أصناف العقوبات
توقـع العقوبـات علـى الجنـاة المحكـوم
علـيهم والمـدانين بارتكـاب الجـرائم حسـب قـانون العقوبـات وتصـنف إلـى صـنفين
رئيسـيين، نتطـرق فـي المطلـب الأول إلـى العقوبـات الأصـلية وفي المطلب الثاني
إلى العقوبات التكميلية.
المطلب الأول: العقوبات الأصلية
هـي تلـك العقوبـات التـي يجـوز الحكـم
بهـا منفـردة دون أن تلحـق بهـا أيـة عقوبـة أخـرى، حيـث تكـون كافيـة لتحقيـق
معنـى العقـاب. وهـي عقوبـة تحكـم بهـا المحكمـة وتبـين مقـدارها. وهـي المعـول
عليهـا فـي تعيـين نـوع الجريمـة وفـي تحديـد القـانون الأصـلح للمـتهم المحكـوم
عليـه. وعليـه يمكـن تقسـيم العقوبـات الأصـلية إلـى 3 أقسـام وذلـك حسـب التكييـف
القانوني للجريمة وهذا ما ورد في نصّ المادة 5 من ق ع.
الفرع الأول: العقوبات المقررة في مواد الجنايات
ورد ذكرها في المادة 5 من ق ع مرتبة
ترتيبا تنازليا من العقوبـة الأشـد إلـى العقوبـة الأخف وهـي كـالآتي: عقوبـة
الإعـدام، السـجن المؤيـد، السـجن المؤقـت الـذي يتـراوح مـا بـين 5 إلى 20 سنة
والغرامة المالية.
أولا: عقوبة الإعدام
هي عقوبة استئصالية مقررة في قانون
العقوبات لأخطر الجرائم منها الجـرائم ضـد أمن الدولة كجناية التجسس أو جريمة
الإرهاب، الجرائم ضدّ الأفراد كالقتل العمدي مـع سبق الإصرار والترصّد، والجرائم
ضـدّ الأمـوال مثـل جنايـة أعمـال التخريـب والهـدم بواسـطة مواد متفجرة.
وقـد خـصّ المشـرع المحكـوم عليـه
بهـذه العقوبـة بأحكـام خاصـة، حيـث قـرر إخضـاعه إلى نظام الحبس الانفرادي ليلا
او نهار، كما حظر تنفيذ العقوبة على المرأة الحامـل والمرضـعة لطفل دون أربعة
وعشرين شهرا، والمحكوم عليه إذا اعتراه جنون أو مرض خطير. كمـا حضـر تنفيذ العقوبة
أيام الأعياد الوطنية والدينية، ويوم الجمعـة أو خـلال شـهر رمضـان وفقـا لمـا ورد
في المواد 151 إلى 157 من قانون تنظيم السجون وٕإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.
ثانيا: عقوبة السجن المؤبد
تسـتهدف هـذه العقوبـة حرمـان الشـخص
المحكـوم عليـه مـن حريتـه بصـفة مطلقـة، ولقـد تقررت العقوبة بشأن عدة جرائم
كجريمة القتل العمدي وجريمة التزوير. غيـر أنّ الحكـم بعقوبـة السـجن المؤبـد لا
تعنـي بقـاء المحكـوم عليـه فـي السـجن مـدى الحيـاة، فقـد يسـتفيد مـن الإفـراج
المشـروط إذا قـدم الضـمانات الضـرورية وكـان سـلوكه جيـد وذلـك حسـب المـادة 134
قانون تنظيم السجون.
ومما تجدر الإشارة إليه هو أن عقوبة
السجن المؤبد قد تكـون مصـحوبة بفتـرة لا يجـوز للمحكوم عليه طلب الإفراج خلالها
وهي الفترة الأمنية التي يحكم بها القاضي وينطـق بهـا فـي نفس الحكم الذي يتضمن
عقوبة السجن.
ثالثا: السجن المؤقت
شـأنها شـأن عقوبـة الإعـدام والسـجن
المؤبـد، هـي كـذلك مقـررة للجنايـات، ومضـمونها سـلب حريـة المحكـوم عليـه بصـفة
مؤقتـة، ومـدتها تكـون مـن 5 إلـى 20 سـنة، عـدا الحـالات التـي يقـرر القـانون
حـدودا أخرى، كما أن للقاضي النـزول بهـذه العقوبة دون الحدود المقـررة أعمالا
للظروف القضائية المخففة.
رابعا: الغرامة
يقصد بها إلزام المحكوم عليه بـدفع
مبلـغ نقـدي إلـى الخزينـة العموميـة وفقـا لمـا ورد فـي الحكم القضائي، حيث يمكن
للقاضـي إضـافة عقوبـة الغرامـة الماليـة بجانـب عقوبـة السـجن المؤقت.
الفرع الثاني: العقوبات المقررة في مواد الجنح
تتمثل العقوبات في مجال الجنح في الحبس
والغرامة المالية.
أولا: الحبس
هو عقوبة سالبة للحرية مقررة لمدة
زمنية تتجاوز شهرين إلى غايـة 5 سـنوات، مـا عـدا الحالات التي يقرر فيها القانون
حدودا أخرى. ومن بين الجرائم التي يحكم فيها بالحبس نـذكر جنحة السرقة البسيطة،
جنحة السب والشتم.
وتختلـف عقوبـة الحـبس عـن عقوبـة
السـجن المؤقـت مـن حيث الجهـة القضائية المختصة بإصدار الحكم، فهي محكمة الجنايات
بالنسبة لعقوبة السجن. بالنسبة لجواز إيقـاف تنفيذ العقوبة فيجوز فقط في عقوبة
الحبس دون عقوبة السجن.
ثانيا: الغرامة المالية
تقـدر الغرامـة فـي الجـنح بمقـدار
يتجـاوز 20.000 دج، رغـم وجـود بعـض الجـنح تقـرر فيهـا الغرامـة فـي حـدها
الأدنـى أقـل مـن الحـدّ المقـرر للجـنح مثـل جنحـة السـب الموجـه إلـى الأفراد
والذي تكون الغرامة فيه من 10.000 دج إلى 25.000 دج.
الفرع الثالث: العقوبات في المخالفات
تكون العقوبة المقررة في مـواد
المخالفـات الحـبس الـذي تتـراوح مدتـه مـن يـوم واحـد إلـى شـهرين والغرامـة
التـي تتـراوح مـن 2.000 دج إلـى 20.000 دج، كالمخالفـات ضـدّ النظـام العام،
المخالفات ضدّ الأمن العمومي، والمخالفات ضدّ الأشخاص والأموال.
قـد تقتـرن عقوبـة الغرامـة بـالحبس
بصـفة إلزاميـة أو اختياريـة بحسـب مـا يقـرره القـانون ،حيـث قـد يتـرك القـانون
للقاضـي وفقـا لسـلطته التقديريـة الاختيـار بـين العقـوبتين وأحيانـا يقـرر وجوب
توقيع العقوبتين معا وفي آن واحد.
المطلب الثاني: العقوبات التكميلية
العقوبة التكميلية هـي التـي لا يجـوز
الحكـم بهـا مسـتقلة عـن العقوبـة الأصـلية فيمـا عـدا الحـالات التـي يـنص
القـانون صـراحة علـى ذلـك. وهـدف إقرارهـا هـو تعزيـز الـردع المقصـود بالعقوبات
الأصلية، وهي عقوبات إضافية أو ثانوية.
تتمثل هذه العقوبات في الحرمان من
ممارسة لحقوق الوطنية والمدنية والعائلية، تحديـد الإقامـة، المنـع مـن الإقامـة،
المصـادرة الجزئيـة للأمـوال، المنـع المؤقـت مـن ممارسـة مهنـة أو نشـاط، إغـلاق
المؤسسـة، الإقصـاء مـن الصـفقات العموميـة، الحظـر مـن إصـدار الشـيكات، تعليـق
أو سـحب رخصـة السـياقة أو إلغائهـا مـع المنـع مـن استصـدار رخصـة جديـدة، سـحب جواز
السفر، نشر أو تعليق حكم أو قرار الإدانة.
وبالرجوع إلى نصّ المادة 4 فقرة 3 من
قـاع يتبـين لنـا أن العقوبـة التكميليـة يقضـي بهـا القاضي إما بصفة إجبارية أو
بصفة اختيارية.
الفرع الأول: العقوبات التكميلية الإجبارية
هـي التـي يجـب علـى القاضـي الحكـم
بهـا مقترنـة بالعقوبـة الأصـلية وتشـمل الحجـز القانوني، الحرمان من ممارسة حق،
والمصادرة.
أولا: الحجر القانوني
يتمثل في حرمان المحكوم عليه من ممارسة
حقوقه المالية أثناء تنفيذ العقوبـة الأصـلية وهي عقوبة تكميلية يجب الحكم بها
كلما قضت المحكمة بعقوبة الجناية.
ثانيا: الحرمان من الحقوق الوطنية
يتمثـل فـي الحرمـان مـن ممارسـة
الحقـوق حـين الحكـم بعقوبـة جنايـة، علـى ألا يتجـاوز الحرمـان أكثـر مـن 10
سـنوات تسـري مـن يـوم انقضـاء العقوبـة الأصـلية أو الإفـراج عـن المحكـوم عليـه.
أمـا فـي مـواد الجـنح فيجـوز الحكـم بـه، علـى أن تـدوم مـدة الحرمـان مـدة
أقصـاها 5 سـنوات وعليـه يتمثـل الحرمـان مـن ممارسـة الحقـوق الوطنيـة والمدنيـة
والعائليـة في:
- العـزل أو الإقصـاء مـن جميـع
الوظـائف والمناصـب العموميـة التـي لهـا علاقـة بالجريمة.
- الحرمان من حق الانتخاب أو الترشح
ومن حمل أي وسام.
- عدم الأهلية لأن يكون مساعدا محلفـا،
أو خبيـرا أو شـاهدا علـى أي عقـد، أو شـاهدا أمام القضاء إلا على سبيل
الاستدلال.
- الحرمان من الحق في حمل الأسلحة ومن
التـدريس فـي إدارة مدرسـة أو الخدمـة فـي مؤسسة للتعليم بوصفه أستاذا أو مدرسا أو
مراقبا.
- عدم الأهلية لأن يكون وصيا أو
قيما.
- سقوط حقوق الولاية كلها أو بعضها.
ثالثا: المصادرة
هـي الأيلولـة النهائيـة إلـى الدولـة
للمـال أو مجموعـة الأمـوال أو مـا يعـادل قيمتهـا عنـد الاقتضـاء، حيـث عنـد
الحكـم بالإدانـة تـأمر المحكمـة بمصـادرة الأشـياء التـي اسـتعملت، أو كانت
ستستعمل فـي تنفيـذ الجريمـة أو التـي تحصـلت منهـا، وكـذلك الهبـات أو المنـافع
الأخـرى التي استعملت لمكافئة مرتكب الجريمة مع مراعاة حقوق الغير حسب النية.
أما إذا حكم على الشخص بموجب جنحة أو
مخالفة فقد يحكم كـذلك بمصـادرة الأمـوال على حسب ما سبق ذكره شريطة النص صراحة
على هذه العقوبة.
الفرع الثاني: العقوبات التكميلية الجوازية أو الاختيارية
هي كـذلك يجـوز الحكـم بهـا مقترنـة
بعقوبـة أصـلية لكـن تتـرك السـلطة التقديريـة للقضـاء الجنائي في تقدير مدى
الحاجة إلى الحكم بها وتتمثـل العقوبـات التكميليـة الاختياريـة فـي:
تحديد الإقامة، المنع من الإقامة، حل
الشخص الاعتباري، ونشر الحكم.
أولا: تحديد الإقامة
مفادهـا إلـزام المحكـوم عليـه أن
يقـيم فـي نطـاق إقليمـي يعينـه الحكـم لمـدة لا تتجـاوز 5 سنوات، ويبدأ تنفيذها
من يوم انقضاء العقوبة الأصلية أو الإفراج عن المحكوم عليه.
ثانيا: المنع من الإقامة
تتمثل في منع المحكوم عليه من التواجد
في بعض الأماكن ولا يجوز أن تتجـاوز مدتـه 5 سـنوات فـي مـواد الجـنح و10 سـنوات
فـي مـواد الجنايـات مـا لـم يـنص القـانون علـى خـلاف ذلك. ويبدأ حساب المدة من
اليـوم الـذي يفـرج فيـه عـن المحكـوم عليـه، وٕإذا خـالف أحـد تـدابير المنع
فإنه يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سـنوات والمنـع مـن الإقامـة يكـون مكمـلا
لعقوبـة جنائية أو جنحية.
أمـا إذا تعلـق الأمـر بمـدان أجنبـي
فيجـوز أن يكـون المنـع مـن الإقامـة علـى التـراب الوطني نهائيا كما قد يكون لمدة
أقصاها 10 سنوات.
ثالثا: المنع من ممارسة نشاط أو مهنة
يجوز الحكم على المحكوم عليه بعقوبة
جنحة أو جنايـة بهـذه العقوبـة شـريطة أن يثبـت للمحكمـة صـلة مباشـرة بـين
المهنـة أو النشـاط والجريمـة، وأنّ ثمـة خطـر فـي الاسـتمرار فـي ممارسـتها.
ويصـدر الحكـم بـالمنع لمـدة لا تتجـاوز 10 سـنوات حالـة الجنايـة و5 سـنوات إذا
تعلق الأمر بجنحة.
رابعا: إغلاق المؤسسة
يترتـب علـى إغـلاق أو حـل المؤسسـة
(الشـخص الاعتبـاري) منـع المحكـوم عليـه مـن ممارسـة النشـاط فـي هـذه المؤسسـة
التـي ارتكبـت الجريمـة بمناسـبة، ولـو كـان ذلـك تحـت اسـم آخر أو مع مديرين أو
أعضاء مجلس إدارة أو مسيرين آخرين.
خامسا: الإقصاء من الصفقات العمومية
يمكن لجهات الحكم إقصاء المحكوم عليه
من الصفقات العموميـة فـي حالـة إدانتـه مـن أجل جنايـة أو جنحـة ويكـون الإقصـاء
مـن المشـاركة بصـفة مباشـرة أو غيـر مباشـرة وقـد يكـون نهائيا أو لمدة 10 سنوات
حالة الإدانة بجناية و5 سنوات حالة الإدانة بجنحة.
سادسا: الحظر من إصدار الشيكات و/أو استعمال بطاقة الدفع
ويقتضي ذلك إلزام المحكوم عليه بإرجاع
الدفاتر والبطاقـات التـي بحوزتـه أو التـي عنـد وكلائه إلى المؤسسة المصرفية
المصـدرة لهـا، علـى ألا تتجـاوز مـدة الحظـر 10 سـنوات حالـة الإدانة بالجناية،
و5 سنوات حالة الإدانة بجنحة، كما يجوز للقاضـي أن يـأمر بالنفـاذ المعجـل لهذا
الإجراء.
سابعا: سحب رخصة السياقة أو إلغاءها مع منع استصدار رخصة جديدة
لقد نصّ القـانون 01-14 المتعلـق
بتنظـيم حركـة المـرور علـى ذلـك إضـافة إلـى المـادة 16 مكـرر 4 مـن قـاع. ومـن
بـين الحـالات التـي يمكـن للجهـات القضـائية الحكـم بتعليـق الرخصة في حالة
السياقة فـي حالـة سـكر أو سـياقة مركبـة تحـت تـأثير أعشـاب مخـدّرة، جنحـة الفرار...كما
يمكن للجهات القضائية الحكم بإلغاء الرخصة حسب نص المادة 113 مـن نفس القانون وذلك
إذا أدت المخالفة المرورية إلى الجرح أو القتـل وكـان أحـد الـراجلين ضـحية لها،
كما يمكن منع مرتكب المخالفة من الحصول عليها نهائيا.
ثامنا: سحب جواز السفر
يجـوز الحكـم بهـذه العقوبـة لمـدة 5
سـنوات سـواء تعلـق الأمـر بالإدانـة بجنحـة أو جنايـة وتبدأ المدة من تاريخ النطق
بالحكم مع جواز الحكم بالنفاذ المعجل إذا اقتضى الأمر.
تاسعا: نشر أو تعليق حكم أو قرار الإدانة
حسب المادة 18 من قانون العقوبات يجوز
الحكم بهذه العقوبـة التكميليـة فـي أي حالـة سواء حالـة الإدانـة بجنايـة أو
جنحـة أو مخالفـة، ويكـون النشـر فـي الجرائـد المعينـة فـي الحكـم، وفي الأماكن
المبنية في الحكم علـى أن يكـون ذلـك علـى نفقـة المحكـوم عليـه وألا تتجـاوز مـدة
النشر شهرا واحدا، ولا يجوز النشر أو التعليق إلا في الحالات المحددة قانونا.
المطلب الثالث: العمل للنفع العام
اسـتحدث المشـرع عقوبـة العمـل للنفـع
العـام وفقـا لتعـديل قـانون العقوبـات فـي سـنة 2009، وأدرجها في المواد من 5
مكرر 1 إلى 5 مكرر 6، كبديل للعقوبة السالبة للحريـة قصـيرة المـدى، حيـث خـوّل
للجهـات القضـائية مكنـة اسـتبدال عقوبـة الحـبس المنطـوق بهـا، بعقوبة العمل
للنفع العام بدون أجر لمدة معينة وبشروط معينة.
الفرع الأول: شروط تطبيق العمل للنفع العام
تتميز هذه العقوبة ببعض الخصائص فهي
شرعية، قضائية واختيارية.
أولا: عقوبة العمل النفع العام عقوبة شرعية
تقصـد بـذلك أن هـذه العقوبـة تخضـع
لمبـدأ شـرعية الجـرائم والعقوبـات الـذي يقتضـي تحديد الأفعال المجرمة والعقوبات
المقررة لهـا مـن قبـل السـلطة التشـريعية. كمـا أنهـا عقوبـة شخصية تطبق فقط على
مرتكب الجريمة فاعلا أصليا كان أم شريكا.
ثانيا: عقوبة العمل للنفع العام عقوبة قضائية
يعني أنها تصدر عن جهة قضائية جزائية
بحكم قضائي ولا من قبل سلطة إدارية.
ثالثا: عقوبة العمل للنفع العام اختيارية بالنسبة للمحكوم عليه
مـن أجـل تطبيـق عقوبـة العمـل للنفـع
العـام اشـترط المشـرع الجزائـري علـى غـرار أغلـب التشـريعات ضـرورة قبـول
المحكـوم عليـه اسـتبدال عقوبـة الحـبس المحكـوم بهـا بعقوبـة العمـل للنفـع
العـام، وعليـه فـلا يجـوز القاضـي إجبـاره عليهـا، وللمحكـوم عليـه الخيـار فـي
قبولهـا أو بعضها.
الفرع الثاني: شروط تطبيق عقوبة العمل للنفع العام
مـن أجـل تطبيـق عقوبـة العمـل للنفـع
العـام يتعـين تـوافر مجموعـة مـن الشـروط بعضـها تتعلق بالمتهم، والأخرى بطبيعة
الجريمة المرتكبة.
أولا: الشروط المتطلبة في المتهم
أن يبلغ المتهم 16 سـنة علـى الأقـل
وقـت ارتكـاب الجريمـة، هـذا يعنـي إمكانيـة اسـتفادة القاصـر الـذي لـم يبلـغ 18
سـنة مـن هـذه العقوبـة، ولقـد جـاء هـذا الشـرط متوافقـا مـع مـا نصـت عليه
المادة 15 من القانون المتعلق بعلاقات العمل، الذي يشترط بلـوغ الشـخص 16 سـنة من
أجل التوظيف.
1. ألا يكون المتهم مسبوقا
قضائيا.
2. رضى المحكوم عليه بالعمل للمصلحة
العامة.
ثانيا: الشروط المتطلبة في الجريمة والعقوبة المنطوق بها
1. عـدم تجـاوز عقوبـة الجريمـة
المرتكبـة 3 سـنوات حـبس حسـب مـا يقـرره القـانون الجزائري ولا حسب منطوق الحكم.
فقد يقرر القانون عقوبة من سنة إلى 5 سـنوات وهنـا مهمـا أن القاضي حكم بعقوبة حبس
سنة إلا أن المدان لا يستفيد من عقوبة العمل للنفع العام.
2. عدم تجاوز العقوبة المنطوق بها سنة
حبسا.
الفرع الثالث: الجهة المخولة قانونا بتنفيذ وبتطبيق عقوبة العمل للنفع العام
يعهـد فـي كـل مجلـس قضـائي إلـى نائـب
عـام مسـاعد مهمـة القيـام بتنفيـذ الأحكـام والقرارات التـي تقضـي بهـذه
العقوبـة، كمـا أناطـت المـادة 5 مكـرر مـن 3 قـاع مهمـة السـهر علـى تطبيـق
عقوبـة العمـل للنفـع العـام إلـى قاضـي تطبيـق العقوبـات الـذي يتكفـل باسـتدعاء
المحكـوم عليـه واختيـار العمـل المناسـب لـه حسـب قدراتـه الصـحية ومؤهلاتـه
والتـي تسـاهم فـي اندماجه دون أن تؤثر في السير الحسن لحياته المهنية والعائلية.
غيـر أنـه يجـوز لقاضـي تطبيـق
العقوبـات سـواء مـن تلقـاء نفسـه أو بنـاءً علـى طلـب المحكـوم عليـه أو مـن
ينـوب عنـه، أن يصـدر مقـررا بوقـف تطبيـق العمـل للنفـع العـام لأسـباب صحية، أو
عائلية، أو اجتماعية إلى حين زوال هذه الأسباب.
المطلب الرابع: الرقابة الإلكترونية كإجراء خاص
لقـد اعتمـد المشـرع الجزائـري السـوار
الإلكترونـي سـنة 2015 عـن طريـق الأمـر رقـم 15-02 المـؤرخ فـي 23 جويليـة 2015
المعـدل والمـتمم لقـانون الإجـراءات الجزائيـة وكـذا بالقانون رقم 15-03 المؤرخ
في 10 فيفري 2015، بعد ذلك تـمّ إدماجـه ضـمن قـانون تنظـيم السـجون وٕإعـادة
الإدمـاج الاجتمـاعي للمحبوسـين حيـث اعتمـد السـوار الإلكترونـي كبـديل للعقوبة
السالبة للحرية، وذلك في المواد من 150 مكرر إلى 150 مكرر 16.
الفرع الأول: تعريف السوار الإلكتروني
لـم يعـط المشـرع الجزائـري تعريفـا
للوضـع تحـت السـوار الإلكترونـي أو الوضـع تحـت الرقابـة الإلكترونيـة كمـا سـمي
كـذلك بـالحبس فـي البيـت. هـو طريقـة لتنفيـذ العقوبـات السـالبة للحرية خارج
المؤسسات العقابية وفي أماكن محددة من طـرف القضـاء تحـت مراقبـة أشـخاص مؤهلين
لذلك.
إن هـذا النظـام يسـمح للمحكـوم علـيهم
بـه بالبقـاء فـي محـل إقـامتهم مـع فـرض بعـض القيود على تحركاتهم من خلال جهاز
المراقبة، الذي يتمثل في سـوار يشـبه السـاعة مثبـت فـي كاحـل الشـخص وهـو متصـل
بجهـاز إرسـال موضـوع فـي بيـت المـتهم متصـل بجهـاز اسـتقبال موجود بمكتب المراقبة
لدى أجهزة الشرطة أو المؤسسة العقابية.
وتعـرف المراقبـة الإلكترونيـة أنهـا
اسـتخدام وسـائط إلكترونيـة للتأكـد مـن وجـود الخاضـع لها خلال فترة محددة في
المكان والزمان المحددان في قرار القاضي تطبيق العقوبات.
الفرع الثاني: صور الوضع تحت الرقابة الإلكترونية
في أغلب الأنظمة يأخذ الوضع تحت
الرقابة الإلكترونية ثلاث صور. قد يوقع كعقوبة في حدّ ذاتها، قد يفرض من أجل ضمان
تنفيذ التزامات الرقابة الفضائية، وقد يتمثل في أسلوب لتكييف العقوبات.
أولا: عقوبة في حدّ ذاتها
تكون كعقوبة في حدّ ذاتها من دون وضع المحكوم عليه فـي المؤسسـة العقابيـة فتنطـق به المحكمة مباشرة، وتسلط فقط على المحكومين المبتدئين.
ثانيا: ضمان تنفيذ التزامات الرقابة الفضائية
يعـدّ تـدبيرا لتـأمين الرقابـة
القضـائية علـى الشـخص حيـث يمكـن لقاضـي التحقيـق مراقبـة تنفيـذ بعـض التزامـات
الرقابـة القضـائية كـالمنع مـن مغـادرة مكـان الإقامـة أو الإقلـيم أو عـدم
الذهاب لبعض الأماكن، أو الامتناع عن الالتقاء ببعض الأفراد.
ولقـد أخـذ بـه المشـرع الجزائـري فـي
المـادة 125 مكـرر 1 مـن قـانون الإجـراءات الجزائية.
ثالثا: أسلوب لتكييف العقوبات
هـي تقنيـة لتعـديل تنفيـذ العقوبـة،
ويخـصّ العقوبـات قصـيرة المـدة حيـث يقـوم قاضـي تطبيق العقوبـات بإعـادة
تكييفهـا وفقـا لشـروط معينـة بعـد صـدور الحكـم القاضـي بتوقيـع عقوبـة
الحبس.
وأخـذ بـه المشـرع الجزائـري فـي
قـانون تنظـيم السـجون وٕإعـادة الإدمـاج الاجتمـاعي للمحبوسين في فصل تحت عنوان:
"الوضع تحت الرقابـة الإلكترونيـة" مـن المـادة 150 مكـرر إلـى 150
مكـرر 16، وهـو يسـمح للمحبوسـين بقضـاء كـلّ العقوبـة أو جـزء منهـا خـارج
المؤسسة العقابية وذلك بقرار مـن قاضـي تطبيـق العقوبـات بعـد استشـارة النيابـة
العامـة بالنسـبة للمحكوم عليهم، ولجنة تنفيذ العقوبـات بالنسـبة للمحبوسـين.
ويكـون قـرار قاضـي تطبيـق العقوبـات تلقائيـا أو بطلـب مـن المحكـوم عليـه أو
محاميـه ولا يمكـن فـي أي حـال وضـعه تحـت الرقابة بدون موافقته أو موافقة وليّه
إذا كان قاصرا.
الفرع الثالث: شروط وٕإجراءات الوضع تحت الرقابة الإلكترونية
للاسـتفادة مـن هـذا النظـام لابـدّ
مـن تـوافر مجموعـة مـن الشـروط منهـا مـا هـو متعلـق بشخص المحكوم عليه أو
المحبوس، ومنها ما هو متصل بظروف مادية.
1- أن يكون الشخص بالغا أو قاصرا أكمل 13
سنة.
2- أن يكون الحكم الصادر ضدّه نهائيا
مستوفيا كل طرق الطعن العادية والغير العادية.
3- أن تكون العقوبة سالبة للحرية، ومن
ثمة لا يمكن تطبيقه كبديل لعقوبة الغرامة.
4- قبل وضع الشخص تحت الرقابة يجب أن
يسدد مبلغ الغرامة المحكوم عليه بها.
5- ألا تتعدّى مدة العقوبة المحكوم بها
أو المتبقية 3 سنوات.
6- أن يكون للشخص مكان إقامة
ثابت.
7- أن يكون وضعه الصحي يسمح بوضعه تحت
الرقابة وبارتداء السّوار.
الفرع الرابع: الرقابة على عملية الوضع
تكـون عمليـة الرقابـة موكلـة لأعـوان
إدارة السـجون عن طريـق نظـام الإعلام الإلكتروني، فيعملون على مراقبـة تحركـات
الموضـوع تحـت الرقابـة خاصـة حالـة غيابـه فـي الأوقـات والأمـاكن الغيـر مرخصـة،
وذلـك بموجـب البرنـامج الـذي يعـده مسـبقا قاضـي تطبيـق العقوبات. وهذه الالتزامات
تأخـذ بعـين الاعتبـار ممارسـة نشـاط مهنـي لتسـهيل إعـادة الإدمـاج، المشاركة في
الحياة العائلية، والخضوع لعلاج طبي إذا اقتضى الأمر.
وعلى الموضوع تحت الرقابة الالتزام
ببعض القيود الواردة في نص المادة 150 مكـرر 6 وهي:
- عدم مقابلة بعض الأشخاص لاسيما
الضحايا والقصر.
- عدم الذهاب إلى أماكن معنية.
- مزاولة نشاط مهني أو متابعة الدراسة
أو التأهيل المهني.
- الخضوع لفحوصات طبيّة.
الفرع الخامس: رفع الوضع تحت الرقابة
يكـون رفـع الوضـع بـأمر مـن قاضـي
تطبيـق العقوبـات وذلـك بعـد سـماع الشـخص الموضوع تحت الرقابة الإلكترونية وبحضور
محاميه في إحدى الحالات التالية:
- بطلب من الموضوع في حدّ ذاته.
- عدم احترامه للالتزامات المفروضة
عليه.
- في حالة ارتكابه جريمة جديدة.
فـي هـذه الحالـة يـتم إعـادة الشـخص
إلـى المؤسسـة العقابيـة مـن أجـل اكتمـال المـدة المتبقية له مع خصم المدة التي
قضاها حاملا للسّوار.
المرجع:
- د. بوعياد آغا نادية نهال، محاضرات في القانون الجنائي العام، مطبوعة موجهة لطلبة السنة الثانية حقوق جذع مشترك، جامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية 2020-2021، من ص125 إلى ص142.