النظام السياسي الجزائري
لقد
عرفت الجزائر حقبة جديدة ابتداء من دستور 23 فبراير 1989 حيث عرفت نظام ديمقراطي
تعددية حزبية٬ كما عرفت قواعد جديدة تحكم العلاقات بين الهيئة التشريعية
والتنفيذية٬ كما تبنت مبدأ الفصل بين السلطات وتوسيع مجال الحقوق والحريات الفردية٬
نظام اقتصاد السوق٬ وانطلاقا من ذلك فإن نظاما جديدا للعلاقة قد قام بين الهيئتين
التنفيذية والتشريعية يرتكز على الفصل المتوازن بينهما٬ على خلاف ما كان سائدا في
ظل الدساتير السابقة دستور 1976 الذي كان ينظم العلاقات بين الهيئتين على أساس
تفوق وهيمنة السلطة التنفيذية على حساب الهيئة التشريعية من خلال إمكانية حل
البرلمان دون إمكانية هذا الأخير سحب الثقة من الحكومة.
وبالتالي
النظام السياسي الجزائري من دستور 1989 يقوم على أساس الفصل بين السلطات٬ السلطة
التنفيذية والتشريعية والقضائية٬ وكفل مبدأ الفصل المرن والنسبي بين السلطة
التنفيذية والتشريعية وذلك من خلال إقامة علاقات بينهما التي تتجلى في تعاون
ورقابة متبادلة كذلك بينهما.
سنرتكز
في هذه الدراسة على تكييف طبيعة النظام السياسي الجزائري بعد تبنيه لمبدأ الفصل
بين السلطات٬ أي ابتداء من دستور 1989.
المطلب الأول: ثنائية السلطة التنفيذية
نرتكز
في دراستنا للنظام السياسي الجزائري على فترة الانفتاح الاقتصادي والسياسي٬ إذ تم
التخلي عن التوجه الاشتراكي وتبني خيار اقتصاد السوق الحرة٬ ونظام سياسي واضح
المعالم٬ نص دستور 1989 على ثنائية السلطة التنفيذية تتكون من رئيس الجمهورية
ورئيس الحكومة.
الفرع الأول: رئيس الجمهورية
على
رأس السلطة التنفيذية رئيس الجمهورية منتخب عن طريق الاقتراع العام المباشر
والسري٬ ويكون الفوز بالمنصب الرئاسي لكل مترشح تحصل على الأغلبية المطلقة للأصوات
المعبر عنها٬ وألا يكون دورة ثانية٬ بين المترشحين الذين تحصلا على أكبر الأصوات
في الدورة الأولى ولمدة خمس (05) سنوات.
الفرع الثاني: الوزارة (الحكومية)
يعين
رئيس الحكومة من قبل رئيس الجمهورية من الأغلبية البرلمانية وهو قيد عملي ليس
دستوري٬ وعلى هذا الأخير اقتراح طاقمه الوزاري
ويعينهم رئيس الجمهورية وعزل أعضاء الحكومة يكون في يد رئيس الجمهورية
كذلك٬ حيث تنص المادة 75 من دستور 1989 "يعين رئيس الحكومة من قبل رئيس
الجمهورية وينهي مهامه"٬ كما لرئيس الجمهورية حق إنهاء مهامه٬ حيث يقول جورج
بونيبدوا في إعلان له أمام الجمعية الوطنية
في 21 جوان 1964 أنّ الثقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة عنصر أساسي
لكي يبقى هذا الأخير في منصبه٬ إذا فقد ثقته مع رئيس الجمهورية فعلية بالاستقالة٬
لا يمكن تصور وزير أول فقد فيه رئيس الجمهورية الثقة أن يبقى لأنه سيرفض الإمضاء
على التقارير الحكومية.
وبالتالي
لرئيس الجمهورية حق إنهاء مهام رئيس الحكومة بحكم تعيينه له٬ وبالتالي رئيس
الحكومة في موضع سلبي٬ عليه أن يحظى بثقة رئيس الجمهورية وإلا أقاله٬ كما عليه أن
يحظى بثقة البرلمان ٬ وإلا لا يمكن له المواصلة في الساحة السياسية٬ ولقد حدث في
عدة مرات استقالة وإقالة حكومات في الجزائر لم تبقى في الحكم إلا بضعة أشهر مثل
حكومة قاصدي مرباح حيث أقال الرئيس هذه الحكومة٬ بحجة أنها عطلت برنامج الإصلاحات
السياسية والاقتصادية الذي يعد رئيس الجمهورية باعثها الرئيسي.
حيث
جاءت حكومة قاصدي مرباح مباشرة عقب أحداث
أكتوبر 1988 لتجسيد الإصلاحات الدستورية والسياسية التي جاء بها دستور 1989 ولكنها
لم تصمد طويلا أمام الهزات السياسية
والإعلامية التي رافقتها٬ وجاءت حكومة مولود حمروش (09 سبتمبر 1989-05 نوفمبر 1991)٬ أو ما يعرف
بحكومة الإصلاحات التي كانت تمثل تجسيدا
لخيارات التوجه الإصلاحي داخل جبهة التحرير الوطني التوجه نحو اقتصاد السوق٬ حيث
كان لها مهمات جد مهمة في الإصلاح الاقتصادي والشؤون الداخلية٬ وتراجع دور رئيس
الجمهورية في هذه الفترة٬ وبعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد دخلت الجزائر في
مرحلة انتقالية إلى غاية دستور 1996 الذي حافظ على ثنائية السلطة التنفيذية وتوزيع
الاختصاصات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة باعتبار هذا الأخير صاحب البرنامج
السياسي المسؤول عليه أمام البرلمان بغرفتيه.
ولكن
تعديل سنة 2008 أقلب الموازين وركز على تقوية مركز رئيس الجمهورية على حساب الوزير
الأول الذي اعتبر كمساعد لرئيس الجمهورية من أجل تنفيذ برنامجه٬ وانتقلنا بذلك إلى
أحادية السلطة التنفيذية حيث ألغى منصب رئيس الحكومة وإلغاء مجلس الحكومة والإبقاء
فقط على مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية٬ كما أن تعديل الدستور سنة 2016 حافظ
على هذا المكسب لرئيس الجمهورية.
الفرع الثالث: صلاحية السلطة التنفيذية
في
ظل الدستور 1989 و 1996 كانت لرئيس الحكومة صلاحيات يتقاسمها مع رئيس الجمهورية٬
ولكن ابتداء من تعديل 2008 تم تعديل صلاحيته وأصبح منسق للوزارة فقط.
أولا: صلاحيات رئيس الجمهورية
لرئيس
الجمهورية عدة صلاحيات في دساتير قانون الجزائرية بل أكثر من ذلك فنظام السياسي
الجزائري عرف هيمنة رئيس الجمهورية على باقي السلطات من بين هذه الصلاحيات:
-
حق إصدار اللوائح التنظيمية المستقلة٬ مثل المراسيم التنظيمية لإنشاء المرافق
العامة.
-
حق العفو وهو العفو عن العقوبة لأن العفو الشامل من اختصاص البرلمان ويكون بقانون.
-
تولي القيادة العليا للقوات المسلحة (باعتبار رئيس الجمهورية يجسّد وحدة الأمة)٬
من أجل تقوية مركز رئيس الجمهورية في المؤسسة العسكرية.
-
حق تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين وعزلهم٬ ولكن التعيين في الوظائف المدنية
لرئيس الحكومة أيضا حق التعيين في بعض الوظائف:
- لرئيس
الجمهورية حق تعيين الأمين العام للحكومة.
لرئيس
الجمهورية حق تعيين محافظ البنك المركزي الجزائري.
لرئيس
الجمهورية حق تعيين المديرون الوطنيون في مصالح الأمن.
لرئيس
الجمهورية حق تعيين الولاة.
إعلان
حالة الحصار أو الطوارئ أو الحالة الاستثنائية من صلاحيات رئيس الجمهورية.
تعيين
السفراء وعزلهم.
إعلان
الحرب.
التصديق
على المعاهدات ولكن يجب موافقة البرلمان عليها.
ثانيا: صلاحيات الحكومة
تنفيذ
القوانين والتنظيمات عن طريق إصدار اللوائح التنظيمية التنفيذية.
توزيع
الصلاحيات بين أعضاء الحكومة.
تحضير
برنامج الحكومة وعرضها على البرلمان من أجل الموافقة عليها٬ وتنفيذها.
والملاحظ
أنه رغم الصلاحيات الواسعة الممنوحة لرئيس الجمهورية إلّا أنه غير مسؤول٬ أمّا
المسؤولية السياسية أمام البرلمان فالحكومة هي المسؤولة سياسيا٬ وهناك مجلس
الوزراء بقيادة رئيس الجمهورية مجلس الحكومة بقيادة رئيس الحكومة.
ولكن
في تعديل 2008 أصبح الأمر غير ذلك فمهام الوزير الأول قد تقلص أصبح عبارة عن منسق
للحكومة ويضبط مخطط عمل الحكومة من أجل تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية والحكومة
مسؤولة على كيفية تنفيذه أمام البرلمان٬ وأصبحت صلاحيات رئيس الجمهورية تفوق
صلاحيات رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي.
المطلب الثاني: الفصل المرن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية
لقد
أعاد تنظيم السلطة التشريعية في ظل دستور٬1996 حيث أصبحت تتكون من غرفتين: المجلس
الشعبي الوطني المنتخب عن طريق الاقتراع العام السري والمباشر٬ ومجلس الأمة الذي
يجمع بين التعيين بثلث (1/3) أعضائه من قبل رئيس الجمهورية (2/3) الآخرين ينتخبون
عن طريق الانتخاب غير المباشر٬ وللبرلمان صلاحية سن القوانين والمراقبة في مواجهة
السلطة التنفيذية.
ولقد
تبنى المؤسس الدستوري الجزائري منذ 1989 الفصل المرن بين السلطات حيث يظهر في مجال
الفصل العضوي٬ لا يمكن الجمع بين العضوية في البرلمان ومنصب الوزارة، أي لا يمكن
لنائب أن يكون في آن واحد وزير في الطاقم والعكس صحيح٬ وهذا خلاف لما هو موجود في
النظام البرلماني٬ والفصل الوظيفي نجد لكل سلطة اختصاصات مستقلة عن الأخرى رغم أنه
هناك بعض مجال للتدخل في اختصاصات الهيئتين٬ مع وجود رقابة متبادلة بينهما.
الفرع الأول: العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية
تمتلك
كل سلطة من هاتين السلطتين آليات رقابية في مواجهة سلطة أخرى من أجل إيقافها أو
على الأقل الحد من هيمنتها وحتى تؤدي مهامها على أحسن وجه.
أولا: تأثير البرلمان على الحكومة
يملك
البرلمان مجموعة من الوسائل التي تمكنه من الرقابة على الحكومة لأن رئيس الجمهورية
غير مسؤول سياسيا.
الأسئلة:
لقد
نشأ حق طرح الأسئلة في انجلترا٬ ومن ثم انتقل إلى الدول الأخرى٬ بذلك أصبحت
الدساتير الحديثة تنص صراحة على هذا الحق٬ الذي يعتمد عليه كإحدى صور الرقابة
البرلمانية على الحكومة، ولهذا نصت المادة 134 من دستور 1996 على أنه: "يمكن
لأعضاء البرلمان أن يوجهوا أي سؤال شفوي أو كتابي إلى أي عضو في الحكومة".
إذن
خول الدستور للنواب وأعضاء مجلس الأمة طرح
الأسئلة الشفوية على أي عضو في الحكومة و تكون الإجابة عليه في جلسات المجلس حسب
الحالة، والسؤال الشفهي أو الكتابي هو
علاقة شخصية بين السائل والمسؤول ولا تتبعه
مناقشة من قبل النواب الآخرون، ولكن هناك نوع ثالث من الأسئلة تسمى الأسئلة
مع المناقشة٬ وذلك في حالة ما إذا رأت إحدى الغرفتين أن جواب عضو الحكومة شفويا
كان أم كتابيا يبرر إجراء مناقشة أن يفتح هذا مناقشة في هذا الشأن حسب المادة 134
دستور 1996 وتكون المناقشة بناء على طلب يتقدم به 20 نائب حسب نص المادة 101 من
النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني أو خمسة عشر عضوا من مجلس الأمة حسب المادة
83 من النظام الداخلي لمجلس الأمة.
وتجذر الإشارة أن ليس لهذه الآلية الرقابية أي
أثر قانوني على الحكومة فلا يمكن إثارة مسؤوليتها بمناسبة الأسئلة٬ فهي وسيلة
استعلامية لا أكثر.
الاستجواب:
يمكن
لغرفتي البرلمان استجواب الحكومة في إحدى قضايا الساعة حسب المادة 133 من الدستور
الجزائري٬ وهو عبارة عن استيضاح يقدم من أحد نواب البرلمان إلى أحد أعضاء الحكومة
بشأن موضوع يدخل في اختصاصه بقصد محاسبته عما يكون قد حدث من إهمال أو مخالفة، وهو
أخطر من السؤال لأنه قد يؤدي إلى سحب الثقة من الوزير المعني.
بحيث
يوقع نص الاستجواب على الأقل من طرف ثلاثين نائبا أو ثلاثون عضوا من مجلس الأمة
ويجب أن يسلم إلى رئيس الغرفة، ويوضع الاستجواب في مكتب إحدى الغرفتين وتحدد جلسة
لدراسة هذا الاستجواب بعد 30 يوما من تاريخ إيداعه في المكتب٬ ولا يمكن أن يؤدي
إلى إثارة المسؤولية بمناسبة طرح الاستجواب.
في المشرع الجزائري جعل الاستجواب وسيلة
للاستعلام كذلك فلا يمكن محاسبة الحكومة بمناسبته رغم أن الاستجواب وسيلة للاتهام
والمحاسبة في الأصل إلّا إنه طغى الشكل على المضمون في الجزائر.
لجان التحقيق:
يخول
الدستور لأعضاء البرلمان حق إنشاء لجان التحقيق من أجل تقصي الحقائق وإجراء
تحقيقات في أي موضوع يتعلق بالحكومة وبالإدارة٬ فإنّ حسب تعديل 2016 نصت المادة
180 منه على حق كل من غرفتي البرلمان في إنشاء لجان تحقيق ذات مصلحة عامة، ولا
يمكن إنشاء لجنة تحقيق في قضايا هي محل إجراء قضائي لمنع أي تداخل مع اختصاص
السلطة القضائية والمساس بمبدأ الفصل بين السلطات.
كما نصت كل الدساتير المتعاقبة الجزائرية على
هذه الآلية الرقابية البرلمانية، كما نصت على ذلك المادة 69 من النظام الداخلي
للمجلس الشعبي الوطني.
ونظرا لأهمية هذه اللجان الرقابية فقد خصها
المشرع بأحكام أوردها في القانون العضوي وبما يضبط كيفيات المبادرة بإنشائها
وتشكيلها وعملها ونتائجها٬ حيث حدّدت المادة 78 من القانون العضوي رقم 16-12
النصاب لطلب إنشاء لجنة تحقيق على الأقل 20 نائبا أو 20 عضوا من مجلس الأمة٬ ونصت
المواد من 77 إلى 87 من نفس القانون على إجراءات إيداع لائحة اقتراح لجنة التحقيق
وشروطها٬ حيث يجب أن ترتبط طلب إنشاء لجنة التحقيق بالمصلحة العامة، وتتم عملية
التحقيق خلال ستة أشهر غير قابلة للتجديد إلا مرة واحدة، وقيدت هذه اللجان بعدة
قيود التي تعيق عملها منها:
وجوب
توقيع لائحة إنشاء اللجان من قبل 24 عضوا و 20 نائبا وهو شرط تعجيزي يصعب تحقيقه.
منح الثقة:
إن
أهمية الثقة البرلمانية تترجم بالمسؤولية السياسية في فقدان الوزراء لسلطاتهم في الحكومة٬ أي إجبار الوزراء على الاستقالة في
حالة رفض البرلمان منح الثقة للحكومة٬ وهذه التقنية أدخلها الدستور الجزائري لسنة
1989 لأول مرة٬ وهو الأمر الذي كرسه دستور 1996 وتعديلاته٬ حيث بمجرد تعيين رئيس
الحكومة والطاقم الوزاري يضع البرنامج الحكومي وعليه أن يعرضه على المجلس الشعبي٬
وبعد التصويت عليه يعرضه على مجلس الأمّة حسب المادة 80 من الدستور الجزائري 1996
ونفس المقتضيات أخذ بها تعديل 2016 وبعد مناقشته إذا وافق عليه المجلس الشعبي
الوطني فيمنح الثقة للحكومة من أجل الشروع في تنفيذ البرنامج الحكومي.
وإذا
رفض البرلمان منح الثقة فعلى الحكومة تقديم استقالتها لرئيس الجمهورية٬ وعلى هذا
الأخير تعيين حكومة أخرى٬ ولكن في المقابل جاء دستور 1989 بميكانيزم حل المجلس
الشعبي الوطني وجوبا إذا رفض البرنامج الحكومي للمرة الثانية وذلك من أجل منع خلق
أزمات وزارية بالتغيير المستمر للحكومات ويؤدي إلى الاستقرار الحكومي.
وتجدر
الإشارة أن في تعديل 2016 أصبح البرلمان يمنح الثقة لكيفية تنفيذ البرنامج السياسي
لرئيس الجمهورية وذلك بمراقبة مخطط عمل الحكومة من أجل تنفيذ برنامج رئيس
الجمهورية الذي يتقدم به الوزير الأول إلى غرفتي البرلمان.
ولكن
الغريب في الأمر أنه ولا حكومة جزائرية استطاع البرلمان إثارة مسؤوليتها٬ وهو دليل
على عدم فعالية هذه الرقابة.
تقديم بيان السياسة العامة أمام البرلمان:
إنّ
الحكومة تقدم سنويا عرضا للبرلمان عن المهام المنوطة بها٬ وهو تنفيذ البرنامج
الموافق عليه من قبل البرلمان أو المخطط٬ وعليه يعتبر البيان عبارة عن وسيلة إبلاغ
من أعضاء الحكومة لأعضاء البرلمان وإحاطتهم بما تم تطبيقه أثناء السنة الفارطة من
برنامجها٬ وما هو في طور التحقيق والآفاق المستقبلية التي تنوي الحكومة القيام
بها٬ كما تبرز الصعوبات التي اعترضنها حسب
المادة 84 من الدستور الجزائري ٬1996 وبعد مناقشة هذا البيان فإذا وافق البرلمان
على هذا البيان فتجدد الثقة في الحكومة .
أما
إذا رفض بيان السياسة العامة عن طريق تبني ملتمس الرقابة أو ما يسمى بلائحة
اللوم التي يجب أن يوقع عليها سبع النواب
حسب المادة 135 من الدستور الجزائري ٬1996 و بمقتضى المادة 136 من الدستور
الجزائري 1996 التي تنص على أنه:" يتم التصويت على ملتمس الرقابة إلا بعد
ثلاثة ايام من تاريخ إيداع ملتمس الرقابة اقتراح ملتمس الرقابة يستوجب غالبية ثلثي
النواب٬ كما نصت على ذلك المادة 136 من
الدستور كما نصت على ذلك المادة 58 من القانون العضوي رقم 16-٬12 وإذا تحقق هذا
النصاب فعل الحكومة تقديم استقالتها لرئيس الجمهورية٬ ولكن لم حدث في تاريخ
الجزائر أن صوت البرلمان على ملتمس الرقابة.
ولكن
في فرنسا في عهد الرئيس ديغول قدمت الحكومة استقالتها نتيجة لتبني الجمعية الوطنية
ملتمس الرقابة في 05 أكتوبر 1962.
تقديم رئيس الحكومة طلب التصويت بالثقة:
إنّ
مسألة لجوء الحكومة للتصويت بالثقة يكون في عدة مجالات:
إذا
كان هناك معارضة لسياسة الحكومة سواء عن طريق النواب ومن الساحة السياسية رئيس
الحكومة إلى المجلس الشعبي الوطني طالبا للتصويت بالثقة، فإن تحصلت على ثقة
البرلمان فهذا يعتبر انتصارا على المعارضة فالحكومة تتمتع بثقة الأغلبية
البرلمانية أو العكس.
إذا
وجد خلاف حاد بين الحكومة ورئيس الجمهورية.
بمناسبة
مشروع قانون.
بمناسبة
بيان السياسة العامة، وهذه الحالة هي الوحيدة التي نص عليها الدستور الجزائري٬ حيث
حددت في نظامها الجزائري أن لجأت حكومة مولود حمروش في 11 ديسمبر 1990 إلى المجلس
الشعبي الوطني طالبة للتصويت بالثقة مناسبة بيان السياسة العامة وتحصلت على ثقة
275 نائب ( أغلبية ساحقة)٬ وفي هذه الحالة المجلس الشعبي الوطني أمام حلين أما
يصوت بالثقة أي يلتزم بمساندة الحكومة وتأييدها في تنفيذ برنامجها٬ أما يصوت بعدم
الموافقة٬ وفي هذه الحالة تتخذ ضده إجراءات أخرى٬ والتصويت يجدد الثقة بالأغلبية
البسيطة٬ وفي هذه الحالة نصت المادة 84 من الدستور الجزائري على أنه:" إذا رفض المجلس الشعبي الوطني التصويت
بالثقة للحكومة فعلى رئيس الحكومة تقديم استقالة حكومته أمام رئيس الجمهورية٬
كما يمكن لهذا الأخير اللجوء إلى حل المجلس الشعبي الوطني دون مجلس الأمة.
وبالتالي
المجلس الشعبي الوطني مهدد بالحل في حالة رفض التصويت بالثقة فهو مقيد ودوره غير
فعال في هذه الحالة.
الفرع الثاني: تأثير السلطة التنفيذية على البرلمان
تمتلك
السلطة التنفيذية عدة آليات لتؤثر على السلطة التشريعية وتراقبها كسلاح موازي.
أولا: حق الاعتراض
وهي
تقنية الدستورية المميزة للنظام الرئاسي الذي تهدف إلى تدعيم سلطة رئيس الجمهورية٬
لأن في هذه الحالة الموافقة على القانون المعترض عليه من قبل رئيس الجمهورية يجب
موافقة
(2/3)
أعضاء المجلسين حتى يسقط الاعتراض٬ حسب نص المادة 145 في تعديل 2016 و يسقط
الاعتراض إذا أقره (2/3) بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة٬
وحسب نص المادة 145 من تعديل 2016.
ثانيا: حل البرلمان من قبل رئيس الجمهورية
بمناسبة
عدم التصويت بالثقة للحكومة٬ يحل المجلس الشعبي الوطني دون مجلس الأمة٬ كما يمكن
لرئيس حله دون أي قيود أو حجج يمكن له إنهاء العهدة النيابية قبل نهاية المدة القانونية حسب المادة 147 ومن تعديل 2016
التي تنص على أنه يمكن لرئيس الجمهورية أن
يقرر حل المجلس الشعبي الوطني٬ وإجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها٬ بدون أي قيود
إلّا بعد الشروط الشكلية المطلوبة كاستشارة رئيس مجلس الأمة، رئيس المجلس الشعبي
الوطني٬ ورئيس المجلس الدستوري٬ و الوزير الأول.
ثالثا: اللجوء للاستفتاء
يمكن
لرئيس الجمهورية اللجوء إلى الاستفتاء أو عرض أي قضية ذات أهمية وطنية على
الاستفتاء الشعبي.
رابعا: حق السلطة التنفيذية في دعوة البرلمان للانعقاد
باعتبار
أن البرلمانات لا يعقد بصفة دائمة ومستمرة طوال السنة وإنما دوراته محدودة ويتم
تحديدها من قبل الدساتير٬ وتعتبر دعوة البرلمان للانعقاد وإنهاء اجتماعاته من
اختصاص السلطة التنفيذية في ظل الظروف العادية، أما في الاجتماع البرلمان في دورة
غير عادية بمبادرة من رئيس الجمهورية، كما يمكنك ذلك أن يجتمع باستدعاء من رئيس
الجمهورية بطلب من الوزير الأول أن يطلب من ثلثي (2/3) أعضاء المجلس الشعبي الوطني
حسب نص المادة 135 فقرة 02 من تعديل 2016.
وتجدر
الإشارة أن في تعديل 2016 أصبحت عدد دورات البرلمان دورة واحدة مدتها 10 أشهر
ويمكن أن تمدد بطلب من الوزير الأول.
المطلب الثالث: طبيعة النظام السياسي الجزائري في ظل الدستور 1996 المعدل والمتمم
يقوم
النظام السياسي الجزائري في ظل هذا الدستور على ثنائية السلطة التنفيذية التي تنص
عليها لأول مرة في دستور ٬1989 حيث تتكون السلطة التنفيذية من رئيس الجمهورية
ورئيس الحكومة٬ حيث لرئيس الجمهورية في الجزائر مكانة جد مهمة وبارزة لأنه منتخب
ويتمتع بالشرعية الشعبية.
ففي
مرحلة الأحادية كان يمثل مركزا محوريا بحيث يجمع بين قيادة الدولة والحزب في نفس
الوقت٬ ولكن بعد دستور 1989 ودستور 1996 تقلصت صلاحياته لصالح رئيس الحكومة صاحب
البرنامج السياسي.
من
جهة أخرى رأينا سالفا أن الفصل مرن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وبالتالي
طبيعة النظام في هذه المرحلة هو شبه رئاسي.
ولكن
الوضع غير ذلك في ظل تعديل الدستور سنة 2008 أين أعاد المؤسس الدستوري هيكلة
السلطة التنفيذية حيث أصبحت أحادية وليست ثنائية استبدل رئيس الحكومة بالوزير
الأول وأصبح منسق لعمل الحكومة٬ ويضبط مخطط عمل الحكومة من أجل تنفيذ برنامج رئيس
الجمهورية٬ فهو أصبح موظف سامي في السلطة التنفيذية وليس جهاز ثنائي فيها٬ أي جرّد
من كل صلاحياته ولكن أبقى هذا التعديل على مسؤولية الحكومة أمام المجلس الشعبي
الوطني بمناسبة هذا المخطط سواء رقابة سابقة أو لاحقة٬ وهي مسؤولية بدون سلطة
وأكده تعديل 2016 كذلك.
فأصبح
النظام السياسي الجزائري بدون تكييف فهو لا نظام شبه رئاسي ولا نظام رئاسي٬ وإنما
نظام لا محل له من الإعراب٬ كما أنه هناك من أطلق عليه نظام رئاساوي نظرا
للصلاحيات الواسعة الممنوحة لرئيس الجمهورية وهو غير مسؤول سياسيا٬ وزارة بدون
سلطة مسؤولة أمام البرلمان.
المرجع:
- د. خلوفي خدوجة، محاضرات في مقياس القانون الدستوري والنظم السياسية، مطبوعة موجهة لطلبة السنة الأولى ليسانس جذع مشترك، جامعة أكلي محند أولحاج البويرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية: 2019 – 2020، ص97 إلى ص110.