تعريف الأوراق التجارية خصائصها وأنواعها وتمييزها عن بقية الأوراق المشابهة لها

تعريف الأوراق التجارية خصائصها وأنواعها وتمييزها عن بقية الأوراق المشابهة لها

تعريف الاوراق التجارية

لم يعطي المشرع الجزائري مثله مثل أغلب المشرعين في القوانين الاجنبية تعريفا دقيقا شاملا للأوراق التجارية (السندات التجارية)، ولذلك قام الفقه والقضاء بإعطائها عدة تعاريف تأسيسا على الخصائص التي تميزها.

ويعرف السند لغة: بأنه ما يعتمد عليه ضد السقوط، فيقال يستند السقف على الاعمدة.

وعرفت السندات التجارية قضاء، حيث جاء في حكم لمحكمة النقض المصرية «أن السندات التجارية هي تلك الأوراق التي يتداولها التجار فيما بينهم تداول أوراق النقد خلفا عن الدفع النقدي في معاملاتهم التجارية». 

أما فيما يخص تعريف الاوراق التجارية من طرف الفقه، فإن معظمهم يعرفها «بأنها محررات مكتوبة وفقا لأوضاع شكلية وبيانات يحددها القانون، غير معلقة على شرط، قابلة للتداول بالطرق التجارية، وتمثل حقا موضوع معين من النقود، يستحق الوفاء بمجرد الإطلاع، أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين، ويستقر العرف التجاري على قبولها أداة للوفاء، شأنها شأن النقود. 

خصائص الأوراق التجارية

يتضح من التعاريف السابقة بأن الأوراق التجارية تتميز بجملة من الخصائص هي: 

1ـ الأوراق التجارية صكوك مكتوبة

تتميز الأوراق التجارية بأنها تصرف شكلي وليس رضائي، أي أن الكتابة فيها ركن وليس للإثبات، وذلك تحقيقا لمبدأ الكفاية الذاتية في السند، إذ أنه من غير الممكن معرفة وتحديد مضمون السند وقيمته إلا من خلال السند نفسه.

كما لا يشترط في السند التجاري أن يكون مكتوبا بخط الملتزم به، إذ يمكن أن يكتب بخط الغير أو يكون في نماذج كالشيك مثلا، كما لا يشترط في هذه الاحوال الكتابة الرسمية، فيكفي أن يقوم الملتزم بالتوقيع عليه ببصمه أو ختمه ليعتد به تجاهه.          

2ـ الأوراق التجارية صكوك تمثل حقا نقديا

الاورق التجارية دائما تتمثل بمبلغ نقدي، فهي أوراق ترتب حقوق دائنيها محلها مبلغ نقدي، وهذه الخاصية تسمح لها باستبعاد بعض الأوراق المنتشرة في الحقل التجاري والكثيرة الاستعمال من مجال الاوراق التجارية، مثل سند الشحن، وسند النقل البري والجوي، التي هي سندات ممثلة لبضائع وليس لنقود وبذلك لا تعتبر أوراق تجارية.

3ـ الأوراق التجارية تقبل التداول بالطرق التجارية

ينتقل الحق الثابت في السند التجاري بانتقال السند نفسه، وذلك بتداوله من مالك إلى آخر بطريقة بسيطة مرنة وسريعة تتماشى مع طبيعة المعاملات التجارية، ويتم ذلك عن طريق التظهير إذا كانت السندات أذنية أي محررة لإذن أو لأمر شخص معين، أما إذا كانت محررة لحاملها فإنه يتم تداولها عن طريق التسليم أي المناولة اليدوية.

4ـ السندات التجارية صكوك قصيرة الأجل

إن الاوراق التجارية مستحقة الوفاء إما بمجرد الإطلاع عليها أو بعد أجل قصير، وقصر أجل السندات التجارية يجعلها سريعة التداول، وبالتالي يسهل على حاملها خصمها لدى المصارف في أي وقت يشاء واستلام قيمتها فوار بتاريخ الخصم، والتي تساوي القيمة الواردة فيه منقوصا منها عمولة المصرف.

وعليه فإن السندات المستحقة الوفاء بعد أجل طويل مثل الأوراق المالية التي تصدرها الاشخاص المعنوية، فرغم قابليتها للتداول بالطرق التجارية، إلا أنها لا تعد من قبيل الاوراق التجارية، ومن أمثلتها الاسهم والسندات التي تصدرها شركة المساهمة.

5ـ الاوراق التجارية صكوك يقبلها العرف التجاري كأداة للوفاء

ذهب جانب من الفقه الى أن الاوراق التجارية نشأت من العرف التجاري لتلبية حاجات التجار، حيث أقبلوا على التعامل بها كأداة للوفاء، إذ لا يكفي تمتع الصك بالخصائص الجوهرية السالفة الذكر حتى يعد من الاوراق التجارية، بل لا بد أن يكون العرف التجاري قد جرى على قبوله بديلا عن النقود في المعاملات.

وظائف الأوراق التجارية

 للأوراق التجارية وظائف أساسية هي:

1ـ الاوراق التجارية أداة وفاء

إن الاوراق التجارية تجيز لحاملها الحصول على قيمتها نقدا بمجرد تقديمها الى المصرف أو المسحوب عليه، وهو أمر طبيعي إذا تم استعمالها كأداة للوفاء، وهي الوظيفة الرئيسية للأوراق التجارية على خلاف الاوراق المالية التي لا تتمتع بهذه الصفة، الأمر الذي يترتب عليه التقليل من استعمال النقود في المعاملات.

2ـ الاوراق التجارية أداة إئتمان

لعل الوظيفة المميزة للأوراق التجارية هي كونها أداة إئتمان جد هامة في نطاق المعاملات التجارية، فقد يتحصل الشخص على بضاعة ولا يتمكن من الوفاء بثمنها في الحال، فيقوم البائع بتحرير سند يلتزم المشتري بالوفاء به بعد مدة معينة، أو أن يحصل على قيمة الورقة قبل حلول أجلها بتقديمها الى البنك من أجل خصمها، وتقتصر هذه الوظيفة على السفتجة والسند لأمر على عكس الشيك الذي يكون دائما أداة للوفاء، وذلك لأنه مستحق الأداء لدى الاطلاع دائما.

3ـ هي أداة لأبرام عقد الصرف

إذ تغني الاوراق التجارية عن الصرف اليدوي، وتجنب صاحب المال مخاطر نقل النقود من السرقة والضياع، وأهم وسيلة هي الستفتجة.

تمييز الاوراق التجارية عن بعض الأوراق المشابهة لها

1ـ الأوراق التجارية والاوراق النقدية

تختلف الاوراق التجارية عن الأوراق النقدية في:

- الاوراق التجارية تصدر عن الافراد والمؤسسات، بينما تصدر الاوراق النقدية عن الدولة.

- الاوراق التجارية لها مدة تقادم، بينما لا تتقادم الاوراق النقدية بل تلغى بموجب القانون.

- الأوراق التجارية تصدر بأي مبلغ، بينما تصدر الاوراق النقدية بفئات محددة.

- يعتبر الوفاء بالأوراق التجارية وفاء معلقا على شرط قبض قيمة الورقة، أما النقود فلها قوة إبراء مطلقة. 

2ـ الاوراق التجارية والاوراق المالية

تختلف الاوراق التجارية عن الاوراق المالية بأنها غير قابلة للتداول في الاسواق المالية، هذا بالإضافة الى أن الأوراق المالية كالأسهم والسندات تصدر عن أنواع من الشركات حددها القانون، بينما الأوراق التجارية تصدر عن الافراد العاديين كما أن الاوراق التجارية تظل قيمتها ثابتة في التداول.

3ـ الاوراق التجارية والقيم المنقولة

ـ القيم المنقولة صكوك قابلة للتداول بالطرق التجارية وتمثل حقا للمساهمين أو المقرضين وموضوعها مبلغ من النقود، ومواعيد الوفاء بالحقوق الثابتة بها طويلة الأجل.

ـ الاوراق التجارية ديونها تستحق لدى الاطلاع عليها أو بعد أجل قصير من إنشائها ،بينما القيم المنقولة استثمارات طويلة الاجل تصدر لمدة حياة الشركة.

ـ لا ترتب الديون التي تمثلها الاوراق التجارية فوائد حتى تاريخ الاستحقاق، بينما الأسهم تعود بجزء من أرباح الشركة على أصحابها، كما يجني المقرض في سندات القرض وسندات الدين العام فائدة عن استثمار أموالهم.

ـ تخضع القيم المنقولة لتقلبات البورصة، أما الاوراق التجارية فتبقى ثابتة.     

ـ تصدر الاوراق التجارية بشكل فردي، بينما القيم المنقولة بشكل جماعي.

ـ يمكن إصدار الاوراق التجارية من الاشخاص الطبيعية والاشخاص المعنوية، بينما القيم المنقولة فتصدر من طرف شركات المساهمة والاشخاص المعنوية العامة.

أنواع الأوراق التجارية في القانون التجاري الجزائري

حصر المشرع الجزائري أنواع الاوراق التجارية (السندات التجارية) في ستة أنواع، أوردها في الكتاب الرابع من القانون التجاري الصادر بأمر رقم 75-59 المؤرخ في 26-09-1975، حيث خصص الباب الأول للسفتجة والسند لأمر، والثاني للشيك، ثم أضاف بابا ثالثا بموجب المرسوم التشريعي رقم 93-08 المؤرخ في 25-04-1993 وخصصه لسند الخزن وسند النقل وعقد تحويل الفاتورة.

أولاـ السفتجة

هي سند تجاري غير معلقة على شرط، محرر وفقا للأشكال التي حددها القانون، ويتضمن بيانات معينة بنص القانون، صادرة من شخص يسمى «الساحب» إلى شخص مدين يسمى «المسحوب عليه»، بأن يدفع لشخص ثالث يسمى «المستفيد» أو «الحامل» مبلغا معينا من النقود بمجرد الإطلاع أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين.

وتعد السفتجة أهم السندات التجارية ذلك أنها نموذج يتضمن جميع العمليات التي يدور حولها قانون الصرف.

كما يعتبر الالتزام الثابت في السفتجة عملا تجاريا مطلقا سواء كان الشخص الموقع عليها تاجر أو غير تاجر، وسواء تعلق تحرير السفتجة أو تحويلها بعملية تجارية أو عملية مدنية، وهذا طبقا لما جاء في المادة 3/1 والمادة 389 من القانون التجاري الجزائري.

1ـ أطراف السفتجة

إن إنشاء السفتجة يفترض وجود ثلاثة أطراف هم: 

ـ الساحب: وهو الذي يحرر الصك ويأمر بالدفع، ويعد المدين الأصلي بالسفتجة حتى يوقع عليها المسحوب عليه بالقبول فيصبح هذا الأخير هو المدين الأصلي والساحب مجرد ضامن.

ـ المسحوب عليه: وهو الشخص المأمور بالدفع ويظل غريبا عن السفتجة أي غير ملتزم صرفيا بها حتى يوقع عليها بالقبول، فيصبح هو المدين الصرفي الأصلي بالسفتجة.

ـ المستفيد: وهو الشخص الذي صدر الأمر بالدفع (الوفاء) لمصلحته، أي أنه الدائن بقيمة السفتجة.

ويفترض تحرير السفتجة وجود علاقات سابقة على إنشائها بين أطرافها الثلاث، كما قد يلحق إنشاء علاقات جديدة.

2ـ علاقات الاطراف الثلاث للسفتجة

1ـ العلاقة بين الساحب والمسحوب عليه (مقابل الوفاء): إن هذه العلاقة عادة ما تكون علاقة مديونية، أي أن الساحب يكون دائنا للمسحوب عليه، بمبلغ معين يساوي قيمة السفتجة، وهذه المديونية هي التي تبرر استجابة المسحوب عليه لأمر الساحب بدفع قيمة السفتجة الى المستفيد.

2ـ العلاقة بين الساحب والمستفيد (القيمة الواصلة): تنشأ هذه العلاقة لتسوية علاقة قانونية (علاقة مديونية) سابقة بين الساحب والمستفيد، فيصبح الساحب في هذه العلاقة مدينا للمستفيد، والساحب من أجل إبراء ذمته يقوم بتحرير سفتجة، ويصدر أمرا للمسحوب عليه بدفع قيمتها للمستفيد. 

9ـ العلاقة بين المستفيد والمسحوب عليه: الأصل أنه عند تحرير السفتجة لا توجد أي علاقة بين المستفيد والمسحوب عليه، وانما تنشأ هذه العلاقة عندما يوقع المسحوب عليه السفتجة بالقبول فيترتب في ذمته إلتزام صرفي مباشرة تجاه المستفيد بوفاء قيمة السفتجة في ميعاد استحقاقها. 

فبوفاء المسحوب عليه قيمة السفتجة للمستفيد ينقضي الدينان في العلاقتين السابقتين، أي دين الساحب في ذمة المسحوب عليه، ودين المستفيد في ذمة الساحب.

ثانياـ السند لأمر

هو صك أو محرر مكتوب وفقا للأشكال المحددة في القانون، بمقتضاه يتعهد شخص يسمى «المحرر» (مصدر السند) بأن يدفع لأمر شخص آخر يسمى «المستفيد» مبلغا معينا في مكان معين بمجرد الإطلاع أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين.

والإلتزام الثابت في السند لأمر لا يعد عملا تجاريا إلا إذا كان محرر السند تاجرا أو حرر السند بمناسبة عملية تجارية.

ثالثاـ الشيك

هو سند تجاري يحرر وفقا لشكل معين قانونا، يتضمن أمرا من شخص يسمى الساحب الى شخص آخر يسمى المسحوب عليه (غالبا ما يكون مصرفا)، بأن يدفع بمجرد الإطلاع مبلغا معينا من النقود لشخص ثالث يسمى المستفيد أو لإذنه أو لحامله. 

ولا يعد الشيك عملا تجاريا إلا إذا حرر بمناسبة عمل تجاري أو لوفاء دين من تعامل تجاري كالبيع مثلا، وسواء قام بتحريره تاجر أو غير تاجر، إلا أن تحريره من قبل تاجر يعد قرينة على أن الشيك يتعلق بشؤون تجارية ومن ثم يعتبر عملا تجاريا، وهي قرينة قابلة لإثبات العكس بجميع الوسائل. 

رابعاـ سند الخزن

لقد عرفه المشرع الجزائري بموجب المادة 543 مكرر من القانون التجاري الجزائري، بأنه استمارة ضمان ملحقة بوصل البضائع المودعة بمخازن عامة، ويمثل الوصل إيصال البضاعة المودعة بالمخزن وهو قابل للتداول عن طريق التظهير، وهذا السند يسمح للمودع بالاقتراض على قيمة البضائع المودعة بالمخزن العام ويحتوي على نفس بيانات الوصل.

خامساـ سند النقل

نص عليه المشرع الجزائري بموجب المواد 543 مكرر 8 حتى 543 مكرر 13 من القانون التجاري الجزائري، وهو عبارة عن صك تجاري يمثل ملكية بضاعة معينة ومحددة يصدر من الناقل الذي يلتزم بتسليمها من المرسل الى المرسل إليه وهو قابل للتداول عن طريق التظهير، وتطبق عليه الاحكام المتعلقة بالسند لأمر.

ويعاب على سند النقل كسند تجاري باعتباره يمثل حقا عينيا لا حقا شخصيا، كما لم يجر العرف التجاري على اعتباره ضمن زمرة السندات التجارية. 

سادساـ عقد تحويل الفاتورة

عرفه المشرع الجزائري بموجب المادة 543 مكرر 14 من القانون التجاري الجزائري، بأن عقد تحويل الفاتورة هو عقد تحل بمقتضاه شركة متخصصة تسمى «وسيط» محل زبونها المسمى «المنتمي» عندما تسدد فوار لهذا الأخير المبلغ التام للفاتورة لأجل محدد ناتج عن عقد، وتتكفل ببيعه في حال عدم التسديد وذلك مقابل أجر.

ويعاب على هذا السند هو الآخر على أنه سند إسمي لا يمكن أن يكون لأمر وغير قابل للتداول عن طريق التظهير، كما لم يجر العرف التجاري المحلي والدولي على اعتباره من السندات التجارية.

المرجع:

  1. د. بن مامي جمال، محاضرات في مقياس الأوراق التجارية، مطبوعة محاضرات موجهة لطلبة السنة الأولى ماستر، تخصص قانون أعمال، جامعة أكلي محند أولحاج – البويرة – الجزائر، السنة الجامعية: 2022/2023. ص4 إلى ص17.

google-playkhamsatmostaqltradent