إجراءات إبرام الصفقات العمومية
سنحاول التطرق إلى
نقطتين رئيسيتين هما مرحلة الإعداد والمبادئ التي تقوم عليها إجراءات الإبرام.
المطلب الأول: مرحـلة الإعـداد
نحاول في هذه المرحلة
معالجة نقطتين، تتعلق الأولى بتحديد الحاجات والثانية بإعداد دفتر الشروط.
الفرع الأول: تحـديـد الحـاجـات
يجب على المصلحة
المتعاقدة قبل الدعوة للمنافسة، وفق ما تنص عليه المادة 27 من المرسوم الرئاسي
15/247 أن تحدد حاجاتها بدقة.
إن تحديد الحاجات بدقة
يؤدي إلى تحديد موضوع الطلب العمومي، الأمر الذي ينعكس على تمكين المترشحين من
تقديم عروض مقبولة.
كما يؤدي هذا التحديد
إلى ضبط مبلغ الطلب العمومي، والذي بواسطته تستطيع المصلحة المتعاقدة تحديد طريقة
الإبرام، وفي نفس الوقت تحديد حدود اختصاصات لجان الصفقات.
إن ضبط وتحديد مبلغ
الطلب العمومي بدقة سيؤدي لا محالة إلى تجنب إبرام ملاحق للصفقة العمومية فيما
بعد، الأمر الذي يؤثر على نجاعة الطلب العمومي وانفاق المال العام، وضمن هذا
الإطار يتعين على المصلحة المتعاقدة، الاعتماد على معايير ومواصفات تقنية تستند
على النجاعة والفعالية والجودة في تحديد حاجاتها.
كما يجب ألا تكون هذه
المواصفات موجهة نحو منتوج معين أو متعامل اقتصادي محدد، وللخروج من دائرة توجيه
الطلب العمومي يمكن للمصلحة المتعاقدة النص على تقديم بدائل للمواصفات التقنية
المطلوبة أي "بدائل" بشرط أن تكون على قدر من الجودة والفعالية.
غير أن ضبط القيمة
الإجمالية للحاجات يختلف باختلاف الطلب العمومي، بالنسبة للأشغال يتم على أساس
العملية ككل، حيث تتميز العملية بوحدتها الوظيفية والتقنية والمالية.
أما ما يخص الطلبات
العمومية الأخرى فيتم الضبط إما بتجانس الحاجات أو بالرجوع للوحدة الوظيفية.
الفرع الثاني: إعـداد دفـتر الشروط
يعد دفتر الشروط من
بين أهم الوثائق التي تشكل الصفقة العمومية، حيث تحتوي هذه الأخيرة على بنود
تعاقدية وأخرى تنظيمية.
تتعلق هذه البنود
بتحديد موضوع الصفقة العمومية وشروط المشاركة فيها، كما تتعلق بمقاييس الاختيار وآليات وشروط تنفيذ الصفقة.
يختلف دفتر الشروط في
تكييفه القانوني من مجرد نموذج لعمل تعاقدي قبل المنح النهائي للصفقة إلى قواعد
ملزمة لطرفي الصفقة بعد المنح النهائي.
ويحتوي دفتر الشروط ،
وفق ما تنص عليه المادة 26 من المرسوم الرئاسي 15/247 على:
1. دفتر البنود الإدارية العامة (C C A G)
يحدد هذا الدفتر
القواعد الإدارية العامة المطبقة على الطلبات العمومية للأشغال واللوازم والدراسات
والخدمات الموافق عليها بموجب مرسوم تنفيذي.
وعلى العموم، نبين بعض
هذه القواعد واسقاطاتها على المرسوم الرئاسي 15/247 ما يأتي:
ـ العروض غير المقبولة
(المواد 89،48،47،71، من المرسوم الرئاسي 15/247).
ـ الإشهار (المادتين
65،61 من المرسوم الرئاسي 15/247.).
ـ لغة العرض (المادة
64 من المرسوم الرئاسي 15/247).
ـ محتوى العرض (المادتين
67 و69 من المرسوم الرئاسي 15/247).
ـ فتح الأظرفة (المواد
71،160،161،162،70 من المرسوم الرئاسي 15/247).
ـ تقييم العروض (المادة
72 من المرسوم الرئاسي 15/247)
2- دفتر التعليمات التقنية المشتركة (C
P T C)
يحدد هذا الدفتر
التعليمات التقنية المشتركة والمتعلقة بالمقتضيات التقنية أو الفنية المطبقة على
كل الصفقات الخاصة بنوع من الطلب العمومي كالأشغال أو اللوازم أو الخدمات أو الدراسات
ويتم الموافقة عليه بقرار من الوزير المعني.
3.ـ دفتر التعليمات الخاصة (C P S)
بمقتضى هذا الدفتر يتم
تحديد الترتيبات التعاقدية الخاصة بكل صفقة، أي الالتزامات والحقوق المترتبة على
الأطراف المتعاقدة.
المطلب الثاني: المبادئ المنظمة لإجراءات الإبرام
نتطرق للمبادئ المنظمة
لإجراءات الإبرام من خلال الدعوة للمنافسة، فتح الأظرفة تقييم العروض، وذلك تباعا.
الفرع الأول: الدعوة للمنافسة
بعد عملية تحديد
الحاجيات من طرف المصلحة المتعاقدة وإعداد
دفتر الشروط تأتي مرحلة الدعوة للمنافسة ،إن هذه الدعوة تتم وفق كيفيات معينة
وتحكمها أجال محددة وتطلب مستندات ووثائق معينة.
أولا: الكـيـفـيـة
يحرر إعلان طلب العروض
باللغة العربية وبلغة أجنبية واحدة على الأقل في جريدتين رسميتين وطنيتين موزعتين
على المستوى الوطني.
كما يمكن تحرير هذا
الإعلان في يوميتين محليتين أو جهويتين عندما نكون بصدد طلبات عمومية، تأخذ فيها المصلحة
المتعاقدة شكل الولاية أو البلدية أو المؤسسات العمومية التابعة لها،على أن يساوي
مبلغ الطلب العمومي أو يقل عن مائة مليون دج بالنسبة للأشغال أو اللوازم وخمسين
مليون دج بالنسبة للدراسات أو الخدمات.
حيث يلاحظ أن الإشهار
إما أن يكون وطنيا أو محليا على أن يدعم الإشهار المحلي بنشر إعلان طلب العروض بمقرات
الولاية، بلديات الولاية، غرف التجارة والصناعة والصناعة التقليدية والحرف
والفلاحة للولاية، المديرية التقنية المعنية بالخدمة.
هذا كله إلى جانب إلزامية
نشر الإعلان في النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي.
ثانيا: الآجـال
يقصد بالآجال هنا،
الفترة التي تمنحها المصلحة المتعاقدة باعتبارها الطرف المنظم للمنافسة أو الداعي
لها، للمتعاملين الاقتصاديين قصد تحضير عروضهم.
إن في تحديد هذه الفترة،
الأثر البالغ على نجاعة الطلب العمومي وترشيد إنفاق المال العمومي، فقد منح المشرع
السلطة التقديرية للمصلحة المتعاقدة في تحديد هذا الأجل تبعا لتعقيد موضوع الطلب
العمومي، كما منحها السلطة في تمديده إذا اقتضت الظروف ذلك.
نجاح المصلحة
المتعاقدة في تحديد المدة الكافية والمرتبطة بدرجة تعقيد الطلب العمومي، سيسمح
لأكبر عدد ممكن من المتعاملين من تحضير عروضهم وتقديمها.
وما يجب الإشارة إليه
هنا أن تاريخ وأخر ساعة لإيداع العروض توافق تاريخ وساعة فتح أظرفة العروض التقنية
والمالية.
ثالثا: المطلوب
المقصود هنا، هو محتوى
العروض وفي هذا الإطار تنص المادة 67 من المرسوم الرئاسي 15/247، على أن محتوى
العروض يشتمل على ملف الترشح والعرض التقني والعرض المالي، وتفصيل ذلك تباعا:
1- ملف الترشح:
ويتضمن ما يلي:
أ/ تصريح بالترشح:
يعلن فيه المترشح عن
رغبته في الترشح، وأنه أهل ذلك، حيث تظهر هذه الأهلية من خلال:
- عدم الاقصاء أو
المنع من المشاركة في الصفقات العمومية طبقا لأحكام المادتين 75 ، 89 من المرسوم
الرئاسي 15/247.
- ليس في حالة تسوية
قضائية.
- صحيفة سوابقه
القضائية نظيفة.
- استوفى واجباته
الجبائية وشبه الجبائية.
- مسجل في السجل
التجاري أو في سجل الصناعة التقليدية والحرف او له البطاقة المهنية للحرفي.
- مستوفي الإيداع
القانوني لحساب شركته.
- حاصل على رقم
التعريف الجبائي.
ب/ تصريح بالنزاهة.
ج/ القانون الأساسي
للشركة.
د/ الوثائق التي تتعلق
بالتفويضات التي تسمح للأشخاص بإلزام المؤسسة.
ه/ الوثائق التي تبين
قدرات المترشح والمبينة لـ:
- القدرات المهنية:
شهادة التأهيل والتصنيف، اعتماد وشهادة الجودة.
- القدرات المالية:
وسائل مالية مبررة بالحصائل المالية والمراجع المصرفية.
- القدرات التقنية:
الوسائل البشرية والمادية والمراجع المهنية.
2- العرض
التقني: يتضمن ما يلي:
أ/ تصريح بالاكتتاب.
ب/ كل وثيقة تسمح
بتقييم العرض التقني.
ج/ كفالة تعهد.
د/ دفتر الشروط يحتوي
في أخر صفحة على العبارة "قرئ وقبل" مكتوب بخط اليد.
3- العرض
المالي: ويتضمن ما يلي:
أ/ رسالة تعهد.
ب/ جدول الأسعار
بالوحدة.
ج/ تفصيل كمي وتقديري.
د/ تحليل السعر
الإجمالي والجزافي.
وعند الحاجة وحسب
الموضوع الصفقة يمكن طلب:
- التحصيل الفرعي
للأسعار بالوحدة.
- التحصيل الوصفي
التقديري المفصل.
كما يجب الإشارة، إلى
أنه في حالة الإبرام عن طريق المسابقة يحتوي العرض بالإضافة إلى ملف الترشح والعرض
التقني والعرض المالي على ظرف الخدمات والذي يحدده محتواه دفتر الشروط.
الفرع الثاني: فتح الأظرفة
تقوم بعملية الفتح
لجنة تعينها المصلحة المتعاقدة في إطار الرقابة الداخلية، تدعى في صلب النص "لجنة
فتح الأظرفة وتقييم العروض" وذلك وفقا لنص المادة 160 من المرسوم الرئاسي
15/247.
حيث يتم فتح الأظرفة
المتعلقة بملف الترشح والعروض التقنية والمالية في جلسة علنية بحضور كل المرشحين
أو المتعهدين، ويدخل هذا الإجراء في إطار الشفافية وهو في نفس الوقت حماية
للمنافسة.
إلا أن عملية الفتح، فيما يخص الصفقات المبرمة
عن طريق الإجراءات المحدودة أي ما تعلق بطلب العروض المحدود والمسابقة تأخذ
ترتيبات أخرى.
فيتم فتح ملفات الترشح
بصفة منفصلة، أي جلسة أولى خاصة بفتح ملفات الترشح فقط ، لأن الأمر هنا يتعلق
بالانتقاء الأولي.
بعد عملية الانتقاء الأولي
واستكمال المراحل المتبقية من الإبرام حسب كل إجراء، يتم فتح العروض التقنية الأولية
في جلسة خاصة بها، ثم فتح العروض التقنية النهائية والعروض المالية في جلسة أخرى
خاصة، وهنا الأمر يتعلق بطلب العروض المحدود على مرحلتين.
وكذلك بالنسبة لطلب
العروض المحدود على مرحلة واحدة، يتم فتح العروض التقنية في جلسة خاصة، والعروض
المالية في جلسة أخرى منفصلة عن الأولى.
أما بالنسبة للمسابقة،
نفرق بين المسابقة المفتوحة مع اشتراط قدرات دنيا ولأنها لا تدخل في الإجراءات
المحدودة، يتم فتح ملف الترشح والعرض التقني في جلسة وظرف الخدمات في جلسة وظرف
العرض المالي في جلسة أخرى منفصلة، مع سرية الجلسة المتعلقة بفتح الظرف المتعلق
بعرض الخدمات.
أما بالنسبة للمسابقة
المحدودة فإن عملية الفتح تتم على ثلاث مراحل او ثلاث جلسات منفصلة، تتعلق الأولى
بالعرض التقني والثانية بعرض خدمات والثالثة بالعرض المالي، مع سرية الجلسة
المتعلقة بفتح عرض الخدمات.
وهذا كله لابد أن يراعي
توقيت جلسة فتح العرض المالي والذي يكون دائما بعد ظهور نتيجة تقييم الخدمات، وهذا
يسري على المسابقة بشكليها.
إن عملية الفتح التي
تقوم بها اللجنة ، لابد أن يراعى فيها ما يلي:
- تثبيت صحة تسجيل
العروض.
- تعد قائمة المرشحين
أو المتعهدين حسب ترتيب تاريخ وصول الأظرفة ملفات ترشحهم أو عروضهم مع توضيح محتوى
ومبالغ المقترحات والتخفيضات المحتملة.
- تعد قائمة الوثائق
التي يتكون منها كل عرض.
- توقع بالحروف الأولى
على وثائق الأظرفة المفتوحة التي لا تكون محل طلب استكمال.
- يحرر المحضر أثناء
انعقاد الجلسة الذي يوقعه جميع أعضاء اللجنة الحاضرين والذي يجب أن يتضمن التحفظات
المحتملة المقدمة من قبل أعضاء اللجنة.
بالإضافة إلى هذه
النقاط التي تراعيها اللجنة أثناء جلسة الفتح يمكن لها وعن طريق المصلحة المتعاقدة
أن تدعو المرشحين او المتعهدين إلى استكمال عروضهم التقنية باستثناء المذكرة
التقنية التبريرية.
كما يمكن لها أن تقترح
على المصلحة المتعاقدة عند الاقتضاء في المحضر، إعلان عدم الجدوى الإجراء، ودائما
عن طريق المصلحة المتعاقدة ترجع الأظرفة الغير مفتوحة إلى أصحابها.
ورغم الدور الذي تلعبه
هذه اللجنة في كونها ضمانة من ضمانات المنافسة وشفافية الإجراءات، إلا أنه يلاحظ
وجود نوع من الاستخفاف بها حيث تصح جلساتها مهما كان عدد أعضائها الحاضرين.
الفرع الثالث: تقييم العروض
يتم تقييم العروض من
طرف لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض، فنفس اللجنة التي قامت بفتح الأظرفة، تقوم
أيضا بعملية التقييم، حيث تتبع الخطوات التالية في عملية التقييم:
- بعد مطابقة العروض
المفتوحة مع محتوى دفتر الشروط ، تقوم بعملية إقصاء العروض غير مطابقة.
- تعمل في مرحلة ثانية
على تحليل العروض الغير مقصية وفق ما هو مبين في دفتر الشروط.
- ترتب العروض التقنية،
مع إقصاء العرض الذي لم يتحصل على العلامة الدنيا المطلوبة، وهذا ما يسمى بعملية
التأهيل الأولي التقني.
بعد عملية التأهيل
التقني، تأتي مرحلة دراسة العروض المالية، وهنا تبدأ عملية انتقاء أحسن عرض من حيث
المزايا الاقتصادية، دائما وفق ما هو محدد في دفتر الشروط.
حيث يتمثل العرض
الأفضل إما في:
- الأقل ثمن من بين
العروض المالية للمرشحين عندما يسمح موضوع الصفقة بذلك.
- الأقل ثمن من بين
العروض المؤهلة تقنيا، إذا تعلق الأمر بالخدمات العادية.
- أعلى نقطة تظهر من
خلال جمع نقاط العرض التقني والعرض المالي، والأمر هنا يتعلق بالخدمات المعقدة.
وما ينبغي الإشارة إليه
هنا، أن عملية الإسناد دائما ترتبط بشكل طلب العروض المبرم وفقه الصفقة.
وحماية للمنافسة، يمكن
للجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض، أن تستعلم عن العرض المالي المنخفض بشكل غير
عادي بالنسبة لمرجع أسعار، حيث تطلب عن طريق المصلحة المتعاقدة كتابيا، التبريرات
والتوضيحات التي تراها مناسبة وفي حالة عدم الاقتناع يمكن أن تقترح على المصلحة
المتعاقدة رفض العرض الذي تم عليه الإرساء.