الأهلية في القانون الجزائري
بمجرد ولادة الشخص حيا فٳنّه يكتسب الشخصية القانونية، وتعتبر
الأهلية إحدى مميزات هذه الشخصية والتي تجعل الشخص أهلا لاكتساب الحقوق والالتزام
بالواجبات وأهلية الإنسان أهليتان˸ أهلية وجوب La capacité de
jouissance وأهلية الأداء La capacité
d’exercice.
1. أهلية الوجوب:
هي صلاحية الشخص
لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات، وتثبت للجنين قبل ولادته كحقه في الإرث مثلا،
ولا يكتسب من الحقوق إلاّ تلك التي لا تشترط قبولا منه كثبوت النسب والميراث والوصية.
الفرق بين تعريف أهلية الوجوب والشخصية القانونية يكمن في
أنّ الشخص الطبيعي يمتلك شخصية قانونية كاملة ولكن يمكن أن لا يمتلك أهلية وجوب
كاملة كالأجنبي الذي لا يحق له اكتساب بعض الحقوق رغم أنّ له شخصية قانونية كاملة.
2. أهلية الأداء:
هي صلاحية الشخص
لممارسة حقوقه والتصرف فيها والالتزام بالواجبات بنفسها وتمر أهلية الأداء بعدة
مراحل تبعا لسن الشخص وحالته الصحية، فقد تكون أهليته منعدمة أو ناقصة أو كاملة.
- انعدام الأهلية: رغم بداية
الشخصية القانونية منذ الولادة إلاّ أنّ أهلية الأداء لا تثبت لانعدام الإدراك و
التمييز فالصبي غير المميز هو الصبي الذي لم يبلغ الثالثة عشر سنة بعد أن كان سن
التمييز ستة عشر سنة قبل تعديل 2005 للمادة 42 من التقنيين المدني ويُمنع عديم
التمييز من ممارسة كل تصرفاته القانونية سواء النافعة نفعا محضا أو الضارة ضررا
محضا أو الدائرة بين النفع و الضرر.
- نقص الأهلية: من بلغ سن التمييز
(13 سنة) ولم يبلغ سن الرشد (19 سنة) يعتبر ناقص الأهلية ويمكن للصبي المميز مباشرة
التصرفات الدائرة بين النفع والضرر فيسمح له بممارستها على أن تكون قابلة للإبطال
لصالح ناقص الأهلية، ويستثنى من ذلك القاصر الذي تمّ ترشيده بحكم قضائي لمباشرة بعض
التصرفات وذلك لممارسة الأعمال التجارية (المادة 38 ق.م).
- كمال الأهلية: يعتبر الشخص
البالغ 19 سنة كامل الأهلية إذا لم يتعرض لمانع أو عارض من موانع وعوارض الأهلية
(المادة 40 ق.م).
3. عوارض الأهلية
قد يبلغ الشخص سن الرشد و لكن يكون في حالات صحيّة ونفسية
تجعله غير مكتمل الأهلية، وهذه الحالات هي: الجنون، العتة، السفه والغفلة.
- الجنون والعته: الجنون حالة مرضية
تجعل الإنسان فاقدا لعقله وعديم التمييز. أمّا العته فهو خلل يصيب العقل دون أن
يصل إلى حد الجنون، بحيث يكون المصاب به قليل الفهم متذبذب الحديث، لهذا يعتبر
المجنون والمعتوه فاقدي التمييز لتصرفاهما نفس الحكم بالنسبة لعديم التمييز ما دون
13 سنة (المادة 2/42 ق.م).
إنّ تصرفات المجنون والمعتوه باطلة لانعدام الإدراك ونقصانه
عندهما، وهذا ما جاء في نص المادة 107 من تقنين الأسرة الجزائرية، حيث نصّ القانون
على إمكانية الحجر على المجنون والمعتوه بطلب من ذوي المصلحة، فتصدر هذه المحكمة
حكما بالحجر وتعين مقدما لرعاية شؤون المحجور عليه.
- السفه والغفلة˸ السفه مرض يصيب
النفس ويضعفها، ومن نتائجه تبذير المال على غير مقتضى العقل والشرع لغلبة الهوى
عليه أمّا الغفلة فهي السذاجة والطيبة الزائدة للقلب التي تؤدي إلى عدم التمييز
بين النافع والضار، فيكون المتصف بها عرضة للغبن الفاحش وتضييع الأموال وقد أبقت
المادة 43 من التقنين المدني بعد تعديلها على السفيه وذي الغفلة في نفس مرتبة الصبي
المميز أي ناقص الأهلية. وألغت بذلك المعتوه والذي تعتبره عديم التمييز وفقا
للمادة 42 أعلاه. وينطبق على تصرفات السفيه والمغفل نفس أحكام ناقص الأهلية و طبقا
لأحكام المادة 101 من تقنين الأسرة فٳنّه يمكن إصدار حكم بالحجر على السفيه وتعيين
مقدم يقوم على شؤونه.
4. موانع الأهلية
عكس عوارض الأهلية فٳنّه في بعض الحالات يتمتع الشخص بكامل
قواه العقلية وكامل إرادته، إلاّ ٲنّه تطرأ عليه ظروف معينة تمنعه من مباشرة التصرفات
القانونية. من هذه الموانع ما قد يكون ماديا وهو الغيبة، أو قانونيا كالتعرض
لعقوبة جنائية أو شهر الإفلاس، أو طبيعيا كاجتماع عاهتين في شخص.
أ. الغيبة: هي حالة من
الحالات التي تمنع الشخص من ممارسة تصرفاته القانونية بنفسه، ولهذا بطلب من ذوي
المصلحة يعين القاضي من ينوب عنه في ذلك.
ب. الحكم بعقوبة جنائية: من العقوبات
المطبقة بقوة القانون العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة 09 من قانون
العقوبات، والتي تسلط على المحكوم عليه بعقوبة جنائية، ومنها منع الشخص من مباشرة
حقوقه المالية، فيعين مقدم لينوب عنه.
ج. الحكم بشهر الإفلاس: إذا توقف التاجر
عن دفع ديونه وثبت عدم قدرته على سدادها يحكم عليه بشهر إفلاسه ويعين وكيل التفلسة
الذي يقوم مقامه في إدارة أمواله والتصرف فيها.
د. اجتماع عاهتين: تنص المادة 80 ˸
من التقنين المدني على ما يلي ˸"إذا كان الشخص أصمّ أبكم أو أعمى أصمّ أو
أعمى أبكم وتعذّر عليه بسبب تلك العاهة التعبير عن إرادته جاز للمحكمة أن تعين له
مساعدا قضائيا يعاونه في التصرفات التي تقتضيها مصلحته، ويكون قابلا للإبطال كل
تصرف عيّن من اجله مساعد قضائي إذا صدر من الشخص الذي تقررت مساعدته بدون حضور
المساعد بعد تسجيل قرار المساعدة"
5. النيابة الشرعية:
تنص المادة 81
من تقنين الأسرة على ما يلي ˸"من كان فاقد الأهلية أو ناقصها لصغر في السن أو
جنون أو عته أو سفه، ينوب عنه قانونا و لي، أو وصي أو مقدم طبقا لأحكام هذا
القانون" .
أ. الولاية ˸ تثبت الولاية
للأب وبعد وفاته الأم، وتحلّ محل الأب في حالة غيابه أو حصول مانع للقيام بالأمور
المستعجلة الخاصة بالأولاد أمّا في حالة الطلاق فتُمنح الولاية لمن أسندت له
الحضانة (المادة 87 ق.ٲ).
وتستلزم الولاية رعاية الأولاد والإنفاق عليهم إذا لم يكن
لهم مال، بالنسبة للذكور إلى غاية بلوغهم سن الرشد وبالنسبة للإناث إلى غاية
دخولهنّ ويستمر واجب النفقة إذا كان الولد عاجزا بدنيا أو عقليا أو مزاولا للدراسة
(المادة 75 ق.ٲ).
- سلطات الولي: ينبغي على الولي
أوّلا أن يحرص على أموال القاصر، وله بعد ذلك التصرف فيها مع وجوب استئذان القاضي
في التصرفات الآتية:
1. بيع العقار وقسمته ورهنه و إجراء المصالحة.
2. بيع المنقولات ذات الأهمية الخاصة.
3. استثمار أموال القاصر بالإقراض أو الاقتراض أو المساهمة
في شركة.
4. إيجار أموال القاصر لمدة تزيد عن ثلاث أو تمتد لأكثر من
سنة بعد بلوغه شن الرشد (المواد 88 ، 89 ، 90 ق.ٲ) .
-انتهاء مهمة
الولي: يتم ذلك بعجزه، بموته، بالحجر عليه أو بإسقاط الولاية عنه (المادة
91 ق.ٲ)
ب. الوصاية ˸ يجوز تعيين وصي
من طرف الأب أو الجد إذا لم تكن للقاصر أم أو ثبت عدم أهليتها للقيام بمهمتها (المادة
92 ق.ٲ).
للوصي نفس سلطات الولي في إدارة أموال القاصر والتصرف فيها
وتنتهي مهمة الولي بوفاة القاصر أو بلوغه سن الرشد، أو بالتخلي عن الوصاية أو عزل
الموصي أو زوال أهليته أو موته، أو بانتهاء مهام الوصاية ( المادة 96 ق.ٲ).
ج. التقديم : إذا لم يكن
للقاصر وليا أو وصيا يعين القاضي له مقدما بناء على طلب من ذوي المصلحة أو النيابة
العامة (المادة 99 ق.ٲ).
يخضع المقدم لنفس أحكام الوصي (المادة 100 ق.ٲ).
المرجع:
- د. آيت شاوش دليلة، محاضرات في مادة المدخل للعلوم القانونية "نظرية الحق"، جامعة عبد الرحمان ميرة –بجاية، الجزائر، السنة الجامعية 2014/ 2015، ص47 الي ص51.