مفهوم الإدارة
تعد
الإدارة حجر الأساس لبناء أي مجتمع وتقدمه، ويتمثل هدفها في الاستخدام الأمثل
للموارد المتوفرة و المتاحة سواء كانت مادية أم بشرية، ضمن مفاهيم الكفاءة
والفعالية، فالإدارة الناجحة تسعى دائما لتجنب الإسراف والفوضى والاضطراب.
بذلك
تبقى الإدارة عنصرا فعالا في نجاح المؤسسات والدول وتحقيق الاستقرار والنمو مرهون
بها، فهي التي تمكن من التوزيع الأمثل للموارد والتوفيق بينها وتسييرها التسيير
الفعال بما يخدم الأهداف التنظيمية وأهداف الأفراد والمجتمع.
الفرع الأول: أهم التعريفات
تباينت
التعريفات بشأن الإدارة، ويرجع ذلك لاختلاف وجهات نظر المفكرين والمنظرين لهذا
العلم بالإضافة لاختلاف العصور التي تم فيها تقديم هذه التعريفات.
ففي
القديم البعيد عرفت الإدارة كمهنة: أي نشاط قديم قدم وجود الإنسان نفسه تعنى
بتنظيم الجهود الجماعية للاستفادة من الموارد المتاحة لتحقيق أهداف محددة.
أما
في العصر الحديث فقد تم تقنين هذا المفهوم كعلم مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات
الحاصلة في الفكر الإداري وتطور التكنولوجيا المستخدمة.
فقبل
القرن ال20 لم يظهر ما يسمى علم الإدارة، وارتبط ظهوره بالثورة الصناعية وما
صاحبها من تحول للعمل من يدوي إلى ميكانيكي واتساع الأسواق بازدياد حجم الاستثمارات...الخ.
وقد
ارتبط ظهور علم الإدارة في مجال المشروعات الخاصة بالمهندس الفرنسي هنري فايول (l9l6) الذي أضحى رائدا لعلم الإدارة كعلم له
قواعده وأصوله.
وبهذا
الصدد يقول فايول: "يجب على الإدارة أن تستفيد من قواعد التسيير الخاص" لذا
عليها أن تخضع لنفس القواعد التي تخص القطاع الخاص"، فبالنسبة إليه كل
المشروعات تطرح نفس الإشكالات وبالتالي تحتاج لنفس الحلول.
هذه
الأفكار طبقت في الو .م .أ مونها تتميز بنظام لا يميز بين التسيير العام والتسيير
الخاص، والمؤسسات العامة والمؤسسات الخاصة تخضع لنفس القانون.
من
جهته أبو الإدارة العلمية "تايلور عرفها في كتابه" مبادئ الإدارة
العلمية "على أنها: المعرفة الدقيقة لما تريد من رجال الإدارة أن يقوموا به، ثم
تتأكد من أنهم يقوموا بالعمل على أحسن طريقة وبأقل تكلفة".
وعرفها
أستاذ الإدارة بيتر دراكر: أن الإدارة عنصر متعدد الوظائف فهو يدير العمل
والمديرين والعمال على السواء.
بالإضافة
لدراسات فايول و جيلبرت Gilberth
وآخرو ن. وإذا ما أردنا تبسيط المفهوم فيمكن القول أن الإدارة هي علم استخدام كافة
الموارد المتاحة لتعظيم الفائدة وتحقيق قيمة تنافسية عالية (محليا ووطنيا) من خلال
خطة زمنية لتحقيق أهداف عامة.
أو
يمكن القول أيضا أن الإدارة هي مجموعة من الأعمال والنشاطات والقواعد التي تهدف
للحصول على الغايات والأهداف المطلوبة والمخطط لها من العمل والجهد الجماعي للقوى
العاملة ضمن الوظائف التي تضمن تحقيق الأهداف والتي تلبي رغبة الإدارة في
الإنتاجية الفعالة.
الفرع الثاني: أهمية الإدارة
من
المؤكد أن للإدارة أهمية كبيرة للمؤسسات باختلاف أنواعها وأحجامها وهذا لما تضمنه
من تسيير حسن للموارد واستشراف للمستقبل، وتظهر أهميتها للعوامل التالية:
- الزيادة
المتنامية لعدد السكان وما يقابلها من شح في الموارد الطبيعية استلزم ضرورة البحث
عن أفضل الطرق لإدارة واستخدام تلك الموارد والتخطيط لها وإدارتها إدارة
علمية" وخير مثال على ذلك الإدارة اليابانية يرمز لها بحرف J فاليابان دولة فقيرة بالإمكانيات الذاتية
والموارد سواء من حيث الثروات الطبيعية أو المساحة الزراعية، إذ تستورد ما يقارب
90% من مداخيل الإنتاج فيها، ومع ذلك تعد أرقى الدول من حيث الكفاءة الإنتاجية
ومستوى التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
- اتساع
حجم المنظمات les
organisations
وضرورة استخدام أعداد متزايدة من القوى العاملة مما أظهر حاجة ملحة لإدارة علمية
تستطيع التعامل مع إفرازات هذا التزايد.
- شدة
التنافس المحلي والدولي: فضرورة تطور و زيادة الإنتاج خلق ديناميكية في السوق
المحلي ترتكز على قواعد المنافسة لسد حاجات ملحة تحددها السوق، لذلك أضحى من
الضروري تقديم دراسات تسويقية اقتصادية
تقوم بها إدارات متخصصة قادرة على مواجهة هذه التحديات ومؤهلة لإجراء دراسات
وأبحاث.
- التطور
التقني والتكنولوجي الذي أصبح ميزة هذا العصر وآثاره الواضحة على العملية
الإدارية.
الفرع الثالث: الإدارة كعلم
ثار
جدل حول ما إذا كانت الإدارة علما يقوم على أسس ونظريات علمية، أم فن يستند للخبرة
و 'الشطارة' ولا يحتاج أن يدرس. فإذا علمنا أنّ العلم هو معرفة منظمة يتم الوصول
إليها بأساليب علمية مثل الملاحظة والتجريب والاستقصاء، كما أن العلم يفرز قوانين
ونظريات ومفاهيم.
إذا
ربطنا مفهوم الإدارة بمفهوم العلم فنلاحظ أن هناك نظريات ومفاهيم إدارية ثبتت
صحتها بالتطبيق العملي، كما ظهرت نتائج مؤكدة تثبت العلاقة الايجابية بين الالتزام
بهذه النظريات وبين زيادة الإنتاج الذي هو هدف كل النظريات، إذن فالإدارة علم، والدارس
لعلم الإدارة كالدارس لأي علم آخر من العلوم.
غير
أن هذا القول لا ينفي من جهة أخرى استناد علم الإدارة على الجانب الشخصي حيث تتحكم
عوامل عديدة فيه مثل الخبرة والتجريب، وذلك لأن الإدارة علم إنساني. لنخلص للقول
أن الإدارة علم و فن في آن واحد.
الفرع الرابع: مقومات الإدارة العامة
تقوم
الإدارة على التفاعل بين عدة أسس ومقومات، وهي:
أ/ الأساس القانوني: ويشمل القانون بمعناه الواسع من نصوص تشريعية
وتنظيمية أو عرفية الذي يحدد حقوق الإدارة والتزاماتها.
ب/ الأساس التنظيمي: ويتمثل في الهيكل التنظيمي السليم الذي تقوم
عليه، وذلك على أسس علمية تراعي فيها قاعدة التخصيص وتقسيم المهام والمسؤوليات في
شكل هرمي تزيد فيه السلطة والمسؤولية كلما ارتفعت نحو القمة الإدارية.
والمفروض
يجب مراعاة المرونة في هذا التنظيم والقابلية للتطور، وتحديد الاختصاصات وعدم
التضارب ووضوح المسؤولية.
ج/ الأساس البشري: وهو عنصر هام جدا لقيام الإدارة العلمية
الصحيحة على أساس الخبرة والكفاءة لا المحسوبية و....، لذلك لابد من وضع سياسية
دقيقة للموارد البشرية.
د/ الأساس المالي: فالإعتمادات المالية ضرورية لأي مشروع وتسييره
وتجهيزه، لذلك لابد أن يكون التمويل وفق إجراءات مرنة تسهل حركة القادة الإداريين
في تنفيذ المشروعات.
المرجع:
- د. شيبوتي راضية، محاضرات في المناجمنت العمومي، محاضرات ألقيت على طلبة سنة ثانية ماستر علوم إدارية، جامعة الإخوة منوري - قسنطينة 1- كلية الحقوق والعلوم الإدارية، قسم العلوم الإدارية، الجزائر، السنة الجامعية: 2020- 2021، ص 11 إلى ص 14.