مصادر الإلتزام غير الإرادية
- من إعداد: د. بعوشة دليلة
مقدمة:
مصادر القانون المدني الجزائري "كما سبق لنا
القول" يمكن إرجاعها إلى هذا التأصيل، فيندرج تحت التصرف القانوني، العقد
والإرادة المنفردة، ويندرج تحت الواقعة القانونية، العمل المستحق للتعويض (العمل
الغير مشروع) وشبه العقود (الإثراء بلا سبب، وأيضا الدفع الغير مستحق، الفضالة)
وأيضا مصدر خاص محدود الأثر في الوقت الحاضر وهو نص القانون.
ولدراسة الواقعة القانونية، لابد أن نتطرق لكل من العمل
المستحق للتعويض، وشبه العقود ونص القانون في ثلاث فصول متتالية.
الفصل الأول: العمل المستحق للتعويض (العمل الغير مشروع)
قسمت الإرادة
التشريعية للفصل المخصص للعمل الغير مشروع (المواد من124 - 140 مكرر 1 من القانون
الجزائري) إلى ثلاث أقسام٬ خصص القسم الأول للمسؤولية عن الأفعال الشخصية القسم
الثاني المسؤولية عن فعل الغير٬ والقسم الثالث للمسؤولية الناشئة عن الأشياء.
المبحث الأول: المسؤولية عن الأعمال الشخصية
تنص المادة 124 ق م على ما يلي <<كل فعل أيا كان
يرتكبه الشخص بخطئه ويسبب ضرر للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بل
التعويض>>.
استنادا لنص المادة 124 أعلاه إذا تسبب عمل شخص بدون وجه
حق لشخص آخر٬ في إلحاق ضرر٬ سواء في نفسه أو ماله٬ فإن القانون يلزم محدث الفعل
الضار بتعويض الشخص المضرور الذي لحقه الضرر وإلزام المتسبب بفعله ينشأ عن نظام
المسؤولية.
المطلب الأول: أركان المسؤولية التقصيرية
أركان المسؤولية التقصيرية: خطأ ضرر٬ علاقة السببية.
الفرع الأول: الخطأ
استقر الفقه والقضاة على إعطاء المفهوم التالي للخطأ: هو
انحراف عن سلوك الرجل المعتاد مع إدراك الشخص لذلك وبمعنى ثاني هو الإخلال بالتزام قانوني لعدم
المساس بالغير من شخص مميز٬ إذا يجب على
الشخص أن يلتزم الحيطة في سلوكه نحو غيره
حتى لا يضر به والالتزام هنا التزام ببدل عناية٬ فإذا انحرف عن السلوك الواجب
اعتبر مخطئا واستوجبت مسؤوليته. وللخطأ
عنصران عنصر مادي وعنصر معنوي.
قلنا بأن الخطأ هو إخلال بالتزام قانوني٬ وهذا يكون بأن
ينحرف الشخص في سلوكه ويضر بالغير وبذلك يتحقق التعدي٬ والتعدي قد يكون عن عمد٬
وفي هذه الحالة يشكل الانحراف عن السلوك جريمة مادية٬ كما قد يكون عن إهمال وتقصير
ويسمى في هذه الحالة شبه جريمة مدنية.
إلا أنه لا يعتبر فعل الشخص خطأ٬ بالرغم من أنه ترتب عن
فعله الحق أذى بالغير ومن ثم لا يستوجب فعله المسؤولية وهذه الحالات هي:
حالة الدفاع الشرعي (م 128 ق م):
ولقياس حالة الدفاع الشرعي لا بد من توفر الشروط
التالية:
- أن يكون هناك خطر حال أو وشيك٬ يهدد نفس أو مال الشخص
أو نفسه أو مال الغير.
- الخطر حال ناتج عن تعدي٬ فالسارق الذي يعتدي على من يحاول القبض عليه وهو متلبس بالسرقة٬ لا
يعد في حالة دفاع شرعي.
- أن يكون دفع الاعتداء بالقدر اللازم لمنع الاعتداء٬
فإذا زاد عن القدر اللازم طبقا للنص م128 ق م٬
يكون المدافع متجاوز لحق الدفاع.
_حالة تنفيذ أمر رئيس ( المادة 129 ق م):
فطبقا للنص م ٬129 لا يكون الموظفون والأعوان العموميون
مسؤولين شخصيا عن أفعالهم التي ألحقت ضرر بأحد الأشخاص٬ إذا قاموا بها تنفيذا
لأوامر صدرت إليهم من رئيس متى كانت طاعة هذه الأوامر واجبة عليهم.
_حالة الضرورة:
تنص م130 ق م << من سبب وألحق ضرر بأحد الأشخاص
ليتفادى ضرر أكبر منه٬ محدقا به أو بغيره٬ لا يكون ملزما إلا بالتعويض الذي يجده
القاضي مناسبا.
_رضا المجنى عليه:
من المعلوم أن الشخص له سلطة في التصرف في حق من حقوق
ذمته المالية ويترتب على ذلك أن الشخص إذا رضي بما يفعله الغير٬ ويحدث بفعله هذا
ضرر بهذه الحقوق٬ فإن محدث الفعل يعفى من المسؤولية٬ فإذا اتلف شخص مال لآخر بناء
على موافقته ورضاه٬ لا يكون محدث الضرر ملزما بالتعويض وهذا الإعفاء لا يكون إلا
بالنسبة للحقوق المالية٬ أما في ما يتعلق بالحقوق الشخصية٬ فالأصل أن الشخص لا
يمكنه التصرف فيها وذلك فإن الرضا اعتداء الغير عليها لا يعفى من المسؤولية.
_الإعفاء من المسؤولية في حالة ترخيص
القانون
قد يتعدى أحدهم على جسد شخص ما ولا يكون المعتدي مسؤولا
وذلك في حالة ترخيص القانون بهذا الفعل المكون للاعتداء ومثال ذلك موافقة المريض
على القيام بعملية جراحية وذلك في حدود أصول المهنة.
ثانيا: العنصر المعنوي
تنص المادة 125 ق م (لا يسأل المتسبب في الضرر الذي
أحدثه بفعله أو امتناعه أو بإهمال منه أو عدم حيطته إلا إذا كان مميزا).
فالشخص عديم
التمييز لا يمكن نسبة الخطأ إليه٬ إذ ليس لديه القدرة على التمييز بين الخطأ
والصواب٬ ومن ثم تنتفى المسؤولية لانتفاء كل الخطأ.
الفرع الثاني: الضرر
الركن الثاني من أركان المسؤولية التقصيرية هو الضرر٬
فإذا انطقها فلا تقوم مسؤولية لأن هدفها إزالة الضرر٬ ولا تكون دعوى مقبولة إذ لا
دعوى بدون مصلحة٬ فالضرر هو الأذى الذي يصيب الشخص نتيجة المساس بمصلحة مشروعة له٬
أو بحق من حقوقه وقد يكون الضرر مادي أو أدبي مثال: المساس بسلامة الجسم٬ إذ نتج
عنه خسارة مالية [ضرر مادي].
مثال 1: الضرر الذي
يصيب الإنسان في سمعته أو شرفه أو عاطفته٬ فهو لا يمس مصلحة مالية وإنما معنوية
ويسمى في هذه الحالة ضرر معنوي [م 182 مكرر: يشمل التعويض عن الضرر المعنوي: كل
مساس بالحرية أو الشرف أو السمعة].
الفرع الثالث: علاقة السببية بين الخطأ والضرر
علاقة السببية بين الخطأ والضرر هي الركن الثالث
لقيام المسؤولية٬ وهي ركن المستقل عن
الخطأ٬ إذ قد توجد ولا يوجد الخطأ٬ كما إذ نتج ضرر عن فعل أحدثه شخص
ولكن فعله لا يعد خطأ ويتحقق مسؤوليته على أساس تحمل التبعة٬ فالسببية
موجودة ولكن الخطأ غير موجود وقد يوجد الخطأ ولا توجد السببية ومثال ذلك: يدس شخص
سما لآخر في طعامه وقبل سريان السم في جسم
السموم٬ يأتي شخص ثالث ويقتله بمسدس فدس
السم خطأ٬ والضرر هو موت المصاب٬ ولكن لا علاقة سببية بينهما إذ أن الموت سببه
إطلاق المسدس٬ لا دس السم فوجد الخطأ ولم توجد السببية٬ وقد عبرت الإرادة التشريعية عن ركن السببية في
م 124 ق م ج بكلمة وبسبب.
المطلب الثاني: دعوى المسؤولية
دعوى المسؤولية ولو أنها تخضع للقواعد العامة٬ التي تخضع
لها سائر الدعاوى إلى أنها تتميز في بحثنا
هذا بمسائل معينة تستدعي اهتماما خاصا.
الفرع الأول: أطراف الدعوى
أطراف دعوى المسؤولية (المصاب أو المضرور٬ المسؤول).
أولا: دافع دعوى المسؤولية (المصاب)
المصاب في دعوى المسؤولية هو الذي يرفعها٬ والمصاب أو
نائبه أو خلفه يثبت له هذا الحق.
مثال: لدائن الشخص
المصاب: طلب التعويض باسم الدعوى الغير مباشرة: بشرط أن يكون الأذى الذي أصاب
المدين ماديا٬ فإذا كان معنويا٬ فلا يحق للدائن استعمال الدعوى الغير مباشرة.
ثانيا: على من ترفع الدعوى
المسؤول الذي ترفع عليه دعوى المسؤولية هو المدعى عليه٬
سواء كان مسؤولا عن فعله الشخصي أو عن فعل الغير أو عن الشيء الذي في حراسته٬ ويحل
محل الشخص المسؤول نائبه. كالولي والوصي إذا كان قاصرا والقيم أو المقدم إذا كان
محجوزا عليه.
مثال: إذا تعدد المسؤولين عن الضرر الواحد٬ كانوا جميعا مسؤولين على وجه التضامن بتعويض المصاب (م 126 ق م ج) ما يحق للمصاب أن يرجع على أي من المسؤولين كما يشاء بتعويض الضرر الذي لحقه٬ ويرجع من دفع التعويض على باقي المسؤولين٬ بقدر نصيب كل منهما بالتساوي إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في التعويض بحسب جسامة خطأ كل فرد منهم٬ ويستطيع المصاب أن يقيم الدعوى على المسؤولين جميعا.
الفرع الثاني: تقادم الدعوى وعبئ الإثبات
أولا: تقادم الدعوى
من الدفاع الذي يستخدمه المدعى عليه٬ لكي يتخلص من
التزامه بالتعويض٬ الدفع بتقادم دعوى المسؤولية وتنص م 133 ق م على أنه تسقط دعوى التعويض من قضاء 15
سنة من يوم وقوع العمل وتنص المادة 9 من قانون الإجراءات الجزائية على تقادم
الدعوى المدنية وفقا لأحكام القانون المدني٬ غير أنه لا يجوز رفع هذه الدعوى أمام
الجهة القضائية الجزائية بعد انقضاء أجل تقادم الدعوى العمومية.
مثال: هل تكون مدة
سقوط الدعوى المدنية 15 سنة٬ حتى ولو سقطت الدعوى الجنائية٬ قبل مضي هذه المدة؟
ج- نعم.
ثانيا: عبئ الإثبات
المدعى هو الذي يقع عليه إثبات الضرر الذي أصابه٬ بل
ويقع عليه أيضا إثبات أركان المسؤولية وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بين الخطأ
والضرر٬ الإثبات جائز بكافة الوسائل بما فيها الشهادة والقرائن٬ إذ أن الأركان
السابقة الكلام عنها٬ إلا أن القانون قد يعفي عن إثبات أحد هذه الأركان٬ إذا وجوده
سواء كان هذا الاقتراض قابلا لإثبات العكس أو غير قابل.
مثال: مسؤولية
المكلف بالرقابة قرينة قانونية عن الخطأ الذي أجاز القانون إثبات عكسه.
الفرع الثالث: التعويض
تنص المادة 132 ق م ( يعين القاضي طريقة التعويض مقسطا٬
كما يصح أن يكون الإيراد مرتبا٬ ويجوز فيها هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يقدم
تأمينا).
ويقدر التعويض بالنقد٬ على أنه يجوز للقاضي تبعا للظروف
وبناءا على طلب المضرور٬ أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه (تعويض عيني) وإن
يحكم وذلك على سبيل التعويض٬ بأداة بعض الإعانات تتصل بالفعل الغير مشروع. ويتضح
من خلال المادة 132 أعلاه٬ أن القاضي يعين طريقة التعويض والأصل أن يكون التعويض
نقديا
هذا ويقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحقه المصاب
طبقا للمادتين 182 182 مكرر مع مراعاة الظروف الملابسة٬ فإن لم يتمكن وقت الحكم أن
يحدد التعويض بصفة نهائية٬ فله أن يحتفظ للمصاب بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة
بالنظر من جديد في التقدير.
المبحث الثاني: المسؤولية عن عمل الغير
سبق القول أن للمسؤولية ثلاثة أشكال رئيسية٬ فقد تكون عن
العمل الشخصي وقد تكون عن عمل الغير وقد تنشأ عن الأشياء٬ وقد درسنا في ما سبق
المسؤولية عن العمل الشخصي ونبحث في ما يلي: المسؤولية عن عمل الغير.
المطلب الأول: مسؤولية المكلف بالرقابة عن منهم في رقابته
هذه المسؤولية تفترض أن شخصا يتولى قانونا أو بمقتضى
اتفاق رقابة شخص يحتاج إلى هذه الرقابة بسبب صغر سنه أو مرضه٬ ويصدر منه فعل يلحق
ضرر بشخص ما٬ ففي هذه الحالة يلتزم المكلف بالرقابة بتعويض المصاب وكما سبق القول
فإن المكلف بالرقابة لا يستطيع أن يعفي نفسه من هذه المسؤولية إلا إذا أثبت أنه قد
قام بواجبه في الرقابة أو أن الضرر كان سيقع حتما٬ حتى لو قام بواجب الرقابة.
وتنص م 134 ق م
على ما يلي "كل من يجب عليه قانونا أو اتفاقا رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة
بسبب قصر أو سبب حالته العقلية أو الجسمية يكون ملزما بتعويض الضرر الذي حدثه ذلك
الشخص بفعله يستطيع المكلف بالرقابة أن يتخلص من المسؤولية٬ إذا أثبت أنه قام بهذا
الواجب بما ينبغي من العناية ".
المطلب الثاني: مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه
تنص المادة 136 ق م ج " يكون المتبوع مسؤولا عن
الضرر الذي يحدثه تابعه بفعله متى كان واقعا منه٬ في حالة تأدية الوظيفة أو بسببها
أو بمناسبتها".
وتتحقق علاقة
التبعية ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه متى كان هذا الأخير يعمل لحساب
المتبوع.
من خلال نص
المادة 136 أعلاه٬ نستنتج أنه ولتحقيق مسؤولية
المتبوع من خلال الشرطين التاليين:
- قيام رابطة التبعية.
- أثناء تأدية وظيفة أو بسببها.
الشرط الأول: قيام رابطة التبعية
المقصود برابطة التبعية بين شخصين٬ أحدهما متبوع والثاني
تابع٬ السلطة الفعلية في رقابة وتوجيه التابع وتقتضي رابطة التبعية لقيامها:
- قيام سلطة الرقابة
- قيام التابع
بهذا العمل لحساب المتبوع
الشرط الثاني: خطأ التابع
حال تأدية الوظيفة أو بسببها
فإذا كان خطأ التابع أجنبيا عن الوظيفة فإن مسؤولية
المتبوع لا تقوم مثال: لا يعد خطأ حال تأدية الوظيفة٬ اعتداء عامل في مصنع على
دائن شخص له جاء لمطالبته في مكان عمله وزمانه له بدين له٬ لأن الخطأ وإن وقع في
مكان وزمان عمله إلى أنه ليس خطأ في القيام بالعمل الموكول إلى هذا العامل.
مثال: ارتكاب أحد
رجال الشرطة جريمة قتل أثناء وجوده في إجازة متغيبا عن عمله الرسمي وعلى ذلك لا
تكون وزارة الداخلية مسؤولة عن خطأ رجل الشرطة لأن هذا الخطأ أجنبي عن الوظيفة.
المبحث الثالث: المسؤولية عن الأشياء والحيوان
سأخصص المطلب الأول لدراسة مسؤولية حارس الأشياء الغير
حية كل من شروط قيامها إضافة لأساسية مسؤولية حارس الأشياء وكيفية دفعها٬ أما
المطلب الثاني سأخصصه لدراسة المسؤولية عن فعل الحيوان.
المطلب الأول: مسؤولية حارس الأشياء (الغير حية)
تنص المادة 138 "كل من تولى حراسة شيء وكانت له
قدرة الاستعمال والتسيير والرقابة يعتبر مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه ذلك الشيء
ويعفى من مسؤولية حارس الشيء٬ إذا أثبت أن ذلك الضرر حدث بسبب لم يكن يتوقعه مثل
عمل الضحية٬ عمل الغير أو الحالة الطارئة أو القوة القاهرة".
الفرع الأول: شروطها
1. وجود شيء في حراسة شخص: ويقصد
بالشيء٬ كل شيء غير حي ما عاد البناء الذي يتهدم (خصصت له م 140 ق م)
ويصدق اصطلاح الشيء هذا على كل شيء منقولا أو عقارا جامدا أو سائلا٬ أسلحة
سموم ...
2. تسبب الشيء في حدوث الضرر: ينبغي أن
يكون الضرر قد نتج عن التدخل الايجابي ولذلك لا يكفي أن تقوم علاقة السببية بين
الضرر وبين الشيء٬ كمن يسقط من النافذة على سيارة واقفة في مكانها فهنا يكون تدخل
الشيء سلبا.
الفرع الثاني: أساس مسؤولية حارس الأشياء وكيفية دفعها
إن أساس المسؤولية عن حراسة الشيء هو الخطأ المفترض وليس
تحمل التبعة وإذا كانت المسؤولية على مالك الشيء يترتب على ذلك نتيجتان:
- أنه يجب في المسؤولية التمييز [م 125 ق م].
- إن المسؤول يستطيع نفي المسؤولية عن نفسه [م138/ 2 ق
م]٬ كما إذا اثبت أن الضرر حدد بسبب لم يكن يتوقع كما لو كان من فعل المصاب نفسه
أو عمل الغير أو حادث فجائي.
المطلب الثاني: المسؤولية عن الحيوان
م 139 "حارس الحيوان ولو لم يكن مالكا له٬ مسؤول
عما يحدثه الحيوان من أذى ولو ظل الحيوان٬ ما لم يثبت الحارس أن وقوع الحادث كان
بسبب لم ينسب إليه".
ويتضح نص المادة 139 ق م أنه لابد لقيام هذه المسؤولية
من وجود:
1. حيوان.
2. يتسبب هذا الحيوان في إحداث ضرر.
مثال: لو ضرب شخص
كلبا٬ مما دفع الكلب إلى الهياج٬ فعض شخصا ما٬ فيكون ضارب الكلب مسؤولا مسؤولية
شخصية.
أما إذا ربى شخص نحلا فإنه يسأل عند الضرر الذي يحدثه
هذا النحل طبقا للمادة 139 ق م.
المطلب الثالث: المسؤولية عن تهدم البناء
م 140 ق م "... مالك البناء مسؤول عما يحدثه انهدام
البناء من ضرر ولو كان انهداما يرجع سببه إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء
أو عيب فيه.
ويجوز لمن كان مهددا بضرر يصيبه من البناء أن يطالب
المالك باتخاذ ما يلزم من التدابير الضرورية للوقاية من الخطر٬ فإن لم يقم المالك
بذلك جاز الحصول على إذن من المحكمة في اتخاذ هذه التدابير على حسابه".
ويشترط لقيام مسؤولية مالك البناء:
- أن يكون هناك
بناء.
- أن يترتب ضرر عن تهدم البناء.
مثال: لو أن شخص
اصطدم بالمبنى أو سقط من سطح المنزل٬ فلا ينطبق النص في مثل هذه الحالات٬ والمقصود
بالانهدام حدوث انفصال في أجزاء البناء وسقوطها٬ سواء كان هذا الانفصال كليا أو
جزئيا.
الفصل الثاني: شبه العقود
بغض النظر عن الانتقادات الموجهة لهذا التقسيم٬ إلا أنه
ووفقا لما جاء في الفصل الرابع من الباب الأول من الكتاب الثاني٬ فيندرج تحت عنوان
شبه العقود كل من الإثراء بلا سبب٬ الدفع الغير مستحق والفضالة.
المبحث الأول: الإثراء بلا سبب
يقصد بفكرة الإثراء بلا سبب على حساب الغير٬ أن كل شخص
يثري على حساب غيره دون سبب قانوني٬ يلتزم بأن يرد لهذا الغير قدر ما أثرى به وفي
حدود ما افتقر به الغير٬ بمعنى أقل قيمتي الإثراء والافتقار. وتنص المادة 141 ق م
على: "كل من نال عن حسن نية عن عمل الغير أو من شيء له منفعة ليس لها ما
يبررها. يلزم بتعويض من وقع الإثراء على حسابه بقدر ما استفاد من العمل أو
الشيء"
المطلب الأول: أركان الإثراء بلا سبب
- إثراء المدين (المدعى عليه) حسن النية.
- افتقار الدائنين (المدعى).
- انعدام السبب القانوني.
- بقاء الإثراء قائما وقت رفع الدعوى.
الفرع الأول: إثراء المدين (المدعى عليه)
يجب أن يتحقق إثراء المدين إذ أن هذا الإثراء هو مصدر
التزامه فإذا أو في شخص يدين على آخر وتبين فيما بعد عدم وجود هذا الدين أو سبق
الوفاء فلا يرجع الموفى إلا على من دفع له.
الفرع الثاني: افتقار الدائن
يجب أن يتحقق افتقار دائم حتى يمكن الرجوع بدعوى الإثراء
بلا سبب٬ فإذا تحقق الإثراء دون افتقار فلا يلزم المثرى يرد أي شيء٬ فإذا أقامت
شركة مصنعا في جهة ما نتج عن ذلك ارتفاع قيمة الأراضي المجاورة٬ فلا رجوع للشركة
على أصحاب الأراضي المجاورة بقيمة ما اثروا به.
الفرع الثالث: انعدام السبب القانوني
قد يكون الإثراء مصدره نص قانوني فلا يرد المثرى شيئا٬
لأن للإثراء سببا وهو نص القانون ومثاله التقادم فلا يستطيع المفتقر الرجوع على
الثرى٬ لأنه اكتسب الملكية بالتقادم وهو سبب قانوني لكسب الحق العين.
الفرع الرابع: بقاء الإثراء قائما وقت رفع الدعوى
يقصد بالصفة الاحتياطية لدعوى الإثراء٬ إن الدائن لا
يجوز له استخدام هذه الدعوى مع وجود دعوى أخرى يمكنه الالتجاء إليها٬ ففي البيع
مثلا إذا رفع البائع دعوى دفع الثمن٬
فالهدف منها منع المشتري من الإثراء على حسابه والواقع بأن القول بأن دعوى الإثراء
دعوى احتياطية٬ قول غير دقيق٬ لأنه كما رأينا٬ أن انعدام السبب القانوني
للإثراء شرط للرجوع بهذه الدعوى٬ فإذا وجد
سبب قانوني للإثراء كالعقد٬ فالمدعى لا
يستطيع الرجوع إلا بالدعوى التي تترتب على العقد٬ ولا يقال أنه قد امتنع على
المدعى الرجوع بدعوى الإثراء لأنها دعوى احتياطية٬ ودعوى الإثراء بلا سبب في كل من
القانون المصري والجزائري٬ دعوى أصلية مستقلة وهي في مرتبة دعوى العقد ودعوى
المسؤولية التقصيرية.
المطلب الثاني: أحكام الإثراء بلا سبب
يتكلم هذا المطلب عن كل من دعوى الإثراء والتعويض.
الفرع الأول: دعوى الإثراء
طرف دعوى الإثراء هما المفتقر والمثرى٬ ولا يشترط في
المدعى أي المفتقر ولا في المدعى عليه أي
المثرى - أهلية ما- فناقص الأهلية أو عديم
التمييز يجوز أن يكون مدعيا أو مدعى عليه في دعوى الإثراء وفقا لما جاء في القانون
المصري٬ وهذا الحكم يسري أيضا في القانون المدني الجزائري ولو أنه لم ينص على ذلك
ولكن القواعد العامة تقتضيه إذ أن قواعد الأهلية تكون في الالتزامات الإرادية ولما
كان مصدر الالتزام المثري هو الواقع القانونية وليس التصرف القانوني فلا محل لتطلب أهلية ما.
يستطيع المدعي
أن يدفع دعوى الإثراء بإثبات عدم توافر ركن من أركانها الإثراء٬ الافتقار٬ انعدام
السبب٬ الإثراء حتى وقع رفع الدعوى٬ كما يستطيع أن يثبت التزامه قد انقضى بالوفاء
أو بسبب آخر كالصلح أو المقاصة أو التقادم.
وتتقادم دعوى التعويض عند الإثراء بلا سبب بانقضاء 10
سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من لحقته
الخسارة بحقه في التعويض٬ وتسقط الدعوى في جميع الأحوال بانقضاء 15 سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا
الحق وبذلك تتقادم دعوى الإثراء في القانون المدني بأقصر الأجلين 10 سنوات من يوم
العلم و 15 سنة من وقت واقعه الإثراء أي من يوم نشوء الالتزام.
أما عبئ الإثبات فيقع على المفتقر وهو الدائن٬ فيثبت
قيام الالتزام في ذمة المدين وهو المثري.
الفرع الثاني: التعويض
وفقا لما جاء في المادة141 ق م٬ فإن التعويض بأقل قيمتي
الإثراء والافتقار إذن المثري لا يجوز أن يحاسب٬ إلا على ما كسبه فعلا بشرط أن لا يزيد مقدار التعويض عما افتقر
به الدائن ويقدر الإثراء بالحالة التي كان عليها وقت رفعه رفع الدعوى ونفس الشيء بالنسبة لتقدير الافتقار.
المبحث الثاني: الدفع الغير مستحق
الالتزام برد الغير مستحق٬ هو قيام شخص بالوفاء بدين غير
مستحق فيترتب على هذا الوفاء نشوء التزام في ذمه المدفوع له٬ أن يرد إلى الموفي٬
ما أخذه دون حق٬ إذ أن في احتفاظه به٬ إثراء بلا سبب على حساب غيره٬ وقد نظمت
الإرادة التشريعية٬ أحكام الدفع الغير مستحق في المواد من (143-149)ق م.
المطلب الأول: شروط الدفع الغير مستحق
يتبين من النصوص القانونية التالية 146٬145٬144٬143 ق م
إن للدفع الغير مستحق٬ الشروط التالية:
- الوفاء بدين غير مستحق.
- اعتقاد الموفى انه ملزم بالدين.
- عدم تجرد الموفى له حسن النية من سند الدين أو من
تأميناته أو عدم تركه دعوه تسقط بالتقادم.
الفرع الأول: الوفاء بدين غير المستحق
يكون الدين غير مستحق في حالات ثلاث وهي:
أ- إذا كان الدين منعدما في الأصل ومثاله أن يكون الوارث
معتقدا انه دين على تركه ثم يتضح بعدم وجوده أصلا٬ والدين يكون أيضا منعدما إذا
كان مصدره عقدا باطلا أو كان دينا طبيعي.
ب- إذا انقضى قبل الوفاء بأي سبب من أسباب الانقضاء.
ج- إذا كان الدين مؤجل الاستحقاق ولكنه لم يستحق بعد.
الفرع الثاني: اعتقاد الموفى بالتزامه بالدين
أن يتم الوفاء من جانب الموفى عن غلط٬ إذ أن المفروض أن
الشخص لا يقوم بوفاء الدين٬ إلا إذا كان يعتقد بأنه مستحقه وواجب الأداء٬ إلا أن
قرينه الغلط بسيطة٬ يستطيع الموفى له
نقضها بإثبات أن الموفى كان يعلم وقت الوفاة بأنه غير ملتزم بالدين٬ فإذا اثبت الموفى له ذلك قامت قرينه لصالحه٬
مقتضاه أن للوفاء سببا وهو رغبه الموفى في التبرع بما دفع المدفوع له٬ فلا يسترد
ما أداه باختياره (م 162 ق م).
إلا أن هذه القرينة التي تقوم لصالح المدفوع له٬ هي
قرينه بسيطة أيضا فيستطيع الدافع ( الموفى) نقدها واسترداد ما دفعه بأحد الأمرين:
1- انه كان ناقص أهلية وقت الدفع.
2- أنه كان مكرها على الوفاء ومثاله أن يوفي شخص بدين
عليه ثم يطالب به مرة أخرى ولعدم إيجاده وصل المخالصة٬ فيدفع مرة ثانية وهو يعلم
أنه يدفع دينا غير مستحق٬ فإذا وجد المخالصة فله استيراد وما دفع بدون حق.
الفرع الثالث: عدم تجرد الموفى له حسن النية من سند الدين أو تأمينات أو عدم تركه دعواه تسقط بالتقادم
حماية للدائن المشتري حسن النية فقد جاء في المادة 149 ق
م لا محل لاسترداد غير المستحق إذا حصل الوفاء من غير المدين وترتب عليه أن الدائن
وهو حسن النية قد تجرد من سند الدين أو مما حصل عليه من التأمينات أو ترك دعواه
تسقط بالتقادم قبل المدين الحقيقي ويلتزم المدين الحقيقي في هذه الحالة بتعويض
الغير الذي قام بالوفاء.
المطلب الثاني: أحكام الدفع الغير مستحق
تنص م 147 ق م "إذا كان من تسلم شيء غير مستحق حسن
النية فلا يلزم أن يرد إلى ما تسلم٬ أما إذا كان سيئ النية فانه يلتزم أيضا برد
الإرباح التي جناها والتي قصر في جنينها من الشيء الذي تسلمه بدون حق وذلك من يوم
الوفاء أو من اليوم الذي أصبح فيه سيئ النية٬ وعلى أي حال يلزم من تسلم غير مستحق٬
برد الثمرات من يوم رفع الدعوى".
وتبين من خلالها هذا النص٬ انه يجب التمييز ما إذا كان
المدفوع له (الموفى له) حسن النية أو كان سيء النية٬ وهذا التمييز أساسي في تحديد
مقدار ما يرجع به الدافع على المدفوع له.
الموفى له حسن النية ويقصد بحسن النية اعتقاد الموفى له
استحقاقه لما تسلمه وحسن النية دائما مفترض٬ فإذا ادعى الموفى (الدافع) خلاف ذلك
فعليه إثبات ادعائه٬ ويستطيع ذلك بكل وسائل الإثبات وتقدير حسن أو سوء نية الموفى
له يستقل بها قاضي الموضوع لأنها من وسائل الواقع.
الموفى له سيئ النية إذا كان الموفى له سيئ النية فعلى
الموفى إثبات ذلك٬ فانه يتعين عليه إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل دفع الغير
مستحق سواء كان المدفوع نقودا أو أشياء مثلية أو كانت عينا معينه بالذات أما
بالنسبة لسقوط هذه الدعوى فقد جاء في نص م
149 ق م "تسقط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء 10 سنوات من اليوم
الذي يعلم فيه من دفع غير مستحق بحقه في الاسترداد وتسقط الدعوى في جميع الأحوال
بانقضاء 15 سنه من اليوم الذي ينشا فيه هذا الحق".
المبحث الثالث: الفضالة
الفضالة هي أن يتولى شخص عن قصد القيام بشان عاجل لحساب
شخص ما دون أن يكون ملزما بذلك٬ فطرفا الفضالة هما الفضولي وهو الذي يتولى أمر
غيره٬ ورب العمل وهو المستفيد الذي يتولى الفضولي الشأن لحسابه والفضالة تعد حسب
الرأي السائد في الفقه٬ تطبيقا خاصا من تطبيقات الإثراء بلا سبب٬ لان في التزام رب
العمل٬ بتعويض الفضولي ما يمنع من إثراء على حساب الغير.
المطلب الأول: أركان الفضالة
يتضح من خلال نص م 150 ٬م 151 ٬ م 152 ٬ إن الفضالة
تتحقق بـ 3 أركان وهي:
- ركن مادي: وهو قيام الفضولي بشان عاجل لحساب شخص ما.
- ركن معنوي: وهو نية الفضول في أن يعمل لمصلحه
شخص ما هو رب العمل.
- ركن قانوني: وهو أن لا يكون الفضولي قد قام بالعمل
تنفيذا لالتزام عليه.
الفرع الأول: قيام الفضولي بشأن عاجل لرب العمل
يجب أن يكون العمل الذي قام به الفضولي عملا لازما لرب
العمل٬ بمعنى أن رب العمل ما كان ليتوانى
عن القيام به فلن يستطيع من قام بهذا العمل الرجوع بدعوى الفضالة٬ إلا إذا اقره وقبله رب العمل وعندئذ تطبق أحكام
الوكالة.
مثال: إطفاء حريق
شب في المنزل صاحب العمل أو جني محصول يخشى عليه من التلف (عمل مادي) أو عمل ضروري
كدفع ضريبة مستحقه على رب العمل توقيا للحجز الإداري على أمواله.
والخلاصة أن ما يقوم به رب العمل قد يكون ماديا وقد يكون
عملا قانونيا ولكن في جميع الأحوال يجب أن يكون عملا وعاجلا٬ فلا يكفي أن يكون
عملا نافعا.
الفرع الثاني: نية الفضولي في العمل لمصلحه رب العمل (الركن المعنوي)
يجب أن يكون قيام الفضولي بالعمل العاجل لحساب رب العمل٬
بقصد أداء خدمه له٬ وهذا القصد أو النية هو الذي يميز بين الفضالة والإثراء بلا
سبب٬ فالفضولي هو من يعمل لمصلحه الغير لا لمصلحه نفسه إلا انه لا يشترط أن تتصرف
نية الفضولي إلى أهل المصلحة رب العمل وحده٬ بالتحقق الفضالة كما تقول المادة 151
ق م ج ولو كان الفضولي أثناء توليه شانا لنفسه٬ قد تولى شان شخص آخر لما بين
الأمرين من ارتباط ولا يمكن معه القيام بأحدهما منفصلا عن الثاني.
الفرع الثالث: الفضولي يقوم بعمل ليس ملزما به ولا موكلا فيه ولا منهيا عنه
إذا عكس هذه الحالة سيكون مدينا يفي بالتزامه نحو دائنة٬
كالمقاول الذي يقيم بناء لرب العمل٬ فهو ملزم بموجب عقد والغالب أن رب العمل يجهل
تدخل الفضولي٬ إلا انه من الممكن أن يعلم رب العمل تدخل الفضولي ويقف منه موقفا
سلبيا لا يقبله ولا ينهى وفي هذه الحالة تتحقق الفضالة.
أما إذا وافق رب العمل عما قام به الفضولي٬ فانه يصبح
وكيلا في هذه الحالة تطبق أحكام الوكالة وذا ما
تنص عليها م 152 ق م ج.
المطلب الثاني: أحكام الفضالة
سنتكلم في هذا المطلب عن كل من التزامات الفضولي
والتزامات رب العمل والأعمال المشتركة بينهما.
الفرع الأول: التزامات الفضولي [م ٬153 ٬154 ق٬ م٬ ج]
1. أن يمضي في العمل الذي بدأه إلا أن يتمكن رب العمل من
مباشرته بنفسه.
2. ابلغ رب العمل بتدخله متى أمكن ذلك.
3. بدل عناية الرجل العادي في القيام بالعمل.
4. أن يقدم حسابا لرب العمل وان يرد عليه ما استولى عليه
بسبب الفضالة.
الفرع الثاني: التزامات رب العمل [م 157 ق م ج]
1. تنفيذ التعهدات التي عقدها الفضولي نيابة عنه.
2. تعويض الفضولي عن التعهدات التي عقدها باسمه الشخصي.
3. رد النفقات اللازمة والنافعة ودفع اجر الفضولي متى
كان العمل داخلا في أعمال مهنته.
4. تعويض الفضولي عن الأذى الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل.
الفصل الثالث: القانون
يعتبر القانون مصدر غير مباشر لجميع الالتزامات٬
فالالتزامات الناشئة عن العقد أو عن الإرادة المنفردة أو عن العمل الغير مشروع أو
عن شبه العقود٬ مصدرها القانون٬ لأن القانون هو الذي جعلها تنشأ عن هذه المصادر في
القانون مصدر غير مباشر لها٬ لأنه هو الذي جعلها تنشأ مباشرة عن هذه المصادر ولكن
القانون قد يكون مصدرا مباشرا للالتزام٬ وقد حدي القانون المدني الجزائري٬ حدو
التقنيات العربية٬ فنص في المادة 53 على أنه "تسرى على الالتزامات الناجمة مباشرة عن القانون دون غيرها النصوص القانونية
التي قررها"٬ فالقانون إذا لا يعتبر مصدرا مباشرا للالتزام إلا إذا أنشأ بنص
خاص.
خاتمة:
تطرقنا في هذه الدراسة إلى معرفة مصادر الالتزام الغير إرادية وهي كل من العمل الغير مشروع وشبه العقود و في الأخير القانون كمصدر غير إرادي من مصادر القانون، والعمل الغير مشروع يقصد به أيضا العمل الضار، فقد يحدث الشخص ضررا لشخص آخر، نتيجة تقصير منه، مما يوجب عليه التعويض وحيث يستوي في ذلك، كأن يكون الفعل الضار قد صدر من الشخص عمدا أو غير عمدي، في هذه الحالة يطلق عليها المسؤولية عن الأعمال الشخصية، لكن قد يسأل الشخص أيضا عن الأفعال الضارة التي تصدر من الذين تربطهم رابطة التبعية، كالقصر أو ذوي العاهات، ويطلق على هذه الحالة المسؤولية عن عمل الغير (مسؤولية المكلف بالرقابة عن من هم في رقابته، ومسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه) وتتحقق وفقا لما جاء في المادة 136 من القانون المدني، بوجود رابطة التبعية، ووقوع خطأ من التابع حال تأدية الوظيفة وبسببها وبمناسبتها، وهناك أيضا المسؤولية الناشئة عن الأشياء، فإذا كان الشخص يتولى حراسة شيء من الأشياء وكانت له قدرة الاستعمال والتسيير والرقابة على هذا الشيء، فإنه يكون مسئولا عن كل الأضرار، ثم انتقلنا لدراسة شبه العقود كل من الإثراء بلا سبب، الفضالة، الدفع الغير مستحق وأخيرا قمنا بدراسة القانون، ذلك أن كل التزام لابد أن يرد إلى القانون لأنه انعكاس لما هو موجود في المجتمع.