حریة الاقتناع عند القاضي الجزائي
حریة الاقتناع عند القاضي الجزائي
إن حریة القاضي الجزائي في الاقتناع، تعني أن یقرر
القاضي بكامـل حریتـه قیمـة الأدلـة المعروضـة علیـه تقـدیرا منطقیـا مسـببا،
فـإذا كـان القاضـي حـرا فـي أن یسـتمد عقیدتـه مـن أي مصـدر یطمـئن إلیـه، فإنـه یتعـین
أن یكـون لـه أصـل فـي الأوراق ، وٕإلیـه المرجـع فـي تقـدیر قیمـة الـدلیل دون
أن یملـي علیـه المشـرع صـحة معنیـة أو یلزمـه بإتبـاع وسـائل محـدودة للكشـف عـن
الحقیقة.
كمـا أن مبـدأ حریـة الاقتنـاع الخـاص بالقاضـي
الجنـائي، یعنـي أنـه لا قیـد علـي حریـة القاضي في اختیار الدلیل، فله أن یأخذ
بأي دلیل یطمئن إلیه، ویطـرح أو یسـتبعد مـا لا یطمـئن إلیه، فقد یرفض الأخذ باعتراف
المتهم لشكه في صحته، وقد یأخذ بشهادة واحد ویطرح شهادة جماعة، وقد یأخذ بـأقوال
الشـاهد أدلـى بهـا فـي مرحلـة التحقیـق الابتـدائي، ولا یعتـد بشـهادته فـي
مرحلـة المحاكمـة أو العكـس، وللقاضـي أن یجـزئ أقـوال الشـاهد، فیأخـذ بعضـها ویهـدر
سـائرها، وله إذا تعدد المتهمون واقر احدهم علي نفسه وعلـي الآخـرین أن یأخـذ
بأقوالـه كاملـة أو یأخـذ بهـا بالنسبة لبعض المتهمین دون البعض، أو یقصرها على من
أقر وحده، ویهـدرها بالنسـبة إلـى مـن عداه، والمرجع في ذلـك كلـه إلـى وجـدان
القاضـي ومـدى اطمئنانـه إلـي صـدق الـدلیل، ولمـا كـان الأمر یتعلق بوجدان القاضي،
وهو اعتبار شخصي بحت، فإن تقدیر القاضي للدلیل لا یخضع لرقابة محكمة النقض.
والمخاطب بحریة الاقتناع هـو القضـاء، ومـن ثـم
لا یكـون بالنسـبة لأطـراف الـدعوى، أي خـاص بالقضـاء وحـده، ولا تقصـد بهـا
الشـرطة القضـائیة، ولا یكـون الاقتنـاع عنـد الضـبطیة القضـائیة، ولا یمكـن لهـا
بـأي حـال مـن الأحـوال تقیـیم أدلـة الإثبـات ووزنهـا، بـل لمـن خـول لـه القانون
وأعطى له صفة القاضي.
كما أن مبـدأ حریـة الإثبـات والاقتنـاع یشـمل
كـل الجهـات القضـاء الجنـائي، كمـا یمتـد إلـى كل مراحل الدعوي العمومیة سواء في
مراقبة التحقیق الابتدائي أو التحقیق النهائي.
أما على مسـتوى التحریـات الأولیـة، فـإن
الضـبطیة القضـائیة یحظـر علیهـا الاقتنـاع، فمـا تقوم به هو جمع الأدلة وتقدیمها
في الأخیر إلى النیابة العامة، وهـذه الأخیـرة تقـدر هـذه الوسـائل أو الأدلة
وتقرر ما تتخذه بشأن الملف، وذلك إما بالحفظ للملف، أو التكلیف المباشر بالحضور أو
طلـب افتتـاحي للتحقیـق...الخ، وهنـا یجـب علـى عضـو النیابـة أن یـري أن وسـائل
الإثبـات المعـززة للإدانـة أكثـر نسـبة مـن البـراءة ثـم یتخـذ الإجـراءات مـثلا
شـاهد واعتـراف وأمـارة یحـرك الدعوي العمومیة، ومع ذلك قد یحصل المتهم علـى البـراءة،
لأنـه فـي الأخیـر سـلطة التقـدیر فـي نهایة المطاف تكون من طرف قاضي الحكم.
أما بالنسبة لقاضي التحقیق، فان الغرض الأساسي
له هو الوصـول إلـى الحقیقـة فـإذا رأى أن هناك مؤشرات كثیرة بأن المتهم بريء، فإن
المشرع أعطي له الحق بـأن یصـدر أمـرا بالأوجـه للمتابعة الكلي أو الجزئي لأحد
الأطراف أو كلهم
كما أن لقاضي التحقیق حریـة الاقتنـاع بالأدلـة،
كمـا یجـوز لوكیـل الجمهوریـة أن یسـتأنف أمـر قاضـي التحقیـق بـألا وجـه
للمتابعـة، إذا رأي وكیـل الجمهوریـة أن قاضـي التحقیـق لـم یقـدر الأدلة جیدا،
وهذا أمام غرفة الاتهام.
ولذلك لم یجیز القـانون لقاضـي التحقیـق، أن یجلـس
فـي الحكـم فـي قضـیة سـبق وأن حقـق فیها، لأنه كون قناعة في هذا الملف، وهو ما یتعارض
مع مبـدأ الفصـل بـین الاتهـام والتحقیـق كما قد یترتب عنها حرمان المتهم من تقدیر
الأدلة أمام قاضي أخر.
وكل هذا الاقتناع وحریة الإثبات هو في صالح
الوصول إلي الحقیقـة، ومخاطـب بهـا كـل القضـاة الـذین مـر علـیهم الملـف،
والمخاطبـة تشـمل هنـا كـل الأعضـاء النیابـة والتحقیـق والكلمـة الأخیرة لقاضي
الحكم، الذي له سلطة الاقتناع بالأدلة.
على أن حریة القاضي الجنـائي فـي مجـال
الإثبـات والاقتنـاع لا تقتصـر علـى تقـدیر الـدلیل بل یتجاوز ذلك إلي تحصیله أیضـا،
ولـه فـي هـذا المقـام أن یقـوم بـأي إجـراء وأن یغـوص فـي أي دلیل، وأن یتوسع في
أي دلیل، وأن یتخذ أي إجراء من الإجراءات حتى یتم الوصول إلي الأدلة الحقیقیة،
ولذلك یمكن لقاضي الحكم أن یعید استجواب المتهم فـي الجلسـة، وهـذا للوقـوف علـى
الحقیقة، والاستجواب هنـا یكـون بكیفیـة مغـایرة أو بشـكل أخـر عـن اسـتجواب قاضـي
التحقیـق إمـا بشكل تكمیلي أو بشكل منفصل، وهذا كله للبحث عن القناعة بالأدلة.
وأكبـر سـلطة مطلقـة أعطاهـا المشـرع لقاضـي
التحقیـق، وهـي اتخـاذ أي إجـراء یراه لازمـا لإظهار الحقیقة، كما أعطي له المشرع
أن یصدر أوامر و إنابات تنفذ حتى في الخـارج، وهـي صلاحیات جد واسعة للوصول إلي
الحقیقة.
وفـي الأخیـر، فـإن للقاضـي الجنـائي سـلطة
الموازنـة بـین أدلـة الإثبـات، وأدلـة النفـي وفـي كثیر من الأحیان تكون مشتتة
لاسیما في محكمة الجنایات.
ویمكـن للقاضـي الجنـائي، وعلـى الـرغم مـن
تـوافر أدلـة الإثبـات أن یحكـم القاضـي بـالبراءة وهذا في حال كون الدلیل غیر
مشروع، أي أن الـدلیل باطـل، أو أن المـتهم قـد غـرس فیـه الشـك لدى قناعة القاضي،
وهذا خصوصا في قضایا الجمارك وكـذلك قضـایا الضـرائب عنـدما لا تقـوم جهـة
الاتهـام باتخـاذ إجـراءات غرامـات الصـلح كـإجراء أولـي وجـوبي، ومـن ثمـة یحكـم
القاضـي بالبراءة، لأن القاضي محكوم
بالشرعیة الإجرائیة وبالاقتناع بالأدلة.
كما یمكن أن یجد القاضي الجنائي نفسـه أمـام
أدلـة الإثبـات، فقـط دون أدلـة النفـي، فهنـا یمكن أن یقتنع بها، أو لا یقتنع بها،
وهذه القناعة هي قناعة ذاتیة وجدانیة تقوم في ذهن وعقل القاضي وتتم بمنطق قانوني،
وما دام الأمر یتعلق بذات القاضي فلا رقابة على هذه القناعة من طرف المحكمة العلیـا، والإشـكال الـذي یطـرح فـي اقتنـاع القاضـي الجزائـي بالأدلـة ینحصـر فـي طبیعة
ونوع قناعة المحلفین أمام محكمة الجنایات.
أمثلة على حریة الاقتناع
1- فیما یتعلق بتقدیر رأي الخبیر
على الخبیـر أن یقـدم تقریـرا كتابیـا، ومـن المقـرر
أن المحكمـة غیـر ملزمـة برأیـه لـیس فقـط استنادا إلي نص صـریح فـي قـانون
الإثبـات، بـل كـذلك إلـى مبـدأ حریة الاقتنـاع الـذي نـص علیـه قانون الإجراءات
الجزائیة، فتقریر الخبیر هو من جملة الأدلة المعروضـة علـى المحكمـة خاضـع
للمناقشـة والتمحـیص، فمحكمـة الموضـوع هـي الخبیـر الأعلـى فـي كـل مـا تسـتطیع
أن تفصـل فیـه بنفسها وعندما ترفض الأخذ بخبرة تتعلق بأمر فني لا تستطیع تقدیره
بنفسـها فعلیهـا أن تسـتند فـي هـذا الـرفض إلـي خبـرة فنیـة تنفـي مـا جـاء فـي الخبـرة الأولـى حتـى یتسـنى
لهـا أن تـرجح إحـدى الخبرتین، وللمحكمة أن تأخذ من تقریر الخبیر ما تطمـئن إلـي
صـحته وتطـرح مـا لا تطمـئن إلـى صحته وتطرح ما لا یرتاح إلیه ضمیرها على أن تعلل
قرارها في ذلك تعلیلا معقولا.
وٕإذا وجـد أكثـر مـن خبیـر وتعارضـت أرائهـم
فـإن للمحكمـة أن تأخـذ بـالرأي الـذي تقتنـع بـه ویتفق مع الأدلة الأخرى في
الدعوي.
وللمحكمـة أن تأخـذ بتقریـر الخبیـر ولـو لـم یكـن
حازمـا فـي المسـألة التـي طلبـت إلیـه إبـداء الرأي فیها إذا كانت وقائع الدعوى
بالإضافة إلیه تؤدي إلى اقتناع المحكمة.
2- تقدیر الدلیل الكتابي
القاعدة العامة أن الورقـة العرفیـة أو الرسـمیة
لهـا حجیـة خاصـة فـي الإثبـات، فتخضـع كـل الأدلة لمطلق تقدیر القاضي.
فمحاضـر التحریـات التـي تجربهـا الضـبطیة أو
تجربهـا النیابـة العامـة، ومـا تحویـه هـذه المحاضر من اعترافات المشتبه فیهم
وأقوال الشهود، وهي عناصر إثبات تخضع في كل الأحوال لتقـدیر القاضـي وتحمـل الجـدل
والمناقشـة كسـائر الأدلـة، فللخصـوم أن یفنـدوها دون أن یكونـوا ملزمین بسلوك سبیل
الطعن بالتزویر، وللمحكمة بحسب ما ترى أن تأخذ بها أو أن تطرحها.
3- تقدیر الشهادة
لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في تقدیر الشهادة
فلها أن تقول بكذبها، وأن تأخـذ بشـهادة الشـاهد فـي التحقیـق الابتـدائي دون
شـهادته فـي الجلسـة أو العكـس، ولهـا أن تعتمـد علـي شـهادة شاهد بالرغم مما وجه
إلیه من مطاعن لا تدل بذاتها علي كذبه، فلها أن تأخذ بأقوال الشاهد ولو كان قریبا
للمجني علیه أو كان هو المجنـي علیـه نفسـه متـى أطمأنـت إمـا أن القرابـة أو
المصـلحة لم تحمله علـي تغیـر الحقیقـة، ولهـا أن تأخـذ بـأقوال الشـاهد ولـو
كانـت مخالفـة لأقـوال شـاهد أخـر ولها أن تأخذ بالأقوال التي ینقلها شخص عـن أخـر
ولـو أنكرهـا هـذا الأخـر متـى أرت هـي أن تلـك الأقوال قد صدرت منه حقیقة، ولها
أن تجزئ أقـوال الشـاهد فتأخـذ ببعضـها دون الـبعض الأخـر، ولیست المحكمة ملزمة ببیان
سبب اقتناعها فإن السبب معروف في القانون وهو اطمئنانها إلى ما أخذت به وعدم
اطمئنانها إلى ما طرحته.
4- تقدیر الاعتراف
فـي المـواد المدنیـة الإقـرار حجـة قاطعـة
علـي المقـر ولا یتجـزأ الإقـرار علـي صـاحبه إلا إذا انصب علي وقائع متعددة وكان
وجود واقعة منها لا یستلزم حتما وجود الوقائع الأخرى.
أما في الدعوى الجنائیة فإن القاضي مطالـب
بالبحـث عـن الحقیقـة فـلا یأخـذ بـإقرار المـتهم إلا إذا كان مطابقا للحقیقة،
فعلى القاضي أن یبحث عن نصیب الإقرار من الصحة بالبحث عن الدافع الذي ألجأ المقر
إلي الإدلاء بأقوال وقیام الانسجام بین
الإقرار والأدلة الأخرى في الدعوى.
5- القرائـن
یتضـمن القـانون الجنـائي بعـض القـرائن،
منهمـا مـا لا یقبـل إثبـات العكـس ومنهـا مـا یقبلـه ومن المسلم أن للقاضـي
الجنـائي اسـتنباط القـرائن، وهـي تسـمى الـدلائل لأنهـا لا ترقـي إلـي مرتبـة
الأدلة وبالتالي لا تكفي وحدها سندا للإدانة.
أمـا القـرائن القانونیـة التـي لا تقبـل
إثبـات العكـس فمنهـا قرینـة حمـل المـرأة غیـر المتزوجـة وقیئ الخمر.
أما القرائن القضائیة فلا تدخل تحت حصر ویستنتجها
القاضـي مـن الوقـائع الثابتـة أمامـه، فلها أن تستخلص إدانة متهم في جریمة إحراز
مخدر من ضـبط ورقـة معـه لـم یكـن بهـا إلا رائحـة الأفیون، على اعتبار أن الورقة
لا بد أن كان بها مادة الأفیون
ضوابط حریة الاقتناع القاضي الجنائي
حریة الاقتناع لا تعني تحكم وتغول القاضي
الجنائي، وٕإنمـا تخضـع هـذه الحریـة لضـوابط تعصمها من الشطط، ولذلك یجب أن یبني
القاضي قناعته الوجدانیة وفق الشروط التالیة:
أولا/ أول هـذه
الضـوابط أن یبنـى الاقتنـاع علـى أدلـة، والـدلیل بوجـه عـام كـل مـا یصـلح
لإثبـات أمـر أو نفیـه، والـدلیل القضـائي، هـو كـل وسـیلة تمكـن القاضـي مـن
الوصـول إلـى الحقیقـة بشـأن واقعـة معروضـة علیـه توطئـة للحكـم فیـه، ولا یكـون
الـدلیل دلـیلا إلا إذا نقـل القاضـي مـن حالـة الجهل أو الشك إلي حالة الیقین.
ولهـذا یبطـل الحكـم إذا كـان عمـاده فـي
إدانـة المـتهم محضـر التحریـات، أو تعـرف كلـب الشـرطة علیـه، أو رأي الغیـر فیمـا
یشـترط القـانون لثبوتـه وثیقـة رسـمیة، أو امتنـاع المـتهم عـن الإجابة علي أسئلة
المحقق، لأن أي من هذه الأمور، لا یرقى إلى مرتبة الدلیل.
ذلك أن الاقتنـاع یجـب أن یكـون منطقیـا، ولـیس
مبنیـا علـي محـض التصـورات الشخصـیة للقاضي، بل أن القاضي ملتزم بأن یتحري المنطق
الدقیق في تفكیره الذي قاده إلى اقتناعه.
كما یستلزم وجود الدلیل في الاقتناع عدم جواز
اقتناع القاضي بعلمه الشخصـي، أو بعلـم زمیله القاضي، أي مراسلة قاضي لقاضي أخر بین
المحاكم، وهذا یختلف تماما في الإنابة كما لو أناب قاضي التحقیق قاض أخر.
ثانیا/ والضابط
الثـاني أن یكـون الـدلیل قـد طـرح فـي الجلسـة، فـلا یجـوز للمحكمـة أن تعـول
علـى دلیل قدم بعـد قفـل بـاب المرافعـة، وحجـز الـدعوى للحكـم، لأن هـذا الـدلیل
لـم یطـرح بالجلسـة ولـم یتـاح للخصـوم الآخـرین مناقشـتة، ولا یكفـي أن یكـون
للـدلیل أصـل فـي الأوراق، أي فـي الملـف بل یجب تمكین الخصـوم مـن الاطـلاع علیـه
ومناقشـتة، وابـداء الـرأي فیـه، وقـد قضـت المحكمـة العلیا عندنا، بأنه إذا لم
تعرض الأدلة من قبل الرئیس في الجلسة بعد طلب عرضـها، فـلا یسـتند إلیها في حكمـه،
وٕإذا لـم یعرضـها القاضـي یجـوز للمـتهم، ولمحامیـه، أن یطلـب عـرض الأدلـة في
الجلسة، أي عرض وسائل الإثبات، وتصبح المحكمة ملزمة بعرضها وجوبا.
ثالثا/ والضابط الثالث
أن یكون الدلیل صحیحا، وهو لا یكون كذلك، إذا كان ثمرة إجـراء باطـل كـالاعتراف
النـاجم عـن الإكـراه، أو التفتـیش الباطـل، أو التسـجیلات التـي لـم تـأذن بهـا
جهـة الاختصاص، ویكون دلیلا باطلا حین یفقد شرطا من شروط صحته، فالصغیر غیـر الممیـز
لا یعتـد بشـهادته، والورقـة التـي ثبـت تزویرهـا لا یعـول علیهـا، علـي أنـه یجـب
التفریـق بـین دلیـل الإدانـة ودلیـل البـراءة، ولا غبـار مـن اسـتناد البـراءة
إلـي دلیـل تـم الحصـول علیـه بطریـق غیـر مشروع.
رابعا/ أن یكون هذا
الدلیل هو الأساس والسند في الحكم، ولا یستثنى من هـذه القاعـدة، إلا تلـك
الحـالات القانونیـة الضـعیفة الموجـودة فـي القـانون، أي الحـالات التـي حـددها
المشـرع كاشـتراط المحاضر الرسمیة المحررة من طرف عونین في الجمارك، ومفتش إدارة
الأسعار.
كما أن القرائن القانونیة القاطعـة ترتـب قیـد
علـى سـلطة اقتنـاع القاضـي، ویسـتوجب علـي القاضي ألا یخالفها وهذه القرائن ملزمة
للقاضي مثلا: كحمـل المـرأة أو ولادتهـا دون أن تكـون متزوجة فهنا على القاضي أن یقتنع
بها.
خامسا/ أن یفصح القاضي
في حكمه عن الأدلة التي یكون منها عقیدته، وهذا لازم حتى تتمكن المحكمة من ممارسة
حق الرقابة على الحكم، وذلـك مـن خـلال تسـبیب الحكـم، ولـیس المقصـود بـإلزام
القاضـي بالتسـبیب أن یبـین فـي حكمـه لمـاذا اقتنـع، وٕإنمـا المـارد منـه، هـو
حملـه وٕإلزامـه بالكشف عن مصادر اقتناعه للنظر فیما إذا كان مـن شـأنها أن تـؤدي
عقـلا ومنطقـا إلـى مـا حكـم به أو ما انتهى إلیه في حكمه.
المرجع:
- د. نسيم بلحو، محاضرات في مقياس الإثبات الجنائي، ملقاة على طلبة السنة الأولى ماستر، تخصص قانون جنائي، جامعة محمد بوضياف بالمسيلة، قسم الحقوق، السنة الجامعية: 2017/2018، ص28 إلى ص34.