تعريف العرف وأركانه
العرف
هو عادات عامة ملزمة تنظم سلوك الأشخاص في المجتمع، ویعتبر المصدر الاحتیاطي
الثاني للقانون الجزائري، بعد مبادئ الشریعة الإسلامیة، فما هو تعریف العرف وما هي
أركانه؟
أولا: تعریف العرف
العرف
هو استمرار الناس على اتباع سلوك معین في العمل مع اعتقادهم أنه ملزم لهم ولا یمكنهم
مخالفته كما یعتبر العرف عادة عامة ملزمة تنظم سلوك الإفراد في المجتمع.
وتكرار
هذا السلوك أو العادة بأسلوب منتظم وخلال مدة زمنیة كافیة لیتكون اعتقاد بالزامیته
یكون ما یسمى العرف.
ثانیا: أركان العرف
للعرف
ركنان: ركن مادي، وركن معنوي
أ/ الركن المادي للعرف:
ویتمثل في سلوك معین یعتاد الناس علیه
وتكرره الجماعة ، أي یجري الناس على إتباعه في تنظیم شأن من شؤونهم الاجتماعیة
والاقتصادیة، ویشترط في الركن المادي عدة شروط هي:
1- القدم: أي یجب أن یكون قد مضى على العمل بالسلوك مدة طویلة، وكافیة تأكد
تكراره وتأصله في الجماعة.
2- الثبات: ویعني استمارر سلوك الناس على وتیرة واحدة، بصفة منتظمة بغیر
انقطاع.
3- العموم: یجب أن تكون العادة عامة أي یجري الناس على اتباعها دون منازعة فیها،
وتنصرف إلى الأشخاص بصفاتهم لا بذواتهم كما هو الأمر بالنسبة للتشریع. ولیس
المقصود بالعموم أن یسود العرف في كل إقلیم الدولة أو بالنسبة لجمیع الأشخاص، بل
قد یكون العرف محلیا یسود منطقة أو ولایة معینة من الدولة، وقد یكون مهنیا یسود بین
طائفة معینة دون غیرها، كأرباب مهنة أو صناعة واحدة كالعرف التجاري والعرف الطبي.
4- أن یكون مضمون العرف غیر متعارض مع النظام العام في الدولة، فلا یتصور جواز إنشاء عرف یجیز
للأفراد الانتصاف لأنفسهم بأنفسهم، إذ أن مهمة توقیع الجزاء موكلة للسلطة العامة
فقط.
ب/ الركن المعنوي للعرف:
وهو ركن الإلزام أي اعتقاد الناس لزوم
اتباع السلوك وأنه من ضرورات حیاتهم وأن الخروج عنه یرتب الجزاء.
والركن
المعنوي هو الذي یمیز العرف عن العادة الاتفاقیة L’usage conventionnel، الخالیة من الإلزام.
فالعادة عند اصطباغها بالطبیعة الإلزامیة تكون عرفا، أما أن لم تكن هذه العادة
تحتوي على عنصر الإلزام فتبقى مجرد عادة ولا تعتبر مصدرا للقانون.
ثالثا: التمییز بین العرف والعادة الاتفاقیة
قد یعتاد
الناس في التعامل فیما بینهم، أو في عقودهم واتفاقاتهم على أمر معین، فتسمى عادة
اتفاقیة، لم تصل إلى مرتبة العرف لأنها لا تلزم الناس بشيء، ولا تلزم المتعاقدین
بها إلا إذا علما بها واتفقا علیها صراحة أو ضمنا.
وتختلف
العادة الاتفاقیة عن العرف في عدة نقاط هي:
1- من حیث العلم: العرف قانون لذا یفترض علم كافة الناس به،
فتطبق قواعده على المتقاضین ولو كانوا یجهلون قواعده، فلا عذر بجهل القانون. أما
العادة الاتفاقیة فیتعین العلم بها لأن شرط تطبیقها هو اتفاق الأفراد على الأخذ
بها، ومعنى ذلك أنهم على علم سابق بها.
2- من حیث الإثبات: العرف قانون لذا فإن القاضي لا یكلف الخصوم
بإثباته. أما العادة الاتفاقیة فیجب على من یتمسك بها إثبات وجودها.
3- من حیث التطبیق: العرف قانون لذا یتعین على القاضي تطبیقه من
تلقاء نفسه، ولو لم یتمسك به الخصوم. أما العادة الاتفاقیة فلا یطبقها القاضي إلا
إذا أثبت الخصوم وجودها واثبتوا اتفاقهم على تطبیقها.
4- من حیث رقابة المحكمة العلیا: العرف قانون لذا فإن القاضي یخضع في
تطبیقه للعرف لرقابة المحكمة العلیا، بینما لا رقابة لهذه المحكمة على القاضي وهو یطبق
العادة الاتفاقیة.
رابعا: نتائج تأخر العرف عن التشریع في المرتبة
یحتل
العرف المرتبة الثانیة بعد مبادئ الشریعة الإسلامیة في ترتیب المصادر الاحتیاطیة
للقانون، كما یحتل المرتبة الثالثة بعد الشریعة والتشریع ضمن ترتیب جمیع المصادر
الرسمیة، ویترتب على هذه المرتبة للعرف النتائج التالیة:
1- عدم قدرة العرف على إلغاء نص تشریعي: لا یمكن للعرف أن یقوم بإلغاء نص تشریعي،
سواء كان آمرا أو مكملا، لأن التشریع لا یلغى إلا بتشریع آخر، وذلك طبقا لنص
المادة 2 ق م ج التي تنص على ما یلي: "لا یجوز إلغاء قانون إلا بقانون
لاحق فهو لا یملك إلغاء نص تشریعي آمر...".
فالعرف لا یلغي التشریع لأنه أدنى مرتبة منه.
2- عدم قدرة العرف على مخالفة قاعدة تشریعیة آمرة، لأنه لا یمكن الاتفاق على مخالفة
قاعدة تشریعیة آمرة لاتصالها بالنظام العام.
إلا
أنه یجوز للقاعدة العرفیة مخالفة القاعدة التشریعیة المكملة، لأن القاعدة المكملة یجوز
للأفراد مخالفتها، لذا فمن باب أولى أن ینشأ عرف مخالف لها، وتوجد العدید من
النصوص القانونیة تصرح بذلك مثل: نص المادة 388 ق م ج التي تقرر أنه: "یكون
ثمن المبیع مستحقا في الوقت الذي یقع فیه تسلیم المبیع ما لم یوجد اتفاق أو عرف یقضي
بخلاف ذلك".
المرجع:
- د. بركات كريمة، محاضرات في مقياس المدخل للعلوم القانونية (النظرية العامة للقانون)، مطبوعة موجهة لطلبة السنة الأولى، جامعة محند أكلي أولحاج البويرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم القانون الخاص، الجزائر، السنة الجامعية 2020/2021، ص 56 إلى ص59.