مفهوم الصفقة العمومية وتمييزها عن المصطلحات المشابهة لها
تمهيد:
تلعب
الصفقات العمومية دوار مهما في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، باعتبارها أداة من
الأدوات التي تستعملها الدّولة في إنفاق المال العمومي، فهي تضطلع بدور حيوي في
سياسة التنمية الاقتصادية.
والإدارة العمومية تستعين بمختلف مستوياتها، وهي تقوم
بنشاطها، بأسلوبين أساسيين هما القرار الإداري والعقد الإداري.
حيث يعتبر العقد الإداري من الأعمال الثنائية التي تتطلب
إلى جانب جهة الإدارة العمومية، وجود شخص ثانوي أخر في المقابل ليتعاقد معها.
إن هذا الشخص القانوني المتعاقد مع الإدارة العمومية في
ظل هذا الإطار، يكون في مرتبة أقل منها، ولعل هذا ما يميز العقد الإداري عن العقد
المدني.
وتعتبر الصفقات العمومية أو عقود الطلبات العمومية في
الجزائر من صور نظرية العقد الإداري، بل ومن أوضح صورها.
وسنتطرق في ما يلي إلى مفهوم الصفقة العمومية وتمييزها
عن المصطلحات المشابهة لها بحيث سنتناول في المطلب الأول مفهوم الصفقة العمومية
فيما سنخصص المطلب الثاني في تمييز الصفقة العمومية عن المصطلحات المشابهة لها.
المطلب الأول: مفهوم الصفقة العمومية
لكي نقف على مفهوم الصفقة العمومية، سندرس ثلاثة نقاط
رئيسية تباعا، تتعلق بالتعريف، الموضوع، الأنواع.
الفرع الأول: تعريف الصفقة العمومية
لكي نقدم تعريفا شاملا للصفقة العمومية،علينا الرجوع
لأحكام المرسوم الرئاسي 15/247، من خلال نصوص المواد :
- المادة 02 : "الصفقات العمومية عقود مكتوبة في
مفهوم التشريع المعمول به، تبرم بمقابل مع متعاملين اقتصاديين وفق الشروط المنصوص
عليها في هذا المرسوم، لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في مجال الأشغال واللوازم
والخدمات والدراسات".
- المادة 04 : " لا تصح الصفقات العمومية ولا تكون
نهائية إلا إذا وافقت عليها السلطة المختصة المذكورة أدناه حسب الحالة:
- مسؤول الهيئة العمومية…"
- المادة 06 : " لا تطبق أحكام هذا الباب، إلا على
الصفقات العمومية محل نفقات:
- الدولة.
- الجماعات الإقليمية.
- المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.
- المؤسسات العـمومية الخاضعة للتشريـع الـذي يحكم
النشاط التجاري، عندما تكلف بإنجاز عملية ممولة كليا أو جزئيا بمساهمة مؤقتة أو
نهائية من الدولة أو من الجماعات الإقليمية".
- المادة 08 : "يتعين على المؤسسات المنصوص عليها
في المطة الأخيرة من المادة 06 أعلاه، عندما تنجز عملية غير ممولة كليا أو جزئيا
بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة أو الجماعات الإقليمية، أن تكيف إجراءاتها الخاصة
مع تنظيم الصفقات العمومية والعمل على اعتمادها من هيئاتها المؤهلة…"
- المادة 10: "تخضع الصفقات العمومية المبرمة من
طرف صاحب مشروع منتدب باسم ولحساب صاحب مشروع تطبيقا لاتفاقية إشراف منتدب على
مشروع لأحكام هذا الباب".
- المادة 11: " كل هيئة غير خاضعة لقواعد المحاسبة
العمومية ولأحكام هذا المرسوم مهما كان وضعها القانوني تستعمل أموال عمومية
بأي شكل كان، ملزمة بإعداد إجراءات إبرام
الصفقات على أساس مبادئ حرية الاستفادة من الطلب والمساواة في التعامل مع
المترشحين وشفافية الإجراءات والعمل على اعتمادها من طرف هيئاتها المؤهلة."
- المادة 13: "كل صفقة عمومية يساوي فيها المبلغ
التقديري لحاجات المصلحة المتعاقدة اثني عشر مليون دينار (12000000 دج) أو يقل عنه
للأشغال أو اللوازم وستة ملايين دينار( 6000000 دج) للدراسات أو الخدمات، لا تقتضي
وجوبا إبرام صفقة عمومية وفق الإجراءات الشكلية المنصوص عليها في هذا الباب…."
من خلال هذه النصوص القانونية يمكن الإشارة إلى ما يلي:
1- الصفقة العمومية عبارة عن عقد، والعقد عبارة عن عمل قانوني
يتم باتفاق إرادتين.
2- تعدد الإطار القانوني الذي يحكم الصفقة العمومية،
ويظهر ذلك من عبارة مفهوم التشريع المعمول به ، وذلك أيضا ما تؤكده المادة الأولى
من المرسوم الرئاسي 15/247 "يتم تطبيق سياسة إعداد و ابرام وتنفيذ ومراقبة
الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام التي تبرمها على التوالي المصالح
المتعاقدة والسلطات المفوضة طبقا للقوانين والتنظيمات المعمول بها وأحكام هذا
المرسوم".
فإلى جانب المرسوم الرئاسي 15/247 الذي ينظم شروط
الإبرام والتنفيذ والرقابة يتسع الإطار القانوني لنصوص قانونية أخرى، تتنوع بتنوع
موضوع الطلب العمومي.
3- الصفقة العمومية هي عقد من عقود المعاوضة، ذلك أنه يوجد
تبادل لمنافع ذات قيمة مالية، ويظهر هذا من خلال ما يلبيه المتعامل الاقتصادي
للمصلحة المتعاقدة في مجال الأشغال واللوازم والخدمات و الدراسات، وبالمقابل فإن
هذا المتعامل الاقتصادي يتحصل على الثمن.
4- الأطراف التي تدعو إلى إبرام الصفقة العمومية محددة
بنص القانون، حيث يأخذ هذا التحديد شكلين، الأول شكل التحديد بالذات ، وهنا الأمر
مبين على الأساس الحصر، فنجد وفق هذا التحديد الهيئات العمومية، الدولة، الجماعات
الإقليمية المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، المؤسسات العمومية الخاضعة
للتشريع التجاري.
وهناك التحديد بالصفة، وهنا لا نجد حصرا فكلما تجسدت
الصفة المطلوبة وجب الدعوة لإبرام الصفقة العمومية وفق الإجراءات الشكلية، وتظهر
هذه الصفة في صاحب مشروع منتدب باسم ولحساب صاحب مشروع تطبيقا لاتفاقية إشراف
منتدب على مشروع.
كما تظهر هذه الصفة، كلما تم استعمال أموال عمومية بأي
شكل كان.
5- الأطراف التي تدعو إلى إبرام الصفقة العمومية، لها
مركزين في عملية التعاقد، إما المركز القانوني للأصيل و إما المركز القانوني
للنائب.
6- الكتابة في عقد الصفقة العمومية، هي شرط اثبات وليست
ركن انعقاد.
فالقاعدة العامة تنص من خلال المادة الثالثة من المرسوم
الرئاسي 15/247 على أنه لا شروع في تنفيذ الخدمات قبل إبرام الصفقة، والإبرام هنا
يستوجب الكتابة ،إلا أن هذه القاعدة يدخل عليها الاستثناء المتمثل في الشروع في
بداية تنفيذ الخدمات ، قبل إبرام الصفقة العمومية، عند الاستعجال الملح ، وفي حالة
ما إذا لا يسمح الاستعجال الملح بإعداد الصفقة، يثبت الاتفاق عن طريق تبادل
الرسائل.
والكتابة هنا تفيد المراحل والإجراءات الشكلية الواجب
إتباعها في إبرام الصفقة العمومية ، لأن الأمر يتعلق بإنفاق المال العام، بحيث
لابد أن تجسد هذه المراحل والإجراءات في مجموعة الوثائق المطلوبة والخاصة بالإبرام.
7- إن السقف المالي المنصوص عليه في المادة 13 من
المرسوم الرئاسي 15/247 ، لم يعد معيار تعريفي للصفقة العمومية ، بل معيار محدد
للإجراءات المتبعة في إبرام الصفقة العمومية، وذلك ما يظهر من صياغة المادة خلافا
لما جاء في النصوص السابقة والمنظمة للصفقات العمومية، ويظهر ذلك من صياغة هذه
النصوص وذلك من خلال:
- المادة 62 من الأمر 67/90" : كل توصية بمبلغ يزيد
على 20000 دج تتطلب إبرام صفقة.."
- المادة 09 من المرسوم رقم 82/145: " كل عقـد أو
طـلب يقـل مبلـغه أو يـساوي خمسمائة ألف دينار(50000 دج)، لا يتطلب إبرام صفقة
بمفهوم هذا المرسوم...".
- المادة 06 من المرسوم التنفيذي رقم 91/434:" كل
عقد أو طلب يقل مبلغه أو يساوي مليونا دينار جزائري 2000000 دج) لا يتطلب حتما إبرام
صفقة بمفهوم هذا المرسوم..."
- المادة 05 من المرسوم الرئاسي 02/250 :" كل عقد
أو طلب يقل مبلغه عن أربعة ملايين دينار (4000000 دج) أو يساويه لا يقتضي وجوبا إبرام
صفقة في مفهوم هذا المرسوم..."
- المادة 06 من المرسوم الرئاسي رقم 10/236 :" كل
عقد أو طلب يساوي مبلغه ثمانية ملايين دينار (8000000 دج) أو يقل عنه لخدمات
الأشغال أو اللوازم أربعة ملايين دينار (4000000 دج) لخدمات الدراسات أو الخدمات
لا يقتضي وجوبا إبرام صفقة في مفهوم هذا المرسوم…"
من خلال هذه الملاحظات التي تم الإشارة إليها، يمكن
القول أن:
الصفقة العمومية هي عبارة عن
عقد من عقود المعاوضة ، تدعو لإبرامها أطراف محددة بذواتها أو بصفاتها، مع
متعاملين اقتصاديين في إطار تبادل منافع ذات قيمة مالية، تأخذ بالنسبة للطرف
الداعي شكل أشغال أو لوازم أو خدمات أو دراسات، وبالنسبة للطرف المدعو (المتعاقد)
ثمنا.
هذه الصفقة تبرم وفق مراحل وإجراءات مكتوبة لأجل
إثباتها، تختلف هذه الإجراءات بحسب قيمة هذه الصفقة، كما تحكم وتنظم بإطار قانوني
متعدد.
الفرع الثاني: موضوع الصفقة العمومية
تنص المادة 29 من المرسوم الرئاسي 15/247 على "تشمل
الصفقات العمومية إحدى العمليات الآتية أو أكثر:
- انجاز الأشغال la réalisation de travaux
- اقتناء اللوازم
l’acquisition
de fournitures
- انجاز الدراسات
la réalisations d études
- تقديم الخدمات la prestation de services ".
تبعا لنص المادة المذكورة أعلاه، نقسم هذا المطلب إلى
أربعة فروع.
أولا: إنجاز الأشغال
تنص المادة 29 من المرسوم الرئاسي 15/247 في فقراتها 2 و
3 و4 على: "تهدف الصفقة العمومية للأشغال إلى إنجاز منشأة أو أشغال بناء أو هندسة
مدنية من طرف مقاول، في ظل احترام الحاجات التي تحددها المصلحة المتعاقدة صاحبة
المشروع وتعتبر المنشأة مجموعة من أشغال البناء أو الهندسة المدنية التي تستوفي
نتيجتها وظيفة اقتصادية أو تقنية.
تشمل الصفقة العمومية للأشغال بناء أو تجديد أو صيانة أو
تأهيل أو تهيئة أو ترميم أو إصلاح أو تدعيم أو هدم منشأة أو جزء منها، بما في ذلك
التجهيزات المرتبطة بها الضرورية لاستغلالها.
إذا تم النص في صفقة عمومية على تقديم خدمات وكان
الموضوع الأسـاسي للصفقة يتعلق بإنجاز أشغال فإن الصفقة تكون صفقة أشغال."
وعليه، ولكي نقف على مفهوم الصفقة العمومية للأشغال، سندرس
ثلاث نقاط رئيسية تتعلق تباعا ب:
- مفهوم المنشأة.
- مضمون الشغل.
- هدف الشغل.
أ ): مفهوم المنشأة: من خلال نص المادة سالفة الذكر، يتضح أن المنشأة هي ناتج للشغل، وذلك ما يفهم من عبارة "تهدف الصفقة العمومية للأشغال إلى إنجاز منشأة" أو هي الدعامة التي يقام عليها الشغل، وهذا ما يفهم من عبارة "تشمل الصفقة العمومية للأشغال بناء أو تجديد أو صيانة أو تأهيل أو تهيئة أو ترميم أو إصلاح أو تدعيم أو هدم منشأة أو جزء منها".
وبما أن الشغل يرد دوما على عقار، فإن مفهوم المنشأة
ينصرف إلى العقار والعقار في مفهوم المادة 683 من القانون المدني"هو كل شيء
مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله من دون تلف" وعليه فالعقار يشمل الأرض وأجزائها
المختلفة، كما يدخل في مضمون العقار المباني والمنشآت الفنية المتصلة بالأرض
اتصالا مباشرا مثل السدود ،أعمدة الكهرباء، كما يدخل أيضا في هذا المفهوم ، كل
الأجزاء التي تكون هذا العقار مثل الأبواب والنوافذ والمصاعد المرتبطة بالمباني
ب): مضمون الشغل: ينصرف مضمون الشغل إلى الإنجاز والتنفيذ، والذي يشمل البناء أو التجديد أو الصيانة أو التأهيل أو التهيئة أو الترميم أو التدعيم أو الهدم أو أي شكل آخر مرتبط باستغلال المنشأة مثل التنظيف، و الحال أيضا إذا اقترن هذا المضمون بخدمات وكان هو الغالب، فإن الصفقة تسمى به.
ت): هدف الشغل: يحدد هدف الشغل، انطلاقا مما تجسده الصفقة العمومية للأشغال في ظل احترام الحاجات التي تحددها المصلحة المتعاقدة صاحبة المشروع.
ذلك أن الهدف من الشغل ينعكس على تحديد طبيعة الصفقة
العمومية، ويظهر ذلك من خلال استهداف المصلحة المتعاقدة من هذا الشغل الصالح العام
أو مصلحتها الخاصة.
وعليه يمكن القول أن الصفقة العمومية للأشغال هي:
كل إنجاز وتنفيذ تحدده المصلحة المتعاقدة حسب حاجاتها،
يرد على منشأة أو يحدثها، بحيث يأخذ هذا الإنجاز والتنفيذ شكل البناء أو التجديد
أو الصيانة أو التأهيل أو التهيئة أو الترميم أو التدعيم أو الهدم أو أي شكل آخر
مرتبط باستغلال المنشأة.
ثانيا: اقتناء اللوازم:
تنص المادة 29 من المرسوم الرئاسي 15/247 في فقراتها 05
و06 و07 و08 على: "تهدف الصفقة العمومية للوازم على اقتناء أو إيجار أو بيع بالإيجار
بخيار أو بدون خيار الشراء، من طرف المصلحة المتعاقدة، العتاد أو مواد مهما كان
شكلها، موجهة لتلبية الحاجات المتصلة بنشاطها لدى مورد ، وإذا
أرفق الإيجار بتقديم خدمة، فان الصفقة العمومية تكون صفقة خدمات.
إذا كانت أشغال وضـع وتنصيب اللوازم مدرجة ضمن الصفقة
العمومية ولا تتجـاوز مبالغها قيمة هذه اللوازم، فإن الصفقة العمومية تكون صفقة
لوازم.
إذا كان موضوع الصفقة العمومية خدمات ولوازم، وكانت قيمة
اللوازم تفوق قيمة الخدمات، فإن الصفقة العمومية تكون صفقة لوازم.
يمكن أن تشمل الصفقة العمومية للوازم مواد تجهيز منشآت
إنتاجية كاملة غير جديدة والتي تكون مدة عملها مضمونة أو مجددة بضمان، وتوضح
كيفيات تطبيق أحكام هذه الفقرة عند الحاجة، بموجب قرار من الوزير المكلف
بالمالية."
من هذا النص القانوني، نتطرق إلى نقطتين أساسيتين تتعلقان
بطبيعة ومضمون الصفقة العمومية للوازم.
أ): الطبيعة: من خلال نص المادة يظهر أن صفقة اللوازم تتعلق بالاقتناء والإيجار وبالبيع بالإيجار بخيار أو بدون خيار الشراء، ونتناول هذه النقاط تباعا.
1-الاقتناء: يتجسد الاقتناء هنا في عملية الشراء، وعملية الشراء تظهر من خلال البيع، والبيع مرتبط بنقل الملكية، حيث تنص المادة 647 من القانون المدني على أن الملكية هي حق التمتع والتصرف في الأشياء، شريطة أن يتم ذلك وفـق التشريع والتنظيم المعمول به.
2- الإيجار: الإيجار من خلال نص المادة 467 من القانون المدني هو تمكين المستأجر من الانتفاع بشيء ما لمدة محددة بمقابل بدل إيجار معلوم.
فالغرض من عملية الإيجار هنا، هو الانتفاع، الذي يخول
سلطتي الاستعمال والاستغلال دون التصرف.
3- البيع بالإيجار بخيار أو بدون خيار الشراء: إن أول ما يلاحـظ هنا، هو التنـاقـض الذي تحمله هذه العبارة بـدون الغـوص في تفاصيل أخرى، من المعروف أن البيع ينتهي بعملية نقل الملكية، وبالتالي اقتران لفظ البيع بخيار الشراء أو بدونه أي بمعنى آخر بخيار نقل الملكية أو لا، أمر أقل ما يقال عنه أنه غير دقيق.
والأقرب هنا، إما اعتماد البيع بالإيجار فقط أو اعتماد
التأجير التمويلي بخيار الشراء أو بدونه وهو ما يعرف في النظام القانوني الجزائري
بالاعتماد الإيجاري، حيث عرفته المادة الأولى من الأمر 96/ 09 :" يعتبر عقد الاعتماد الايجاري للأصول المنقولة
عقد تمنح من خلاله شركة التأجير البنك أو المؤسسة المالية المسماة "بالمؤجر"
على شكل تأجير مقابل الحصول على إيجارات ولمدة ثابتة، أصولا متشكلة من تجهيزات أو
عتاد أو أدوات ذات الاستعمال المهني لمتعامل اقتصادي شخصا طبيعيا كان أو معنويا
لدى "المستأجر"، كما يترك لهذا الشخص إمكانية اكتساب كليا أو جزئيا
الأصول المؤجرة عن طريق دفع سعر متفق عليه والذي يأخذ بعين الاعتبار جزئيا الأقساط
التي تم دفعها بموجب الإيجار."
ب) المضمون: يتعلق مضمون صفقة اللوازم بمواد أو عتاد أو تجهيزات مهما كان شكلها والقاسم المشترك بينها هو أنها تدخل في صنف المنقول.
والمنقول حسب نص المادة 683 من القانون المدني هو كل ما
يخرج عن صنف العقار فالصفقة العمومية للوازم تتعلق بالمنقولات فقط.
كما يدخل أيضا في مضمون صفقة اللوازم أشغال الوضع
والتنصيب.
وعليه يمكن القول أن صفقة اللوازم هي:
كل تملك أو انتفاع (وما ارتبط بهما من أشغال لازمة
للاستغلال) موجه لتلبية الحاجات المتصلة بنشاط المصلحة المتعاقدة، بحيث يرد هذا
التملك أو الانتفاع على المنقول مهما كان شكله.
ثالثا: إنجاز الدراسات
تنص المادة 29 من المرسوم الرئاسي 15/247 في فق ارتها09
و10 و11 على:
" تهدف الصفقة العمومية للدراسات، عند إبرام صفقة
أشغال لاسيما مهمات المراقبة التقنية أو الجيوتقنية والإشراف على إنجاز الأشغال
ومساعدة صاحب المشروع.
تحتوي الصفقة العمومية للإشراف على الإنجاز في إطار
إنجاز منشأة أو مشروع حضري أو مناظر طبيعية تنفيذ المهام الآتية على الخصوص:
- دراسات أولية أو التشخيص أو الرسم المبدئي.
- دراسات مشاريع تمهيدية موجزة ومفصلة.
- دراسات المشروع.
- دراسات التنفيذ أو عندما يقوم بها المقاول و تأشيرتها.
- مساعدة صاحب المشروع في إبرام وإدارة تنفيذ صفقة
الأشغال، وتنظيم وتوجيه الورشة واستلام الأشغال".
من خلال هذا النص القانوني، يظهر أن هناك نوع من التمييز
بين صفقات الدراسات والمتعلقة بالخدمات الفكرية بشكل عام وصفقات الدراسات المتعلقة
بالأشغال.
حيث يمكن القول أن الصفقة العمومية للدراسات هي عبارة عن
صفقات يكون موضوعها الأساسي تقديم خدمات فكرية تتعلق بالجوانب الاقتصادية والفنية
وتحديد الحاجيات المتصلة بنشاط المصلحة المتعاقدة.
كما تشمل موضوعات التوجيه والمساعدة والمراقبة والإشراف،
عندما ترتبط بصفقات الأشغال.
رابعا: تقديم الخدمات
تنص المادة 29 من المرسوم الرئاسي 15/247 في فقرتها
الأخيرة على:
" تهدف الصفقة العمومية للخدمات المبرمة مع متعهد
خدمات إلى إنجاز تقديم خدمات وهي صفقة عمومية تختلف عن صفقات الأشغال أو اللوازم
أو الدراسات".
يلاحظ على هذا النص القانوني، اعتماده على المعيار
السلبي في تعريف الصفقة العمومية للخدمات فكل ما خرج عن الأشغال أو اللوازم أو الدراسات
يدخل في إطار صفقة الخدمات.
وعليه، يمكن القول أن الصفقة العمومية للخدمات هي كل
صفقة عمومية يكون موضوعها الأساسي خارجا عن وصف موضوع صفقة الأشغال أو اللوازم أو
الدراسات.
الفرع الثالث: أنواع الصفقات العمومية
إن المقصود بنوع الصفقة العمومية هنا، هو شكل الصفقة،
وبالرجوع إلى تنظيم الصفقات العمومية نجد ما يلي:
أولا: صفـقـات الأقـسـاط
نصت على هذا النوع من الصفقات، المادة 30 من المرسوم
الرئاسي 15/247، وهي عبارة عن صفقات تشتمل على قسط ثابت ينفذ من طرف المتعامل
المتعاقد أو قسط أو أكثر اشتراطي يتوقف تنفيذه على إعطاء الموافقة من طرف المصلحة
المتعاقدة، وتلجأ المصلحة المتعاقدة لمثل هذا النوع من الصفقات عندما تكون هناك
شروط اقتصادية أو مالية تبرر ذلك، والمقصود هنا، مدى توفر الاعتماد المالي أو
التمويل الكافي.
مع العلم أنه يجب أن يشكل القسط الثابت كل قسط اشتراطي
مشروعا وظيفيا أي موضوعا متجانسا.
وتبين دفاتر الشروط الأحكام المتعلقة بكل قسط اشتراطي،
من حيث السعر وطريقة التنفيذ.
ثانيا: صفقات التحصيص
نصت على هذا النوع من الصفقات المادة 31 من المرسوم
الرئاسي 15/247، وهي عبارة عن صفقات تلبى فيها الخدمات على شكل حصص منفصلة، حيث
تبرر المزايا المالية والاقتصادية أو التقنية اللجوء لمثل هذا النوع من الصفقات.
يمكن أن تسند الحصص لمتعامل متعاقد واحد أو أكثر، على أن
تقسيم العروض حسب كل حصة، و التحصيص يتم على أساس التجانس وتماثل الطبيعة.
ثالثا: عقد البرنامج
نصت على هذا النوع، المادة 33 من المرسوم الرئاسي 15/247،
حيث يعد عقد البرنامج على شكل اتفاقية سنوية أو متعدد السنوات بحيث لا تتجاوز 05
سنوات.
تتضمن هـذه الاتفـاقية الـخدمات الـواجب تأديتـها ومبـلغ
عـقد الـبرنامج ورزنامة إنجازه.
يبرم عقد البرنامج بنفس طريقة إبرام الصفقات العمومية،
وينفذ عن طريق صفقات تطبيقية في حدود الالتزام المحاسبي مع مراعاة سنوية الميزانية.
رابعا: صفقة الطلبات
نصت على هذا النوع، المادة 34 من المرسوم الرئاسي
15/247، حيث يستعمل هذا النوع من الصفقات في حالة العجز عن تحديد كمية أو قيمة
الخدمات المطلوبة.
تشمل هذه الصفقات إنجاز الأشغال، اقتناء اللوازم، تقديم
الخدمات وانجاز الدراسات ذات النمط العادي والطابع المتكرر.
ويعتبر إبرام صفقة الطلبات استثناء لمبدأ تحديد الحاجات
المنصوص عليه في المادة 27 من هذا المرسوم، تكون مدة صفقة الطلبات سنة واحدة قابلة
للتجديد، ويمكن أن تتداخل في سنتين ماليتين أو أكثر.
لا يمكن أن تتجاوز صفقة الطلبات خمس سنوات.
ويتعين على المصلحة المتعاقدة تحديد الحد الأدنى والحد
الأقصى لقيمة أو كمية الطلبات المزمع اقتناؤها أثناء المدة المحددة للصفقة.
وتبلغ الطلبات المراد التزود بها إلى المتعامل المتعاقد
في حدود الالتزام المحاسبي بالصفقة.
خامسا: الصفقات الإجمالية
نصت على هذا النوع من الصفقات، المادة 35 من المرسوم
الرئاسي 15/247، وهي صفقات يمكن أن تشمل أكثر من عملية، تظهر وفق ما تبينه المادة
35 في:
1- صفقة دراسة وانجاز: وتتم هذه الصفقة عندما توجد أسباب ذات طابع تقني تبرر ضرورة اشتراك مقاول في دراسات التصميم الخاصة بالمنشأة.
حيث يسمح هذا للمصلحة المتعاقدة، بأن تعهد إلى متعامل
متعاقد واحد في إطار صفقة أشغال، بمهمة تتضمن في آن واحد إعداد الدراسات وانجاز
الأشغال.
2- صفقة دراسة وانجاز واستغلال.
3- صفقة انجاز واستغلال.
4- صفقة انجاز وصيانة.
ويتم اللجوء لمثل هذه الصفقات الأخيرة عندما تكون هناك
أسباب تقنية أو اقتصادية تبرر ذلك.(1)
المطلب الثاني: تمييز الصفقة العمومية عن المصطلحات المشابهة لها
نظرا
لأهمية الصفقة العمومية وما تثيره من آثار قانونية وجب تمييزها عن المصطلحات
المشابهة لها.
الفرع الأول: تمييز الصفقة العمومية عن العقد الإداري:
نشأت
نظرية العقد الإداري حديثا، ويرجع الفضل في ذلك إلى الدور الرئيسي الذي لعبه
القضاء الإداري الفرنسي.
قد
تعددت التعاريف التي قيلت بشأن العقد الإداري إلا أنها تتفق في مجملها على أنه "عقد
يبرمه شخص من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره وتظهر
نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام، وذلك بتضمين العقد شرطا أو شروطا غير مألوفة
في عقود القانون الخاص" وانطلاقا من هذا التعريف رسم الفقه معايير العقد
الإداري.
- المعيار العضوي: أن يكون أحد أطراف العلاقة العقدية شخص من
أشخاص القانون العام.
والمقصود
بها الدولة والجماعات المحلية ممثلة في الولاية والبلدية والمؤسسات العمومية ذات
الطابع الإداري.
- المعيار الموضوعي: ويقصد به أن يتعلق موضوع العقد بإدارة وتسيير
مرفق عام.
- معيار إتباع أساليب القانون العام: لا يكفي وجود أحد أشخاص القانون العام
طرفا في العقد إذ ينبغي أن تكشف عن رغبتها في استخدام وسائل وأساليب القانون العام
عند تعاقدها.
كأن
تنص في العقد على حقها في الفسخ بالإرادة المنفردة أو التعديل المنفرد لبنود العقد
وغيرها، وبتوافر هذه المعايير ينبغي اعتبار الرابطة العقدية عقدا إداريا، وهي
المعايير ذاتها لاعتبار العقد صفقة عمومية مع فارق بسيط يكمن في أن الصفقات
العمومية محددة حصرا في قانون الصفقات العمومية، وما خرج عن ذلك يعد عقدا إداريا،
وبالتالي فكل صفقة عقد إداري وليس كل عقد إداري صفقة عمومية.
والحكمة
في تمتع الإدارة بامتيازات وأساليب القانون العام تعود بالأساس إلى اختلاف مكانة
الأطراف مقارنة بعقود القانون الخاص أين يتم التعاقد بين طرفين متساويين يهدف كل
منهما تحقيق مصلحة شخصية.
الفرع الثاني: تمييز الصفقة العمومية عن عقود القانون الخاص:
مما
لا شك فيه أن الصفقات العمومية تختلف عن سائر العقود الأخرى مدنية كانت أو تجارية،
إذ تخضع لأحكام خاصة سواء تعلق بإجراءات وطرق إبرامها وسريانها وكيفيات نهايتها،
لذا سنتولى تمييزها عن العقود المدنية (أولا) من جهة، وعن العقود التجارية (ثانيا)
من جهة أخرى.
أولا: تمييز الصفقات العمومية عن العقود المدنية
تختلف
الصفقات العمومية عن العقود المدنية في زوايا كثيرة أبرزها:
أ - من حيث مراكز أطراف العلاقة العقدية: يحتل أطراف العقد المدني مرتبة واحدة، فلا امتياز لطرف على آخر، فلا مجال لتغليب مصلحة البائع على المشتري أو المؤجر على المستأجر أو الراهن على المرتهن، باحتواء العقد الإداري عضويا على إدارة عامة أو ما يسمى "شخص معنوي عام"، وجب الاعتراف لها بامتيازات السلطة العامة.
ب – من حيث إجراءات إبرام العقد: إذا أرادت الإدارة أن تبدي رغبتها في التعاقد تلزم كأصل عام بإعلام الجمهور، وذلك بنشر إعلان المناقصة بأشكالها المختلفة في جريدتين وطنيتين؛ وفي نشرة صفقات المتعامل العمومي BOMOP، كما تخضع لإجراءات طويلة ولأوجه رقابية صارمة جاء تنظيمها في أحكام المرسوم الرئاسي رقم 10 -236، رغبة في الحفاظ على المال العام وترشيد النفقات العمومية.
ولم
يكتفِ المشرع بهذه القواعد إذ عمد إلى حماية الصفقة العمومية بأدوات جزائية أشارت
إليها المادة 26 من قانون رقم 06 -01.
بينما
يحكم العقد المدني مبدأ "العقد شريعة المتعاقدين"، فللمتعاقدين
الحرية في اختيار بنود العقد واختيار الطرف المتعاقد ولا يخضع العقد لإجراءات
النشر والإشهار كأصل عام.
ت – من حيث الهدف من العملية التعاقدية: إذا كان الهدف من إبرام الصفقة العمومية هو تحقيق المصلحة العامة فعقد الأشغال مثلا إذا انصب على إنجاز طريق أو جسر أو مجموعة سكنية فإن المنتفع هو الجمهور، كما أن تموين إدارة الخدمات الجامعية لمادة معينة كاللحوم أو الخبز أو الخضر والفواكه إنما يتم بغرض إطعام الطلبة، وعليه فكل صفقة عمومية يرجع عائدها وأثرها إلى عامة الناس تحقيقا للمصلحة العامة.
بينما
الهدف من إبرام العقد المدني هو تحقيق المصلحة الخاصة لأطراف العقد، فعقد البيع
مثلا يحقق مصلحة للبائع والمشتري فينتفع البائع بالثمن وينتفع المشتري بالمبيع.
ث - من حيث الجهة القضائية المختصة: يعقد الاختصاص بالنظر في منازعات الصفقات العمومية كأصل عام للقضاء الإداري، فابتداء من دستور 1996 أخذ المشرع الجزائري بالازدواجية القضائية، وبناء على ذلك صدر القانون العضوي رقم 98 -01 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله والقانون رقم 98 -02 المتعلق بالمحاكم الإدارية والقانون العضوي رقم 98 -03 المتعلق باختصاصات محكمة التنازع وتنظيمها وعملها.
وهي
جهات عهد إليها النظر في المنازعات الإدارية بعدها صدر
قانون رقم 08 -09 كإجراء تكميلي معلنا عن إجراءات خاصة تحكم سير الدعوى المدنية
تختلف عن الدعوى الإدارية في جوانب عدة.
وهي
نصوص قانونية تعكس اتجاه إرادة الدولة إلى تبني الازدواجية القضائية غير أنها لم
تكن إلا ازدواجية قانونية، بينما يعقد الاختصاص بالنظر في الخصومات الناتجة عن
تنفيذ العقود المدنية لجهة القضاء العادي (محكمة، مجلس قضائي، محكمة عليا).
جـ - من حيث سلطة القاضي الفاصل في النزاع: فسلطات القاضي الإداري أوسع من سلطات القاضي المدني الذي يسيره الخصوم طبقا للمبدأ القائل "الخصومة ملك للخصوم"، إذ يستطيع إجبار الإدارة وتوجيه أوامر لها تصل إلى درجة غرامات تهديدية.
ثانيا: التمييز بين الصفقات العمومية عن العقود التجارية:
تتميز
الصفقة العمومية عن العقد التجاري من عدة زوايا أبرزها:
أ – من حيث قواعد الإثبات: لا تثبت الصفقة العمومية إلا بالكتابة وقد تشدد مجلس الدولة في تطبيقه لهذا الشرط، فلم يقبل إدعاء وجود علاقة بعنوان "صفقة عمومية" إذا لم يحوز المدعي عقدا مكتوبا، فعنصر الكتابة ورد في مختلف التعريفات التشريعية للصفقات العمومية.
بينما
يسود الحياة التجارية عنصر الائتمان ويحكمها مبدأ السرعة، لذا وجب مسايرة العقود
التجارية لهذين المبدأين، فيثبت العقد التجاري بعدة وسائل فإلى جانب السندات
الرسمية ذكر السندات العرفية والفواتير المقبولة وغيرها...
ب – من حيث طرق الإبرام: يأخذ إبرام الصفقة العمومية مراحل طويلة، وكل مخالفة لقانون الصفقات العمومية يرتب المسؤولية الجزائية المقررة في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته المعدل والمتمم.
بالمقابل
يسهل إبرام العقد التجاري تماشيا وسرعة المعاملات التجارية.
ت – من حيث الجهة القضائية المختصة: القضاء الإداري هو المختص في منازعات الصفقات العمومية، فإن القضاء العادي هو الجهة المختصة في المنازعات التجارية.(2)
المراجع:
- (1) د. ملاتي معمر، مطبوعة بيداغوجية في مقياس قانون الصفقات العمومية ، السنة الأولى ماستر- جامعة امحمد بوقرة – بومرداس–، السنة الجامعية 2016 / 2017، ص4 إلى ص18.
- (2) د. تياب نادية، محاضرات في مادة قانون الصفقات العمومية، السنة الثانية ماستر، جامعة عبد الرحمن ميرة، السنة االجامعية: 2014-2015، ص3 –ص6.