انقضاء الحق
تنقضي الحقوق وتزول بوفاة صاحب الحق أو فقد السيطرة
عليه، حيث ينتقل حق الملكية بعده إلى ورثته أو الموصى إليه، ويسقط أيضا بعدم
الاستعمال إذا اقترنت الملكية بحيازة الغير وتوافرت لهذا الغير شروط التقادم
المكسب فإنه يكتسب هذا الشيء بالتقادم لأن حق الملكية يكتسب بالتقادم ولا يسقط
بالتقادم، كما ان حق الملكية يسقط أيضا إذا تم التصرف فيه مثل البيع أو التنازل
عنه كالهبة، كما أنه يسقط أيضا بالتخلي عنه.
وعليه ومن خلال هذا المبحث تناولت انقضاء الحقوق العينية
في المطلب الأول، ثم تطرقت لانقضاء الحقوق الشخصية المطلب الثاني.
المطلب الأول: انقضاء الحقوق العينية
الحقوق العينية وكما هو معلوم مذكورة في القانون المدني
على سبيل الحصر، إما أن تكون حقوقا أصلية أو حقوقا عينية تبعية، والحقوق الأصلية
هي الملكية وما يتفرع عنها من انتفاع وارتفاقات، وحقوق عينية تبعية وما يتفرع
عنها.
وعليه ومن خلال هذا المطلب تناولت انقضاء الحقوق العينية
الأصلية في الفرع الأول، ثم تطرقت بعدها إلى انقضاء الحقوق العينية التبعية في
الفرع الثاني.
الفرع الأول: انقضاء الحقوق العينية الأصلية
هناك حالات تنقضي بها الحقوق العينية الأصلية، فحق الملكية
ينتهي بوفاة المالك أو بالطرق التي حددها القانون، أما الحقوق المتفرعة عنها
فتنتهي بحسب طبيعة كل شيء، وعليه تناولت انقضاء الحقوق العينية الأصلية أولا، ثم
انقضاء الحقوق المتفرعة عن حق الملكية ثانيا.
أولا- انقضاء حق الملكية:
يعد حق الملكية أوسع الحقوق العينية نطاقا، وكما هو
معروف فإن حق الملكية يخول لصاحبه سلطة كاملة على الشيء ويتميز بأنه حق دائم،
والمقصود بذلك أنه حق دائم بالنسبة إلى الشيء المملوك لا بالنسبة إلى الشخص
المالك، والحق الجامع والمانع ولا يسقط بعدم الاستعمال إلا أنه يسقط بوفاة المالك
حيث ينتقل حق الملكية بعده إلى ورثته أو الموصى إليه ويسقط أيضا بعدم الاستعمال
إذا اقترنت الملكية بحيازة الغير وتوافرت لهذا الغير شروط التقادم المكسب فإنه
يكتسب هذا الشيء بالتقادم لأن حق الملكية يكتسب بالتقادم ولا يسقط بالتقادم كما أن
حق الملكية يسقط أيضا إذا تم التصرف فيه مثل البيع أو التنازل عنه كالهبة كما أنه
يسقط أيضا بالتخلي عنه.
ثانيا- انقضاء الحقوق المتفرعة عن حق الملكية:
1- انقضاء حق الانتفاع:
ينقضي حق الانتفاع بوفاة المنتفع أو بانقضاء المدة أو
بهلاك الشيء المنتفع مثل حق الانتفاع، وحق الاستعمال، وهذه الحقوق جميعا تنقضي
بهلاك الشيء الذي يقع عليه الحق ،فإذا كان لشخص حق الملكية على سيارة واحترقت
السيارة فإن هذا يؤدي إلى انقضاء الحق. حيث نصت المادة 853 من القانون المدني على
ما يلي "ينتهي حق الانتفاع بهلاك الشيء إلا انه ينتقل من شيء هالك إلى ما قد
يقابل قيمته...".
أ- حلول الأجل وموت المنتفع:
إن حلول الأجل أي انتهاء مدة الاستغلال مثلا يؤدي إلى
زوال الحق كما لو تصورنا أننا أمام حق الانتفاع من عقار متمثل في استغلال أرض
فلاحيه خلال مدة فانتهاء المدة يؤدي بالضرورة إلى زوال الحق في الانتفاع من الأرض
وانقضاؤه، حيث نصت المادة 852 من القانون المدني على ما يلي "ينتهي حق
الانتفاع بانتهاء الأجل المعين، فإن لم يعن أجل عد مقررا لحياة
المنتفع،...".
ب- عدم الاستعمال:
إن عدم استعمال الحق مدة زمنية قد يؤدي إلى زواله وهذا
بترك المنتفع حقه دون استعمال مدة زمنية معينة، غير أن حق الملكية مستثنى من هذه
القاعدة لأنه حق دائم لا يسقط بالتقادم بعدم الاستعمال. حيث نصت المادة 854 من
القانون المدني "ينتهي حق الانتفاع بعدم الاستعمال مدة خمسة عشر (15)
سنة".
2- انتهاء حق الارتفاق:
ينتهي حق الارتفاق للأسباب التي حددت في نص المادة 878
من القانون المدني حيث نصت على ما
يلي "تنتهي حقوق الارتفاق بانقضاء الأجل المحدد، وبهلاك العقار المرتفق به
هلاكا تاما أو باجتماع العقار المرتفق به والعقار المرتفق في يد مالك واحد، ويعود
حق الارتفاق إذا زال اجتماع العقارين". ومنه نستنتج أنه إذا تقرر حق الارتفاق
على عقار لمدة خمس سنوات فإنه بانتهاء المدة ينتهي الارتفاق، كما حددت كل الحالات
التي قد ينتهي بها ،كما ينقضي الارتفاق بهلاك العقار المرتفق كليا، وكذلك ينقضي
باجتماع العقار المرتفق به والعقار المرتفق، وكذلك ينقضي بفقد المنفعة المرجوة
للعقار المرتفق.
الفرع الثاني: انقضاء الحقوق العينية التبعية
تنقضي الحقوق العينية التبعية بانقضاء الالتزام الشخصي
الذي تضمنه، كما أنها تنقضي بعدم تجديد الرهن وينقضي الرهن كذلك بنزول المرتهن على
الرهن، وينقضي بانتقال المال المرهون إلى الراهن وينقضي كذلك بهلاك العقار المرهون
أو تطهيره.
وعليه تناولت انقضاء الرهن الرسمي أولا، انقضاء حق
الاختصاص ثانيا، انقضاء الرهن الحيازي ثالثا ،انقضاء حق الامتياز رابعا.
أولا- انقضاء الرهن الرسمي:
ينشأ الرهن الرسمي ضمانا لدين معين ولا يسقط إلا بسقوط
هذا الدين وهذا ما نصت عليه المادة 933 من القانون المدني على ما يلي "ينقضي
حق الرهن الرسمي بانقضاء الدين المضمون، ويعود معه إذا زال السبب الذي انقضى به
الدين، دون إخلال بالحقوق التي يكون الغير حسن النية كسبها في الفترة ما بين
انقضاء الحق وعودته".
وتضيف المادة 934 على أنه "إذا تمت إجراءات التطهير
انقضى حق الرهن الرسمي نهائيا، ولو زالت لأي سبب من الأسباب ملكية الحائز الذي طهر
العقار".
فمن خلال هاذين النصين يتبين أن الرهن الرسمي ينقضي
بانقضاء سبب إنشائه دون المساس بالحقوق التي اكتسبا الغير حسن النية، أما تطهير
تخليص العقار المرهون يقصد به تحريره من القيود التي تثقله، سواء تعلق الأمر
بنوعيه أو بحق التخصيص، أو بحقوق الامتياز العقارية الخاصة، وهو نوعين تطهير
اختياري وتطهير بحكم القانون.
ثانيا- انقضاء حق الاختصاص:
أما حق التخصيص فينقضي بنفس الأسباب التي ينقضي بها
الرهن الرسمي، وهذا عملا بنص المادة 947 من القانون المدني والتي نصت على ما يلي "تكون
للدائن الذي حصل على حق التخصيص نفس الحقوق التي للدائن الذي حصل على رهن رسمي،
ويسري على التخصيص ما يسري على الرهن الرسمي من أحكام وخاصة ما يتعلق بالقيد
وتجديده وشطبه وعدم تجزئة الحق وأثره وانقضائه، وذلك كله مع عدم الإخلال بما ورد
من أحكام خاصة" وبناءًا عليه فإن حق التخصيص ينقضي بتمام إجراءات التطهير،
وبيع العقار بيعا جبريا بالمزاد العلني، وبنزول الدائن عن حق التخصيص، وبإتحاد
الذمة في العقار وبهلاك العقار.
ثالثا- انقضاء الرهن الحيازي:
أما الرهن الحيازي فينقضي بانقضاء الدين حيث تنص المادة 964
من القانون المدني على أنه "ينقضي حق الرهن الحيازي بانقضاء الدين المضمون
ويعود معه إذا زال السبب الذي انقضى به الدين، دون الإخلال بالحقوق التي يكون
الغير حسن النية قد كسبها قانونا في الفترة ما بين انقضاء الحق وعودته".
يستشف من هذا النص أن الرهن الحيازي ينقضي ويزول بانقضاء
الدين الأصلي المضمون بالرهن، كون عقد الرهن تبعي نشأ لضمان حق أصلي، وبصفة آليه
إذا زال الدين زال معه الرهن، غير أن عودة الرهن لا تضر بالغير حسن النية الذي
اكسب حقوقا في الفترة ما بين نشوء الرهن وانقضاء.
رابعا- انقضاء حق الامتياز:
وبخصوص حقوق الامتياز فقد نصت المادة 988 من القانون
المدني على أنه "ينقضي حق الامتياز بنفس الطرق التي ينقضي بها حق الرهن
الرسمي وحق رهن الحيازة، ووفقا لأحكام انقضاء هذين الحقين، ما لم يوجد نص يقضي
بغير ذلك".
وبناءًا على نص هذه المادة ينقضي حق الامتياز على العقار
بما ينقضي به كذلك حق الرهن الرسمي، أي بالتطهير، والبيع الجبري، وبنزول الدائن عن
حق امتيازه، وهلاك الشيء محل الحق، واتحاد الذمة، أما في المنقول فينقضي بما ينقضي
به الرهن الحيازي، ومن ثم فحق الامتياز ينقضي ويزول في الحالات المذكورة.
المطلب الثاني: انقضاء الحقوق الشخصية
الحقوق الشخصية جميعها حقوق مؤقتة بطبيعتها، ذلك أنها
تنشئ علاقات بين الأفراد وتجعل بعضهم ملتزما في مواجهة البعض الآخر، ولا يمكن أن
يكون هذا أبديا والا فإنه يعتبر خطر يمس حرية الملتزم وتنقضي الحقوق الشخصية أي
الالتزامات بعدة أسباب قسمها القانون إلى ثلاث طوائف.
وعليه تناولت انقضاء الحقوق الشخصية بالوفاء في الفرع
الأول، ثم تطرقت إلى الانقضاء بما يعادل الوفاء في الفرع الثاني، وفي الأخير عالجت
الانقضاء دون الوفاء في الفرع الثالث.
الفرع الأول: الانقضاء بالوفاء
الوفاء هو الحالة الطبيعية لانقضاء الحق الشخصي، وهو
تنفيذ المدين ما التزم به عينا تجاه الدائن، ويشترط في بعض الالتزامات كالالتزام
بالقيام بعمل أن يتم الوفاء من المدين نفسه إذ شخصه هو محل اعتبار، وفيما عدا هذا
الاستثناء يجوز أن يكون الموفى شخصا آخر غير المدين وينقضي الحق إذا وفى غير
المدين وللموفي الرجوع على المدين بالدعوى الشخصية أي دعوى الوكالة أو الفضالة أو
الإثراء بلا سبب، وذلك بتوفر الشروط لرفع هذه الدعاوى، ويمكن الرجوع على المدين
بدعوى الحلول حسب الحالات التي نصت عليها المادة 261 من القانون المدني وهي الخاصة
بالحلول القانوني وزيادة علة هذه الحالات يمكن للموفي الرجوع على المدين بدعوى
الحلول اذا تم الاتفاق بينهما على ذلك، ويسمى هذا بالحلول ألاتفاقي.
ولكي ينقضي الدين بالوفاء يجب أن يشمل محل الوفاء ما كان
مستحقا أصلا في ذمة المدين، أي عين ما التزم به، فلا يمكن أن يجبر الدائن على قبول
الوفاء الجزئي، وقد نصت المادة 277/ 1 من القانون المدني على ما يلي: "لا
يجبر المدين الدائن على قبول وفاء جزئي لحقه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير
ذلك".
وهو ما يطلق عليه عدم تجزئة الوفاء، غير أنه يجوز ذلك
إذا كان محل اتفاق بين الطرفين، كما لا يجوز للمدين إجبار الدائن على قول شيء غير
الذي تم الاتفاق عليه.
الفرع الثاني: الانقضاء بما يعادل الوفاء
قد ينقضي الحق ولكن ليس بالطرق الطبيعية وهي طريقة
الوفاء، وانما ينقضي عن طرق انقضاء الحق بما يعادل الوفاء، أي أن المدين يستوفي
حقه ولكن بطرق أخرى وهي، الوفاء بالمقابل أولا، التجديد ثانيا، الإنابة ثالثا،
والمقاصة رابعا، واتحاد الذمة خامسا.
أولا- الوفاء بمقابل:
الوفاء بمقابل نظمه المشرع الجزائري في الفصل الثاني تحت
عنوان انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء ،حيث تم تعريفه في المادة 285 كما يلي "إذا
قبل الدائن في استيفاء حقه مقابلا استعاض به عن الشيء المستحق قام هذا مقام
الوفاء".
والشائع في هذه الحالة هي أن يكون المدين ملتزم بدفع
مبلغ من النقود ويعجز عن إعادته فيقبل الدائن منه في استفاء حقه نقل ملكية عقار أو
منقول وفاء لهذا الالتزام، ولا مانع من أن يكون نقل ملكية شيء هو الالتزام الأصلي
ويرضى الدائن بدلا منه مبلغا من النقود.
ثانيا- التجديد:
التجديد هو عبارة عن تصرف قانوني يتم بمقتضاه الاتفاق
بين ذوي الشأن على وضع نهاية لحق قديم وانشاء حق جديد، بحيث حددت المادة 287 من
القانون المدني على ما يأتي "يتجدد الالتزام:
- بتغيير الدين إذا اتفق الطرفان على استبدال الالتزام
الأصلي بالتزام جديد يختلف عنه في محله أو في مصدره،
- بتغيير المدين إذا اتفق الدائن والغير على أن يكون هذا
الأخير مدينا مكان المدين الأصلي على أن تبرأ ذمة المدين الأصلي دون حاجة لرضائه،
أو إذا حصل المدين على رضا الدائن بشخص أجنبي قبل أن يكون هو المدين الجديد،
- بتغيير الدائن إذا اتفق الدائن والمدين والغير على أن
يكون هذا الأخير هو الدائن الجديد".
واضافة على نص المادة سالفة الذكر نصت المادة 291/ 01 من
القانون المدني بقولها "يترتب على التجديد انقضاء الالتزام الأصلي بتوابعه،
وانشاء التزام جديد مكانه".
أي أن هذا الاتفاق يحل بموجبه التزام جديد محل الالتزام
القديم، فينقضي الحق القديم ونشأ محل حق جديد محله ،ولحصول التجديد يجب أن يكون
الالتزامان القديم والجديد مرتبطان إذ لا ينقضي الالتزام الأصلي إلا إذا حل محله
الجديد ولا ينشأ الجديد إلا بانقضاء الأصلي كما قد يتم التجديد بتغيير سبب الدين
فيكون سبب الحق القديم مثلا عقد بيع ويصبح بالتجديد عقد قرض، وقد يتم التجديد
بتغيير الدائن أو المدين حسب الحالات المذكورة أنفا.
ثالثا- الإنابة:
الإنابة هي تصرف قانوني يتم بمقتضاه الاتفاق على انقضاء
حق قديم وانشاء حق جديد يحل محله، حيث تنص المادة 294 من القانون المدني على ما
يلي "تتم الإنابة إذا حصل المدين على رضاء الدائن بشخص أجنبي يلتزم بوفاء
الدين مكان المدين، ولا تقتضي الإنابة أن تكون هناك حتما مديونية سابقة بين المدين
والغير".
وبناءًا عليه يتم استبدال حق جديد بالحق الأصلي ويكون
ذلك بتغير الدين أو المدين أو الدائن وتغير التجديد طريقا من طرق انقضاء الحق
ومصدرا من مصادر إنشائية في آن واحد ويشرط لوقوعه ثلاثة شروط:
- وجود التزام قديم أولا حتى ينشأ بعد ذلك التزام جديد
ليحل محله.
- إنشاء التزام جديد، حيث أن جوهر فكرة التجديد هو
انقضاء الالتزام القديم ونشوء الالتزام الجديد ليحل محله.
- نية التجديد حيث القاعدة أن التجديد لا يفترض بل يجب
أن يقف عليه صراحة أو أن يتخلص بوضوح من الظروف، وهي عمل قانوني به يحصل المدين
على رضا الدائن بشخص أجنبي يلتزم بوفاء الدين مكانه.
رابعا- المقاصة:
هي اجتماع صفتي المدنين والدائن في كل طرفي الالتزام،
وهناك المقاصة القانونية والاتفاقية أو القضائية، ويشترط في القانونية أن يكون
الدينان دين نفس الشخصين وواردين على نقود أو مثليات متحدة النوع وخاليين من النزاع،
ويترتب على إجراء المقاصة انقضاء حق الدائن للقدر الذي تمت به، واذا لم تتوافر
الشروط السابقة يجوز أن تقع المقاصة باتفاق الطرفين عندما تتخلف المقاصة القانونية
كأن يسمح صاحب الحق المستحق الأداء بإجراء المقاصة مع صاحب الحق المؤجر، ولا يجوز
إجراء المقاصة الاختيارية إلا باختيار الطرفين أما المقاصة القضائية فيستطيع
المدعي عليه في حق المتنازع فيه إذا كان دائنا للمدعي بمبلغ معين أن يطلب من
القاضي إجراء المقاصة وللقاضي سلطة تقديرية في ذلك.
خامسا- إتحاد الذمة:
إتحاد الذمة هي أن يجتمع في نفس الشخص صفة الدائن
والمدين كأن يرث المدين الدائن ويشترط أن يكون وارثه الوحيد وتكون المقاصة بمقدار
ما يرثه عند تعدد الوارث، فإذا كان يرث الربع تجري المقاصة في حدود الربع، ويبقى
مدينا بقدر ثلاثة أرباع وقد يحدث اتحاد الذمة عن طريق الوصية وذلك في حالة ما اذا
أوصى الدائن للمدين بما له في ذمته فينقضي حق الدائن في حدود الثلث واذا كانت
الوصية أكثر من الثلث ولم يقر الورثة الزيادة فان اتحاد الذمة يزول بالقدر الذي لم
يقره الورثة ولا ينقضي الدين إلا في حدود الثلث، لان الوصية لا تتجاوز الثلث شرعا
ففي حال ما إذا اجتمعت في يد شخص واحد صفتين نكون أمام حالة إتحاد الذمة.
ومثال ذلك أن يكون الشخص مدينا لمورثه وبعد الوفاة
انتقلت حقوق المورث إليه ويترتب عن ذلك أن الشخص صار دائنا لنفسه، وهذا وما نصت
عليه المادة 304 من القانون المدني "إذا اجتمع في شخص واحد صفتا الدائن
والمدين بالنسبة إلى دين واحد، انقضى هذا الدين بالقدر الذي أتحدت فيه الذمة".
الفرع الثالث: الانقضاء دون الوفاء
قد ينقضي الحق ولكن ليس بالطرق الطبيعية ولا بالطرف
المذكورة أنفا، وانما ينقضي عن طريق انقضاء الحق بما يعادل الوفاء، أي أن المدين
يستوفي حقه ولكن بطرق أخرى فينقضي الحق الشخصي دون وفاء في، حالة الإبراء أولا، أو
في حالة استحالة التنفيذ ثانيا، أو سقوطه بالتقادم ثالثا.
أولا- الإبراء:
الإبراء نظمه المشرع الجزائري في المادتين 305 306 من
القانون المدني، حيث نصت المادة 305 على أنه: "ينقضي الالتزام إذا برأ الدائن
مدينه اختياريا، ويتم الإبراء متى وصل إلى علم المدين، ولكن يصبح باطلا إذا رفضه
المدين".
أما المادة 306 نصت على ما يأتي "تسري على الإبراء
الأحكام الموضوعية التي تسري على كل تبرع ولا يشترط فيه شكل خاص ولو وقع على التزام
يشترط لقيامه توافر شكل فرضه القانون أو اتفق عليه المتعاقدان".
ويكون الإبراء بإرادة الدائن المنفردة ويشترط فيه أن
يكون الدائن أهلا للتبرع لأنه تصرف بدون عوارض ويمكن للمدين رد الإبراء لذلك هناك
من يرى أن الإبراء هو اتفاق بين المدين والدائن ولا يكون له أي اثر اذا رده
المدين، فمن من خلال هذا النص نستنتج أنه قد لا ينفذ المدين الالتزام الذي عليه،
وبالتالي لا يؤدي حق الغير ومع ذلك يسقط الالتزام وينقضي معه الحق، كأن يقوم
الدائن إراديا وهو مختارا بإبراء ذمة المدين من الالتزام الذي عليه، وهذا موقوف
على موافقة المدين فإذا رفضه عد باطلا.
ثانيا- استحالة التنفيذ:
إن استحالة التنفيذ واستحالة الوفاء فقد نظمه المشرع
بموجب أحكام المادة 307 من القانون المدني بقولها: "ينقضي الالتزام إذا أثبت
المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي عن إرادته".
وعليه ينقضي الحق إذا استحال المدين تنفيذه وكانت
الاستحالة راجعة إلى سبب أجنبي كالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو خطأ الغير أو
فعل الدائن، وليس على المدين التعويض إذا كان فعل الدائن أو الغير هو السبب الوحيد
الذي أدى إلى الضرر أما إذا كانت الاستحالة ترجع إلى المدين نفسه فهو ملزم
بالتعويض، ومعنى استحالة التنفيذ وجود قوة قاهرة حالت دون تنفيذ المدين لدينه ففي
مثل هذه الحالة ينقضي الحق.
ثالثا- الانقضاء بالتقادم:
وينقضي الحق الشخصي دون وفاء أيضا بالتقادم، وهذا بحسب
نص المادة 308 من القانون المدني والتي نصت على ما يلي "يتقادم الالتزام
بانقضاء خمسة عشر سنة فيما عدا الحالات التي ورد فيها نص خاص في القانون وفيما عدا
الاستثناءات الآتية".
فالقاعدة العامة هي ما تم النص عليها في المادة سالفة
الذكر، أما الاستثناءات على هذه القاعدة هو ما نصت علية المواد من 309 إلى 322
والتي عالجت معظم الحالات التي تؤدي إلى الانقضاء بالتقادم.
المرجع:
- د. غنيمي طارق، نظرية الحق، مطبوعة مقدمة لطلبة السنة الأولى ليسانس، جامعة أكلي محند أولحاج- البويرة-، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر ، السنة الجامعية: 2020/2021، ص63 إلى72.