طـرق إبرام الصفقات العمومية
تمهيد
ترتبط الصفقة العمومية في إبرامها بإنفاق المال
العمومي، الذي يستلزم في إنفاقه تتبع قواعد الرشادة والحكامة، ولذلك فإن المصلحة
المتعاقدة، لا تملك الحرية في اختيار طريقة إبرام الصفقة العمومية.
فالأمر، يتم ضمن أطر وضوابط معينة ومحددة، وهذا
ما تؤكده كل من المادة 59 من المرسوم الرئاسي 15/247: " يحدد البحث عن الشروط
الأكثر ملائمة لتحقيق الأهداف المسطرة للمصالح المتعاقدة في إطار مهمتها، اختيار
كيفية إبرام الصفقات.
ويدخل هذا الاختيار ضمن اختصاصات المصلحة
المتعاقدة التي تتصرف طبقا لأحكام هذا المرسوم".
وتنص المادة 39 من
المرسوم الرئاسي 15/247 على: "تبرم الصفقات العمومية وفقا لإجراء طلب العروض
الذي يشكل القاعدة العامة، أو وفق إجراء التراضي".
حيث يظهر من خلال
النص، أن هناك طريقتين في إبرام الصفقة العمومية، نتطرق لهما تباعا.
المطلب الأول: طـلـب العـروض
من خلال هذا المطلب،
سنتناول مفهوم طلب العروض ثم الأشكال الذي يأخذها.
الفرع الأول: المفهوم
لقد تم اعتماد طلب
العروض، كطريقة في إبرام الصفقات العمومية في الأمر 67/90 المؤرخ في 17/06/1967،
حيث اعتبر نداء للمنافسة، تلجأ إليه الإدارات عندما تستلزم الخدمات المقررة من
مقدمي العروض مؤهلات تقنية وإمكانيات مالية كافية.
في المرسوم 82/145
المؤرخ في 10/04/1982، تم اعتماد أيضا طلب العروض ولكن بدون استعمال هذا المصطلح،
وفي هذا تنص المادة 26 منه على: "يبرم المتعامل العمومي صفقاته تبعا للإجراء
الخاص بالتراضي أو بالإجراء الخاص بالدعوة للمنافسة".
وتنص كذلك المادة 28
من نفس المرسوم "الدعوة للمنافسة هي إجراء يستهدف الحصول على عروض من عدة
عارضين متنافسين مع تخصيص الصفقة للعارض الذي يقدم عروضا أفضل".
في المرسوم التنفيذي
91/434 المؤرخ في 09/11/1991، اختفى مصطلح طلب العروض، ليعوض بالمناقصة مع أن
التعريف الذي أعطي للمناقصة، يتفق وتعريف طلب العروض حيث نصت المادة 24 منه على:
"المناقصة هي إجراء يستهدف الحصول على عروض من عدة عارضين متنافسين مع تخصيص
الصفقة للعارض الذي يقدم أفضل عرض".
فالمناقصة كما هو
معروف، أيضا هي نداء للمنافسة، لكن مع تخصيص الصفقة للعارض الذي يقدم أقل ثمن، بقي
الأمر على هذا الحال في ظل المرسوم الرئاسي 02/250 المؤرخ في 24/07/2002، وكذلك في
ظل المرسوم الرئاسي 10/236 ، بما في ذلك التعديلات التي طالت هذه النصوص.
في ظل المرسوم الحالي
15/247، ظهر من جديد مصطلح طلب العروض، وأصبح يمثل قاعدة عامة في إبرام الصفقات
العمومية.
وفي هذا، تنص المادة
40 منه على: "طلب العروض هو إجراء يستهدف الحصول على عروض من عدة متعهدين
متنافسين مع تخصيص الصفقة دون مفاوضات للمتعهد الأول الذي يقدم أحسن عرض من حيث
المزايا الاقتصادية استنادا إلى معايير اختيار موضوعية ، تعد قبل إطلاق الإجراء".
فيظهر أن طلب العروض
هو دعوة للمنافسة، وهذه الدعوة تظهر في المناقصة، كما تظهر في طلب العروض، إلا أن
الفرق يكمن في طريقة الإسناد، وهذا ما سيتم التطرق إليه.
إن الإسناد في طلب
العروض المنصوص عليه في المادة 40 يرتكز على أحسن عرض من حيث المزايا الاقتصادية
ويتم ترجمة هذا العرض في عملية الإسناد وفق ما تنص عليه المادة 72 من المرسوم
الرئاسي 15/247 في ثلاثة أشكال:
1/ الأقل ثمنا من بين
العروض المالية للمرشحين المختارين، عندما يسمح موضوع الصفقة بذلك وفي هذه الحالة
يستند تقييم العروض إلى معيار السعر فقط.
2/ الأقل ثمنا من بين
العروض المؤهلة تقنيا، إذا تعلق الأمر بالخدمات العادية، وفي هذه الحالة يستند
تقييم العروض إلى عدة معايير من بينها السعر.
3/ الذي تحصل على أعلى
نقطة استنادا إلى ترجيح عدة معايير من بينها معيار السعر، إذا كان الاختيار قائما على
أساس الجانب التقني للخدمات.
من خلال ما تم طرحه،
يظهر أن العرض الأحسن يترجم بالأقل ثمن في الشكل الأول والثاني للإسناد مع بعض
الاختلاف، بينما يأخذ الثمن في الشكل الثالث عنصر أساسي ولكن ليس عنصرا حاسما كما
في الشكلين الأولين.
إن الإسناد المنصوص
عليه في الشكل الأول والثاني يتفق مع المناقصة في مفهومها الفقهي، بينما يتفق
الشكل الثالث مع طلب العروض في مفهومها الفقهي.
ولذلك، من الأحسن أن
يتم استبدال مصطلح طلب العروض كقاعدة عامة في الإبرام بمصطلح الدعوة للمنافسة،
وهذا لكي يتم التوافق مع ما جاء في المادة 72 من المرسوم الرئاسي 15/247 وعليه،
تصبح القاعدة العامة في الإبرام هي الدعوة العامة للمنافسة بحيث تأخذ هذه الدعوة
شكل طلب العروض وشكل المناقصة.
وعلى العموم يمكن تعريف طلب العروض على أنه دعوة للمنافسة قدر الممكن، مع تخصيص الصفقة لأفضل عرض، بحيث يكون للمصلحة المتعاقدة قدر من الحرية في عملية الإسناد يظهر من خلال الجمع بين عدة معايير من بينها السعر، وهذا على عكس المناقصة التي تنعدم فيها الحرية ويكون الثمن عنصر حاسم في الإسناد.
الفرع الثاني: الأشـكـال
تنص المادة 42 من
المرسوم الرئاسي 15/247 على أن طلب العروض يمكن أن يكون وطنيا أو دوليا أو وطنيا
ودوليا، كما يأخذ أحد الأشكال الآتية:
- طلب العروض المفتوح.
- طلب العروض المفتوح
مع اشتراط قدرات دنيا.
- طلب العروض المحدود.
- المسابقة.
وعليه سنتناول هذه
الأشكال تباعا.
أولا: طلب العروض المفتوح
طلب العروض المفتوح في
مفهوم المادة 43 من المرسوم الرئاسي 15/247، هو إجراء يمكن من خلاله لأي مترشح
مؤهل أن يقدم تعهدا.
وبما أن طلب العروض
كقاعدة عامة هو عبارة عن دعوة للمنافسة، يتبين أن طلب العروض المفتوح هو دعوة
للمنافسة، ولكن دعوة مفتوحة للجميع دون استثناء ضمن الفئة التي تتوفر فيها الشروط
المؤهلة لتقديم العروض، وإذا ما تم استحضار الشكل الثاني في طلب العروض وهو طلب
العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا، يظهر أن طلب العروض المفتوح يتعلق بالطلب
العمومي البسيط، الذي يمكن لأي مترشح أن يلبيه لصالح المصلحة المتعاقدة، ويتفق
الإسناد هنا في مثل هذا الشكل مع معيار الأقل ثمنا من بين العروض المالية للمرشحين
المختارين.
ثانيا : طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا
تنص المادة 44 من
المرسوم الرئاسي 15/247، على أن طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا، هو إجراء
يسمح فيه لكل المرشحين الذين تتوفر فيهم بعض الشروط الدنيا المؤهلة والتي تحددها
المصلحة المتعاقدة بما يوافق الطلب العمومي بتقديم عروضهم.
فيظهر وبالمقارنة مع
طلب العروض المفتوح ، أن هناك بعض الشروط والتي يتطلبه الطلب العمومي توفرها، في
كل من يرغب في تقديم تعهده، هذه الشروط وانطلاقا من مبدأ نجاعة الطلب العمومي،
تحدد مسبقا، وهي تتعلق بالقدرات التقنية والمالية والمهنية وفي هذا تنص المادة 53
من المرسوم الرئاسي 15/247 "لا يمكن أن تخصص المصلحة المتعاقدة الصفقة إلا
لمؤسسة يعتقد أنها قادرة على تنفيذها كيفما كانت كيفية الإبرام المقررة".
كما تنص المادة 54 من
المرسوم الرئاسي 15/247 "يتعين على المصلحة المتعاقدة أن تتأكد من قدرات
المرشحين والمتعهدين التقنية والمهنية والمالية قبل القيام بتقييم العروض التقنية،
يجب أن يستند تقييم الترشيحات إلى معايير غير تمييزية، لها علاقة بموضوع الصفقة
ومتناسبة مع مداها".
إن طلب العروض المفتوح
مع اشتراط قدرات دنيا، يتفق في الإسناد مع معيار الأقل ثمنا من بين العروض المؤهلة
تقنيا، إذا تعلق الأمر بالخدمات العادية، وفي هذه الحالة يستند تقييم العروض إلى عدة
معايير من بينها معيار السعر.
ثالثا: طلب العروض المحدود
يظهر من نص المادة 45
من المرسوم الرئاسي 15/247 على أن طلب العروض المحدود إنما يتعلق بالطلب العمومي
الذي يتطلب قدرات تقنية عالية يتطلب تنفيذها ضمانات مالية مهمة وخصوصية فنية تقنية
ليست في متناول الجميع.
ولأن مثل هذه العروض
ليست في متناول الجميع، كان لابد أن تسبق بانتقاء أولي يحدد عبره المرشحين
المدعوين وحدهم لتقديم تعهدات.
وبما أن الأمر يتعلق
بالقدرات التقنية والمالية العالية، فإن هذا الشكل يأخذ صورتين بحسب تعقد موضوع
الطلب العمومي وأهميته.
1- طلب العروض المحدود على مرحلة واحدة:
إن الأساس الذي يجعل
طلب العروض المحدود يأخذ صورتين، هو درجة التقنية المطلوبة والقدرة على الوفاء.
فالطلب العمومي الملبى
عن طريق طلب العروض المحدود على مرحلة واحدة، يسلم فيها العرض التقني والعرض
المالي في نفس الوقت، من طرف المرشحين الذين جرى انتقاؤهم الأولي.
2- طلب العروض المحدود على مرحلتين:
يتطلب الطلب هنا،
تقنية وقدرة على تنفيذ أكبر من ما هو مطلوب في طلب العروض المحدود على مرحلة
واحدة، ولذلك يظهر نوع من التفاوض والذي يمكن أن ينتهي بتعديل دفتر الشروط، فالمرشحون
الذين جرى انتفاؤهم الأولي مدعوون إلى تقديم عرض تقني أولي دون عرض مالي في مرحلة
أولى، وهنا تبدأ المفاوضات والتي تأخذ شكل التوضيحات، حيث تنص المادة 46 من
المرسوم الرئاسي 15/247 في فقراتها 02، 03، 08 على ما يلي:
"ويمكن لجنة فتح
الأظرفة وتقييم العروض، فيما يخص العروض التي تراها مطابقة لدفتر الشروط أن تطلب
كتابيا بواسطة المصلحة المتعاقدة من المرشحين تقديم توضيحات أو تفصيلات بشأن
عروضهم.
ويمكن تنظيم اجتماعات
لتوضيح الجوانب التقنية لعروض المرشحين، عند الضرورة من طرف المصلحة المتعاقدة
بحضور أعضاء لجنة تقييم العروض الموسعة عند الاقتضاء إلى خبراء يتم تعيينهم خصيصا
لهذا الغرض ويجب أن تحرر محاضر لهذه الاجتماعات يوقعها جميع الأعضاء الحاضرين.
لا يدعى إلا المرشحون
الذين جرى إعلان ومطابقة عروضهم التقنية الأولية، للقيام في مرحلة ثانية بتقديم
عرض تقني نهائي وعرض مالي على أساس دفتر شروط معدل عند الضرورة، ومؤشر عليه من قبل
لجنة الصفقات المختصة، على أثر تقديم التوضيحات المطلوبة أثناء المرحلة
الأولى".
وعليه، يمكن القول أن
طلب العروض المحدود هو عبارة عن شكل من أشكال طلب العروض، تلجأ إليه المصلحة
المتعاقدة عندما يتطلب الطلب العمومي تقنية عالية لا يمكن تلبيتها إلا من طرف
مترشحين يمتلكون مؤهلات وضمانات مالية ومهنية عالية.
حيث يتم انتقاء هؤلاء
المرشحين خصيصا لهذا الطلب، ودعوتهم لتقديم عروضهم.
ولأن الطلب العمومي
هنا، مرتبط بالتقنية العالية والمؤهل العالي، يأخذ هذا الشكل صورتين في الإبرام
على مرحلة واحدة وعلى مرحلتين، بحسب التقنية المطلوبة.
رابعا: المسابقة
المسابقة وفق ما تنص
عليه المادة 47 من المرسوم الرئاسي 15/247 تخص مجال تهيئة الإقليم والتعمير
والهندسة المعمارية والهندسة أو معالجة المعلومات، حيث تتعلق بإنجاز مخطط أو تصور
مشروع أو الإشراف على الإنجاز بغية إنجاز عملية تشتمل على جوانب تقنية أو اقتصادية
أو جمالية.
تأخذ المسابقة صورتين،
المسابقة المحدودة والمسابقة المفتوحة مع اشتراط قدرات دنيا حـيث تخـضع المسـابقة
المـحدودة لانـتقاء أولي يـمـكن مـن خلالـه فقـط للمـترشحين المـختارين مـن تقديم
عروضهم.
وعلى العموم، فان المسابقة
تنظم على أساس:
- برنامج تعده المصلحة
المتعاقدة تبين فيه الحاجات التي تريدها والهدف المرجو تحقيقه من هذه المسابقة،
وعلى العموم، كل ما تعلق بالمخطط أو المشروع أو المتابعة والإشراف.
- نظام المسابقة، تبين
من خلاله المصلحة المتعاقدة الوثائق والمستندات المطلوبة ومقاييس الانتقاء المطبقة
على المتنافسين.
المطلب الثاني: التـراضـي
تنص المادة 41 من
المرسوم الرئاسي 15/247 " التراضي هو إجراء يستهدف تخصيص صفقة لمتعامل متعاقد
واحد دون الدعوة الشكلية إلى المنافسة ويمكن أن يكتسي التراضي شكل التراضي البسيط
أو شكل التراضي بعد الاستشارة، وتظهر هذه الاستشارة بكل الوسائل المكتوبة
الملائمة".
حيث يظهر، أن التراضي باعتباره
طريقة استثنائية في إبرام الصفقات العمومية، يأخذ شكلان، وتبعا لذلك نقسم هذا
المطلب.
الفرع الأول: التراضي البسيط
نسلط الضوء في هذا
الفرع، على مفهوم التراضي البسيط، ثم الحالات التي تلجأ فيها المصلحة المتعاقدة
لمثل هذا الشكل من الإبرام.
أولا: مفهوم التراضي البسيط
إن الفرق بين القاعدة
في الإبرام والاستثناء الذي يدخل عليها إنما يكمن في درجة المنافسة أو في الدعوة
للمنافسة، ونفس الأمر يظهر ما بين صورتي الاستثناء، أي أن الفرق يكمن في درجة
المنافسة ما بين التراضي البسيط والتراضي بعد الاستشارة، حيث تنعدم المنافسة في
التراضي البسيط، مقارنة بما هو موجود في طلب العروض أو هو ما هو موجود في التراضي
بعد الاستشارة.
إلا أن انعدام التنافس
في التراضي البسيط، يحتم على المصلحة المتعاقدة البحث عن الأفضل انطلاقا من تحديد
حاجاته بدقة في ظل ما تنص عليه المادة 27 من المرسوم الرئاسي 15/247، وتأكدها من
قدرات المتعامل الاقتصادي المختار بغية تلبية الطلب العمومي، ولعل ما جاء في
المادة 60 من الأمر 67/90، في تعريفها للتراضي على أنه الطريق الذي تتنافس فيه
الإدارة بحرية مع المقاولين والموردين الذين تقرر التشاور معهم ومنح الصفقة لمن
تختاره منهم، يؤكد على حتمية البحث عن الأفضل.
ومصطلح التنافس
المستعمل في هذا التعريف،إنما يدل على المفاوضات التي تجريها الإدارة في هذا
الإطار.
فالتراضي كطريقة في
الإبرام يقوم على أساس التفاوض ، حيث تنص المادة 50 من المرسوم الرئاسي 15/247 في
فقرتيها 05، 04 ، على أن تنظم المفاوضات حسب الشروط المنصوص عليها في الفقرة 06 من
المادة 52، كما تؤسس المفاوضات المتعلقة بالعرض المالي على أساس سعر مرجعي.
فالتفاوض هنا ، إنما
يكون حول شروط التنفيذ وأجاله والسعر المقدم.
وعليه يمكن القول أن
التراضي البسيط هو التفاوض المباشر الذي تقوم به المصلحة المتعاقدة قصد اختيار
متعامل اقتصادي يكون قادر على تلبية الطلب العمومي في ظل أحسن الشروط من حيث
التنفيذ والسعر.
ثانيا: حـالات الإبـرام
إن حالات التراضي
البسيط محددة على سبيل الحصر من خلال نص المادة 49، من المرسوم الرئاسي 15/247
وهي:
1- عندما لا يمكن
تنفيذ الخدمات إلا على يد متعامل اقتصادي وحيد يحتل وضعية احتكارية أو لحماية حقوق
حصرية أو لاعتبارات تقنية أو لاعتبارات ثقافية وفنية وتوضح الخدمات المعنية
بالاعتبارات الثقافية والفنية بموجب قرار مشترك بين الوزير المكلف بالثقافة
والوزير المكلف بالمالية.
2- في حالة الاستعجال
الملح، المعلل بوجود خطر يهدد استثمارا أو ملكا للمصلحة المتعاقدة أو الأمن
العمومي أو بخطر داهم يتعرض له ملك أو استثمار قد تجسد في الميدان ولا يسعه التكيف
مع أجال إجراءات إبرام الصفقات العمومية، بشرط أنه لم يكن في وسع المصلحة
المتعاقدة توقع الظروف المسببة لحالة الاستعجال، وأن لا تكون نتيجة مناورات
للمماطلة من طرفها.
3- في حالة تموين
مستعجل مخصص لضمان توفير حاجات السكان الأساسية بشرط أن الظروف التي استوجبت هذا
الاستعجال لم تكن متوقفة من المصلحة المتعاقدة ولم تكن نتيجة مناورات للمماطلة من
طرفها.
4- عندما يتعلق الأمر
بمشروع ذي أولوية وذي أهمية وطنية، يكتسي طابعا استعجاليا، بشرط أن الظروف التي استوجبت هذا الاستعجال لم تكن
متوقعة من المصلحة المتعاقدة، ولم تكن نتيجة مناورات للمماطلة من طرفها وفي هذه
الحالة يخضع اللجوء إلى هذه الطريقة الاستثنائية لإبرام الصفقات إلى الموافقة
المسبقة من مجلس الوزراء، إذا كان مبلغ الصفقة يساوي أو يفوق عشرة ملايير دينار وإلى
الموافقة المسبقة أثناء اجتماع الحكومة إذا كان مبلغ الصفقة يقل عن المبلغ السالف
الذكر.
5- عندما يتعلق الأمر
بترقية الإنتاج أو الأداة الوطنية للإنتاج، وفي هذه الحالة يجب أن يخضع اللجوء إلى
هذه الطريقة الاستثنائية في إبرام الصفقات العمومية إلى الموافقة المسبقة من مجلس
الوزراء إذا كان مبلغ الصفقة يساوي أو يفوق عشرة ملايير دينار والى الموافقة
المسبقة أثناء اجتماع الحكومة إذا كان مبلغ الصفقة يقل عن المبلغ السالف الذكر.
6- عندما يمنح نص
تشريعي أو تنظيمي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري حقا حصريا للقيام بمهمة
الخدمة العمومية أو عندما تنجز هذه المؤسسة كل نشاطها مع الهيئات والإدارات
العمومية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.
وعليه ومن خلال ما
سبق، فانه يسجل ما يلي:
- إن التراضي البسيط
هو طريقة استثنائية في الإبرام، والأصل في الاستثناء أن مجاله ضيق إلا أن ما يلاحظ
في هذه المادة خروج الاستثناء عن طبيعته، فهناك تعدد مفرط في حالات للإبرام عن
طريق التراضي وكأننا في الحالة العادية.
- هناك حالات غير مبرر
وضعها في هذا الاستثناء مثل ما تضمنته النقطتين 04 و05 وما تعلق بالاعتبارات
الثقافية والفنية.
- النقطة الثالثة
استغرقت من خلال النقطة الثانية، فلماذا التكرار إلا أن الشيء الذي يثار هنا ويدفع
للتساؤل هو كيفية الجزم بأن المصلحة المتعاقدة لم تتوقع الظروف المؤدية للاستعجال
أو لم تكن نتيجة مناورات من طرفها؟.
الفرع الثاني: التراضي بعد الاستشارة
بنفس المنهجية السابقة،
نبين مفهوم هذا الشكل ثم الحالات التي يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تلجا فيها إليه:
أولا: مفهـوم التراضي بعد الاسـتشـارة
كما تم ذكره سابقا، الفرق الأساسي بين طرق الإبرام هذه
،إنما يكمن في درجة المنافسة، أي مجال الدعوة للمنافسة فإذا قلنا أن التراضي
البسيط تنعدم فيه المنافسة، التراضي بعد الاستشارة ترتفع فيه هذه المنافسة، إلا أنها
لا تصل إلى مستوى المنافسة المرجوة عن طريق طلب العروض.
فالتراضي بعد الاستشارة
هو طريقة استثنائية في الإبرام تحتوي على قدر مع
ين من المنافسة.
ثانيا: حـالات الإبـرام
ذكرت المادة 51 من
المرسوم الرئاسي 15/247، الحالات التي يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تلجأ إليها للإبرام
عن طريق التراضي بعد الاستشارة:
1- عندما يعلن عدم
جدوى طلب العروض للمرة الثانية.
2- في حالة صفقات الدراسات
واللوازم والخدمات الخاصة التي لا تستلزم طبيعتها اللجوء إلى طلب عروض، وتحدد
خصوصية هذه الصفقات بموضوعها أو بضعف مستوى المنافسة أو بالطابع السري للخدمات.
3- في حالة صفقات
الأشغال التابعة مباشرة للمؤسسات العمومية السيادية في الدولة.
4- في حالة الصفقات
الممنوحة التي كانت محل فسخ، وكانت طبيعتها لا تتلاءم مع أجال طلب عروض جديد.
5- في حالة العمليات
المنجزة في إطار إستراتيجية التعاون الحكومي أو في إطار اتفاقيات ثنائية تتعلق
بالتمويلات الامتيازية وتحويل الديون إلى مشاريع تنموية أو هبات عندما تنص اتفاقات
التمويل المذكورة على ذلك، وفي هذه الحالة يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تحصر
الاستشارة في مؤسسات البلد المعني فقط في الحالة الأولى أو البلد المقدم للأموال
في الحالات الأخرى.
ما يمكن أن نسجله بهذا
الخصوص هو:
الحالة الوحيدة
المبررة ضمن هذه الحالات هي ما تضمنته النقطة الخامسة، أما ما تعلق بالنقاط الأولى
و الرابعة فالأصل أن تدخل في حالات التراضي البسيط، وكذلك الأمر بالنسبة للخدمات
ذات الطابع السري، الأصل أيضا فيها أن تبرم عن طريق التراضي البسيط وتدخل أيضا هنا
ما تعلق بالنقطة الثالثة إذا كانت هذه الصفقات ذات طبيعة سرية أو تدخل في مجال
الأمن الوطني.
المرجع
- د. ملاتي معمر، مطبوعة بيداغوجية في مقياس قانون الصفقات العمومية، السنة الأولى –قانون عام معمق-، جامعة امحمد بوقرة –بومرداس-، السنة الجامعية: 2016/ 2017، ص26 إلى ص38.