مداخلة بعنوان: سياسة إعادة الإدماج الاجتماعي للمسبوقين قضائياً وفق الأنظمة والتدابير المستحدثة – دراسة قانونية – بقلم د. بن بادة عبد الحليم د. البرج أحمد
الموسم
الجامعي: 2019- 2020
(سياسة إعادة الإدماج الاجتماعي
للمسبوقين قضائياً وفق الأنظمة والتدابير المستحدثة)
– دراسة قانونية –
من
إعداد:
- د. بن بادة عبد الحليم
- د. البرج أحمد
مـلخـص
لقد ظلّت مسألة البحث عن الهدف والغاية من توقيع العقاب
ضد المجرمين والجانحين محل اهتمام الفكر البشري طوال عقود من الزمن، حيث كانت
العقوبة في العصور القديمة والوسطى من خلال التشريعات الوضعيّة السائدة آنذاك
تُعتبر شراً يُقابل شراً، لتتواصل مسألة البحث عن الهدف من العقوبة بمرور الزمن
إلى غاية العصر الحديث الذي أخذ مُفكّروه في صياغة تبريرات مُختلفة من توقيع
العقوبة، فمن فكرة الردع العام والمنفعة الاجتماعيّة إلى فكرة العدالة المُطلقة
والتدرّج في حرية الاختيار، إلى فكرة الردع الخاص بإصلاح حال الجاني مُستقبلاً دون
مُحاسبته عمّا مضى، وصولاً إلى فكرة الدفاع الاجتماعي التي مفادها تأهيل الشخص
المنحرف بالشكل الذي يتكيّف به مع الجماعة عن طريق انتزاع دوافع الشر من نفسه واستعادته
أخلاقياً واجتماعياً.
مُعظم التشريعات الحديثة ومن بينها التشريع الجزائري؛ قد
اعتنقت أفكار مدرسة الدفاع الاجتماعي، حيث أُنشأت السياسة العقابيّة الحديثة من
أجل التأسيس لمعاملة المساجين والمسبوقين قضائياً مُعاملة تهدف إلى إصلاحهم
وتهذيبهم وإعادة إدماجهم اجتماعياً، حيث تنقسم تلك الأساليب إلى مراحل؛ فمنها ما
يُطبّق داخل المؤسّسة العقابيّة ومنها ما يطبّق خارجها، بل امتدّت تلك الأساليب
إلى استكمال عمليّة تأهيل وتهذيب المحكوم عليه من خلال تقديم يد العون له بعد
الإفراج عنه عن طريق المساعدة الماديّة والمعنويّة.
الكلمات المفتاحية: الورشات
الخارجيّة، الحريّة النصفيّة، الإفراج المشروط، المؤسّسة العقابيّة، الرعاية
اللاّحقة.
Abstract:
The objective
or aim of enforcing the sanction against criminals and offenders is a problem
and a research avenue for human reflection for generations. Thus, in very
distant times and in the Middle Ages, sanctions were imposed through the
legislation in force at that time, badly for badly.
Research on
the purpose of sanctions has existed over time until modern times, when its
scientists created various justifications for the application of sanctions.
From the idea
of general deterrence and social interest to the idea of total justice and the
gradation of freedom of expression, thus, from the idea of deterrence of the
criminal for his reform in the future without judgment on the past, coming to
the idea of social defence that qualifies the offender and integrates him into
his social environment, raising his criminal characteristics so that he becomes
respectful and sociable.
The majority
of modern legislation and that of Algeria have been adapted with the School of
Social defence, this modern sanction policy was born to establish a principle
that promotes good behaviour with criminals and integrate them into the social
environment, within and outside the institution, this operation followed the
task even after leaving the institution in material and psychological terms.
KeyWords: Outdoor
workshops, partial freedom, conditional liberation, penal institution,
after-care.
مقدمة
لقد عرفت البشريّة الجريمة مند أن وُجدت على سطح الأرض،
فهي ظاهرة اجتماعيّة وإنسانيّة قديمة قدم الإنسان وخطيرة في نفس الوقت، تلك
الجريمة التي أخذت أشكالاً عدّة وتطوّرت وسائل ارتكابها بتطوّر الزمن، صارت تشكّل
خطراً على كيان المجتمع واستقراره، لهذا جاءت العقوبة كوسيلة امتلكها المجتمع من
أجل تسليطها على مُختلف الأفراد المنحرفين الذين سلكوا مسلك الجريمة.
العقوبة هي الأخرى تطوّرت بتطوّر الزمان والمكان
وباختلاف المذاهب والأفكار، حيث أخذت صوراً وأشكالاً عدّة اتّسم أغلبها بالطابع
الوحشي والقاسي، باعتبار أنّ العقوبة كانت تُعتبر الشر الذي يُواجه به المجتمع
الجريمة، إلى غاية تبلور الصورة الحقيقيّة للعقوبة في العصر الحديث والتي تأثّرت
بالسياسة العقابيّة المعاصرة ومبادئها، خاصّة مدرسة الدفاع الاجتماعي التي استندت
على فكرة التضامن الاجتماعي في تحمّل المسؤوليّة عن الجريمة، فهي لم تعد واقعة
فرديّة فحسب بل ظاهرة اجتماعيّة يتحمّل المجتمع قسطاً من واجب إعانة المحكوم عليه،
وتحديد أفضل الطرق وأنسب الآليات لتنفيذ هذا الجزاء بمنع وقوع الجريمة.
السياسة العقابيّة المعاصرة ساهمت بشكل كبير في تغيير
النظرة المألوفة للعقوبة والمتمثّلة في الردع والانتقام، حيث ذهبت الفلسفة
العقابيّة المعاصرة إلى تغيير وظيفة العقوبة وأهدافها، ولعلّ المؤسّسات العقابيّة
تُعتبر هي المكان الأبرز الذي ترجم تلك الفلسفة من خلال تطبيق برامج إصلاحيّة
وتأهيليّة تهدف إلى تهذيب سلوك المحبوس وتسهيل عمليّة اندماجه في المجتمع.
المشرّع الجزائري كغيره من التشريعات المقارنة تأثّر
بأفكار مدرسة الدفاع الاجتماعي وقام بتبنّي أفكارها ضمن القوانين الخاصّة التي
تنظّم السجون وتُعنى بعمليّة إعادة تربية وإدماج المحبوسين، حيث شهدت الجزائر
مرحلتين في ذلك، مرحلة الأمر رقم 72-02 المتعلّق بتنظيم السجون وإعادة تربية
المساجين، ومرحلة صدور القانون الجديد رقم 05-04 المتضمّن قانون تنظيم السجون
وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، حيث مثّل هذا الأخير تحوّلاً كبيراً في فلسفة
العقاب من خلال تبنّيه لأنظمة وأساليب جديدة لإعادة الإدماج الاجتماعي للمساجين
والتي ستكون محور مداخلتنا هذه، والتي فضّلنا فيها إثارة الإشكال التالي: فيما
تتمثّل الأنظمة والتدابير المستحدثة لإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين ؟.
للإجابة على الإشكاليّة المطروحة سوف نقوم بتقسيم
مداخلتنا وفق المحاور التالية:
المحور الأول: أنظمة الإدماج الاجتماعي
للمحبوسين القائمة على الثقة
أولاً: نظام الورشات الخارجيّة
ثانياً: الحريّة النصفيّة
ثالثاً: نظام البيئة المفتوحة
المحور الثاني: أنظمة تكييف العقوبة لإعادة
الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
أوّلاً: نظام إجازة الخروج
ثانياً: نظام التوقيف المؤقّت لتطبيق
العقوبة
ثالثاً: نظام الإفراج المشروط
رابعاً: الوضع تحت المراقبة الإلكترونيّة
المحور الثالث: الرعاية اللاّحقة لإعادة
الإدماج الاجتماعي للمحبوسين المفرج عنهم
أوّلاً: أهداف الرعاية اللاّحقة للمحبوسين
المفرج عنهم
ثانياً: صور الرعاية اللاّحقة
ثالثاً: الهيئات التي تقوم وتشرف على
الرعاية اللاّحقة
المحور الأول: أنظمة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين القائمة على الثقة
نظراً للسلبيّات والعيوب التي يمكن أن يحملها نظام
الإصلاح في البيئة المغلقة خاصّة في ظل العقوبات السالبة للحريّة طويلة المدّة،
فقد تمّ تبني نُظم إدماج جديدة قائمة على الثقة تمثّل مرحلة انتقاليّة بين عمليّة
السجن الكاملة في البيئة المغلقة والحياة الحرّة، وذلك من أجل إعادة التأهيل
والإدماج الاجتماعي للمحكوم عليه داخل المجتمع.
حيث تناول المشرّع الجزائري في نص المواد من 100 إلى 111
من القانون رقم 05-04 المتعلّق بتنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي
للمحبوسين، أساليب إعادة التربية والإدماج
الاجتماعي للمحبوسين خارج البيئة المغلقة، وكيفيّة تقريب المحبوس إلى الحياة
الحرّة دون استعمال الرقابة المعتادة وإعطائه نوع من المسؤوليّة ليجعل إدارة
المؤسّسة العقابيّة تُعامله على أساس الثقة.
أولاً: نظام الورشات الخارجيّة
يعدّ نظام الورشات الخارجيّة إحدى الطرق لاستعمال اليد
العاملة العقابيّة خارج البيئة المغلقة، تجسيداً لسياسة إعادة الإدماج الاجتماعي
للمحبوسين خارج البيئة المغلقة، حيث يقوم هذا النظام على أساس أنّ المحكوم عليهم
نهائياً يمكن لهم العمل ضمن فرق خارج المؤسّسة العقابيّة لحساب الهيئات والمؤسّسات
العموميّة مع فرض رقابة عليهم من طرف إدارة السجون.
ولأنّه نظام يُعطي الفرصة للمحبوس العمل في الوسط
الخارجي ضمن ظروف تختلف عن ظروف العمل في البيئة المغلقة، لهذا فإنّ نظام الورشات
الخارجيّة يُعتبر حقلاً واسعاً لتطبيق سياسة إعادة إدماج المساجين، حيث أنّ
المحكوم عليه يعمل في ظروف نفسيّة وبدنيّة مُختلفة عن الوسط المغلق، لهذا فإنّ
البعض ذهب إلى للقول بأنّ حل المشاكل العقابيّة يكمن في إرساء هذا النظام وتعميمه.
المشرّع الجزائري نصّ على نظام الورشات الخارجيّة في
القانون رقم 05-04 المتعلّق بتنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين،
ضمن المواد من 100 إلى 103، حيث يُقصد به أن يقوم المحبوس المحكوم عليه نهائياً
بعمل ضمن فرق خارج المؤسّسة العقابيّة تحت مُراقبة إدارة السجون وذلك لحساب
الهيئات والمؤسّسات العموميّة.
تجدر الإشارة إلى أنّ استخدام اليد العاملة الموجودة في
المؤسّسة العقابيّة يخضع إلى وجود اتفاقيّة مُوقّعة بين الوزارة الوصيّة والإدارة
أو المؤسّسة التي تضمن شروط تشغيل المحكوم عليهم والتي يجب أن تكون مُطابقة لشروط
العمل الحر.
1- شروط الاستفادة من نظام الورشات
الخارجيّة: بالرجوع إلى أحكام المواد من 100 إلى 103 من قانون
تنظيم السجون رقم 05-04، نجذ أنّ المشرّع الجزائري حدّد شروط الاستفادة من نظام
الورشات الخارجيّة والتي تتمثّل فيما يلي:
- أن يستفيد من هذا النظام المحبوس الذي قضى فترة معيّنة
من العقوبة وهي ثلث ( 3/1 ) العقوبة المحكوم بها بالنسبة للمحبوس المبتدئ، ونصف
العقوبة ( 2/1 ) المحكوم بها بالنسبة للمحبوس الذي سبق الحكم عليه بعقوبة سالبة
للحريّة.
- أن يكون المحبوس محكوماً عليه نهائياً بعقوبة سالبة
للحريّة وتمّ إيداعه بمؤسّسة عقابيّة، وبالتالي يُستثنى المحبوس مُؤقتاً والمحبوس
تنفيذاً للإكراه البدني من الاستفادة من هذا النظام.
- تخصيص اليد العاملة من المحبوسين لفائدة الهيئات
والمؤسّسات الخاصّة التي تساهم في إنجاز مشاريع ذات منفعة عامّة وهذا بعد قبول
طلبها من طرف قاضي تطبيق العقوبات.
2- إجراءات الوضع في نظام الورشات المفتوحة: قبل إلغاء
الأمر رقم 72-02 المتضمّن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين، يتمّ تشغيل اليد العاملة في إطار الورشات
الخارجيّة تبعاً لنموذج تخصيص اليد العاملة الذي بمقتضاه تُوجّه طلبات تخصيص اليد
العاملة إلى وزير العدل الذي يؤشّر على الطلب ثمّ يُحيله إلى قاضي تطبيق الأحكام
الجزائيّة، الذي يُعيده بعد الدراسة مُرفقاً باقتراحاته، ويختص وزير العدل بقبول
الطلب أو رفضه.
أمّا بعد صدور إلغاء الأمر رقم 72-02 بموجب القانون رقم
05-04، أصبحت طلبات تخصيص اليد العاملة العقابيّة تُوجّه إلى قاضي تطبيق العقوبات
الذي يحيلها بدوره على لجنة تطبيق العقوبات لإبداء رأيها، وبالتالي يكون قاضي
تطبيق العقوبات هو المختص بقبول أو رفض الطلبات، وفي حالة قبول الطلب تُبرم مع
الهيئة الطالبة اتفاقيّة تحدّد فيها الشروط المتعلّقة باستخدام اليد العاملة
العقابيّة ويُوقّع على الاتفاقيّة كل من مدير المؤسّسة العقابيّة وممثّل الهيئة
الطالبة.
ثانياً: الحريّة النصفيّة
يُعتبر نظام الحريّة النصفيّة مرحلة من مراحل النظام
التدريجي، إذ يَسمح للمحبوس باستخدامه خارج المؤسّسة العقابيّة لممارسة عمل أو
لمزاولة دراسته في إحدى الجامعات أو تلقي تكوين مهني دون مُراقبة الإدارة
العقابيّة، حيث نصّت المادّة 104 من القانون رقم 05-04 على أنّه "يُقصد
بنظام الحريّة النصفيّة، وضع المحبوس المحكوم عليه نهائياً خارج المؤسّسة
العقابيّة خلال النهار مُنفرداً ودون حراسة أو رقابة الإدارة ليعود إليها
المحبوسين كل يوم"، ويتمتّع المحكوم عليه بحريّة شبه كاملة في الفترة
التي يقضيها خارج أسوار السجن، فلا يرتدي البذلة الخاصّة بالسجن، كما يُمكنه
الاحتفاظ بقدر من المال يكفي للطعام والمواصلات، مع الالتزام بعدم ارتياده لأماكن
معيّنة كاللهو وشرب الخمر والمخدّرات، وعدم استلامه لأجرة بل تستلمها المؤسّسة
العقابيّة بدلاً عنه.
1- شروط الاستفادة من نظام الحريّة
النصفيّة: بالرجوع إلى المادّة 106 من القانون رقم 05-04، نجد أنّ
المشرّع الجزائري وضع بعض الشروط للاستفادة من نظام الحريّة النصفيّة تتمثّل فيما
يلي:
- أن يكون المحبوس المحكوم عليه نهائياً قد صدر في حقّه
حُكماً أو قراراً وأصبح نهائياً وقُضي عليه بعقوبة سالبة للحريّة، وتمّ إيداعه
بمؤسّسة عقابيّة تنفيذاً لذلك، ولهذا أستثنى المحبوس مُؤقتاً والمحبوس لإكراه بدني
من الاستفادة من هذا النظام، وهو أمر منطقي على أساس أنّ هؤلاء قد يتمّ الإفراج
عنهم في أي وقت سواء بحكم البراءة أو بتسديد ما عليهم من ديون.
- قضاء فترة معيّنة من العقوبة، حيث ميّز قانون تنظيم السجون
بين المحبوس المبتدئ الذي يتعيّن عليه أن تكون المدّة الباقية لانقضاء عُقوبته
مُساوية لأربعة وعشرون ( 24 ) شهراً، وبين المحكوم عليه الذي سبق الحكم عليه
بعقوبة سالبة للحريّة، الذي يتعيّن عليه أن يكون قد قضى نصف العقوبة وبقي على
انقضائها مدّة لا تزيد عن أربعة وعشرون (24) شهراً.
- صدور مقرّر
الاستفادة، حيث منحت المادّة 106 في فقرتها الثانية من القانون رقم 05-04 صلاحيّة
إصدار مُقرّر وضع المحبوس في نظام الحريّة النصفيّة؛ لقاضي تطبيق العقوبات بعد
استشارة لجنة تطبيق العقوبات، خلافاً لما كان سائداً في ظل الأمر رقم 72-02 الملغى
الذي منح الصلاحيّة لوزير العدل بعد إشعاره من قاضي تطبيق الأحكام الجزائيّة الذي
يقدّم اقتراحه بعد استشارة لجنة الترتيب والتأديب.
يُلاحظ من خلال الواقع والحياة العمليّة؛ أنّ الاستفادة
من نظام الحريّة النصفيّة يُمنح في غالب الأحيان للمحكوم عليهم الذين يُزاولون
تعليماً بالجامعة أو تكويناً مهنياً، تشجيعاً من طرف إدارة السجون وإعادة الإدماج
الاجتماعي للمحبوسين، وحثاً لهذه الفئة على مُواصلة التعليم والتكوين لما لهذين
الأسلوبين من أثر في تمكين المحبوسين من الاندماج في المجتمع بعد الإفراج عنهم.
2- إجراءات الوضع في نظام الحريّة النصفيّة
وجزاء الإخلال بها: تتمثّل إجراءات الوضع في نظام الحريّة
النصفيّة فيما يلي:
- تعيين المحبوس المستفيد من الحريّة النصفيّة بصفة
منفردة.
- تحرير صاحب العمل أو الهيئة المستخدمة تصريح بتشغيل
المحبوس أو قبوله من أجل استكمال دراسته أو تكوينه ليضل تحت مسؤوليّتها.
- تسليم المحبوس المستفيد من هذا النظام وثيقة تثبت
شرعيّة وجوده خارج المؤسّسة العقابيّة.
كما يُمنح للمحبوس الذي أثبت استقامته مُكافئة مُقابل
عمله، تستلمها الإدارة العقابيّة لتضعها في مكسبه المالي وهي عبارة عن مبالغ
ماليّة، على عكس من ذلك فإنّ إخلال المحكوم عليه بالشروط المذكورة سالفاً
وبالالتزامات التي تعهّد بها، فإنّه يتعيّن على مُدير المؤسّسة العقابيّة إرجاع
المحكوم عليه وإخطار قاضي تطبيق العقوبات بذلك، ليقرّر هذا الأخير الإبقاء على هذه
الاستفادة أو وقفها أو إلغاءها وذلك بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات.
ثالثاً: نظام البيئة المفتوحة
إنّ أهميّة نظام المؤسّسات العقابيّة المفتوحة وفاعليّته
تكمن في تأهيل المحكوم عليهم وإدماجهم اجتماعياً، وبالتالي فإنّ مُكافحة الظاهرة
الإجراميّة جعلته محل عناية من قبل الكثير من المؤتمرات الدوليّة، خاصّة مُؤتمرات
الأمم المتحدة بشأن مُكافحة الجريمة ومُعاملة المجرمين كمؤتمري لاهاي وجنيف، حيث
عرّفت هذه المؤتمرات المؤسّسات المفتوحة؛
بأنّها تلك التي لا تُوجد فيها احتياطات ماديّة لا أقفال ولا قُضبان ولا حُرّاس
مُسلّحون، قوامها شعور السجين بالمسؤوليّة الواقعة على عاتقه نحو المجتمع، حيث أخد
المشرّع الجزائري بنظام المؤسّسات المفتوحة ضمن القسم الثالث من القانون رقم
05-04، والذي اعتبرها كمرحلة انتقاليّة للنظام التدريجي المطبّق في تنفيذ العقوبات
السالبة للحريّة.
فنزلاء السجون المفتوحة يتميّزون بالاحترام التلقائي
للنظام، فلا يُحاولون الهرب ويتمتّعون بالاقتناع الذاتي بالبرامج الإصلاحيّة التي
تُنمّي فيهم الثقة بأنفسهم وفيمن يتعاملون معهم، كما تنمّي فيهم الشعور
بالمسؤوليّة الذاتيّة، ومن تمّ فهم ليسوا بحاجة إلى وسائل قسريّة تُجبرهم على
احترام النظام والالتزام بالبرنامج الإصلاحي والتأهيلي.
1- شروط الاستفادة من نظام البيئة المفتوحة: للاستفادة من
نظام البيئة المفتوحة لابدّ من استيفاء مجموعة من الشروط، حيث نصّت المادة 110 من
القانون رقم 05-04، على إمكانيّة أن يوضع في نظام البيئة المفتوحة، المحبوس الذي
استوفى شروط الوضع في نظام الورشات الخارجيّة والتي تكون كالتالي:
- أن يكون المحبوس محكوم عليه نهائياً أي صدر في حقّه
حُكماً أو قراراً أصبح نهائياً وقُضي عليه بعقوبة سالبة للحريّة، ويتمّ إيداعه
بمؤسّسة عقابيّة تنفيذاً لذلك وبالتالي يُستثنى المحبوس مُؤقتاً والمحبوسين
تنفيذاً لإكراه بدني من الاستفادة من هذا النظام.
- قضاء فترة معيّنة من العقوبة وهنا ميّز القانون رقم
05-04 بين المحبوس المبتدئ واشترط أن يكون قد قضى ثلث (1/3) العقوبة المحكوم بها
عليه، وبين المحبوس الذي سبق الحكم عليه بعقوبة سالبة للحريّة والذي يتعيّن عليه
أن يكون قد قضى نصف العقوبة المحكوم بها عليه ( ½ ).
- صُدور مُقرّر الوضع في نظام البيئة المفتوحة، حيث
يتولّى قاضي تطبيق العقوبات طبقاً لأحكام المادّة 111 من القانون رقم 05-04
صلاحيّة إصدار مُقرّر الوضع في نظام البيئة المفتوحة بعد استشارة لجنة تطبيق
العقوبات مع إشعار المصالح المختصّة بوزارة العدل، وبذلك خفّف القانون الجديد من
مركزيّة القرار التي كانت موجودة في ظل الأمر رقم 72-02 الملغى، حيث كان يتمّ
الوضع بموجب قرار من وزير العدل وباقتراح من قاضي تطبيق الأحكام الجزائيّة بعد أخد
رأي لجنة الترتيب وحفظ النظام العام، وفي
حالة مُخالفة المحبوس للالتزامات المفروضة عليه يُقرّر إرجاعه إلى نظام البيئة
المغلقة بنفس الطريقة التي تمّ بها الوضع في نظام البيئة المفتوحة بموجب قرار صادر
من قاضي تطبيق العقوبات.
2- إجراءات الوضع في نظام البيئة المفتوحة: يقوم هذا النظام
على تشغيل المحبوسين داخل مراكز ذات طابع فلاحي أو صناعي أو حرفي أو خدماتي أو ذات
منفعة عامّة، دون ارتداء بذلة الحبس، حيث يُقيمون في عين المكان تحت حراسة
مُخفّفة يتمتّع فيها المحبوسين بحريّة
الحركة والتنقّل في الحدود الجغرافيّة التي تتربّع عليها المؤسّسة.
ويلتزم المحبوسين الموضوعين في نظام البيئة المفتوحة
بقواعد عامّة تضعها وزارة العدل تتعلّق بالالتزام بالسلوك الحسن والسيرة المثاليّة
والمواظبة على العمل والاجتهاد فيه، كما يلتزم المحبوسين المستفيدين من هذا
النظام؛ بالقواعد الخاصّة الموضوعة من طرف قاضي تطبيق العقوبات بعد استشارة لجنة
تطبيق العقوبات المرتبطة بنظام البيئة المفتوحة ونوعيّة العمل الملزمون بتنفيذه.
كما أنّ تشغيل اليد العاملة العقابيّة ودورها الفعّال في
التخفيف من الاكتظاظ الذي تعرفه المؤسّسات العقابيّة، يُعتبر بحاجة لدعم قطاعات
الدّولة الأخرى كالفلاحة والصناعة وغيرها من القطاعات بما فيها القطاع الخاص.
نظام التشغيل في البيئة المفتوحة يمنح كذلك نوعاً من
الحريّة والثقة للمحبوسين من حيث عدم ارتدائهم للبذلة العقابيّة، ويكونون تحت
حراسة مُخفّفة مُختلفة عن الحراسة في البيئة المغلقة مما له أثر إيجابي على الحالة
العامة للمحبوسين الجدد.
نظام البيئة المفتوحة يتميّز كذلك بإنسانيّة فائقة تحول
دون إيلام المحكوم عليه وتُباعد بينه وبين المساوئ النفسيّة والصحيّة والأخلاقيّة
التي تتسبّب فيها العقوبة السالبة للحريّة في البيئة المغلقة، حيث أنّ لهذا النوع أثره الكبير في تحقيق أغراض
العقوبة، فالقدر الكبير من الحريّة الذي يُمنح للمحكوم عليه يُوقظ فيه الاعتدال
النفسي والندم على الجريمة التي ارتكبها والحرص على السلوك القويم حتى يُثبت
جدارته بالثقة التي وُضعت فيه.
ما يُلاحظ على هذا النظام الذي اعتنقه المشرّع الجزائري
في المواد سالفة الذكر هو وقوعه في تناقض، حيث يَعتبر مؤسّسات البيئة المفتوحة
مؤسّسات عقابيّة قائمة بذاتها يحكمها نظام مُختلف عن مؤسّسات البيئة المغلقة، في
حين أعطى سُلطة التوجيه إلى هذا النوع من المؤسّسات إلى قاضي ولجنة تطبيق العقوبات
طبقاً لنص المادة 111 من القانون رقم 05-04، وكان من المفروض أن تكون سُلطة
التوجيه لقاضي الحكم في إطار تقرير العقاب،
وبالتالي فإنّ تقدير الخطورة الإجراميّة التي على أساسها يتمّ تقدير
العقوبة السالبة للحريّة التي تُنفّذ في البيئة المغلقة؛ فله كذلك أن يُقدّر
تنفيذها في إطار نظام البيئة المفتوحة.
المحور الثاني: أنظمة تكييف العقوبة لإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
استحدث المشرّع الجزائري من خلال القانون رقم 05-04 نظام
جديد يُعرف بتكييف العقوبة، حيث نصّ عليه المشرّع في الباب السادس من القانون سالف
الذكر وضمّ ثلاثة فصول، الأوّل تطرّق فيه إلى إجازة الخروج، وهذا في المادّة 129،
أمّا الفصل الثاني فتطرّق فيه إلى التوقيف المؤقّت لتطبيق العقوبة، الفصل الثالث
نصّ فيه على الإفراج المشروط وإن كان النظام الأخير معروف في الأمر رقم 72-02
الملغى، إلاّ أنّ القانون رقم 05-04 أدخل عليه عدّة مُستجدّات جعلت منه ينتقل من
نظام عقوبة إلى نظام تكييف العقوبة تماشياً مع سياسة الإصلاح وإعادة الإدماج
للمحبوسين.
أوّلاً: نظام إجازة الخروج
إنّ نظام إجازة الخروج كان مُقرراً في الماضي لأسباب
إنسانيّة بحتة اقتضتها الضرورة كما هو الحال عندما يُصاب قريب المحكوم عليه بمرض
يهدّد حياته أو يؤدّي به إلى الوفاة، فإنّه يُسمح للمحبوس بزيارة قريبه أو حضور
جنازته، إلاّ أنّه تبيّن بعد ذلك أنّ هذا النظام له دور فعّال في تأهيل المحكوم
عليه عن طريق المساهمة في دعم صلات المحبوسين العائليّة.
أوّل من اعتمد نظام إجازة الخروج كأسلوب من أساليب
المعاملة العقابيّة؛ هو مُؤتمر الدفاع الاجتماعي الدولي الأوّل الذي عُقد في سان
ريمو (San Remo)
بإيطاليا سنة 1947، حيث أوصى بضرورة منح
إجازة الخروج للمحبوسين شريطة ألاّ يكون هناك تهديداً للمجتمع بالخطر، لما له من
دور في إصلاح وتهذيب وإدماج المحكوم عليهم.
المشرّع الجزائري تبنّى نظام إجازة الخروج بمقتضى قانون
تنظيم السجون رقم 72-02 الملغى، والذي خوّل فيه لقاضي تطبيق الأحكام الجزائيّة بعد
استشارة لجنة الترتيب والتأديب التابعة للمؤسّسة العقابيّة، أن يقترح على وزير
العدل منح عُطلة المكافئة للمحكوم عليهم الذي أحسنوا عملهم واستقامت سيرتهم، بحيث
تُحدّد هذه العطلة في المقرّر الذي مُنحت بموجبه والتي لا يمكن أن تتجاوز خمسة عشر
( 15 ) يوماً، إلاّ أنّه وبعد صدور القانون رقم 05-04 المؤرّخ في 06 فيفري 2005،
المتضمّن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، أصبح الأمر
مُغايراً تماماً، بحيث أسندت مُهمّة منح هذه الإجازة لقاضي تطبيق العقوبات، الذي
بدوره يسمح للمحبوسين بالخروج من المؤسّسة العقابيّة خلال مدّة لا تتجاوز عشرة (
10 ) أيّام، بهدف قيام هذه الفئة بزيارة أهاليهم أو الاتصال بالعالم الخارجي بصفة
عامّة.
1- شروط الاستفادة من نظام إجازة الخروج: طبقاً لنص
المادّة 129 من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين رقم 05-04،
فإنّه يُشترط للاستفادة من هذا النظام ما يلي:
- أن لا تتعدّى مدّة إجازة الخروج عشرة ( 10 ) أيّام
كأقصى حد لها.
- أن يكون المحبوس محكوم عليه نهائياً أي حُكمه غير قابل
للاستئناف أو الطعن.
- أن يكون المحبوس حسن السيرة والسلوك.
- أن يكون قد حُكم عليه بعقوبة سالبة للحريّة أقصاها
ثلاثة ( 03 ) سنوات.
كما يمكن أن يتضمّن مُقرّر منح إجازة الخروج شُروطاً
خاصّة يُحدّدها وزير العدل حافظ الأختام،
كما أنّه يجوز للجنة تكييف العقوبات وفقاً للمادة 161 من القانون رقم
05-04، إلغاء مُقرّر إجازة الخروج بطلب من وزير العدل، وفي حالة إلغاء المقرّر
يُعاد المحكوم عليه إلى نفس المؤسّسة العقابيّة لقضاء بقيّة عُقوبته.
2- دور نظام إجازة الخروج في إعادة الإدماج
الاجتماعي للمحبوسين: لنظام إجازة الخروج أثر مُباشر في إعادة
الإدماج الاجتماعي للمحبوسين نوردها فيما يلي:
- إبقاء صلة المحبوس بالمجتمع والتي من شأنها أن تدعم
عمليّة إدماجه الاجتماعي من جديد بعد الإفراج عنه واستقرار شعوره بالانتماء
الاجتماعي.
- التخفيف من صدمة الإفراج التي تصيب المحبوس الذي فقد
الاتصال بالعالم الخارجي خلال فترة العقوبة، فكثير من المحبوسين الذين يتمّ
الإفراج عنهم مُباشرة بعد قضاء فترة محكوميّتهم؛ يُصابون بنوع من الاكتئاب
والانطواء والانعزال وغيرها من الأمراض النفسيّة، لهذا ومن أجل التخفيف من تلك
الآثار النفسيّة يتمّ إخضاع المحبوس لنظام إجازة الخروج كطريقة تساهم في تمهيد
نفسيّته للإفراج النهائي.
- الاطمئنان على أحوال أُسرته ومعارفه بصفة عامّة، وهو
ما يعود عليه إيجابياً من خلال تهدئة نفسه وتتطوّر معها النتائج المحقّقة من
المعاملة العقابيّة.
- إجازة الخروج فُرصة للمحبوس من أجل التقليل من حدوث
المشاكل العائليّة التي حدثت نتيجة اعتقاله.
- تلعب إجازة الخروج دوراً مُهماً في احترام المحبوس
لنظام المؤسّسة العقابيّة التي يقضي عُقوبته فيها وكذا المشرفين عليها، ليس خوفاً
من العقوبة وإنّما على أساس الثقة التي تبنى بينه وبين المشرفين على المؤسّسة
العقابيّة.
- تُساعد إجازة الخروج المحبوس من المحافظة على توازنه
البدني والنفسي والعقلي، حيث يبتعد عن التفكير في الإجرام والشذوذ الجنسي، إذ أنّ
استفادته من هذا النظام يُحقّق له الخلوة الحقيقيّة مع زوجه ويتفادى الوقوع في
الحرام والانحرافات الجنسيّة.
ثانياً: نظام التوقيف المؤقّت لتطبيق العقوبة
يمثّل نظام التوقيف المؤقّت لتطبيق العقوبة أحد التدابير
والأنظمة المستحدثة بموجب القانون الجديد رقم 05-04، حيث أنّه إذا كان الإفراج
المشروط ينطوي على تغيير في كيفيّة تنفيذ الجزاء من الوسط المغلق إلى وسط حر، فإنّ
التوقيف المؤقّت لتطبيق العقوبة يقتصر على مجرّد تعليق ورفع قيد سلب الحريّة خلال
فترة تنفيذ العقوبة لمدّة معيّنة لا تتجاوز ثلاثة ( 03 ) أشهر، ويُواصل تنفيذ مدّة
العقوبة الباقية داخل الوسط المغلق.
ويُقصد بالتوقيف المؤقّت لتطبيق العقوبة، الإفراج
مُؤقّتاً عن المحبوس لمدّة مُعيّنة قبل انتهاء العقوبة المحكوم بها عليه وتوقيف
إتمام ما بقي منها لمدّة مُعيّنة، ويكون التوقيف لأسباب إنسانيّة بالدرجة الأولى
باعتبارها تكون في حالة حُدوث طارئ للمحكوم عليه يقتضي ضرورة تواجده في حالة
الحريّة، كما يكون التوقيف المؤقّت لتطبيق العقوبة بدافع إعطاء فُرصة للمحكوم عليه
للقيام ببعض الواجبات الأسريّة والاجتماعيّة ربطاً لأوامر القرابة وتوطيد علاقة
المحبوس بمحيطه.
1- شروط الاستفادة من التوقيف المؤقّت
للعقوبة: من خلال نص المادّة 130 من القانون رقم 05-04 نستخلص
الشروط التالية:
- أن يكون المحبوس محكوماً عليه نهائياً.
- أن يكون باقي العقوبة المحكوم بها عليه أقلّ من سنة أو
تساويها.
- أن يكون التوقيف مُؤقتاً في حدود ثلاثة ( 03 ) أشهر.
- أن تتوفّر في المحبوس إحدى الأسباب المذكورة في نص
المادّة 130 من القانون رقم 05-04، حيث تجدر الإشارة إلى أنّه لا تخصم فترة توقيف
العقوبة من مدّة العقوبة المحكوم بها.
2- إجراءات الاستفادة من التوقيف المؤقّت
لتطبيق العقوبة وأثاره: للاستفادة من هذا الإجراء يجب أن يُقدّم
المحبوس أو مُمثّله القانوني أو أحد أفراد عائلته، طلب الاستفادة من تعليق العقوبة
ويُوجّه هذا الطلب إلى قاضي تطبيق العقوبة الذي يفصل فيه خلال عشرة ( 10 ) أيّام
من تاريخ إخطاره.
ويُصدر قاضي تطبيق العقوبات مُقرراً مُسبباً بالتوقيف
المؤقّت لتطبيق العقوبة لمدّة لا تتجاوز ثلاثة ( 03 ) أشهر، بعد أخذ رأي لجنة
تطبيق العقوبات التابعة للمؤسّسة العقابيّة، ويُبلّغ مُقرّر التوقيف المؤقّت أو
الرفض للنائب العام والمحبوس حسب الحالة في أجل أقصاه ثلاثة ( 03 ) أيّام من تاريخ
البث فيه.
كما يجوز للمحبوس والنائب العام الطعن في مُقرّر التوقيف
المؤقّت لتطبيق العقوبة أو مُقرّر الرفض أمام لجنة تكييف العقوبات التابعة لوزارة
العدل خلال مدّة ثمانية ( 08 ) أيّام من تاريخ تبليغ المقرّر، ويكون الطعن في
مُقرّر التوقيف المؤقّت لتطبيق العقوبة أثر مُوقف.
يُخلى سبيل المحبوس ويُرفع القيد عنه خلال فترة التوقيف
ولا تُحتسب فترة التوقيف ضمن مدّة الحبس التي قضاها المحبوس فعلاً كما أسلفنا
سابقاً.
ومما تجدر الإشارة إليه أنّ المشرّع الجزائري عند تبنّيه
لهذا النظام راعى ظروف المحبوس الاجتماعيّة والعائليّة، بحيث نجده يمنح فُرصة
للمحبوس لتدارك وتأدية بعض الأمور الشخصيّة على حساب قضاء العقوبة المحكوم بها
عليه نتيجة اقترافه فعلاً مُجرّماً، أي أنّ المشرّع الجزائري فضّل مصلحة المحكوم
عليه على مصلحة المجتمع إذا ما توفّرت إحدى الحالات الواردة على سبيل الحصر في
المادّة 130 من القانون رقم 05-04.
ثالثاً: نظام الإفراج المشروط
يُقصد بالإفراج المشروط إطلاق سراح المحبوس قبل انتهاء
مدّة عُقوبته أي إعفاءه من تنفيذ جُزء من العقوبة داخل المؤسّسة العقابيّة إذا
أثبت حُسن سيرته وقدّم ضمانات إصلاح نفسه وإعادة توازنه الفكري والمعنوي، فالإفراج المشروط هو تعديل لأسلوب تنفيذ
العقوبة وليس إنهاءاً لها أي أنّه ليس إفراج نهائي، ويستفيد منه المحبوس إلى غاية انتهاء مدّة
العقوبة المحكوم بها عليه، إذا لم يُخلّ بالواجبات المفروضة عليه.
كما أنّ الإفراج المشروط قد لقي تطبيقاً عالمياً في
التشريع المقارن، مع اختلاف في التفاصيل والأهداف، حيث تبدأ أُصوله التاريخيّة على
يد رجال الفكر القانوني منذ وقت بعيد ويستمدّ أساسه من فكرة قديمة وهي العفو، ليصل بعدها إلى الدول الأخرى ومنها الدول
العربية، كما نجده في القانون المصري تحت تسمية الإفراج الشرطي، حيث عرّفه الأستاذ
سليمان أحمد فضل باعتباره: "ذلك النظام الذي يحدّد فيه القاضي قدراً
مُعيناً من العقوبة السالبة للحريّة، بين حدّيها الأدنى والأقصى إذا استوفى منها
جزءاً مُعيناً وكان حسن السيرة والسلوك مُكافأة له وتشجيعاً لغيره من السجناء على
الاقتداء به".
كما عُرّف الإفراج المشروط بأنّه: "من أهم أنظمة
إعادة إدماج المحبوس اجتماعياً، إذ بواسطته يتمكّن من العودة إلى أُسرته ليقضي ما
تبقى من عُقوبته خارج أسوار المؤسّسة العقابيّة".
كما تمّ تعريفه من طرف الأستاذ إسحاق إبراهيم منصور
بأنّه: "إخلاء سبيل المحكوم عليه الذي قضى فترة مُعيّنة من العقوبة قبل
انقضاء مدّة العقوبة كاملة، تحت شرط أن يسلك سُلوكاً حسناً أثناء وضعه تحت
المراقبة والاختبار".
1- أهميّة نظام الإفراج المشروط: من خلال
التعريفات السابقة يمكن القول أنّ نظام الإفراج المشروط يتميّز بما يلي:
- الإفراج المشروط منحة أو مكافأة تأديبيّة تُمنح
للمحكوم عليه الذي يثبت حسن السيرة والسلوك ولا يُعتبر حقاً مُكتسباً له.
- الإفراج المشروط أسلوب تفريد المعاملة العقابيّة
التهذيبية للمحكوم عليه، يعتمد على تدابير المساعدة والمراقبة من أجل تسهيل عمليّة
إصلاح وإعادة التأهيل الاجتماعي لهذه الفئة.
- الإفراج المشروط ليس إفراجاً نهائياً لأنّه لا يؤدّي
إلى انقضاء العقوبة ومُدّته تدخل ضمن مُدّة العقوبة المحكوم بها، ويمكن أن يُلغى
في أي وقت إذا ما أخلّ المحكوم عليه بإحدى الالتزامات المفروضة عليه.
- الإفراج المشروط وسيلة للتقليل من نفقات المؤسّسات
العقابيّة وكذا من اكتظاظ المحبوسين داخل تلك المؤسّسات.
02- شروط الاستفادة من نظام الإفراج
المشروط: نظراً لأهميّة نظام الإفراج المشروط وضع المشرّع
الجزائري مثله مثل التشريعات المقارنة عدّة ضوابط للاستفادة منه، سواء تلك
المتعلّقة بالشروط الموضوعيّة أو الشروط الشكليّة.
أ- الشروط الموضوعيّة: جاء النص
عليها ضمن المواد 134 و135 و136، من القانون رقم 05-04، حيث ينبغي توفّر تلك
الشروط لدى المحكوم عليه للاستفادة من نظام الإفراج المشروط، سواء ما تعلّق بالوضع الجزائي للمحبوس وفترة
الاختبار ثمّ سلوك المحبوس أثناء تنفيذ العقوبة والضمانات الجديّة للاستقامة وأداء
المحبوس للالتزامات الماليّة المحكوم بها عليه، وكلها شروط يمكن اعتبارها مُتصلة
بصفة المستفيد.
- الوضع الجزائي للمحبوس ويتعلّق هذا الشرط بكون
المستفيد محكوماً عليه بعقوبة سالبة للحريّة أياً كانت مُدّتها بما في ذلك السحن
المؤبّد، ويُستثنى من ذلك المحكوم عليه
بالإعدام، أي يُمكن أن يستفيد المحبوس من نظام الإفراج المشروط بعد صيرورة حُكمه
نهائياً غير قابل لطرق الطعن العاديّة وغير العاديّة، أي أن لا يكون المحبوس
مُستأنفاً أو طاعناً في الحكم أو القرار الذي صدر ضدّه أثناء تقديم طلب الاستفادة
من نظام الإفراج المشروط.
- قضاء فترة اختبار من المدّة المحكوم عليه بها، وهي
المدّة التي يتعيّن على المحبوس قضاءها من العقوبة المحكوم بها عليه في المؤسّسة
العقابيّة قبل أن يُقرّر الإفراج عنه شرطياً،
وتختلف فترة الاختبار باختلاف السوابق القضائيّة لكل محبوس وطبيعة المحكوم
بها عليه.
- حسن السيرة والسلوك وتقديم ضمانات في المؤسّسة
العقابيّة، حيث يُعتبر السلوك الحسن للمحبوس أثناء تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه
شرطاً ضرورياً لاستفادته من الإفراج المشروط، لأنّ حسن السلوك يؤكّد استجابة
المحبوس وتفاعله مع أساليب المعاملة العقابيّة بصورة إيجابيّة، ويُعتبر دليل على
الإصلاح الفعلي بما لا يدع مجالاً للشك على سهولة إدماجه في المجتمع وتكيّفه
معه.
اشترط المشرّع الجزائري معيار حسن السيرة والسلوك في
المؤسّسة العقابيّة وأضاف معيار أخر وهو إظهار ضمانات جديّة للاستقامة وأوردها على
سبيل الحصر فيما يلي:
-
حصول المحبوس
الذي اكتسب كفاءة مهنيّة على شهادة عمل.
-
استفادة
المحبوس من الوضع في الورشات الخارجيّة.
-
استفادة
المحبوس من نظام الحريّة النصفيّة لتأدية عمل أو مُزاولة دُروس أو مُتابعة دراسات
عليا أو تكوين مهني.
-
وضع المحبوس
في مؤسّسة للبيئة المفتوحة لأداء عمل.
-
قيام
المحبوس الحدث بعمل مُلائم بغرض رفع مُستواه الدراسي والمهني.
- تسديد المصاريف القضائيّة والغرامات الجزائيّة المحكوم
بها عليه، وفي كل الأحوال فإنّ شرط الاستفادة من هذا النظام يبقى مُعلقاً على شرط
تسديد المصاريف القضائيّة والغرامات الماليّة لخزينة الدولة والتعويضات المدنيّة
إن وجدت، بحيث يتمّ التسديد عند محضر قضائي ويُحرّر هذا الأخير محضر تسليم واستلام
المبلغ المالي للضحيّة.
ب- الشروط الشكلية: تتمثّل هذه
الشروط في:
- مرحلة الطلب والاقتراح، حيث نصّت المادّة 137 من
القانون رقم 05-04 على أنّ الإفراج المشروط يكون بطلب من المحكوم عليه شخصياً أو
مُمثله القانوني، وقد يكون في شكل اقتراح من قاضي تطبيق العقوبات أو مُدير
المؤسّسة العقابيّة، ليتمّ إحالته على لجنة تطبيق العقوبات التي تفصل فيه في أجل
أقصاه شهر من تاريخ تسجيل الطلب وفق ما نصّت عليه المادّة 09 الفقرة الأولى من
المرسوم التنفيذي رقم 05-180 الذي يحدّد تشكيلة لجنة تطبيق العقوبات وكيفيّة
سيرها.
- مرحلة التحقيق السابق، والذي يتعلّق بإجراء تحقيق
مُسبق على المحكوم عليه قبل اتخاذ قرار الإفراج المشروط، لأنّ الغاية من وراء ذلك
معرفة وضعيّته الجزائيّة والعائليّة وحالته الصحيّة ومحل إقامته ومهنته المعتادة
ومستوى التعليم الذي حصل عليه بالمؤسّسة العقابيّة أو غيرها، وعند الانتهاء من هذا
التحقيق يمكن للسلطة المختصّة إصدار قرارها المناسب في طلب الإفراج المشروط
المقدّم إمّا بقبول منحه أو تأجيله أو رفضه نهائياً.
- مرحلة إصدار القرار النهائي للإفراج المشروط، حيث يختص
بهذه المرحلة قاضي تطبيق العقوبات أو وزير العدل حسب المُدّة المتبقّية من العقوبة
المحكوم بها، حيث تُصدر اللجنة مُقرراً يتضمّن الموافقة على منح الإفراج المشروط،
ويُصدر قاضي تطبيق العقوبات بناءاً على هذا المقرّر؛ مُقرّر استفادة من الإفراج
المشروط مع اشتراط المشرّع الجزائري أن تكون باقي العقوبة تُساوي أو تقل عن أربعة
وعشرون ( 24 ) شهراً، ويكون مُقرّر الإفراج المشروط قابل للطعن من قبل النائب
العام خلال ثمانية ( 08 ) أيّام من تاريخ تبليغه، الطعن يكون أمام لجنة تكييف
العقوبات التي تفصل فيه خلال مُهلة خمسة وأربعون ( 45 ) يوماً إبتداءاً من تاريخ
الطعن وبمجرّد مُرور هذه المدّة يُعتبر الطعن مرفوضاً وفقاً لنص المادة 11 الفقرة
الأولى من المرسوم التنفيذي رقم 05-181 الذي يُحدد تشكيلة لجنة تكييف العقوبات
وتنظيمها وسيرها.
وفي حالة قُبول الطعن من طرف هذه اللجنة يُبلّغ بذلك
قاضي تطبيق العقوبات الذي بدوره يُلغي مُقرّر الإفراج المشروط، أمّا في حالة رفض
الطعن فيبلّغ مُقرّر الرفض الصادر عن هذه اللجنة بواسطة النيابة العامّة لقاضي
تطبيق العقوبات الذي يسهر على تنفيذه.
رابعاً: الوضع تحت المراقبة الإلكترونيّة
لقد تعدّدت المفاهيم والمصطلحات التي أُطلقت على نظام
المراقبة الإلكترونيّة وإن كانت في مُجلها تصب في هدف واحد، فمنهم من أطلق عليه
تسمية نظام المراقبة الإلكترونيّة والبعض الأخر سمّاه السوار الإلكتروني بينما
فضّل جزء أخر بتسميته الحبس في البيت، حيث عرّفه المركز القانوني للبحوث العربية
في قراره رقم 852 بأنّه: "جهاز إلكتروني يُثبّت في شكل سوار إمّا في معصم
المحكوم أو كاحله ويُستعمل كبديل عن عقوبة السجن قصير المدّة أو كإجراء تحفّظي
لمراقبة المتّهم المفرج عنه".
كما يُعرّف كذلك بأنّه نمط أو طريقة لتنفيذ العقوبات
السالبة للحريّة خارج المؤسّسات العقابيّة في أماكن مُحدّدة من طرف القضاء تحت
مُراقبة أشخاص مُؤهّلين لذلك، كما يُستعمل لمراقبة بعض الالتزامات الرقابيّة
القضائيّة، ويقوم هذا الأسلوب على السماح للمحكوم عليهم أو الموضوعين تحت التزامات
الرقابة القضائيّة بالبقاء في محل إقامتهم مع فرض بعض القيود على تحرّكاتهم من
خلال جهاز مُراقبة شبيه بالساعة أو السوار، مُثبت في معصم الشخص أو في قدمه، ولهذا
جاءت تسمية السوار الإلكتروني.
أمّا التعريف التشريعي له من طرف المشرّع الجزائري فقد
جاء ضمن نص المادّة 150 مكرّر من القانون 05-04 المضافة بموجب القانون رقم
18-01 المتمّم لقانون تنظيم السجون وإعادة
الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، والتي جاء فيها: " الوضع تحت المراقبة
الإلكترونيّة إجراء يسمح بقضاء المحكوم عليه كل العقوبة أو جزء منها خارج المؤسّسة
العقابيّة.
يتمثّل الوضع تحت المراقبة الإلكترونيّة في
حمل الشخص المحكوم عليه، طيلة المدّة المذكورة في المادة 150 مكرّر 01، لسوار
إلكتروني يسمح بمعرفة تواجده في مكان تحديد الإقامة المبيّن في مُقرّر الوضع
الصادر عن قاضي تطبيق العقوبات ".
1- شروط الوضع تحت نظام المراقبة
الإلكترونيّة: لتطبيق نظام المراقبة الإلكترونيّة عملياً أي على أرض
الواقع، لابدّ من توفّر شروط فنيّة ( السوار الإلكتروني، جهاز الاستقبال، مركز
المراقبة )، بالإضافة إلى توفّر شروط ماديّة وقانونيّة يتعيّن توفّرها لإصدار أمر
الوضع تحت المراقبة الإلكترونيّة وهو ما اشترطه المشرّع الجزائري.
أ- الشروط الفنيّة والماديّة: لتطبيق
المراقبة الإلكترونيّة لابدّ من توفّر مجموعة من الشروط الفنيّة والتي هي عبارة عن
مجموعة من الأجهزة المتّصلة فيما بينها للوصول إلى المراقبة الإلكترونيّة، حيث أنّ
انفصال أحد الأجهزة عن الأخر يحول دون اعتماد نظام المراقبة الإلكترونيّة أو حتى
استحالة تطبيقها، بالإضافة إلى ضرورة توفّر بعض الشروط الماديّة المرتبطة بمحيط
الشخص، خاصّة فيما إذا كان الوضع الحالي للشخص مُلائم لوضعه تحت نظام المراقبة
الإلكترونيّة.
حيث يتمّ تثبيت السوار الإلكتروني فنياً على مستوى كاحل
الشخص الموضوع تحت المراقبة الإلكترونيّة بالمؤسّسة العقابيّة، طيلة فترة المراقبة
التي يحدّدها قاضي التحقيق أو القضاة المخوّلون بهذه المهام، حيث يبثّ الجهاز
ذبذبات إلكترونيّة مُرتبطة بالمراكز التي تتولى مهام التلقّي والمراقبة عن بعد على
مستوى مصالح جهاز الضبطيّة القضائيّة، هذا ويسمح السوار الإلكتروني الذي يعمل من
خلال أجهزة اتصال هاتفيّة أو لاسلكيّة بتحديد مكان حامله وتوقيت تواجده بمكان
مُحدّد بدقّة عالية تُمكّن من مُتابعته حتى عندما يكون في سيّارة مع تحديد سرعة
السير، كما يقوم هذا الجهاز الحديث بإطلاق إنذار إلى مركز المراقبة في حالة تمّ
إزالته، كما يُعتبر جهازاً مُقاوماً للماء
حتى على عمق 30 متر، ويُقاوم الرطوبة والحرارة والغبار وكذا الاهتزاز والصدمات،
بالإضافة إلى مُقاومته للتمزّق والقطع والفتح عند إغلاقه ويتحمّل قوّة الضغط، ويتم
شحنه بواسطة بطاريّة تُمنح للشخص الموضوع تحت المراقبة الإلكترونيّة مع جهاز إرسال
واستقبال للرسائل الصوتيّة والكتابيّة، كذلك يتمّ إرفاقه بعازل من قماش يقي حامله
من الحساسيّة، كما يحتوي السوار على جهاز " جي أس أم " ( GSM ) ونظام تتبّع المواقع، ويتمّ
تسييره بتطبيق إعلامي خاص تمّ ابتكاره من طرف كفاءات جزائريّة، يسهّل عمل جهاز
الضبطيّة القضائيّة في تحديد المواقع المحظورة على المتهم والمسموح له التواجد
بها، انطلاقاً من جهاز المراقبة الإعلامي أو لوحة تحكّم معلوماتيّة، ويتمّ فتح
وإغلاق السوار الإلكتروني أوتوماتيكياً بواسطة جهاز إلكتروني تحوز عليه الجهات
المخوّلة قانوناً بوضع السوار.
ب- الشروط القانونيّة: نصّ المشرّع
على شروط قانونيّة لابدّ من توفّرها لتقرير الوضع تحت المراقبة الإلكترونيّة، حيث
تتعلّق تلك الشروط القانونيّة بالأشخاص وأخرى مُتعلّقة بالعقوبة وشروط أخرى مُتعلّقة
بالمدّة القانونيّة والجهة التي لها اختصاص تقرير الوضع تحت المراقبة
الإلكترونيّة.
تنفّذ العقوبة باستعمال نظام الأمر تحت المراقبة
الإلكترونيّة على البالغين من كلا الجنسين، بالإضافة إلى تطبيقها على القصّر كذلك،
المشرّع الجزائري لم يحدّد سن أدنى للقاصر الذي يُطبّق عليه الوضع تحت المراقبة
الإلكترونيّة، حيث اكتفى بالنص فقط على ضرورة نيل مُوافقة الممثّل القانوني
للقاصر.
كذلك لا يمكن تطبيق نظام المراقبة الإلكترونيّة إلاّ على
المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحريّة، بحيث لا يمكن تخيّل تطبيق هذا النظام على شخص
لم يُحكم عليه بعقوبة سالبة للحريّة، بالإضافة إلى أنّ الاستفادة من هذا النظام
تكون بالنسبة للأشخاص الطبيعيين فلا يمكن تصوّرها في حالة الشخص المعنوي، أمّا
فيما يتعلّق بالمدّة المحكوم بها والتي يُطبّق عليها نظام الوضع تحت المراقبة، فقد
نصّ القانون 05-04 على أنّ مدّة العقوبة السالبة للحريّة أو مجموع مُددها أو ما
تبقّى منها لا يتجاوز 03 سنوات، بالإضافة
إلى وجوب أن يكون الحكم نهائي أي قد
استوفى جميع طرق الطعن العاديّة وغير العادية، بالإضافة إلى ضرورة أن يقوم المحكوم
عليه بتسديد جميع الغرامات المحكوم بها عليه، كما نصّ القانون على رضا المحكوم
عليه، حيث لا يُمكن اتخاذ إجراء الوضع تحت المراقبة دون مُوافقته أو مُوافقة
مُمثّله القانوني في حالة ما إذا كان قاصراً.
المشرّع الجزائري كذلك قد اختص قاضي تطبيق العقوبات
بصلاحيّة إصدار أمر الوضع تحت المراقبة القضائيّة تلقائياً، أو بناءاً على طلب
المحكوم عليه شخصياً أو عن طريق مُحاميه،
حيث يُصدر قاضي تطبيق العقوبات مُقرر الوضع تحت المراقبة الإلكترونيّة، بعد
أخذ رأي النيابة العامّة، كما يأخذ رأي لجنة تطبيق العقوبات بالنسبة للمحبوسين.
نشير إلى أنّ المعني يُقدّم طلب الاستفادة من نظام
المراقبة الإلكترونيّة إلى قاضي تطبيق العقوبات لمكان إقامة المحكوم عليه أو
المكان الذي يوجد به مقر المؤسّسة العقابيّة المحبوس بها المعني، فيتمّ إرجاء
تنفيذ العقوبة إلى غاية الفصل أو البث النهائي في طلب المعني إذا كان غير محبوس،
ويفصل قاضي تطبيق العقوبات في طلب الاستفادة في أجل قدره عشرة ( 10 ) أيّام من
إخطاره، ويكون الفصل بموجب مُقرّر غير قابل لأي طعن، وكذلك يُمكن للمحكوم عليه
الذي رُفض طلبه أن يقدّم طلب استفادة جديد ولكن بشرط مُضي 06 أشهر من تاريخ رفض
طلبه الأول.
2- الالتزامات الواقعة على عاتق المستفيد من
نظام المراقبة الإلكترونيّة: يترتّب على خضوع المحكوم عليه لنظام الوضع
تحت المراقبة الإلكترونيّة التقيّد بجملة من الالتزامات المحدّدة ضمن مُقرّر
الوضع، والتي يجوز لقاضي تطبيق العقوبات من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المحكوم
عليه تغييرها أو تعديلها وفق ما نصّت على ذلك المادّة 150 مكرّر 09 من القانون رقم
05-04 وتتمثّل تلك الالتزامات فيما يلي:
- عدم مُغادرة المحكوم عليه لمنزله أو للمكان الذي
يُعيّنه قاضي تطبيق العقوبات خارج الفترات المحدّدة في مُقرر الوضع، حيث يُراعى في
تحديد الأوقات والأماكن المسموح بها للمحكوم عليه مُمارسته لنشاط مهني أو مُتابعته
لدراسة أو تكوين أو تربّص أو شغله لوظيفة أو مُتابعته لعلاج.
- الاستجابة لاستدعاءات قاضي تطبيق العقوبات أو السلطة
العموميّة التي يُعيّنها هذا الأخير.
- مُراعاته لبعض التدابير التي يمكن لقاضي تطبيق
العقوبات إخضاعه لها والمتمثّلة في:
ü مُمارسة نشاط مهني أو مُتابعة تعليم أو تكوين مهني.
ü عدم ارتياد بعض الأماكن.
ü عدم الاجتماع ببعض المحكوم عليهم بما في ذلك الفاعلين
الأصليين أو الشركاء في الجريمة.
ü عدم الاجتماع ببعض الأشخاص لاسيما الضحايا والقصر.
ü الالتزام بشروط التكفّل الصحّي أو الاجتماعي أو التربوي
أو النفسي التي تهدف إلى إعادة إدماجه اجتماعياً.
3- أسباب
ونتائج إلغاء الاستفادة من نظام الوضع تحت المراقبة الإلكترونيّة: نصّ القانون
رقم 05-04 على مجموع من الأسباب المؤدّية إلى إلغاء الاستفادة من نظام الوضع تحت
المراقبة، كما نصّ نفس القانون على النتائج أو الآثار المترتّبة عن ذلك الإلغاء،
حيث نصّت المادة 150 مكرّر 10 من القانون رقم 05-04 على حالات إلغاء الاستفادة من
نظام المراقبة الإلكترونيّة والتي تتمثّل فيما يلي:
- عدم احترام المعني لالتزاماته المفروضة عليه في مُقرّر
الوضع تحت المراقبة الإلكترونيّة دون مُبرّر مشروع.
- الإدانة الجديدة، حيث لم يُفصّل المشرّع الجزائري في
نوع الجريمة المرتكبة أو جسامتها أو زمن ارتكابها.
- طلب المعني إلغاء استفادته من نظام الوضع تحت المراقبة
الإلكترونيّة لأسباب شخصيّة مُتعلّقة به.
كما يمكن للنائب العام في حالة ما إذا رأى أنّ نظام
الوضع تحت المراقبة الإلكترونيّة يمس بالأمن والنظام العام، أن يطلب من لجنة تكييف
العقوبات إلغاءه، وعليها الفصل في الطلب بمقتضى مُقرّر غير قابل للطعن في أجل
أقصاه عشرة ( 10 ) أيام من تاريخ إخطاره.
أمّا بالنسبة للآثار المترتبة عن إلغاء نظام الوضع تحت
المراقبة الإلكترونيّة فتتمثّل فيما يلي:
- تنفيذ المعني بقيّة العقوبة المحكوم بها عليه داخل
المؤسّسة العقابيّة بعد اقتطاع مُدّة الوضع تحت المراقبة الإلكترونيّة.
- كما يُعاقب المحكوم عليه بالعقوبات المقرّرة لجريمة
الهروب المنصوص عليها في قانون العقوبات ضمن المادة 188 والمعاقب عليها بالحبس من
شهرين إلى ثلاث سنوات، إذا تملّص من المراقبة الإلكترونيّة، عن طريق نزع أو تعطيل
جهاز المراقبة الإلكترونيّة.
المحور الثالث: الرعاية اللاّحقة لإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين المفرج عنهم
عند انقضاء تنفيذ العقوبة السالبة للحريّة يُفرج عن
المحكوم عليهم نهائياً بعدما خضعوا لأساليب التأهيل والتهذيب داخل المؤسّسة
العقابيّة ولجميع أشكال الرعاية الصحيّة الوقائيّة والعلاجيّة، هذه الأساليب لا
تكتمل أهدافها إلاّ برعاية المفرج عنهم بعد خُروجهم من المؤسّسة العقابيّة، حيث
يُواجه البعض منهم ما يسمّى " أزمة الإفراج " التي تنشأ عن الاختلاف بين
ظروف الحياة التي اعتادوا عليها داخل المؤسّسة العقابيّة وبين الحياة خارجها، فقد
يتعرّضون لظروف تدفعهم إلى العود للجريمة مرّة أخرى، ومن بين تلك الظروف عدم وجود
مأوى أو المال اللاّزم لتغطية الاحتياجات الاجتماعيّة لأسرهم وكذلك نفور المجتمع
منهم، كل هذا يقودنا إلى حقيقة هامّة مفادها ضرورة استكمال علاج المحبوسين بعد
الإفراج عنهم بتطبيق أساليب جديدة عن تلك المطبّقة داخل المؤسّسة العقابيّة.
من هنا يأتي دور الرعاية اللاّحقة للمحبوسين المفرج
عنهم، فهي ضروريّة لاستكمال علاجه بأساليب مُختلفة عن تلك المطبّقة داخل المؤسّسة
العقابيّة، إذن فهي تُعتبر جُزءاً من
السياسة العقابيّة، إذ هي مُعاملة من نوع خاص تهدف إلى استكمال المعاملة التي سبق
تطبيقها أثناء التنفيذ العقابي، وتحسيس
المفرج عنه بأنّه ككل الأفراد في المجتمع له حقوق وعليه واجبات، ولهذا فقد كان لزاماً على الدّولة أن تتولاّها
بنفسها عن طريق أجهزتها وهيئاتها المتخصّصة لارتباطها بالسياسة العقابيّة.
وتُعرّف الرعاية اللاّحقة بأنّها رعاية تُوجّه إلى
المحكوم عليه الذي أمضى مُدّة الجزاء الجزائي السالب للحريّة وذلك بمعاونته على
اتخاذ مكان شريف مُحدّد ولائق بين أفراد المجتمع، بحيث يجد فيه مُستقراً لحياته
القلقة التي يُصادفها عند انتهاء مُدّة عُقوبته.
وقد عرّفتها المنظّمة العربية للدفاع الاجتماعي بأنّها: "
عمليّة تتابعيّة وتقويميّة للنزلاء المفرج عنهم في بيئتهم الطبيعيّة من خلال
تهيئتهم للعودة إلى العالم الخارجي والعمل على توفير أنسب أجواء الأمن الاقتصادي
والاجتماعي والنفسي والترفيهي داخل مُجتمعهم الطبيعي ".
أوّلاً: أهداف الرعاية اللاّحقة للمحبوسين المفرج عنهم
ما يمكن مُلاحظته من خلال التعريفات السابقة أنّ الرعاية
اللاّحقة للمفرج عنهم تكمن أهدافها فيما يلي:
- تعمل على الحد من ظاهرة العود للجريمة.
- تلعب دور فعّال في مُكافحة الجريمة.
- تُساعد على تحقيق الأمن والاستقرار داخل المجتمع.
- حل المشاكل الاجتماعيّة للمحبوسين المفرج عنهم الناجمة
عن ارتكابهم للجرائم مثل التفكّك الأسري والجريمة المنظّمة والاحتراف الإجرامي
والتشرّد وجنوح الأحداث.
- إعادة تربية المحبوس وإصلاحه وإعادة إدماجه
اجتماعيّاً.
- تقديم المساعدة للمفرج عنه من أجل التأقلم مع العالم
الخارجي وحماية أسرته من التشتّت والضياع.
- توفير فرص كسب عمل شريف للمفرج عنه يعين به نفسه
وأُسرته.
ثانياً: صور الرعاية اللاّحقة
تتعدّد وتتنوّع صور الرعاية اللاّحقة التي يُمكن تقديمها
للمفرج عنهم، والأصل أن يبدأ الإعداد للرعاية اللاّحقة مع بداية تنفيذ العقوبة
السالبة للحريّة، حيث يُوضع في الاعتبار عند تحديد المعاملة العقابيّة للمحكوم
عليهم الاستفادة منها لتأهيلهم لفترة ما بعد الإفراج عنهم.
أ- الصورة الأولى: إمداد المفرج عنه بعناصر
بناء مركزه الاجتماعي: تتمثّل هذه الصورة في إمداد المفرج عنه
بمأوى مُؤقّت وملابس لائقة وأوراق إثبات الشخصيّة ومبلغ من النقود يفي باحتياجاته
العاجلة والحصول على عمل له.
المواد من 112 إلى 115 من القانون رقم 05-04، نصّت على
مجموعة قواعد الحد الأدنى لمعاملة المحبوسين والتي تُساعدهم بالعودة إلى احتلال
مراكزهم ومكانتهم في المجتمع بعد الإفراج عنهم، حيث يُستخلص من تلك المواد مجموعة
قواعد الحد الأدنى لرعاية المحبوسين بعد الإفراج عنهم والمتمثّلة فيما يلي:
- تمكين المفرج عنهم من مُساعدة ماليّة.
- توفير مراكز لاستقبال المفرج عنهم.
- إيجاد عمل للمفرج عنهم.
2- الصورة الثانية: إزالة العقبات التي
تعترضه في بناء مركزه الاجتماعي: من أبرز العقبات التي
تواجه المفرج عنهم عداء الرأي العام في المجتمع لهم وهو عداء يتمثّل في سوء الظن
بهم والنفور منهم، وتكمن خطورة هذا العداء في أنّه يضع المفرج عنهم في عُزلة عن
المجتمع، حيث يُعرقل ذلك اندماجهم في المجتمع على النحو الذي يتحقّق به التأهيل،
بالإضافة إلى ذلك يُقلّل من استفادة المفرج عنه من النظم الاجتماعيّة.
لهذا وجب توجيه عناية إلى المفرج عنهم الذين يحتاجون إلى
علاج طبّي يكفل تخلّصهم من عارض مرضي يقف عقبة بينهم وبين التأهيل الكامل.
وحريّ عن البيان أنّه إذا تعرّض المفرج عنه لصدمة تمنع
اندماجه بالمجتمع لأي سبب كان عقلياً أو نفسياً، فإنّ اعتراضه سبيل التأهيل يكون
أوضح ومن تمّ يكون لعلاجه أهميّة كبيرة، ويتعيّن توجيه عناية خاصّة إلى المفرج
عنهم الشواذ والمدمنين على الخمور والمخدّرات.
ويتّصل بذلك وجوب أن تُراجع قواعد رد الاعتبار، بحيث لكل
شخص تحقّق تأهيله الكامل أن يسترد مكانه في المجتمع على نحو يتساوى فيه مع سائر
الأفراد.
ثالثاً: الهيئات التي تقوم وتشرف على الرعاية اللاّحقة
كانت الجمعيّات الخيريّة خاصّة الدينيّة منها والمدنيّة
تتولّى مُهمّة الرعاية اللاّحقة منذ نشأتها، بمساعدة المحكوم عليهم عند الإفراج
عنهم لمد يد العون والمساهمة في إعادة الإدماج والإصلاح، وهو مجهود تشكر عليه رغم
أنّ الدّولة في حد ذاتها ومن خلال أجهزتها وهيئاتها المختصّة بارتباطها بالسياسة
العقابيّة وما تحتاجه الرعاية من أموال كبيرة يصعب توفيرها بالجهود الذاتيّة قد
لقيت صعوبات في ذلك، إلاّ أنّ الدّولة أوجبت أن يكون هذا النشاط وفق إطار التوجيه
العام للدّولة والتنسيق الكامل مع المؤسّسات الرسميّة والمتخصّصة وأن تقدّم
الدّولة المساعدات الماليّة لجميع الجمعيّات التطوّعيّة من أجل تحقيق الهدف وهو
إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.
المشرّع الجزائري تبنّى أسلوب الرعاية اللاّحقة لتنفيذ
الجزاء الجنائي في المواد من 112 إلى 115 من القانون رقم 05-04، بالإضافة لما نصّ
عليه من إنشاء مصالح خارجيّة تابعة لإدارة السجون تُكلّف ببرامج إعادة الإدماج
الاجتماعي التي تسيّرها اللّجنة الوزاريّة المشتركة لتنسيق نشاطات إعادة التربية
وإعادة الإدماج، كما تهتم بمراقبة هؤلاء الخاضعين للالتزامات والشروط الخاصّة
المترتّبة على وضعهم في هذه الأنظمة، مع العلم أنّ اللّجنة الوزاريّة المشتركة
تتكوّن وفقاً للمرسوم التنفيذي رقم 05-429،
من وزير العدل حافظ الأختام رئيساً وممثّلين عن 14 وزارة و ثلاثة هيئات
وجمعيّات استشارية طبقاً لنص المادّة الثانية من المرسوم التنفيذي رقم 05-429،
وتعمل اللجنة الوزارية المشتركة على رعاية السجناء داخل السجون ورعاية أسرة
المسجون أثناء حبسه ورعاية المفرج عنه وأسرته.
كما تقوم المؤسّسة العقابيّة بتهيئة المحبوسين نفسياً
لمرحلة ما بعد الإفراج وذلك بوضع برامج عقابيّة يتمّ تطبيقها داخل المؤسّسات
العقابيّة، حتى لا تكون مرحلة انتقاليّة مُفاجئة له وهذا تجسيداً للأنظمة التي
تُساهم في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين ضمن القانون رقم 05-04، والمتمثّلة
في نظام الحريّة النصفيّة وإجازة الخروج والإفراج المشروط والتوقيف المؤقّت لتطبيق
العقوبة وكذا نظام الوضع في الورشات الخارجيّة.
خاتمة
يتّضح لنا في ختام هذه المداخلة، حجم التغيير الكبير
الذي طرأ على دور المؤسّسات العقابيّة في السياسة العقابيّة المعاصرة، فهي لم تعد
تلك المؤسّسة التي تتولّى مهمّة قمع المنحرفين والمجرمين وردعهم وتسليط أقصى
العقوبات عليهم، بل تجاوزت ذلك لتتولّى مُهمّة حسّاسة ومحوريّة تتمثّل في إعادة
رسلكة ذلك الفرد المنحرف في المجتمع إن صحّ التعبير، ونزع بذرة الشر الموجودة
داخله وتحويله من فرد مُنحرف منبوذ من طرف المجتمع إلى فرد صالح مُندمج في
المُجتمع وذلك من خلال عدّة برامج إصلاحيّة تأهيليّة مُتدرّجة تتبنّاها المؤسّسات
العقابيّة كنظام الحريّة النصفيّة ونظام الورشات الخارجيّة ونظام الإفراج المشروط
وغيرها من الأنظمة التي تناولناها بالتفصيل في مداخلتنا هذه، وكختام لهذه المداخلة
توصّلنا لعدّة نتائج نوجزها فيما يلي:
1- ارتباط
مُختلف التدابير والأنظمة المستحدثة لإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين ببعضها
البعض، حيث يتدرّج المحبوس من نظام إلى أخر إلى غاية وصوله لأخر مرحلة، وهي مرحلة
الإفراج المشروط ثمّ الرعاية اللاّحقة التي يحضى بها بعد الإفراج عنه.
2- تشابه تلك الأنظمة في الشروط والإجراءات إلى غاية
التطابق فيما بينها من حيث شروط وإجراءات الاستفادة منها.
3- الدور الكبير الذي يلعبه قاضي تطبيق العقوبات في
المؤسّسة العقابيّة، حيث يُعتبر قطب الرحى في تلك الأنظمة والتدابير المستحدثة
لإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، فهو الذي يُصدر مُقرّر الاستفادة منها وهو
الذي يُلغيها.
4- توظيف المشرّع الجزائري للتكنولوجيا الحديثة في إعادة
الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليهم وذلك من خلال تطبيقه لنظام المراقبة الإلكترونيّة
بموجب القانون رقم 18-01 المتمم للقانون رقم 05-04.
أمّا كتوصيات ندعو لها في ختام هذه المداخلة فكانت
كالتالي:
1- تنظيم حملات توعية ميدانيّة وإعلاميّة من طرف الجهة
المكلّفة بإدارة السجون من أجل تغيير صورة المجتمع للمساجين، خاصّة منهم الذين
تحلوا بأخلاق وسلوكات حسنة في المؤسّسات العقابيّة إلى الحد الذي يُمكن من خلاله
القول أنّهم أعلنوا عن الندم والشعور بالذنب عن ما قاموا بارتكابه اتجاه مُجتمعهم.
2- تنظيم برامج شاملة تضمّ مُختلف الجهات ذات العلاقة
بإعادة الإدماج الاجتماعي للمساجين مثل المؤسّسات الدينيّة الرسميّة والمختصين في
الصحّة النفسيّة والبدنيّة وكذا جمعيّات المجتمع المدني، بالإضافة إلى رجال
القانون من أجل إنجاح أنظمة وآليّات الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.
3- ضرورة تخصيص نسبة مُعيّنة لتشغيل المحبوسين المفرج
عنهم في سوق العمل، مع تطبيق معايير صارمة في ذلك تُعطى الأولويّة فيها للمحبوسين
الذين نجحوا في عمليّة التأهيل والإصلاح وصاروا يُعتبرون أفراداً صالحين في
المجتمع ولا يُشكّلون أي خطر عليه.
4- نثمّن تطبيق المشرّع لنظام المراقبة الإلكترونيّة،
كما ندعوه إلى زيادة الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في مجالات أخرى مُتعلّقة
بسياسة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، ولا ربّما في التواصل مع ذويهم
ومُحاميهم عن بعد باستغلال التكنولوجيا المرئيّة الحديثة.