جريمة الإبادة الجماعية
إن
فظاعة ما شهدته البشرية من خلال جريمة الإبادة الجماعية وما خلفته من جرائم وخسائر
فادحة للإنسانية٬ ومذابح روعت البشرية٬ فقد اتسمت هذه الأعمال بوحشية وإجرام
تتجاوز كل وصف٬ وكان عليها أن تنتظر طويلا حتى القرن العشرين وذلك بعد عناء كبير
لإبرام اتفاقية دولية تمنع وتعاقب من يقترف جريمة الإبادة الجماعية.
تعتبر
جريمة الإبادة الجماعية جريمة مستقلة قد تقع في زمن السلم أو في زمن النزاعات
المسلحة دولية كانت أم غير دولية٬ فهي جريمة الجرائم جمعاء وتهدد الجنس البشري في
وجوده.
فما مفهوم جريمة الإبادة الجماعية (الفرع الأول)٬
وما خصائصها (الفرع الثاني)٬ وما أركانها (الفرع الثالث).
الفرع الأول: مفهوم جريمة الإبادة الجماعية
تعدّ
تعبيرات جرائم الإبادة الجماعية٬ أو إبادة الجنس البشري أو إبادة الجنس٬ تسميات
مختلفة لمسمى واحد٬ يتمثل في مجموعة الأفعال التي تهدف إلى القضاء على الجنس
البشري واستئصاله من بقعة معينة أو لصنف معين من البشر أو شعب من الشعوب.
إن
نية تدمير مجموعات بشرية كاملة٬ سواء كانت قومية أم عرقية أم دينية أم ثقافية أو
ما شابه ذلك٬ تعكس ظاهرة قديمة في تاريخ البشرية٬ وتعتبر الإبادة الجماعية من أخطر
الجرائم الدولية لأنها تهدد الإنسان في أغلى ما يملك٬ وتظهر خطورتها بصورة أعظم
إذا علمنا أنها لا تهدد فرد واحد بعينه أو مجموعة أفراد٬ بل أنها تهدد جماعات
كاملة بالإبادة الجماعية لأسباب دينية أو قومية أو عنصرية أو قبلية.
تطبيقا
للتعريف الوارد في المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية٬ تقوم
هذه الجريمة على خمسة أفعال محددة٬ تم تعدادها وسردها بطريقة مفصلة٬ ويفترض كذلك
أن تنفذ الأفعال المعنية بقصد محدد ألا وهو التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية
أو أثنية أو عنصرية أو عرقية بحد ذاتها.
نصت
المادة (2) من ذات الاتفاقية على أنه: " تعني الإبادة الجماعية أيا من
الأفعال الآتية: المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عنصرية
أو عرقية أو دينية بصفتها هذه:
أ. قتل
أعضاء من الجماعة.
ب. إلحاق
أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
ج. إخضاع
الجماعة٬ عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
د. فرض
تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب أطفال داخل الجماعة.
ه. نقل
الأطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.
إن
جوهر جريمة الإبادة الجماعية ينحصر في إنكار حق البقاء لمجموعات بشرية بأجمعها
نظرا لما تنطوي عليه من مجافاة للضمير العام ومن إصابة الإنسانية كلها بأضرار
بالغة سواء من الناحية الثقافية أو غيرها من نواحي التي قد تساهم به هذه
المجموعات.
الفرع الثاني: خصائص جريمة الإبادة الجماعية
تتصف
جريمة الإبادة الجماعية حسب تعبير النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بخصائص
محددة وهي: أنها ذات طبيعة دولية (أولا)٬ كما أنها ليست جريمة سياسية (ثانيا)٬
والجاني فيها يكون مسؤول عن الأفعال التي قام بها (ثالثا).
أولا: جريمة الإبادة الجماعية ذات طبيعة دولية:
تعد جريمة الإبادة الجماعية٬ سلوك
إنساني غير مشروع صادر عن إرادة إجرامية٬ يرتكبه فرد باسم الدولة أو برضاء منها٬
وينطوي على انتهاك لمصلحة دولية٬ يقرر القانون الدولي حمايتها عن طريق الجزاء
الجنائي.
إن
المسؤولية المترتبة على جريمة الإبادة الجماعية هي مسؤولية مزدوجة تقع تبعتها على
الدولة من جهة٬ وعلى الأشخاص الطبيعيين مرتكبي الجريمة من جهة أخرى٬ كما أنها
تختلف عما جاء به في لائحة محكمة نورمبورج حول الجرائم ضد الإنسانية٬ فهذه الجرائم
تعد مجرمة في حالة ما إذا ارتكبت تبعا للجريمة ضد السلام أو جريمة حرب٬ أو كانت
ذات صلة بها.
تعد
مبادئ حقوق الإنسان قواعد آمرة في القانون الدولي يجب احترامها٬ حتى في غياب
التزام تعاهدي٬ وكذلك فإن الحق في الحياة
هو من حقوق الإنسان الأساسية التي يجب عدم مخالفتها٬ وبالتالي نجد أن جريمة
الإبادة الجماعية تمثل انتهاكا صارخا للقواعد الدولية الآمرة٬ كما اعتبرت محكمة العدل الدولية "
الاعتبارات الدولية الإنسانية" من ضمن المبادئ العامة للقانون٬ وأشارت إلى أن اتفاقية الإبادة الجماعية٬ هي
مبادئ مقررة بواسطة الأمم المتحضرة٬ كقواعد ملزمة للدول٬ حتى بدون التزام اتفاقي٬
وذلك حين أبدت رأيها الاستشاري بشأن تحفظات الدول٬ على اتفاقية الإبادة الجماعية.
ثانيا: جريمة الإبادة الجماعية ليست جريمة سياسية:
نصت اتفاقية منع إبادة الجنس البشري
في مادتها السابعة على أنه: "لا تعتبر جريمة إبادة الجنس البشري من الجرائم
السياسية".
نجد
أيضا أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لم يعتبر هذه الجريمة سياسية
بحيث أنها لا تعتد بالحصانة المستمدة من الصفة الرسمية للجاني كونه رئيسا للدولة٬
أو قائدا في القوات المسلحة حال ثبوت اقترافه لهذه الجريمة إذ تجري محاكمته طبقا
للمادتين (27 و 28) من نظام المحكمة.
شهدت
السنوات العشر الأخيرة من القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين٬ انتهاكات
خطيرة ضد البشرية٬ تمثلت في مذابح الهوتو والتوتسي في رواندا٬ وجرائم الإبادة الجماعية في البوسنة
والهرسك ضد المسلمين من طرف الصرب في
يوغسلافيا السابقة٬ وما يحدث في الوقت الحالي في فلسطين المحتلة على أيدي قوات
الاحتلال الإسرائيلية٬ الأمر الذي جعل نظرة واضعي النظام الأساسي للمحكمة الجنائية
الدولية جريئة في إدراجها نطاق اختصاصها الموضوعي٬ واعتبارها من أخطر الجرائم
الدولية نظرا لاحتوائها على أفعال تؤدي إلى القضاء على الجنس البشري.
اعتبر
نظام المحكمة الجنائية الدولية أن جريمة الإبادة الجماعية هي جريمة لا يمكن إفلات
من تتم إدانته بها بدعوى أن الجريمة ذات طبيعة سياسية٬ إذ لا تعد الحصانة مانعا
يحول دون ممارسة المحكمة لمحاكمة المجرمين
وهذا حسب المادة (27/2) من نظامها الأساسي على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية لشخص
المتهم.
ثالثا: جريمة الإبادة الجماعية يتحمل فيها الجاني المسؤولية الجنائية الدولية الفردية:
نصت المادة (4) من اتفاقية منع إبادة الجنس البشري صراحة على أنه: "يعاقب
كل من يرتكب جريمة إبادة الجنس٬ سواء كان الجاني من الحكام أو الموظفين أو الأفراد
العاديين...الخ.
ترتكب
جريمة الإبادة الجماعية من قبل الأفراد٬ لا الأشخاص المعنوية٬ وبدون عقاب هؤلاء
الأفراد لن تتحقق الفاعلية للقانون الدولي٬ ونظام المحكمة الجنائية الدولية جرم
الإبادة الجماعية في المادتين (5و6).
أكد
نظام المحكمة أيضا على أنه لا اعتداد بالحصانة أو الصفة الرسمية لأي متهم ارتكب
جريمة تدخل في اختصاص هذه المحكمة٬ سواء كان رئيس دولة أو قائد عسكري كبير ويخضع
للمحاكمة عن ارتكابه جريمة دولية ولا يتمتع بأي حصانة٬ ولا يجب أن يفلت من العقاب
الآمر بالجريمة٬ والمحرض عليها و المتآمر على تنفيذها من القادة والرؤساء٬ ويطال العقاب الجندي البسيط الذي ينفذ أوامر
رؤسائه٬ وتقوم قاعدة المسؤولية الدولية للفرد عن جريمة الإبادة الجماعية كذلك على
"قاعدة المساواة في المسؤولية"٬ فلا حصانات لأي شخص سواء أكانت
طبقا للقانون الداخلي أو القانون الدولي.
الفرع الثالث: أركان جريمة الإبادة الجماعية
تتمثل
أركان جريمة الإبادة الجماعية بشكل عام في أربعة أركان هي: الركن المادي (أولا)٬
الركن المعنوي (ثانيا)٬ الركن الشرعي (ثالثا)٬ الركن الدولي (رابعا).
أولا: الركن المادي:
يتمثل الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية
في سلوك إجرامي معين يأتيه الجاني بشرط أن يكون من شأن هذا السلوك إبادة جماعية
(قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية).
يتحقق
الركن المادي لجريمة إبادة الجنس البشري بأحد الأفعال التي نصت عليها المادة (6)
من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي وردت مطابقة تماما لما ورد في
المادة (2) من اتفاقية منع جريمة إبادة الجنس البشري والمعاقبة عليها لسنة 1948 من
حيث الأفعال التي تشكل الركن المادي لتلك الجريمة٬ حيث نصت على أنه:
1. لغرض
هذا النظام الأساسي٬ تعني "الإبادة الجماعية" أي فعل من الأفعال التالية
يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية٬ بصفتها هذه٬ إهلاكا
كليا أو جزئيا:
أ) قتل
أفراد الجماعة؛
ب) إلحاق
ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة؛
ج)
إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا؛
د) فرض
تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة؛
ه) نقل
أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى؛
أ) قتل أفراد الجماعة: يقصد به ضرورة وقوع القتل الجماعي٬ وإن كان لا
يشترط أن يصل القتلى إلى عدد معين٬ فالمهم أن يقع القتل على جماعة أيّا كان عددها؛
ولا تقع هذه الجريمة إذا وقع فعل القتل على فرد واحد من الجماعة٬ مهما كان مركزه
حتى ولو كان زعيم الجماعة؛ وإن كان يمكن اعتبار الجريمة في هذه الحالة جريمة ضد الإنسانية
أو جريمة محلية بحسب الأحوال.
لا
يشترط في القتلى أن يكونوا من نوعية خاصة في الإبادة الجماعية جريمة موجهة إلى
الجنس سواء من رجال أو نساء أو الأطفال من العامة٬ كما لا يشترط أن يوجه القتل إلى
القضاء على الجماعة كلها إذ تقع جريمة الإبادة الجماعية سواء وقع القتل على جميع
أعضاء الجماعة أو على بعضهم فقط وعلى هذا فجريمة الإبادة الجماعية سواء وقع القتل
على جميع أعضاء الجماعة٬ أو على بعضهم فقط٬ وعلى هذا فإنه يستوي أن تكون الإبادة
كلية أو جزئية.
ب) إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة: تتضمن هذه الصورة من صور الركن المادي
لجريمة الإبادة الجماعية إلحاق ضرر بدني أو معنوي جسيم بشخص أو أكثر من أفراد
جماعة قومية أو أثنية أو دينية أو عرقية معينة٬ وأن تهدف نية الفاعل إلى إهلاك تلك
الجماعة كليا أو جزئيا بصفتها هذه٬ وتنطبق هذه الصورة على كافة الأفعال المادية والمعنوية
التي تؤثر بجسامة على سلامة البدن ماديا أو معنويا٬ وقد تؤثر على القوى العقلية
للمجني عليه نفسه.
ج) إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا
أو جزئيا: لا
تقتصر أعمال الإبادة الجماعية على القتل والتعذيب فقط٬ وإنما تشمل أيضا إلى جانب
ذلك على وسائل أخرى مثل عزلهم في أماكن خالية من عناصر الحياة؛ (لا زرع ولا ماء)
أو في ظل ظروف مناخية قاسية تجلب الأمراض دون تقديم سبل العلاج.
ثانيا: الركن المعنوي:
لا يعد الركن المادي لوحده كافيا لتحقق
الجريمة في ظل التشريعات الجنائية الحديثة٬
وإنما لابد من توافر الركن المعنوي والذي يقصد به الجانب النفسي في
الجريمة٬ إذ لا تقوم هذه الأخيرة بمجرد حدوث الأفعال المادية المكونة لها وإنما
يجب توافر علاقة سببية بين إرادة الجاني
والفعل الذي ارتكبه٬ فتحدد مسؤولية الجاني على الأفعال التي ارتكبها من خلال
إرادته الآثمة التي يعتمد عليها لإسناد الأفعال الإجرامية إليه وعقابه عليها٬ وهذه
الإرادة لا تكون آثمة إلا إذا كانت مدركة٬ بمعنى أنها قادرة على التمييز بين
الأفعال المباحة والمجرمة وأن تكون مختارة وليست مكرهة.
يشترط
لقيام جريمة الإبادة الجماعية شأنها شأن الجرائم الدولية الأخرى توافر القصد العام
والذي يتمثل في العلم والإرادة٬ لكن القصد العام لوحده غير كاف لتحقق جريمة
الإبادة٬ بل يجب أن يتوافر إلى جانبه قصد خاص لدى الجاني.
لتوضيح
أركان جريمة الإبادة الجماعية (خاصة في الركنين المادي والمعنوي) نكتفي بمثال
المادة 6 (ب): الإبادة الجماعية بإلحاق أذى بدني أو معنوي جسيم؟
1. أن
يسفر فعل مرتكب الجريمة عن إلحاق أذى بدني أو معنوي جسيم بشخص أو أكثر.
2.
أن يكون الشخص أو الأشخاص منتمين إلى جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية
معينة؛
3. أن
ينوي مرتكب الجريمة إهلاك تلك الجماعة القومية أو الإثنية أو العرقية أو الدينية٬
كليا أو جزئيا٬ بصفتها تلك؛
4. أن
يصدر هذا السلوك في سياق نمط سلوك مماثل واضح موجه ضد تلك الجماعة أو يكون من شأن
السلوك أن يحدث بحد ذاته ذلك الإهلاك.
ثالثا: الركن الشرعي:
"لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" بمعنى
أن العقاب على جريمة الإبادة الجماعية يجب أن يكون مشروعا والعمل الإجرامي المرتكب
يجب أن يكون غير مشروع قانونا٬ وهذا ما يقصد بالركن الشرعي٬ وهو الركن الذي يجب أن
يتوفر من أجل اعتبار هذا الفعل الإجرامي محظورا دوليا٬ حيث يجب أن يتوفر قانون
دولي يختص بمكافحة جريمة الإبادة الجماعية وتجعله عملا إجراميا يعاقب عليه كل من
قام به دون الاعتداد بالصفة الرسمية٬ ومن بين النصوص القانونية التي تدل على الركن
الشرعي ما ورد في المادتين (2) و(3) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية٬ حيث
حددت في المادة (2) الأفعال التي تقوم عليها الإبادة الجماعية (الركن المادي)٬ وفي
المادة (3) حددت الأفعال التي يعاقب عليها عند ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية:
- الإبادة
الجماعية؛
- التآمر
على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية؛
-
التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية؛
-
محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية؛
-
الاشتراك في الإبادة الجماعية؛
علاوة
على ذلك نجد أيضا المادتين (5) و(6) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
رابعا: الركن الدولي:
يقصد به ارتكاب هذه الجريمة بناء على خطة
مرسومة من الدولة٬ ينفذها المسؤولون الكبار فيها٬ أو تشجع على تنفيذها من قبل
الموظفين٬ أو ترضى بتنفيذها من قبل الأفراد العاديين ضد مجموعة أو جماعة يربط بين
أفرادها روابط قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية. ولهذا يمكن أن ترتكب هذه الجريمة
من قبل طبقة الحكام والقادة والمسؤولين الكبار في الدولة أو طبقة الموظفين
العاديين٬ أو طبقة الأفراد العاديين متى كان ذلك بتشيع أو قبول من الدولة يعبر عن
الحكام والمسؤولين الكبار بطبيعة الحال٬ بمعنى أنه لا يشترط صفة معينة في الجاني٬
فلا يشترط مثلا أن يكون من كبار القادة أو المسؤولين.
ينبغي
من حيث المجني عليه أن يكون جماعة ذات عقيدة معينة٬ فإن كانت منتمية إلى دولة أخرى
تحقق الركن الدولي بمفهومه الأصيل٬ أما إن كانت تابعة لذات الدولة فإن الركن
الدولي متوافر أيضا٬ وهذا لأن المعاملة التي تعاملها الدولة لرعاياها الوطنيين لم
تعد طبقا لاتفاقية مكافحة ومعاقبة إبادة الجنس اختصاص مطلقا تمارسه بغير حدود٬
ولكنها أصبحت مسألة دولية٬ سواء في وقت السلم أو في وقت الحرب.
تبين
لنا أن جريمة الإبادة الجماعية من أشد الجرائم خطورة على المستوى الدولي٬ نظرا لما
تنتجه من خسائر وانتهاكات للكرامة الإنسانية.
ما
يأخذ على الاتفاقية الخاصة بمنع ومكافحة جريمة الإبادة الجماعية لسنة 1948 التي
جرمت هذه الأفعال على المستوى الدولي؛ أنها قد أغفلت ذكر الجماعة السياسية عن باقي
الجماعات القومية٬ الدينية...الخ٬ وكذلك تناست نقطة بالغة الأهمية لردع وقمع هذه الجرثومة وذلك بعدم فرض عقوبات
تطال على مرتكبي هذه الجريمة.
وضع
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية نصوصا تجريمية بصفة صريحة لجريمة الإبادة
الجماعية٬ لكن ما يأخذ عليها هو أنه رغم اعتبارها كآلية لمكافحة جريمة الإبادة
الجماعية إلا أنه في حالة عدم مصادقة دولة ما على ميثاقها فإن هذا يجعل من المحكمة
الجنائية عديمة الجدوى من حيث الاختصاص.
ارتأينا
وهذا ترتيبا لما سبق أن نبدي هذه الاقتراحات:
- تعديل
اتفاقية جريمة الإبادة الجماعية وذلك بسن عقوبات غذائية للحد من هذه الجريمة.
- توسيع
التعريف الوارد في الاتفاقية ليشمل جماعات أخرى كالجماعات السياسية والثقافية
وإضافتها إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
- عدم
الاعتداد بالاعتبارات السياسية في تحريك عمل محكمة الجنائية الدولية في مكافحتها
لجريمة الإبادة الجماعية.
المرجع:
- د. لونيسي علي، محاضرات في مادة الجرائم الدولية، مطبوعة موجهة لطلبة السنة الأولى ماستر، جامعة آكلي محند ولحاج – البويرة- كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية: 2019/2020، ص59 إلى ص70.