النظام القانوني لعقد العمل
تنشأ
علاقة العمل ضمن نظام قانوني متمثل في العقد الذي يضمن للأطراف المتعاقدة حقوق
ويحملهم التزامات وفقا لسلطان الإرادة، غير أن تدخل الدولة في تنظيم عقد العمل جعل
مفهومه مختلف عن باقي العقود الأخرى.
ولدراسة
النظام القانوني لعقد العمل يستلزم الأمر دراسة مفهوم عقد العمل (المبحث الأول)،
انعقاد وسريان عقد العمل (المبحث الثاني).
المبحث الأول: مفهوم عقد العمل
للوقوف
على مفهوم عقد العمل نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نتطرق لدراسة المقصود من عقد
العمل (المطلب الأول) ثم نخصص المطلب الثاني لدراسة أركان عقد العمل (المطلب
الثاني).
المطلب الأول: المقصود بعقد العمل
نبين
فيما يلي تعريف عقد العمل (الفرع الأول) وكذا دراسة خصائص عقد العمل (الفرع الثاني)
و أخيرا نحدد عناصر عقد العمل (الفرع الثالث).
الفرع الأول: تعريف عقد العمل
حسب
المادة الثامنة من القانون 90-11 المتعلق بعلاقات العمل فعقد العمل عبارة عن علاقة
تنشأ بمجرد العمل لمستخدم ما، وتنشأ عنها حقوق المعينين وواجباتهم وفق ما يحدده
التشريع والتنظيم والاتفاقيات أو الاتفاقيات الجماعية وعقد العمل.
أما
من جانب الفقه فقد تعددت تعاربف عقد العمل فمنهم من عرفه على أنه اتفاق شفهي أو
كتابي صريح أو ضمني يتعهد العامل بمقتضاه أن يعمل لدى صاحب العمل وتحت إشرافه أو
إدارته، مقابل أجر ويكون عقد العمل في العادة، محدود المدة - أو غير محدود المدة
ولعمل معين أو غير معين.
وهناك
من عرف عقد العمل هو ذلك العقد الذي يلتزم من خلاله العامل ببذل جهده لمصلحة رب
العمل، و تحت إشرافه و توجيهه، مقابل التزام هذا الأخير على تمكينه من الأجر.
وعليه
فعقد العمل هو عبارة عن عقد يلتزم بموجبه العامل ببذل جهده الفكري أو البدني لحساب
صاحب العمل مقابل أجر يلتزم به هذا الأخير.
الفرع الثاني: خصائص عقد العمل
من
خلال النظر في تعريف عقد العمل يتبين لنا أنه يتميز بجملة من الخصائص المترابطة
تتمثل أساسا فيما يلي:
أولا: عقد العمل من العقود الرضائية: يعتبر عقد العمل من العقود الرضائية لكون عقد العمل لا ينعقد إلا بتوافق إرادة الطرفين، بحيث يتفقان على أن يقوم العامل بالعمل لحساب صاحب العمل مقابل التزام هذا الأخير بدفع أجر له.
وعليه
فلابد من توافر الرضا الخالي من العيوب، فبعد ذلك ينعقد العقد بمجرد توافق إرادتي
العامل ورب العمل دون حاجة لشكل معين للانعقاد.
ثانيا: عقد ملزم لطرفيه: عقد العمل من العقود الملزمة للجانبين، فيترتب التزامات في ذمة كل من العامل وصاحب العمل، حيث يلتزم رب العمل بدفع أجرة العمل، كما يلتزم العامل ببذل جهده لحساب صاحب العمل من خلال قيامه بالعمل، لذلك فإن عقد العمل يخضع لأحكام العقود الملزمة للجانبين، خاصة الفسخ، والدفع بعدم التنفيذ.
ثالثا: عقد العمل من عقود المعاوضة: إن عقد العمل من عقود المعاوضة لكون طرفي العقد يتحصل كلا منهما على مقابل، إذ يأخذ العامل الأجر مقابل أدائه للعمل المتفق عليه الذي هو في الوقت نفسه عبارة عن المقابل الذي يتحصل عليه رب العمل.
الفرع الثالث: عناصر عقد العمل
تتمثل
عناصر العمل فيما يلي:
أولا: عنصر العمل: العنصر الرئيسي في عقد العمل هو الالتزام بالعمل الذي يقصد به ذلك الجهد الفكري أو البدني الذي يبذله العامل لمصلحة رب العمل، وليتصف العقد بعقد عمل يجب أن تتوفر مجموعة من الشروط منها:
- تنفيذ
العمل من طرف الأجير ذاته.
- أن
يقوم الالتزام على رضا العامل.
- أن
يكون التنفيذ في إطار غير إطار الوظيف العمومي.
ثانيا: عنصر الأجر: يعتبر الأجر عنصرا جوهريا في عقد العمل وشرطا ضروريا لوجوده، والأجر هو المقابل المالي لالتزام العامل ببذل الجهد، والموقع على ذمة رب العمل بمقتضى العقد، ويشتمل على عنصرين، أحدهما ثابت ويسمى الأجر القاعدي، والآخر متغير ،ويتضمن المبالغ المدفوعة للعامل في شكل منح و تعويضات، ويحدد الأجر بالتفاوض الفردي فيما بين العامل و رب العمل، أو من خلال التفاوض الجماعي.
ثالثا: عنصر التبعية: يقصد بالتبعية سلطة صاحب العمل في الإشراف على العامل، وتوجيه له الأوامر باعتبارها مظهرا من مظاهر السلطة الممنوحة قانونا له في إطار علاقة العمل، ذلك أن صاحب العمل هو الذي يقع على عاتقه تنظيم العمل وتوفير أدوات العمل وهو الذي يتحمل مسؤولية السير الحسن للعمل.
المطلب الثاني: أركان عقد العمل
يقوم
عقد العمل من حيث المبدأ لنفس الشروط الواردة في القانون المدني المتمثلة في
الشروط الشكلية والشروط الموضوعية مع وجود بعض الخصوصيات المنصوص عليها في قانون
العمل.
الفرع الأول: الشروط الشكلية
لم
ينص المشرع الجزائري على أن الكتابة شرط من الشروط الشكلية في عقد العمل، مما يعني
أن عنصر الكتابة اختياري مع أنه لا مانع من إتباع شكلية الكتابة في إبرام العقد، إذ
أنها تساعد على الإثبات في حالة وقوع نزاع معين، إذ أجاز المشرع الجزائري إتباع
أسلوب الكتابة من عدمها في عقود العمل، تنص المادة 11 من ق ع ع على أنه: "يعتبر
العقد مبرما لمدة غير محدودة إلا إذا نص على غير ذلك كتابة" .
ويتضمن
عقد العمل سواء كان محدد المدة أو غير محدد المدة، و سوء كان كتابيا أو بصيغته الشفهية
بيانات أساسية، ذلك لتفادي المشاكل من جهة ولأهمية بعض العناصر أو البيانات في
تحديد وضبط حقوق والتزامات الطرفين ولهذا جرت الممارسة في العقود المكتوبة على
تحديد البيانات التالية:
1-
بيان هوية الأطراف و تاريخ بداية و نهاية العقد.
2-
تحديد الوظيفة أو منصب العمل ومكانه.
3-
تحديد الأجر الأساسي و عناصره المكملة حيث يقصد منها عناصر الأجر الأساسية و ما
يرتبط بها من تعويضات و مكافآت.
أما
العناصر والأحكام التكميلية للعقد التي لا تؤثر على صحة عقد العمل عند عدم إدراجها
منها:
1- بيان
فترة التجربة.
2- بيان
المدة القانونية للعمل و توزيع ساعات العمل و فترات التناوب.
3- بيان
مهلة الإخطار قبل انتهاء علاقة العمل.
الفرع الثاني: الشروط الموضوعية
تتمثل
الشروط الموضوعية عند إبرام عقد العمل فيما يلي:
أولا: شرط الرضا: يعد الرضا في عقد العمل من المسائل الجوهرية من خلال تطابق الإرادتين ويتجلى ذلك من خلال عرض أحد الطرفين على الأخر القيام بعمل لحسابه وتحت إدارته وإشرافه مقابل أجر يلتزم بدفعه له، ويجب أن تتجه إرادة الطرف الأخر إلى قبول ذلك.
أ: الرضا في عقد العمل: يقصد بذلك اتفاق الطرفين على إبرام عقد العمل، فينعقد عقد العمل إذا تراضى الطرفان على العمل المطلوب، حيث يلتزم العامل بأن يعمل لحساب صاحب العمل وتحت إدارته وإشرافه، ويجب أن يكون العمل المطلوب القيام به معينا صراحة أو قابلا للتعيين.
كما
يتراضى الطرفان أيضا على الأجر الذي يلتزم صاحب العمل بدفعه للعامل مقابل أدائه
العمل المطلوب في العقد، فضلا عن مدة العقد والفترة التجريبية ويمكن لهما يضمنا
العقد ما يتفقان عليه من حقوق والتزامات.
ب: شروط صحة التراضي: تتمثل شروط صحة الرضا في عقد العمل في الإيجاب والقبول
1: الإيجاب: يتمثل في عرض شخص على شخص آخر بأن يقوم بعمل معين أو قابلا للتعيين لقاء أجر معلوم.
2: القبول: هو عبارة عن الرد الصادر من الموجب إليه بأن يقبل العامل القيام بذلك العمل بالأجر المحدد سلفا وبالشروط التي اتفق عليها الطرفان.
ثانيا: الأهلية: يقصد بالأهلية صلاحية الشخص لأن يكون له حقوق و صلاحيته لاستعمالها وهي نوعين أهلية الأداء وأهلية الوجوب.
وتعتبر
الأهلية في عقد العمل من الأركان الجوهرية لصحة عقد العمل ويترتب عن تخلفها بطلان
العقد، ويستلزم لدراسة موضوع الأهلية في
عقد العمل التميز بين أهلية العامل وأهلية صاحب العمل سواء كان شخصا طبيعيا أم
معنويا.
أ: أهلية العامل: تلزم الأهلية على توفر شروط في العامل كبلوغه سن الرشد وهو تسعة عشر(19)
سنة كاملة وسلامة عقله من الجنون أو العته أو السفه كأصل، إلا أنه يجوز للعامل
البالغ 16 سنة إبرام عقد العمل، حيث مكن المشرع العامل القاصر من إبرام عقود العمل
على شرط الترخيص له من قبل وليه الشرعي متى بلغ 16 سنة (المادة 15 ف1 قانون 11/90).
ب: أهلية صاحب العمل: إن صاحب العمل وفق نص المادة الثانية من
القانون 90/ 11 قد يكون شخصا طبيعيا كما يمكن أن يكون شخص معنويا.
1:
صاحب العمل شخص طبيعي: يشترط لرب العمل في هذه الحالة أهلية أداء كاملة على
اعتبار أن عقد العمل هو من العقود الدائرة بين النفع و الضرر.
2:
صاحب العمل شخص معنوي: تتحقق في هذه الحالة أهلية الشخص المعنوي بالنظر
للاختصاص حسبما هو مقرر في الأنظمة الداخلية والتقسيم العضوي للمهام داخل المؤسسة
الذي يحيل على جهة ما داخل المؤسسة أو الشركة صلاحية إبرام عقود العمل، مثل أن
يكون مدير الموظفين، أو مدير المؤسسة.
ثالثا: المحل والسبب
أ: المحل: يقصد بالمحل في عقد العمل العملية القانونية المراد تحقيقها منه، وتتجسد هذه العملية في قيام وتنفيذ العامل للعمل المطلوب منه مقابل أجر، ويشترط في هذا العمل أن يكون مباحا غير مخالف للآداب العامة أو للنظام العام (كممارسة نشاط يحضر القانون ممارسته في الدولة كشراء الأسلحة الحربية) أو مخالف للقانون (كالتهريب و التزييف)، كما يشترط أن يكون ممكن التحقيق أي عدم الاستحالة.
ب: السبـب:أما السبب فهو الباعث أو الدافع على العمل، ويختلف السبب عند العامل أو صاحب العمل، فالسبب عند العامل يتمثل في رغبته في الحصول على أجرة من صاحب العمل أما صاحب العمل فالسبب يتمثل في قيام وتنفيذ العامل لعمله.
المبحث الثاني: انعقاد وسريان عقد العمل
إن
علاقة العمل الفردية لا تكون نهائية مباشرة بين طرفي العلاقة، بل تمر بمرحلة تسمح
للأطراف المتعاقدة التحقق مما إذا كانت مصلحته أن يمضي في العقد أم لا من خلال
المرور أولا على فترة التجربة، وبعد ذلك يصبح العقد نهائيا بقبول كل الأطراف على
العقد ويثبت العامل في منصبه بصفة دائمة الترسيم (المطلب الأول)
الأصل
أن سريان عقد العمل يبدأ بمباشرة العامل بتنفيذ وانجازه لمختلف النشاطات والأعمال
المكلف بها، غير أنه في بعض الحالات تؤدي إلى التوقف المؤقت لعلاقة العمل دون أن
يؤدي ذلك إلى نهايتها (المطلب الثاني).
المطلب الأول: انعقاد عقد العمل
تنشأ
علاقـة العمل وتنعقـد بإبرام عقـد مكتوب أو غير مكتوب ( شفاهي) ولكي يصبح هذا
العقد نهائيا مرتبا لكل آثاره القانونية يجب أن يمر بفترة التجربة والترسيم.
الفرع الأول: فترة التجربة
تمر
علاقة العمل بعد إبرام عقد العمل بين العامل وصاحب العمل بفترة التجربة وهي مرحلة
أولية قبل ترسيم العامل في منصب عمله، إذ يسمح لصاحب العمل بأن يضع العامل بعد
تشغيله مباشرة محل تجريب قصد التحقق من صلاحيته وكفاءته ومدى قدرته القيام بالعمل
الموكل إليه، وقد حددت المادة 18 من قانون 90 /11 فترة التجربة بمدة لا تتعدى ستة
أشهر، أما بالنسبة للمناصب ذات التأهيل العالي يمكن أن ترتفع فيها هذه المدة إلى 12
شهرا، إلا أنه يمكن تحديد المدة التجريبية لكل فئة من فئات العمال أو مجموع العمال
بمقتضى الاتفاقية الجماعية.
تسمح
فترة التجربة لصاحب العمل التأكد من قدرات ومؤهلات العامل وفسخ عقد العمل دون
إخطار مسبق وتعويض إذا لم يستطع العامل إثبات كفاءته في العمل، كما أن صاحب العمل
غير ملزم بإثبات فشل العامل خلال فترة التجربة، غير أن العامل يتمتع خلال هذه
الفترة ببعض الحقوق والواجبات التي يتمتع بها جميع العمال.
كما
أنه خلال فترة التجربة تسمح أيضا للعامل الاطلاع على ظروف العمل وطبيعته وشروطه،
ومدى ملائمة العمل الموكل له لمؤهلاته وقدراته العلمية والبدنية، وعلى هذا الأساس
يمكن له أن يتخلي عن العمل دون أن تترتب على ذلك أية مسؤولية على عاتقه.
أما
إذا انقضت هذه المدة دون أن يتمسك أحد الطرفين بحقه في فسخ العقد يصبح عندئذ عقد
العمل نهائيا.
الفرع الثاني: فترة التثبيت أو الترسيم
مرحلة
الترسيم هي تلك المرحلة التي تأتي بعد فترة التجريب إذ بمجرد انقضاء فترة التجريب
دونما استعمال الطرفين حقهما في فسخ عقد العمل يصبح العامل مثبت في منصبه، وبذلك
يكون العقد نهائيا منتجا لكافة آثاره القانونية لكلا الطرفين، حيث يتمتع العامل
بكل الحقوق المرتبطة بالتثبيت التي لا يتمتع بها في فترة التجربة كعدم إمكان فصل
العامل إلا وفق إجراءات خاصة، والحق في الترقية الاستيداع ويتحمل أيضا كل
الالتزامات، كما يستفيد أيضا صاحب العمل بكل الحقوق ويتحمل التزامات.
وعند
ترسيم العامل في منصب عمله يتم تبليغه بقرار تثبيته يتضمن تاريخ تثبيته ورتبته
ومكان العمل وأجره وتحسب مدة التجربة في أقدمية العامل.
المطلب الثاني: سريان عقد العمل
يبدأ
سريان عقد العمل بأداء العامل للعمل المتفق عليه (الفرع الأول) إلا أنه في بعض
الحالات ولظروف استثنائية توقف علاقة العمل نتيجة لاعتبارات للأطراف المتعاقدة دون
أن يؤدي ذلك إلى قطعها (الفرع الثاني).
الفرع الأول: وضعية العمل الفعلي
وهي
الوضعية الأصلية المترتبة عن علاقة العمل، حيث تفترض تواجد العامل في مقرات العمل
وقيامه بالوظيفة المسندة إلية فعليا، على اعتبار أن حق العامل في الحصول على الأجر
مرهون بأداء العمل المتفق عليه، وما ينجم عن وضعية العمل الفعلي مجموعة الامتيازات
المرتبطة حصرا بها، مثل الحصول على المنح والتعويضات، والحق في الترقية.
الفرع الثاني: وضعية التوقف المؤقت عن العمل
تؤدي
بعض الحالات إلى توقف مؤقت لعلاقة العمل نتيجة لاعتبارات قانونية، منها ما هو
مرتبط بالعمل وأخرى متعلقة بظروف العامل
أو صاحب العمل دون أن يؤدي ذلك إلى قطعها، ويتمثل ذلك في الحالات التالية:
أولا: الحالات الخاصة بالعامل: تتمثل هذه الحالات في ما يلي:
أ: الاستيداع mise en disponibilité يعتبر الاستيداع من بين الحالات التي تؤدي توقيف علاقة العمل ويتحقق ذلك عندما يتعذر فيه على العامل الاستمرار مؤقتا في تنفيذ التزاماته المهنية مع صاحب العمل لاعتبارات وأسباب مختلفة وموضوعية من أمثلتها اضطرار الزوجة لمرافقة زوجها بمناسبة انتقاله للعمل في مكان بعيد عن مكان مزاولتها لعملها، أو مرافقة العامل لأحد أفراد أسرته للعلاج في الخارج، وحاجة المرأة العاملة إلى رعاية أحد أبنائها في حالة إصابته بمرض أو عاهة بدنية أو عقلية، أو لأغراض شخصية مختلفة تستدعي فعلا التفرغ لها مؤقتا وتختلف مدتها بحسب اختلاف السبب.
لقد
ورد النص على الاستيداع في المادة 64 ومن قانون 90 /11 دون تعداد لحالاته، حيث
يترك ذلك لتقدير رب العمل للقيام بمختلف التحقيقات للتأكد من مدى توفر هذه الأسباب
التي قدمها العامل من جهة، و من جهة أخرى رقابة العامل الذي هو في حالة استيداع
إذا كان لا يمارس نشاط أخر.
ومن
جملة مظاهر الحماية القانونية التي يتمتع بها العامل الذي هو في وضعية الاستيداع
يستفيد بحقه في العودة إلى منصب عمله بمجرد انتهاء فترة الاستيداع ويجب على صاحب
العمل الحفاظ على منصبه، غير أن العامل يفقد خلال هذه الفترة باقي الحقوق
والامتيازات مثل توقف الأجر وعدم حساب فترة الاستيداع في الأقدمية والترقية.
ب: الانتداب لأداء واجب الخدمة العسكرية: يعتبر الانتداب لأداء واجب الخدمة العسكرية من بين الحالات التي تؤدي إلى توقيف مؤقت لعلاقة العمل بقوة القانون بالنسبة للعامل، بحيث يستفيد بحقه في العودة إلى منصب عمله بمجرد أدائه واجب الخدمة الوطنية و يجب على صاحب العمل الحفاظ على منصب العامل بعد انتهاء فترة التجنيد، ويستفيد من كل الامتيازات مثل حساب مدة التجنيد في التقاعد.
ج: الانتداب لممارسة مهنة نيابية: إن ممارسة العامل لمهنة نيابية تجعله في وضعية المستفيد من حالة توقيف علاقة العمل إلى غاية نهاية عهدته النيابية، لكونه لا يستطيع في هذه الحالة والوضعية التوفيق بين التزاماته المهنية و التزاماته الانتخابية، الأمر الذي يدفع إلى توقف العامل عن ممارسة مهنته مدة أداء المهمة الانتخابية والتفرغ الكامل لها، لاسيما بالنسبة للمهام الانتخابية الوطنية، مثل عضوية البرلمان ،أو المحلية في حالة رئاسته للمجلس الشعبي الولائي أو البلدي، والأمر نفسه بالنسبة للممارسة النشاط النقابي، و إن كان العامل لا يستفيد إلا من عدد محدود من ساعات الانتداب (10 ساعات شهريا) إضافة إلى الساعات التي يستغرقها في الاجتماعات النقابية الرسمية.
د: الحبس الاحتياطي: تتوقف علاقة العمل في حالة حرمان العامل من حريته نتيجة متابعته بتهمة جزائية، حيث تقرر فيها إحالة العامل للحبس المؤقت لضرورة التحقيق، بحيث يوقف عن العمل إلى حين فصل الجهات القضائية في قضيته، فهذه الوضعية التي يوجد فيها العامل تعتبر سبب لتوقفه عن العمل لأنه غير قادر على تنفذ التزاماته اتجاه صاحب العمل.
وفي هذه الحالة يحق للعامل العودة إلى منصب عمله
إذا استفاد بالبراءة من المتابعة الجزئية، أما إذا تم إدانته فيكون ذلك سببا
لانقضاء علاقة العمل، غير أن العامل لا يتحصل على الأجر للمدة التي لم ينفذ فيها
التزاماته المهنية لكونه له الحق في مطالبة التعويض عن الحبس المؤقت غير المبرر من
الجهات القضائية المختصة.
و: العطلة المرضية طويلة المدى: حسب نص المادة 64 من القانون 90-11 تتوقف علاقة العمل مؤقتا بسبب الوضع الصحي الذي يعاني منه العامل الأمر الذي حال دون تمكنه من تنفيذه لالتزاماته التعاقدية ،وعليه فإن آثار علاقة العمل تنقطع طوال المدة التي يتطلبها الشفاء التام بالنسبة للعامل المريض، حيث يتكفل صندوق الضمان الاجتماعي بدفع مختلف التعويضات من أجور والمصاريف اللازمة لعلاج العامل.
فضلا عن استفادة المرأة العاملة وفقا لنص المادة
55 من قانون علاقات العامل من عطلة الأمومة، ويبدأ سريانها وجوبا قبل أسبوع على الأقل
من التاريخ المحتمل للولادة وتستمر لمدة أربعة عشر أسبوعا، حيث تحتفظ بحقها في
إعادة إدماجها في منصبها بعد شفائها مع حصولها على كافة التعويضات.
ح: متابعة فترة تكوين أو تربص: يستفيد العامل خلال فترة التكوين أو التربص سواء كان في إطار برامج التكوين المسطر من طرف المؤسسة أو كان رغبة من طرف العامل لتحسين مهاراته وكفاءاته خارج إطار المؤسسة كمواصلة الدراسة مثلا من حالات انتداب وفقا للمدة التي يتطلبها التكوين مع حقه في الاحتفاظ بالأجر.
وتختلف
مدة الانتداب باختلاف مدة التكوين فنميز في هذه الحالة بين التكوين القصير و
التكوين الطويل المدى، فبالنسبة للتكوين القصير المدى يستفيد العامل من انتداب
جزئي حسبما تقره الاتفاقية الاجتماعية التي تنتمي لها المؤسسة، وهي على الغالب
ساعتين يومين، أما بالنسبة للتكوين الطويل المدى فيستفيد العامل من انتداب كلي
يستغرق كل ساعات العمل.
ثانيا: الحالة الخاصة بصاحب العمل: تتمثل هذه الحالات في ما يلي:
يضطر
صاحب العمل إلى تجميد علاقة العمل وتوقيف العمال عن ممارسة نشاطهم بسبب مرتبط
بحالة المؤسسة، حيث تتوقف عن العمل لاعتبارات مختلفة، مثل عطب لحق وسائل الإنتاج
من آلات ومعدات، أو تعرض المؤسسة لأخطار طبيعية، أو نتيجة لصعوبات مالية تمر بها
المؤسسة، أو بسبب نقص وندرة في المواد
الأولية، بحيث يضطر رب العمل إلى غلق مقرات العمل حتى زوال سبب التوقف.
المطلب الثالث: الأحكام الخاصة بمدة العمل والعطل المختلفة
نخصص
الفرع الأول لدراسة المدة القانونية للعمل وفي الفرع الثاني نعالج فيه العطل
المختلفة.
الفرع الأول: المدة القانونية للعمل
لقد
تكفل المشرع الجزائري بتنظيم المدة القانونية التي يكون خلالها العامل في وضعية
تبعية لرب العمل، ملتزما بوضع جهده في خدمته، واعتبرها من النظام العام ولم يترك
حرية للعامل وصاحب العمل في تحديدها.
فقد
حدد الأمر رقم 97- 03 المدة التي يجب على العامل أن يستغرقها في العمل 40 ساعة في
الأسبوع أو 33،173 ساعة في الشهر، ويتمتع
صاحب العمل بتنظيم وتوزيع ساعات العمل حسب حاجة وظروف العمل وظروف اللإنتاج
خصوصيات كل قطاع.
ولصاحب
العمل تحديد وقت حضور العمال وانصرافهم، ويجوز له أيضا في حالات استثنائية أن يطلب
من العامل أداء العمل لساعات إضافية استجابة لضرورات الخدمة على أن لا تتعدي 20%
من المدة القانونية، ويمكن لصاحب العمل تخفيض ساعات العمل أقل من المدة القانونية
إذا كان حجم العمل لا يسمح استخدام العمال كامل الوقت، أو إذا طلب العامل لأسباب
عائلية أو اعتبارات شخصية بموافقة المستخدم.
كما
يتمتع بصلاحية تحديد فترات الراحة الأسبوعية والسنوية بالتنسيق مع العمال حسب ظروف
العمل.
الفرع الثاني: العطل القانونية المختلفة
يمكن
أن نبين في هذا الصدد:
أولا: الراحة الأسبوعية: يتمتع العامل بحق في الراحة بيوم كامل عملا بما نصت عليه المادة 33 من قانون 11 /90 وتستحق في الأصل يوم الجمعة، مع إمكان تكييفها حسب خصوصيات كل قطاع بأن تمنح في يوم آخر إذا استدعت الضرورات الاقتصادية أو ضرورات الإنتاج، حيث يستفيد العامل الذي يعمل في يوم الراحة التمتع براحة تعويضية مماثلة لها بالإضافة إلى الأجر الإضافي الناتج عن ساعات العمل الضافية.
ثانيا: العطلة السنوية والإجازات القانونية: يتمتع العامل وفقا لنص المادة 39 من قانون 90-11 بحق في العطلة السنوية مدفوعة الأجر يدفعها له صاحب العمل، وتحسب على أساس يومين ونصف يوم في كل شهر دون أن تتجاوز المدة الإجمالية ثلاثين يوما في السنة نتيجة خدمة فعلية يقدمها العامل لصاحب العمل.
ويمكن
تمديد العطلة لأسباب جغرافية وقف المادة 41 والمادة 45 من الأمر 96-21 بالنسبة
لعمال الجنوب الذين يستفيدون من عطلة إضافية لا تقل عن عشرة أيام من السنة، كما
يجوز تمديد العطلة السنوية في إطار الاتفاقيات الجماعية وذلك حسب طبيعة العمل
بالنسبة للعمال الذين يقومون بأشغال شاقة أو خطيرة.
إضافة
إلى العطلة السنوية يستفيد العامل من أيام راحة قانونية مدفوعة الأجر خلال الأعياد
الوطنية والدينية والمناسبات الدولية مثلها على التوالي عيد الثورة والاستقلال
وعيد الثورة، و عيد الفطر و الأضحى، عاشوراء، المولد النبوي، أول ماي ، أول جانفي.
ثالثا: العطل الخاصة: يتمكن العامل من الحصول فرديا على عطل خاصة في حالات معينة حددتها المادة 54 من قانون 90 /11، إضافة إلى استحقاق عطلة خاصة بمناسبة أدائه الحج مرة واحدة خلال مساره المهني.
المبحث الثالث: آثار عقد العمل
يقصد
بآثار عقد العمل مجموعة الحقوق والالتزامات الناشئة عنه، وبما أن عقد العمل من
العقود الملزمة للجانبين، فهو يخلق علاقة دائنية في ما بين أطرافه، أي أنه يرتب
التزامات مختلفة يقع بعضها على عاتق العامل في حين يقع البعض الآخر على عاتق صاحب
العمل.
وعليه
سنتطرق إلى حقوق التزامات العامل في (المطلب الأول) ثم حقوق والتزامات صاحب العمل
في (المطلب الثاني).
المطلب الأول: حقوق والتزامات العامل
يترتب
عن عقد العمل حقوق والتزامات للعامل فهو يتمتع بمجموعة من الحقوق الناتجة عن عقد
العمل (الفرع الأول)، كما يخضع في المقابل لمجموعة من الالتزامات (الفرع الثاني).
الفرع الأول: حقوق العامل
أقر
قانون العمل مجموعة من الحقوق يتمتع بها العامل وهي تعتبر التزام في ذمة صاحب
العمل ومن أهمها ما يلي:
أولا: الحق في الأجر: يعتبر الأجر جوهر علاقات العمل وهو من أهم الحقوق الأساسية التي يتمتع بها العامل وهي من أهم التزامات المستخدم، فيقصد به ذلك المقابل الذي يدفعه المستخدم للعامل مقابل ما ينجزه هذا الأخير من عمل، أو هو مبلغ من النقود يتفق عليه المتعاقدان في العقد وفقا لأسس تحديد الأجر.
أما
المشرع الجزائري وفقا لنص المادة 80 من قانون علاقات العمل لم يتعرض إلى تعريف
الأجر إلا أنه يظهر دائما الجانب الاجتماعي عن كون الأجر عبارة عن مقابل العمل
المؤدى.
ويتكون
الأجر من حيث المحتوى من عنصرين أساسيين هما العنصر الثابت أو أجر المنصب أو الأجر
الأساسي، والعنصر المتغير الذي يتكون من مجموع التعويضات والحوافز المالية
المرتبطة بالإنتاج أو بالأقدمية.
وقد
اعتمد المشرع الجزائري على طريقتين مختلفتين في تحديد الأجر: الطريقة اللائحية أو
التنظيمية التي كرستها القوانين الصادرة في ظل الاقتصاد المخطط أو الموجه و
الطريقة التفاوضية أو التعاقدية المكرسة بموجب القانون رقم 90 – 11 المتعلق
بعلاقات العمل، الذي جاء ليساير الإصلاحات الاقتصادية و الاجتماعية المكرسة في
دستور 1989 المعدل و المتمم بدستور 1996.
فقد
حدد المشرع الجزائري وسيلتين يمكن لطرفي التفاوض الجماعي الاعتماد عليها في تحديد
الأجور، تتمثل الوسيلة الأولى في وضع الأجور الأساسية الناجمة عن التصنيف المهني
على مستوى كل هيئة مستخدمة، إضافة إلى التعويضات المدفوعة بحكم أقدمية العامل أو
مقابل الساعات الضافية، أو بحكم ظروف عمل خاصة لاسيما العمل التناوبي والعمل المضر
والعمل الإلزامي بما فيه العمل الليلي، و علاوة المنطقة و العلاوات المرتبطة
بإنتاجية العمل و نتائجه، و يلاحظ أن المشرع الجزائري بموجب هذه الوسيلة مزج بين
الطريقتين السالفتين الذكر.
وتلعب
المفاوضات بين كل من العامل وصاحب العمل، دورا هاما في تحديد الأجور والحوافز
الملحقة بها، وفق قواعد وأساليب تعاقدية في أغلب الأحيان سواء أكان ذلك في إطار
عقود فردية أو جماعية، بالنسبة لعلاقات العمل في ظل قانون العمل.
ثانيا: الحق في ممارسة النشاط النقابي: أقر الدستور الجزائري لجميع المواطنين الحق في الممارسة النقابية من خلال الاعتراف لهم بتأسيس نقابة، كما نصت على ذلك المادة 02 من الأمر رقم 90 - 14 المؤرخ بتاريخ 02 بتاريخ 02 جوان 1990 المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي "أنه يحق للعمال الأجراء من جهة والمستخدمين من جهة أخرى، الذين ينتمون للمهنة الواحدة، أو الفرع الواحد أو قطاع النشاط الواحد أن يكونوا منظمات نقابية للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية".
كما
أقر إجراءات خاصة من اجل تكريس حماية قانونية للنقابيين تضمن لهم ممارسة نشاطهم
بكل ضمانة واستقلالية تتمثل على الخصوص في حظر الإجراءات العقابية التي تتخذ ضد
النقابيين بمناسبة ممارستهم لمهامهم.
ثالثا: الحق في التكوين والترقية المهنية: ألزم المشرع في نص المادة 57 من قانون 90 /11 صاحب العمل بإجراء دورات تكوينية وتنظيم ملتقيات وندوات دراسية لمصلحة العمال، لتحسين مستواهم و مؤهلاتهم المهنية وتمكينهم من الإطلاع على أفق جديدة بغية تزويد معارفهم ورفع مردوديتهم أثناء عملهم، وألزم العمال في ذات الوقت بمتابعة دورات التكوين التي ينظمها رب العمل.
رابعا: الحق في التقاعد: يعتبر التقاعد من بين الحقوق التي يتمتع بها العامل، إذ يستفيد منه العامل الذي استوفى شروط استحقاقه، لاسيما توفر شرط السن وذلك ببلوغ العامل 60 سنة على الأقل، أما بالنسبة للمرأة يجوز بناء على طلبها إحالتها على التقاعد ببلوغها سن 55 سنة، فضلا عن مدة العمل الذي قام به العامل خلال مسيرة المهنية، مع دفع استحقاقات الضمان الاجتماعي خلال المدة التي تمكنه من الاستفادة من أداء الصندوق، وهي مقدرة ب 32 سنة يستحق على إثرها العامل الحق في التقاعد على أساس نسبة 80 من المائة من متوسط الأجر المدفوع عن السنة الأخيرة من العمل، أو الثلاث سنوات الأخيرة من العمل إذا كان ذلك أفضل للعامل.
خامسا: الحق في الراحة والعطل القانونية: أضحى الحق في العطل حقا مكفولا دستوريا حسب نص المادة 55 /03 من الدستور.
سادسا: الحق في التأمين والحماية والضمان الاجتماعي: تتقرر هذه الحقوق في ذمة رب العمل و الدولة، كما هو الحال عند تعرض العامل لحادث عمل، أو مرض مهني، أو حتى لأسباب غير مرتبطة بعلاقة العمل، كما هو الحال بالنسبة للشيخوخة والمرض وفق أحكام الضمان الاجتماعي والتي تمتد لفروع العامل و أصوله المكفولين و لزوجه.
الفرع الثاني: التزامات العامل
يلتزم
العامل بعدة التزامات هي الالتزام بتنفيذ العمل المحدد في العقد والالتزام
بتوجيهات صاحب العمل والالتزام بالسر المهني، والالتزام بعدم المنافسة وكل هذه
الالتزامات هي عبارة عن حقوق يتمتع بها صاحب العمل.
أولا: الالتزام بتنفيذ العمل المحدد في العقد: هو أول التزام ينصب على عاتق العامل بمجرد إبرام عقد العمل، وتبعا لذلك نصت المادة السابعة من قانون 90 /11 على هذا الالتزام باعتباره التزاما أساسيا مرتبا على عاتق العامل بمقتضى العقد، فيجب على العامل أن يؤدي العمل موضوع العقد وفق ما هو متفق عليه وأن يلتزم بأداء العمل بنفسه ولا يجوز له إسناد تنفيذ العمل إلى غيره دون موافقة صاحب العمل، كما أن هذا الأخير لا يجوز أن يجبره على أداء عمل غيره دون رضاه.
ويترتب
عن إخلال العامل بهذا الالتزام بدون عذر مقبول يمكن اعتباره خطأ مهنيا جسيما الأمر
الذي يؤدي إلى تسريحه تأديبيا بدون الحق في التعويض وفق نص المادة 73 من القانون 90
/11.
ثانيا: الالتزام بتوجيهات صاحب العمل: من الواجبات الأساسية المترتبة على عاتق العامل تنفيذ والتقيد بالتعليمات الموجهة إليه من قبل صاحب العمل أو من طرف الأشخاص المعينين صراحة وفقا لنظام السلطة الرئاسية التدرجية للمهنة، كما يجب على العامل الخضوع للنظام الداخلي للمؤسسة و أي مخالفة لهذه الأوامر والتوجيهات والتعليمات الموجهة إليه تترتب عليه مسؤولية تقصيرية وعقدية.
ثالثا: الالتزام بالسر المهني: إن علاقة العمل يفترض فيها أن تقوم على أساس الثقة المتبادلة بين العامل وصاحب العمل، لكون هذا الأخير يضع كل ممتلكاته وأسراره المهنية أو جزء منها في يد العامل، من أجل ذلك يجب عليه الالتزام بالسر المهني من خلال منع تسرب أسرار العمل للغير بما یمثله ذلك من أضرار بمصلحة المنشأة، وأسرار العمل هي كل ما یتوصل إليه العامل من خلال عمله وبمناسبته، ومثال ذلك طرق الإنتاج والمواد المستخدمة ومعاملات المحل وغيرها.
يعتبر
خرق هذا الالتزام بالحالات التي يمكن أن تبرر التسريح الذي يتعرض له العامل دون
الحق في التعويض، على اعتبار أنه من الأخطاء المهنية الجسيمة حسب مفهوم نص المادة 73
/02.
رابعا: المحافظة على وسائل العمل: يقع على العامل أثناء أدائه العمل التزام بالمحافظة على وسائل العمل المسلمة له من طرف صاحب العمل، حيث يجب عليه أن يتخذ كل التدابير اللازمة لحفظ هذه الوسائل من التلف وذلك ببذل عناية الرجل العادي.
خامسا: الالتزام بعدم منافسة صاحب العمل: يقتضي العامل أثناء أدائه للعمل بعدم ممارسة أي نشاط صناعي أو تجاري يتعارض مع مصالح صاحب العمل حتى ولو كان بعد انتهاء علاقة العمل أشار إليها المشرع الجزائري في المادة 7 الفقرة 7 من 90-11.
ومن
ضوابط هذا الالتزام عدم تقديم المساعدة للمؤسسات المنافسة أو توظيف الوسائل
المادية والبشرية للمؤسسة لأغراض منافسة صاحب العمل سواء كان ذلك لمصلحة العامل أو
مؤسسة منافسة.
المطلب الثاني: حقوق والتزامات صاحب العمل
كفل
المشرع لصاحب العمل جملة من الحقوق حددها في القوانين، وفي مقابل ذلك ألزمه
بواجبات محددة لا يجوز مخالفتها أو الاتفاق على ما يخالفها باعتبارها من النظام
العام، وسنتطرق في هذا المطلب إلى الحقوق في (الفرع الأول) والواجبات التي يلتزم
بها صاحب العمل (فرع الثاني).
الفرع الأول: حقوق صاحب العمل
تأميناً
لفاعلية علاقات العمل ولتوفير الاطمئنان لصاحب العمل، فقد حدد المشرع جملة من
الحقوق التي يجب أن يتمتع بها منها ما هو ذي طابع تنظيمي تقني ومنها ما هو ذي
طبيعة أدبية نتناولها تباعاً لما يلي:
- لصاحب
العمل الحق في الإدارة والتنظيم الداخلي لشؤون العمل بما يحقق النظام والأمن داخل
المؤسسة، وتمكين العمال من تأدية مهامهم بكل سهولة وإتقان لتحقيق المصالح المشتركة
لأطراف علاقة العمل، ويتجسد التنظيم الداخلي عن طريق اللوائح والأنظمة الداخلية.
- صلاحية
صاحب العمل في إصدار تعليمات داخلية لتنظيم بعض المسائل المرتبطة بالعمل.
- من
حق صاحب العمل أداء العامل للعمل الموكل له.
- من
الحقوق التي يتمتع بها صاحب العمل والمستندة إلى عنصر التبعية سلطته في الإشراف
والرقابة، سواء قدمت هذه التوجيهات مباشرة أو بشكل غير مباشر، لاسيما بمقتضى
التقسيم العضوي للمهام.
الفرع الثاني: التزامات صاحب العمل
في
مقابل الحقوق التي يتمتع بها صاحب العمل يجب أن يلتزم بمجموعة من الواجبات ضماناً
لحسن سير علاقة العمل، وقد تعرض المشرع لواجبات الموظفين، والتي سنبينها تباعاً:
- تمكين
العامل من تنفيذ العمل الموكل إليه من خلال توفير وسائل وأدوات العمل، وتحسين
ظروفه.
- عدم
تكليف العامل بتنفيذ عمل غير العمل المتفق عليه، إلا في حالة الضرورة أو القوة
القاهرة.
- توفير
الحماية والأمن في محيط العمل من كل الأخطار المهنية .
- احترام
العمال وعدم الإساءة إليهم.
- تمكين
ممثلي العمال في النقابات و الاتحادات المهنية من ممارية نشاطهم النقابي - السماح
لبعض الفئات من العمال بغيابات مدفوعة الأجر مثل العمال الذين يمارسون -أنشطة
رياضية، أو الذين يشاركون في اجتماعات المجالس النقابية.
- دفع
أجور العمال حيث يمثل أحد العناصر الأساسية لعقد العمل وهو المقابل الذي يتقاضاه العامل
مقابل العمل الذي يقدمه، كما توجد هناك ملحقات متممة للأجر والتي تشمل مجموعة من
التعويضات.
- الضمان
الاجتماعي ويقصد منه حماية العمال من كل المخاطر التي يمكن أن تصيبه أثناء عمله
والتي تتمثل في كل الحوادث والحالات التي تؤدي إلى فقدان منصب العمل بصفة دائمة أو
مؤقتة.
- توفير
وسائل الأمن.
- يتعين
على المستخدم تنظيم أعمال التعليم والإعلام والتكوين لفائدة العمال.
المرجع
- د. معزيز عبد السلام، محاضرات في قانون العمل، جامعة عبد الرحمان ميرة – بجاية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، الجزائر، السنة الجامعية: 2015-2016، ص25 إلى ص54.