محاضرة حول التاجر وإلتزاماته القانونية
- من إعداد الأستاذة: بن تومي صحر
(المركز
الجامعي عبد الحفيظ بو الصوف – ميلة / السنة الجامعية 2021-2022)
يخضـع التجـار سـواء كـانوا أفـراد أو شـركات لقواعـد مشـتركة لهـذا لابـد مـن
تحديـد مـن يكتسـب صفة التاجر من أجل تحديد نطاق تطبيق القانون التجاري، فبعض
أحكام القانون التجاري تطبق لمجرد وجـود عمـل تجـاري وتطبـق بعـض القواعـد
التجاريـة إذا صـدر العمـل مـن تـاجر، لـذا يجـب معرفة الشروط التي يجب توفرهـا
لاكتسـاب الشـخص صـفة التـاجر، كمـا وضـع المشـرع الجزائـري للتاجر نظاما قانونيا
خاصا به، ونظم المهنة التي يقوم بها فرتب له حقوقـا وأوجـب عليـه التزامـات تتمثل
أساسا في القيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية.
المطلب الأول: شروط اكتساب صفة التاجر
نص المشرع الجزائري في المادة 1 ق.ت.ج "يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي
يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتـادة لـه مـا لـم يقـض القـانون بخـلاف
ذلـك،" مـن خـلال المـادة يتضـح أن الشـرط الأول لاكتسـاب صـفة التـاجر هـو
احتـراف الأعمـال التجاريـة كمـا نـص علـى ضـرورة توفر الأهلية القانونية لامتهان
التجارة (المادة 5، 6 ق.ت.ج) وأكد على أن يكون احتراف التاجر للعمل بصفة مستقلة
ولحسابه الخاص (المادة 8،7 ق.ت.ج).
الفرع الأول: احتراف التاجر الأعمال التجارية ولحسابه الخاص
أولا: احتراف الأعمال التجارية
احتراف الأعمال التجارية يعد شرطا أساسيا يعطي المحترف صفة التاجر فيجب على
الشخص الممارس للأعمال التجارية والتي يتخذها مهنة معتادة له أي على سبيل الاحتراف
سـواء كـان هـذا الشـخص طبيعـي أو معنـوي، ويعـرف الاحتـراف أنـه توجيـه النشـاط
الإنسـاني نحـو القيـام بالأعمـال التجارية بصفة منتظمة ومستمرة بحيث تكون هذه
الأعمال مهنة يتخذها الشـخص سـبيلا للارتـزاق والكسـب دون اشـتراط أن تكـون
المصـدر الوحيـد للكسـب، وسـواء كانـت هـذه الأعمـال قـد تمـت مباشـرتها فـي شـكل
مشـروع مـن عدمـه، وسـواء كـان للشـخص محـلا تجاريـا أو لـم يكـن، ويبـدأ احتراف
الشخص لمهنة التجارة بمزاولة أول عمل يتعلق بتجارته بما في ذلـك الأعمـال
التحضـيرية وينتهي الاحتراف باعتزال التجارة أو موت التاجر.
ولا يشـترط امتهـان الأعمـال التجاريـة لاكتسـاب صـفة التـاجر بالنسـبة
للشـركات التجاريـة فهـي تكتسب صفة التـاجر بمجـرد أن تتخـذ أحـد الأشـكال
المنصـوص عليهـا قانونـا ولـو كـان موضـوعها مـدنيا، وٕإن ثبـوت صـفة التـاجر
للشـركة لا يترتـب عليـه بالضـرورة اكتسـاب الشـركاء فيهـا هاتـه الصفة ويستثنى من
ذلـك الشـركاء فـي شـركة التضـامن والشـركاء المتضـامنون فـي شـركة التوصـية
بنوعيهـا الـذين تلحقهـم الصـفة التجاريـة للشـركة فيكتسـبون صـفة التـاجر
باعتبـار أن التعامـل مـع الغير يكون باسم الشركة الذي يضم إلزاميا أسماء جميع
الشركاء المتضامنين أو بعضهم فيسألون عـن ديـون الشـركة مسـؤولية تضـامنية ومطلقـة
فـي أمـوالهم، أي أن هنـاك حـالات يكتسـب فيهـا الشـخص صـفة التـاجر بصـورة غيـر
مباشـرة ، وهـذا حـال الشـريك المتضـامن فـي شـركة التضـامن وشـركة التوصـية، فهـو
يكتسـب صـفة التـاجر تبعـا لاكتسـاب الشـركة هـذه الصـفة –كمـا سـبق ذكـره
أعلاه-.
يظهـر الفـرق بـين الاحتـراف (الامتهـان) والاعتيـاد فـي كـون أن هـذا الأخيـر
يقصـد بـه تكـرار القيـام بالعمل التجاري من وقت لآخر دون أن يصل لدرجة الاستمرار
والانتظام.
وعمومـا يقصـد بالأعمـال التجاريـة التـي اشـترط القـانون امتهانهـا هـي التـي
نصـت عليهـا المـادة الثانيـة والمـادة الثالثـة مـن القـانون التجـاري وهـي
الأعمـال التجاريـة بحسـب الموضـوع والشـكل فهـذه الأعمـال هـي التـي
تجعـل مـن الشـخص تـاجرا إذا زاولهـا علـى وجـه الاحتـراف والامتهـان أمـا
الأعمـال التجاريـة بالتبعيـة فهـي غيـر مقصـودة لأنهـا تعتبـر أعمـال مدنيـة فـي
أصـلها لابـد أن يكون الشخص تاجرا كشرط حتى يكون العمل المدني تجاريا بالتبعية
لصفة التاجر ولصـفة مهنتـه التجارية.
أمـا الأعمـال المختلطـة فهـي ليسـت نوعـا رابعـا مـن أنـواع الأعمـال
التجاريـة فـإذا كـان هـذا العمـل تجاريـا بطبيعتـه فـإن امتهانـه يكسـب الشـخص
صـفة التـاجر، أمـا إذا كـان تجاريـا بالتبعيـة فـإن مـن كان تجاريا له لابد أن
يكون تاجرا كشرط مسبق لاعتبار العمل تجاريا بالنسبة له.
ثانيا: ممارسة الأعمال التجارية لحسابه الخاص وبصفة مستقلة
لا يكفـي شـرط امتهـان واحتـراف الأعمـال التجاريـة حتـى يكتسـب الشـخص صـفة
التـاجر لكـن يشـترط إلـى جانـب ذلـك أن يقـوم الشـخص بامتهـان العمـل التجـاري
باسـمه ولحسـابه أي أن يكـون الشـخص مسـتقلا عـن غيـره فـي مزاولتـه للأعمـال
التجاريـة والسـبب فـي ذلـك حتـى يتحمـل هـذا الشـخص المسـؤولية والمخـاطر التـي
تترتـب عـن نشـاطه التجـاري، وعليـه لا يعتبـر تـاجرا مـن يقـوم بأعمـال تجاريـة
لحسـاب الغيـر كالعمـال والمسـتخدمين والمـديرين الـذين يسـتعين بهـم التـاجر فـي
مباشـرة تجارتـه لأنهـم يقومـون بالأعمـال التجاريـة لـيس لحسـابهم الخـاص
وٕإنمـا لحسـاب رب العمـل وهـو التـاجر، وهـذا مـا أكدتـه المـادة الثانيـة
الفقـرة الأولـى مـن القـانون 90-22 المتعلـق بالسـجل التجاري بنصها "يمكن أي
شـخص طبيعـي يتمتـع بحقوقـه المدنيـة أن يعبـر عـن رغبتـه فـي امتهـان أعمال التجارة
باسمه ولحسـابه الخـاص" ، لكـن مـا يلاحـظ علـى الـنص القـانوني أن المشـرع
تنـاول الشـخص الطبيعـي دون الشـخص المعنـوي، لأن هـذا الأخيـر لديـه نائـب يعبـر
عـن إرادتـه ويعمـل باسمه ولحسابه لذلك لم يتناوله النص القانوني.
لكـن ثـار تسـاؤل فـي حالـة امتهـان واحتـراف الشـخص للأعمـال التجاريـة
مسـتترا وراء شـخص آخر فمن يكتسـب صـفة التـاجر هـل الشـخص الظـاهر أم الشـخص
المسـتتر؟ يـرى بعـض الفقـه أن صـفة التـاجر تثبـت للشـخص المسـتور علـى أسـاس أن
الاسـتغلال التجـاري قـد حصـل فـي الحقيقـة لحسـابه، الـبعض الآخـر يـرى وجـوب
إضـفاء صـفة التـاجر علـى الشـخص السـاتر تطبيقـا لنظريـة الظاهر وحماية للثقة
التي تتولد لدى الغير مـن ظهـوره بمظهـر التـاجر، حيـث لا تكـون لهـذا الغيـر أية
علاقة بالشـخص المسـتور الـذي لا يعرفـه، وآخـرون يـرون ضـرورة إضـفاء صـفة
التـاجر علـى كـل مـن السـاتر والشـخص المسـتور علـى أسـاس أن هـذا الأخيـر هـو
التـاجر الحقيقـي الـذي تمـت ممارسـة التجـارة لحسـابه، وعلـى اعتبـار أن الشـخص
السـاتر يحـوز مظهـر التـاجر وتطبيقـا لـذلك يحق للغير التمسك بالوضع الحقيقي أو
الوضع الظاهر أن كانت له مصلحة في ذلك.
وعليـه قـد يكـون ملائمـا تثبيـت صـفة التـاجر لكـل مـن الشـخص السـاتر
والمسـتور معـا أي الشخص الظـاهر والمسـتتر حرصـا علـى تـوفير كـل الضـمانات
لحمايـة مصـلحة الغيـر حسـن النيـة والذي اطمئن للشخص الظـاهر وهـو يجهـل بالشـخص
المسـتتر صـاحب العمـل الأصـلي وصـاحب رأس المـال وكـذلك لقطـع الطريـق أمـام
هـؤلاء (التـاجر الظـاهر والمسـتتر خاصـة الممنـوعين مـن ممارسة التجارة) إذا ما
حـاولوا التنصـل مـن التزامـاتهم بحجـة كـونهم ممنـوعين مـن ممارسـة التجـارة
فيعتبرون تجارا ويخضعون لنظام الإفلاس لتصفية أموالهم وٕإعادة حقوق المتعاملين
معهم.
الفرع الثاني: الأهلية التجارية
لـم يـنص القـانون التجـاري الجزائـري إلا علـى أهليـة القاصـر المرشـد أي
المـأذون لـه بالتجـارة حسـب المـادة 5 ق.ت.ج وعليـه يجـب الرجـوع إلـى القواعـد
العامـة أي نصـوص القـانون المـدني فطبقا للمادة 40 من هـذا القـانون
سـن الرشـد محـدد ب 19 سـنة كاملـة، وبالتـالي فـان كـل شـخص بالغـا لهـذا السـن
وغيـر مصـاب بإحـدى عـوارض الأهليـة كـالجنون والعتـه والسـفه....الـخ يحـق لـه أن
يكتسب صفة التاجر.
اسـتثناءا للقاعـدة العامـة يسـمح المشـرع الجزائـري طبقـا لـنص المـادة 05
مـن القـانون التجـاري للقاصر البالغ 18 سنة كاملة ممارسة التجارة يسمى الشخص
المسـتفيد مـن هـذا الإجـراء بالقاصـر المرشـد وذلـك بعـد حصـوله علـى إذن مـن
الأب أو الأم أو مـن مجلـس العائلـة مصـادق عليـه مـن طـرف المحكمـة المختصـة
والـذي لا يكـون لـه أي أثـر فـي مواجهـة الغيـر إلا مـن تـاريخ تسـجيل الإذن فـي
السـجل التجـاري (نـص المـادة 05، 06 مـن القـانون التجـاري الجزائـري) والغـرض
مـن اشتراط ذلك هو حماية الغير الذي قد يتعامل مع القاصر المأذون لـه الاتجـار
والـذي يهـم أن يعلـم بصدور الإذن للقاصر أو الحد منه أو سحبه منه وعموما إن جميع
الأعمـال التجاريـة التـي يقـوم بهـا القاصـر فـي حـدود مـا أذن لـه بـه تعتبـر
أعمـال صـحيحة ونافـذة فـي حـق الغيـر مـن تـاريخ قيـد الإذن في السجل التجاري
،أما إذا ما قام بأعمال تجارية أخرى لا يشملها الإذن أو دون الحصول عليه إطلاقا لا
تكسبه صفة التاجر حتـى ولـو احترفهـا، وبالتـالي لا يجـوز إلزامـه بالتزامـات
التجـار ولا يجوز شهر إفلاسه.
لا تعـد المرأة المتزوجة والتي تباشـر التجـارة لمسـاعدة زوجهـا تـاجرة طبقـا
لـنص المادة 07 ق.ت.ج وٕإذا أرادت اكتسـاب صـفة التـاجر عليهـا ممارسـة التجـارة
بصـفة مسـتقلة عـن زوجهـا وهذا بإتباع كل الإجراءات القانونية
المطلوبة.
لا يتضـمن القـانون التجـاري الجزائـري حكمـا خاصـا بأهليـة الأجانـب لممارسـة
التجـارة فـي الجزائـر لكـن بـالرجوع إلـى نـص المـادة 10 مـن القـانون المـدني
الجزائـري علـى أن أهليـة الشـخص الأجنبـي لممارسـة التجـارة تكـون ببلوغـه سـن
الرشـد حسـب قـوانين بلـده الأصـلي (تطبيقـا للمبـدأ الشخصـي) "يسـري علـى
الحالـة المدنيـة للأشـخاص وأهليـتهم قـانون الدولـة التـي ينتمـون إليهـا
بجنسـيتهم ...." اسـتثناءا لـدلك فـان التصـرفات الماليـة التـي يقـوم بهـا
الأجنبـي وتنـتج آثارهـا فـي الجزائر تخضع للقوانين الجزائرية المتعلقة بالأهلية
"...ومع ذلك ففي التصرفات المالية التـي تعقـد فـي الجزائـر وتنـتج آثارهـا
فيهـا إذا كـان أحـد الطـرفين أجنبيـا نـاقص الأهليـة وكـان نقـص الأهليـة يرجع
إلى سبب فيه خفاء لا يسهل تبينـه علـى الطـرف الآخـر فـإن هـذا السـبب لا يـؤثر
فـي أهليتـه وفـي صـحة المعاملـة" أي يعتبـر كامـل الأهليـة بالنسـبة لهـذه
التصـرفات، وعموما حسـب المـادة 10 من القانون المدني الجزائري كل أجنبي بلغ من
العمر 19 سنة كاملة ومتمتعا بجميـع قـواه العقليـة يكـون أهـلا لممارسـة التجـارة
فـي الجزائـر ولـو كـان قانونـه يحـدد سـن الرشـد أو كمـال الأهليـة بسـن أعلى أو
أقل.
بالنسـبة للشـركات بدايـة وقبـل التطـرق إلـى أهليتهـا القانونيـة والتجاريـة
لابـد مـن تعريفهـا فحسـب المادة 416 من القانون المدني الجزائري هي عقد يلتزم
بمقتضاه شخصان طبيعيان أو اعتباريـان بالمساهمة في نشاط مشترك بتقديم حصة من عمل
أو مال أو نقد بهدف اقتسام الربح الـذي ينـتج أو تحقيق اقتصاد أو بلوغ هدف اقتصادي
ذي منفعة مشتركة، واشترط المشرع لإبرام عقد الشـركة تـوافر الأركـان الموضـوعية
العامـة مـن رضـا ومحـل وسـبب وأخـرى خاصـة بعقـد الشـركة مـن تعـدد الشـركاء
،نيـة الاشـتراك ،تقـديم الحصـص ،اقتسـام الأربـاح أو تحقيـق اقتصـاد أو بلـوغ
هـدف اقتصـادي ذي منفعـة مشـتركة إضـافة إلـى أركـان شـكلية مـن كتابـة عقـد
الشـركة وشـهره. (المـواد 417، 418 من القانون المدني والمواد 545 ، 548 من
القانون التجـاري الجزائـري، وحسـب المـادة 3 مـن القـانون التجـاري الشـركات
التـي تعتبـر عمـلا تجاريـا بحسـب شـكلها هـي الشـركات التجارية دون الشركة
المدنية، ونظـرا للمـادة 544 مـن نفـس القـانون يحـدد الطـابع التجـاري للشـركة إمـا
بشـكلها أو بموضـوعها وتعـد شـركات تجاريــة بحكـم شـكلها ومهمـا يكـن موضـوعها
شـركة التضـامن، شركة التوصـية بنوعيها، الشـركة ذات المسـؤولية المحدودة، شـركة
المساهمة أما غيرها من الشركات يمكن أن تكون تجارية أو مدنية تبعا لطبيعة نشاطها.
الشخصية المعنوية للشركة حسب المادة 549 من القانون التجاري تكـون مـن تـاريخ
قيـدها فـي السـجل التجـاري وتكتسـب بمناسـبتها ذمـة ماليـة مسـتقلة عـن ذمـة
الشـركاء ،لهـا اسـم ومـوطن وجنسـية تميزهـا عـن غيرهـا مـن الشـركات، كما لهـا
ممثـل يعبـر عـن إرادتهـا وللشـركة الحـق فـي التقاضي، أهلية في الحدود التي
يعينها عقد إنشائها والتي يقررها القانون أي لها أهلية خاصة بها فهي تتمتع بحق
التملك والتعاقد مع الغير فتصبح دائنة ومدينة، فلها أن تشتري وتبيع وأن تقـرض
ويقـوم بجميـع هـده الأعمـال الممثـل القـانوني للشـركة بموجـب عقـد الشـركة التأسيسـي
وفـي حـدود الصلاحيات الممنوحة له في العقـد أو نظامهـا الأساسـي، إن الشـركة
أيضـا باكتسـابها هـده الأهليـة تخضع لالتزامات التاجر وأيضا تقـوم مسـؤوليتها
المدنيـة بـالتعويض عـن الأضـرار التـي تقـع للغيـر جراء أعمال موظفيها أو أعمالها
في حالة تأديـة وظيفـتهم أو بسـببها، وجـرى الفقـه والقضـاء علـى عدم قيام
المسؤولية الجنائية على عـاتق الشـركة والأشـخاص المعنويـة بوجـه عـام كـون أن
العقوبـة ذاتيـة شخصـية لا تقـع إلا علـى الشـخص الطبيعـي المرتكـب للفعـل
الإجرامـي ومـع ذلـك يجـوز أن يحكم على الشركة بالعقوبة المالية كالغرامات
المالية.
المطلب الثاني: التزامات التاجر
يفـرض القـانون التجـاري علـى كـل مـن يكتسـب صـفة التـاجر التـزامين أساسـيين
وهمـا: الالتـزام بمسك الدفاتر التجارية والالتزام بالقيد في السجل التجاري.
الفرع الأول: مسك الدفاتر التجارية
أولا: تعريف الدفاتر التجارية
لم تعرف الدفاتر التجارية من طرف المشرع في القانون التجاري لكن يمكن تعريفها
بأنها دفاتر ذات صفحات مرقمة يمسكها التاجر لبيان مركزه المالي فيقيـد فيهـا مالـه
مـن حقـوق ومـا عليـه مـن ديون، كما يقيد فيها كافة العمليات التجارية التي يقوم
بها.
ثانيا: أنواع الدفاتر التجارية
ألـزم القـانون التجـاري علـى كـل تـاجر أن يمسـك دفـاتر تجاريـة تكفـل تبيـان
مركـزه المـالي بدقـة وبيـان مالـه ومـا عليـه مـن ديـون ومـن هـذه الـدفاتر مـا
هـو إلزامـي وهمـا دفتـر اليوميـة ودفتـر الجـرد ومنها ما هو اختياري ولكن
تستلزمها عادة طبيعة النشاط التجاري الذي يمارسه التاجر وحجم هذا النشاط.
1 -
الـدفاتر الإجباريـة: وهـي دفـاتر
إلزاميـة علـى كـل تـاجر مسـكها وقـد نصـت عليهـا
المـادتين
9 و10 من القانون التجاري وهي دفتر اليومية ودفتر الجرد.
أ- دفتـر اليوميـة: يعتبـر مـن أهـم
الـدفاتر التجاريـة وبموجـب المـادة 9 ق.ت.ج فـان التـاجر يقيـد فـي هـذا الـدفتر
يوميـا جميـع العمليـات التـي يقـوم بهـا والتـي تتعلـق بتجارتـه مـن بيـع أو
شـراء أو اقتـراض أو دفـع ....الـخ، وٕإذا لـم يـتمكن التـاجر مـن القيـام بـذلك
التـدوين اليومي يقوم بعملية التدوين شهريا بشرط أن يحتفظ بكافة الوثائق التي تمكنه
من مراجعـة تلك العمليات يوميا، وذلك لتسهيل عمليات القيد اليومية وهذا خاصة
بالنسبة للمشروعات التجارية الكبيرة.
يجـوز للتـاجر أن يمسـك أكثـر مـن دفتـر يوميـة مسـاعد وهـذا مـن أجـل تنظـيم
تجارتـه فيخصص دفتر للمشتريات وآخـر للمبيعات وثالـث للمصروفات رغـم أن المشـرع
الجزائـري لـم يـنص صراحة علـى دفـاتر مسـاعدة- مـع ضـرورة المحافظـة علـى
الـدفاتر المساعدة ليمكن الاطلاع عليها كما لزم الأمر وهذا مـا قصـده المشـرع مـن
عبـارة "بشـرط أن يحتفظ في هذه الحالة بكافة الوثائق التي يمكن معها مراجعة
تلك العمليات يوميا "
ب- دفتـر الجـرد: نصـت عليـه المـادة
10 ق.ت.ج لـذا فالتـاجر ملـزم فـي آخـر كـل سـنة ماليـة بجـرد أمـوال منشـأته
سـواء كانـت منقولـة أو ثابتـة وتقويمهـا وحصـر مالـه ومـا عليـه أي حساب الأرباح
والخسائر، وعليه فإن دفتر الجرد يساعد في معرفة المركـز المـالي للتـاجر ويتيح
للدائنين في حالـة إفـلاس التـاجر معرفـة مـا لديـه مـن حقـوق ومـا عليـه مـن
التزامـات أي ديون.
2- الـدفاتر الاختياريـة: يمسـك التـاجر
إلـى جانـب الـدفاتر الإجباريـة دفـاتر اختياريـة تسـاعده فـي تنظيم تجارته نذكر
منها على سبيل المثال:
أ- دفتـر المسـودة: يعتبـر هـذا النـوع
مـن الـدفاتر مسـودة لـدفتر اليوميـة فتـدون فيـه كافـة العمليـات التجاريـة فـور
حصـولها حتـى يتـذكرها التـاجر، ثـم تنقـل بعنايـة إلـى دفتـر اليوميـة فالتاجر
ملزم بنقلها حسب حصولها أي بالتتابع مـن أجـل التـدقيق، ويسـتعين التـاجر بمثـل
هـذا الـدفتر لأن تـدوين عملياتـه اليوميـة مـن شـراء وبيـع ورهـن وغيرهـا فـي
دفتـر اليوميـة مباشرة قد يؤدي إلى وقوعه في أخطاء.
ب- دفتـر المخـزن: يـدون التـاجر فـي
هـذا النـوع مـن الـدفاتر كافـة العمليـات المتعلقـة بـدخول البضـائع وخروجهـا،
كمـا يطلـق علـى هـذا الـدفتر تسـمية دفتـر المشـتريات والمبيعـات فوظيفته مشتقة
من اسمه وتظهر أهمية هذا الدفتر في معرفة التاجر ما لديـه مـن بضـائع مخزنة في
مخازنه التابعة لمحله التجاري ، وبالتالي معرفة كميتها ومواجهة الناقص منهـا
لتلبية طلبات زبائنه ،كما يعمل هذا النوع من الدفاتر كمؤشر لتنبيه التاجر حول
البضـائع التي يقل الطلب عليها فيقلل هو الآخر من اقتنائها.
ت- دفتـر المسـتندات والمراسـلات: يلتـزم التـاجر بالاحتفـاظ بجميـع المسـتندات والمراسـلات والبرقيـات
المتعلقـة بنشـاطه التجـاري سـواء صـدرت منـه أو مـن الغيـر، ويقـوم بترتيبهـا
والاحتفاظ بها.
ثالثا: أهمية مسك الدفاتر التجارية
تظهر فيما يلي:
1-
تمكن الدفاتر التجارية التاجر مـن معرفـة مركـزه المـالي وبدقـة تمكنـه تقـدير
فيمـا إذا كـان فـي حالة ربح أو خسارة.
2- الدفاتر التجارية وسيلة للإثبات سواء في العلاقة بين التجار أو بينهم وبين
غير التجار.
3- الدفاتر التجارية متى كانت منتظمة وتوقف التاجر عن الوفاء بديونه التي حـل
تـاريخ الوفـاء بهـا فإنهـا تجنبـه الحكـم بشـهر إفلاسـه وبالتـالي إبعـاده مـن
تجارتـه وقـد يسـتفيد مـن التسـوية القضائية والصلح القضائي وعودته على أرس
تجارته.
4- إذا كانـت الـدفاتر التجاريـة للتـاجر منتظمـة ودقيقـة كـان ذلـك لمصـلحة
التـاجر، حيـث تقـوم مصـلحة الضـرائب بفـرض ضـريبة علـى أسـاس الأربـاح الحقيقيـة
للتـاجر والمثبتـة فـي دفـاتره ،ومتـى كانـت الـدفاتر غيـر منتظمـة وغيـر دقيقـة
كـان ذلـك ضـد التـاجر، حيـث تفـرض عليـه ضريبة جزافية الأمر الذي قد يؤدي إلى
الإجحاف بحق التاجر.
رابعا: الجزاءات المترتبة على عدم مسك الدفاتر التجارية أو على عدم انتظامها
إن مسـك الـدفاتر التجاريـة التـزام قـانوني يقـع علـى عـاتق الشـخص المكتسـب
لصـفة التـاجر فـإذا اخـل بهـذا الالتـزام إمـا بعـدم مسـكه لـدفاتر تجاريـة أو
قـام بمسـكها ولكـن كـان ذلـك مخـالف لعـرف مهنته فيتعرض في هذه الحالة لجزاء
قانوني.
1-
العقوبات المدنية:
- في حالة عدم مسك الدفاتر التجارية منتظمة فلا يعتـد بهـا فـي الإثبـات
لمصـلحة التـاجر في حالة وقوع نزاع بينه وبين تاجر آخر بشأن الأعمال التجارية
بينهما.
- فـرض الضـريبة الجزافيـة عليـه مـن طـرف مصـلحة الضـرائب فـي حـال الـدفاتر
غيـر المنتظمة.
- إذا لـم يمسـك التـاجر دفـاتر منتظمـة جـاز حرمانـه مـن الصـلح الـواقي مـن
الإفـلاس فـي حالة توقفه عن دفع ديونه.
2- العقوبات الجزائية
- إذا توقف التاجر عن دفع ديونه وتبين انه لم يمسك دفاتره التجارية أو كانت
غير منتظمة اعتبر مرتكبا لجريمة الإفلاس بالتقصير حسب المادة 370 ق.ت.ج فتطبق عليه
العقوبات الوارد ذكرها في نص المادة 383 قانون عقوبات جزائري.
- إذا أفلـس التـاجر وتبـين انـه أخفـى دفـاتره أو بـددها أو أتلفهـا أو أضـاف
إلـى مي ازنيتـه ديونـا لا أسـاس لهـا مـن الصـحة اعتبـر مفلسـا بالتـدليس وذلـك
حسـب المـادة 374 ق.ت.ج فيعاقـب بالعقوبـة الـوارد ذكرهـا فـي المـادة 383 قـانون
عقوبـات جزائـري. (تـنص المـادة 383 مـن قـانون العقوبـات الجزائـري "كـل مـن
ثبتـت مسـؤوليته لارتكـاب جريمـة التفلـيس فـي الحـالات المنصـوص عليها في القانون
التجاري يعاقب:
- عـن التفلـيس بالتقصـير بـالحبس مـن شـهرين إلى سـنتين وبغرامـة مـن 25.000
دج إلـى
200.000دج.
-عـن التفلـيس بالتـدليس بـالحبس مـن سـنة إلـى خمـس سـنوات وبغرامـة مـن
100.000 دج إلـى
500.000 دج.
ويجوز علاوة على ذلك أن يقضي على المفلس بالتدليس بالحرمان من حق أو أكثر من
الحقوق الواردة في المادة 9 مكرر 1 من هذا القانون لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات
على الأكثر").
- المـادة 378 ق.ت.ج قـد تعرضـت للشـركة التـي توقفـت عـن الـدفع وطبقـت
عقوبـة الإفـلاس بالتقصـير علـى القـائمين بـالإدارة والمـديرين والمصـفيين
للشـركة أو بوجـه عـام كـل المفوضـين مـن قبل الشركة، والدين امسكوا بسوء أو أمروا
بإمساك حسابات الشركة بغير انتظام.
الفرع الثاني: القيد في السجل التجاري
أولا: تعريفه ووظائفه
1 -
تعريفه
يعـرف القيـد فـي السـجل التجـاري علـى أنـه: "دفتـر تمسـكه الإدارة
المختصـة تقيـد فيـه كافـة البيانـات والمعلومـات المتعلقـة بالتجـار أفـراد
كـانوا أم شــركات كأسـمائهم ومحـال إقـامتهم ونـوع أنشطتهم وتأخذ بهذا النظام
مختلف الدول مهما اختلفت إيديولوجيتها ونظامها الاقتصادي.
هناك تعريف آخر على أنه سجل عـام تمسـكه جهـة رسـمية معـدة لتـدوين جميـع
البيانـات التـي تتعلـق بالمؤسسـات التجاريـة والتجـار لإثبـات مـا يطـرأ علـى
هـذه المؤسسـات وعلـى أصـحابها مـن تغييرات مادية وقانونية"، أو هو
"دفتر يحتوي على صفحات خاصة تقيـد فيهـا بيانـات عـن التجـار وتخصص لكل تاجر
صفحة خاصة تسجل فيها بيانات عنه وعن نشاطه وذلك بهدف:
* حصر عدد المتاجر وبيان نوع نشاطها لذلك تكون له وظيفة إحصائية
* لتمكين كل ذي مصلحة من أن يتعرف على بيانات التاجر الذي يرغب في التعامل
معه.
* يعتبر أداة قانونية للإشهار.
وعليه يمكن القول بأن للقيد في السجل التجاري عدة وظائف.
2 - وظائفه
أ- الوظيفة الاستعلامية: لما كان السجل
التجاري يتضمن جميع البيانات الخاصة بالتجارة كأهلية التـاجر ونـوع تجارتـه ومحلـه
التجـاري وفروعـه إن وجـدت فانـه يصـبح مـن الأكيـد علـى مـن يتعامـل مع التاجر
معرفة حقيقة مركزه المالي كما يسهل رقابة الدولة له.
ب- الوظيفـة الإحصـائية: يعتبـر السـجل
التجـاري أداة إحصـائية هامـة للدولـة تسـتطيع بواسـطته الوقـوف علـى كـل مـا يخـص
التجـارة والتجـار وذلـك بالاعتمـاد علـى البيانـات التـي تقيـد بالسـجل التجـاري
ومنـه فـرض المشـرع حتـى عقوبـات جنائيـة علـى كـل مـن يـدلي ببيانـات كاذبـة فـي
القيـد ويجب تغيير كل تعديل في هذه المعلومات والإشارة إليه في السجل.
ج- الوظيفة الاقتصادية: لما كان السجل
التجاري من شأنه أن يعطـي إحصـاءات داخـل كـل دولـة عـن وضـعيتها الاقتصـادية
لـذلك وجـب علـى مخططـي الدولـة الاقتصـاديون الاعتمـاد علـى السـجل التجاري
لمعرفة أنواع التجارة القائمة ومقارنتها باحتياجات الدولـة فتشـجع التجـارة
الضـرورية وتقلـل مما ليست في حاجة إليه.
د- الوظيفة القانونية: يقوم السجل
التجاري كنظام قانوني موضوعي حيـث يـؤدي وظيفـة الإشـهار فـي المـواد التجاريـة
ممـا يرتـب عليـه آثـار قانونيـة هامـة كالأخـذ بمبـدأ الحجيـة المطلقـة لمـا
يـدون بالسجل، كمـا يلعـب القيـد بالسـجل الـدور الهـام فـي اكتسـاب الشـخص لصـفة
التـاجر وكـذا اكتسـاب الشركة للشخصية المعنوية.
ثانيا: المصالح المكلفة بالسجل التجاري
1- المركـز الـوطني للسـجل التجـاري:
مؤسسـة إداريـة مسـتقلة "يعـد المركـز مؤسسـة إداريـة مسـتقلة مكلفـة
خصوصـا بتسـليم السـجل التجـاري تتمتـع بالشخصـية المعنويـة والاسـتقلال المـالي،
هـدفها تحقيـق المصـلحة العامـة يشـرف عليـه وزيـر التجـارة، يضـطلع المركـز تحـت
إشـراف وزيـر التجـارة بمهمة الخدمة العمومية وهو يتمتع بالشخصية المعنوية
والاستقلال المالي.
2- الأعوان المؤهلون لتسليم السجل التجاري:
أ- مـأمورو المركـز الـوطني للسـجل التجـاري: يعتبـر موظفـوه المتواجـدون علـى مختلـف فروعـه ضـباط عموميـون يتمتعـون
بصـفة مسـاعدي القضـاء ويوضـعون تحـت رقابـة القاضـي، مهمـتهم تسجيل كل شخص وفر
الملف المطلوب للقيد.
ب- القاضـي المكلـف برقابـة السـجل التجـاري: يقـوم بتـرقيم والتأشـير علـى السـجل التجـاري حسـب المـادة 1 فقـرة 2
مـن القـانون 04-08 والمتعلـق بشـروط ممارسـة الأنشـطة التجاريـة الصـادر فـي 14
أوت 2004 (جريـدة رسـمية عـدد 52 ل 18 أوت 2004) المعـدل والمـتمم بالقـانون رقـم
13-06 المـؤرخ فـي 23 جويليـة 2013 "يمسـك السـجل التجـاري المركـز الـوطني
للسـجل التجـاري ويرقمـه ويؤشـر عليـه القاضـي"، كمـا يخـتص بدراسـة
الاعتراضـات علـى أهليـة التـاجر أو الناجمة عن التسجيل في السجل التجاري.
ثالثا: صلاحيات المركز الوطني للسجل التجاري
يعـد المركـز الـوطني للسـجل التجـاري مؤسسـة إداريـة مسـتقلة مكلفـة خصوصـا
بتسـليم السـجل التجـاري وتسـييره، إذ يتمتـع بالشخصـية المعنويـة والاسـتقلال
المـالي، يتمتـع المركـز بصـفة التـاجر في علاقاته مع الغير وأن مهام المركز هي
على وجه الخصوص:
*
ضبط السجل التجاري والحرص على احترام الخاضعين له للواجبات المتعلقة بالقيد فـي
السـجل التجاري وكذلك تحديد الكيفيات التطبيقية المتعلقة بهذه العمليات.
* تنظيم كافة النشرات القانونية الإجبارية حتى يكون الغير على علم بمختلف
التغيرات التي تطرأ على الحالة القانونية للتاجر والمحلات التجارية.
* تسليم كل وثيقة متعلقة بالسجل التجاري كشهادات الشطب أو عدم الشطب.
* السـهر علـى تكـوين الفهـرس للمتعـاملين الاقتصـاديين والمتـاجر وضـبطه
ولهـذا الغـرض يقـوم بضبط باستمرار قائمة النشاطات الاقتصادية الخاضعة للقيد في
السجل التجاري.
* تجميـع كـل الأحكـام التشـريعية والتنظيميـة والتقنيــة التـي تتضـمن شـروط
الإلحـاق بالأعمـال التجارية والمهنية.
رابعا: الإشهار القانوني
لقد سبق القول بأن السجل التجاري يعتبر أداة قانونية للإشهار، يترتـب علـى
ذلـك أنـه يتوجـب على المركز الوطني للسـجل التجـاري فـي إطـار مهامـه إعـداد
النشـرة الرسـمية للإعلانـات القانونيـة ونشـرها ،ويلتـزم بـإدراج فـي هـذه
النشـرة كافـة الإشـهارات القانونيـة التـي يقررهـا فـي مجـال الإشـهار التشـريع
والتنظـيم المعمـول بهمـا، وعلـى هـذا الأسـاس يجـب أن تتضـمن النشـرة الرسـمية
خصوصـا كـل الإشـهارات الإجباريـة التـي تخـص الحالـة القانونيـة للتـاجر
والمحـلات التجاريـة أو المتعلقـة بهيئات الشركات التجارية سواء أكانت هيئات
إدارية أو رقابية.
وهكـذا يسـتهدف الإشـهار القـانوني الإجبـاري اطـلاع الغيـر علـى مسـتوى
العقـود الأساسـية للشركات التجارية والتحويلات والتعديلات وكل التغييرات التي
تطرأ على رأسمالها ،كما يرمي إلـى بيان كافـة العمليـات الـواردة علـى المحـل
التجـاري كرهنـه أو بيعـه أو تـأجيره وعـلاوة علـى هـذا فإنـه يجـب أن يكـون
الغيـر علـى علـم بكـل الأحكـام القضـائية المتعلقـة بعمليـات التصـفية أو
الإفـلاس وجميع التدابر المتضمنة الحظر أو إسقاط الحق في ممارسة
التجارة.
والجـدير بالـذكر فـي هـذا المضـمار أن المشـرع تـدخل مـؤخرا لبيـان القـرارات
القضـائية والإداريـة والمعلومات التي من شأنها المساس بصفة التاجر والتي يجب
تبليغها إلى المديرية العامة للمركـز الـوطني للسـجل التجـاري، وهكـذا يتوجـب علـى
الجهـات القضـائية أن تحـيط المـدير العـام للمركـز علمـا بكافـة القـرارات
النهائيـة المتعلقـة بانعـدام الأهليـة والمنـع مـن ممارسـة مهنـة تجاريـة وفقـدان
الحقوق المدنيـة والوطنيـة، وفيما يخـص السـلطات الإداريـة فهـي تلتـزم بـدورها
بإرسـال كافـة القـرارات التي تتضمن سحب الرخص الممنوحة لمزاولة نشاط أو مهنة
مقننة.
كما تجدر الملاحظة أن مفعول الإشهار القانوني الذي يقوم به المعني بـالأمر
تحـت مسـؤوليته ونفقته لا يسري إلا ابتداء من تاريخ نسره في النشرة الرسمية
للإعلانات القانونية.
علـى أن الحيـاة العمليـة بينـت أكثـر مـن مـرة أن هـذه النشـرة لـم تلعـب
دورهـا بصـورة فعالـة بحيـث أن إصـدارها غيـر مسـتمر وغيـر منـتظم، الأمـر الـذي
يـؤدي إلـى نشـر العقـود التجاريـة عـدة أشـهر بعد تاريخ إبرامها وهذا ما يتنافى
مع الهدف المنشود قانونا.
خامسا: الاطلاع على السجل التجاري
تطبيقـا لمبـدأ العلانيـة التجاريـة التـي وضـع لأجلهـا السـجل التجـاري فانـه
يجـوز لأي شـخص معنـي أن يحصـل مـن المركـز الـوطني للسـجل التجـاري علـى نسـخة
مـن القيـود الـواردة فـي السـجل مقابل دفع مصاريف ذلك الاطلاع على شرط أن يكون له
مصلحة في ذلـك وهـذا مـا نصـت عليـه المـادة 24 مـن القـانون الخـاص بالسـجل
التجـاري لسـنة 1990(90-22 المـؤرخ فـي 18 أوت 1990 والـذي تـلاه القـانون 91-14
الصـادر فـي 14 سـبتمبر 1991 والتعلـق بالسـجل التجـاري صدر المرسوم التنفيذي رقم
15-111 المؤرخ في 3 ماي 2015 المحدد لكيفيـات القيـد والتعـديل والشطب في السجل
التجاري) بقولها "يمكن لأي شخص أن يحصـل مـن المركـز الـوطني للسـجل التجـاري
علـى أيـة معلومـة واردة فـي السـجل التجـاري علـى أن يتحمـل مصـاريف ذلـك
الاطـلاع" وفـي حالـة عـدم القيـد يعطـي المركـز شـهادة سـلبية بعـدم حصـوله
ولا يجـوز أن تشـتمل النسـخة المعطاة علـى أحكـام شـهر الإفـلاس إذا حكـم بـرد
الاعتبـار ولا علـى أحكـام الحجـز إذا قضـي برفـع الحجز وذلك مراعاة لمصلحة
التاجر.
وحتى يتسنى للغير الرجوع إلى السجل أوجب القانون على كل تاجر شخص طبيعـي أو معنـوي
أن يـذكر فـي جميـع المراسـلات والفـواتير المتعلقـة بأعمالـه التجاريـة رقـم
السـجل التجـاري والمكـان الذي سجل فيـه، كمـا نـص القـانون الخـاص بالسـجل
التجـاري علـى الإشـهار القـانوني الـذي يترتـب عنـه شـهر هـذه البيانـات
المتعلقـة بالتـاجر فـي جرائـد وطنيـة وهـذا مـا نصـت عليـه المـادة 23 مـن
القـانون الخـاص بالسـجل التجـاري" ينشـر هـذا الإشـهار القـانوني الـذي
يتحمـل المعنـي نفقاتـه ومصـاريفه فـي الجرائـد الوطنيـة أو اليوميـة المؤهلـة
لـذلك"، والجـدير بالـذكر أنـه متـى قيـد التـاجر اسـمه فـي السـجل التجـاري
كانـت لـه الأولويـة فـي الحصـول علـى نسـخة مـن السـجل التجـاري ولا يسلم إلا
نسخة واحدة مدة حياة الشخص الطبيعي أو المعنوي طبقا لنص المادة 16 من قانون السجل
التجاري.
سادسا: الأشخاص الملزمون بالقيد في السجل التجاري والمستبعدون من القيد فيه
1- الأشخاص الملزمون بالقيد في السجل التجاري
حسب نص المادة 19 و 20 من القانون التجاري الجزائري وكذا نـص المـادة 04 و
المـادة 06 من القانون 04-08 المتعلق بشروط ممارسة الأنشـطة التجاريـة المعـدل
والمـتمم علـى أنـه يشـترط فيمن يلتزم بالقيد في السجل التجاري شرطان:
أ: أن يكون تاجرا
لا يلتـزم بالقيـد فـي السـجل التجـاري إلا التـاجر سـواء أكـان فـردا أو
شـركة تجاريـة وسـواء كـان موضـوع هـذه الأخيـرة تجاريـا أو مـدنيا طالمـا اتخـذت
شـكل إحـدى الشـركات التجاريـة المعتـرف بهـا قانونـا وهـي شـركة التضـامن،
المساهمة، الشـركة ذات المسـؤولية المحدودة، شـركة التوصـية بنوعيهـا وعليه فإن
القيد في السجل التجاري واجب على التجار الأفراد والشركات التجارية.
ب: ممارسة النشاط التجاري في الجزائر
حيث يشترط القانون الجزائري فـي التـاجر الطبيعـي أو المعنـوي أن يكـون لـه
فـي الجزائـر مكتبـا أو فرعا أو أي مؤسسة أخرى، ويقصد بالمحل التجاري المكان الذي
يتخـذه التـاجر لمزاولـة أعمالـه التجاريـة إذا كـان شخصـا طبيعيـا ،ويقصـد
بـالفرع أو الوكالـة أي مركـز ثابـت يباشـر فيـه التـاجر نشاطا تجاريا مستقلا نوعا
ما عن نشاط المركز الرئيسي.
ويقصـد بمركـز الشـركة المكـان الـذي توجـد فيـه إدارة الشـركة الرئيسـي إذا
كـان شخصـا معنويـا أما إذا كان مركزها الرئيسي في الخارج وفتحت في الجزائر مكتبا
أو فرعا فتلتزم بالقيد في السـجل التجاري وهذا حسب المادة 02 من القانون التجاري
الجزائري.
2- الأشخاص المستبعدون من القيد في السجل التجاري
هنـاك أشـخاص يسـتبعدون مـن القيـد فـي السـجل التجـاري لقـد
حـددتهم المـادة 07، 08 و 09 من القانون رقم 04-08 المعـدل والمـتمم والسـابق
ذكـره أعـلاه، وعليـه هنـاك فئـة مـن الأشـخاص ممنوعـة مـن مباشـرة التجـارة
بواسـطة قـوانين مهـنهم كمـا هـو الحـال بالنسـبة للمحـامين والأطبـاء
والمهندسين...الخ، ومع ذلك قاموا بمباشرة التجارة بصفة مستمرة فما مـن شـك فـي
اكتسـابهم صـفة التاجر وخضوعهم لواجبات التجار حماية للغير الذي يعتمد على الوضع
الظاهر، وهذا ما نصـت عليه المادة 09 من القانون 04-08 بنصـها" لا يجـوز لأي
كـان ممارسـة نشـاط تجـاري إذا كـان خاضـعا لنظـام خـاص يـنص علـى حالـة تنـاف
علـى الـذي يـدعي حالـة التنـافي إثبـات ذلـك، ترتـب الأعمـال الصـادرة عـن شـخص فـي
وضـعية التنـافي كـل آثارهـا القانونيـة اتجـاه الغيـر حسـن النيـة الذي يمكنهم
التمسك بها دون أن يكون للمعني حق الاستفادة منها".
كـذلك الأمـر بالنسـبة للمحكـوم علـيهم فـي جنايـات أو جـنح كـاختلاس الأمـوال
والغـدر والرشـوة والسـرقة والاحتيـال...الـخ، فيلجـأون إلـى ممارسـة النشـاط
التجـاري باسـم شـخص آخـر وبالتـالي يستترون وراءه فيكون هذا الأخير هو التاجر
الظاهر والأشـخاص الممنوعـون هـم التـاجر المسـتتر هنا تمنح صفة التاجر للمستتر
بالرغم من انه يمنع عليه ممارسة التجارة كعقوبة له، ويعتبر تاجرا فـي الالتزامـات
فقـط، أمـا بالنسـبة للحقـوق فـلا تضـفى عليـه صـفة التـاجر، فـلا يسـتطيع أن
يحـتج علـى الغيـر بـدفاتره التجاريـة ذلـك لأنـه فـي الحقيقـة لا يعتبـر تـاجرا،
أمـا التـاجر الظـاهر فيكتسـب كـذلك صـفة التـاجر سـواء فيمـا يتعلـق بـالحقوق أو
الالتزامـات حمايـة للغيـر المتعامـل معـه لكـونهم علـى غيـر علـم بقيـام العمـل
لصـالح شـخص آخـر (نـص المـادة 08 مـن القـانون 04-08 المعـدل والمتمم).
وحسـب المـادة 07 أيضـا مـن القـانون رقـم 04-08 أنـه "تسـتبعد مـن مجـال
تطبيـق أحكـام هـذا القـانون الأنشـطة الفلاحيـة والحرفيـون فـي مفهـوم الأمـر
رقـم 96-01 المـؤرخ في 10 يناير(جانفي ) 1996 الذي يحدد القواعد التـي تحكـم
الصـناعة التقليديـة والحـرف والشـركات المدنيـة والتعاونيـات التـي لا يكـون
هـدفها الـربح والمهـن المدنيـة الحـرة التـي يمارسـها أشـخاص طبيعيـون والمؤسسـات
العموميـة المكلفـة بتسـيير الخـدمات العموميـة باسـتثناء المؤسسـات العموميـة ذات
الطابع الصناعي والتجاري".
ومـا يهمنـا هنـا هـو التمييـز بـين التـاجر والحرفـي، وهـل هـذا الأخيـر
يمكـن إدراجـه ضـمن طائفـة التجار؟
هنـاك مـن يعرفـه أنـه "شـخص يمـارس حرفـة يدويـة متخـذا شـكل مشـروع،
كمـا أن الحرفـي يجـد ربحـه ورزقـه الرئيسـي فـي عملـه اليـدوي لا فـي فـارق
أسـعار المـواد الأوليـة والمنتجـات الصـناعية. مثـال عـن أصـحاب الحـرف:
الخيــاط، النجـار، الحـداد، الميكانيكي، الحلاق....الـخ، فهـؤلاء الأشـخاص تبقـى
أعمـالهم مدنيـة واسـتعانوا بآلـة أو أكثـر فـي العمـل مثـل اسـتعمال آلات
الخياطـة بالنسـبة للخيـاط وآلات غسـل الشـعر بالنسـبة للحـلاق، وعليـه فـالحرفي
أقـرب إلـى العامـل منـه إلـى التـاجر، ولكـن إذا مـا لجـأ الحرفـي إلـى شـراء
المـواد الأوليـة بكميـات كبيـرة (مثـل شـراء الخيـاط للأقمشـة وعرضـها للبيـع
بحالتهـا أو بعـد خياطتهـا فـإن عملـه يعـد تجاريـا علـى أسـاس كونـه شـراء لأجل
البيع وهو نشاط رئيسي في هذا المجال وما الحرفة إلا عملا ثانويا).
- الحرفي يمارس نشاط على سبيل الارتزاق لإشباع الحاجيات معتمـدا علـى مهـارة
وصـناعة يدويـة بمفرده أو بمساعدة عدد من العمال.
- الحرفي لا يضارب على السلع أو البضائع التي يسـتعملها فـي إدارة أعمالـه بـل
أن أرباحـه تكـون نتاج عمله اليدوي.
- أمـا بالنسـبة للتسـجيل فـي الصـناعات التقليديـة والحـرف حسـب الأمـر 96-01
المـذكور سـابقا المادة 26 المتعلقـة بـالحرف فـإن مهمـة الحرفـي تتـرك لكـل شـخص
يمـارس نشـاطا تقليـديا ومسـجل فـي سـجل الصـناعات التقليديـة والحـرف، وعليـه لا
يتصـف بصـفة التـاجر الحرفيـون وهـذا اسـتنادا لنص المادة 07 من القانون 04-08
المعدل والمتمم.
سابعا: آثار عدم القيد في السجل التجاري
نظـرا لأهميـة القيـد فـي السـجل التجـاري وبغـرض الحـد مـن التجـارة
الفوضـوية والتجـارة المسـتترة اعتمـد المشـرع الجزائـري عديـد العقوبـات ضـد
الأشـخاص المخـالفين لأحكـام القـوانين والتنظيمـات المتعلقة بالسجل التجاري.
1-
العقوبات المدنية:
حسـب المـادة 22 مـن القـانون التجـاري الجزائـري أن كـل مـن يـزاول النشـاط
التجـاري فـي خـلال شـهرين مـن تـاريخ بـدأ نشـاطه يلتـزم بالقيـد فـان لـم يفعـل
خـلال هـذه المهلـة يحظـر عليـه التمسـك بصـفته كتـاجر فـي مواجهـة الغيـر أي
تسـقط عنـه الحقـوق التـي يتمتـع بهـا باعتبـاره تـاجرا، بينمـا المسؤوليات
والواجبات الملازمة لهذه الصفة يتحملها التاجر وهذا جزاء لإخلاله بالالتزام بالقيد
فـي السـجل التجـاري، كمـا لا يمكـن للتـاجر الاحتجـاج بـبعض البيانـات الضـرورية
لمزاولـة التجـارة اتجـاه الغيـر إذا لـم يقيـدها فـي السـجل التجاري إلا إذا
أثبـت أن الغيـر كـان علـى علـم بهـا حسـب المـادة 24 و25 من القانون
التجاري الجزائري.
وحسـب المـادة 29 مـن القـانون التجـاري الجزائـري لا يجـوز الاحتجـاج إذن
علـى الغيـر بصـفة التـاجر ولا بالوضـعية التجاريـة سـواء كـان التـاجر شخصـا
طبيعيـا أو معنويـا إلا بعـد القيـد، فـإذا لـم يقيد في السجل التجاري سقط حقه في
ذلك وقامت مسؤوليته المدنية والمتعلقة في عـدم الاحتجـاج اتجاه الغير بصفته كتـاجر
أو بالبيانـات اللازمـة لتجارتـه، كما تقـوم مسـؤوليته الجزائيـة، إضـافة إلـى
الالتزام بتعويض الضرر الذي يسببه التاجر جراء عدم القيد أو قيد بيانات خاطئة.
2- العقوبات الجزائية:
بالإضافة إلى الجزاء المدني فان التاجر يتعرض إلى عقوبات جزائية حيث يمكن
مساءلته في حالات عديدة حددتها المواد من 31 إلـى 41 مـن القـانون 04-08 المعـدل
والمـتمم والمتعلـق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية نذكر:
-حالة ممارسة نشاط تجاري قار دون القيد يعاقب ب: غلق المحل+ غرامة مالية
(10.000 إلى 100.000 دج).
- حالـة ممارسـة نشـاط تجـاري غيـر قـار دون القيـد يعاقـب ب: غلـق المحـل +
غرامـة ماليـة (5.000 إلى 50.000 دج) + يمكن للأعوان حجز السلع وعند الاقتضاء حجز
وسيلة النقل.
- حالة الإدلاء بمعلومات غير صحيحة بغرامة من 50.000 إلى 500.000 دج.
- حالـة تزويـر مسـتخرج السـجل التجـاري بعقوبـة الحـبس مـن 06 أشـهر إلـى
سـنة + غرامـة مـن
100.000 إلـى 1.000.000 دج + غلـق المحـل، كمـا يمكـن منـع القـائم بـالتزوير
مـن ممارسـة التجارة لمدة أقصاها 50 سنوات.
- يعاقـب الشـخص المعنـوي علـى عـدم إشـهار البيانـات القانونيـة بغرامـة مـن
30.000 إلـى 300.000 دج، أما الشخص الطبيعي فيعاقب بغرامة مالية من 10.000 إلى
30.000 دج.
- يعاقـب علـى عــدم تعـديل بيانـات مسـتخرج السـجل التجـاري فـي أجـل 03
أشـهر بغرامـة مـن 10.000 إلى 100.000 دج والسحب المؤقت للسجل التجاري.
- يعاقب على منح وكالة لممارسة نشاط تجاري للغير باسم صاحب السجل التجاري بغ
ارمـة مـن 1.000.000 دج إلى 5.000.000 دج (باستثناء الزوج والأصول والفروع من
الدرجة الأولى).
- حالـة ممارسـة مهنــة مقننـة دون الحصـول علـى رخصـة بغرامـة مـن 50.000 دج
إلى 500.000 دج+ غلق المحل.
- حالة ممارسة نشاط تجاري خارج عـن مضـمون السـجل التجـاري تكـون العقوبـة بـالغلق الإداري المؤقت للمحل التجاري لمدة شهر وغرامة من 20.000 دج إلى 200.000 دج.