أقسام التأمين
يعرف التأمين
بأنه مجال شاسع للغاية بحيث أن نطاق تطبيقه غير محدود, فكلما تعددت الأخطار ظهرت
أنواع جديدة من التأمين, لذلك فإن تقسيم التأمين يرجع تبعا لكيفية التعاقد أوالهيئة
التي تدير عملية التأمين، أو حسب موضوع التأمين.
الفرع الأول: تقسيم التأمين تبعا لكيفية التعاقد
طبقا لعنصر
التعاقد يقسم التأمين إلي نوعين أساسيين:
أولا: التأمين الاختياري
ويشمل
التأمينات التي يتعاقد عليها الفرد أو المؤسسة بمحض اختيارهم، وذلك للحاجة الملحة
لمثل هذه التغطية التأمينية، أي أنه لابد أن تتوافر هنا حرية الاختيار في التعاقد
بين شركة التأمين وبين الفرد أو المؤسسة ويتضمن هذا النوع من التأمينات كافة أنواع
التأمين التي تتوافر لها الأساس السابق مثل تأمين أخطار السرقة والحريق للمنازل، تأمين
أخطار سرقة وحريق السيارات، تأمين الأخطار البحرية ويطلق علي مثل هذا النوع من
التأمين، التأمين الاختياري أو التجاري أو الخاص.
ثانيا: التأمين الإجباري
ويشمل
التأمينات التي تلزم الدولة بتوفيرها للأفراد أو المؤسسات أو يلزمهم بالتعاقد
عليها وذلك بهدف اجتماعي أو لمصلحة طبقة ضعيفة في المجتمع، أي أن عنصر الإجبار أو
الإلزام من الدولة هو أساس التعاقد هنا ويشمل هذا النوع من التأمين كافة فروع
التأمينات الاجتماعية (العجز، الوفاة، التقاعد، إصابات العمل،...)، وبعض فروع
التأمينات الخاصة الإجبارية كتأمين المسؤولية من حوادث السيارات.
الفرع الثاني: تقسيم التأمين من ناحية الشكل
يعود هذا
التقسيم إلى مشكل الهيئة التي تقوم بها عمليات التأمين وبالتالي ينقسم هذا التأمين
إلى تأمين تعاوني وتأمين بأقساط محددة.
أولا: التأمين التعاوني
وهو ذلك
التأمين التي تقوم به جماعة يتفق أفرادها على تعويض الأضرار التي قد تنزل بأحدهم
نتيجة تحقق خطر معين وذلك من مجموع الاشتراكات التي قد يلتزم كل فرد من الجماعة
بدفعها ويتميز هذا النوع من التأمين بأن كل فرد في جماعة التأمين التعاوني يجمع في
شخصه صفتي المؤمن والمستأمن, أي الاشتراك الذي يدفعه كل عنصر قابل للتغيير.
إن اجتماع
صفتي المؤّمن والمستأمن في كل فرد من أفراد الجماعة يعتبر الخاصة المميزة،
فالتأمين التعاوني لا يهدف إلى تحقيق ربح لأعضائه وإنما إلى توزيع الخسائر عليهم,
فأعضاء الجماعة هم المستأمنون وهم الذين يدفعون التعويض لمن يصاب بخطر ما.
أن يكون
الاشتراك الذي يدفعه كل عضو قابلا للتغيير, فإذا زادت التعويضات المطلوبة عن
الاشتراك المجتمعة أمكن مطالبة الأعضاء بقسط تكملي لتغطية التعويضات, وإذا نقصت
التعويضات المستحقة بنسبة الناقص من الاشتراكات في هذا النوع من التأمين تقوم
مسؤولية تضامنية بين أعضاء الجامعة بحيث يتحمل الموسر منهم نصب المعسر, ونظرا
لخطورة هذه الخاصية التي قد تدفع الأفراد إلى عدم الإقبال على هذا النوع من
التأمين, فإن هذه الهيئات لجأت إلى تحديد حد أقصى لا يتجاوز مسؤولية العضو.
ثانيا: التأمين بأقساط محددة
يتعهد المؤّمن
بأن يدفع التعويض المالي عند تحقق الخطر, وذلك مقابل أقساط محددة يلتزم المؤمن
بدفعها وخصائص هذا النوع من التأمين عكس خصائص النوع السابق ففيه استقلال لشخصية
المؤّمن عن شخصية المستأمن وفيه يتحدد القسط والتعويض المالي مقدما.
في هذا النوع
من التأمين تستقل شخصية المؤمن عن شخصية المستأمن كما قلنا سابقا بالمؤمن هم جماعة
المساهمين الذين تمثلهم شركة التأمين وفي مواجهتهم جمهور المستأمن الذين يلتزمون
بدفع الأقساط, فإذا زادت الأقساط المدفوعة عن قيمة التعويضات كانت الزيادة ربعا
للشركة ولا يستطيع المستأمنون المطالبة بها.
يحدد هذا
النوع القسط مقدما فيعرف المستأمن وقت إبرام العهد مقدار ما سيدفعه من أقساط والشركة
هي التي تحدد الأقساط وفق أسس علمية (جداول الإحصاء التي لديها).
وأخيرا فإن
مقدار ما يلتزم به المؤمن عند تحقق الخطر يتحدد أيضا وقت إبرام العقد سواء كان ذلك
بتحديد التزام المؤمن بمبلغ معين كما في حالات التأمين على الحياة أو بوضع حد أقصى
لا يتجاوزه التزام المؤمن كما في التأمين في الأضرار.
الفرع الثالث: تقسيم التأمين من ناحية الموضوع
اتفق أغلب
فقهاء التأمين على تقسيم التأمين من حيث الموضوع إلى تأمين بحري وبري وجوي, وينقسم
التأمين البري إلى تأمين اجتماعي وتأمين خاص والتأمين البري الخاص ينقسم بدوره إلى
تأمين على الأشخاص, وتأمين على الأضرار, وسنقوم بشرح ذلك بالتفصيل:
أولا: التأمين البحري والبري والجوي
أساس هذا
التقسيم هي طبيعة المخاطر المؤمن منها وهو أول تقسيم يجب إجرائه للتمييز بين
التأمين البري الذي ينهي إليه التأمين على الحياة وغيره من أنواع التأمين.
فالتأمين
البحري عرفنا هو أقدم أنواع التأمين وجوداً في الحياة العملية، فهو أول نظام تأمين
ظهر للوجود. وأن نطاقه محدد بتغطية المخاطر البحرية التي تحدث خلال عملية النقل
البحري سواء أكان الخطر متعلقاً بالسفينة أم كان بالبضاعة المنقولة بواسطتها بحرا.
غير أن التأمين
البحري لا يتولى تغطية المخاطر التي يتعرض لها الأشخاص الموجودين على السفينة
أنفسهم، فالتأمين عليهم يدخل في نطاق التأمين البرى.
وفى ضوء ذلك
يتبين أن التأمين البحري هو تأمين على الأشياء فلا يغطى الأخطار البحرية بالنسبة
الأشخاص، ويلحق به التأمين النهري الذي يغطى أخطار النقل النهري بالنسبة إلى
المراكب والبضائع دون المخاطر التي تلحق بالأشخاص كذلك.
كما أن
التأمين الجوي يتولى تغطية مخاطر النقل الجوى، سواء أكانت في شكل أخطار تتعرض لها
وسائل النقل الجوى (الطائرة) نفسها أم كانت في صورة مخاطر تتعرض لها البضائع المنقولة
جواً.
بيد أنه،
نظراً لأن مجال النقل الجوى متسع النطاق وعابر للحدود الجغرافية للدول، لذلك تهتم
به الدول وتجرى في شأنه اتفاقات دولية ومن ثم فإن الأحكام التي تقررها الاتفاقيات
الدولية هي التي تسرى في هذا النقل والتأمين من مخاطره.
أما التأمين
يتولى تغطية كافة الأخطار التي لم يغطيها نوعى التأمين (البحري والجوى) وهو يشمل
التأمين على الأشخاص، حتى ولو تحقق الخطر المؤمـن منه وهم على متن إحدى وسائل
النقل البحري أو الجوى، ويشمل كذلك التأمين من الأضرار..
ثانيا: التأمين الاجتماعي
لا شك أن
التأمين الاجتماعي يهدف إلى حماية مصلحة إحدى طوائف المجتمع هي الطبقة العاملة
التي تعتمد في قوتها على جهدها البشرى الذي تبذله في العمل في مقابل أجر يتقاضاه
لتأمين حياته المعيشية. ولهذا يجب توفير
الحماية الاجتماعية لهؤلاء العمال إذا ما تعرضت معيشتهم للخطر بسبب عدم قيامه
بالعمل سواء أكان لعدم وجود فرصة عمل أم كان لفقدان القدرة على العمل بصفة مؤقتة
كحالة الإصابة والمرض أو بصفة دائمة كالعجز والشيخوخة.
والتأمين
الاجتماعي تتعدد صوره تبعاً لتعدد نوع الخطر الذي يهدد القوى العاملة كالتأمين ضد
البطالة والإصابة والمرض والعجز والشيخوخة فمثل هذه المخاطر تهدد العامل في مصدر
رزقه، ولهذا يقوم التأمين بتوفير الأمان الاجتماعي خلال فترة تعرضه لهذه المخاطـر.
وفى ضوء ذلك
يتبين أن هذا النوع من التأمين يقوم على فكرة التضامن الاجتماعي، التي تستلزم
رعاية الطبقات التي تعتمد على جهدها البشرى في حصولها على مصدر معيشتها ولما كان
العمل هو مصدر رئيسي لشريحة كبيرة من المجتمع لذلك برزت أهمية التأمين الاجتماعي
في العصر الحديث على نحو أصبح هذا النوع من التأمين إجبارياً بقوة القانون،
بالإضافة أن دفع قيمة قسط التأمين لا يتحمله العامل المؤمن عليه وحده بل يساهم
صاحب العمل فيه بنسبة كبيرة ويقع عليه عبء الوفاء به لهيئة التأمين الاجتماعي كما
أن الهيئات التي تدير وتنظم التامين الاجتماعي تحتكرها الدولة دون منافسة.
ثالثا: التأمين الخاص
إذا كان
التأمين الاجتماعي يهدف إلى حماية مصلحة اجتماعية عامة، فإن التأمين الخاص ليس على
هذا النحو لأنه يهدف إلى توفير الحماية لمصلحة خاصة وبناء على هذا فكل من يهدد
مصلحته الخاصة خطر معين له الحق في اللجوء إلى إحدى الشركات العاملة في سوق
التأمين عامة أو خاصة، ليبرم معها عقد تأمين ضد هذا الخطر فهذا التأمين يخضع لمحض
اختيار الشخص، بمعنى أنه اختيارياً –
كقاعدة عامة – باستثناء بعض الأنشطة التي إذا مارسها الشخص يجب عليه
قانوناً التأمين ضد الخطر الذي يهدد الغير منها كالتأمين الإجباري للمسئولية من
حوادث السيارات ،…الخ.
أ- التأمين على الأضرار وعلى الأشخاص
التأمين على
الأضرار يهدف إلى تعويض المستأمن على الضرر الذي أصاب ذمته المالية نتيجة خطر معين
أمّا التأمين على الأشخاص هو تعهد للمؤّمن بأن يدفع للمستأمن وإلى شخص آخر مبلغا
من النقود أو إيراد مرتبا عن تحقق حادثة متعلقة بشخص هذا الأخير كالوفاة أو المرض
وذلك مقابل قيام المؤمن له بدفع أقساط دورية معينة.
1/ التأمين
على الأشخاص: لا شك أنه إذا كان التأمين من الأضرار موضوعه أموال
المؤمن له أو ذمته المالية، فإن التأمين على الأشخاص محله شخص المؤمن له فالمؤمن
في ظل هذا التأمين ملزم بدفع مبلغ التأمين عند تحقق الخطر الموضح في العقد، بغض
الطرف عن أن هذا الخطر ترتب عليه ضرر للمؤمن له أم من عدمه.
وفى ضوء ذلك
فإن شخص المؤمن له هو الذي يكون موضع الاعتبار في هذا النوع من التأمين، لأنه يهدف
إلى تغطية الأخطار التي تلحق بالإنسان ذاته سواء في نفسه أم في جسمه أم في صحته أم
في حياته ولهذا التأمين أقسام:
- التأمين على
الحياة وهو على نوعين:
1- التأمين
لحال الوفاة وهو أنواع :
أ- التأمين
العمري: يستحق مبلغ التأمين عند وفاة المؤمِّن على حياته أياً
كان وقت الوفاة.
ب- التأمين
المؤقت: لا يستحق مبلغ التأمين إلا إذا مات المؤمِّن على حياته
خلال مدة معينة.
جـ- تأمين
البقاء: لا يستحق مبلغ التأمين إلا إذا بقي حياً بعد موت
المؤمِّن على حياته.
د- التأمين
على البقاء: لا يستحق مبلغ التأمين إلا إذا بقي المؤمِّن على حياته
على قيد الحياة إلى وقت معين يتحدد ببلوغه سناً معيناً تضعف فيه صحته وتقل موارده.
هـ- التأمين
المختلط: وهو تأمين لحال الحياة وحال الوفاة معاً، كالشخص الذي يبرم تأمين على
حياته لمدة 30 سنة، على أن يستحق مبلغ التأمين لو بقى حياً عند انقضاء هذه المدة،
أما إذا مات قبل ذلك آل المبلغ إلى المستفيد المعين.
2- التأمين ضد
الإصابات الجسدية: هو التأمين الذي بمقتضاه يلتزم المؤمن في
مقابل أقساط التأمين بأن يدفع للمؤمن له مبلغ التأمين في حالة ما إذا حدثت له
إصابة بدنية، وبأن يرد له مصروفات العلاج والأدوية وفى حالة وفاة المؤمن له يتم
الوفاء بذلك إلى المستفيد.
والالتزام
الأساسي الذي يثقل كاهل المؤمن في هذا التأمين هو تأمين الإصابة، أي الخطر الذي
يصيب الإنسان في بدنه، أما الالتزام بدفع مصاريف العلاج فهو من قبيل الالتزامات
الثانوية أو تبعية.
3- التأمين ضد
المرض: المرض هو الآفة التي يتعرض لها كل الكائنات الحية بما
فيها الإنسان وأن المرض من الحوادث غير المرغوب فيها لما يترتب عليها من اعتلال
البنية الجسدية وضعفها وما يتكبده المريض من نفقات العلاج.
والتأمين من
المرض هو عقد يلتزم المؤمن بموجبه بأن يدفع للمؤمن له – عند مرضه خلال مدة التأمين
- مبلغاً محدداً دفعة واحدة أو على دفعات أو بأن يرد إليه نفقات العلاج كلها أو
نسبة منها في مقابل التزام الثاني بدفع أقساط التأمين.
ونطاق التزام
المؤمن بتحمل تبعة تحقق الخطر المؤمن منه قد ينبسط ليشمل كافة الأمراض، وقد ينصب
على البعض دون البعض الآخر وتحديد نطاق هذا الالتزام يخضع إلى الإرادة المشتركة
للأطراف فإذا ما أصيب المؤمن له بمرض يشمله التأمين التزم المؤمن بدفع مبلغ
التأمين بالكيفية المتفق عليها.
4- تأمين
الزواج وتأمين الأولاد: فتأمين الزواج عقد بموجبه يلتزم المؤمن بدفع
مبلغ التأمين للمؤمن له متى تزوج قبل بلوغه سناً معينةً في مقابل التزام الأخير
بدفع أقساط دورية للأول.
وبديهياً أنه
يقصد من إبرام مثل هذا التأمين هو تمكين المؤمن له من تدبير ما يلزمه من نفقات
الزواج قبل بلوغه العمر المحدد في العقد.
والظاهر يشير
إلى أن تحقق الواقعة المؤمن منها (الزواج) متوقفة على محض إرادة أحد طرفي العقد ، وسيأتي
بيان أن مثل ذلك يبطل عقد التأمين غير أن النظرة الفاحصة تسجل أن هذه الواقعة لا
تتوقف على محض إرادة المؤمن له، بل توجد عوامل أخرى من الأهمية بمكان في تحقق
الواقعة المؤمن منها ولا سيما أن الزواج يتم بالاقتران بشـخص أخر لإرادته دور هام
في إتمامـه.
أما تأمين
الأولاد فهو عقد بموجبه يلتزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين للمؤمن له عند إنجابه
أطفالاً في مقابل التزام الأخير بدفع أقساط دورية للأول والغاية من مثل هذا
التأمين واضحة وهى تدبير المال اللازم لنفقات إنجاب الأطفال وتربيتهم وتعليمهم.
* شكل التأمين
على الأشخاص: يتخذ التأمين على الأشخاص شكلا فرديا أو جماعيا، حيث
يكتتب عقد تأمين الجماعة من قبل شخص معنوي أو رئيس مؤسسة بغية انخراط مجموعة من
الأشخاص تستجيب لشروط محددة في العقد من اجل تغطية خطر أو عدة أخطار متعلقة
بالتأمين على الأشخاص. كالتأمين الذي يجريه رئيس نادي رياضي على لاعبي فريقه ضد
الإصابات الجسمانية، أو صاحب المصنع الذي يؤمن على حياة عماله.
2/ التأمين على الأضرار
يهدف إلى ضمان
وتأمين المؤمن له من النتائج الضارة التي تلحق أمواله من تحقق الخطر المؤمن منه.
فإذا لحق الأموال المؤمن عليها خسائر بسبب تحقق الخطر المؤمن منه، فقد انتقصت
العناصر الإيجابية للذمة المالية للمؤمن له، على نحو يوجب على المؤمن جبر هذا
الانتقاص عن طريق تعويض المؤمن له عن هذه الخسائر و ينقسم هذا التأمين إلى قسمين:
أ- التأمين على الأشياء
يهـدف هـذا
النـوع مـن التـأمين إلى تعـويض المـؤمن لـه عـن الضـرر الـذي لحـق ذمتـه الماليـة
بسـبب تعـرض الشـيء المـؤمن عليـه للخطـر المؤمن منه والعلاقة العقدية في ظل هذا
التأمين تكون بين المؤمن والمؤمن له.
ويتغير
التـأمين علـى الأشـياء تبعـاً لتغـير الخطـر الـذي مـن المحتمـل أن تتعـرض لـه
الأشـياء المـؤمن عليهـا، فـإذا كـان هـذا الخطـر هـو السرقة أو الحريق أو هلاك
الماشية أو تلف المحاصيل بسبب الصقيع… الخ أطلق على التأمين ضده بالتأمين ضد السرقة
أو الحريق أو هلاك الماشية….الخ.
ب- التأمين على المسؤولية
الأكيد أن
الأنشطة الحياتية للإنسان ينشأ عنها أضرار للغير في النفس أو في المال، سـواء
أكـان بفعلـه الشخصـي (المسـئولية عـن الفعل الشخصي) أم كان بفعل الأشخاص الذي
يسأل عنهم (المسئولية عـن فعـل الغـير) أم كـان بفعـل الأشـياء الـتي تحـت سـيطرته
(المسـئولية عـن فعـل الأشـياء). فيترتـب علـى ذلـك قيـام مسـئوليته وشـغل ذمتـه
بـالتعويض ولكـي يـدرأ عـن نفسـه خطـر المطالبـة بـالتعويض يلجـأ إلى التـأمين مـن
المسـئولية، فمـتى تحقـق خطـر مطالبتـه بـالتعويض التـزم المـؤمن بـدفع هـذا
التعـويض للشـخص الـذي يحدده العقد أو القانون.
غير أنه يجب
ملاحظة أن المؤمن في ظل هذا التأمين، لا يقوم بتعويض الضرر الذي لحق الغير، إنما
يوفى بـالتعويض الـذي يثقـل كاهل المؤمن له بسبب تحقق الخطر المؤمن منه فهذا الضرر
وإن كان سبباً في التزام فاعله بـالتعويض الـذي هـو سـبب التـزام المـؤمن بالوفاء به،
إلا أنه ليس هو السبب المباشر في التزام الأخير بهذا الوفـاء.
وإذا كان
الأصل أن عقد التأمين من المسئولية ينشأ بين طرفيه هما المؤمن والمؤمن له، إلا أنه
قد تنشأ عنه علاقة لشخص ثالث هو المستفيد (المضرور) متى كان هذا العقد قد عين فيه
مستفيداً (الاشتراط لمصلحة الغير) أو أن القانون قد قـرر لـه ذلـك ففـي هـاتين
الحالتين يصبح للمضرور (المستفيد من التـأمين ) دعـوى مباشـرة ضـد المـؤمن يطالبـه بالوفـاء بقيمـة التعـويض لـه مباشـرة
دون المـرور بذمة المؤمن له.
أمـا إذا كـان
العقـد أو القـانون لم يخـول المضـرور حقـاً مباشـراً قبـل المـؤمن تحميـه دعـوى
مباشـرة. فـلا يكـون لـه في مواجهـة المـؤمن إلا دعـوى غيـر مباشـرة باسـتعمال
حقـوق مدينـه (المسـئول عـن الضـرر) المـؤمن لـه والحكـم في هـذه الـدعوى يـدخل
مبلـغ التـأمين في الذمة المالية للمؤمن له ويجعله عنصراً إيجابياً فيها يشكل
ضماناً عاماً لجانب السلبي لهذه الذمة الـذي تـدخل قيمـة التعـويض عنصـراً فيه
وهذا الأمر يوقع المزاحمة بين دائني المؤمن له بما في ذلك المضرور باعتباره دائناً
له بقيمة التعويض.
ويتميز
التأمين من المسئولية بأن مبلغ التأمين لا يكون محدداً لأنه لا يعرف مدى ما يلتزم
به المؤمن له وما تتعرض له ذمته المالية من أضرار نتيجة الحالات التي تنعقد فيها
مسئوليته.
وللتأمين من
المسئولية صور متعددة، مثل التأمين من المسئولية الناشئة من حوادث السيارات وتأمين
المسئولية الناتجة من حوادث العمل وتأمين المسئولية بسبب حريق العين المؤجرة
وتأمين المسئولية المترتبة على حوادث البناء والتشييد ……الخ.
المرجع:
- د. سوالم سفيان، محاضرات في قانون التأمين الجزائري، جامعة محمد الشريف مساعدية – سوق أهراس-، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، الموسم الجامعي 2014-2015، ص33 إلى ص38.