وفي حالة إخلاله بالتزاماته تقع عليه المسؤوليّة كاملة، فلا يحقّ له أن يعهد القيام ببعض مهامه.
- يضمن استمراريّة المرفق العام مع توفير الإمكانيّات البشريّة والماديّة.

ب- من حيث الحقوق:

- الحصول على مُقابل مالي لقاء ما قدّمه من خدمة.
- الحصول على مُساعدات من جانب الإدارة التي تُساعده في أداء نشاطه، كتسهيل اقتناء أجهزة من الخارج، وأكثر من ذلك فقد اعترف القضاء له بالاستفادة بنزع الملكيّة للمنفعة العامّة على يد السلطة العامّة.

2- آثار العقد بالنسبة للإدارة المفوِّضة (السلطة العامّة)

أ- يحقّ للإدارة الرقابة والإشراف، حيث تمارس ذلك بالكيفيّة والشكل الذي يحدّده القانون، حتى تتحقّق من أداء الخدمة للمنتفعين كما تمّ الاتفاق عليه في العقد.
ب- يحقّ للسلطة العامّة تعديل العقد إذا كانت مُوجبات المصلحة العامّة تقتضي ذلك، مثل حق الإدارة المفوِّضة في تعديل خطوط النقل، ولو كانت قد اتّفقت مع الملتزم المفوَّض له توفير خدمة نقل وفق خُطوط سالفة، فلا يجوز للمتعاقد أن يحتجّ على الإدارة. 
ج- يحقّ للإدارة المفوِّضة استرداد المرفق العام حتى قبل نهاية مُدّة العقد، على أنها مُطالبة بتقديم تعويض للمفوَّض له عن كل الأضرار التي لحقت به جرّاء ذلك، وليس لهذا الأخير التمسّك بفكرة الحق المكتسب.
د- يجوز للإدارة وبإرادتها المنفردة توقيع الجزاءات العقابيّة في حق المفوَّض له، منها الجزاء المالي كالغرامات التأخيريّة.

رابعاً: نهاية عقد تفويض المرفق العام وآثاره:

يمكن حصر الحالات التي ينتهي بموجبها عقد تفويض في الآتي:
1- انتهاء مُدّة التفويض المقرّرة في العقد.
2- صُدور حُكم قضائي موضوعه حرمان المفوَّض له من عقد تفويض نتيجة ارتكابه لخطأ جسيم.
3- نهاية عقد التفويض من جانب الإدارة، لأسباب فرضتها مُقتضيات المصلحة العامّة، ويستحقّ صاحب التفويض تعويضاً عادلاً يُغطّي الأصول والأموال غير المستهلكة.
ما يجدر التنويه إليه أنّه عند نهاية عقد تفويض المرفق العام؛ تُصبح كل الاستثمارات وممتلكات المرفق العام مُلكاً للشخص المعنوي الخاضع للقانون العام (السلطة العامّة المفوِّضة) وفق ما نصّت عليه المادة 208 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المتضمّن قانون الصفقات العموميّة وتفويضات المرفق العام.

خاتمة

يمكن القول من خلال دراسة هذا الموضوع بأن تفويض المرفق العام هو العقد الذي من خلاله يحوّل شخص من القانون العام (الدّولة، الجماعات المحليّة، المؤسّسات العموميّة) تسيير واستغلال مرفق بكل مسؤوليّاته إلى المفوَّض له والذي عادة ما يكون من القطاع الخاص (شخص طبيعي، شخص معنوي)، حيث يتحصّل المفوَّض له على المقابل المالي للتسيير والاستغلال من إتاوات المرتفقين مُقابل أداء الخدمة، أو عن طريق الإدارة، لكن يجب أن يكون هذا المقابل المالي مُرتبطاً باستغلال المرفق وناتجاً عن تشغيله، ويكون هذا الاستغلال لمدّة معيّنة، وللمفوِّض الحق في استرداد المرفق العام بكامل موجوداته، كما أنّ اختيار المفوَّض له؛ يتمّ وفق إجراءات واضحة تضمن الشفافيّة والمنافسة لاختيار الأفضل، وبذلك يتمّ ضمان خدمة عموميّة أجود وأحسن اتجاه المرتفقين، وفق عقد يحدّد حُقوق المفوَّض له والتزاماته التي تفرضها قيود تسيير المرفق العام كمبادئ المساواة والاستمراريّة وضرورة التكيّف مع المحيط الداخلي والخارجي. 
التوصيّات: لعل من أهم التوصيات التي يمكن الخروج بها في ختام هذه الدراسة ما يلي:
·       العمل على إفراد قانون خاص بتفويضات المرفق العام مفصول عن قانون الصفقات العموميّة إسوة بالمشرّع الفرنسي والتونسي.
·       نُوصي كذلك بضرورة توحيد مُصطلح العقود على اصطلاح "تفويض" في كافة العقود المتعلّقة بتسيير المرفق العام، إذ يُعاب أحياناً استعمال مُصطلح "الرخصة"، "اتفاقيّة".
·       ضرورة إقامة نوع من التوازن أثناء صياغة النصوص القانونيّة الخاصّة بإبرام عُقود التفويض؛ بين مُراعاة مبادئ المنافسة والمساواة والعلانيّة، وبين احتفاظ الإدارة بالقدر الكافي من حريّة اختيار شخص المفوَّض له.
·       إلزام الإدارة العامّة لاسيما الإدارات المحليّة (البلدية والولاية بحكم كونهم الأقرب إلى المجتمع)؛ والتي تعجز عن التوفير العادل والأمثل لبعض الخدمات الداخلة في اختصاصها والتي نصّت عليها قوانينها الخاصّة، مثل النظافة، الإنارة، النقل، الصيانة، وغيرها، بضرورة أن تقوم بمنح تفويض تسيير تلك الخدمات إلى القطاع الخاص المختص والكفء لتأديتها، خدمة لجمهور المنتفعين وتشجيعاً للمؤسّسات المتوسّطة والصغيرة. 
·       ضرورة الإسراع بإصدار النص التنظيمي المحدّد لإجراءات سير سُلطة ضبط الصفقات العموميّة وتفويضات المرفق العام وتفعيله، وفق ما نصّت عليه المادة 213 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247.
·       تأهيل الموظّفين والأعوان العموميين المكلّفين بتحضير وإبرام وتنفيذ ومُراقبة الصفقات العموميّة وتفويضات المرفق العام، بما يتناسب والمؤهّلات التي يتطلّبها هذا المجال خاصّة في الجانب القانوني والتقني.
google-playkhamsatmostaqltradent