عناصر التأمين
يندرج ضمن
عناصر التأمين كل من أشخاص عقد التأمين والخطر المؤمن منه ومبلغ القسط الذي يدفعه
المؤمن له للمؤمن ومبلغ التأمين.
الفرع الأول: أشخاص عقد التأمين
نعلم أن العقد
بصفة عامة هو الجمع بين طرفين لم يكن بينهما جامع من قبل، وكذلك عقد التأمين فهو
يجمع بين طرفيه وهما المؤمن ومؤمن له.
غير أن
الذاتية الخاصة للتأمين والتنافسية بين شركات التأمين وتسابقها على الاستحواذ على
أكبر عدد ممكن من المؤمن لهم، تجعل المؤمن يدفع بعدد غير قليل من وسطاء التأمين
سعياً وبحثاً عن المؤمن له وذلك طبقاً لمقولة "التأمين يباع ولا يشترى"
والأفضل القول بأن "التأمين يعرض ولا يطلب".
ونتناول
الحديث عن طرفي عقد التأمين من خلال النقاط التالية:
أولا: المؤمن
إن المؤمن،
باعتباره طرفاً في عقد التأمين، هو كل شخص يعرض تحمله تبعة الخطر (الواقعة) الذي
يحدث لآخر في مقابل مبلغ من المال (القسط).
إن التأمين
يقوم على فكرة المساهمة في الخسائر بين عدد من الأشخاص وأن المؤمن يتدخل لتنظيم
هذه المساهمة و يتطلب هذا التنظيم تقنيات وفنيات خاصة لا يمكن أن يقوم بها شخص
طبيعي ومن هنا فإن لمؤمن لا يمكن أن يكون إلا شركة تتخذ أحد الأشكال التي نص عليها
القانون وفي نفس الوقت فرض القانون أن تكون هذه الشركات تحت رقابة الدولة.
أ- شكل شركة التأمين:
تنص المادة 215
من الأمر 95/07 المتعلق بالتأمينات على أنه "تخضع شركات التأمين أو إعادة
التأمين في تكوينها إلى القانون الجزائري وتأخذ أحد الشكلين الآتيين: شركة ذات
أسهم، شركة ذات شكل تعاضدي، غير أنه عند صدور هذا الأمر يمكن للهيئات التي تمارس
عمليات دون أن يكون غرضها الربح أن تكتسي شكل الشركة التعاضدية". انطلاقا من
هذا النص نكون أمام ثلاثة أنواع من شركات التأمين و هي:
1- شركة التأمين المتخذة شكل شركة ذات أسهم
إن شركة
التأمين التي تتخذ شكل شركة ذات أسهم تخضع للأحكام العامة المنصوص عليها في
القانون التجاري بالإضافة إلى الأحكام المنصوص عليها في الأمر 95/07 المتعلق
بالتأمينات.
وشركة
المساهمة هي شركة ينقسم رأسمالها إلى حصص ولا يقل عدد شركائها عن سبعة ما لم يكن
رأسمالها عموميا.
وحسب المرسوم
التنفيذي رقم 95/344 المؤرخ في 30/10/1995، المتعلق بالحد الأدنى لرأسمال شركات
التأمين المعدل والمتمم بموجب المرسوم التنفيذي 09/375 المؤرخ في 16/11/2009، يحدد
رأسمال المساهمة التي تأخذ شكل شركة ذات أسهم كما يلي:
- مليار
"1" دينار جزائري بالنسبة لشركات المساهمة التي تنفرد بممارسة عمليات
تأمين الأشخاص والرسملة.
- ملياران
"2" دينار جزائري بالنسبة إلى شركات المساهمة التي تمارس عمليات التأمين
على الأضرار.
- خمسة
"5" ملايير دينار جزائري بالنسبة إلى شركات المساهمة التي تمارس سوى
عمليات إعادة التأمين.
إذن كل
الأحكام المتعلقة بشركات المساهمة تنطبق على شركة التأمين التي تتخذ شكل شركة
المساهمة.
2- شركة التأمين ذات الشكل التعاضدي
تنص المادة 215
مكرر من قانون التأمينات على ما يلي: (ليس للشركة ذات الشكل التعاضدي المذكورة
أعلاه ن هدفا تجاريا.
يجب أن تضمن
لمنخرطيها مقابل اشتراك التسوية الكاملة لالتزاماتهم في حالة وقوع الإخطار.
ويجب على هذه
الشركة أن تمتثل إلى القانون الأساسي المحدد عن طريق التنظيم والذي يجب أن يبن على
الخصوص:
- هدفها
ومدتها ومقرها وتسميتها.
- الكيفية
والشروط العامة التي تعقد على أساسها الالتزامات بين الشركة والأعضاء وكيفية توزيع
الإيرادات.
- هيئات
التسيير والإدارة والمداولة.
- العدد
الأدنى للمنخرطين الذي لا يمكن أن يقل عن خمسة آلاف (5.000) منخرط .))
الشركة ذات
الشكل التعاضدي هي شركة ذات خصائص تدور بين شركة المساهمة وهي شركة تجارية
رأسمالية أي قائمة على رأسمال ممثل في أسهم، والشركة التعاضدية المحضة وهي شركة
مدنية تضمن الأمان لأعضائها دون البحث عن الربح، لأن أعضائها تجمعهم اعتبارات
مهنية مثل الموظفين أو الفلاحين أو عمال قطاع البناء أو قطاع الصحة أو قطاع الأمن
أو قطاع النقل و ما إلى ذلك.
ورغم ذلك فإن
الشركة ذات الشكل التعاضدي مقتربة إلى حد كبير من شركة المساهمة، وذلك لأن نشاطها
يفرض عليها طرق تسيير ذات طبيعة تجارية خاصة إذا كان نشاطها يغطي فروعا عديدة
لتأمين.
إن هذه الشركة
تسير بدون أسهم لذلك فإن الأموال الضرورية لمزاولة نشاطها تجمع عن طريق الاشتراكات
التي يقدمها أعضائها وبذلك تتكون الأموال التأسيسية للشركة.
كما أن هذه
الشركة تلجأ إلى الاقتراض الذي يعتبر من مكونات الأموال التأسيسية للشركة.
وبصفة عامة
يجب أن تكون الاشتراكات كافية للوفاء بالتزامات الشركة، فإذا كانت تفوق الأضرار
المتحققة وجب على الشركة رد الزيادات لأعضائها، أما إذا كانت غير كافية لدفع
التعويضات وتغطية الأخطار فإن الشركة تطلب اشتراكات إضافية أو تخفض التعويضات.
أما فيما
يتعلق بالأموال التأسيسية للشركة ذات الشكل التعاضدي فإنه يجب أن لا تقل هذه
المبالغ عن:
- ستمائة
"600" مليون دينار جزائري بالنسبة للشركات التي تنفرد بممارسة عمليات
تأمين الأشخاص والرسملة.
- مليار
"1" دينار جزائري بالنسبة للشركات التي تمارس عمليات التامين على
الأضرار.
وتسير شركة
التأمين ذات الشكل التعاضدي بعدد كبير من الأعضاء وذلك لأن هذا العدد يعتبر الركيزة
التقنية الضرورية لكل تعاضدية، وهذا على عكس شركة التأمين المتخذة شكل شركة المساهمة
التي تسير بسعة مساهمين.
3- شركة التأمين المتخذة شكل شركة التعاضدية
يقصد بالتأمين
التعاضدي أو التعاوني، أن يجتمع عدة أشخاص معرضين لأخطار متشابهة، ويدفع كل منهم
اشتراكا معينا وتخصص هذه الاشتراكات لأداء التعويض المستحق لمن يصيبه الضرر وإذا
زادت الاشتراكات على ما صرف من تعويض كان للأعضاء حق استردادها، وإذا نقصت تطلب
الشركة من الأعضاء اشتراكا إضافيا لتغطية العجز، أو أنقصت التعويضات المستحقة
بنسبة العجز وأعضاء شركة التأمين المتخذة شكل الشركة التعاضدية(التعاونية) لا
يسعون إلى تحقيق ربح ولكنهم يسعون إلى تخفيف الخسائر التي تلحق بعض الأعضاء، فهم يتعاقدون
ليتعاونوا على تحمل الأضرار التي تحل ببعضهم.
وتختلف الشركة
التعاضدية عن الشركة ذات الشكل التعاضدي في أن المشرع لم يحدد حدا أدنى لأموالها
التأسيسية وبالتالي فإن قانونها الأساسي يتولى ذلك، كما أنها لا تلجأ إلى الاقتراض
إلا في حالات استثنائية، كما أن الاشتراكية تكون دائما متغيرة على خلاف ما هو
الأمر عليه في الشركة ذات الشكل التعاضدي، ومن المجالات التي يظهر فيها نشاط
الشركات التعاضدية (أو ما يمكن أن نسميه الجمعيات التعاونية للتأمين) وهو مجال
النشاط الزراعي، حيث تهدف الشركات التعاضدية إلى حماية الفلاحين من الأخطار التي
يتعرضون إليها في حياتهم الزراعية وأثناء ممارستهم لنشاطهم الزراعي، وهذه الأخطار
يمكن أن تمس الفلاح في شخصه أو ماله.
وهكذا، فإن ما
يميز هذا النوع من الشركات، هو اجتماع صفتي المؤمن والمؤمن له، حيث أن هناك تبادل
في المنافع والتضحيات فيما بين أعضاء هيئة التأمين، فتدفع التعويضات لمن يصيبه
الخطر من بينهم من حصيلة الاشتراكات المدفوعة من الأعضاء أو التي سيدفعونها أما
الميز الأخرى فمن تغير قيمة الاشتراك، حيث أنه من الطبيعي أن يكون الاشتراك
المطلوب من المؤمن لهم عرضة للزيادة والنقصان تبعا لما يتحقق من المخاطر سنويا وما
يترتب على مواجهتها من تعويضات.
ب- منح الاعتماد
يمنح الاعتماد
بقرار من الوزير المكلف بالمالية وذلك بعد أن يبدي المجلس الوطني للتأمينات رأيه
فيه.
و طبقا
للمرسوم التنفيذي رقم 96/267 المؤرخ في 03 أوت 1996، الذي يحدد شروط منح شركات
التأمين و/أو إعادة التأمين الاعتماد و كيفيات منحه، المعدل والمتمم، فإن الوثائق
التي يجب أن يتضمنها ملف الاعتماد هي:
1- طلب يتضمن
عمليات التأمين التي تنوي الشركة ممارستها
2- محضر
الجمعية العامة التأسيسية
3- نسخة من
العقد التأسيسي للشركة
4- وثيقة تثبت
تحرير رأس المال
5- نسخة من
القانون الأساسي
6- قائمة
المسيرين الرئيسيين مع توضيح هويتهم وكفاءتهم المهنية
7- مستخرج من
صحيفة السوابق القضائية رقم 3 لكل واحد من المؤسسين والمسيرين
8- نسخة من
استمارات ووثائق التأمين المعدة للتوزيع على الجمهور
9- مخطط يتضمن
المبادئ الرئيسية التي تقترح الشركة إتباعها في مجال إعادة التأمين
إذن، هذا
الملف يرسل إلى الوزير المكلف بالمالية.
و يمنح
الاعتماد إلى شركة التأمين إذا توافرت فيها شروط تتعلق خاصة بالمؤهلات المهنية
لمسيري الشركة ونزاهتهم، فلا يستطيع أن يؤسس شركة تأمين، الأشخاص الذين ثبت إدانتهم
بارتكاب جنحة يعاقب عليها قانون العقوبات وخاصة السرقة و خيانة الأمانة والنصب وكل
جنحة أخرى يعاقب عليها القانون بعقوبة النصب ونهب الأموال وإصدار صكوك بدون رصيد.
فإذا لم
تتوافر الشروط السابق ذكرها، أمكن للجهة المختصة بمنح الاعتماد رفض الاعتماد غير
أنه يمكن الطعن في قرار الرفض أمام جالس الدولة.
أما في حالة
موافقة الجهة المختصة على منح الاعتماد، فإن قرار منح الاعتماد ينشر في الجريدة
الرسمية.
جـ- سحب الاعتماد
يمكن للجهة
التي منحت الاعتماد أن تسحبه من شركة التأمين في أي وقت إذا رأت مبررا لذلك وهذا
بقرار من الوزير المكلف بالمالية وبعد إبداء رأي المجلس الوطني للتأمينات.
ويسحب
الاعتماد إذا توافرت أحد الأسباب التالية المنصوص عليها في المادة 220 من الأمر 95/07
المتعلق بالتأمينات:
1- إذا كانت
الشركة لا تسير طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما أو لقوانينها الأساسية.
2- إذا لم تعد
شروط الاعتماد متوافرة.
3- إذا اتضح
أن الوضعية المالية للشركة غير كافية للوفاء بالتزامها.
4- إذا كانت
الشركة تطبق بصفة متعمدة زيادات أو تخفيضات غير منصوص عليها في التعريفات المبلغة
إلى إدارة الرقابة.
5- إذا لم
تمارس الشركة نشاطها لمدة سنة واحدة ابتداء من تاريخ تبليغ الاعتماد أو إذا توقفت
عن اكتتاب عقود التأمين لمدة سنة واحدة.
6- إذا صرحت
الشركة عن توقفها عن ممارسة التأمين أو إذا حلت أو صدر في حقها حكم بالإفلاس أو
التسوية القضائية.
ولكي تقوم
الجهة المختصة بسحب الاعتماد يجب عليها إعذار الشركة مسبقا بواسطة رسالة مضمونة
الوصول مع وصل الاستلام.
ويجب أن يتضمن
"الإعذار" الأسباب التي كانت مصدر اتخاذ قرار السحب ويمكن للشركة
المعنية أن تطعن في قرار السحب الجزئي أو الكلي للاعتماد أمام جالس الدولة.
تطرقنا في كل
ما سبق إلى المؤمن(شركة التأمين) غير أنه لا تكتمل دراسة "المؤمن" كطرف
في علاقة التأمين، بدون أن نتطرق إلى ما يسمى "وسطاء التأمين".
د- وسطاء التأمين
أشرنا سابقا،
إلى أن التأمين يعرض ولا يطلب، ولما كانت زيادة عدد المؤمن لهم يحقق للمؤمن مزيد
من الربح والثقة في قدرته على الوفاء بالتزاماته وثقة العملاء فيه. لذلك يخول
المؤمن بعض الأشخاص في كل أو بعض سلطاته
في إبرام العقود مع المؤمن لهم، وهؤلاء الأشخاص يطلق عليهم وسطاء التأمين.
الأصل أن شركة
التأمين تعاقد مباشر مع المؤمن له،غير أنه يمكن لشركة التأمين أن تلجأ في هذا
التعاقد إلى وسطاء تصل بواسطتهم إلى الجمهور وذلك بغرض جلب أكبر عدد ممكن من
العملاء والحصول على طلبات تأمين، وهؤلاء الوسطاء يسمون بـ "وسطاء التأمين".
ففي السابق،
أي قبل صدور الأمر 95/07 المتعلق بالتأمينات لم يكن نظام الوسطاء معروفا، حيث كانت
شركات التأمين الوطنية تتعاقد مباشرة مع المؤمن لهم، غير أنه و بموجب الأمر 95/07
الذي أخذ منحى جديدا في مجال سياسة التأمين ظهر نظام وسطاء التأمين.
حيث اعتبر هذا
القانون وسطاء للتأمين كل من الوكيل العام للتأمين وسمسار التأمين.
وقد نص الأمر
95/07 على وسطاء التأمين، وصدر بعد ذلك المرسوم التنفيذي 95/340 ليحدد شروط منح
وسطاء التأمين الاعتماد والأهلية المهنية وسحبه منهم ومراقبتهم، وصدر كذلك المرسوم
التنفيذي رقم 95/341 المتضمن القانون الأساسي للوكيل العام للتأمين.
1- الوكيل العام للتأمين:
يعتبر الوكيل
العام للتأمين وسيطا للتأمين، وقد وضع القانون شروطا للالتحاق بمهنة الوكيل العام
للتأمين، كما أن هناك عقد تعيين للوكيل العام للتأمين (عقد وكالة).
* شروط الالتحاق بمهنة الوكيل العام للتأمين:
تنص المادة 253
من الأمر 95/07 المتعلق بالتأمينات على أن الوكيل العام للتأمين شخص طبيعي يمثل
شركة أو عدة شركات للتأمين بموجب عقد التعيين المتضمن إعتماده بهذه الصفة.
وقد بين
المرسوم التنفيذي رقم 95/340 شروط منح الاعتماد بحيث يجب أن يكون طالب الاعتماد
حسن الخلق، جزائري الجنسية بالغا من العمر 25 سنة، وأن تكون لديه الكفاءة المهنية
المطلوبة وأن يمتلك الضمانات المالية المطلوبة، حيث يجب على الوكيل العام للتأمين
أن يودع كضمان مالي كفالة لدى الخزينة العمومية أو كفالة مصرفية و تقدر بـ500000دج.
* عقد الوكالة:
يباشر الوكيل
العام للتأمين مهامه طبقا لعقد التعيين الذي يتضمن اعتماده من طرف شركة التأمين، وبذلك
يجب أن يكون هناك عقد تعيين بين الوكيل العام للتأمين وبين الشركة المعنية.
وعقد التعيين
هو عبارة عن اتفاقية مكتوبة تحدد الشروط التي يمارس بموجبها الوكيل العام مهامه
طبقا للأمر 95/07.
وقد أعطى
المشرع بموجب الأمر 95/07 لعقد التعيين صفة عقد الوكالة.
كما نص الأمر
95/07 على أنه يجب على الوكيل العام للتأمين أن يخصص إنتاجه للشركة أو للشركات
التي يمثلها بخصوص عمليات التأمين التي اعتمد من أجلها وبذلك فإن الوكيل العام
للتأمين يرتبط بشركة التأمين بمقتضى عقد الوكالة فهو يمثل الشركة بصفته وكيلا ويضع
كفائته وخدمات الوكالة العامة تحت تصرف وفي خدمة الشركة التي يمثلها كما يقوم
بالمهام التي توكل له لحساب هذه الشركة أو الشركات وهذا العقد يحدد خدمات الوكالة
العامة، ويحدد مهام الوكيل العام للتأمين وينظم العلاقة بينه وبين موكله وفقا
للعقد النموذجي للتغيير ويخضع في تحديده لقاعدتين هما: قاعدة الامتياز الإنتاجي وقاعدة
الامتياز الإقليمي.
- قاعدة الامتياز الإنتاجي
نص الأمر 95/07
على أن يمتنع الوكيل العام للتأمين عن تمثيل أكثر من شركة واحدة بالنسبة لنفس
عمليات التأمين.
وأوجب المرسوم
التنفيذي 95/341 المتعلق بالقانون الأساسي للوكيل العام للتأمين أن يخصص الوكيل
العام كل إنتاجه للشركة التي وكلته وتلزمه بألا يمثل شركة التأمين إلا في العمليات
التي وكل بشأنها.
ويمنع المرسوم
التنفيذي الوكيل العام للتأمين أن يبرم عقود تأمين لحساب شركات تأمين أخرى إلا في
حالة خاصة وهي العمليات التي لا تمارسها شركة التأمين التي يمثلها أو تلك التي لم
تكن موضوع توكيل بينها أو تلك التي ترتبت عليها إما عقود سبق أن فسختها الشركة وإما
اقتراحات سبق أن رفضتها أو رفضت شروطها.
- قاعدة الامتياز الإقليمي
ينفرد الوكيل
العام للتأمين بإنجاز الأعمال المبينة في العقد وينفرد بتسييرها، ويمكن لشركة
التأمين ألا تقتصر على وكيل واحد، وتعين بالنسبة لعمليات التأمين نفسها إذا كان
حجم الأعمال يتطلب ذلك، وكيلا أو وكلاء آخرين في نفس الدائرة، وهذا ما نصت عليه
المادة ومن المرسوم التنفيذي رقم 95/341 المتعلق بالقانون الأساسي للوكيل العام
للتأمين.
وتتكون دائرة
الوكيل العام للتأمين من الإقليم الذي تمتد إليه والذي يمارس فيه مهامه، ويتم
تعيين وهذه الدائرة في العقد ويجب أن تتمثل إما في دائرة إدارية كالولاية أو
الدائرة أو البلدية وأو أي تقسيم آخر تعترف به السلطات الإدارية المختصة.
إذن الامتياز
الإقليمي هو أن لا يقبل الوكيل العام للتأمين الاكتتاب إلا إذا كان الخطر المطلوب
التأمين عليه من الأخطار التي تقع في دائرة وكالته العامة أو من الأخطار ذات
الطابع المتحرك في البر والبحر التي تقوم بسببها مسؤولية المكتتب أو المؤمن له
المقيم في دائرة الوكيل العام.
* مهام الوكيل العام للتأمين وأجره
إن العقد الذي
يبرم بين المؤمن (شركة التأمين) بين الوكيل العام للتأمين الذي يسمى بـ"عقد
التعيين" هو الذي يحدد مهام الوكيل العام.
يتقاضى الوكيل
العام للتأمين نتيجة قيامه بمهامه عمولة يحددها العقد، وقد بين المرسوم التنفيذي 95/341
المتعلق بالقانون الأساسي للوكيل العام للتأمين هذه العمولة وهي تتمثل في عمولتين:
- عمولة
المساهمة
- عمولة
التسيير
1-عمولة
المساهمة: وهي عبارة عن مكافأة عن عمل الإنتاج وتحسب بنسبة مئوية
في مبلغ القسط الصافي من الحقوق والرسوم دون أن تتجاوز الحد الأقصى الذي يحدده
الوزير المكلف بالمالية بقرار لكل صنف من عمليات التأمين.
2-عمولة
التسيير: وهي عبارة عن مكافأة عن أعمال التسيير التي يقوم بها
الوكيل العام للتأمين وطبقا لعقد التعيين، ويمكن أن يتم مراجعة عمولة التسيير إذا
أطرأ تعديل على حجم المهام المسندة للوكيل العام للتأمين.
3- انتهاء مهام الوكيل العام:
تنتهي مهام
الوكيل العام للتأمين بانتهاء العقد الذي تم تعيينه به فإذا كان العقد محدد المدة،
ينتهي بانتهاء هذه المدة وإذا كان غير محدد المدة فينتهي طبقا للمادة 256 من الأمر
95/07 بإرادة أحد الطرفين المتعاقدين، وعلى الطرف الذي أعلن رغبته في إنهاء العقد
أن يخطر مسبقا الطرف الآخر.
2- سمسار التأمين
إذا كان
الوكيل العام للتأمين هو دائما شخصا طبيعيا، فإن سمسار التأمين قد يكون شخصا
طبيعيا وقد يكون شخصا معنويا ويعتبر سمسار التأمين تاجر في مفهوم القانون التجاري،
وبذلك فهو يخضع لهذا القانون، على أساس أن عمله تجاري، ويترتب على ذلك على الخصوص
التسجيل في السجل التجاري.
و تنص المادة 4
من المرسوم التنفيذي رقم 95/340 المتعلق بشروط منح وسطاء التأمين الاعتماد أنه
تتوقف ممارسة مهنة سمسار التأمين على اعتماد يمنحه إياه الوزير المكلف بالمالية
بقرار بعد استشارة المجلس الوطني للتأمين.
أما فيما
يتعلق بشروط منح الاعتماد، فإن الأمر يختلف بين الأشخاص الطبيعية والأشخاص
المعنوية، فإذا كان سمسار التأمين شخصا طبيعيا، فإنه تشترط فيه نفس الشروط
المتعلقة بالوكيل العام للتأمين أما إذا كان سمسار التأمين شخصا معنويا فإنه توجد
شروط تتعلق فإنه توجد شروط تتعلق بمسيري شركات السمسرة وأخرى تتعلق بالشركاء في
شركات السمسرة أما بالنسبة لمسير شركة السمسرة فيجب للحصول على الاعتماد أن يكون
حسن الخلق، بالغا 25 سنة على الأقل من العمر، جزائري الجنسية، حائز على الكفاءة المهنية
المطلوبة.
أما بالنسبة
للشريك في شركة السمسرة، فيجب أن يكون ذا خلق حسن، جزائري الجنسية، مقيما في
الجزائر، ولم تحدد بالنسبة له سن معينة، كما يشترط أن يمتلك الضمانات المالية
المطلوبة.
بعد أن
تناولنا شروط التحاق بمهنة سمسار التأمين، يمكن القول أن سمسار التأمين لا علاقة
له بشركة التأمين وإنما له علاقة وكالة بينه وبين المؤمن له.
تنص المادة 258
من الأمر 95/07 المتعلق بالتأمينات، أن سمسار التأمين يعد وكيلا للمؤمن له ومسؤولا
تجاهه.
ومن ثم فإن
سمسار التأمين لا تربطه علاقة تعاقدية مع شركة التأمين بل هو وكيل عن المؤمن له، ويكون
مسؤولا تجاهه طبقا لأحكام الوكالة، ومهمته كسمسار تقتصر على مجرد التوسط في إبرام
هذا العقد كما هو الأمر بالنسبة للوكيل العام للتأمين وقد نصت المادة 258 من الأمر
95/07 على أن سمسار التأمين يمارس لحسابه الخاص مهنة التوسط بين طالبي التأمين وشركات
التأمين بغرض اكتتاب عقد التأمين.
3- الخبراء
ويعتبر الخبير
شخصا طبيعيا، معتمد من الاتحاد الجزائري للتأمين وإعادة التأمين، غير أنه قد يكون
الخبير شخصا معنويا مثل الشركة الجزائرية للخبرات.
* شروط ممارسة مهنة خبير:
توجب المادة 271
من الأمر 95/07 على الخبراء من أجل ممارسة نشاطهم لدى شركات التأمين الحصول على
اعتماد يمنح لهم من طرف جمعية شركات التأمين.
ويسجل الخبراء
بعد منصهم الاعتماد في قائمة مخصصة لهذا الغرض، وتبلغ القائمة إلى شركات التأمين وتعلق
في الأماكن التي تراها جمعية شركات التأمين ضرورية.
* مهام الخبراء:
طبقا للمادة 269
من الأمر 95/07 فإنه يعد خبيرا كل شخص مؤهل لتقديم خدمة في مجال البحث عن أسباب و
طبيعة وامتداد الأضرار وتقييمها والتحقق من ضمانها
*حقوق و واجبات الخبراء:
يتقاضى الخبير
أتعابه طبقا للسلم الذي تعده جمعية شركات التأمين وتوافق عليه الوزارة المكلفة
بالمالية، وفي المقابل يجب على الخبير أن يلتزم بعدم القيام بأي نشاط يتنافى مع
المهنة وممارستها بعناية طبقا لما تفرضه المهنة ويلتزمان أيضا بكتمان السر المهني
واحترام قواعد المهنة.
ويؤدي عدم
تنفيذ هذه الالتزامات إلى عقوبة الوقف أو الشطب الذي يمكن أن تتخذه جمعية شركات
التأمين.
ثانيا: المؤمن له
لا محالة أن
المؤمن له، باعتباره طرفاً في عقد التأمين، هو كل شخص يهدده خطر معين يرغب في درئه
عن نفسه بنقل تبعته إلى شخص آخر (المؤمن) في مقابل دفع مبلغ من المال (القسط).
بيد أن بجدر
الإشارة إلى أنه تتداول في مجال التأمين ثلاثة مصطلحات قد تجتمع في شخص واحد أو
تتفرق على أكثر من شخص، وهى طالب التأمين، والمؤمن له، والمستفيد.
- طالب
التأمين: هو الشخص الذي يبرم عقد التأمين مع المؤمن ويتعهد
بتنفيذ الالتزامات المقابلة لالتزامات المؤمن.
- المؤمن له
أو المؤمن عليه أو المستأمن: وهو الشخص الذي يهدده الخطر المؤمن منه.
- المستفيد: وهو الشخص
الذي يعينه طالب التأمين ويستحق مبلغ التأمين أو قيمة التعويض عند تحقق الخطر
المؤمن منه. دون أن يكون ملزما بدفع الأقساط التأمينية، فهو ليس طرفا في عقد
التامين، لكنه يكتسب حقا بموجب القواعد الخاصة بالاشتراط لمصلحة الغير.
فهذه
المصطلحات قد تجتمع في شخص واحد ويطلق عليه المؤمن له ولا سيما في التأمين من
الأضرار، بأن يكون هو طالب التأمين الذي تعاقد مع المؤمن وهو –أيضاً - والمؤمن له
الذي يهدده الخطر وهو المستفيد من هذا التأمين، بمعنى هو الذي يتقاضى مبلغ التأمين
عند تحقق هذا الخطر. فمثلاً الشخص الذي يؤمن على سيارته ضد الحريق فهذا الشخص هو
الذي تعاقد مع شركة التأمين (طالب التأمين) وهو الذي يهدده خطر حريق سيارته (المؤمن
له)، وهو الذي يتقاضى مبلغ التأمين من الشركة في حالة احتراق سيارته (المستفيد).
غير أن هذه
المصطلحات (طالب التأمين – المؤمن له – المستفيد)، قد تتفرق بين أكثر من شخص كما
في التأمين على الحياة.
فمثلاً يتعاقد
شخص (طالب التأمين) مع المؤمن على التأمين على حياة زوجته (المؤمن عليه) لمصلحة
أبنه (المستفيد). أو الشخص الدائن (طالب التأمين والمستفيد)، الذي يتعاقد مع
المؤمن على التأمين على حياة مدينه (المؤمن له) لمصلحته. أو يؤمن الشخص على حياته (طالب
التأمين والمؤمن له) لمصلحة وارثه (المستفيد). ففي هذه الحالة الأخير يجتمع للشخص
مصطلحين هما: طالب التأمين والمؤمن له، أما مصطلح المستفيد فإنه يطلق على وارثه.
كما يجوز أن يكون المؤمن له والمستفيد شخصاً واحداً وطالب التأمين شخص آخر، فمثلاً
لو آمن المشترى بثمن مؤجل على الشئ الذي اشتراه - تأميناً شاملاً لكل الأخطار – لمصلحة
البائع، فإن المشترى فهذه الحالة يكون طالباً للتأمين والبائع يكون مؤمناً له
ومستفيداً من التأمين يستحق مبلغ التأمين متى تحقق الخطر المؤمن منه.
وعقد التأمين
كسائر العقود كما يجوز أن يبرمه المؤمن له أصالة عن نفسه يجوز – كذلك - أن يبرمه بواسطة نائب قانوني (كالولي أو
الوصي أو القيم أو الحارس القضائي) أو اتفاقي (كالوكيل)، ومن ثم تطبق عليه الأحكام
العامة في النيابة في التعاقد وينصرف أثر عقد التأمين مباشرة إلى الأصيل (المؤمن
له) دون النائب.
كما يجوز أن
يبرم عقد التأمين بطريق الفضالة متى توافرت شروطها في القواعد العامة، كما لو أمن
أمين النقل على البضاعة التي ينقلها لحساب الشاحن لتوافر أمر عاجل دفعه إلى ذلك، ففي
ذلك ينصرف أثر عقد التأمين إلى صاحب البضاعة (الشاحن) مباشرة، وتخضع هذه الحالة
إلى أحكام الوكالة في العلاقة بين الفضولي (الناقل) ورب العمل (الشاحن).
وفي ذلك تنص
المادة 11 من قانون التأمينات على ما يلي: (مع مراعاة أحكام المادة 86 أدناه، يمكن
اكتتاب التامين لحساب شخص معين وإذا لم يسلم هذا الشخص تفويضه بذلك، فإنه يستفيد
من التأمين حتى وان تمت المصادقة بعد وقوع الحادث...).
ويكون المستفيد
غير المؤمن له أيضا في تأمين الأضرار حيث سماه المشرع الجزائري التأمين لحساب من
له الحق فيه. وفي هذه الحالة لا يقوم المتعاقد بإبرام العقد بصفته وكيلا أو فضوليا،
ولكن يتعاقد باسمه الشخصي ولمصلحته إلا انه في الوقت نفسه يتضمن اشتراط لمصلحة
الغير وتطبيقات متعددة فقد يلجا إليه من يحوز بضائع أو سلع مملوكة للغير، أو من
يكون مودعا لديه، متى أراد أن يغطي مسؤوليته عند الضرورة وفي ذلك تنص المادة 11 من
قانون التأمينات على ما يلي : ( ... كما يمكن إبرام عقد التأمين لحساب من له الحق
فيه.
يستفيد من هذا
التأمين، وبهذه الصفة المكتتب أو كل مستفيد معروف أو متوقع كاشتراط لمصلحة الغير
وفي نطاق
التامين لحساب من له الحق فيه، يكون المكتتب وحده ملزما بدفع القسط . كما أن
الاستثناءات التي قد يتعرض لها المكتتب تطبق أيضا على المستفيدين من وثيقة التأمين)).
ومن الأمثلة
نذكر: التأمين الذي يبرمه صاحب المخزن على البضائع الموجودة فيه لمصلحة أصحابها أو
التامين الذي يبرمه الناقل على البضائع التي ينقلها لمصلحة ملاكها.
- المستفيد: وهو الشخص
الذي يعينه طالب التأمين ويستحق مبلغ التأمين أو قيمة التعويض عند تحقق الخطر
المؤمن منه. دون أن يكون ملزما بدفع الأقساط التأمينية، فهو ليس طرفا في عقد
التامين، لكنه يكتسب حقا بموجب القواعد الخاصة بالاشتراط لمصلحة الغير.
- تعيين المستفيد: تنص المادة
المادة 76 من قانون التأمينات الجزائري على ما يلي: ((يمكن مكتتب عقد التأمين أن
يعين مستفيدا أو عدة مستفيدين من رأس المال أو ريع المؤمن.
في حالة عدم
تعيين المستفيد في العقد أو في حالة عدم قبول هذا الأخير، تدفع المبالغ المقترحة
في العقد لذوي حقوق المؤمن له، وتقسم طبقا للتشريع الساري المفعول)). وعليه ومن
خلال نص هذه المادة يمكن استخلاص أهم القواعد والإجراءات المتعلقة بتعيين المستفيد
كما يلي:
- المؤمن له
هو الوحيد الذي له حق تعيين المستفيد فإن لم يفعل يعتبر هو المستفيد.
- المستفيد ليس
شرطا أن يكون من الورثة.
- المستفيد يمكن
أن يكون شخصا واحدا أو أكثر.
- في حالة عدم
تحديد المستفيد في العقد أو رفضه يستفيد من مبالغ التأمين ذوي حقوق المؤمن له.
كما وجب أن
نشير إلى أمرين مهمين: الأول: أن تعيين المستفيد قد يكون حين اكتتاب عقد
التأمين، وفي حال أجراء أي تعديل على تعيينه أو استبداله خلال مدة العقد يكون ذلك
بملحق يوقع عليه الطرفان والمستفيد. كما يمكن أن يكون تعيين المستفيد لاحقا على
إبرام عقد التأمين ويطبق نفس الإجراء في هذه الحالة.
الثاني: أن تعيين
المستفيد يكون قطعيا في حالة موافقته سواء صراحة أو ضمنا، وفي حالة التأمين على
حياة الغير لحال الوفاة، يشترط الموافقة الكتابية من المؤمن عليه على تعيين
المستفيد.
* آثار تعيين المستفيد: يمكن إبطال تعيين المستفيد سواء قبل موافقته أو بعدها.
- الحالة الأولى: ممارسة حق إبطال الاستفادة قبل قبول المستفيد: في هذه الحالة لا يجوز إبطال الاستفادة إلا من المشترط حصريا إلا انه واستثناء يجوز لورثته ممارسة حق إبطال الاستفادة بتوافر مجموعة من الشروط وهب كالآتي:
- وفاة
المشترط.
- إنذار
المستفيد المعين بعقد غير قضائي لقبول الاستفادة.
- انقضاء مدة
ستة "06" أشهر من الإنذار لقبول الاستفادة دون رد من المستفيد.
وعليه في حالة
عدم رد المستفيد على الإنذار في المدة القانونية يعد رفضا منه ومبلغ التأمين يرجع
لورثة المشترط اذا لم يحدد مستفيدا احتياطيا.
كما يمكن
للمؤمن أن يمارس حق إبطال الاستفادة وفق نفس الشروط المحددة سابقا، غير أنه لا
يمكن اعتبار أي مستفيد آخر سوى ورثة المشترط، وبهذا فمبلغ التامين لا يدخل في
التركة بل يذهب مباشرة إلى الورثة باعتبارهم مستفيدين لا ورثة مما يحرم دائني المشترط
منه.
وأخيرا لا
يحتج على المؤمن بقبول المستفيد أو إبطال استفادته إلا ابتداء من وقت اطلاعه على
ذلك.
- الحالة الثانية: ممارسة حق إبطال الاستفادة بعد قبول المستفيد: الأصل أنه لا يجوز إبطال الاستفادة بعد قبول المستفيد، إلا أنه يجوز ذلك استثناء من الطرفان المتعاقدان (المؤمن أو المؤمن له) إذا حاول المستفيد قتل المؤمن له.
الفرع الثاني: الخطر
يعـد العنصـر
الأساسـي في التـأمين، حيـث أن التـأمين لم يوجـد أصـلاً إلا لبـث الطمأنينـة في
نفـس المـؤمن وإزاحـة شـبح تحقـق هـذا الخطر عنه.
وبالإضـافة
إلى ذلـك فـإن التـأمين يعمـل علـى نقـل الآثـار الماليـة المترتبـة علـى تحقـق
الخطـر المـؤمن منـه إلى عـاتق المـؤمن الـذي يتحمـل تبعته وما يحدثه من أضرار في
الذمة المالية للمؤمن له من خلال مجموع الأقساط التي يحصل عليها من جماعة المؤمن
لهم، حيث أن تحقق هذا الخطر يلزم المؤمن بالوفاء بمبلغ التأمين إلى المؤمن له.
وعليه ترتبط
عناصر التأمين الأخرى (قسط التأمين ومبلغ التأمين) بالخطر ارتباطاً وثيقاً، حيث
يترتب على تحديد نوعيته بيان قيمة القسط وتقدير مبلغ التأمين.
أولا: ماهية الخطر المؤمن منه
لقد تتعدد
التعريفات الفقهية للخطر. إلا أن هذا التعدد هو الذي سهل لنا الإدلاء بدلونا في
هذا المجال حيث يمكن تعريف الخطر بأنه "هو أمر مستقبل محتمـل لا يتوقف
تحققه على محض إرادة أحد طرفي عقد التأمين ".
وتعريف آخر:
"حادثة محتملة الوقوع لا يتوقف تحققها على محض إرادة المتعاقدين وحدها وعلى
الخصوص إرادة المؤمَّن له، وهي حادثة إذا تحققت تمس حقوق هذا الأخير المالية منها
وغير المالية ".
غـير أنـه
يجـب ملاحظـة أن للخطـر في التـأمين معـنى خـاص قـد لا يتفـق مـع المعـنى اللغـوي
للفظـة "الخطـر" ولا مـع المعـنى الاصـطلاحي لهـا في القـانون.
فـالمعنى الخـاص لـه قـد يقصـد بـه ضـراء كحـوادث الحريـق والطريـق والوفـاة وقـد
يقصـد بـه سـراء كوقـائع الميلاد والزواج.
وفى تقديرنا
أنه يجب استخدام عبارة (الواقعة المؤمن منها) بدلاً عن عبارة (الخطر المؤمن منه)،
أي إحلال لفظة الواقعـة محـل لفظة الخطر. لأن اللفظة الأولى أكثر دلالة على
المجالات التي يغطيهـا التـأمين، حيـث أن مجـال تغطيتـه لا يقـف عنـد الخطـر الـذي
يمثل الضراء فقط بل أضـحت تمتـد إلى الواقعـة الـتي تعـد مـن قبيـل السـراء.
ولـذلك تكـون لفظـة واقعـة أكثـر دلالـة علـى الأمـرين معـاً (الضراء والسراء).
ونستعرض بيان
شروط الخطر وأنواعـه:
ثانيا: الشروط الواجب توافرها في الخطر
نوهنا إلى أن
الخطر المؤمن منه يعد بمثابة ركن المحل في عقد التأمين ولذلك يجب أن تتوافر في هذا
الخطر الشروط التالية:
الشرط الأول – أن يكون الخطر أمراً محتملاً غير محقق الوقوع:
يشـترط في
الخطـر المـؤمن منـه، باعتبـاره محـلاً لعقـد التـأمين، أن يكـون أمـراً محـتملاً،
اى غـير محقـق الوقـوع. لأن فكـرة الاحتمـال هـي جوهر العقود الاحتمالية التي منها
هذا العقد.
بيد أن الخطر
يكون غير محقق الوقوع على إحدى صورتين هما:
الأولـى – الخطـر
محتمـل مـن حيـث حقيقـة وقوعـه: أي أنـه غـير محـتم الوقـوع، كالتـأمين ضـد
الحريـق أو السـرقة أو المسـئولية أو الإصابات، فأمر وقوع هذا الخطر مشكوك فيه فقد
يقع وقد لا يقع.
الثانية – الخطر محتمل من حيث وقت وقوعه: هذا
الخطر ليس محتملاً من حيث الوقوع بل سيقع لا محالة ولكن وقت وقوعه غير معروف.
كالتأمين على الحياة، فخطر المـوت محقـق الوقـوع لكـن وقتـه غـير معـروف،
فاحتماليـة هـذا الخطـر مـن حيـث وقـت الوقـوع وليس الوقوع نفسه لأنه أمر محتم.
غير أنه يجب
ملاحظة الفارق بين احتمالية الوقوع واستحالته. فالخطر المؤمن منه يجب أن يكون
محتملاً، وفى نفس الوقت يجب ألا يكون مستحيلاً، لأن محل عقد التأمين يجب أن يكون
ممكناً فلو كان مستحيل الوقوع وقع العقد باطلاً لاستحالة محله والاستحالة قد تكون
مطلقة وقد تكون نسبية. أما النسبية فهي الاستحالة المتعلقة بسبب ظروف معينة مثل: هلاك
المؤمن عليه بسبب خطر آخر غير الخطر المؤمن ضده، كالتأمين ضد سرقة شيء ما يصبح
مستحيلاً إذا تلف أو هلك بسبب الحريق، وهنا ينفسخ عقد التأمين دون أثر رجعي فيحتفظ
المؤمن بالأقساط المدفوعة وتبرأ ذمة المؤمن له من باقي الأقساط.
أما الاستحالة
المطلقة، فتتعلق بحالة أن محل عقد التأمين كان غير موجود وقت ابرام العقد، كمن
يؤمن على منزله من الحريق ثم اتضح أن المنزل كان قبل إبرام العقد قد أنهدم، هنا
يكون العقد باطلا لانعدام المحل، حيث أن هلاك الشيء المؤمن عليه قبل إبرام العقد
يجعل تحقق الخطر مستحيلا فينعدم محل التأمين ويبطل العقد .كما أن احتمالية الخطر
المؤمن منه تقتضى ألا يكون قد تحقق فعلاً أو زال قبل إبرام عقد التأمين ، لأن
الخطر في الحالين (التحقق والزوال) يعد مستحيلاً وليس محتملاً، كما لو أمن شخص على
منزل ضد الحريق وكان المنزل قد احترق فعلاً قبل التأمين، ففي ذلك يكون الخطر الذي
يتهدد المؤمن له قد تحقق فعلاً وليس محتمل الوقوع. كما لو أمن شاحن على البضاعة
المنقولة براً ضد مخاطر الطريق ثم تبين أن هذه البضاعة وصلت فعلاً إلى مخازن
الشاحن قبل إبرام عقد التأمين فإن وصول البضاعة في هذه الحالة - يعنى استحالة
تعرضها لخطر الطريق المؤمن منه لأنها وصلت فعلاً، والعقد يبطل بصرف النظر عن علم
المؤمن أو عدم علمه.
واحتمالية
الخطر تفترض أنه يجب أن يكون مستقبلاً، فالحادث الذي يقع في الماضي لا يمكن أن
يكون احتمالياً وإنما يكون محققاً. قابلية الخطر للتأمين.
الشرط الثاني – عدم تعلق تحقق الخطر على محض إرادة أحد طرفي العقد:
يجب فوق كون
الخطر محتملاً، أن يكون تحققه غـير معلـق علـى محـض إرادة أحـد طـرفي عقـد
التـأمين. لأن ذلـك يتنـافى مـع فكـرة احتماليـة الخطـر. فـإذا كـان تحققـه يتوقـف
علـى إرادة المـؤمن لـه فـإن عنصـر الاحتمـال ينتفـي، بـل تصـبح الحادثـة مؤكـدة
بالنسـبة لـه فالخطر يتحقق بمحض مشيئته، وقد يغريه مبلغ التأمين، إذا ما كان
مستفيداً، إلى العمل على تحقق الخطر المؤمن منـه.
أما إذا كان
تحقق الخطر متوقف إرادة المؤمن، وهذا لا يقع في العادة، لأنه سوف يسعى إلى عدم
تحقق الخطر، فالخطر المؤمن منـه في هذه الحالة، يصبح عدم تحققه مؤكداً، وعندئذ سوف
يحصل المؤمن على الأقساط دون أن يقابل ذلك
ضمان خطر ما يكون محلاً لعقد التأمين، لأن عدم وقوعه مؤكد.
والخطر الذي
يكون تحققه وعدم تحققه متوقف على محض مشيئة أحد طرفيه يتعارض مـع الفكـرة
الأساسـية، الـتي يقـوم عليهـا عقـد التأمين، وهى الاحتمالية وعندئذ يقع هذا العقد
باطلاً لعدم توافر أحد أركانه وهو المحل.
غير أنـه يجـب
ملاحظـة أن العقـد يوصـف بـالبطلان عنـدما تكـون إرادة الطـرف هـي الـتي اسـتقلت
في تحقـق الخطـر دون مسـاهمة مـن عوامل خارجية (كفعل الطبيعة أو المصادفة أو إرادة
الغير)، أما إذا كان الدور الذي سـاهمت بـه الإرادة في تحقـق الخطـر مـع العامـل
الخـارجي دور ثـانوي، كمـن يـؤمن نفسـه مـن مسـئوليته المدنيـة عـن الأضـرار الـتي
تحـدث للغـير، فـإذا وقـع منـه خطـأ غـير عمـدي أدى لقيام مسئوليته الشخصية، فمثل
هذا لا يبطل عقد التأمين لأنه وإن كانت لإرادة المؤمن له دور في تحقـق الخطـر
المـؤمن منـه إلا أنـه دور لم يعتد به القانون لمساهمة عوامل خارجية في ذلك.
بيد أنه يجـب
ملاحظـة الفـارق بـين تعلـق تحقـق الخطـر علـى محـض مشـيئة الطـرف وبـين تعمـد
المـؤمن لـه تحقيـق هـذا الخطـر للحصـول على مبلغ التـأمين. فـالأول يـؤدى إلى
بطـلان العقـد - كمـا بينـا آنفـاً – أمـا الأخـير يترتـب عليـه سـقوط الحـق في
مبلـغ التـأمين، لأن إرادة المؤمن له هي السـبب في تحقق الخطر، وليس عاملاً
خارجياً كالصدفة والاحتمال.
الأولى –
الخطأ العمدى الذي يبطل عقد التأمين أو أحد شروطه: كأن يطلـب
شـخص مـن المـؤمن التـأمين مـن أخطائـه العمديـة. وهذه الأخطاء – غالباً – تشكل
جرائم لمخالفتهـا لأحكـام القـانون الجنـائي. فـإذا كـان الخطـأ العمـدي يمثـل
جنايـة أو جنحـة وكـان التأمين عليه جاء في صورة شرط في العقد (وثيقة التأمين) فإن
هذا الشرط يبطل وتبقى باقي شروط التأمين منتجة لآثارها الأخرى، متى كان العقد
قابلاً للتجزئة. أما إذا كان غير قابل لذلك فإن العقد يقع باطلاً جملة وتفصيلاً
ويبطل – كذلك – إذا كان ضمان مثل هذه
الأخطاء يمثل المحـل، باعتباره ركناً فى العقد، لمخالفة النظام العـام.
أما إذا كان
الخطأ العمدي يشكل مخالفة فإنه يجوز التأمين منه وإذا ورد في وثيقـة التـأمين شـرط
يقضـى بسـقوط الحـق لمجـرد مخالفـة القوانين واللوائح. فإن التأمين يظل صحيحاً
ويبطل هذا الشرط بحكم القانون.
ويجوز التأمين
– كذلك– من الخطأ العمد الذي يقع من الغير –أياً كان درجته ومداه- حتى لو كان
تابعاً للمؤمن له لأن علاقة التبعية لا تجعل من خطأ التابع بمثابة خطأً للمتبوع
المؤمن له نفسه، فلكل منهما إرادته المستقلة، إلا إذا كان ارتكاب التابع للخطأ
العمد كان بتحريض من المؤمن له ذاته.
الثانية –
الخطأ العمدي الذي يسقط الحق في مبلغ التأمين : كأن يؤمن شخص
ضد أحد الأخطـار الـتي يجـوز التـأمين عليهـا. إلا أنه ارتكب خطأً عمدياً أدى إلى
تحقق الخطر المؤمن منه. كالتأمين ضد حريق منزله ويضـرم النـار فيـه أو يـؤمن علـى
حياتـه أو حيـاة شـخص آخـر ثم ينتحـر أو يقتـل هـذا الشـخص. ففـي هـاتين الحـالتين
وأمثالهـا يسـقط حـق المـؤمن لـه في مبلـغ التـأمين وتـبرأ منـه ذمـة المؤمن. إلا
أنه لا يؤد إلى بطلان عقد التأمين، إذ يظل على عاتق المؤمن تبعة الخطر المؤمن منه.
إذا أمن الشخص حياته، فإنه لا يسـتحق مبلـغ التـأمين إذا انتحر،لأنـه تعمـد تحقيـق
الخطـر المـؤمن منـه وهـو المـوت، وهـذا مـا نصـت عليـه المـادة 72 مـن الأمـر 95/07
المتعلق بالتأمينات: "لا يكتسب ضمان التأمين في حالـة الوفـاة، إذا انتحـر
المـؤمن لـه بمحـض إرادتـه و عـن وعـي خـلال السنتين الأوليتين من العقد،لا يلزم
المؤمن حينئذ إلا بإرجاع الرصيد الحسابي الذي تضمنه العقد إلى ذوي الحقوق."
غير أنه يجب
ملاحظة أنه إذا كان الخطأ العمدي قد وقع من طالب التأمين أو من المؤمن له وكان
المستفيد من التأمين شخص آخر من الغير فـإن مثـل هـذا الخطـأ لا أثـر لـه علـى حـق
المسـتفيد (الغـير) في مبلـغ التـأمين ولا تـبرأ ذمـة المـؤمن إلا بالوفـاء بـه
إليـه وهـذا يسـتفاد ضـمنياً مـن الأحكـام الـواردة في فمـثلاً في التـأمين
الإجبـاري مـن حـوادث السـيارات يظـل للمضـرور حـق مباشـر في مواجهـة المؤمن تحميه
دعوى مباشرة في المطالبة بالتعويض حتى لو كان المؤمن له قد تعمد إحداث هذا الضرر.
كما يجوز أن
يتقاضـى المـؤمن لـه مبلـغ التـأمين مـن المـؤمن بـالرغم مـن ارتكابـه خطـأً
عمـدياً مـتى كـان ارتكابـه لـذلك أداءً لواجـب أو حمايـةً لمصـلحة العامـة، كـأن
يعـرض حياتـه المـؤمن عليـه للمـوت إنقـاذاً لغـيره مـن خطـر داهـم كغـرق أو حريـق
…الخ أو قيامـه بإتلاف بعض المنقولات المؤمن عليها لمنع امتداد الحريق إلى غيرها، كمن
يجاهد بنفسه دفاعاً عن وطنه.
ولا جنـاح
أنـه إذا نحينـا الخطـأ العمـد بصـفاته –آنفـة البيـان– فـإن أي خطـأ آخـر أيـاً
كـان نوعـه وأيـاً كانـت درجتـه، فإنـه يجـوز أن يكون محلاً للتأمين وهذا ما قررته
المادة 12 من قانون التأمينات الجزائري.
الشرط الثالث: أن يكون الخطر قابلا للتأمين
لكي يكون
الخطر قابلا للتأمين يجب أن يكون مشروعا، أي لا يكون مخالف للنظام العام والقوانين
التي تحظر ممارسة عمل معين والآداب العامة فلا يجوز أن يتم إبرام عقد تأمين على
مخاطر يكون موضوعها التهريب أو التجارة بالمخدرات لأن هذه الأشياء إما أن تكون
محظورة بنص قانوني أو لتصادمها مع النظام العام.
كذلك لا يجوز
التأمين من الغرامات المالية أو المصادرة التي يمكن الحكم بها جنائيا، لأن كل من
الغرامة والمصادرة عقوبة، والعقوبة يجب أن تبقى شخصية مراعاة للنظام العام، فالتأمين
من الغرامة أو من الصادرة يكون إذن باطلا لمخالفته للنظام العام.
لا يجوز كذلك
التأمين من الأخطار المترتبة على الاتجار في الرقيق، فإذا أمن تاجر الرقيق نفسه
مما قد يصيبه من ضرر مالي بسبب هذا الاتجار كأن اضطر إلى تحرير الرقيق الذين يتجر
بهم، كان عقد التأمين عقدا باطلا لمخالفته للنظام العام والآداب العامة.
لا يجوز
التأمين على منزل يستغل للدعارة أو للمقامرة، إذا كان الغرض من التأمين التمكين من
هذه الأعمال المنافية للآداب، بأن كان
التأمين يساعد على إنشاء المنزل أو استغلاله أو المحافظة عليه.
* أنواع الخطر المؤمن منه
لا شك أنه إذا
توافرت الشروط –آنفة البيان– في الخطر أضحى محلاً لعقد التأمين ومع ذلك فإنه متعدد
الأنواع تبعاً للزاويـة التي ينظر منها إليه، فمن زاوية الثبات يتنوع الخطر إلى
ثابت ومتغير ومن حيث التعيين يكون الخطر معيناً وغير معين.
أ- من حيث الثبات
لا ينظر إلى
الخطر المؤمن منه مـن زاويـة القـيم الماليـة للقسـط أو مبلـغ التـأمين إنمـا
ينظـر إليـه مـن ناحيـة احتماليـة تحققـه خـلال مـدة التأمين وفقاً لما تشير إليه
الدراسات الإحصائية، فمن هذه الناحية فقد يكون الخطر ثابتاً أو متغيراً.
1- الخطر الثابت: الخطر يكون ثابتاً متى كانت ظروف تحققه ودرجة احتمال وقوعه ثابتة غير متغيرة خلال مدة التأمين التى تقدر بوحدة زمنيـة معينـة فى الغالب مدة سنة.
ولا يغير من
نعت هذا الخطر بهذا الوصف كون الثبـات نسـبياً فقـد يطـرأ عليـه تغـيرات وقتيـة أو
عارضـة. فكـل خطـر مهمـا قيـل عـن نسبة ثباته إلا أنه قد تتغير درجة احتمال وقوعه
من وقت لآخر. ولكي ينعت بوصف الثبات يجب أن يكون ثابتاً خلال فـترة غـير قصـيرة.
فمـثلاً التـأمين مـن الأضـرار (الحريـق أو السـرقة أو المسـئولية …الخ) يعـد -في
الغالـب- تـأمين مـن خطـر ثابـت، فهـذه المخاطر وإن كانت يزداد وقوعها خلال بعض
فصول السـنة، ككثـرة الحرائـق في فصـل الصـيف وحـوادث السـيارات في فـترة
الانتقـال من فصل إلى آخر والسرقات في فصل الشتاء، إلا أن الدراسة الإحصائية تشير
إلى عدم التفاوت الكبير بـين سـنة وأخـرى، ولـذلك تعد من قبيل المخاطر الثابتة.
2- الخطر المتغير: الخطـر يكـون متغـيراً مـتى كانـت الدراسـات الإحصـائية تشـير إلى أن احتماليـة تحققـه خـلال مـدة التعاقـد متغـيرة تصـاعدياً أو تنازليـاً. فمثلاً التأمين علـى الأشـخاص وبصـفة خاصـة التـأمين علـى الحيـاة لحـال الوفـاة، وإن كانـت كـل نفـس –صـغيرة كانـت أو كبـيرة- ذائقة الموت متى انتهى أجلهـا، إلا أن الدراسـات الإحصـائية تشـير إلى نسـبة تحققـه في الأعمـار المتـأخر أكـبر مـن الأعمـار المبكـرة.
ومن ثم فإن
تحقق خطر الموت يعد من قبيل الخطر المتغير تغيرًا تصـاعدياً.
أما الخطر
المتغير تغيراً تنازلياً فهو التأمين على الحياة لحال البقاء، وهو أن يؤمن الشخص
على حياته إن بقى حيـاً بعـد سـن معينـة ولو تكن الستين عاماً، فمثلاً، فإذا عاش
هذا الشخص بعد هذا السن استحق مبلغ التأمين.
3- أهمية تقسيم الخطر من حيث الثبات: لا شـك أن يكـون التمييـز بـين الخطـر الثابـت والخطـر المتغـير أهميـة بالنسـبة لتحديـد مقـدار قسـط التـأمين الـذي يلتـزم المـؤمن بدفعـه للمؤمن في مقابل تحمله تبعة تغطية الخطر المؤمن منه. فثبات الخطر يترتب عليه ثبات مقدار هذا القسط. والمفروض أن تغير الخطر يـؤدى إلى تغـير هـذا المقـدار، إلا أن المـؤمن، نظـراً للتنافسـية في سـوق التـأمين والرغبـة في زيـادة عـدد المـؤمن لهـم لديـه، يجعـل مقـدار القسط بالنسبة للخطر المتغير ثابتاً كذلك، على أن يحتفظ باحتياطيات مالية لمواجهة الأخطار المتغيرة.
ب- تقسيم الخطر من حيث التعيين
إن تقسيم
الخطر من زاوية التعيين لا يتعلق بالقيم المالية كمقدار القسط أو مبلغ التأمين، بل
يتعلق بالمحل الذي يهـدده الخطـر فقـد يكون معيناً وقد غير متعين.
1- الخطر المعين: نعلم أن الخطر المؤمن منه هو أمـر محتمـل يلحـق بالشـخص أو بالشـيء المـؤمن عليـه إذا تحقـق. والخطـر يكـون معينـاً مـتى كـان المحـل المؤمن عليه –شخصاً كان أو شيئاًـ معيناً في وقت إبرام عقد التـأمين. فالشـخص الـذي يـؤمن علـى حياتـه أو حيـاة غـيره أو الـذي يـؤمن علـى منزلـه مـن الحريـق أو بضـاعته مـن التلـف، فـالخطر في هـذه الحـالات وأمثالهـا يعـد خطـراً معينـاً لأن الشـخص المـؤمن علـى حياته والمنزل المؤمن ضد حريقه والبضاعة المؤمن ضد تلفها معلومة ومحددة في وقت التأمين عليها.
2- الخطر غير المعين: يكون الخطر غير معين متى كان المحل المؤمن عليه غير معين في وقت التعاقد على التأمين، بمعنى أن تعين هذا المحـل يكـون فى وقـت تحقـق الخطـر. فمـثلاً التـأمين مـن المسـئولية عـن حـوادث السـيارات فهـو تـأمين علـى خطـر غـير معـين، حيـث أن التـأمين لـيس ضـد حادث معين بالذات وإنما ضد أي حادث وعليه فإن الخطر لا يتحدد إلا عند تحققه.
3- أهمية تقسيم الخطر من حيث التعيين: لا شك في أن للتمييز بين الخطر المعين والخطر غير المعين أهمية تظهر عند تحديد مقدار مبلـغ التـأمين الـذي يلتـزم المـؤمن أداءه عنـد تحقق الخطر. فالخطر المعين يحقق للمؤمن العلم بحجم هذا الالتزام في وقت التأمين ففي التأمين على الأشياء، يكون الشـئ المـؤمن عليه معيناً في وقت التعاقد –كمنزل أو سيارة أو بضاعة …الخ – ومقدار مبلغ التأمين يتحدد بقيمـة الشـئ المـؤمن عليـه أو بأقـل منه متى تم الاتفاق على حـد أقصـى لضـمان المـؤمن. وفى التـأمين علـى الأشـخاص يجـوز تحديـد المبلـغ الـذي يلتـزم المـؤمن بأدائـه عنـد تحقق الخطر المؤمن منه.
أما في الخطر
غير المعين فالوضعية تختلف، إذ لا يمكـن الوقـوف علـى حجـم التـزام المـؤمن في
وقـت التعاقـد. ولـذلك يصـح أن يكـون مقدار مبلغ التأمين غير محدد في هذا الوقت
على أن يكون محدداً في وقت الوفاء به. فيلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له تعويضاً
كاملاً عن مسئوليته عن كل حادث يقع خلال فترة التأمين، ما لم يكن الأطراف قد
اتفقوا على حد أقصى لالتزام المؤمن.
* تحديد الخطر المؤمن منه: عرفنا –آنفاً– أن الخطر المؤمن منه هو المعقود عليه (المحل) في عقد التأمين، ولذلك يجب أن يكون محدداً تحديداً نافياً للجهالة. وقد يتفق الطرفان في عقد التأمين على خطر معين ومع ذلك يستبعدا بعض عناصره من نطاق ضمان المؤمن، فيجب أن يكون هذا الاستبعاد وضحاً ومحدداً حتى يعلم المؤمن له متى يكون له الحق في مطالبة المؤمن بمبلغ التأمين ومتى لا يكون له ذلك.
ونعلم –أيضاً–
أن عقد التأمين من عقود الإذعان التي يجب على الطرف المذعن (المؤمن له) قبولها
بالكلية أو رفضها بالكلية فليس له الحرية في مناقشة شروطها، وحماية للمؤمن له (المذعَن)
من الشروط المجحفة به أبطل المشرع بعض الشروط وجعل حكم بطلانها متعلق بالنظام
العام، أي لا يجوز للأطراف الاتفاق على مخالفتها وإذا تم ذلك وقع باطلاً.
ونتناول فيما
هو آت من نقاط بيان كيفية تحديد الخطر المؤمن منه، واستثناء بعض عناصر الخطر من
نطاق ضمان المؤمن، وأخيراً الشروط التي أبطلها المشرع لمخالفتها للنظام العام.
أ- كيفية تحديد الخطر المؤمن منه : ألفينا أن الخطر يعد عنصراً جوهرياً في عقد التأمين، وأنه من الأهمية بمكان بالنسبة للمؤمن والمؤمن له على حد سواء، ولذلك يجب أن يكون الخطر أو الأخطار المؤمن منها محدداً تحديداً نافياً للجهالة بالنسبة لطرفي العقد.
ولا جرم أنه
للعاقدين الحرية في تحديد الخطر المؤمن منه بتحديد طبيعته والمحل الذي يتعرض له،
شريطة ألا ينطوي على مخالفة للنظام العام والآداب فمثلاً في التأمين من الحريق فإن
طبيعة الخطر المؤمن منه هو الحريق وأن محله هو الشئ الذي من المحتمل أن يحترق فقد
يكون منزلاً أو سيارة أو بضاعة أو أي شئ آخر يكون المؤمن قد أمن عليه ضد الحريق.
غير أنه لا
يوجد ما يمنع من أن تتعدد طبيعة الخطر المؤمن منه مع تفرد المحل (الشىء)، فقد يكون
المحل المؤمن عليه هو سيارة – مثلاً – مؤمن عليها ضد السرقة والحريق والتلف
والمسئولية…الخ أو يكون التأمين ضد كافة الأخطار.
والخطر كما
يتحدد بطبيعته ومحله يتحدد– كذلك – بسببه،
ويقصد بالسبب هنا هو سبب تحقق الخطر، فإذا كانت طبيعته هي الحريق فإن أسباب نشوبه
متعددة كتماس الأسلاك الكهربائية (ماس كهربائي) أو امتداد النيران من مكان مجاور أو
عيب في الشئ المؤمن عليه ذاته…الخ. وإذا كانت طبيعة الخطر المؤمن منه هو الموت في
التأمين على الحياة، فإن أسبابه متعددة كالمرض أو الغرق أو الحريق أو الانتحار...
الخ.
وتحديد الخطر
المؤمن منه بسببه كما يكون إيجابياً (الاستيعاب) كما في الأمثلة – آنفة الذكر– حيث
أن المؤمن لا يتحمل تبعة تحقق الخطر إلا إذا كان ناجماً عن السبب المحدد. يكون
سلبياً (الاستبعاد) بأن يستبعد المؤمن بعض أسباب تحقق الخطر من نطاق ضمانه، كأن
يتحمل المؤمن تبعة تحقق خطر الحريق إلا ما ينشأ عن الصواعق أو الزلازل أو الحروب.
بيد أن
استبعاد بعض أسباب تحقق الخطر من نطاق ضمان المؤمن يجب أن يكون محدداً تحديداً
دقيقاً ولا يكون كذلك إلا إذا كان محل شرط
خاص ظاهر في وثيقة التأمين أو ما يقوم مقامها كمذكرة التغطية المؤقتة أو ما يلحقها
من كملحق لها. والاستبعاد الذي لا يكون محل شرط خاص وظاهر لا يعتد به. قد يكون استبعاد
بعض المخاطر من التأمين بنص قانوني، وقد يكون باتفاق بين الطرفين.
1- استبعاد بعض الأخطار بنص قانون: استبعد القانون الأخطار الناجمة عن الحرب الأجنبية، والأخطار التي يكون مصدرها خطأ المؤمن له العمدي.
أ- ففي ما
يتعلق بالحرب الأجنبية: نصت المادة 39 من الأمر 95/07 المتعلق
بالتأمينات على أنه: "لا يتحمل مسؤولية الخسائر والأضرار التي تتسبب فيها
الحرب الأجنبية إلا إذا اتفق على خلاف ذلك.يقع على المؤمن عبء إثبات الضرر الناجم عن
الحرب الأجنبية ".
والحرب
الأجنبية هي تلك العمليات الهجومية التي تقوم بها دولة على دولة أخرى، وعمليات
الدفاع التي ترد بها الدولة المهاجمة إن القصف بالقنابل والمدافع وغيرها تؤدي إلى
إحداث خسائر وأضرار في الأموال والأشخاص يصعب وضع إحصاءات ثابتة فيها.
نتيجة لذلك،
نص المشرع على استبعادها من نطاق التأمين، إلا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك فإذا
حدث وأن وقعت خسائر و أضرار ناتجة عن حرب أجنبية، فعلى المؤمن أن يثبت أن الضرر
الذي أصاب المؤمن له ناتج عن حرب أجنبية لأنها أصلا مستبعدة بنص قانوني.
إذن يمكن
القول أن استبعاد الحرب الأجنبية من نطاق التأمين لا يعتبر من النظام العام، بحيث
يجوز الاتفاق على خلاف ذلك، فإذا اتفق المؤمن مع المؤمن له على ضمان الأضرار والخسائر
الناجمة عن الحرب الأجنبية وجب على المؤمن الالتزام بضمان هذه و تلك الخسائر.
وإذا كان
المشرع قد استبعد الحرب الأجنبية من نطاق التأمين، فإن الحرب الأهلية والاضطرابات
الشعبية تخرج من نطاق الحرب الأجنبية، فإذا وقعت أضرار و خسائر ناتجة عن حرب أهلية
واضطرابات شعبية، فإن هذه الأضرار والخسائر يجب أن يلتزم المؤمن بالتعويض عنها، إلا
إذا استبعدت باتفاق الطرفين، وإذا لم يستبعد وجب على المؤمن له دفع قسط إضافي.
وقد نص المشرع
على الحرب الأهلية والاضطرابات الشعبية بمقتضى المادة 40 من 95/07 حيث نص على أنه:
"يمكن التأمين كليا أو جزئيا على الخسائر والأضرار الناجمة عن الأحداث
التالية في إطار العقود الخاصة بتأمينات الأضرار مقابل قسط إضافي:
- الحرب
الأهلية
- الفتن
والاضطرابات الشعبية
- أعمال
الإرهاب والتخريب
إذن من خلال
هذا النص، فإن الحرب الأهلية والفتن والاضطرابات الشعبية، وأمال الإرهاب والتخريب
لا تعتبر مستبعدة قانونا من نطاق التأمين،غير المشرع علق جواز التأمين في هذه
الحالات على التزام المؤمن له بدفع قسط إضافي.
ب- الخطأ العمدي للمؤمن له: نصت المادة 12 من الأمر 95/07 على أن "يلتزم المؤمن بتعويض الخسائر والأضرار الناتجة عن خطأ غير متعمد من المؤمن له".
هذا يعني أن
المؤمن غير ملزم بتعويض الأضرار، إذا كان الخطر ناتجا عن محض إرادة المؤمن له.
وهذا الحكم
يعتر من النظام العام، بمعنى أنه لا يجوز للمؤمن أن يتفق مع المؤمن له على تعويض
الأضرار التي يحدثها المؤمن له بمحض إرادته.
ج- عيب ذاتي في الشيء: نص المشرع الجزائري في المادة 35 من قانون التأمينات على ما يلي: (لا يتحمل المؤمن الأموال التالفة أو المفقودة أو الهالكة نتيجة ما يلي:
أ- تحزيم غير
كاف أو رديء من المؤمن له.
ب- عيب ذاتي
في الشيء المؤمن عليه، إلا إذا كان هناك اتفاق مخالف)).
وقد قرر
المشرع الاستبعاد القانوني للعيب الذاتي، لأنه راجع لطبيعة الشيء، فهو عبارة عن
حادث محقق الوقوع مثل: من يؤمن على منزله ضد خطر الحريق، فإن الخسائر الناتجة عن
عيب ذاتي في جهاز كهربائي لا تدخل في نطاق التغطية، مالم يتفق على خلاف ذلك.
وهنا المستبعد
هو الضرر الذي يسببه العيب للجهاز ذاته أما تلك الناتجة عنه، والتي تصيب أشياء
أخرى تابعة للمؤمن له فهي مضمونة طبقا لنص المادة 48 من قانون التأمينات والتي جاء
فيها: ((لا يضمن المؤمن الخسائر ونقائص الشيء المؤمن عليه لوجود عيب ذاتي فيه،
ولكن يضمن أضرار الحريق المنجرة عنه).
ونشير إلى أن
الاستبعاد القانوني للعيب الذاتي للشيء يطبق فقط في تأمينات الأشياء أما في تأمينات
المسؤولية فلا يسري عليه مثل: حصول حريق بسبب عيب ذاتي في الشيء المؤمن عليه ويصل
إلى الجيران.
2- استبعاد بعض الأخطار باتفاق بين الطرفين: يمكن للمؤمن والمؤمن له أن يتفقا على استبعاد بعض الأخطار من نطاق التأمين، ومن هنا وجب تحديد الخطر المؤمن عليه بدقة و وضوح، ويجب أن تكون الأخطار مستبعدة ومحددة بدقة و وضوح كذلك.
مثـال: لو استبعد من
نطاق التأمين من المسؤولية على حوادث السيارات كل خطر يكون ناتج عن مخالفة المؤمن
له لقانون المرور، فإن هذا الاستبعاد غير دقيق وغير واضح، في حين لو استبعد من
نطاق التأمين من المسؤولية عن حوادث السيارات كل خطر يكون ناتج عن السائق الذي لا
يحمل رخصة سياقه، فإن هذا الاستبعاد يكون دقيق و واضح و محدد.
3- شروط مخالفة للنظام العام في تحديد الخطر: إن الواقع العملي في سوق التأمين أفرز بعض الشروط درج المؤمن على أن يضمنها عقد التأمين. ولما كانت طبيعة الإذعان في هذا العقد تحول بين المؤمن له وبين مناقشتها. فإن المشرع عمد عند وضع أحكام هذا العقد إلى النص على بطلانها لمخالفتها النظام العام. لأن مثل هذه الشروط كلها تنص على سقوط حق المؤمن له في مبلغ التأمين وهذه الشروط هي:
1- شروط سقوط
حق المؤمن له في مبلغ التأمين بالأسباب التالية:
- مخالفة
المؤمن له للقوانين واللوائح إلا إذا انطوت هذه المخالفة على جناية أو جنحة.
- تأخر المؤمن
له في إعلان السلطات العامة بوقوع الحادث المؤمن منه أو في تقديم المستندات إلا
إذا تبين أن التأخير كان لعذر مقبول.
2- الشروط
التي ترد بالوثيقة وتكون غير واضحة كالآتي:
- كل شرط غير
ظاهر ويؤدى إلى البطلان أو السقوط.
- شرط التحكيم
الذي لم يرد في صورة اتفاق خاص منفصل عن الشروط العامة الواردة بالوثيقة.
- كل شرط
تعسفي آخر يتبين أنه لم يكن لمخالفته أثر في تحقق الخطر المؤمن منه.
الفرع الثالث: القسط
لا شك أن قسط
التأمين يعد محل التزام المؤمن له، أي هو الأداء الذي يلتزم بموجب عقد التأمين
أداءه للمؤمن في مقابل تحمل الأخير تبعة تحقق الخطر المؤمن منه.
ويمكن تعريف
قسط التأمين بأنه "هو مبلغ من المال يلتزم المؤمن له بدفعه للمؤمن كمقابل
لتحمله تبعة تحقق الخطر المؤمن منه".
ففي ضوء هذا
التعريف يتضح أن القسط في عقد التأمين كالثمن في عقد البيع وبدل الإيجار في عقد الإيجار لأنه يعد مقابلاً
مالياً للتأمين الذي يقدمه المؤمن للمؤمن له. وهو الذي يجعل عقد التأمين من عقود
المعاوضة التي ترتب التزامات متبادلة في ذمة طرفيها.
أولا: الارتباط الوثيق بين القسط والخطر
لا شك أنه
توجد علاقة وطيدة بين قسط التأمين والخطر المؤمن منه، فمن خلال الدراسة الإحصائية
والبيانات التي يدلى بها المؤمن له عن هذا الخطر يستطيع المؤمن حساب مقدار القسط.
وإذا تغير الخطر زيادة أو نقصاً تغير تبعاً له القسط طبقاً لمبدأ نسبية القسط
للخطر. فكما أنه لا تأمين بلا خطر يضمنه المؤمن فإنه لا تأمين بلا مقابل مالي
يدفعه المؤمن له، فكلاهما يكونان وجهي العملية التأمينية.
والمقابل
المالي للتأمين يسمى قسطاً إذا كان المؤمن شركة مساهمة، أما إذا كان المؤمن جمعية
للتأمين التبادلي أو التعاوني أطلق عليه اشتراكاً.
ويلاحظ أنه
خلال دراستنا لهذا المقابل سوف نستخدم المصطلح الذي درج العمل عليه من تسميته
قسطاً في كل الأحوال، سواء أكان قسطاً أم كان اشتراكاً.
وقسط التأمين
قد يتفق الأطراف على دفعه مرة واحدة فيسمى بالقسط الوحيد، وقد يتفقوا على دفعه
منجماً على دفعات (سنوية أو نصف سنوية أو ربع سنوية أو شهرية) ويسمى القسط الدوري.
ثانيا: تحديد مقدار قسط التأمين
إن دراسة
القسط، باعتباره محلاً للالتزام المؤمن له، لها جانب قانوني وآخر فني، فالجانب
القانوني تدخل دراسته في نطاق دراسة التزامات المؤمن له أما دراسة الجانب الفني (تحديد
مقدار القسط) هي التي نتناولها في هذه الجزئية.
والأصل في
تحديد مقدار القسط أنه يتوقف على اتفاق طرفي عقد التأمين (المؤمن والمؤمن له)، لأن
ذلك من المسائل التي تكون محلاً للمناقشة والمساومة بينهما ومع ذلك فقد يتدخل
المشرع بوضع حد أقصى وحد أدنى ويترك للأطراف تحديد مقدار القسط بين هذين الحديـن.
بيد أن تحديد
مقدار القسط لا يتم بطريقة عشوائية أو تحكمية، بل يخضع لعوامل عدة منها كحجم الخطر
ومدة التأمين وغيرهما.
ويجب في هذا
الصدد التمييز بين القسط الصافي والقسط التجاري.
1- القسط الصافي
نعلم أن القسط
والخطر هما وجهي العملية التأمينية وأنه تقدير الأول يعتمد على دقة الدراسة
الإحصائية التي قام بها خبراء التأمين للثاني ولذلك يقصد بالقسط الصافي هو المقدار
المالي الذي يوازى على وجه التقريب قيمة الخطر الذي حددته الحسابات الدقيقة
للمؤمن.
فالقسط يمثل
بالنسبة للمؤمن المبلغ اللازم لتغطية الخطر المؤمن منه دون زيادة أو نقصان (ربح أو
خسارة). ويتم حساب القسط الصافي على أساس وحدة قيمية ووحدة زمنية فالوحدة القيمية
تمثل مبلغاً من النقود يقدره المؤمن ألف دينار، مثلاُ، والوحدة الزمنية تكون في
العادة سنة واحدة. فلو قلنا أن المؤمن يحصل على كل ألف دينار خمسة دينار في السنة،
فإذا كانت قيمة المؤمن عليه خمسين ألف دينار، فإنه سيحصـل على خمس أمثال 5×5 =25
متكررة في عدد سنوات التأمين.
ولنضرب مثلاً
حسابياً فإذا كان الخطر المؤمن منه يتحقق في التأمين ضد حوادث السيارات بنسبة 10
لكل 1000 سيارة، بمعنى أن من بين كل 1000 سيارة مؤمن عليها تتدخل 10 سيارات في
حوادث ضارة بالغير، فإذا كان مبلغ التأمين الواجب دفعه، في المتوسط، هو 5000 دينار
عن كل حالة تحقق الخطر المؤمن منه.
النسبة
المئوية لتحقق الخطر المؤمن منه
1000
ــــــــــــ100 بالمئة
10ــــــــــــــــــ
س
س= 10 × 100 ÷
1000 وتساوي 1بالمئة
مجموع مبالغ
التأمين التي من المحتمل الوفاء بها من قبل المؤمن = النسبة المئوية × عدد المؤمن
لهم × متوسط مبلغ التأمين
1÷100 × 1000×
5000 = 50000 دينار
قيمة القسط
الصافي = مجموع مبالغ التأمين ÷ عدد المؤمن لهم
50000÷ 1000 =
50 دينار.
غير أن عامل
الخطر ليس هو العامل الوحيد في تقدير قيمة القسط، بل توجد عوامل أخرى تساهم معه في
ذلك كمقدار مبلغ التأمين ومدته وسعر الفائدة الذي يحصل عليه المؤمن من استغلال
رصيد الأقساط المجتمع لديه.
2- القسط التجاري
نوهنا – آنفاً
– أن القسط الصافي يساوى تقريباً الخطر المؤمن منه، ومع ذلك فإن المؤمن، وإن كان
العبء الأكبر هو تغطية هذا الخطر، إلا أنه يتحمل أعباء أخرى منها:
- العمولات
التي يتقاضاها الوسطاء، لأن المؤمن يستخدم بعض الأشخاص كوسيط بينه وبين المؤمن
لهم.
- نفقات تحصيل
الأقساط، فالمؤمن هو الذي يسعى –في الغالب– إلى المؤمن لهم لتحصيل أقساط التأمين.
- المصروفات
الإدارية، وهى المصروفات التي يتحملها المؤمن في إدارة عمليات التأمين.
- الضرائب
والرسوم، المؤمن يتحمل بعض الضرائب ويدفع رسوم عن نشاطه التأميني.
- أرباح
المساهمين، فإذا كان المؤمن في شكل شركة مساهمة فإن المساهمين يتقاضون أرباحاً
معقولة على أسهمهم في الشركة.
فالقسط
التجاري = القسط الصافي + نسبة من الأعباء الإضافية (آنفة الذكر).
3- القاعدة النسبية
إن هناك علاقة
وثيقة بين قسط التأمين والخطر المؤمن منه، فقسط التأمين يحسب على أساس هذا الخطر،
بحيث يتم تقدير القسط على أساس درجة احتمال وقوع الخطر من جهة ودرجة جسامته من جهة
أخرى.
أ- من حيث
درجة احتمال وقوع الخطر: يعتمد المؤمن على قانون الاحتمالات، وقانون
الكثرة، فيصل عن طريق جداول الإحصاء إلى نسبة تحقق الخطر بالاستناد إلى عدد
الحالات المؤمن عليها.
ب- من حيث درجة
جسامة الخطر: إن الخطر لما يتحقق لا يكون عادة كليا، بل بنسب متفاوتة
لذا يجب أن يقل القسط على حسب درجة جسامة الخطر المؤمن منه.
مـثـال: إذا أبرمت
شركة التأمين 1000 عقد من تأمين ضد خطر الحريق على المنازل، وقدرت الشركة أن كل
ألف عقد تأمين من الحريق يتحقق 3 حالات، علما أن مبلغ التأمين الذي التزمت به
الشركة بدفعه هو 100 مليون سنتيم |و هو قيمة المنزل الواحد، في هذه الحالة فإن
شركة التأمين تكون قادرة على دفع 300 مليون استنادا إلى تقدير الاحتمالات الذي
وضعته.
وحتى تكون
شركة التأمين قادرة على دفع 300 مليون سنتيم، يجب أن يكون مجموع الأقساط يضمن هذا
المبلغ، وبالتالي نقسم 300 مليون على مجموع المؤمن لهم وهو 1000 إذن:
300000000/1000=300000
سنتيم.
إذن يكون
القسط الصافي هو 300 ألف سنتيم، على أساس أن كل مؤمن له يدفع 300 ألف سنتيم وبالتالي
نحصل على المبلغ الذي تكون شركة التأمين قادرة على دفعه وهو 300 مليون سنتيم.
وإذا فرضنا ،
نفس الفرض السابق، وكانت مدة التأمين سنة واحدة، وكان متوسط جسامة الخطر هو 75 بالمئة،
فإن مبلغ التأمين الذي تلتزم بدفعه شركة التأمين في هذه الحالة يساوي : 300000000
مضروب في 75/100 ويساوي 225.000.000 سنتيم.
وعليه نصيب كل
مؤمن له يساوي مبلغ التأمين تقسيم عدد المؤمن لهم = 225.000.0000 /1000 ويساوي 225.000 سنتيم.
ويعتبر القسط
في نظر المشرع بمثابة ثمن الخطر أو تعبير عن الخطر بقيمة مالية, ويتكون القسط مما
يلي:
الفرع الرابع: مبلغ التأمين
إذا كان القسط
– كما بينا آنفاً - هو محل التزام المؤمن له في مواجهة المؤمن فإن مبلغ التأمين هو
محل التزام المؤمن الذي يجب عليـه أداءه للمسـتفيد عنـد تحقـق الخطـر المـؤمن منـه
الـذي تحمـل تبعتـه بموجـب عقـد التـأمين. وتقابـل الالتزامـات في هـذا العقـد
تـبرز خاصيته بأنه عقد ملزم للجانبين. فمثلاً في التأمين على الحياة لحال الموت،
إذا توفى المؤمن عليه فإنه يجب على المـؤمن الوفـاء بمبلـغ التأمين إلى الشخص
المعين مستفيداً في عقد التـأمين (الـوارث أو الغـير)، وإذا احـترق الشـئ المـؤمن
عليـه (منـزل أو سـيارة أو بضـاعة … الخ) فـإن المـؤمن لـه يسـتحق مبلـغ التـأمين
مـا لم يعـين شـخص آخـر كمسـتفيد مـن هـذا التـأمين، وكـذلك لـو تـدخلت السـيارة
المؤمن عليها ضد حوادث السيارة في حادثة، التزم المؤمن بالوفاء بمبلغ التأمين (التعويض)
إلى المضرور من ذلك.
ويمكن تعريف
مبلغ التـأمين بأنـه "هـو المقابـل المـالي الـذي يدفعـه المـؤمن
للمسـتفيد، بموجـب عقـد التـأمين، عنـد تحقـق الخطر المؤمن منه ".
ففـي ضـوء
هـذا التعريـف يتبـين أن التـزام المـؤمن في عقـد التـأمين هـو التزامـاً ماليـاً
يجـب عليـه أداءه للمسـتفيد (المـؤمن لـه أو المشـترط التأمين لصالحه) عند تحقق
الخطر المؤمن منه، حـتى في الحالـة الـتي يتعهـد المـؤمن بإعـادة الشـئ المـؤمن
عليـه إلى حالتـه قبـل تحقـق الخطر المؤمن منه، فتعهده بإعادة الحالة أو الإصلاح
يوفى به المؤمن مـن خـلال الغـير الـذي يتقاضـى مقابـل ذلـك مبلغـاً مـن النقـود.
ولذلك يظل التزام
المؤمن في جميع الحالات التزاماً مالياً.
أولا: نطاق التزام المؤمن بدفع مبلغ التأمين
نوهنا – آنفاً
– إلى أن المؤمن يلتزم بدفع مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه، فهل لهذا
الالتزام حدود ؟ أم لا ؟.
بيد أن
الإجابة عن هذا التساؤل تتطلب التفرقة بين التأمين على الأشخاص والتأمين من
الأضرار.
أ- التأمين على الأشخاص
عرفنا –
سابقاً – أن التأمين على الأشخاص هو الذي يكون موضوعه شخص المؤمن له (حياته أو
سـلامته أو صـحته أو ظـروف حياته). ويتميز هذا النوع من التأمين أنه ليس له صفة
تعويضية وبذلك يلتزم المـؤمن بالوفـاء بمبلـغ التـأمين عنـد تحقـق الخطـر المـؤمن
منه بغض الطرف عما إذا كان المؤمن له قد أصابه ضرر من ذلك أم لا.
ففـي ضـوء
ذلـك يتبـين أن المـؤمن يلتـزم بالوفـاء بمبلـغ التـأمين إلى المسـتفيد أو المـؤمن
لـه، عنـد تحقـق الخطـر المـؤمن منـه، وفقـاً لمـا تم الاتفاق عليه بين طرفي
العقد. فمثلاً في التأمين على الحياة لحال الموت، فالوفـاة هـي الخطـر المـؤمن
منـه فـإذا تحقـق دفـع المـؤمن مبلـغ التـأمين للمسـتفيد، وفى حالـة التـأمين ضـد
الإصـابة أو المـرض يـدفع المـؤمن هـذا المبلـغ للمـؤمن لـه أو الشـخص المحـدد في
العقـد (المستفيد).
* آثار انعدام الصفة التعويضية: إن مبدأ انعدام الصفة التعويضية في التأمين على الأشخاص يتفرع عنه المبادئ التالية:
1- التزام
المؤمن بالوفاء بمبلغ التأمين المذكور في وثيقة التأمين: ويترتب على
ذلك أنه ليس للمؤمن الامتناع عن هذا الوفاء كلياً أو جزئياً بحجة أن المؤمن عليه
لم يصبه ضرراً أو أن الضرر الذي لحق به ضرراً جزئياً يقل عن مبلغ التأمين. لأن هذا
المبلغ ليس تعويضاً عن ضرر، بل الوفاء به التزام على المؤمن يجب عليه الوفاء به
سواء أكان لحق المؤمن عليه ضرراً أم كان لم يلحقه مثل ذلك.
2- جواز تعدد
وثائق التأمين عن واقعة مؤمن منها واحدة والجمع بين مبالغ التأمين المذكور في كل
وثيقة : ومؤدى هذا أنه يلتزم
كل مؤمن، في حالة تعددهم، الوفاء بكل مبلغ التأمين المدون فى وثيقة التأمين
وليس لأيهم دفع مطالبة المؤمن له أو المستفيد بأنه ملتزماً بحصة في المبلغ الذي
تقاضاه من المؤمن الآخر لأن التزام كل منهم مستقل عن التزام الآخر ويجوز للمؤمن له
أو المستفيد الجمع بين مبالغ التأمين. فمثلاً لو أمن شخص على حياته لصاح أبناءه
لدى أربع شركات للتأمين، بأن أمن لدى كل منها بمبلغ (100000 دينار)، ففي هذه
الحالة يجوز للمستفيدين من التأمين أن يحصلوا على (400000 دينار)
3- جواز الجمع
بين مبلغ التأمين والتعويض عن الضرر الناجم عن تحقق الواقعة المؤمن منها: انعدام صفة
التعويضية في التامين على الأشخاص تعطى للمؤمن له أو المستفيد إمكانية الحصول على
مبلغ التأمين –عند تحقق الواقعة المؤمن منها- من المؤمن ومطالبة الغير المسئول عن
الضرر الناجم عن تحقق هذه الواقعة بالتعويض. فمثلاً لو أن شخصاً مؤمناً ضد
الإصابة، وتسبب آخر بفعله الضار في حدوث هذه الإصابة وتحقق الواقعة المؤمن منها،
فيصبح للمؤمن له أو المستفيد مطالبة المؤمن بالوفاء بمبلغ التأمين المدون في وثيقة
التأمين ومطالبة المسئول عن الفعل الضار بالتعويض عن الضرر الذي لحق به.
4- عدم جواز
حلول المؤمن محل المؤمن له في الرجوع على الغير المسئول عن تحقق الواقعة المؤمن
منه. يترتب على قيام التأمين على الأشخاص على مبدأ انعدام الصفة التعويضية أنه لا
يجوز للمؤمن الحلول محل المؤمن له فى مطالبة الغير المسئول عن تحقق الواقعة المؤمن
منها بالتعويض عن الضرر الذي لحق المؤمن له، لأن ذلك حقاً خالصاً للأخير ولا حق
للأول فيه.
إذن في مجال
التأمين على الأشخاص، يحصل المؤمن له أو المستفيد على المبلغ المتفق عليه في العقد
كاملا دون انتقاص و دون النظر إلى درجة جسامة الضرر وهذا ما أكدت عليه المادة 60 من
الأمر 95/ 07 المتعلق بالتأمينات.
ب- التأمين من الأضرار
فهذا النوع من
التأمين هو الذي يكون محله أموال المؤمن له وليس شخصه (كالتأمين على الأشياء
والتأمين من المسئولية).
ويتميز
التأمين من الأضرار بأنه ذو صفة تعويضية، ولذلك فإن مبلغ التـأمين الـذي يلتـزم
المـؤمن بالوفـاء بـه للمـؤمن لـه يتحـدد بأقـل القيمتين (مقدار الضرر ومبلغ
التأمين)، ويساهم في تحديده عوامل ثلاثة هي:
وإذا كان
التأمين على الأشخاص يتعلق بشخص المؤمن عليه؛ فإن التأمين من الأضرار يتعلق بالذمة
المالية للمؤمن له وليس بشخصه.
فالتأمين من
الأضرار يعمل على رتق الخرق الذي يحدثه تحقق الخطر المؤمن منه في الجانب الإيجابي
للذمة المالية كما في التامين على الأشياء ضد السرقة أو الحريق أو التلف…الخ. كما
يعمل على إزاحة شبح زيادة الجانب السلبي لهذه الذمة بسبب تحقق هذا الخطر كما في التأمين
من المسئولية.
ويتميز
التأمين من الأضرار على التأمين على الأشخاص بعدة خصائص من أهمها: الصفة
التعويضية. فهذه الصفة تعد المبدأ الرئيس في التأمين الأول كما أن انعدامها يعد
كذلك بالنسبة للتأمين الأخير.
فمبلغ التأمين
في التأمين من الأضرار ذا صفة تعويضية ويقدر بقدر الضرر الذي لحق المؤمن له من
جراء تحقق الخطر المؤمن منه.
بمعنى أن
المؤمن يلتزم بالوفاء بهذا المبلغ عند حدوث ضرر وتبرأ ذمته من هذا الوفاء عند
انعدامه.
* آثار الصفة
التعويضية:
1- عدم جواز
الجمع بين أكثر من مبلغ تأمين أو الجمع بين مبلغ التامين والتعويض متى كان الأول
كاف لجبر ضرر المؤمن له الذي لحقه بسبب تحقق الخطر المؤمن منه.
2- حلول
المؤمن محل المؤمن له في مطالبة الغير، المسئول عن تحقق الخطر المؤمن منه،
بالتعويض.
3- عدم التزام
المؤمن –في حالة تعدد المؤمنين– إلا بحصة في مبلغ التامين الذي يتقاضاه المؤمن له
بسبب تحقق الخطر المؤمن منه.
* تحديد مبلغ التأمين في التأمين من الأضرار: يتوقف تقدير مبلغ التأمين في مجال التأمين من الأضرار على العوامل التالية:
- تحديد مقدار
التعويض على أساس المبلغ المحدد في العقد.
- تحديد مقدار
التعويض على أساس جسامة الضرر الذي يلحق بالمؤمن أو المستفيد.
- تحديد مقدار
التعويض على أساس قيمة الشيء المؤمن عليه.
- تحديد مقدار
التعويض بتدخل من المشرع.
1- تحديد مقدار التعويض على أساس المبلغ المحدد في العقد: إن أول عامل يتحدد به مقدار التعويض هو الاتفاق بين المؤمن و المؤمن له وقت إبرام العقد، فيجب ألا يزيد المبلغ الذي يلتزم المؤمن بدفعه على المبلغ المتفق عليه في العقد، حتى و لو زادت قيمة الأضرار المترتبة على تحقق الحادث المؤمن منه على هذا المبلغ، وهذا ما نصت عليه المادة 629 ق.م.ج المادة 130 من الأمر 95/07 المتعلق بالتأمينات.
تنص المادة 623
على أن لا يلتزم المؤمن في تعويض المؤمن له إلا عن الضرر الناتج من وقوع الخطر
المؤمن منه بشرط ألا يجاوز ذلك قيمة التأمين.
تنص المادة 13
على أن يدفع المؤمن التعويض أو المبلغ المحدد في العقد في أجل تنص عليه الشروط
العامة لعقد التأمين.
2- تحديد مقدار التعويض على أساس جسامة الضرر الذي يلحق بالمؤمن له أو المستفيد: يجب ألا يتجاوز التعويض الذي يلتزم المؤمن بدفعه للمؤمن له أو للمستفيد، قيمة الضرر الذي أصاب فعلا المؤمن له نتيجة تحقق الحادث المؤمن منه، حتى و كان المبلغ المتفق عليه في عقد التأمين يزيد عل قيمة الضرر، فهو ما نصت عليه المادة 623 ق.م.ج السابق ذكرها.
إذن، أداء
المؤمن في مجال التأمين من الأضرار يتحدد بقيمة الضرر، بحيث لا يجوز لمؤمن له أو
للمستفيد أن يتقاضى عند وقوع الكارثة المؤمن منها، ما يزيد على قيمة الضرر و ذلك
لأن التأمين من الأضرار له صفة تعويضية، ولا يمكن أن يكون مصدرا للإثراء.
3- تحديد مقدار التعويض على أساس قيمة الشيء المؤمن عليه: إذا كان الآداء الذي يلتزم به المؤمن يتحدد من ناحية بالمبلغ المتفق عليه، ويتحدد من ناحية أخرى بقيمة الضرر الذي يلحق المؤمن له،فإنه يتحدد من ناحية ثالثة بقيمة الشيء المؤمن عليه.
فإذا حدد
المتعاقدان في عقد التأمين مبلغا، وكان الأمر يتعلق بشيء مؤمن عليه، فإن قيمة هذا
الشيء هي التي تحدد الحد الأقصى لأداء المؤمن،و ذلك لأن الضرر لا يمكن أن يتجاوز
هذه القيمة وهذا ما نصت عليه المادة 30 من الأمر 95/07 المتعلق بالتأمينات.
4- تحديد مقدار التعويض بتدخل من المشرع: قد يتدخل المشرع في بعض الأنظمة الخاصة للتأمين وذلك بأن يضع معايير وجداول يتم بمقتضاها تحديد مقدار التعويض، وهذا ما اعتمده المشرع بمقتضى قانون إلزامية التأمين على السيارات و نظام التعويض عن الأضرار الجسمانية الناجمة عن حوادث السيارات وقد أفردنا لهذا الموضوع جزءا خاصا حيث سنتناوله بشيء من التفصيل.
المرجع:
- د. سوالم سفيان، محاضرات في قانون التأمين الجزائري، جامعة محمد الشريف مساعدية – سوق أهراس-، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، الموسم الجامعي 2014-2015، ص38 إلى ص61.