حماية الموظف الدولي في النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية
La protection du employé international dans le statut de la Cour pénale
internationale
ط.د عتيق علي
مقدمة:
بعد
توقيع معاهدة روما المتضمنة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية شهر جويلية
1998 دخل القضاء الدولي الجنائي عصرا جديد وهو عصر القضاء الجنائي الدولي الدائم،
وهذا بعد تجارب قضائية دولية مؤقتة وأخرى خاصة، وصف بعضها بالفاشلة والبعض الاخر بالناجحة
نسبيا، فلقد اوجد لنا نظام روما الأساسي هيئة قضائية دولية جنائية في شكل منظمة
دولية* تتألف من عدة أجهزة وظيفية، بحيث يتمتع كل
جهاز منها بمزايا وخصائص حددها هذا النظام الأساسي.
ويُعد الجهاز
الوظيفي للمحكمة الجنائية الدولية أهم وأسمى هيكل بها وهذا نظرا لكونه يحتوي على
العنصر البشري الذي يعد بمثابة المحرك والقلب النابض للمحكمة الذي يجعلها تمضي
قدما في سبيل تحقيق مقاصدها وغايتها التي اوجدت من أجلها وهي مكافحة الجرائم
الدولية ومنع مرتكبيها من الإفلات من العقاب وتحقيق عدالة جنائية دولية كانت منذ
زمن ليس بالقريب حلما يراود كل مضطهد وكل ضحية انتهاك للقانون الدولي الإنساني.
أن الهدف من
دراسة نظام حماية موظفي المحكمة الجنائية الدولية هو محاولة ابراز المهام التي
يمارسها جهاز المحكمة الوظيفي وكيفية حمايته ومعرفة جوانب التميز عن غيره من أنظمة
الحماية التي تناولتها مختلف الأنظمة الأساسية لباقي المنظمات الدولية الأخرى.
فأهمية
الموضوع تكمن في كون الجهاز الوظيفي للمحكمة الجنائية الدولية يتمتع بحماية خصه
بها نظامها الأساسي من حيث نظام التعيين في وظائف المحكمة وامتيازات وحصانات موظفي
المحكمة مرورا بمنازعات الوظيفية الدولية داخل المحكمة الجنائية الدولية.
وعليه
فالإشكال الذي يطرح في هذا المقام هو : ماهي طبيعة الحماية التي اولاها نظام
الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لموظفي المحكمة، وما هو الجانب المميز في
الوظيفة الدولية للمحكمة الجنائية الدولية ونظام الحماية بها؟
للإجابة على
إشكالية البحث قسمنا موضوع الدراسة إلى مبحثين: بحيث سنتناول في المبحث الأول مقاربة مفاهمية حول الجهاز الوظيفي للمحكمة الجنائية
الدولية، نتطرق فيه الى الهيكل الوظيفي للمحكمة الجنائية الدولية في المطلب الأول،
ثم سيرورة عمل الأجهزة الوظيفية للمحكمة الجنائية الدولية في المطلب الثاني.
اما المبحث الثاني
فسيتم التطرق فيه الى حماية الجهاز الوظيفي للمحكمة الجنائية الدولية من خلال
دراسة امتيازات وحصانات موظفي المحكمة الجنائية الدولية في المطلب الأول، ثم
منازعات الجهاز الوظيفي للمحكمة الجنائية الدولية في المطلب الثاني.
حيث اعتمدنا
في دراستنا لهذا الموضوع على المنهج التحليلي الوصفي من خلال جمع المادة القانونية
من مختلف المصادر والوثائق الدولية وتحليلها تحليلا قانونيا لوصول الى النتائج
المرجوة.
المبحث الأول: مقاربة مفاهمية حول الجهاز الوظيفي للمحكمة الجنائية الدولية
تعد المحكمة
الجنائية الدولية أول وأهم جهاز قضائي جنائي دولي دائم تم إنشاؤه في العالم، فمع دخول
النظام الاساسي للمحكمة حيز النفاذ في سنة 2002
اعتبر خطوة تاريخية غير مسبوقة في تاريخ
الإنسانية، وفي مسار مكافحة الافلات من العقاب، و تجسيداً للعدالة الجنائية الدولية،
كما يعبر بوضوح عن الارادة الأكيدة لأعضاء لمجتمع الدولي في إرساء قواعد متينة للعدالة
الجنائية الدولية مجسدة بالمحكمة الجنائية الدولية الدائمة[1].
وتتشكل
المحكمة الجنائية الدولية كغيرها من المنظمات الدولية* من أجهزة وهياكل قضائية وإدارية نصت عليها المادة 34 والمادة 112
من نظام روما الاساسي[2]،
تضم هذه الاجهزة والهياكل الجمعية العامة والتي تضم ممثلي الدول الاطراف، ومكتب
المدعي العام وقلم المحكمة بالاضافة الى الجهاز القضائي وهو أهم جهاز في المحكمة والذي
يضم قضاة الغرف وهيئة الرئاسة، وسوف نتطرق في هذا المبحث الى دراسة الهيكل الوظيفي
للمحكمة الجنائية الدولية بمختلف مكوناته البشرية في المطلب الاول، أما المطلب
الثاني فسيتم التطرق فيه الى سيرورة عمل كل جهاز وعلاقته بالأجهزة الاخرى
المطلب الاول: الهيكل الوظيفي للمحكمة الجنائية الدولية
تتمتع
المحكمة الجنائية الدولية كمؤسسة قضائية ومنظمة دولية بجهاز وظيفي يضم وسائل مادية
وأخرى بشرية حيث تعد هذه الاخيرة بمثابة عصب الحياة للمحكمة، وعليه فقد أولى النظام
الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية أهمية كبيرة بمواردها البشرية من حيث التعيين في
مناصب العمل، وعليه سنتعرف من خلال هذا المطلب إلى أقسام المحكمة الوظيفية من خلال
أجهزتها (الادارية والقضائية) في الفروع الموالية.
الفرع الاول: الجهاز القضائي للمحكمة الجنائية الدولية
تتكون المحكمة الجنائية الدولية من جهاز قضائي يضم مجموعة من الكوادر البشرية مقسمة في عدة وظائف حددتها المادة 34 من النظام الاساسي وهي كما يلي: هيئة الرئاسة، شعبة استئناف، شعبة ابتدائئية وشعبة تمهيدية[3].
أولا: تعيين
القضاة ومهامهم
نصت الفقرة
الأولى من المادة 35 من النظام الأساسي للمحكمة على أن القضاة يتم انتخابهم كأعضاء
متفرغين للمحكمة ويكونون جاهزين للخدمة على هذا الأساس منذ بداية ولايتهم[4]،
إن القضاة في المحكمة الجنائية الدولية موزعون على جهازين هما هيئة الرئاسة وسلطة
الحكم أو ما يسمى بسلطة المقاضاة والتي تتمثل في الثلاث شعب المذكورة أعلاه، حيث
يبلغ عدد القضاة 18 قاضيا يتم انتخابهم عن طريق الاقتراع السري في اجتماع الجمعية
العامة للدول الأطراف وذلك من بين الأشخاص الذين ترشحهم الدول الأطراف في النظام
الأساسي، حيث يتطلب في كل مترشح ان يحوز على الصفات التي يجب ان تتوفر في القاضي
بوجه عام، مثل الحياد، الخلق الرفيه، والكفاءة اتقان لغة واخدة من لغات عمل
المحكمة إضافة الى لغته الام...الخ، وعلى الدول الأطراف ان تراعي في انتخاب قضاه
المخكمة مراعة جميع النظم القانونية الرئيسية في العالم والتوزيع الجغرافي العادل
وتكافوء الفرص بين الرجال والنساء من القضاة[5].
يتم انتخاب
القضاة كقاعدة عامة لمدة زمنية 9 سنوات، ولكن منذ الانتخاب الأول يختار 1/3 القضاة
المنتخبين بالقرعة للعمل لمدة 3 سنوات، كما يختار بالقرعة أيضا 1/3 القضاة
المنتخبين للعمل لمدة 6 سنوات ويعمل الباقون لمدة 9 سنوات، كما يجوز انتخاب القاضي
لمدة ولاية 3 سنوات، ويستمر القاضي لإتمام اية محاكمة أو استئناف يكون قد بدأ
بالفعل النظر فيها أما الدائرة المعين بها[6].
ثانيا: هيئة
الرئاسة
تعد هيئة
الرئاسة السلطة العليا في الجهاز القضائي للمحكمة الجنائية الدولية، تمارس مهامها
بواسطة هيئة مكونة من 3 قضاة (رئيس ونائبا رئيس) يتم انتخابهم بالأغلبية المطلقة
من القضاة 18 للمحكمة، يمارسون مهامهم لولاية مدتها 3 سنوات قابلة للتجديد مرة
واحدة فقط، تتمثل المهمة الأساسية لهيئة رئاسة المحكمة الجنائية الدولية حسب نص
الفقرتين 3 و4 من المادة 38 فضلا عن مهام أخرى منصوص عليها في النظام الأساسي في
الاشراف على التسيير الإداري للمحكمة ومراقبة قلم المحكمة[7]،
ما عدى الأمور الإدارية المتعلقة بمكتب المدعي العام كونه هيئة مستقلة إداريا عن
الرئاسة بحيث يتم التنسيق بين مكتب المدعي العام وهيئة الرئاسة ويوافق مكتب المدعي
على المسائل المشتركة[8].
كما تعمل
هيئة الرئاسة على صياغة مشروع مدونة للسلوك المهني للمحمين وهذا بعد اقتراح يقدمه
مسجل المحكمة وبعد التشاور مع المدعي العام، وتعد الهيئة أيضا قائمة بمترشحي لمنصب
المسجل ونائب المسجل حيث تحيل القائمة الى جمعية الدول الأطراف مع طلب تقديم اية
توصيات، وبعد انتخاب المسجل تتقاسم معه هيئة الرئاسة دورها الإداري دون ان يتدخل
المسجل بالنواحي القضائية حسب نص المادة 43 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية
الدولية[9].
ثالثا: سلطة
المقاضاة (شعب المحكمة)
تتألف
المحكمة الجنائية الدولية مثلما اسلفنا من ثلاثة شعب هي الشعبة الابتدائية والشعبة
التمهيدية وشعبة الاستئناف ويطلق عليها في صلب الموضوع سلطة القضاء بحيث تضم كل
شعبة مجموعة من القضاة كما يلي:
-
شعبة الاستئناف
وتتكون من الرئيس وأربعة قضاة، ودائرة الاستئناف وتتألف من جميع قضاة الشعبة،
-
الشعبة الابتدائية
وتتكون من عدد لا يقلّ عن ستة قضاة، الدائرة الابتدائية وتتألف من ثلاثة قضاة من قضاة
الشعبة،
-
الشعبة التمهيدية
وتتكون من عدد لا يقلّ عن ستة قضاة؛ وتتحدّد تركيبة الدائرة التمهيدية وفقًا للقواعد
الإجرائية وقواعد الإثبات[10].
كما ينصّ النظام
الأساسي على إمكانية وجود أكثر من دائرة محاكمة أو دائرة ابتدائية تعمل في آنٍ واحد
عندما يتطلب عبء عمل المحكمة ذلك[11].
الفرع الثاني: الجهاز الاداري للمحكمة الجنائية الدولية
يشمل الجهاز
الاداري للمحكمة الجنائية الدولية مكتب المدعي العام وقلم المحكمة وجمعية الدول
الأطراف التي تشرف من عدة نواحي على إدارة المحكمة بأجهزتها المتكاملة[12].
أولا: مكتب
المدعي العام
يعتبر مكتب المدعي
العام مسؤولًا عن تلقى الإحالات وأية معلومات موثقة عن جرائم تدخل في اختصاص المحكمة،
وذلك لدراستها ولغرض الاضطلاع بمهام التحقيق والمقاضاة أمام المحكمة حسب المادة 42
من النظام الأساسي للمحكمة، ويتمّ انتخاب المدعي العام لمدة 9 سنوات غير قابلة للتجديد
من خلال أي أغلبية مطلقة لأعضاء جمعية الدول الأطراف، ويمكن أن يساعد المدعي العام
نائب أو أكثر يتمّ انتخابهم بنفس الطريقة من قائمة مرشحين التي يقدمها المدعي العام، ويكون المدعي العام والنائب
(أو النواب) مستقلين استقلالًا تامًّا ويجب أن يكونوا من جنسيات مختلفة، ويجب أن يكون
من شخصيات ذات مستويات أخلاقية عالية، وكفاءة عالية، ومن ذوي الخبرة في القضايا الجنائية
ولا يجوز أن يرتبطوا بأية وظيفة مهنية أخرى أثناء ممارسة وظيفة المدعي العام للمحكمة
الجنائية الدولية أو نائبه[13].
وضمانا لحسن
سير وإدارة مكتب المدعي العام يمكن للمدعي العام أن يضع لوائح تنظم عمل مكتبه وذلك
بعد استشارة المسجل سواء عند وضع هذه اللوائح أو تعديلها في اية موضوعات يمكن أن
تؤثر على عمل قلم المحكمة[14]،
كما يجوز للمدعي العام أن يعين مستشارين قانونيين بخصوص قضايا معينة[15].
ثانيا: قلم
المحكمة
يكون قلم
المحكمة مسؤولا عن الجوانب غير القضائية من إدارة المحكمة وتزويدها بالخدمات، بما
في ذلك إنشاء وحدة المجني عليهم والشهود حسب نص المادة 43/1، ويرأس قلم المحكمة
المسجل الذي يمارس سلطاته تحت رئيس المحكمة حسب نص المادة 42/1 وينتخب المسجل
بالأغلبية المطلقة للقضاة عن طريق الاقتراع السري مع الاخذ في الحسبان أية توصية
من جمعية الدول الأطراف حسب نص المادة 43/4، ويشغل المسجل منصبه كرئيس لقلم
المحكمة لمدة 5 سنوات كما يجوز إعادة انتخابه حسب نص المادة 43/5 ويجوز أيضا
للقضاة عند الضرورة وبإقتراح من المسجل انتحاب نائب مسجل مثلما نصت عليه المادة
34/4 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية[16].
ثالثا: جمعية
الدول الأطراف (الجمعية العامة)
تعد جمعية
الدول الاطراف الهيئة الادارية المسؤولة عن المهام التي تتوقف على قرارات الدول
الاطراف مثل اختيار القضاة، إختيار
القضاة، اختيار المدعي العام وتحديد ميزانية المحكمة وتكون بالتالي همزة وصل بين
المحكمة والدول الاعضاء في شأن المسائل ذات الطابع السياسي[17].
تتكون
الجمعية العامة من ممثلي الدول الاطراف في النظام الاساسي بحيث يكون لكل دولة طرف
ممثل واحد يمكنه أن يعين مناوبين أو مستشارين، في حين تتمتع الدول الموقعة على
النظام الاساسي بصفة مراقب فقط، كما يجوز لجمعية الدول الاطراف أن تنشيء هيئات
فرعية إذا اقتضت الضرورة لذلك بما في ذلك انشاء هيئات الرقابة والتقصي والتحقيقات والتقييم
في شؤون المحكمة وهذا لتعزيز كفاءة المحكمة والاقتصاد في نفقاتها[18].
تجدر الاشارة
الى أن النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد حدد لكل هيئة وظيفية مهمها
وسيرورة عملها بالإضافة الى علاقتها مع بعضها البعض وهذا ما سنتناوله في المطلب
الموالي.
المطلب الثاني: نظام عمل الأجهزة الوظيفية للمحكمة الجنائية الدولية
حتى تقوم
المحكمة الجنائية الدولية بمهمها المنوطة بها على أكمل وجه، حدد نظامها الاساسي
جملة من المهام قسمها على أجهزتها (القضائية والادارية) إلى قسمين: مهام قضائية
ممثلة في تحريك الدعوى والمقضاة واصدار الاحكام والاستئناف، ومهام إدارية وتشمل
تحضير الجلسات وإعداد التقارير واللوائح الوظيفية وتحضير الميزانيات...الخ كما حدد
طبيعة العلاقة التي تجمع كل جهاز مع باقي الاجهزة في شكل خلية وظيفية تنسيقية،
وسنتناول في هذا المطلب سيرورة عمل الاجهزة الوظيفية وعلاقتها ببعضها في الفروع
الموالية من هذا المطلب
الفرع الاول: المهام القضائية للأجهزة الوظيفية للمحكمة الجنائية الدولية
يتولى القضاء
في المحكمة الجنائية الدولية كل من شعب المحكمة الثلاث تشرف عليها هيئة الرئاسة،
حيث تمر الدعوى بعد تحريكها من طرف الاطراف المذكورة في المادة 13 من النظام
الاساسي بثلاثة مراحل رئيسية هي مرحلة التحقيق المقضاة ثم اصدار الحكم.
أولا:
التحقيق في الدعوى
إن التحقيق
هو الاجراء الاولي لأي دعوى معروضة على المحكمة الجنائية الدولية، فالتحقيق يقوم
به المدعي العام بمجرد إحالة حالة جريمة داخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية
وتكون الاحالة سواء من طرف مجلس الامن بصفته الجهاز المنوط به حفظ السلم والامن
الدوليين أو من طرف دولة طرف في النظام الاساسي، ويعتبر التحقيق خطوة أولية قبل
إجراء التقاضي، بحيث يتولى المدعي العام قبل الشروع في التحقيق تقييم المعلومات
المتاحة لديه من حيث الجدية وهذا لاتخاذ قرار بشأن إجراء التحقيق أو عدم إجرائه،
كما ينظر كذلك في توافر شروط المقبولية (المادة 17)، والاسباب التي تثبت أن
التحقيق يخدم مصلحة العدالة الجنائية الدولية[19].
يقدم المدعي
العام طلب كتابي إلى الدائرة التمهيدية للحصول على الإذن بالشروع في التحقيق حسب
نص المادة 15/3 من النظام الاساسي، حيث تقوم الدائرة التمهيدية بدورها الرقابي على
سلطات المدعي العام من اعمال وإجراءات أثناء الشروع في التحقيق، أو أثناء مرحلة
التحقيق، كما يجوز للدائرة التمهيدية طلب معلومات اضافية قبل منح الاذن، أو رفض
منح الاذن بالتحقيق في حال رأت عدم توافر
أسباب ممارسة المحكمة لاختصاصها، وللمدعي الحق في تكرار محاولة طلب الاذن
بالتحقيق بعد الحصول على وقائع جديدة أو أدلة أخرى تؤكد صحة إدعائه[20].
ثانيا: جلسات
المحاكمة (المقاضاة)
تتولى مهام
المحاكمة كل من الشعبة الابتدائية وشعبة الاستئناف، فبعد انتهاء إجراءات التحقيق
من طرف المدعي العام وتحت اشراف الدائرة التمهيدية تباشر إجراءات محاكمة المتهمين
حيث تقوم رئاسة المحكمة بتشكيل دائرة ابتدائية تكون مسؤولة عن سير إجراءات
المحاكمة بحيث يجوز للدائرة الابتدائية ممارسة أي وظيفة من وظائف الدائرة التمهيدية
تكون متصلة بها، كما تنعقد جلسة المحاكمة بناءا على نص المادة 02 من النظام
الأساسي للمحكمة في مقر هذه الأخيرة بلاهاي عاصمة هولندا مع جواز انعقادها خارج
لاهاي في الحالات الخاصة[21].
تتم جلسات
المحاكمة بشكل علني كما يجوز ان تكون سرية لحماية بعض الشهود، بحيث يقوم القاضي
بتلاوة الاتهامات التي سبق اعتمادها على المتهم، مع إعطائه فرصة التأكيد أو النفي،
وتضمن الدائرة الابتدائية أن تكون المحاكمة عادلة وتحترم حقوق المتهمين بالإضافة
الى تطبيقها لبدأ الشرعية وقرينة البراءة وحق الدفاع للمتهمين، أما بالنسبة للحكم
فيصدر في جلسة علنية بحضور جميع القضاة لكل مراحل المحاكمة ومداولاتها السرية
ويبقى حكم الدائرة الابتدائية قابل للإستئناف امام دائرة الاستئناف وفق المواد 81
الى 85 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية[22].
الفرع الثاني: المهام الادارية للأجهزة الوظيفية للمحكمة الجنائية الدولية
يتولى المهام
الإدارية في المحكمة الجنائية الدولية كل من قلم المحكمة وجمعية الدول الأطراف،
إلا أنه يمكن كذلك للمدعي العام وهيئة الرئاسة بالإضافة الى دوائر الحكم ممارسة
بعض المهام الإدارية كذلك، وهذا في إطار علاقتها مع مكتب قلم المحكمة وجمعية الدول
الأطراف.
أولا: مهام
جمعية الدول الأطراف
تتمثل المهام
الإدارية لجمعية الدول الأطراف في ما يلي[23]:
-
نظر واعتماد
توصيات اللجنة التحضيرية حسبما يكون مناسبا
-
توفير
الرقابة الإدارية على هيئة الرئاسة والمدعي العام والمسجل فيما يتعلق بإدارة
المحكمة.
-
النظر في
تقارير وانشطة المكتب واتخاذ الإجراءات المناسبة فيما يتعلق بهذه التقارير
-
النظر في
ميزانية المحكمة والبت فيها
-
تقرير ما إذا
كان ينبغي تعديل عدد القضاة وفق للمادة 36 من النظام الأساسي للمحكمة.
-
النظر في أي
مسألة تتعلق بعدم التعاون وهذا عملا بالفقرتين 5 و7 من المادة 87.
-
تبني عناصر
الجريمة وفق المادة 9
-
تبني قواعد
الإجراءات والدليل وفق المادة 51
-
انتخاب قضاة
المحكمة (المادة 36/6)
-
انتخاب
المدعي العام ونوابه (المادة 42)
- وضع المبادئ التوجيهية للموظفين الذين تقدمهم، دون مقابل الدول الأطراف والمنظمات الدولية للمساعدة في أعمال أي جهاز من المحكمة (المادة 44).
ثانيا: مهام
قلم المحكمة الجنائية الدولية
قلم المحكمة هو
المسؤول عن الجوانب غير القضائية من إدارة المحكمة وتزويدها بالخدمات، بما في ذلك
إنشاء وحدة المجني عليهم والشهود (المادة 43/1/2)، كما يعمل قلم المحكمة الجنائية
الدولية أيضا بوصفه جهاز إيداع الإعلانات وقناة للاتصال مع الدول الأخرى، كما يعمل
على منح المجني عليهم والشهود وسائل حماية، وإجراءات امنية ووسائل استشارة
ومساعدات أخرى ملائمة للمجني عليهم، والشهود واي شخص قد يكون عرضة للمضايقات وضغوط
عند الادلاء بالشهادات[24].
نظرا للمهام
الكبيرة التي يقوم بها الجهاز الوظيفي للمحكمة الجنائية الدولية بشقيها القضائي
والإداري فقد أولى نظامها الأساسي أهمية بالغة بمسألة حماية موظفي هذا الجهاز وهذا
من خلال منحهم العديد من الامتيازات والحصانات بالإضافة الى وضع قواعد خاصة بمسائل
العزل والتأديب، وهذا ما سوف ندرسه في المبحث الموالي.
المبحث الثاني: حماية الجهاز الوظيفي للمحكمة الجنائية الدولية
تعد مسألة
حماية الموظف الدولي من أهم أولويات المنظمات الدولية، وهذا نظرا للدور الذي يقوم
به جهازها الوظيفي في سبيل تحقيق أهدافها ومبادئها التي وجدت من أجلها، ولهذا نجد
ان أنظمتها الأساسية قد وضعت قواعد تحمي موظفيها من خلال منحهم الحصانات
والامتيازات وكذا تنظيم مسألة المنازعات المتعلقة بالوظيفة الدولية.
ومن جهة أخرى
نجد أن العديد من الاتفاقيات والصكوك الدولية قد نصت على حماية الموظف، فقد تطرق
الإعلان العالمي لحقوق الانسان 1948 الى حماية الانسان كموظف او عامل من خلال نصه
على جملة من الحقوق المتعلقة به أهمها الحق في اختيار منصب العمل الذي يتماشى مع
مؤهلاته، والحق في توفير بيئة عمل عادلة وعدم التمييز العنصري في توزيع المناصب
ومنحها[25].
كما نلاحظ ان
منظمة العمل الدولية قد وضعت حوالي 190 اتفاقية تضمنت عدت معايير في مختلف مجالات
العمل من بينها ظروف العمل، الامن المهني، الصحة والضمان الاجتماعي، وسياسات
العمل، ومن بين اهم تلك الاتفاقيات التي تحمي حق الموظف نجد حماية الموظف في
اتفاقية المساواة في الأجور 1951، وحق الموظف في اتفاقية التمييز في مجال
الاستخدام والمهنة 1958...الخ[26].
من جهة أخرى قام نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998 كغيره من الاتفاقيات الدولية على وضع جملة من القواعد التي تحمي موظفي المحكمة الجنائية الدولية وتمنحهم العديد من الامتيازات والحصانات، بالإضافة الى نصه على قواعد أخرى تعني بتأديب الموظف الدولي، وهذا ما سوف نتطرق اليه في المطالب الموالية.
المطلب الأول: امتيازات وحصانات موظفي المحكمة الجنائية الدولية
تنص الفقرة
01 من المادة 48 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن المحكمة تتمتع
في إقليم كل دولة طرف بالامتيازات والحصانات اللازمة لتحقيق مقاصدها[27]،
فمن خلال نص هذه المادة نلاحظ أن جميع مكونات المحكمة سواء المادية منها أو
البشرية تتمتع بجميع الامتيازات والحصانات التي تتمتع بها أي منظمة دولية داخل كل
دولة طرف، وهذه الامتيازات والحصانات قد وضعت لهدف واحد هو تحقيق مقاصد المحكمة
وتسهيل أدائها لمهامها التي اوجدت من اجلها في سبيل مكافحة الجرائم الدولية ومنع
مرتكبي هذه الجرائم من الافلات من العقاب.
وعليه سوف
نناقش في هذا المطلب امتيازات وحصانات الجهاز القضائي للمحكمة في الفرع الأول،
وامتيازات وحصانات الجهاز الإداري في الفرع الثاني.
الفرع الأول: امتيازات وحصانات الجهاز القضائي للمحكمة الجنائية الدولية
إن القضاة الذين يعملون تحت امرة المحكمة
الجنائية الدولية قد تم تعيينهم بناءا على اقتراح الدول الأطراف في النظام الأساسي
وانتخابهم من طرف الجمعية العامة وبالتلي فهم يتمتعون بامتيازات وحصانات نسبية
تقتصر على أعمالهم الرسمية فقط، فهم يتمتعون بالحصانات على كل ما يصدر عنهم بصفتهم
الرسمية من اقوال وكتابات أو أي عمل له علاقة مباشرة بتأدية وظيفتهم ولا تتعدها
الى تصرفاتهم الشخصية خارج نطلق عملهم الرسمي[28].
لذلك نصت
الفقرة 02 من المادة 48 على أن كل من القضاة والمدعي العام ونوابه والمسجل، عند
مباشرتهم أعمال المحكمة أو فيما يتعلق بهذه الاعمال، بالامتيازات والحصانات ذاتها
التي تمنح لرؤساء البعثات الدبلوماسية، ويواصلون بعد انتهاء مدة ولايتهم، التمتع
بالحصانات من الإجراءات القانونية من أي نوع فيما يتعلق بما يكون قد صدر عنهم من
أقوال وكتابات و/أو أفعال بصفتهم الرسمية[29].
الفرع الثاني: امتيازات وحصانات الجهاز الاداري للمحكمة الجنائية الدولية
تقتضي طبيعة الوظيفة الدولية ممارسة بعض الاعمال
الإدارية التي تستلزم تنقل الافراد خارج حدود دولة المقر، ولقد جرت مواثيق
المنظمات الدولية على كفالة عدد مهم من الحصانات والامتيازات التي تهيئ للموظف
الدولي جو من الثقة والطمأنينة والثقة في أدائه لمهامه[30].
فقلد نصت
الفقرة 02 من المادة 105 من ميثاق الأمم المتحدة على تمتع مندوبي الدول الأعضاء
وموظفو الهيئة بالمزايا والاعفاءات التي يتطلبها استقلاليتهم في القيام بمهامهم الوظيفية
المتصلة بالهيئة[31].
بالرجوع الى
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية نجد الفقرة 03 من المادة 48 أيضا نصت على
تمتع الجهاز الإداري للمحكمة بالامتيازات والحصانات والتسهيلات اللازمة لأداء مهام
وظائفهم وفقا لاتفاق خاص يعنى بامتيازات المحكمة وحصانتها[32].
المطلب الثاني: منازعات الجهاز الوظيفي للمحكمة الجنائية الدولية
يخضع الجهاز
الوظيفي للمحكمة الجنائية الدولية كغيرها من المنظمات الدولية إلى نظام منازعات
وظيفية صارم نظرا لحساسية بعض المناصب التي يتولها جهازها الوظيفي (القضاء)، بالإضافة
الى المناصب الادارية وعليه فقد نظم النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية منازعات
موظفيها من حيث ترتيب الواجبات والحقوق (الفرع الاول)، وكذلك من حيث تأديب الموظفين
الدوليين والتي تشمل سلطة العزل والايقاف وغيرها من العقوبات التأديبية (الفرع
الثاني).
الفرع الاول: حقوق وواجبات موظفي المحكمة الجنائية الدولية في نظامها الاساسي
تناولت حقوق الموظفين
الدوليين المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية ولوائحها الداخلية، وهذه الحقوق مترتبة
عن الرابطة الوظيفة الدولية بهذه المنظمات، وتأتي هذه الحقوق مقابل الخدمة التي يؤديها
الموظفون الدوليون لجهة الإدارة الدولية التي يعملون بها، وفي المقابل فإنها بينت كذلك
مختلف الواجبات الملقاة على الموظف الدولي[33].
أولا: حقوق
موظفي المحكمة الجنائية الدولية
نص النظام
الاساسي على جملة من الحقوق التي يتمتع بها موظفو المحكمة الجنائية الدولية وتأتي
هذه الحقوق بناءا على نص المادة 49 من النظام الاساسي تحت عنوان المرتبات والبدلات
والمصاريف، وتشمل جميع المصاريف والمرتبات التي يتقضاها القضاة والمدعي العام
والمسجل ونائبه والتي تقع على عاتق جمعية الدول الاطراف من حيث تحديدها، كما لا
يجوز حسب نص المادة إنقاص هذه المرتبات والبدلات أثناء خدمة هاؤلاء الموظفين.
من جهة أخرى
نجد ان قضاة المحكمة الجنائية الدولية يتمتعون بجملة من الحقوق خصتهم بها الفقرة
8/أ من المادة 36 من النظام الاساسي وهي: أن يكون الجهاز القضائي يمثل جميع النظم
القانونية الرئيسية في العالم، التوزيع الجغرافي العادل في اختيار القضاة، بالإضافة
الى التمثيل العادل بين الرجال والنساء من القضاة.
كما تجدر الاشارة الى أنه يجوز للمحكمة في الظروف الاستثنائية أن تستعين بخبرات موظفين تقدمهم الدول الاطراف أو المنظمات الدولية الحكومية أو غير حكومية دون مقابل أي يعملون بصفة مجانية للمساعدة في أعمال أي جهاز من أجهزة المحكمة، ويستخدم هؤلاء الموظفون المقدمون دون مقابل وفقا لمبادئ توجيهية تقررها جمعية الدول الاطراف[34].
ثانيا: وجبات
موظفي المحكمة الجنائية الدولية
على غرار
الحقوق التي يتمتع بها موظفو المحكمة الجنائية الدولية، فقد ألزمهم نظامها الاساسي
بجملة من الوجبات التي تقع على عاتق كل موظف حسب درجته وصفته الوظيفية داخل
المحكمة، فمن بين الواجبات التي تقع على عاتق قضاة المحكمة والتي نصت عليها المادة
40 بفقارتها الاربعة وهي: وجوب التمتع بالاستقلال في أدائهم لوظائفهم، عدم مزاولة
أي نشاط من المحتمل أن يتعارض مع وظائفهم القضائية أو أن يؤثر على الثقة في
استقلالهم، وعدم مزاولة أي عمل ذو طابع مهني بالنسبة للقضاة الذين يعملون على أساس
التفرغ.
كما نصت
الفقرة 3 من المادة 46 من النظام الاساسي على وجوب تمتع المدعي العام ونوابه بالأخلاق
الرفيعة والكفاءة العالية، والخبرة العملية الواسعة في مجال الادعاء أو المحاكمة
في القضايا الجنائية بالإضافة إلى وجوب اتقانهم للغلة واحدة على الاقل من لغات
العمل بالمحكمة.
وأوجبت
المادة 45 من النظام الاساسي للمحكمة على المدعي العام ونوابه والقضاة والمسجل
ونائبه قبل مباشرة مهام وظائفهم أوجبت عليهم أن يتعهد كل منهم في جلسة علنية
بمباشرة مهامه بنزاهة وامانة.
أما بالنسبة
لباقي موظفي المحكمة فقد نصت الفقرة 2 من المادة 44 من النظام الاساسي على وجوب
التمتع بأعلى معايير الكفاءة والمقدرة والنزاهة مع الاخذ بعين الاعتبار حسب مقتضى
الحال للمعايير المنصوص عليها في الفقرة 8 من المادة 36 المذكورة أعلاه.
الفرع الثاني: سلطات المحكمة الجنائية الدولية في تأديب موظفيها الدوليين وتنحيتهم
منح النظام
الأساسي سلطة تأديبية للمحكمة الجنائية الدولية في عزل موظفيها أو تنحيتهم بحيث
يخضع للتدابير التأديبية وفقا لقواعد الإجرائية وقواعد الاثبات كل قاض أو مدع عام
أو نائبه أو مسجل أو نائبه يرتكب سلوك سيئا[35]،
كما حددت المادة 46 في فقرتها 01 حالتين يتم فيهما عزل هؤلاء الموظفين وهما: ثبوت
ارتكاب الموظف لسلوك سيئا جسيما أو اخلالا جسيما بالواجبات الوظيفية على النحو
المنصوص عليه في القواعد الإجرائية وقواعد الاثبات، أو أن يكون الموظف غير قادر
على ممارسة المهام المطلوبة منه بموجب النظام الأساسي.
حيث أوضحت الفقرة
الثانية من المادة أعلاه كيفية وإجراءات العزل الوظيفي للموظف المخل او غير القادر
بأن يكون بقرار تتخذه الجمعية العامة بالاقتراع السري وذلك على النحو التالي[36]:
-
في حالة يكون
العزل يمس القاضي يتخذ قرار العزل بأغلبية 2/3 الدول الأطراف بناء على توصية تعتمد
بأغلبية 2/3 القضاة الاخرين.
-
في حالة ما
يكون العزل يمس المدعي العام يتخذ قرار العزل بالأغلبية المطلقة للدول الأطراف،
وفي حالة يكون العزل يمس نائب المدعي العام يتخذ القرار بالأغلبية المطلقة للدول
الأطراف بناء على توصية من المدعي العام.
-
في حالة ما
يكون العزل يمس مسجل المحكمة أو نائبه، يتخذ قرار العزل بالأغلبية المطلقة للقضاة.
كما اتاحت
الفقرة 04 من المادة 46 لكل من القاضي أو المدعي العام أو نائبه أو المسجل أو
نائبه الذي وقعت عليه عقوبة العزل من المنصب بأن يطعن بموجب هذه المادة في سلوكه
او قدرته على ممارسة مهامه على النحو الذي يتطلبه النظام الأساسي، وله الفرصة
الكاملة لعرض الأدلة التي تثبت براءته أو قدرته وتلقيها وتقديم الدفوع وفقا
للقواعد الإجرائية وقواعد الاثبات.
إلى جانب سلطتها في العزل من المنصب فإن للمحكمة
الجنائية الدولية كذلك سلطة إعفاء القضاة أو تنحيتهم من النظر في القضايا المعروضة
عليهم، حيث منحت الفقرة 01 من المادة 41 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية
الدولية لهيئة الرئاسة بناءا على طلب القاضي أن تعفيه من ممارسة أي من المهام
المقررة بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهذا طبعا وفقا للقواعد
الإجرائية وقواعد الاثبات، يتكون تنحية القاضي في حال قضية يكون حياده فيها موضع
شك معقول أو كان قد سبق له الاشتراك فيها بأية صفة كانت... كما ينحى القاضي أيضا لاي
سبب اخر تنص عليها قواعد الإجرائية وقواعد الاثبات، كما أوضحت الفقرة 2/ج من
المادة 41 أن الفصل في مسألة تنحية القضاة يكون بقرار من الأغلبية المطلقة للقضاة،
كما يكون من حق القاضي المعترض عليه أن يقدم تعليقاته على موضوع التنحية دون ان
يشارك في اتخاذ قرار التنحية[37].
خاتمة
من خلال
دراستنا لموضوع حماية الموظف الدولي في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية،
لاحظنا أن هذا الأخير قد منح موظفي المحكمة الجنائية الدولية حماية مميزة نوعا ما
عن باقي الأنظمة الأساسية للمنظمات الدولية والوكالات الأخرى، وهذا أن دل على شيء
انما يدل على طبيعة المهام المنوطة بموظفي المحكمة الجنائية الدولية، وعليه فأننا
استخلصنا مجموعة من النتائج على النحو التالي:
01- ينقسم الجهاز الوظيفي للمحكمة الجنائية الدولية الى قسمين: جهاز قضائي يضم
قضاة المحكمة بصفتها هيئة قضائية دولية مهمتها الأساسية مكافحة الجرائم الدولية
ومنع مرتكبيها من العقاب، وجهاز إداري يضم مجموعة من الموظفين الدوليين وهذا
بصفتها كذلك منظمة دولية حكومية أنشأت بموجب إتفاق دولي وتتمتع بالشخصية القانونية
الدولية.
02- يتمتع قضاة المحكمة حسب نصوص النظام الأساسي بحصانات وامتيازات عامة بصفتهم
موظفين دوليين بالإضافة الى حصانات وامتيازات من نوع خاص كونهم قضاة في جهاز حساس.
03- يتم الفصل في منازعات الوظيفية الدولية للمحكمة الجنائية الدولية بموجب
نظامها الأساسي ووفقا للقواعد الإجرائية وقواعد الاثبات، إذ لم يشر النظام الأساسي
للمحكمة الجنائية الدولية الى تسوية النزاعات على مستوى هيئة أخرى أو محكمة إدارية
دولية على غرار بعض المنظمات الدولية الأخرى.
وبناءا على
النتائج المذكورة أعلاه نشير الى بعض الاقتراحات كما يلي:
01- ضرورة منح موظفي المحكمة الجنائية
الدولية، خاصة القضاة والمدعي العام مزيد من الحماية خاصة في الجانب المتعلق
بأمنهم وسلامتهم الجسدية وكذا أمن وسلامة محيطهم العائلي وممتلكاتهم، من أي
تهديدات خارجية خاصة وان المحكمة تنظر في بعض الجرائم المرتكبة من طرف دول ذات
نفوذ سياسي وسلطة وتتعامل مع أجهزة سرية قد تهدد بتصفية كل من تسول له نفسه المساس
بمسؤوليها المتهمين بارتكابهم لجرائم دولية.
02- إنشاء غرفة قضائية إدارية داخل المحكمة الجنائية الدولية للفصل في منازعات
الوظيفة الدولية للمحكمة على غرار منظمة العمل الدولية، منظمة الأمم المتحدة،
جامعة الدول العربية...
قائمة المراجع
الوثائق الدولية
1- النظام الأساسي للمحكمة الجنائة الدولية، دخل حيز النفاذ في جويلية 2002،
مجموعة معاهدات الأمم المتحدة، VOL N° 2187/38544 على الرابط: http//treaties.un.org تاريخ الاطلاع 20/04/2002
2- القواعد الإجرائية وقواعد الاثبات للمحكمة الجنائية الدولية، وثيقة رقم ICC-ASP/1/3، وثائق المحكمة الجنائية الدولية.
الكتب
1- فرانسواز بوشيه سولنييه، القاموس العملي للقانون الإنساني، ترجمة: محمد
مسعود، مراجعة: عامر الزمالي، مديحة مسعود، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان،
أكتوبر 2005.
2- محمود شريف بسيوني، المحكمة الجنائية الدولية: مدخل لدراسة أحكام واليات
الانفاذ الوطني للنظام الأساسي، دار الشروق، القاهرة، مصر، سنة 2004.
3- ولد يوسف مولود، المحكمة الجنائية الدولية بين قانون القوة وقوة القانون،
دار الامل للطباعة والنشر والتوزيع، المدينة الجديدة، تيزي وزو، 2013.
المقالات
1- إيمان عبيد كريم،
صدام الفتلاوي، الطبيعة القانونية للمحكمة الجنائية الدولية، مقال منشور على: https://lib.imamhussain.org/lib/book/9039 تاريخ الاطلاع 18/04/2022.
2- بن عيسى جمال
الدين، علاقة المحكمة الجنائية الدولية الدائمة بمنظمة الأمم المتحدة بين الاستقلالية
والتبعية، مجلة الحقوق والعلوم السياسية، المجلد العاشر، العدد الثالث.
3- بزيز محمد، حقوق وواجبات الموظف الدولي، مجلة دراسات في الوظيفة العامة،
العدد الأول ديسمبر 2013.
4- خنشالي سلمى، وزاني جميلة، حماية حقوق الموظف في النظام الدولي لحقوق
الانسان والتشريع الجزائري، مجلة الباحث للدراسات الاكاديمية، المجلد 09، العدد 01
5- شعلال رفيق، إجراءات التحقيق في الجرائم الدولية امام المحكمة الجنائية
الدولية (بين متطلبات العدالة وقيود الممارسة)، المجلة الاكاديمية للبحث القانوني،
المجلد 11، العدد 04، سنة 2020.
6- فاطمة بابا، التنظيم الهيكلي للمحكمة الجنائية الدولية، مجلة الدراسات
القانونية، مخبر السيادة والعولمة، جامعة المدية، المجلد 4، العدد 01، جانفي 2018.
7- قوسم الحاج غوثي، محمدي محمد الأمين، الموظف الدولي على ضوء النظم الأساسية
للموظف الدولي، مجلة البحوث في الحقوق والعلوم السياسية، العدد 06، ماي 2017.
8- ملاوي إبراهيم، حصانة الموظفين الدوليين، مجلة الفكر، العدد 03، كلية
الحقوق والعلوم السياسية، جامعة بسكرة.
9- ضامن محمد الأمين، إجراءات المتابعة الجزائية ضد مرتكبي الجرائم ضد
الإنسانية أمام المحكمة الجنائية الدولية، مجلة صوت القانون، العدد 06، سنة 2016.
مواقع
الانترنت
1- المحكمة الجنائيّة الدوليّة، القاموس العملي للقانون الإنساني، الموقع الرسمي لمنظمة أطباء بلا حدود، الرابط: https://ar.guide-humanitarian-law.org/content/article/5/lmhkm-ljnyyw-ldwlyw/ تاريخ الاطلاع: 16/04/2022.
* تعد المحكمة الجنائية الدولية هيئة قضائية
ومنظمة دولية أيضا كونها أنشأت بموجب معاهدة دولية وتتمتع بجميع عناصر المنظمات
الدولية وهي الاهلية القانونية، الشخصية القانونية الدولية، الصفة الدولية،
الاستمرارية والديمومة، والإرادة الذاتية، راجع في ذلك: إيمان عبيد كريم،
صدام الفتلاوي، الطبيعة القانونية للمحكمة الجنائية الدولية، مقال منشور على: https://lib.imamhussain.org/lib/book/9039 تاريخ
الاطلاع 18/04/2022.
[1] بن عيسى جمال الدين، علاقة المحكمة الجنائية الدولية الدائمة بمنظمة الأمم
المتحدة بين الاستقلالية والتبعية، مجلة الحقوق والعلوم السياسية، المجلد العاشر،
العدد الثالث، ص 173.
* عرفت المادة الأولى من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية
الدولية على أن المحكمة هيئة قضائية دولية دائمة ومستقلة ومكملة للولاية القضائية
الوطنية، أنشئت بموجب اتفاقية دولية تمارس سلطتها القضائية على الأشخاص الطبيعيين
المسؤولين عن ارتكاب أشد الجرائم الدولية خطورة والمدرجة ضمن نظامها الأساسي، أنظر
في ذلك: ولد يوسف مولود، المحكمة الجنائية الدولية بين قانون القوة وقوة
القانون، دار الامل للطباعة والنشر والتوزيع، المدينة الجديدة، تيزي وزو، 2013، ص
13.
[2] فاطمة بابا، التنظيم الهيكلي للمحكمة الجنائية
الدولية، مجلة الدراسات القانونية، مخبر السيادة والعولمة، جامعة المدية، المجلد
4، العدد 01، جانفي 2018، ص 74.
[3] أنظر المادة 34 من النظام الأساسي للمحكمة
الجنائة الدولية، دخل حيز النفاذ في جويلية 2002، مجموعة معاهدات الأمم المتحدة، VOL N° 2187/38544 على الرابط: http//treaties.un.org تاريخ الاطلاع 20/04/2002
[4] أنظر المادة 35 من النظام
الأساسي للمحكمة الجنائة الدولية.
[5] فاطمة بابا، المرجع السابق، ص ص 76-77.
[6] المرجع نفسه، ص ص 77-78.
[7] أنظر المادة 38 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائة الدولية.
[8] فاطمة بابا، المرجع
السابق، ص ص 78-79.
[9] فاطمة بابا، المرجع السابق، ص 79.
[10] فرانسواز بوشيه سولنييه، القاموس العملي للقانون
الإنساني، ترجمة: محمد مسعود، مراجعة: عامر الزمالي، مديحة مسعود، دار العلم
للملايين، بيروت، لبنان، أكتوبر 2005، ص 523.
انظر أيضا: المحكمة الجنائيّة الدوليّة، القاموس العملي للقانون الإنساني، الموقع
الرسمي لمنظمة أطباء بلا حدود، الرابط: https://ar.guide-humanitarian-law.org/content/article/5/lmhkm-ljnyyw-ldwlyw/ تاريخ الاطلاع: 16/04/2022.
[11] فرانسواز بوشيه سولنييه، المرجع السابق، ص 523.
[12] فاطمة بابا، المرجع السابق، ص 83.
[13] المحكمة الجنائيّة الدوليّة، القاموس العملي للقانون الإنساني،
الموقع الرسمي لمنظمة أطباء بلا حدود، الرابط: https://ar.guide-humanitarian-law.org/content/article/5/lmhkm-ljnyyw-ldwlyw/ تاريخ الاطلاع: 16/04/2022.
[14] فاطمة بابا، المرجع السابق، ص 86.
[15] محمود شريف بسيوني، المحكمة الجنائية الدولية:
مدخل لدراسة أحكام واليات الانفاذ الوطني للنظام الأساسي، دار الشروق، القاهرة،
مصر، سنة 2004، ص 65.
[16] المرجع نفسه، ص 67.
[17] فاطمة بابا، المرجع السابق، ص 88.
[18] المرجع نفسه، ص 89.
[19] شعلال رفيق، إجراءات التحقيق في الجرائم الدولية
امام المحكمة الجنائية الدولية (بين متطلبات العدالة وقيود الممارسة)، المجلة
الاكاديمية للبحث القانوني، المجلد 11، العدد 04، سنة 2020، ص 415.
[20] المرجع نفسه، ص 417.
[21] ضامن محمد الأمين، إجراءات المتابعة الجزائية ضد مرتكبي
الجرائم ضد الإنسانية أمام المحكمة الجنائية الدولية، مجلة صوت القانون، العدد 06،
سنة 2016، ص ص 185-186
[22] المرجع نفسه، ص ص 186-187.
[23] محمود شريف بسيوني، المرجع السابق، ص 68.
[24] محمود شريف بسيوني، المرجع السابق، ص 66.
[25] خنشالي سلمى، وزاني جميلة، حماية حقوق الموظف في
النظام الدولي لحقوق الانسان والتشريع الجزائري، مجلة الباحث للدراسات الاكاديمية،
المجلد 09، العدد 01، ص 593.
[26] المرجع نفسه، ص 595.
[27] انظر المادة 48 من نظام روما الأساسي.
[28] ملاوي إبراهيم، حصانة الموظفين الدوليين، مجلة
الفكر، العدد 03، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة بسكرة، ص 239.
[29] انظر المادة 48 من نظام روما الأساسي.
[30] قوسم الحاج غوثي، محمدي محمد الأمين، الموظف
الدولي على ضوء النظم الأساسية للموظف الدولي، مجلة البحوث في الحقوق والعلوم
السياسية، العدد 06، ماي 2017، ص 58.
[31] المرجع نفسه، ص 58.
[32] تنص الفقر 03 من المادة
48 من نظام روما الأساسي على ما يلي: " يتمتع نائب المسجل وموظفو مكتب المدعي
العام وموظفو قلم المحكمة بالامتيازات والحصانات والتسهيلات اللازمة لأداء مهام
وظائفهم، وفقا لاتفاق امتيازات المحكمة وحصاناتها".
[33] بزيز محمد، حقوق وواجبات الموظف الدولي، مجلة دراسات في الوظيفة
العامة، العدد الأول، ديسمبر 2013، ص ص 63-65
[34] أنظر المادة 44 فقرة 4 من النظام الاساسي
للمحكمة الجنائية الدولية
[35] انظر المادة 47 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية
الدولية.
[36] للمزيد حول موضوع العزل راجع القواعد من 23 الى
32 من القواعد الإجرائية وقواعد الاثبات للمحكمة الجنائية الدولية، وثيقة رقم ICC-ASP/1/3، وثائق المحكمة الجنائية الدولية، ص ص 36-40.
[37] للمزيد حول موضوع العزل راجع القواعد من 33 الى 37 من القواعد الإجرائية وقواعد الاثبات للمحكمة الجنائية الدولية، المرجع السابق، ص ص 40-42.